بساط السعاده الفصل الاول

5

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
تهادت المرأتان بمشيتهما وقد حملت كل منهما بضعه اكياس بها مشترواتهما من السوق الممتد علي جانب الارض الزراعيه التي طوقت الجانبين 
ليمتزج صوت ضحكتهم مع حديثهم
بينما تقول إحداهما للاخري: والله وليكي وحشه يا سهير 
ربتت الأخري علي ذراعها وهي تتابع مشيها : ده انتي اللي ليكي وحشه يا سيده ....ايه يابت كده تسافري وتقولي عدو لي ؟!
ضحكت سيده قائله : اهو يابت اعمل ايه ...كل ما اقول لكرم امي وحشتني وعاوزة اسافر اشوفها كام يوم يقولي بعدين واليوم يجر التاني لغايه ما أمه تعبت وكلموه وقتها مكدبش خبر ورجعنا علي طول 
وكزت إحداهما الأخري وتوقفت مكانها بينما تشير الي الجانب الآخر وتقول بحاجب مرفوع : بت يا سهير هي مش دي البت احسان الغلبانه .....؟!
تمطأت المرأه الأخري بشفتيها واطلقت ضحكه ساخره بينما تكاد عيناها تأكل المدعوه أحسان التي رسمت عباءتها ذات اللون الزهري تفاصيل جسدها البض وقد لمع فوق صدرها عقد ذهبي عريض مجدول بالوحدات الدائرية وقد انعكست عليه اشعه الشمس لتزيد من بريقه كما أصدرت اصوات الاساور الذهبيه الكبيرة بيدها صوت يطرب الاذان : غلبانه .!! ده ه انتي اللي بقيتي غلبانه 
بصي يااختي عليها بقت عامله ازاي ؟! 
اكلتها سيده بعيون حاقده بينما تنظر إلي سهير باستفهام : ايه اللي غير حالها كده .... دي كانت مش بتغير الجلابيه ولا عمرها كانت تعرف الدهب ولا لبسته 
قالت سهير وهي تتابع نظرات سيده تجاه الفتاه التي كانوا دوما يتعالون عليها لأنهم من عائلات اغني بينما هي ابنه رجل بسيط يعمل بالاجره اليوميه : ومتتغيرش ليه .... هادي الفلوس جريت في ايده وهي يااختي كل يوم عن التاني تاخد بالها من نفسها اكتر ...لبس ودهب من وقت ما اتجوزها 
توقفت سيده مكانها والتفتت الي سهير بعدم تصديق ممزوج بالاستنكار الشديد : بتقولي ايه يابت .... هادي...؟!
اتجوز دي ؟! 
اومات سهير  وهي تتشدق بشفتيها بامتعاض : شوفي البخت لما يسعد ...!
عقدت سيده حاجبيها هاتفه باستفهام وعدم تصديق : اتجوزها علي شروق ؟!
اومات سهير وهي تضحك ساخره : أيوة يااختي وكلها كام شهر وكان مطلق شروق والجو خلي لبنت عليوة 
هزت سيده راسها بدهشه لما تستمع له ليأكلها الفضول : وطلقها ليه ؟!
قالت سهير وهي مازالت تتشدق بشفتيها : محدش عارف بس بيقولوا عشان مخلفتش 
قالت سيده بغيرة : بس اهي برضه البت احسان محملتش مش كده ؟
اومات سهير  : اه مسمعناش أنها حبلي 
رفعت سيده حاجبها الرفيع متسائله بفضول : ومطلقهاش هي كمان ليه ؟!
تابعت المرأتان حديثها الفضولي الي أن وصلا الي منزلهما بينما تابعت أحسان هي الأخري طريقها لتدير راسها يمينا ويسارا قبل أن تسرع بخطواتها الي ذلك المنزل المكون من طابقين وتطرق الباب علي الشقه الوحيده بالطابق الأرضي والتي تصاعدت رائحه الدخان منها بقوة ما أن انفتح الباب 
لتهتف احسان بصوت لهيف ما أن خرجت لها تلك المرأه ذات الوجه المتكدر : عملتي ايه في العمل اللي هيخليني أحمل !! 
لوت المراه شفتيها وجذبت ذراع احسان الي الداخل تزجرها : طيب ادخلي الاول 
هتفت احسان بنفاذ صبر : ردي عليا يا قدورة عملتي ايه ؟!
سخرت المراه وهي ترفع حاجبها : كنت نفعت نفسي ؟!
عقدت احسان حاجبيها باستنكار : انتي بتقولي ايه ؟! 
قالت قدورة وهي تجلس علي الاريكه وتربع ساقيها أسفلها : بقول الحقيقه كنت نفعت نفسي وحملت وجبت حته عيل 
زمت احسان شفتيها بحنق شديد هاتفه : امال ايه ياوليه اللي عماله تضحكي عليا بيه 
رفعت قدورة اصبعها أمام احسان توقفها بتحذير : لا ...لا ....اوعي تقولي كده ....لوت شفتيها ساخره بينما تتابع : ال بضحك عليكي ال .....يااختي بصي لنفسك وشوفي انتي كنتي فين وبقيتي فين !!
نظرت احسان إليها بسخط : عملتي ليا ايه ....انا عاوزة احمل 
هزت المراه كتفها بثقه هاتفه : قولتلك مش في أيدي ....اللي في أيدي بعمله ليكي ومتقوليش عملتي ايه 
....انا عملت ليكي العمل اللي خلي هادي يتجوزك و عملت اللي خلاه مش طايق مراته وطلقها وعملت اللي مخلي حماتك راضيه عنك وبعملك اللي مخليه زي الخاتم في صباعك ... ولسه ولسه ولسه ... رفعت حاجبها وتابعت بتحذير : يبقي متقوليش عملتي ايه وتبقي ناكره للجميل احسن ازعل منك !
تنهدت احسان بخزلان وارتمت علي المقعد خلفها هاتفه بتوق شديد : بس انا عاوزة اخلف عشان اثبت أقدامي في البيت اكتر 
وضعت قدورة المزيد من البخور امامها لتتكاثف سحب الدخان بينما تتابع : هغنيهالك ....قولتلك مش بتاعتي 
دي بتاعه ربنا 
هتفت احسان بسخط : والعفاريت بتوعك 
ضحكت قدورة ساخره : ابقي كدابه لو قولتلك يقدروا ...
مالت ناحيتها وسألتها : سيبك بقي من الحبل وقوليلي مالك ....اشمعني جايه النهارده ملهوفه ومفيش علي لسانك الا الحبل ....يابت ارضي باللي انتي فيه احسن يزول ما انتي عايشه زي الفل 
هزت احسان راسها ولاح الحقد في نبرتها بينما تقول : نشوي أخته قربت تولد وهتجيب الواد وأمه طايره من الفرحه وهو كل يوم والتاني رايح جاي يجيب هدوم ولعب ودهب للواد وأمه وانا ناري قايده وبتمني اكون انا مكانها .....كورت قبضتها بحقد شديد بينما تتابع : نار يا قدورة ....نار قايده جوايا وكل يوم بدعي ربنا ياخدها هي واللي في بطنها 
اراحت قدورة ظهرها الي المسند خلفها بينما تسألها ببرود : للدرجه دي غيرانه منها 
اومات احسان : اوي ونفسي متفرحش ابدا بالواد ده 
ضحكت قدورة قائله بثقه : سيبهالي دي بقي 
نظرت لها احسان ورفعت حاجبها باستفهام : تقدري يا قدورة
ضحكت قدورة بثقه : ادي انتي قولتي قدورة....وانا بقي في الشر بعرف العب كويس اوي 
انتي بس هاتي ليا الطلبات دي ومالكيش دعوة بالباقي 
فتحت احسان محفظتها الجلديه الكبيرة والمتخمه بالاوراق الماليه لتخرج منه رزمه كبيرة تعطيها لقدورة 
قائله : لا خدي انتي الفلوس وهاتي الطلبات 
مدت قدورة يدها لتأخذ الأموال هاتفه : من يد ما نعدمها ياسونه ....قلبت الأموال بيدها وتابعت بمكر : بس دول ميكفوش حتي الطلبات 
عقدت احسان حاجبيها باستنكار : ميكفوش ايه ....دول خمس الاف جنيه 
قالت قدورة وهي تعيد لها الأموال : التي خديهم وهاتي انتي الطلبات 
تنهدت احسان واعادت يده قدورة بالمال : خلاص يا قدورة قولي عاوزة كام 
قالت قدورة بطمع واضح : عاوزة ادهم خمس مرات ده للطلبات بس غير مكافأتي لما يتم المراد 
اتسعت عيون احسان : بس ده كتير وانا مش معايا 
قالت قدورة وهي ترفع حاجبها : معاكي الخير كله وجيب هادي مليان 
اومات احسان بعزم : طيب بس اديني كام يوم كده ادبر الفلوس 
قالت قدورة ضاحكه : براحتك وانا عشان بحبك هدفع من جيبي وابدء اشتغل عشان نلحق نوصل للمراد 
.........
....
نظرت تلك الشابه ذات الطول الفارع الي ساعتها ذات الإطار الفضي التي زينت معصمها لبضع مرات متنهده بدلاله علي الملل من طول الطريق الذي قضيت به ساعات حاولت أن تشغل نفسها بهم بقراءه كتاب بقي بين يديها ولكن سطوره لم يبقي منها شيء في ذاكرتها .... اخيرا بدأ القطار يعبر بجوار تلك الأراضي الزراعيه وبدء بعض الركاب في الاستعداد للنزول تزامنا مع نداء البعض بقرب المحطه المنشودة ...قامت من مكانها ووقفت بضع لحظات بينما تيبست ساقيها من كثرة الجلوس لتعلق بعدها حقيبه يدها الصغيرة علي كتفها وتتجه الي باب النزول ما أن توقف القطار .... نعم طوال الطريق حاولت شغل نفسها بعيدا عن تلك الأفكار والتساؤلات عن كيف سيكون هذا اللقاء بعد كل تلك السنوات التي ملئت رأسها ولكن الآن أيقنت أن عليها العوده الي تلك الأفكار علي الاقل لترتب حديثها لهذا اللقاء الذي أخذت قرارها بالذهاب إليه دون تفكير ..... نظرت إلي سائق السياره الاجره التي اخذتها من المحطه وحاولت قدر تذكرها وصف العنوان الذي تغير كل شيء بالطريق إليه وأصبحت المعالم التي تحفظها برأسها مجرد طيف وقد تغير كل شيء حولها ..... أوقف السائق السياره جانبا لتسأله بلهفه : وصلنا يااسطي 
هز الرجل رأسه قائلا : لا يا استاذه ...انا هنزل القهوة دي اسأل عن البيت اللي بتقولي عنه 
اتجه الي الجالسون علي ذلك المقهي ليسأل أحدهم ويبدو أنه وصل إلي مبتغاه ليعود للتحرك ومعه تبدأ دقات قلب وصال في التزايد بينما يهتف وهو يشير بيداه: خلاص يا استاذه البيت اخر الشارع اللي هناك ده 
أدارت راسها حولها وهي تتساءل متي تغير كل هذا أو بالاحري متي مرت كل تلك السنوات ....عشر أعوام وأكثر لم تطأ قدمها هذا المكان !
أدارت رأسها بسرعه تجاه ذلك المكان الذي دفع بالحنين الي دماءها بينما جلست كثيرا بقرب ذلك المجري المائي لتلوح ابتسامه باهته علي شفتيها تماما كما حال بهتان ذكرياتها عن تلك الأيام ...!
........
....
خلعت احسان طرحتها وجذبتها من حول عنقها وهي تتنهد أن لدي عودتها لم يكن أحد بالمنزل ....لم تعود حماتها ولا زوجها من زياره أخته بالمدينه المجاورة ! 
لوت شفتيها بسخط وهي تفكر بأن حماتها لن تترك مناسبه الا وتتشدق برغبتها في حفيد لابنها كما حال ابنتها ....زفرت بضيق حينما انشبك طرف الطرحه الحريريه بقفل أحد السلاسل الذهبيه التي ترتديها لتلوي شفتيها بحنق وتجذب الطرحه بعنف فتقع السلسله منشطره قطعتين بيدها لينفلت السباب من بين شفتيها وهي تدخل الي الغرفه تتبرطم علي سيرة اخت زوجها : بنت الملكومه!
ابتلعت كلماتها كما كادت تبتلع لسانها حينما وجدت زوجها امامها لتتطلع إليه بفزع : هادي !
استدار ذلك الرجل ذو القامه المديده وهو يترك من يداه عباءته التي خلعها من فوق كتفه بينما يتطلع إليها باستفهام لاح علي ملامحه ذات النظرات البارده الممزوجه بخشونه محببه وهو يسألها بصوت رخيم : كنتي فين ؟!
قالت وهي تخفي تعلثمها بينما تتجه إليه تخلع عنه سترته : كنت بجيب شويه حاجات ؟
نظر إليها بنفس الاستفهام وهو لا يراها تحمل شيء بيدها : حاجات ايه ؟
قالت احسان سريعا وهي تمد يدها إليه بالسلسه الذهبيه ويسعفها عقلها لعمل سيناريو يغطي به عن خروجها دون أخباره : السلسه اتقطعت .... رسمت ملامح الضعف علي وجهها بينما تهتف متابعه : غصب عني والله يااخويا شبكت وانا بنضف اوضه امي حميده فقولت اروح للصايغ اصلحها احسن تزعل مني اني محافظتش علي حاجه انت جايبها ليا ....
ازدادت ملامح الضعف علي وجهها بينها تتابع بقله حيله مصطنعه : قالي مينفعش تتصلح قولت اغيرها بواحده غيرها بس ملقتش حاجه في وزنها والسلسله اللي عجبتني كانت اغلي بكتير فرجعت 
نظرت إلي ملامحه بخبث وتابعت وهي تخفض عيناها الي الأرض سريعا : وقولت لما احوش قرشين من مصروفي ابقي اكمل واجيبها 
لم تتغير ملامح هادي التي تتناسب تماما مع اسمه فهو شخص بملامح هادئه لا تعكس تفكيره أو انفعالاته التي لا يضطر إليها كثيرا بينما يصل إلي ما يريده بمجرد نظره حازمه من حده عيناه .... أدخل يداه الي جيب سترته الداخلي ليخرج منها مفاتيحه ويتجه الي الخزانه الحديديه الموجوده بجانب الغرفه قائلا بهدوء نبرته المعتاده وملامحه الجامده التي لا تعطي اي انطباع عما يفكر به وهو يخرج بضع رزم ماليه يضعهم علي الطاوله :
خدي ابقي هاتي اللي نفسك فيه 
تهلل وجه احسان التي وصلت إلي مبتغاها كما تصل دوما معه وهي تتبع أقصر الطرق التي تعلمتها بوجودها في هذا المنزل وهو الطاعه التامه وابداء الخنوع والضعف وقله الحيله أمام زوجها وعائلته التي تبدع في تصويرهم أنهم ماء الحياه بالنسبه إليها لتقترب منه بجسدها البض وبحراره تتلمس صدره العريض بينما تهتف به بتبجيل : 
ربنا يخليك ليا يا سيد الرجاله 
نظر لها بطرف عيناه نفس النظره الخاليه المعتاده منه والتي لم تتعب نفسها بتفسيرها مادامت تصل إلي ما تريد فلماذا تشغل تفكيرها بنظراته أو كلماته أو ملامحه التي لاتريد منها إلا البقاء هادئه بينما ثوران تلك الملامح طوفان لا تتمني ابدا الوقوف أمامه .... أصدرت اساروها الذهبيه صوت عالي بينما تحرك يدها يمينا ويسارا وهي تسرع تخرج له ملابسه وتنحني لتخلع عنه حذاءه كما عودته لتلوح بملامحها نظرات الدهاء وهي تصوغ بداخلها طلبها التالي ولكنها ليست غبيه لتخبره به الآن فهاهي أطعمته بيدها واسرعت لتقف له بالمنشفه بينما يغسل يداه لتتجه وهي تحمل طبق الفاكهه وتجلس بجواره علي طرف الفراش تقطع له قطع التفاح وتضعها بفمه والان الوقت مناسب لتبدء حديثها بزيف نبرتها وهي ترسم عليها التأثر 
: البيت مالوش طعم من غير امي حميده ....مكنش ليك حق ترجع من غيرها 
قال هادي بفتور اعتادته بينما بالكاد يتحدث بضع كلمات معها : صممت تفضل مع نشوي
صكت اسنانها ببعضهم من الغل الذي ينشب في عروقها من مجرد سماعها لاسم اخت زوجها : خير يااخويا هي تعبانه ولا حاجه بعد الشر عنها 
هز رأسه وقال باقتضاب : لا 
اومات ولم تطيل في السؤال لتميل ناحيته بينما تمرر يدها برقه فوق عضلات صدره وهي تقول بصوت ضعيف: ابويا قالك الواد محمود اخويا عمل ايه النهارده 
هز رأسه : لا ...عمل ايه ؟
قالت بالمزيد من الاسهاب والضعف : ساب الشغل وامي مقطعه نفسها من العياط وابويا الحسره اكلت قلبه 
لوت شفتيها وتابعت بجهل : ال ايه مصمم يدخل الجامعه ...لهو اللي دخلوا الجامعه كانوا بقوا ايه ولا بيقبضوا كام ....ابويا هيتجنن وماصدق يشغله واهو ساب الشغل وبيقول هيشتغل بشهادته 
زادت من وتيره حراره لمساتها بينما تتطلع له بعيون راجيه : ماتشغله عندك ياهادي ...اهو احسن من شغله عند الغريب 
رفع إليها عيناه كما رفع حاجبه وهو يقول بملل : 
انتي قولتي انه مش عاوز يشتغل ؟!
ابتلعت ببطء وخفضت عيناها التي لا يحتاج هادي لقراءه ما تريده بنظراتها فسرعان ما كان يقوم من جوارها وهو يقول باقتضاب : قولي لابوكي يسيبه يدخل الجامعه وانا هبقي ابعت له ماهيه كل شهر كأنه بيشتغل
تهللت ملامحها لتهب خلفه وتحتضنه من ظهره مغرده بالامتنان : تسلم يا سيد الرجاله ...ربنا يخليك ليا يا سندي وضهري وراجلي ...!
اتجه هادي الي شرفه الغرفه الواسعه تاركا تلك التي تنشد الاشعار في رجولته بينما يدرك طبعها جيدا كما يدرك أنها ذكيه في تملقه وكأي رجل لا ينكر انها تنال من غرور ذكورته ولكن مبالغتها لا تستهويه لذا يكتفي بأنها تريحه فلا يتعمق كثيرا في مبرراتها ....فقط يرتاح جسده بجانبها فهي لا تفتعل اي خلاف او جدال معه أو مع عائلته بل تكاد تفترش لهم نفسها كالبساط اسفل أقدامهم وهو يكافأها بحياه رغيده معه تتطلع لها دوما ....ليست امرأه تطلب منه حديث أو مشاعر وتقبل بل تتشوق لقربه وقتما يريد وكيفما يريد و تغالي في وصف قربه منها .... فهي انثي تكتفي باستخدام أنوثتها لتنال ما تريد دون أن ترهق عقله أو قلبه بأي متطلبات بينما جيبه يفي بالغرض ومادامت مخلصه له وطائعه وليست لها أي طلبات لا يستطيع توفيرها إذن فهو متصالح جدا مع طباعها ولا يلومها لمحدوديه تفكيرها الذي يختصر علاقتها به بتلك الطريقه ...
مر عام وأكثر ببضعه أشهر منذ زواجه بها وسرعان ما تأقلم مع فهمه لها كما تاقلمت علي طبعه منذ أول يوم ولما لا وهي لم تكن تفارق هذا المنزل فقد كانت صديقه زوجته ...! 
مد يداه الي قداحته الذهبيه واشعل بها سيجارته لينفث دخانها في الفراغ الواسع المممتد أمامه لتلك الارض الزراعيه المحيطه بالمنزل الكبير الذي يزداد كبرا كل بضعه أعوام مع زياده أمواله وأعماله ... نفث المزيد من دخان سيجارته واغمض عيناه ينشد الهدوء حوله بينما خلي من كل شيء الا صوت حفيف الاشجار حوله 
تغيرت ملامحه بينما تهادت تلك الرائحه الي انفه لتداعبه ويجد نفسه يستنشق المزيد منها ....تلك الرائحه التي لا يغفل عنها .. رائحه مسك الليل ....!!
مجددا كرر الاسم بينه وبين نفسه مسك الليل !
لترتسم ابتسامه هادئه علي شفتيه ممزوجه بحنين 
جعل قلبه الراقد بين جنبات صدره يدق الي قبل سنوات طويله لم يعد يعدها منذ وقت طويل وقد أخذته دوامه الحياه بعد أن اقسم الا تقف !
ليسحب المزيد من تلك الرائحه بانفاسه ويغمض عيناه باستمتاع لتلك المشاعر الهادئه التي مازالت تداعب قلبه بين الحين والآخر وكأنه يذكر نفسه بوجود شيء اسمه مشاعر لم يعترف بوجودها قبلها ولم يعد يعترف بها بعدها ....! 
ربما الان في لحظه صفاءه يترك الحنين يداعب قلبه ولكنه ما أن يفتح عيناه سيخرس تلك المشاعر كما اخرسها من قبل وتابع حياته التي اقسم أنها لن تقف عليها ولا علي غيرها فلماذا يعترف بالنقص بينما هو حقق الكثير ....!
تزوج بدلا منها واحده ...اثنان ....ثلاثه !!
الأولي .....كانت تلك التي تكون اي اختيار للإنسان ليتجاوز باختياره افتقاد سابقتها ودوما ما تكون اختيار خاطيء ....!
الثانيه كانت شروق تلك التي ظنها نسخه منها وطلب زواجها الذي رحبت به عائلتها ولم تسأل عن شهاده بالرغم من شهادتها العاليه بل هللوا واقاموا الافراح بنصيب ابنتهم الذهبي ليخبر نفسه بغروة ذكوري أنه غير منقوص ....اختار من تشبهها ربما شكلا ولكن بقي بداخله فراغ عدم كونها تشبهها حاول أن يتجاهل كثيرا هذا الشعور ولكن مقدار البعد كان يزداد فلا هو يفهمها ولا هي تفهمه وكانت النهايه لتأتي بعد الأولي والثانيه تلك التي لا تشبه اي منهم وتربح معركه صعبه في أن تنال جانبه فهي تريحه من عناء كونها اي شيء لا يريده بل تتشكل دوما كما يحب ويهوي ....فهي انثي طائعه لا ترهقه !

.....
تمددت احسان علي الفراش الوثير تتلاعب بين أناملها بأحدي خصلات شعرها وعيناها مركزه علي شاشه التلفاز الكبير امامها تضع بين حين وآخر بضع قطع من المكسرات بين شفتيها تلوكهم وكأنها في عالم موازي لهذا الجالس بالشرفه وقد اعتادت الا تسأله ما به وإلا تقترب منه مادام هو لم يطلب منها ... لماذا تسأل ما به وماذا يعنيها من الأساس ....نظرت الي جوارها حيث وضعت المال الذي أخذته منه وتلمع عيناها بالانتصار فهاهي دون عناء وصلت الر مرادها لتشجع نفسها بداخلها : جدعه يابت ياسونا ....لوت شفتيها وتابعت وقد لاحت بذاكرتها البعض من ذكريات حديثهم عليها سابقا : ال غلبانه ال ؟!
جزت علي اسنانها بغل وهي تتذكر ذلك اللقب الذي كانت تلقبه به فتيات البلده لتزداد نظرات الشر بعيونها وهي تهنيء نفسها بشماته فمن الغلبان الان !
وهاهي دخلت هذا المنزل كصديقه لزوجته وأخته ومجرد فتاه يلقي عليها الجميع أعباء المنزل التي كانت ترحب بحملها وهاهي بعد أن كانت تدخله كضيفه أصبحت زوجه مالكه بذكاءها الذي استهان به الجميع  ..!
ابنه عامل بسيط في البلده جميله أو لا لا يهم فهي كانت اذكي من أن تفكر أن الجمال له مقياس فهاهي شروق جميله ربما ولكنها لم تستطيع الحفاظ علي زوجها وهاهي أخذته منها كما اخذت مكانها بهذا المنزل ...ازدادت ضحكتها شرا وهي تتابع تفكيرها .... كانت صديقه أخته نشوي وشروق زوجته منذ سنوات ولا تترك مناسبه الا وتكون متواجده معهم تساعد في كل شيء و اي شيء وبتواجدها الدائم عرفت الكثير مثلما عرفت أسرار علاقته بشروق التي تقربت منها أكثر بعد أن كانت جارتها وبحكم تواجدهم سويا وهم صغار التصقت بها بعد زواجها وكل يوم عن التالي تأخذ من حديثها ما ينفعها بعد أن وضعت عيناها علي زوجها  .... كانت شروق فتاه أنها دراستها الجامعيه للتو وتقدم هادي للزواج بها بعد أن ماتت زوجته الأولي بسنوات والتي كانت ابنه أحد التجار من 
البلده وكان بينه وبين عائلتها بعض الأعمال بحكم تجارته في توريد الفاكهه والخضروات ... 
كان زواج بحكم المصالح المتبادلة وصبت الزيجه في مصلحه هادي بعد أن ماتت زوجته بعد زواجهم بعام ويضعه اشهر ليرث منها الكثير ويضيفه الي ثروته
وظهرت بعدها شروق ليتقدم لزواجها بدلا من وحدته 
ومنذ أن دخلت شروق المنزل كعروس و احسان لا تفارقه كما لا تفارق الجلوس بجوار قدم حميده الام والتي لا تترك مناسبه الا وتتشدق بالنقد للعروس الجديده 
تتصيد لها أي خطأ كالكثير من الحموات أمثالها 
التي تريد أن تأمر وتنهي 
وكل يوم تتحين أحسان الفرصه للوقيعه بين الحماه وزوجه الابن ....في أحد الأيام شعرت شروق بألم في ظهرها ولم تنزل لمساعده اخت زوجها في مهام المنزل 
وهاهي احسان تركض وهي تتلبس ثوب الحمل تأخذ من يد نشوي مهمه المساعده في التنظيف قائله بأخويه زائفة : عنك يا نشوي 
هدرت حميده بحنق : وهي فين الشملوله منزلتش تساعدك ليه ؟
قالت نشوي بسماحه: كانت نازله يا امي بس انا قولت خليها ترتاح 
لوت حميده شفتيها : ترتاح من ايه ؟! وهو انا بشغلها في الفاعل 
هتفت نشوي بدفاع : عروسه جديده ياامي 
تدخلت احسان بخبث : نشوي عندها حق ياامه حميده ....انا هساعد نشوي ماهي برضه عروسه وداخله علي جواز ولازم ترتاح هي كمان 
نظرت حميده بحنق الي ابنتها التي ستتزوج بعد بضعه أسابيع لتتوهج نيران الغيره علي ابنتها التي لا ترتاح وقد اقترب زواجها هي الأخري بينما زوجه ابنها تجلس باريحيه في غرفتها التي طرقت بابها بعنف قبل أن تفتح الباب لتهب شروق من جلستها باستغراب : في ايه ؟!
هتفت حميده بغضب : جيت اشوف الهانم محتاجه حاجه ؟
ابتلعت شروق ونظرت الي حماتها باستغراب : في ايه ...هانم ايه ؟!
لوت حميده شفتيها هاتفه : انتي يابنت الدسوقي ...قاعده يااختي كل يوم في اوضتك واحنا خدامين عندك 
بوغتت شروق بحديث حماتها الذي لم تنتظر ردها وصفقت الباب بعنف خلفها بعد أن القت إليها أمرها : ثانيه والاقيكي تحت تنضفي وتعملي الغدا مع نشوي انا عازمه اخواتي علي الغدا 
حاولت شروق أن تضغط علي نفسها وتنزل بالرغم من شعورها بالألم المتزايد بظهرها منذ الصباح 
لتقترب احسان منها وتهمس لها بتأثر زائف : مالك يا شوشو 
قالت شروق بألم : ضهري واجعني اوي يااحسان 
بوغتت احسان من تلك الشكوي لتقول بريبه: احسن تكوني حامل 
برقت عيون شروق بالسعاده وهي تسمع لهذا الاحتمال : تفتكري يااحسان 
قالت احسان بابتسامه تخفي خلفها حقدها وهي تربت علي كتفها : وليه لا .... يلا اطلعي ارتاحي واقفه ليه 
قالت شروق وهي تحاول أن تنحني لتحمل الوعاء الكبير لتنشر الغسيل : عشان امي حميده متتضايقش 
ضحكت احسان بخبث : متشغليش بالك انا هخلص كل حاجه ومش هتعرف انك طلعتي اوضتك ماهي طلعت تنام شويه وقدامها يجي ساعتين علي ما تصحي 
اومات شروق وصعدت الي غرفتها دون أن تدري نيه أحسان الخبيثه والتي أنهت المطلوب وزياده بعد أن جعلت نشوي هي الأخري تذهب للتسوق لشراء بعض مستلزماتها كعروس لتبقي بالمنزل بمفردها وتحلم باليوم الذي تكون به سيدته ....قلبت السكر بكوب الشاي الذي أعدته ووضعت بجواره بعض قطع الفطير المشلتت الذي خبزته وصعدت الي غرفه حميده
: اتفضلي يا امه ...
نظرت حميده الي الصينيه التي وضعتها امامها : تعبتي نفسك ليه يا احسان ؟
قالت احسان وهي تتصنع البراءه : فين التعب ده بس ....دوقي بس انتي الفطير وقولي ليا رايك 
نظرت إلي حميده بطرف عيناها وتابعت بمكر : انا علي ما نشرت الغسيل ونضفت وحطيت الغدا علي النار كانت العجينه خمرت اخدتها وطلعت السطوح علي الفرن خبزته وقولت لازم تأكليه وهو سخن 
مررت لحميده ما أرادت منها أن تعرفه وأنها من قامت بكل شيء لتعقد حميده حاجبيها : انتي عملتي كل ده ....امال نشوي و مرات ابني فين ؟
هتفت احسان ببراءه بينما تخفض عيناها للأرض بتعلثم مصطنع :نشوي كان لازمها شويه حاجات نزلت السوق وشروق في اوضتها من الصبح 
هبت حميده من مكانها بشرور العالم : يعني عصت اوامري 
اسرعت احسان تقف أمامها برجاء زائف : استني ياامه عشان خاطري متعمليش معاها مشكله ...ده انا عملت كل ده عشان متتضايقيش منها  .....ازداد مكرها بينما تتابع : ماهي معذورة برضه ملهاش في شغل البيت 
صكت حميده اسنانها بحنق : ليه وهي جايه منين أن شاء الله...هتنسي أصلها بت الدسوقي ولا هتعمل هانم عليا ....انا لازم اشوف حل معاها 
ابتسمت احسان بمكر من داخلها بينما تقول بتلميح خفي : اكيد هادي بيه مش هيعجبه وهو بقي يتصرف معاها !
وبالطبع كانت حميده بالاسفل تشكي لابنها تصرفات زوجته وإحسان بالاعلي تتظاهر بالتعاطف مع شروق التي كل ذنبها أنها تشعر بالتعب وقد ضاع أملها بأنها حامل حينما عرفت أن سبب الم ظهرها هو ميعادها الشهري لترفرف العصافير بكيان احسان الشامته من عدم وجود حمل بينما صعدت إليها تضع أساس خبيث للوقيعه كما فعلت مع حميده 
: انا قولت اقولك عشان تاخدي بالك لو طلع متنرفز عليكي ....
قالت شروق وقلبها يدق : يتنرفز عليا ليه ...ده انا ضهري وجعني بس شويه 
قالت احسان بخبث : وهو هيعرف منين انك تعبانه فعلا بعد ما أمه قالت انك بتتدلعي 
هزت شروق راسها ببراءه هاتفه : لا والله انا فعلا تعبانه 
هزت أحسان كتفها قائله : اهو بقي انتي عارفه الرجاله وهو يعني اكيد هيعمل حساب لامه 
قالت شروق بعفويه : وانا 
لوت أحسان شفتيها هاتفه بمكر : انتي ايه ....غلبانه ولازم يجي عليكي 
تحفزت شروق بالرغم من أن هادي لم يتطرق لهذا الموضوع واكتفي بصمته الملازم لطبعه لتبقي شروق بتاهب لشجار وتتلف أعصابها بينما هادي فقط استمع لشكوي والدته وطيب خاطرها دون التحدث مع زوجته 
بشيء ليست مجبره عليه 
لينفلت لسان شروق بعد أن بقي صامت لدي عودته بالمساء : علي فكره انا معملتش حاجه 
نظر لها هادي بطرف عيناه قائلا : حاجه ايه ؟!
هتفت شروق باندفاع : امي حميده اكيد اشتكت ليك وقالت عني كلام 
قالت هادي بهدوء : عرفتي منين 
تعلثمت دون أن تخبره أن أحسان استرقت السمع لتجيب بأي كلمات بصوت عالي  :  اهو بقالك ساعه قاعد معاها واكيد اتكلمت عليا 
غبيه وفتحت الطريق للشجار باندفاعها ولكن هادي لم يفعل بينما بطبعه اخر ما يلجأ له هو صوته العالي مثلها ليقول بنبره هادئه ولكنها لم تخلو من التحذير والحزم : 
يخصك في ايه اقعد معاها ساعه ولا ساعتين 
اسمعي يا بت الناس طالما انا مقولتش حاجه يبقي متسأليش وتفتحي في مشاكل 
هتفت شروق بانفعال : مفتحتش في مشاكل انا بدافع عن نفسي 
قال هادي بنبره قاطعه : وانا متهمتكيش 
انفلت لسان شروق الاهوج : بس امك ....رمقها هادي بنظره غاضبه جعلتها تبتلع ما بقي من كلماتها ليقف امامها بقامته المديده ويهتف بسخط : امي متجبيش سيرتها 
تابعت انفعالها دون أن ترتجع أمام محاولته لإنهاء الجدال : بس هي جابت سيرتي 
نظر لها هادي بغضب لم يعد يستطيع التحكم به أكثر ليمسك ذراعها بقوة هاتفا : اسمعي بقي انا محبش شغل النسوان بتاع قالت وعادت ده ....اخر مره هحذرك فاهمه ! 

يوم بعد الآخر تنقل احسان الحديث من هنا لهناك وشروق وحميده لعبه في يدها وهادي يحافظ علي رصانته أمام شكوي كل منهما بالرغم من أن الوضع أصبح لا يطاق بالنسبه له كرجل يعود كل ليله علي شجار بين أمه وزوجته 
لتبدأ احسان بالهمس في اذن شروق التي أصبحت بيدها لعبه تحركها بين أصابعها ....: مفيش الا أنه ياخدلك بيت لوحدك 
وبجوار حميده كانت تهمس لها هي الأخري بالمزيد من سمومها :  أيوة يا امه عاوزة بيت لوحدها وانا نصحتها وقولت انتي كمان تنصحيها
بخبث مصمصت شفتيها بينما تتابع :
حد يسيب عيله وناس زيكم ويقهد زي القرد لحاله 
واشتعل الموقف أكثر وتركت علي أثره شروق المنزل دون علم هادي الذي لم يفكر بالذهاب خلفها لتمر الأسابيع 
وأحسان لا تهدأ ويزداد خبثها الذي وصل لحد الشر حينما تعرفت علي قدورة وقد اخذتها والدتها إليها تشكوي عدم زواجها حتي الآن : حالها واقف ولا بيتقدم ليها عريس 
وضعت قدورة المزيد من البخور في المبخره النحاسيه الكبيرة الموضوعه امامها بينما تقول ::
لازم معمول ليها عمل 
قالت صديقه والده احسان برجاء : فكيه يا ست الشيخه 
قالت قدورة بطمع : بيحتاج فلوس كتير 
خلعت صديقه قرطها الذهبي الكبير بلا تفكير : ووضعته بحجر قدروة  
وهاهي كلمه تلو الأخري وجلسه تلو الأخري وقدورة تعرف كل شيء عن شروق التي بدي حقد احسان واضح منها ليتوهج حقدها أكثر بعد عوده شروق الي المنزل بتدخلات من العائلات ليتحول طلبها لأي زوج طلب بزوج صديقتها والذي لم يحدث إلا بأفساد حياه تلك الشابه 
لتعطيها قدورة ذلك المغلف هاتفه : تحطي ليها ده علي الميه وتشربيها ليها كل يوم ! 
وكانت الطامه الكبري بهذا 
النفور وتعمد البعد الذي استشعره هادي من زوجته بعد عودتها الي المنزل فلم يشعر بلهفتها عليه فلم يبدي هو الآخر اي لهفه تجاهها فهو لا يأخذ الخطوة الأولي وشروق وكأنها مكبله بفعل تلك الأعمال التي تسقيها لها احسان كل يوم حتي انقلب كيانها وكلما اقترب منها زوجها شعرت بالاختناق فكانت تبتعد عنه وتتذرع بالحجج 
لم يبالي في البدايه وظنها تتمنع وتتدلل ولكن كل يوم يزداد البعد بينهم وإحسان تتقرب منهم أكثر فأصبحت لا تفارق المنزل إلا مساء بعد أن تكون ارضت حميده ونفذت كل طلباتها .....يوم بعد يوم وهي تتعمد القرب من هادي  
الذي ثارت كرامته وأخذ خطوة الزواج بأحسان التي تتمني قربه بينما زوجته تنفر منه وهاهي الان نجحت بكل خططها لتعود من ذكرياتها وهي تمد يدها الي جوارها تغلق النور الخافت وتجذب فوقها الغطاء الحريري وتنام قريرة العين ! 

........
نقدت وصال سائق السياره الأجرة أجرته التي طلبها ثم نزلت لتتجه بخطوات متردده تجاه تلك البوابه الحديديه الضخمه ومع خطواتها تبدء صور مشوشه تغزو مخيلتها عن تلك البوابه .....flash back 
( جذبت والدتها يدها وهي تهتف بها برجاء : قولي له يا وصال انك عاوزة تفضلي مع امك !
انسابت الدموع من عيون تلك الشابه الصغيرة التي تجاوزت السادسه عشر بقليل ووالدتها تجذبها من أحدي يديها بينما يدها الأخري يجذبها بها والدها هاتفا بصرامه: امشي معايا يا وصال 
تمسكت والدتها بيدها الأخري رافضه أن تتركها والدموع تمليء عيونها : مش هسيب بنتي يا مهاب ....مجددا ترجت وصال : قولي له يا وصال انك عاوزة امك 
بالطبع تريد والدتها كأي فتاه ولكن كيف تقف أمام والدها وتخبره بهذا وقد عجزت أن تكون كأخيها الذي وقف أمام ابيها بقوة هاتفا : انا مش عاوز اعيش معاك ...مكاني هنا مع امي وجدي 
عجزت أن تملك جساره أخيها الذي امتلك قلب قوي وجساره ذرعها جده لوالدته به بينما أخذه منذ نعومه أظفاره الي اسواق تجارته فكبر قبل أوانه وتحلي برجوله وجساره وصلابه مشابهه لجده ذلك العجوز ذو الهيبه المخيفه الذي دخل من البوابه الحديديه بعيون تنذر بالشر وهو يهتف بصوت جهوري : في ايه ؟!
اسرعت والدتها بخطوات متعثره تجاه ابيها تحتمي به : الحق يا ابويا مهاب عاوز ياخد بنتي مني 
انكمش قلب وصال في صدرها بينما تصاعدت النظرات الغاضبه بعيون ابيها هو الآخر وهو يقف أمام جدها الذي يكن له بغض خالص لتجد يدها المرتعشه تقبض علي يد ابيها الذي قال بعنفوان: اسمع يا حاج انا معايا حكم محكمه اني حقي اخد ولادي اللي صبرت السنين دي واتحرمت منهم 
هتف جدها بعنفوان هو الآخر ساخرا : للتو ما افتكرت أن ليك ولاد بعد ما كبروا جاي تقطف الزرعه!
احتقن وجه ابيها من تلميح جدها الذي نظر إليه بحنق هاتفا : القانون كان مانعني اخدهم قبل سابق إنما دلوقتي القانون ....قبل أن يكمل جملته هتف جدها مقاطعا : بلا قانون بلا كلام فارغ ... العيال كبرت في حضن امهم ومش هيفارقوه 
نظر إلي دياب أخيها الأكبر الذي رفع رأسه بعنفوان يشابه عنفوان جدها قائلا : صح يا جدي ...انا مش هفارقك ولا افارق امي 
رفع ابيها عيناه بخزلان تجاه أخيها : مش عاوز ابوك يا دياب 
هز أخيها رأسه وقال بجرأه : ماليش عيشه معاك ومش هفارق امي ولا جدي 
هتف مهاب بغضب شديد بينما يري هيئه ابنه الذي تشكل علي يد جده ليكون نسخه منه : جدك اللي بدل ما يحافظ علي مستقبلك طلعك من المدرسه واخدك معاه الوكاله 
نظر دياب أخيها الي جده بفخر بينما الي ابيه ساخرا : المدرسه كانت هتعمل ليا ايه اكتر من اللي جدي عمله 
...انا  ... مستقبلي مع جدي ومش هفارقه 
قال مهاب مصححا : اسمها مش عاوز تفارق العز و عاوز تبقي معلم زيهم 
وقف أخيها بجوار جدها ونظر له بفخر لم ينظر بن ابدا لأبيه الذي تشرب وصفه من جده بأنه لاشيء : انا مع جدي في ملكه وعزه احسن من اي واحد راح المدراس ميعرفش يتحصل في شهر علي اللي بتحصل عليه انا في يوم !
تغلغل الخزلان بنظرات ابيها الذي نظر إلي والدتها ورفع يده يصفق لها بتهكم : برافو طالع نسخه منك مش عاوز الا الفلوس ....
بادله جدها السخريه الجارحه : لا كان بدك يبقي شبهك مش قادر يكفي مصروف بيته 
نكست وصال وجهها للأرض بوجع علي نظرات ابيها التي اهتزت للحظه قبل أن يرفع رأسه بشموخ هاتفا : انا دكتور جامعي بطلع من تحت ايدي اجيال متعلمه ...دكاتره يفيدوا الناس بعلمهم مش شويه جهله ميعرفوش يتكلموا الا بالفلوس ....التفت الي والدتها وزجرها بنظراته الساخطه بينما يتابع : ولو علي بيتي كنت مكفيه بس في ناس مش بيملي عينها الا التراب 
زاغت عيون والدتها وخفضتها للأرض ليتواجه مجددا ابيها وجدها الذي التفت الي وصال وهتف بنبره أمره : ادخلي يا وصال يا بتي مع امك وقولي له نفس كلام اخوكي 
التفت ابيها اليها ليزداد انكماش قلبها في صدرها وتنساب دموعها بغزاره أكثر من نظره الخزلان بعيون ابيها الذي صعب عليها أن تخزله هي الأخري فتخرج كلماتها مهتزه كما حال اهتزاز يدها وهي تمدها الي ابيها وتحسم الأمر حينما اختارت جانبه : انا هروح مع بابا !
نظر لها جدها بسخط كبير وصرخت والدتها بقهر وكذلك صرخ قلب وصال بداخل صدرها ولم تكن تتمني ابدا ان تعيش لحظه صعبه كتلك وهي مجبره علي أن تختار بين والدتها وبين والدها الذي أجبرتها الظروف أن تختاره ولم يحتمل قلبها أن يخزله كما فعل أخيها واشفقت عليه دوما من كلام جدها وعائله والدتها عنه التي قاسته بالمال وفي كفتهم كان دوما القليل مهما علت شهاداته أو وضعه الاجتماعي فهو بالنسبه لهم لاشيء مادام لا يملك أموال مثلهم ....! 
تنهدت وصال وهي تهز راسها لتبعد تلك الذكريات عن راسها وتعود الي واقعها back 
ازداد ترددها وهي تشعر بالخوف من نظرات جدها التي مازالت محفورة داخل راسها وتتساءل هل مازال نفس الرجل الصارم المخيف .....لقد مرت سنوات طويله وحدث بها الكثير ....لتعود مجددا بذاكرتها 
Flash back 
بالطبع تعرف والدها ولم يكن اول لقاء لها به حينما اخذها الي جانبه .... لقد انفصلت عنه والدتها حينما كانت تبلغ الثامنه واخيها يكبرها ببضعه أعوام ...وبالرغم من صغر سنها إلا أنها كانت مازالت تتذكر دوما خلافاتهم التي كانت عن الماديات بينما تدفعه والدتها دوما الي اقتناص اي فرصه للحصول علي المال بينما والدها كان كل ما يطمح له هو درجه علميه تلو الأخري حتي حينما فكر بإنشاء عياده له لم يستطيع أن يكفي مصاريفها التي تراكمت عليه بسبب ذلك المبلغ الزهيد الذي كان يتقاضاه ثمن الكشف ...حتي أنه كان يعطي المرضي الغير قادرين العلاج بلا مقابل ... رجل بمباديء لا تطعم الخبر كما وصفته دوما والدتها واكتفت برؤيته هكذا بينما وصال الان حينما كبرت واقتربت منه رأت رجل مثقف ذو عالم متفتح كبير ودنيا منيره بالعلم اكبر كثيرا من دنيا عائله والدتها التي تحسب كل شيء وفقا للماديات .... سارت مع ابيها يومها و بعد أن ابتعدوا قليلا أوقف سيارته البسيطه جانبا والتفت لها يسألها أن كانت نادمه علي مجيئها معه لتهز راسها في البدايه حتي لا تزيد حزنه ولكن بعد بضعه أشهر لم تشعر بالندم ابدا بينما فتح لها بقاءها مع والدها افاق جديده وقد حرص علي أن تتم تعليمها وهي ورثت عنه حبه للعلم الذي كان يقابل بلا مبالاه من جانب والدتها التي كان عندها أن تحصل علي ممتاز يساوي الا تحصل علي شيء المهم أن ابنتها تأكل جيدا وتعيش جيدا وترتدي اجمل الملابس والذهب 
وحاولت والدتها كثيرا أن تحفر تلك النظره بعيون ابنتها الصغيرة بينما تدللها وتهتم بجمالها دون أي اهتمام لدراستها حتي أنها أخبرتها إن أرادت ترك التعليم كما حال أخيها حينما أنهت المرحله الاعداديه ولكن وصال أرادت اكمال المرحله الثانويه وهاهي مع ابيها رأت اشياء أخري في الحياه اهم من المأكل والملبس وكما عليها أن تمليء معدتها عليها أن تمليء عقلها 
....فشعرت بالحماس يهب في أوصالها وهي تخطو معه الي الجامعه لتري هيبته أمام طلابه وكيف يوقره ويحترمه الجميع حد التبجيل عكس تلك الصورة الضئيله التي كانت تراها في عيون والدتها عنه ليتسرب الفخر بابيها في أوصالها أكثر و تبدأ باقتناع تهز راسها حينما يخبرها أنها ستسير علي دربه ...( انتي هتكوني احسن مني يا وصال....هتكوني اصغر واحده تناقش الدكتوراه في القاعه دي وانا هكون قاعد اصقف ليكي واقول بفخر دي بنت الدكتور مهاب عياش !) 
لذا لم تشعر بالندم ولكنها كانت تشعر بالاشتياق والافتقاد لوالدتها كأي فتاه ولم يكن ابيها ذو قلب متحجر فكان كل ما أخبرته أنها اشتاقت لوالدتها اخذها إليها وانتظر بالخارج حتي تشبع منها وعاد بها الي منزله الذي كان شقه باحدي الاحياء الراقيه قديما كما حال المنزل باكمله يحمل عراقه ماضي لم يصمد أمام الماده التي شيدت أمامه عمارات فاخره بملايين ولكنها مثل ابيها أحبت المنزل بشرفاته الكبيرة المليئه بالزهور وبتلك المقاعد الخشبيه التي يحكي لها كيف كان جدها وجدتها يجلسون عليها يطالعون سويا الكتب ويتناقشون بها لأكبر الكتاب .....شتان ما بين عائله ابيها وعائله والدتها !
اختلاف كبير جعلها تتساءل ما الذي جعل طريقهم يتقابل 
وكانت الاجابه ....أنه ذلك الحب الذي يعني العيون ويحجب العقل عن عقد اي مقارنه وفقط يتبع القلب ويسير خلفه بلا تفكير وما أن تذهب حلاوة البدايات وتهدأ خفقات القلب يبدأ العقل يري الاختلاف وتنشأ الخلافات .....كان والدها للتو ينهي تكليفه باحدي القري وهناك قابل والدتها التي كانت حسناء ذات عائله لها اسمها اجتذبته كما انجذبت للطبيب الشاب الذي تتحدث عنه البلده وقد اختصر والدها الطريق وطرق الباب الذي رحب به ورأي جدها أنه سيعطي ابنته لطبيب لذا مكسب مضمون دون أن يحسب خساره تلك المباديء التي تمسك بها والدها في كونه طبيب وليس تاجر يتاجر بعلمه ويتربح به .... انتقلت والدتها من رحابه منزل عائلتها وحياتهم الرغيده الي حياه بسيطه بالرغم من أنها اعلي اجتماعيا إلا أنها رأت ضيق المال هو فقط ولم تري مركز اجتماعي مرموق....لم تكن حياتهم فقيره وانما بالنسبه لها لا تغني من جوع فلا تري ذلك المرتب الذي ينتظره زوجها لنهايه كل شهر من الجامعه كافي ..... وكان والدها ليس ممن يهرعون الي العمل في المستشفيات لزياده دخلهم بل كان ينكب علي الكتب لأجل الدكتوراه التي أخذت منه سنوات ..... مشاكل وخلافات بدأت تظهر علي السطح وتجاوزت كونها بين ابيها وامها التي اوصلت الأمر لعائلتها بيننا ازداد ضيق الحال بعد إنجاب والدتها لطفلها الاول وزياده المصاريف علي مهاب الذي كان بالكاد يكفيها .... كان الحب يجعلهم يتخطون تلك الخلافات في البدايه بينما وجدت والدتها السبيل بتلك الأموال التي كان يرسلها لها ابيها سرا بعد أن رفض مهاب اخذ اي مساعده من عائله زوجته 
وكانت الطامه الكبري حينما اكتشف مهاب أمر تلك الأموال التي تتخذها والدتها سرا .....خلاف كبير كاد يؤدي إلي الانفصال بينما انكسرت رجولته وكرامته أمام عائله زوجته التي خزلته ولم تتحمل ظروفه وكان للقدر ترتيب لتكون والدتها حامل بها وينشب الحب مجددا بينهم وتعود بوعد الا تكررها ويعود مهاب بوعد أن يحاول زياده دخله رضوخا لمبدء الماده الذي تعيش به والدتها التي لا تنتهي متطلباتها ...ترك الدكتوراه جانبا وعمل في المشفي وشهرا بعد شهر كان يري تجاره باوجاع الناس فلم يحتمل ومجددا عادت الخلافات مع مجيء طفل آخر ..... لم يحتمل ابيها أن يدوس علي مبادئه ولم تحتمل والدتها الصبر فكان الانفصال وعادت والدتها الي رحابه بيت عائلتها وبيدها طفلان ....منذ أول يوم وقد أخذ جدها اخيها تحت جناحه ليعود أخيها سعيد هاتفا وهو يخرج من جيبه ورقه ماليه كبيره اعطاها جده له نظير اول يوم عمل معه : شوفي يا وصال جدي عطاني ايه عشان وقفت معاه في الوكاله النهارده 
ربت جده بفخر علي كتفه قائلا : ولسه يا بوي ..... كل يوم هتاخد يوميه اكبر من اللي قبله لغايه ما تبقي اكبر معلم في الوكاله كلها !
لم تفهم وصال وكانت تبكي باشتياق لوالدها ولحكاياته التي كان يحكيها لها كل ليله ولكن لم يكن جدها مثل ابيها بل كان صلب لترتجف بحضن والدتها تبكي بخوف من صوته الذي هتف بها بسخط : كفايه بكي يا بنيه ...معادش فيه ابوكي الفقري ده هنا 
دوما ما ارتبط اسم ابيها بالفقر وكأن الفقر هو فقر المال فقط والذي يمكن تجاوزه ببضعه طرق بينما هناك فقر كبير لا يمكن تجاوزه وهو فقر العلم والأخلاق والمباديء لا يمكن أبدا تجاوزهم لانه ليس شيء سهل الحصول عليه 
نشأ أخيها كما أراد جدها الذي رأي به الابن الذي لم يراه في ابنه الوحيد والذي خرج باكرا من أسفل عباءته 
ولم يكن كما أراد لذا شكل دياب علي يده كما أراد فكبر اخيها صلبا يعرف كيف يتحدث بالمال مثل جدها الذي يقلده وياخذه مثله الاعلي وكبرت هي كفتاه هشه دوما ما تخاف من جدها الذي يري الفتاه لا شئ مقارنه بالصبي.....تسر وصال الي والدتها أن نظره الحزن بعيونها هي افتقاد والدها وتخشي أن يعرف جدها بسرها والذي أصبح سر تشترك به والدتها معها والتي اخذتها سرا للقاء ابيها بعد انفصالهم بعام كانت بينهم قضايا لم يتواني جدها عن رفعها بالرغم من ابيها لم يريد طريق محاكم وقدم نفقه أولاده وفقا لما يقدر عليه ولكن جدها لم يكتفي ليجر ابيها من قضيه الي أخري حتي اعجزه وأخذ وصايه الاطفال منه وقصد حرمانه منهم وبعد مرور تلك الفتره أدركت والدتها ربما الندم أو الاشتياق أو افتقاد العشره التي جمعتها بزوجها أو ربما لا شيء من هذا وفقط اشفقت علي ابنتها الصغيرة وصال التي تهمس لها كل ليله باشتياقها لأبيها لتقرر أن تأخذها إليه .... استيقظت وصال مبكرا بحماس بعد أن همست لها والدتها ليلا بأنهم غدا صباحا سيذهبون للقاء ابيها فنامت قريرة العين وفي الصباح الباكر كذبت والدتها أنها ستذهب الي سوق البلده الكبير لشراء مستلزمات لها هي ووصال صغيرتها وكانت الرحله التي لم تتكرر بينما لم تنساها وصال ولم تنسي نظره ابيها الذي لم يصدق رؤيتها أمامه حينما طرقت والدتها الباب وفتح ....كانت صغيرة لتدرك تلك النظره التي امتلئت اشتياق وربما تخللها الندم وسؤال ماذا لو الذي بقي معلق في ذهن والدتها ...ماذا لو صبرت ...ماذا لو لم تغادر 
بينما بالنسبه لأبيها لم يكن هناك ندم بعد أن تذوق مراره الخزلان فتجاوز عن تلك المراه حتي بقي قلبه يدق لها فتلك خيانه لا يستطيع عقله ابدا التحدث عنها 
ضمها إليه بحنان واشتياق جارف وهو يحملها : وصال حبيبتي 
زاد من ضمها اليه بحنان واشتياق لتقول مهجه التي لم يلقي إليها نظره : كانت عاوزه تشوفك ومقدرتش اقولها لا 
غص حلق مهاب بينما يسأل وعيناه زائغه تبحث عن شيء ما : ودياب مجاش معاكم ؟! 
خفضت مهجه عيناها وقالت بتعلثم : دياب بيروح مع جده الشغل 
عقد مهاب حاجبيه ووقف ببطء وهو ينزل وصال أرضا : الوكاله ؟! ومدرسته ؟! 
صمتت مهجه ليسألها مهاب باستنكار شديد : بدل ما يروح مدرسته بيروح الوكاله 
انفلت لسان وصال بعفويه طفله في مثل عمرها : دياب مش بيروح المدرسه زيي يابابا 
بسرعه هتفت مهجه بدفاع عن نفسها وكأنها ليست الام أو القائد : هو اللي قال مش عاوز مدارس وصمم ينزل مع جده الوكاله 
تهادت تعابير ساخطه علي وجه مهاب الذي لا يستوعب: قصدك ايه ....ابني ساب المدرسه 
هزت مهجه راسها وقالت بتعلثم : هو اللي مش عاوز يكمل علام 
استاءت كل ملامح مهاب الذي هتف بها بسخط شديد مؤنبا : وانتي فين يا هانم ....هو ايه اللي يقول مش عاوز... ده كله حته عيل ميفهمش حاجه 
ازدادت نبره ابيها سخطا وتأنيبا : ااايه عاوزاه نسخه من ابوكي جاهل يعمل قرشين لما ملقتيش امل أمني .....انسابت الدموع من عيون وصال واشفقت علي والدتها التي أخذ ابيها يؤنبها لتتغلغل نظرات الانكسار بعيون مهجه بينما يختم مهاب حديثه بسخط شديد : 
انا الغلطان عشان اخترت ام جاهله زيك لاولادي 
اوجعتها إهانته بشده والتي لم تنساها حتي الآن كما لم تنسي نظراته المتعالية عليها كلما تحدث بشيء وبدي عليها عدم الفهم حتي وإن لم يقل شيء فهي دوما ما استشعرت الفجوه بينهما بأنه ذلك ذو الشأن العالي بينما هي الفتاه التي لم تعرف للمدارس طريق كما حال الكثير من البنات مثلها 
أمسكت مهجه دموعها بقوة وسرعان ما جذبت ذراع وصال وهي تلقي نظره غاضبه تجاه مهاب تحفظ بها ماء وجهها ولا تبدي انكسار وتهتف باستياء بينما تلوم نفسها الف مره : انا اللي غلطانه اني جيت 
: يلا يا وصال !!
لم تعارض وصال وانساقت ليد والدتها بينما أسرعت تغادر متجاهله نداء مهاب الذي وخزه قلبه واسرع خلفها : مهجه استني 
لم تنتظر أو تنظر خلفها فلماذا تنظر وبماذا يفيد الندم الذي اكل قلب مهاب ولكن الندم بالنسبه لهما كان يدفعهما للمزيد من التصرفات الخاطئه وليس للإعتذار !
وهنا ربما كان وقتها امبرمن عمر وصال أن تفهم ولكنها الآن أصبحت تفهم أن ماحدث ليس خطأ ابيها وحده أو والدتها وحدها بل خطأ الظروف التي جمعتهم فكل منهما يتصرف وفقا لنشأته وعقله وتفكيره ....حتي ابسط المواقف التي لا تبارح عقلها هو تلك الطاوله التي تمتد أمامهم في منزل جدها وكان الجميع من عائله والدتها يأكلون بأيديهم ويملئون افواههم بالطعام بينما تكون هي من تضع قطعه صغيرة في فمها بالشوكه وتتحمل سخريه الجميع بينما ما أن تكون وسط عائله ابيها تكون طريقه تناولها الطعام شيء عادي .....اختلاف كبير كان لابد أن تكون تلك نهايته بينما لم يحاول أي طرف من الطرفين التغير من اجل الاخر  
مرت سنوات لم تتكرر تلك الزياره وقوبلت زياره مهاب لأولاده بالطرد من جانب جدها الذي علم بما فعلته والدتها وأقام القيامه ليجذب مهجه من ذراعها بسخط هادرا : رايحه له ليه !؟
هتفت مهجه بدموع وخوف من أبيها : البت قطعت قلبي يا ابويا قولت تشوف ابوها 
صفعه قويه نزلت علي صدغ والدتها جعلت الدموع تنساب من عيونها بغزاره كما حال دموع وصال التي أسرعت تحتضن ساق والدتها وترتجف بخوف من نبره جدها الذي هتف بجمود محذرا : اياك تكرريها ومن هنا ورايح رجلك مش هتخطي برا الباب ....غوري من وشي 
كان جدها رجل شديد مخيف مازالت تخشاه حينما تتذكره 
وتلك الذكري جعلت خطواتها تتباطيء أكثر
Back 
عادت وصال من ذكرياتها لتجد أن  ترددها ازداد اكثر قبل أن تمد يدها تجاه تلك القبضه الحديديه بوسط الباب وتطرق بها عليه .....
ابتلعت ببطء بضع مرات قبل أن تعيد طرقاتها علي الباب الزجاجي والذي مع طرقتها الثانيه كان ينفتح ....نظرت لها امراه شابه باستفهام لترمش وصال باهدابها لحظه قبل أن تقول : ماما موجودة ؟!
عقدت المرأه حاجبيها باستفهام ونظرات ازدادت دهشه وهي تتطلع تجاه تلك الفتاه الغريبه وهي تردد : ماما ؟!
اومات وصال وهي تبتلع مجددا : قصدي ....مهجه....مهجه دياب 
لم تنتظر المرأه سماع باقي الاسم وبمجرد أن نطقت وصال اسم مهجه كان صوت المراه الشابه يتعالي بارجاء المنزل : امااااا...يا اما 
جاءها صوت من الداخل بتساؤل : في ايه يا بهيه ؟
هتفت المرأه وهي تتطلع الي وصال مجددا بتفحص : واحده بتسال عنك يا اما 
تراجعت المراه سريعا حينما ظهر خلفها رجل ذو قامه مديده وبنيان ضخم يسأل بصوت خشن : مين بيسأل عن امي يا بهي....لم يكمل جملته بينما وقعت عيناه علي وصال التي أعادت الي شفتيها ابتسامه هادئه بينما تقترب خطوه وهي تمليء عيناها من ذلك الذي تغير كليا وأصبح رجل آخر بينما كل ما تتذكره هو نسخه اصغر ولكنها بنفس الملامح 
لتخرج نبرتها محمله بالحنين وهي تقول : دياب !
ربما بوغت برؤيتها المفاجئه أمامه بعد كل تلك السنوات أو ربما لم يمهله مجيء والدته من خلفه الوقت ليكون كل التعبير الذي ارتسمت علي وجهه هو الجمود بينما يلتفت تجاه والدته التي تسمرت مكانها بعدم تصديق تردد : وصال !!
لحظات وكانت الدموع تمليء عيون مهجه التي مازالت محتفظه بشباب ملامحها الجميله وهي تكرر نداءها اللهيف بينما تتعثر خطواتها وتلتف كل ساق من ساقيها بالآخري وهي تركض تجاه ابنتها التي غابت عنها عشر سنوات وتفتح لها ذراعيها تصرخ بلهفه غير مصدقه رؤيه ابنتها امامها :  وصال ....وصال 
حضن دافيء لا تعبر عنه كلمات كان يضم وصال التي تركت نفسها في حنايا صدر والدتها وهي تردد بصوت مختنق بغصه دموعها : ماما 
رفعت المراه وجه ابنتها إليها تتطلع الي ملامحها التي تغيرت وتمليء عيناها من رؤيتها لتعود و تضمها إليها بلهفه واشتياق هاتفه بقلب ملتاع : وحشتيني ياوصال 
مجددا تركت وصال نفسها بين حضن والدتها الذي طال ومازال أخيها واقف مكانه بجمود بينما 
بهيه تتطلع الي ذلك المشهد بغباء مطلق فهي لا تعرف من تلك الفتاه من الاساس 
انهمرت الدموع بغزاره من عيون مهجه وهي تعيد ضم ابنتها إليها بينما تقول بلهيب الاشتياق : 
وحشتيني ياوصال ...وحشتيني يا بنتي 
.... عشر سنين يا وصال ..عشر سنين متشوفيش امك 
قالت وصال بصوت متهدج من فرط مشاعرها : وانتي كمان وحشتيني اوي يا ماما 
لقاء بعد غياب طويل لا ترويه بضع كلمات ولا احضان ليبقوا علي حالتهم لدقائق قبل أن يقول دياب بصوته الرخيم : هتفضلوا واقفين علي الباب ...ادخلي يا اما 
وجه كلماته الي والدته فقط لترفع وصال عيناها الي أخيها لا تدري ان كان بعتاب ام باشتياق بينما لم تأخذ وقت لتفكر في سبب جمود موقفه أو مقابلته الجافه معها لتقول وهي تنظر إليه : وحشتني ....عامل ايه يا دياب 
قال دياب ببرود فاجئها :  زي ما انتي شايفه 
اهتزت نظراتها من رده الجاف لتبتلع ببطء بينما تسحبها مهجه من ذراعها الي الداخل ولا تمهلها وقت لتفكر في رد فعل أخيها .... اجلستها علي أحدي الارائك الكبيرة التي تمليء البهو وجلست بجوارها تتمسك بها وعيناها لا تترك النظر إليها والي ملامحها وتردد كل لحظه : عشر سنين وكأنها لا تصدق أنها رأت ابنتها بعد كل تلك السنوات 
اخيرا بدأ أخيها بنطق كلمه بعد مرور ساعه علي جلوس وصال مع والدتها وكان ما نطق به سؤال مباشر 
موجهه إليها وكأنه اتهام : رجعتي امتي من بلاد برا 
زمت وصال شفتيها وقالت بخجل دون كذب : من كام شهر  
سرعان ما خرجت شهقه من شفاه مهجه التي قالت بعتاب  : كام شهر يا وصال ومتفكريش تشوفي امك 
رمشت وصال باهدابها وسرعان ما تقابلت نظراتها بنظرات أخيها التي امتلئت سخريه مبطنه واكتفي بها دون التعليق الذي خرج بعتاب من شفاه والدتها 
لتردد وصال بخجل من عذرها الذي لا يعفيها :  غصب علي يا ماما 
مجددا كان سؤال مباشر وأكثر احراجا وجهه أخيها لها :  وايه اللي غصبك ....ابوكي لسه مستعر مننا و
منعك تشوفي امك بعد السنين دي 
هزت وصال راسها سريعا تدافع عن والدها : لا خالص ....بابا مقالش اي حاجه ....فركت كلتا يديها وتابعت بتأثر لاح علي ملامحها :  بس بابا ....بابا تعب اوي اخر سنه كنا فيها برا ورجع في حاله صحيه سيئه وكان الشهور دي في المستشفي ومكنتش بقدر اسيبه لوحده 
لم تتوقع أن يكون السؤال من والدتها وليس من أخيها عن صحه ابيها : خير يا بنتي ماله ابوكي 
بدأت وصال تتحدث عن حاله ابيها التي تدهورت بسبب إصابته بمرض لعين لتختم حديثها : رجعنا وهو حالته صعبه جدا 
قالت مهجه بغصه حلق : الف سلامه عليه ....نظرت إلي ابنها وتابعت وهي تخفض عيناها للأرض : انت لازم تزور ابوك يا دياب 
صمت دياب ولكن نظرته أعطت والدتها الاجابه 
لترفع وصال عيناها الي أخيها 
لتنظر له وتسأله : مش هتسأل عن صحه بابا يا دياب 
قال دياب باقتضاب وهو يشيح بوجهه : ربنا يشفي الجميع 
ابتلعت وصال ببطء من رد فعل أخيها لتنظر اليه باستنكار هاتفه : بس ده مش الجميع ده ابوك 
التفت لها أخيها بحده هاتفا : ابوكي انتي اللي سبتي امك عشانه إنما أنا فأنا العيل الجاهل اللي استعر منه 
هتفت وصال بدفاع عن نفسها : لو عكسنا الموقف ماهو ممكن انا كمان اتهمك انك سبت ابوك عشان ماما ...احنا مش هننظر علي بعض يا دياب وبعدين بابا كان خايف عليك وقتها ليه بتلومه
قبل أن تفتح فمها بكلمه أخري كان دياب يهتف بحنق وهو يهب واقفا : خلصنا يا بت الناس انتي مش جايه تفتحي في الدفاتر القديمه بعد السنين دي ....جايه تشوفي امك اهي قدامك إنما كلام في القديم مش عاوز اسمعه 
تدخلت مهجه لتختف بأبنها توقفه : ديااب 
نظر دياب بحده الي والدته : دياب ايه يا اما .....ايه نسيتي حالا دموعك اللي كنتي بتبكيها عليها سنين 
اختارت ابوها الدكتور اللي احنا مش قد مقامه وسنين غابت ولا حتي فكرت تسال عنك وجايه دلوقتي تحاسبني 
بدا وجودها غير مرحب به من جانب أخيها وكأنه يريدها أن تغادر لتقوم وصال من مكانها وتقول بصوت خافت : انا اسفه اني جيت 
اسرعت مهجه توقفها : استني ياوصال اخوكي ميقصدش حاجه ما انتي فاكره ابوكي كان بيعامله ازاي وعشان كده هو متضايق إنما ميقصدش بكلامه يزعلك 
هتف دياب باحتدام : لا اقصد كل كلمه 
هزت وصال راسها توقف والدتها عن الصدام مع أخيها : خلاص ياماما حصل خير ...انا ماشيه 
ولكن قبل أن تتحرك خطوه كانت تصطدم نظراتها بتلك النظرات الحاده لتتسمر خطواتها بالأرض حينما وجدت نفسها تقف أمام ابشع كوابيسها..... جدها لوالدتها الذي وقف امامها يتطلع إليها ولكنها لم تجد في نفسها الجرأه علي النظر إليه لتري أن الشيب بلغ منه مبلغه ولم يعد نفس الرجل المخيف 
اسرعت مهجه خلفها لتقول بفرحه من بين دموعها : وصال يا ابويا رجعت من بلاد برا 
تفاجئت وصال بجدها يمد ذراعيه لها قائلا : تعالي يا بتي في حضن جدك 
ابتسمت مهجه ولم تصدق موقف ابيها الذي احتضنها ونظر الي وجهها قائلا : كبرتي ياوصال ....كيفك يا بتي 
قالت وصال بلسان متعلثم بينما مازالت مصدومه من موقف جدها الذي لم تتوقعه كما لم تتوقع موقف أخيها المعادي : كويسه يا جدي  
قال بعتاب : كده تقطعي بأمك السنين دي كلها 
قالت وصال باعتذار : غصب عني ياجدي 
هتف دياب الكبير بسخط وهو يجلس علي المقعد : الله يسامحه ابوكي فرقك عن امك 
هتف أخيها بسخط كبير لم يهدأ طوال سنوات : هي اللي اختارت ياجدر 
التفت دياب الكبير الي حفيده وزجره بنظراته قائلا : مالوش عازه الكلام ده يا دياب ...كانت صغيره 
نظر دياب الكبير الي وصال قائلا :  واقفه ليه يا بتي اقعدي 
خانتها نظرات العتاب تجاه أخيها بينما تقول بتعلثم : معلش يا جدي لازم ارجع عشان بابا لوحده 
تهكم أخيها بقصد وهو يلوي شفتيه : سنين معاه ومستخسره في امك دقايق 
هتفت مهجه بعتاب : دياب وبعدهالك ....بتقطمها ليه من ساعه ما جت 
قال دياب باحتدام : انا بقول اللي حصل ....مش هي اختارت ابوها
انفلت لسان وصال بانفعال : ابونا يا دياب مش ابويا لوحدي .....وبعدين هو انا عاتبتك انك فضلت مع ماما 
نظر لها دياب باستنكار : كنت اهملها زيك عاد 
هتف دياب الكبير بسخط : وبعدهالكم عاد انتهينا 
التفت الي ابنته قائلا : مهجه خدي بتك اشبعي منها 
وانت يا دياب اقعد 
هزت وقال راسها وقالت باعتذار : 
معلش يا جدي انا لازم امشي ....بس كام يوم بابا يتحسن وهاجي تاني 
نظرت وصال الي أخيها بخزلان بينما جاءت كل تلك المسافة بأمل أنه لن يترك ابيها بمحنته ولكنها 
لن تتحدث بينما لم يعد هناك مجال أن تطلب شيء لأبيها بعد هذا الحقد في نظرات أخيها 
اسرعت مهجه خلف ابنتها تترجاها ليتوجع قلب وصال وتقول برفق وهي تحتضن والدتها :  والله هاجي تاني يا ماما بس لسه الطريق طويل ولازم ارجع لبابا
اول ما يتحسن هاجي اقعد معاكي كام يوم 
تدخل دياب الجد بنبره ساخطه : ودي مش امك وليها حق عليكي ...اقعدي يا بتي ليله ولا ليلتين ولا يعني ابوكي هيطير
لا تستطيع البقاء واصبح الموقف اصعب بعد رجاء والدتها ودموعها التي قهرتها كما قهرها وجع ابيها الذي يحتاج إليها بجواره لتمسك يد والدتها التي تتمسك بها وتبعدها برفق شديد عن ذراعها قائله بصوت مختنق بالدموع : حقك عليا يا امي والله هاجي تاني بس لازم امشي دلوقتي 
استصعب دياب رجاء والدتها وغضب من إصرار أخته علي المغارده بينما لا يدري انها تتمزق كما تمزقت سابقا بين ابيها وامها ليتدخل بحنق وهو يجذب يد والدته هاتفا بسخط : مش هتتحايلي عليها يا امه ...سيبها تروح مكان ما كانت وانسيها زي ما نسيتك 
نظرت وصال الي أخيها بعتاب شديد هاتفه : انا منستش امي يا دياب 
نظر لها أخيها بسخط ليزفر جدها هاتفا بنبره أمره مرتفقا بدموع ابنته : يبقي تقعدي معاها ولا عاوزاها تحب علي رجلك 
هزت وصال راسها وانسابت دموعها : لا طبعا يا جدي بس بابا محتاج ليا 
قاطعها دياب الكبير بسخط : يبقي ارجعي له ورجلك متخطيش هنا تاني 
بكت مهجه بقهر بينما يحيطها ابنها بذراعه يجذبها الي الداخل ويفك يدها الممسكه بأخته التي غالبا دموعها وجذبت ساقيها إلي الخارج وهي تنظر إلي والدتها بأسف لسانها لم يتوقف عنه : حقك عليا يا ماما .....اوعي تزعلي مني 
خرجت ليقشهر بدنها من بروده الجو وبروده نظرات أخيها التي رمقها بها قبل أن تغادر ولم تكن بارده فقط بل كارهه ولكنها أن دخلت الي قلبه لرأت أن كراهيته لم تكن لها قدر ما كانت دون إرادته لأبيه الذي دوما ما استشعرت تقليله منه ! 
قال مهجه بعتاب وكمد :  كده يا دياب تخلي اختك تمشي مكسورة الخاطر 
نظر دياب الي والدته بغضب : هي خاطرها مكسور وانتي قايم ليكي فرح .....شوفي دموعك يا امه وبعدين خليها تصعب عليكي 
جذب عباءته وانطلق للخارج دون أن يزيد كلمه أخري بينما هتفت مهجه بلوعه تدافع عن ابنتها : غصب عنها يا ابويا ....هي يعني هتعمل ايه ماهو ابوها برضه 
اشاح دياب الكبير بوجهه عنها قائلا : لساتك قلبك حنين يا مهجه 
بكت مهجه بكمد ليضيف دياب برفق : قومي يا بتي اغسلي وشك واعتبريها مجتش 
وكم تمنيت وصال أنها لم تأتي بينما طوال الطريق ودموعها لا تتوقف عن الانسياب علي خديها لوعه علي والدتها التي تفارقها كل مره دون إرادتها ....ليتها لم تذهب إليها ولم تكن سبب في تجدد لوعه الاشتياق والفراق !
........
.....
جافي النعاس عيون الجميع لتداعب نسمات الهواء الهادئه 
كل العقول المشتعلة التي بقيت بلا نعاس والكل غارق في حديث طويل مع نفسه فهاهو دياب منذ أن خرج وهو بوجه غاضب كما حال قلبه الغاضب الذي لم يهدأ منذ سنوات وهو يتذكر نظره أبيه الدونيه دوما له 
ليبقي جالسا بعقل شارد يشعر بالضيق أنه ترك أخته تغادر بتلك الطريقه ولكن ضيقه منها كان أكبر حينما اختارت جانب ابيها وتركتهم ..!
بينما مهجه لم تجف دموعها منذ ذهاب ابنتها مما جعل عقلها يشتعل بتلك الفكره التي هبت من مكانها لتنفذها توافق علي اراده قلبها الذي شعر بأن ابنتها تحتاج إليها ...!
ووصال التي عادت بجسد مرهق ولكنه لم يكن أكثر إرهاقا من قلبها المتوجع دوما والذي لم تستطيع اخبار وجعه لأحد طوال سنوات وهي ترسم الهدوء علي ملامحها بينما تبتسم لأبيها الراقد في فراشه بوهن ....فتح عيناه حينما شعر بوجودها بجواره ليقول بحنان : رجعتي امتي يا حبيتي ؟
قالت وصال وهي تمرر يدها علي جبينه تمسح قطرات العرق من فوقها : من شويه يابابا 
قال وهو يسعل قليلا : اتأخرتي كده ليه يا حبيتي ؟
قالت بكذب : ابدا يا حبيبي علي ما خلصت كل إجراءات دخولك المستشفي 
ابتسم لها وقال بوهن لم يخفي ثقته : قولتلك يا وصال أن الجامعه لا يمكن تتخلي عن واحد زيي قدم حياته للتدريس فيها
ابتسمت بزيف وهي تخفي غصه حلقها بينما تتذكر كلمات العميد ( متأسف يا دكتورة بس لائحه الجامعه مش بتتضمن علاج علي نفقتها )
تخلت عنه الجامعه كما تخلي عنه الجميع وهنا كان للمال الكلمه العليا حقا ....كان يجب علي ابيها أن يحسب حساب يوم كهذا يتخلي عنه الجميع !
.........
...
...
تقلبت احسان في فراشها علي حركه هادي بالغرفه لتقوم من مكانها وتتجه إليه باستفهام حينما وجدته ينتوي الخروج  : خير يا هادي رايح فين دلوقتي ؟
قال هادي الذي لم يستطيع أن ينام بعد كل تلك الأفكار : هطل علي الرجاله في الغيط وارجع 
اقتربت احسان منه وهي تتهادي بمشيتها بينما انحسر قميصها الحريري القصير عن ساقيها وأبرز مفاتنها لتتوقف أمامه وتقول بدلال وهي تمرر يدها علي صدره : وهي الرجاله هيجري لها ايه ...نظرت له برقه وتابعت باغواء : ما تخليك  قاعد معايا 
هز هادي رأسه وابعد يدها برفق قائلا باقتضاب : هرجع علي طول 
اومات له واسرعت تجذب عباءته وتضعها علي كتفه بينما تقول باهتمام : الجو برد هليها علي كتفك 
اتجه هادي للاسفل ليلقي بعباءته علي مقعد السياره الخلفي وينطلق بها دون وجه محدده فقط يتحرك بصمت وهدوء تخلله اصوات حفيف الاشجار من حوله .....هدأ من انوار السياره وسرعتها حينما لمح ذلك الخيال الاسود يتحرك جانبا ليدير رأسه بدهشه لرؤيه من هي المراه التي خرجت بمثل هذا الوقت المتأخر لعلها بحاجه لشيء ليدعس علي المكابح ويوقف السياره جانبا وينزل منها متسائلا بدهشه حينما لمح مهجه تسير بهذا الوقت  : 
خير يا ام دياب خارجه في وقت زي ده ليه ؟؛
تلفتت مهجه حولها بينما تجذب طرحتها السوداء حول وجهها أكثر وهي تقول بتعلثم : مشوار كده يا هادي ياابني 
عقد حاجبيه باستفهام : مشوار ايه بعد نص الليل 
نظر إليها وقال برفق واهتمام : خير طمنيني ...هو انا مش زي دياب 
انسابت دمعتان من عيون مهجه التي قالت بكمد ما أن استمعت لأسم ابنها : دياب ....دياب كسر بخاطر أخته وخلاها تمشي زعلانه !
طوفان جارف من المشاعر اجتاحت كيانه وهزت جبل رجولته الهاديء لتخرج نبرته محمله بلهيب اشتياق ظنه خبي واندفن ولكنه لم يكن يدري أن مجرد سماع شيء عنها سيشعل كل هذه المشاعر : وصال !
هزت مهجه راسها ليتلهف كل انش بكيانه لسماع اي شيء عنها وكلمات مهجه لم تطفيء نيران تلهفه فهل بعد كل تلك السنوات تكون مجرد بضع دقائق هي ما جاءت بهم 
: قلبي قالي أنها كانت جايه عشان حاجه ولما دياب قابلها كده سكتت 
قال هادي بتأكيد : اكيد ياأم دياب 
هزت راسها وهمت بالتحرك : انا لازم اروح اشوف بتي 
قال هادي وهو يوقفها : هتروحي لوحدك ازاي ...تعرفي مكانها 
قالت مهجه بحنين خفي : امال يا ابني .... لسه عارفه بيت مهاب 
قال هادي برفق : بس الدنيا اتغيرت ..... 
لم تقبل أن يثنيها أحد عن ما انتوته لتجد هادي بالأساس لا ينتوي هذا بل قال : انا هاخدك لغايه عندها 
تعلثمت مهجه ولم تعرف ماذا تقول ليقول هادي بتشجيع : يلا ياأم دياب خلينا نلحق نرجع بدري !
..........
...
ازدادت عتمه الليل مع اقتراب الفجر حينما وصل هادي الي ذلك المنزل الذي بقي كما هو منذ سنوات تركت آثارها عليه كما بترك الزمن اثاره الجميع ....نظرت مهجه الي هادي ليري ترددها والذي باحت له به بعفويه : خايفه مهاب يصدني 
ابتلع هادي وغامت عيناه بالذكري التي دفنها عميقا بعقله للقاءه مع هذا الرجل flash back 

عقد مهاب حاجبيه وتطلع تجاه ذلك الشاب الذي كان يطرق علي بابه باستفهام عمن يكون : افندم 
حمحم هادي وهو يستجمع شجاعته للحظه قبل أن يقول : السلام عليكم ....انا هادي 
تجمعت الدماء بوجه مهاب وبدت كنيران بوحه الابيض 
: انت بتقول ايه ...تتجوز مين ....انا بنتي هتبقي دكتورة وانت ايه ...انت ولا حاجه ...فلوس ايه اللي بتتكلم عنها ...الفلوس دي لو حطيتها ووقفت عليها عمرها ما هتعليك ولو درجه واحده قدامي ...برا !!
ازدادت قبضه هادي قوة بينما تلك الكلمات مازالت تتردد في أذنه وكأنه سمعها بالأمس ....مازالت نظرات مهاب المحقره له وكلماته المتعاليه لا تفارقه ليمد يداه تجاه عنقه يمررها حوله بينما شعور الدونيه لا يفارقه منذ سنوات .....بنتي هتبقي دكتورة ....وانت ايه ...انت ولا حاجه !!
واحد جاهل زيك متخيل أنه ممكن يناسب دكتور جامعي زيي ...متخيل أن انا في يوم من الايام اقعد معاك ولا مع ابوك ....متخيل أن بنتي تتجوز واحد جاهل !
ازدادت حركه يداه حول عنقه بعصبيه لم تفلح محاولاته في تهدئه نفسه باقصاءها ....ذلك الرجل البغيض الذي وضع بداخله عقده وكان الوحيد الذي اشعره كم هو ضئيل ...!
عاد هادي من تلك الذكري التي جعل صدره يموج بالغضب المدفون ليلتفت الي مهجه ويطمئنها : اهو وقتها هتبقي اطمنتي علي وصال !
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 
ايه رايكم وتوقعاتكم 

  
تابعة لقسم :

إرسال تعليق

5 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. تسلم ايدك وبالتوفيق

    ردحذف
  2. تحفه يجنن تسلم ايدك ياقمر

    ردحذف
  3. بدايه موفقه وممتعه وشيقه جدا وعجبني التسلسل إلى في البارت بالتوفيق ياقلبي ♥️♥️

    ردحذف
  4. بداية رائعة 👍💕💕

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !