حكايه عمر الفصل الاول

6


 المقدمه

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

قامت تجر جسدها الواهن من الفراش بعدم رغبه في الاستيقاظ كحالها دوما تلك الأيام بعد ما حدث فكل يوم تفتح عيونها بنفس الوهن ونفس عدم الرغبه في الاستيقاظ .... رفعت عيناها الي المرأه لتري انعكاس تلك البقع التي عادت لتظهر مجددا فوق بشره جسدها ذات اللون البرونزي لتتهدج أنفاسها دون إرادتها وهي تعاود النظر للمرأه مجددا وتلك المرة تنظر لانعكاس عيونها التي غامت بتلك الذكريات وتلك المشاعر التي اجتاحت جسدها مجددا .... نفس الآثار ونفس تلك البقع عادت لتظهر من جديد بعد أن ظنت أنها انتهت كما انتهي هو وكل شيء يخصه من حياتها ولكن هاهي تظهر من جديد ومعها تلك الأنفاس تهرب من صدرها من جديد وتشعر بالاختناق الشديد من جديد وتتوهج بداخلها نيران الانتقام من جديد....!
حاولت السيطره علي ارتجافه يدها وهي تفرك جسدها بقوة حتي كادت تدميه من فرط حكها الشديد له في ظن واهي داخل عقلها أنها تزيل تلك البقع عن جلدها وكم تتمني لو تستطيع إزالتها من داخل عقلها وروحها التي أصبحت مهلهله مليئه بالبقع تماما كجسدها .....! تلك  البقع والآثار التي ارتسمت علي عنقها ومقدمه صدرها
جعلتها تتذكر نفس الآثار التي كانت تراها علي جسدها 
ولكن قبل عده اشهر كان مصدرها مختلف ....! 
فقد كان هو البارع في رسم تلك الآثار والان تعود تلك الآثار التي ربما يفعلها حرفيا ولكن مافعله بها هو ما تسبب لها بها ...
عادت الي الفراش بعد أن أرهقت يدها من فرط حك جلدها وهي تستحم حتي كادت تمزق جلد بشرتها 
لتمد يدها الي جوارها وتسحب تلك العلبه تبتلع قرصين من الدواء الموجود بداخلها وهي تتذكر كلام الطبيبه أن تلك البقع تظهر لها دون سبب عضوي واضح وان أغلب الظن أن سببها نفسي ولكن بكل الاحوال عليها أخذ هذا الدواء ..... شردت عيناها في الفراغ الممتد امامها ساخره من حديث الطبيبه التي تقول اغلب الظن أنه سبب نفسي بينما هو الظن بعينه وهي بتلك النفسيه المحطمه
أغمضت عيناها ومجددا صورته تراودها وتثبت لها انها لن تنسي يوما ما .... تنهدت بثقل وغزت الغصه حلقها وهي تحدث نفسها بألم وعتاب كيف لها أن تظل تتذكره ولا تنساه ....كيف مازالت تتذكر سبب عذابها الذي تحياه .... 
مازالت تتذكره ولن تنساه ابدا ...! 
انه من انهي حياتها وايضا هو من معه عرفت الحياه ....!
بألم شديد وضعت يدها جسدها المتألم وهي تتطلع الي شاشه هاتفها وتري صوره 
ازداد الالم بقوة وغص حلقها بينما تري صوره .....صوره برفقة امراه أخري بينما لم يلتفت ولو لحظه خلف المرأه التي دعسها وتابع طريقه وليس وكأن لها ادني قيمه ....أنه قتلها وهي مازالت علي قيد الحياه بينما يحيا هو حياته وكأنها لم تكن بها ....!
تلك الحياه التي عرفتها علي يده 
دون إرادتها خانتها عيناها وشردت في النظر الي عيناه....تلك العيون التي حملت سحر القي تعويذته عليها لتكون كالدميه بين يداه يفعل بها مايشاء ....جعلها امراه مدمنه له ولكل ما يفعله من ممارسات كان خبيرا في جعلها تعشقها وتعشقه وتمتثل لكل شيء اراده دون اعتراض أو حتي جدال تحت مسمي اكتساب قلبه وحبه أن كانت مطيعه ....! 
عقدت جبينها بقوة من تلك الاعترافات التي داهمت عقلها بعشقها له لتمد يدها تجاه جلدها تحكه مجددا وملامح الاشمئزاز ترتسم علي وجهها من نفسها فكيف مازالت تفكر به ...ذلك الحقير الذي لا يجب أن تفكر به ولو لحظه 
ذكري أخري لاحت في خيالها وداهمتها بقوة لتزداد ملامح الاشمئزاز علي وجهها 
flash back 
: عمر ....وضعت يدها فوق يده توقفه وهي تهمس من بين اسنانها 
نظر لها بتحذير أن تتوقف يداها عن أبعاده عنها ولكنها صممت علي الرفض ولكن اصبح همسها رجاء أن يتوقف عما يفعله والذي لا مكان ولا وقت له الان !
: ...عمر عشان خاطري بلاش 
وكعادته لا يقبل بالرفض ولا يتوقف إلا حينما يصل الي ما يريد ...ليلقي كل رفضها بعيدا ولا يريد شيء إلا رغبته بها ..... أغمضت عيونها باستسلام بينما اغمض هو عيناه غارقا في اقتناص متعته من تلك الفاتنة 
.....تطلع لها بعيون حملت نشوه فائقه وهو ينهي ما بدأه بقبله علي جانب شفتيها .... سحبت جسدها من بين ذراعيه وسبحت تجاه سلم القارب الذي تسلقته واسرعت تجذب المنشفه الكبيرة من فوق ظهر المقعد الطويل تحيط بها جسدها المرتجف وتركض الي تلك الغرفه الصغيرة المخصصه لهم وهي تشعر لأول مرة بالنفور منه .... !
لتقف أسفل المياه التي انهمرت فوق راسها كما انهمرت الأفكار بداخله جعلها تستعيد مشهد أخيه و زوجته يتبادلون الكلام والهمس والنظرات والذي مازال محفور في عقلها والذي جعلها تتساءل لأول مره أن كان عمر يحبها فعلا أم أنها تلك العلاقه الصاخبه فقط هي ما تجمعهم ....
انتبهت علي يداه تحيط بخصرها الذي ما زالت قطرات المياه عالقه به وكم أشعلت أثارته مجددا وهي بتلك الهيئه بينما لم يري في عيناها تلك المشاعر النافره وهو يتجرأ ويحيط جسدها بذراعيه .... نعم استجابت لذراعيه بينما كانت ماتزال مأخوذه بتفكيرها وهي ترفع عيناها 
وتنظر اليه وكأنها تراه لأول مرة ...ربما كانت لاول مره تفكر في علاقتهم وزواجهم لذا بدأت تراه بصورة مختلفه 
تحركت يداه علي جسدها بجرأه محببه ليجذبها اليه بخشونه وينهال محطم شفتيها بقبلاته قبل أن تنطق باعتراض استغربه منها ....فهي دوما محبه لقربه بل ومجرد لمسه منه تؤجج إثارتها فماذا تغير ؟! 
عادت من شرودها بملامح ارتسم عليها الالم عكس تلك الملامح البارده التي يتسم بها عمر وتميزها تلك الابتسامه التي تحمل لا مبالاه وهاهو علي الجانب الآخر جالس الي طاوله الطعام برفقه عائلته و البرود والا مبالاه تغلف ملامحه .
سحب عاصم نفس عميق ورفع عيناه تجاه عمر وهو يحاول التحلي بضبط النفس اللازم للتعامل مع ابنه .... هذا الرجل الذي بالرغم من تجاوزه السابعه والعشرون عاما إلا أنه مازال طفل في كل تصرفاته 
ليسأله أبيه بمغزي : انت واثق من قرارك  ؟!
هز عمر كتفه وغرس الشوكه بطبقه ورفعها الي فمه ناظرا الي زينه التي كانت تتابع كل حركه من ابنها لتقول وقد فهمت مغزي حديث عاصم : يعني يا عمر يا حبيبي بابا يقصد 
اشار لها عاصم أن تصمت قائلا بحزم : قصدي واضح يازينه ....التفت الي ابنه وتابع : انت واثق من القرار ده 
اوما عمر له وهو يتابع تناول طعامه بتلذذ قائلا : اه ...انت عندك مشكله اني اتجوز 
هز عاصم رأسه قائلا : اكيد لا.... بس عندي مشكله انك اولا تكون اخترت صح المره دي 
نظر سيف الي ملامح وجه أخيه بعد ما نطق به أبيه بينما لمح في كلماته عن ماحدث في الماضي من تلك الفتاه ليجد ملامح عمر مرتخيه وكأن أبيه لم يقل شيء ليتابع عاصم : وثاني حاجه يا عمر انك تكون واخد القرار عن اقتناع وعندك استعداد يكون ليك بيت واولاد مسؤول عنهم 
القي عمر تلك الدعابه البارده والتي لا محل لها وسط جديه حديث أبيه : وانت كنت كده ياعصوم لما جيت تتجوز القمر دي 
انتفخت وجنه عاصم بالحنق بينما مدت زينه يدها فوق يده ليهدا بينما نظر سيف الاخ الاكبر الي عمر بتحذير ليغمز له عمر قائلا ببرود : قولت ايه غلط ....انا بهزر ياسيفو
مسح فمه بالمنديل واعتدل واقفا وتابع : بس كالعاده قلبتوها نكد ....
نظر تجاه زوجه اخيه قائلا بنفس المرح ولكن بصوت خافت : جوزك هيبقي نكدي كده لما يكبر 
ابتسمت له تينا زوجه اخيه فهي من المؤيدين الخفيين لعمر بالمنزل فهي تراه شاب ذو شخصيه مختلفه ليس مصيبه متحركه كما يقول البعض عنه 
قام عمر لتقول زينه لسيف : قوم وراه معلش يا سيف 
اوما سيف وقام لتلتفت زينه الي عاصم قائله بعتاب 
: في ايه يا عاصم ؟ انت رجعت تتعامل معاه كده ليه ؟! 
هتف عاصم بحنق : انا اللي في ايه يا زينه ولا ابنك اللي مفيش فايده فيه 
لوي شفتيه وتابع متبرطما بسخط ( مستهتر وهيفضل طول عمره مستهتر )
كانت تلك الكلمات كلمات عمر الذي كان يرددها وهو واقف خارج غرفه السفره بالتزامن مع ترديد عاصم لها ليضحك ببرود لأخيه سيف قائلا : حفظت الاسطوانه.... مش بيجدد عاصم ده 
زجره سيف بحنق : هو انت متعرفش تتكلم جد ابدا 
هز عمر رأسه قائلا : ما انا بتكلم جد .... ابوك الاسطوانه دي بيسمعهالي طول عمري وبقولك حفظتها ايه اللي مش جد في اللي بقوله 
قال سيف بحنق : انك رجعت تاني لتصرفات العيال بعد ما كنت بدأت تعقل وتتغير  
قال عمر ببرود يخفي به اهتزاز نظراته من تلك الكلمات التي تأخذه لوعد ساذج قطعه علي نفسه وهو يركض خلف احلام واهيه : واتغير ليه انا كده كويس 
نظر له سيف بجديه : لا مش كويس ياعمر ....وانت عارف كده ...اقترب من أخيه وتابع بجديه : ياعمر احنا كلنا عاوزين مصلحتك 
عقد عمر حاجبيه ليلح سيف علي السؤال الذي لم يتوقف عنه طوال الأشهر الماضيه : ايه اللي حصل ورجعك تاني لعمر القديم 
اهتزت نظرات عمر للحظه ولكنه عاد يرتدي قناع البرود 
ضاحكا : خليني جديد وعالموضه 
نظر له سيف بحنق : عمر انا بتكلم جد 
: وانا كمان 
هز رأسه : لا مش بتتكلم جد .... ايه اللي حصل بينكم ؟! وهي فين دلوقتي ؟! 
تهرب عمر كعادته ليقول وهو ينظر إلي ساعته الانيقه : 
بقولك ايه انت اخرتني انا ماشي 
أوقفه أخيه : رايح فين ؟
قال وهو يهز كتفه ويتجه الي سيارته : عادي هسهر مع ايهم شويه 
: عمر 
التفت سيف الي أخيه واوقفه يسأله للمره المليون : طيب بلاش اعرف اللي حصل بينكم .... فهمني ازاي هتتجوز ...ليه فجاه قررت تعمل كده ؟
تغير نظراته أكدت ظنون أخيه التي مهما حاول عمر اخفاءها ببراعه إلا أنه متأكد أن هناك شيء حدث بينه وبين تلك الفتاه التي كانت نقطه فارقه في حياته وقد بدأ يتغير من أجلها والان عاد إلي ماكان عليه قبلها بل واسوء ....تحلي عمر بقناع البرود قائلا بلا مبالاه وهو يدير سيارته : هتجوز زي ما اي راجل بيتجوز ....غمز وتابع بشقاوة : هبقي اخد منك نصايح متقلقش 
نعم اضفي المرح علي كلماته التي ختم بها حديثه مع أخيه ولكن المرارة بنظراته لم تختفي بينما تأكدت ظنون أخيه الذي فقط بحاجه لأول طرف من الخيط وهو الوصول لتلك الفتاه التي وكأن الأرض انشقت وبلعتها ...! 
امسك سيف بهاتفه يتحدث مع أحد رجاله : وصلت لحاجه ؟
جاءه صوت الرجل باعتذار : مفيش جديد يا سيف بيه .....اختفت ومفيش ليها اثر. 
اغلق الهاتف وتلك الكلمه تتردد في أذنه كما حدث طوال تلك الأشهر التي حاول البحث عنها 
أنه لابد أن يعرف ما حدث بينها وبين أخيه .....لقد كان علي وشك أن يتغير ولكن هناك شيء حدث قبل سته اشهر جعله يتقهقر وليس فقط يعود خطوات للوراء بعد أن كاد يصبح انسان آخر جميعهم يتمنونه وهاهو يعود لنقطه الصفر .....ماذا حدث سؤال لا يتوقف عن التردد في أذنه ! 
........
ركب عمر سيارته الفارهة وانطلق بها لعل صوت أزيز محركها الممتزج بصوت الهواء المرتطم بسرعه السيارة   يغطي علي صوت أفكاره المتعالية ....اين ذهبت وماذا حدث لها .....ضغط المكابح بقوة كما ضغط مكابح عقله ...لن يسأل عنها ولايهتم الي اي جحيم ذهبت من الأساس ...لماذا يهتم ومنذ متي يهتم ؟! أنها لا شيء ... حشرة دعسها بقدمه وتابع طريقه .... أعاد تشغيل سيارته وأطلق العنان لسرعتها وهو يزيد من صوت تلك الأغاني الصاخبه التي تتعالي منها ....ليتابع طريقه وهو يؤكد لنفسه أنه لا يهتم ولن يفعل ابدا ....أنه فقط يفعل ما يريد وهو يريد تجاوز الماضي وهاهي فتاه اخري تلوح في الأفق .....فتاه لا تشبهها ولا تشبه غيرها ممن عرفهم ....هكذا اقنع نفسه أنه تلك المره احسن الاختيار 
بينما علي الجانب الآخر كانت هي تفكر بيأس وخزلان 
الم يسأل عما حدث لها ...؟! الم يهتم بالأساس ؟!
لتهز راسها وتمليء المرارة حلقها وهي تؤكد لنفسها أنه بالفعل لا يهتم ولن يفعل فلماذا تعذب نفسها 
و تحترق وقلبها يتمزق من أجل رجل لم يلتفت لها بعد أن دعسها .....
ليتها لم تقابله ابدا ...ليتها لم تفعل 
أغمضت عيناها وراحت في شرود طويل كما حال عمر الذي شرد الي قبل أعوام بينما مشاهد مختلفه من حياته تمر أمام عيناه ....نعم كان طفل مشاكس كثير المشاكل ليكبر وهو لا يستمع لشيء إلا هذا النقد وبخلاف اغلب الأطفال كان يتقبله بصدر رحب بل وكان دوما يتفاخر بكثرة المشاكل التي يسببها ولا يخفي اي مصيبه يفعلها بل يجاهر بها وهو متأكد أن كل ما سيحصل عليه في النهايه مجرد عقاب اعتاد أنواعه المختلفه فلم يعد هناك رهبه من عقاب ولا رغبه في ثواب .....!
فهو دوما السيء في أحاديث الجميع فليكن هو من يخبر تلك الأحاديث إذن 
Flash back ( مشاهد مختلفه عن حياه عمر لوصف نشأته ) 
كان في عامه التاسع عشر وقد التحق بكليه الشرطه بعد أن قرر عاصم أنه لن يصلح لأي دراسه سواها بينما وجد خليفته ابنه الأكبر سيف الذي يسير علي خطاه ودوما ما يتطلع له بفخر بأن ابنه الأكبر يسير علي خطاه ولا يدقق في الصورة بوضوح فيري أن نسخته مكرره في ابنه الأصغر الذي شابهه في شبابه وان كل ما يراه في ابنه سيف كان بعد أن هندم شخصيته وطباعه مع تقدم عمره  فسيف يسير علي خطي عاصم السيوفي الاب أما عمر فهو نسخه من عاصم السيوفي بطيشه القديم ... !
كعادتها كانت شهد الخادمه اول من تنقل الاخبار الي ابيه وأمه وهاهو صوتها يرن في اذن عمر ما أن رأته يعود للمنزل بتلك الحاله ...... : عاصم بيه.. الحق ياعاصم بيه..... الحق ياعاصم بيه
عقد حاجبيه مزمجرا : في ايه..؟ 
قالت الخادمه : عمر بيه جاي سايح في دمه
انتفض عاصم من وقفته وأسرع للخارج ليهتف بصوت جهوري وهو يقتحم غرفه ابنه : اتخانقت تااااااني....! 
( تااااني بالتأكيد يقصد بها عاصم أنها الثانيه بعد المليون ربما فلا أحد أصبح يعد مشاكله ...هكذا كان عمر يحدث نفسه بسخريه ولا مبالاه بينما يهمس لنفسه ببرود عدد الخطوات التي ستسبق دخول أبيه الي غرفته بعاصفه توبيخ ...خطوة اثنان ....عشرة وبالفعل كان الباب ينفتح ويدخل منه عاصم بعيون تطلق الشرر ليقف أمامه عمر بوجه بارد كعادته بينما مايحدث ليس أكثر من سيناريو يتكرر كل بضعه أيام ) 
وعلي الجانب الآخر كانت زينه تحدث نفسها بجزع فهاهو ابنها الأصغر عمر لابد وانه تورط بمشاجرة اخري...بل أخري واخري ! 
أنه يشبه طبع اباه كثيرا مندفع ويداه تسبق عقله وتفكيره .. لايمر يوم بدون مشكله..... لتتهكم ملامحها وهي تري عاصم به يوما بعد يوم ولكن عاصم هو من لايريد هذا لتستغرب ...كيف لايري بوضوح انعكاس طبعه في ابنه .
هتف عاصم باحتدام بينما كان عمر ذلك الشاب فارع الطول ذو العضلات واقف يضمد جروح قبضه يده ; تاني خناقه
قال عمر بهدوء : مفيش حاجة يابابا اطمن 
صرخ عاصم بانفعال من أفعال ابنه الذي لا يتحدث قدر ما يستخدم ذراعه : مفيش حاجة اييييه..... كل يوم خناقه
قال عمر بلا مبالاه : محصلش حاجة خناقه عاديه.... عيل كسر عليا وكمان بيبجح هسكت له 
يعرف ابنه بطيشه وسابقيه يده لعقله وتفكيره 
ليهتف بتهكم : وطبعا روحت القسم
زفر عمر قائلا : لا الناس خلصوه من ايدي
ضيق عاصم عيناه بغضب مزمجرا : واخرتها...؟! 
قال عمر بعدم اكتراث : آخره ايه.... ؟! 
: عمايلك وطيشك... ايييه هستني يوم لما تموت واحد في ايدك 
التقت نظرات عمر بأبيه الذي احتدت نبرته وهو يتابع : انت عارف لو كنت روحت القسم كان ايه اللي هيحصل 
نظر عمر لأبيه بنفس النظرات البارده ليزجره عاصم بحنق : هتترفد من كليه الشرطه اللي انت عارف كويس انت دخلتها ليه 
اوما عمر ببرود لا يطاق ممازحا : عشان أنا ابن عاصم السيوفي ...معروفه يا باشا متقلقش ...
نظر إلي أبيه وتابع بمغزي : انا عارف امكانياتي كويس وعارف أنه لولاك ولولا اسمك انا كنت هبقي ولا حاجه ....تجرأ ووضع يداه فوق كتف أبيه لتلطيف الاجواء مشاكسا : خلاص بقي يا عاصم باشا المحاضره طولت المره دي وانا والله حافظها ...اطمن بقي كل حاجه تمام وخناقه وعدت 
احتقنت نظرات عاصم بالغضب ليكور قبضته بينما بالفعل عجز عن التعامل مع هذا الابن الذي كان وكما يخبر نفسه أنه سيكبر وينضج ولكنه لا يفعل ....
ليبعد يد ابنه عنه بغضب قائلا بحزم : هات مفاتيح عربيتك 
نظر له عمر بعدم فهم ليصيح عاصم بغضب : سمعت انا قولت اييييه.... هات المفاتيح 
مد عمر يداه الي جيبه ليخرج مفتاح سيارته لتسبقه يد عاصم بغضب ويخرج محفظته ويسحب منها كافه الكروت البنكيه لينظر له عمر باستهجان ; انت بتعمل ايه يابابا ؟
هتف عاصم بسخط : بربيك..... من النهارده خروجك ودخولك معايا من الشركه للبيت وبس لغايه ما ترجع كليتك بعد الإجازة ....و مفيش خروج مع شويه الصيع اللي بتخرج معاهم الا لما تتربي وتعرف انك بقيت راجل مش لسه عيل فرحان بعضلاته
تجمعت نظرات الرفض بعيون عمر ولكنه لم ينطق بشئ فهاهو عاصم السيوفي الذي يخشاه لذا الصمت افضل..... سحب عاصم نفس مطولا وهو يضم قبضته ليهتف مزمجرا بتحذير ; ده اخر تحذير ليك.... فاهم
خرج وصفق الباب خلفه بعنف ليهتف عمر ساخرا من تصرف أبيه : فاكرني عيل وهيحرمني من المصروف ...!
وبالتأكيد لم يكن تصرف أمثل من عاصم بل مجرد هيمنه ليخبر ابنه بحدوده مع أنه يدرك جيدا أن ما فعله لن يؤثر به شيء .
أنه بارد ....نعم ربما هذا هو الوصف الأدق الذي يصفه به عاصم منذ صغره فهو بارد لا مبالي بشيء ...التوبيخ العقاب لا يؤثر به بينما هو بنفسه يقر بأنه اخطأ ولا يهتم للعواقب فمنذ أن كان صغيرا كان عكس أخيه الأكبر الذي كان الجميع يشيد به في أخلاقه وتعذيبه ومستواه الدراسي عكس عمر الذي كان مشاكس ولا يهتم لدراسته ومهما حاولت زينه كان يقف خلف أبيه الذي يقول ( خلاص يا زينه متتعبيش نفسك معاه ...هو قدراته كده ) وكبر وكبرت لامبالاته وقد اعتاد أن يرمم أباه خلفه كل خطأ ....اينعم يكون هذا مع التوبيخ حسنا لا يهم .
لم يؤثر عليه عقاب ولا ثواب بالرغم من أنه قلما كان يكون له ثواب أو مكافاه فهو دوما السيء في جميع الروايات وكم أصبح يتغني بهذا ...! 
ربما المؤثر عليه هو والدته زينه التي يحبها كثيرا ولو تراجع عن شيء فيكون من أجل خاطرها 
وبالطبع أخيه الأكبر سيف الذي دوما ما يحاول نصحه والحديث معه وبالرغم من اختلاف شخصياتهم إلا أنهم متقاربين بينما يرمم سيف هو الآخر أفعال أخيه الأصغر ولكن ترميمه يكون مختلف فهو الوحيد الذي يتحدث معه ويعرف سبب لما فعل ومعه يحاول التحليل والوصول وبكل الاحوال أيضا عمر لا يهتم أو لنقول أنه يقنع نفسه بهذا أمام سيف ولكن بداخله يحب يثه مع أخيه الذي يعيده الي رشده في كثير من الأحوال .....انتهت محاضره عاصم لابنه الذي لم يهتم لعواقبه ولكنه اهتم أن تصيب تلك العواقب والدته الحبيبه حينما عرف بشجارها مع أبيه لتبدأ كتله الجليد بداخله في التحرك ....
نظر سيف لاخيه الأصغر عمر بينما يقطع البهو ذهابا وايابا : ماتقعد بقي ياعمر رايح جاي قدامي كده ليه 
زفر عمر قائلا : خليك في حالك يا سيف وسيبني
نظر له سيف هاتفا بمرح : في ايه ياعم.... كلها يوم ولا اتنين وعاصم بيه هيفكها ويرجعلك العربيه والفلوس 
زفر عمر قائلا ; وانت فاكر اني زعلان علي العربيه 
; امال.. ؟
هتف عمر بحنق قلما يبديه أمام أحد: انت بارد يااخي و مش واخد بالك 
نظر له أخيه باستفهام ليقول عمر ... ماما فين... ؟
هز سيف راسه : معرفش تلاقيها خرجت 
هتف عمر بغيظ : لا يابارد.... واضح انها اتخانقت مع بابا 
عقد سيف حاجبيه : اتخانقوا..... ؟
: اه ومش بس كدة دي سابت البيت.. سمعته بيكلمها وبيقولها ارجعي 
تنهد سيف واعتدل واقفا : طيب اتصل بيها نشوف هي فين..؟ 
قبل ان يمسك عمر هاتفه كانت سيارة عاصم تدخل الفناء وزينه تترجل منها... اسرع سيف وعمر..: ماما انتي كويسه.. ؟
تظاهرت زينه بابتسامه لأولادها قائلة : تمام انتوا ايه اللي موقفكوا كده..؟ 
قال سيف بهدوء : ابدا بس قلقنا عليكي
نظر عاصم بطرف عيناه الي زينه التي عذبته بصمتها ليقول عمر : دي شهد قالت إن جوري كانت هنا ياماما
اومأ عاصم قائلا باقتضاب: اه جت سلمت علينا ورجعت بيتها.... يلا اطلعوا انتوا وسيبوا ماما ترتاح 
صعدت زينه الي الغرفه ليلحق بها عاصم .....تنهد عمر بارتياح وعاد لجلسته ليتعالي صوته المرح بالاجواء : شهد ...شهد
ركضت تلك الفتاه التي لم تتجاوز الخامسه عشر بابتسامه ؛ نعم 
غمز لها عمر بشقاوة : عاملين غدا ايه ؟
قالت الفتاه وهي ترفع أناملها تعد له أصناف الطعام : وماما خلصت كل حاجه ..... تحب اجهزلك
اوما عمر قائلا بشقاوة : احب اوي من ايدك يا جميل 
ركضت الفتاه الي المطبخ لتخبر والدتها بتجهيز الطعام ليأتي سيف ويجلس بجوار أخيه يوكزه بكتفه : انت مش هتبطل تعاكسها 
ضحك عمر بصخب : اعاكس مين ....دي الواد شهد اللي متربيه قدامنا 
اوما سيف قائلا بجديه : ولو برضه ....هي كبرت دلوقتي وفي سن المراهقه يعني ممكن تاخد كلامك وهزارك أنه جد ....احترم نفسك 
عاد عمر ليضحك من جديد ويشاكس أخيه : اه منك يا واد يا جد انت ....داعب ياقه قميص أخيه قائلا : المهم بقي اخبار الجد ايه مع تينا 
التفت سيف الي أخيه بحماس قائلا : كويس اوي .... انا هكلم بابا عشان اخطبها 
اتسعت عيون عمر : تخطب مره واحده ....لا اعقل كده هو مش من اول بنت تعرفها تجري تخطبها ....انت صاحب عشرة عشرين بنت لغايه ما تستقر
عقد سيف حاجبيه : عشرين ....ايه هما ايه اللي عشرين 
تنهد عمر بحركه مسرحيه وهو يقول : فاكهه وانت لازم تدوق كل الانواع عشان تحتار الصنف اللي يعجبك 
لوي سيف شفتيه : لا ياراجل ....كده هيجيلك السكر ومش هتعرف تأكل اي نوع 
ضحك عمر بصخب علي تشبيه أخيه الجاد ليوكزه : ياساتر يارب ...انا غلطان يلا أجري اخطبها بس متبقاش ترجع تندم انك معشتش حياتك قبل كلابشات الجواز 
قال سيف بجديه : هعيش كل حاجه معاها لاول مره 
نظر عمر الي صدق نبره أخيه باستغراب بينما لا يعد تلك الاحاسيس التي عاشها مع الفتاه تلو الأخري ولكن مهلا سيكون ظالما أن قال احاسيس فهو لا يشعر بشيء ...أو ربما يشعر ...حسنا لا يهتم وكعادته تكون تلك اخر كلمه ينهي بها أي نقاش بينه وبين نفسه ( لا يهم ) ...!

دوما ما يكون لكل فعل رد فعل ولكن احيانا نري فقط رد الفعل وكأنه الفعل ....وربما كانت تلك أحد اعذار عمر التي لم يفكر يوم في تقديمها لأحد فهو لا يبرر ولا يعتذر ولا يفسر راضيا دوما أن يكون السيء كما حدث بتلك المره 
التي لو أخبر أحد بسبب فعلته لكان بكل يتغنون به ولكنه خرج منها وهو ملام كعادته 
فهاهو مشهد آخر كان قد تخرج من كليته وهاهي تلك الصغيرة شهد قد أصبحت شابه ولكنها مازالت كما هي في عيناه ....اخت صغري نشأت بينهم وقد اعتاد مشاكستها ولكن منذ بضعة أيام وهو يري صمتها ووجومها ونظرات الحزن بعيونها .....ليتجه إليها ليعرف السبب
اشار عمر لشهد التي كانت واقفه بأحد الزوايا بنفس الملامح الحزينه 
: خدي هنا يا بت ياشهد 
قالت وهي تخفض عيونها : نعم يا عمر بيه 
رفع حاجبه فلم يعتاد منها علي هذا الصمت : مالك يا بت 
هزت كتفها وهي تخفي عيونها : ابدا 
ضربها علي مؤخره راسها بخفه : ابدا ايه..... مالك قالبه وشك ليه...؟
تفاجيء بالدموع تغشي عيونها وهي تحاول التهرب من أمامه : مفيش حاجه 
اسرع عمر خلفها ليحاول إيقافها : استني هنا 
قالت شهد برجاء بينما انسابت الدموع من عيونها : سيبني يا بيه ابوس ايدك خليني اخلص اللي ورايا بدل ما امي تبهدلني 
رفع حاجبه قائلا بهيمنه : محدش يقدر يدوس ليكي علي طرف وانا موجود ....يلا يا شهد قولي مالك 
قالت شهد وهي تحاول التهرب : والنبي ياعمر بينه بطل هزار وسيبني اشوف اللي ورايا 
بجبين مقطب ونبره أمره أوقفها : وانا بهزر في ايه يا بت ....انطقي مالك ؟
ترددت في أخباره ولكن امام إصراره نظرت إليه وكأنه طوق النجاه وبدأت تخبره بكل شيء ......
عقد حاجبيه : صور ايه دي ؟
قالت بخجل : صوري 
نظر إليها بصبر نافذ بينما بدأت الدماء الحارة تتدفق بعروقه : صور ايه يعني ؟
قالت بخجل فطري وخوف من أن تتغير نظره عمر لها : صوري وانا بشعري وفي البيت ....صور بحب اتصورها 
ازداد بكاءها وهي تتابع : امي كانت علي طول تزعق ليا وانا اقولها دي صوري علي تليفوني ومحدش بيشوفها ومسحتها كلها ...نظرت إليه وتابعت : والله مستحها كلها وانا ببيع التليفون ....معرفش أنه يعرف يرجعها 
واهو من وقتها بيهددني .....انا خايفه اوي 
ازدادت شهقاتها وهي تتابع : كل ما امشي في الشارع يشاور ليا علي التليفون عشان اخاف وانفذ اللي هو عاوزه ... بيقولي تعالي نتكلم في البيت ونتفق 
انسابت دموعها علي وجنتيها وبدأ جسدها يرتجف بخوف بينما تنظر إليه بعيونها البريئه وهي تتابع : ده واد صايع اوي ..... انا استحاله اعمل كده ....اصلا ازاي اكلم واحد زي ده .....انا خايفه اوي ...امي لو عرفت هتموت فيها واخواتي هيتفضحوا ....انا معملتش حاجه 
تنهد عمر ونظر اليها لحظه قبل أن ترتسم ابتسامه علي شفتيه لتتفاجيء شهد به يضربها علي مؤخره راسها بخفه كما اعتاد : عارف يا بت انك معملتيش حاجه وانتي هتحلفي ليا ...
نظرت له بعدم فهم وهي تجفف دموعها : يعني مصدقني 
لوي عمر شفتيه قائلا باستخفاف : جرا ايه يا بت ده انا مربيكي .... وبعدين صور ايه اللي خايفه منها ده انتي ارجل مني 
افلتت ابتسامه من شفتيها لترتسم علي وجهها البريء الذي اكتسي بدموعها  : بطل هزار بقي ياعمر بيه 
نظر لها رافعا حاجبه : بيه ايه ....انتي بطلي كأبه مش واخد عليكي كده 
قالت بقهر : اعمل ايه طيب ما اهو انا خايفه ....قاطعها عمر قائلا : ماهو انتي تروحي تعملي ليا حاجه اكلها وتنسي الموضوع ده وانا هتصرف 
نظرت له بعدم استيعاب : هتتصرف هتعمل ايه 
نظر لها عمر بحزم : هو انا مش قولت هتصرف  ...انتي مالك 
نظرت له شهد لتري في عيناه تلك النظره التي لا تقبل الجدل فهاهي صفه أخري من صفات عمر التي تناقض مرح شخصيته فهو حازم للغايه في أي قرار يأخذه وينفذه حتي لو كان خطأ فهو عنيد ! 
ظلت شهد واقفه أمامه ليتطلع لها بطرف عيناه وهو يعبث بهاتفه : واقفه كده ليه ؟!
قالت بخفوت : طيب هعملك اكل حلو اوي بس طمني 
قال عمر بهدوءون أن ينظر إليها ومازالت عيناه تتطلع الي هاتفه : عمري قولتلك حاجه ومعملتهاش 
هزت شهد رأسها :  بصراحه لا انا بحس انك اخويا 
اوما عمر : وانا فعلا كده ...يلا جهزي الاكل وهاتيه علي اوضتي 
هزت شهد رأسها والتفتت تجاه المطبخ لتقول سريعا : هخلي امي تطلعه عشان انت عارف أوامر مدام زينه 
ضحك عمر باستخفاف واتجه الي غرفته التي تمنع زينه الفتاه من الاقتراب منها فقط والدتها هي من تفعلها وذلك خوفا من طيش ابنها ... 
من خلال زجاج واجهه هذا المحل بتلك المنطقه الشعبيه كانت تلك العيون ترمق سياره عمر الفارهه التي توقفت أمامه بعيون متطلعه عن سبب وجود سيارة مثلها بهذا الحي .....تفاجيء الشاب بدخول عمر الي المحل وهو يدير عيناه في أرجاءه بينما قال الشاب بترحيب : اهلا ...اهلا ...اتفضل يا باشا اأمر ....
امرك يا باشا 
اشار عمر إليه وهو يدور بعينها في أرجاء المحل الصغير : لا خلص مع زبونك الاول 
قال اشارب وهو يضع الهاتف الذي بيده علي الطاوله الزجاجيه بعدم اكتراث : لا زبون ايه اتفضل 
نظرت له الفتاه التي ترك هاتفها علي المنضده لتأخذه باستنكار قائله  : ايه يا حلمي انت مش هتصلح التليفون 
أخذ الهاتف من يد المراه قائلا بعدم اهتمام : سيبيه دلوقتي يا سناء وابقي عدي عليا بليل اكون خلصته 
نظرت له الفتاه بحنق ليزجرها بنظراته قائلا : قولت خلاص بقي 
استند عمر الي المنضده الزجاجيه بينما قال له حلمي بتطلع الي زبون مثله :  اأمر ياباشا ....اكيد ليك طلب معين 
اوما عمر قائلا : تعجبني 
امسك عمر هاتفه وقلبه بيده وعيناه تتطلع بمكر تجاه حلمي الذي يعرف ثمن هاتف كهذا يتعدي المائه الف جنيها قبل أن يقول : الا قولي لو صور اتمسحت من علي التليفون تعرف تجيبها ليا 
قال حلمي سريعا :  اه طبعا اجيبها امال ايه .
حك ذقنه وتابع بخبث : بس هتكلفك شويه 
ارتسمت ابتسامه ملتويه علي شفاه عمر ظنها حلمي تأكيد منه ليتفاجيء به يميل ناحيته ويهمس : طيب بقي وبتعمل ايه بالصور دي   ...... عقد حلمي حاجبيه بينما تابع عمر بنبره غاضبه اشتعلت فورا وتحول إليها بعد هدوء كلماته الهامسه :  بتهدد بنات الناس 
تغيرت ملامح الرجل : انت قصدك ايه .....لم يمهله عمر فرصه للتساؤل وسرعان ما باغته وهو يجذبه من ياقه قميصه بقوة تجاهه بينما ظل النضد الزجاجي يحول بينهما بينما يقول عمر بوعيد : قصدي اللي فهمته ....مالك بالبت شهد 
: دي...دي  بت شمال ...لم يكمل جملته ليجد ذراع عمر القويه تجذبه من تلاتبيبه من فوق النضد الزجاجي ومجرد دقائق وكانت اصوات تحطم الزجاج تتعالي ممتزجه بصوت تأوهات الشاب الذي لم يكمل كلمته وكانت لكمه قويه تخرس شفتيه التي ارتطمت بأسنانه 
لكمه وركله وكعادته عمر يحطم ولا يبالي ....!
وقع الشاب أرضا متألما بينما دماءه انسابت من أنفه وشفتيه ليتراجع بذعر وجسد متألم ما أن مال عمر ناحيته ليهمس تجاه أذنه : لو قربت ناحيتها تاني مش هتلحق تندم 
انحني أكثر ومد يداه ليجذب هاتف الشاب ويخرجه من جيبه قائلا ببرود ....ده يلزمني ......اكيد عليه بلاوي !
( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
التفتت زينه تجاه شهد التي اتجهت إليها بملامح وجه متوترة بينما كانت جالسه برفقه عاصم  :  في ايه يا منيرة 
قالت شهد بتوتر  : ابدا....ده واحد برا مصمم يقابل عاصم بيه  
التفت عاصم إليها وعقد حاجبيه باستفهام : واحد مين ؟ .
قالت شهد بكذب وهي تفرك يدها بينما كان حلمي بالخارج هو من يطلب مقابله عاصم وهي لم تستطيع منعه بل ركضت تحتمي بمن تعمل لديهم من هذا الشاب الفاسد الذي كان يهددها 
: معرفش مش راضي يقول حاجه بس بيقول الموضوع مهم يخص عمر بيه 
عقد عاصم حاجبيه بقوة وهو يستمع إلي هذا الشاب غريب الشكل والهيئه ليتابع : يا بيه انا كنت اقدر اعمل محضر وكاميرة المحل مصورة البيه ابنك وهو نازل فيا ضرب وسرق تليفوني 
التهبت النيران بعيون عاصم ليهب واقفا من مكانه مزمجرا بحنق : اخرس ....ابني مين اللي يسرق منك ياجربوع انت هتنسي نفسك ولا ايه ده انا ادفنك مكانك 
اوما حلمي قائلا : معلوم يا بيه عارف اني جربوع وان سيادتك بتلمع اوي انت مش هتحب حاجه زي دي تيجي علي سمعتك اللي بتلمع وعشان كده جيت ....
نظر له عاصم بغضب  : جيت عاوز ايه ؟
هز الرجل كتفه قائلا :  اللي تشوفه ياباشا ....كلك نظر 
وكالعادة عاصم ينظف الفوضي التي يخلفها ابنه 
لينادي أحد رجاله قائلا : خده يا شافعي وشوف طلباته وعينك عليه 
مال عاصم ناحيه الشاب بتهديد واضح قائلا له قبل أن يغادر  : لو فكرت بس تنطق اسم ابني مش هتلحق تكمله 
قال الشاب بتأكيد : عيب يا باشا انا كل اللي يهمني قرشين اصلح بيهم المحل 
....دخلت زينه إلي عاصم بينما جلس مستندا الي مقعده الجلدي بصمت بعد ذهاب الشاب ولكن خلف صمته غليان من تصرفات ابنه الطائشه ...سألته زينه بقلق : عاصم مين الراجل ده وكان بيعمل ايه هنا ؟
قال عاصم وهو يفرك جبينه : مش مهم يا زينه 
رفعت حاجبها باستنكار : هو ايه اللي مش مهم..... ده قال حاجه تخص عمر 
زفر عاصم هاتفا بسخط : وهو ايه عدل يخص عمر .....قام من مقعده وتابع باقتضاب : خلاص يا زينه مش عاوز اتكلم في حاجه ولا اسمع اسمه دلوقتي 
أوقفته زينه بإصرار : لا هتتكلم طالما حاجه تخص ابني 
نظر لها ساخرا بحنق : عاوزة تعرفي ايه ....ايه جديد تعرفيه غير أنه عامل مصيبه من مصايبه اللي مش بتخلص ....!
وقف سيف يتطلع الي أخيه الذي جاء بعد أن اتصلت به شهد وأخبرته بمجيء الشاب و كعادته وقف يستمع لصوت عاصم وتحذير وتهديده ووعيده بوجه بارد قادرا علي استفزاز الحجر وليس أبيه فقط الذي كاد يصاب بنوبة قلبيه من فرط غضبه وغادر الغرفه ليزجره سيف : ايه ياأخي انت بارد كده ليه .....قوله عملت كده ليه ؟ 
ببرود قال لأخيه : وهو كان سألني ؟
نعم ربما كانت تلك هي النقطه التي طالما فوتها عاصم ....وهي سبب أفعال ابنه التي لم يسأل عنها قط ...فقط ينظف فوضاه دون سؤال عن سببها 
تهكم عمر بينه وبين نفسه وهو يغادر : اشرح وابرر ليه ....هو اصلا كان سأل 
بالفعل لم يسأل ابيه وقد اعتاد .....
وعمر لا يبرر وايضا قد اعتاد أنه بالنسبه لأبيه فوضي تمشي علي الأرض 
ولكن قبل أن نلقي اللوم علي أحدهم فلننظر من وجهه نظر كل منهم ....
منذالصعر اعتاد مشاكسه ابنه الذي تطور الي حد العنف وهو دوما ما يجده يقبل التوبيخ بلا تبرير فيكون مستفز بالنسبه لأبيه بسبب عجزه عن فهمه 
وكذلك عجزت زينه بعد مرحله ما عن فهم ابنها مهما اقتربت منه فهي تري بداخله شاب بقلب طيب هو فقط كان طفل مشاكس وهي اعتادت أن تبرر له بعد أن تسأله عن سبب تصرفاته التي توقف عن تبريرها بعد مرحله ما من عدم فهم من حوله لتبريراته ليتوقف عن تقديمها 
جلست زينه بكمد مكانها تتطلع الي عاصم بصمت بينما لاحت بخيالها تلك الذكري قبل سنوات والتي تفجرت بهت أفعال ابنها بينما تعالي صوت عاصم الجهوري : اييييه انتي بتقولي ايه وبتبرري ايه 
بكت زينه بينما هذا المشهد الذي حدث قبل ساعه لا يفارق خيالها 
لتقول بصوت مرتجف وهي تحاول استيعاب فعله ابنها الشاب الذي لم يكد يبلغ السابعه عشر. آنذاك  : ياعاصم عمر اكيد ميقصدش يأذيها 
التفت لها عاصم بحنق مزمجرا : امال لو قاصد يا هانم ....انتي بتتكلمي وكأنك مكنتيش معانا وشوفتي اللي حصل 
بكت زينه وهي تتذكر منظر الخادمه الواقعه اسفل الدرج والغارقه في دماءها وصوت منيرة المرتجف تجيب حينما سألوها عما حدث : عمر بيه زقها من علي السلم 
لم تصدق زينه أن تصل تصرفات ابنها العنيفة الي هذا الحد ....نعم تشاجر مع أبيه قبل قليل وكان للتو قد اخذ جرعه مضاغه من التوبيخ من ابيه بعد أحدي المشاجرات لسبب ما لا تدركه وكالعاده عاصم ضغط علي وريده وهو يمنعه من الخروج بل ويحطم هاتفه وحاسوبه المحمول وكانت النتيجه خروج عمر لايري أمامه من الغضب وصادف أمامه الخادمه ليدفعها من أمامه بلا تفكير فتسقط غارقه في دماءها  
استجاب الله لدعاءها كما استجابت الخادمه لرجاءها ولم تشتكي عمر وقالت بمحضر الشرطه أنها سقطت من فوق الدرج لتمر شهور وهي تتعالج كما اوصي عاصم في اكبر المستشفيات وكان الجميع مهتم بهذا الحدث الا عمر 
فلم يقل شيء ولم يبرر ولم يعتذر .....حتي لم يقل أن شجاره مع ابيه هو من دفعه لهذا الغضب ويعتذر عنه 
وما فاجيء زينه أنه لم يشفق علي الخادمه أو يتأثر بل كان أمام الجميع مجرد لوح من الثلج شهور وعاصم يجافيه بعد تلك الوقعه وزينه تحاول تقريب المسافات وسيف لا ييأس ولكن صمت عمر لا يساعدهم فهو 
لا يقر بذنبه وحتي لا يبرره أو يعتذر عنه 
نظرت زينه إلي ابنها بعتاب عاتبته لنفسها قبل ابنها الذي دوما ما أنبت نفسها انها قصرت في شيء ما معه ولكنها لم تجد هذا الشيء فهي تحدثه وتتقرب منه ولكن ربما لا تدرك أنه بحاجه الي ابيه أكثر منها 
بحاجه لأن يكون عاصم هو الذي يلعب الدور الذي يقوم به سيف معه ....بالرغم من كل الجفاء والخلاف بينهم إلا أن عمر بداخله ليس أكثر من طفل منذ صغره يحاول لفت نظر أبيه إليه بتصرفاته المشاكسه ليجد دوما التوبيخ حتي أصبح يتمادي دون أن يدرك أنه فقط يريد أن يقول لأبيه انا موجود وانا فقط لي شخصيه مختلفه ...ربما ليست بقدر توقعاتك ولكني هنا 
اقتربت منه وقالت برفق  : ياعمر يا حبيبي انت غلطت واللي يغلط مش عيب لما يعتذر مابالك بأنك عملت كده في أنسان ..... اللي وقعتها دي ناديه .... انسانه من غير ذنب انت اتتسبب في اذي ليها 
داعب الشعور بالخجل قلب عمر بينما لم يقصد قط ايقاع الاذي بالمراه ولكن قبل أن يفتح فمه ردا علي كلمات والدته التي تدفعه لهذا الاحساس الغريب لم يكد يتحرك حتي انخرس بداخله بينما كان عاصم بشفاه ساخره من خلفهم يقول لزينه بتوبيخ :  الكلام ده تقوليه لواحد بيحس مش انسان زيه عديم الاحساس والمسؤليه 
التفتت زينه له توقفه عن تقريع ابنه : عاصم 
اشار لها عاصم بحنق : اسكتي انتي خالص.... بتتكلمي مع مين وتتعبي نفسك ليه .... وهو بيحس ولا حتي ندمان 
اشار عمر ببرود الي والدته مصدقا علي كلمات أبيه : اهو شوفتي بقي انك تعبتي نفسك علي الفاضي....نظر إلي عاصم بطرف عيناه وتابع بسخريه مبطنه :  اسمعي كلامه يا مامي  
احتقن وجه عاصم من سخريه ابنه ليردها ساخرا من بين أسنانه :  اسم الله عليك يا حبيب مامي.... ده اخرك تعمل  راجل اوي علي الشغاله وتزقها وتعمل ليا مصيبه 
اوما عمر وهو يتحلي ببرود جليدي : مفيش مصائب ولا حاجه .....عاصم باشا السيوفي اكيد هيحل اي مصيبه 
التفت الي والدته ذات الوجه الشاحب من الوقوف بين ابنها وزوجها طوال الوقت وكأنهما أعداء ليتابع عمر سخريته المبطنه : اطمني..... عاصم بيه السيوفب هيحلها طبعا زي ما بيعمل دايما.....
هيراضيها بقرشين وانتي وشطارتك قوليله الكلام بتاع انسانه واذيتها وكده عشان يطلع ليها مبلغ محترم 
خرج عمر من الغرفه ليتبعه صوت تحطم قوي بينما اهتاج عاصم مزمجرا : شايفه بروده وقله أدبه ....
حاولت زينه تهدئه غضبه : عاصم اهدي 
ابعد عاصم يدها عنه بجفاء صارخا : اهدي ايه ساهانم انتي مش شايفه كلامه 
أومات زينه وغص حلقها وهي تقول : شايفه وشايفه  كمان طريقتك معاه اللي طول عمري بقولك غيرها .....لانت نبرتها وهي تتابع برجاء : ياعاصم عمر شاب وطبيعي في سنه يكون مستهتر شويه 
دورنا نوجهه مش دايما نوبخه 
تهكم عاصم منها بغضب : عاوزاني اسقف له 
هزت راسها قائله بعقلانيه : لا عاوزاك تتكلم معاه ولو غلطان فهمه غلطه ....اديله فرصه يعبر عن نفسه 
قال عاصم بحنق : أفهمه ايه هو نافع في حاجه اصلا طول عمره مستهتر وهيفضل كده 
نظرت له زينه بعتاب :  وانت كنت ايه في سنه 
تهكم عاصم ونظر لها بعتاب مماثل ليقول الحقيقه التي دوما توبخه به من أسفل كلماتها : اه يا زينه لما كنت في سنه كنت طايش و كنت سكري وبتاع نسوان مش ده اللي عاوزة تقوليه 
واجهتها نظراته ليتابع : بس اكملك انا بقي 
كنت كده وايه كمان .... كنت ناجح في شغلي وكان عندي حلم ومش حلم واحد لا احلام حققتها وبحققها ... كنت ماسك شغل ابويا مش زيه مش بعمل الا المصايب لابويا  كنت بعمل مصيبه واتحمل نتيجتها واصلحها
ارتجفت كلمات زينه وهي تواجهه نفسها بكلام عاصم الذي كان محق به : بس انت مش بتديله فرصه 
نظر لها عاصم ساخرا : انتي بتضحكي علي نفسك بالكلام ده .....ابنك لو عاوز يبقي بني ادم كان هيبقي بيا أو من غيري 
تنهد وجلس واضعا رأسه بين يداه بيأس قائلا :  انا خلاص مبقاش فارق معايا أصلح منه هعتبر نفسي مخلفتش الا سيف وجوري .....عمر ده هعتبره مصيبه حلت فوق راسي وتخليص عمايلي في الدنيا 
كور سيف قبضته واختلج قلبه طعنه من كلمات ابيه التي استمع اليها بينما اسرع قبل لحظات من غرفته علي صوت الحطام ليوقف أخيه ويحاول التحدث معه بينما يتعالي نقاش زينه وعاصم ليستمعوا الي تلك الكلمات وهو يأخذ اخيه ليعتذر من أبيه ليتعالي صوت عاصم بأخر تلك الكلمات التي تقبلها عمر بوجه بارد لم يعكس نزيف قلبه بينما ادمته تلك الكلمات ليقول لأخيه ببرود : عنده حق ....اجي فيك ايه انا ....انا ولا حاجه 
متتعبش نفسك معايا واعتبرني مش موجود زي ما قال ابوك بالضبط 
وكم كان شرخ هائل في علاقه عمر بأبيه وقد مرت السنوات بعدها وتخرج من كليه الشرطه نعم كبر سنه ولكنه لم ينضج مازال نفس الرجل المتخفي بتصرفات طفل ......ولكن بعد تلك الواقعه هدأت حده عنفه أو ربما لم يحدث ما يستفز عنفه الكامن اسفل بروده 
و زينه قد اخذت وعد من عاصم أن يغير معاملته معه وعاصم حاول طوال تلك السنوات أن يتقبل اختلاف ابنه بعد ندمه علي نطق تلك الكلمات التي أخبره سيف بأن عمر استمع لها ولكنه كان بالضبط كأبنه لايعتذر ولا يبرر فلم يخبر عمر يوما ما أن تلك الكلمات كانت مجرد كلمات لاتخبره عن حقيقه حبه الجارف الي ابنه الصغير ولكن بكل الأحوال مرت السنوات 
لم تكن فيها دوما حياه عمر علي نهج واحد فكل يوم به جديد وهاهو يلهو ويمرح في حياته كما اعتاد بجانب عمله كضابط الذي في الواقع لا يهتم له كثيرا .....
تصبب العرق فوق عضلات عمر الذي كان يرفع ذراعيه القويه بتلك الاحمال المرة تلو الأخري قبل أن يضعها من يده ويجذب منشفه يجفف بها عرقه وهو يتجه الي ذلك الرجل الأربعيني ذو تلك الملامح الجاده الممزوجه بوسامه فريده بعيناه ذات النظرات الحاده وأنفه المستقيم وخصلات شعره الفاحمه والتي خطت بنهايتها بضع شعيرات بيضاء علي استحياء زادت من وسامته ليتوقف عمر أمامه قائلا : اتجوز !
رفع الرجل المزيد من الاحمال بذراعيه القويه بينما يجيب باستخفاف علي عمر : اتجوز .... ؟!
اوما عمر وهو يهز كتفه ببساطه: وفيها ايه ؟ انت هتعمل حاجه غلط ....راجل وحقك تتجوز 
وضع الرجل الاحمال من يده أرضا وجذب زجاجه المياه ليرتشف منها قائلا وهو يضحك : والبنات اقولهم ايه ؟
مرت فتاه ذات قوام ممشوق بجوار عمر بتلك الصاله الرياضيه فلم تخلو نظرتها من الإعجاب به ولم تنجو أيضا من نيل نظرة من عيون عمر التي جابت فوق قوامها قبل أن يعود بنظره الي ايهم ويلمع العبث بعيناه قبل ان يقول له بشقاوة قائلا : قولهم ان ابوهم عاوز ....انهي كلمته بغمزة شقيه ليضحك ايهم ويوكزة بكتفه: عاوز ايه ..؟!
انفجر عمر ضاحكا وهو يقول بوقاحه : عاوز يتدلع 
ضحك الاثنان ليقوم ايهم ويسير برفقه عمر لغرفه استبدال الملابس ويتابعان حديثهما ....
حمل عمر حقيبته الرياضيه علي كتفه واتجه الي الخارج لتتجه إليه تلك الفتاه ذات القوام الرشيق تتهادي علي ظهرها خصلات شعرها المرفوعة فوق راسها لتقول بتدليل : عمور انت رايح فين مش اتفقنا هنخرج سوا ؟
ابتسم عمر لها قائلا : معلش يا حياتي عندي شغل 
أطلقت الفتاه ضحكه متغنجه : انت بتتكلم جد وانت من أمتي بتشتغل 
ضحك عمر ومال ليستند الي سيارته الفارهة ليشير الي الفتاه أن تقترب فسرعان ماكانت تميل تجاهه ليهمس تجاه أذنها بمرح : شايفه اللي هناك ده 
التفتت الفتاه تجاه ايهم الذي كان يتجه الي سيارته ويلقي بها حقيبته الرياضيه ليتابع عمر : ده المدير بتاعي جاي ياخدني عشان عندي مأموريه 
تطلعت الفتاه لحظه تجاه ايهم ذو الملامح الصارمه لتلتفت الي عمر وتضيق عيناها : انت بتضحك عليا وبتزوغ مني 
رفع عمر حاجبيه : انا يا حياتي ...طيب اهو قدامك اسأليه. .... مال تجاه أذنها مجددا : هخلص شغل واكلمك ...سلام يا حياتي 
اومات الفتاه ليشير عمر إليها بينما اتجهت الي سيارتها بمشيتها المتغجنه وانطلقت بها 
رفع ايهم حاجبه واستند الي مقدمه سيارته هاتفا : بقي عندك ماموريه 
اوما له عمر ضاحكا : حصل 
وكزه ايهم : وده من أمتي ....ده لولا علاقات ابوك كان زمانك واقف تسحب الرخص في كمين في نوبيع 
ضحك عمر وهز كتفه بغرور : ولما اروح نوبيع تعمل ايه انت من غيري 
شاكسه وتابع بغمزة شقيه : ده انت متقدرش تستغني عني 
زم ايهم شفتيه الصارمه وهز كتفه باستسلام : طيب وزوغت من حياتك ليه ؟! 
ضحك عمر علي ذلك اللقب الذي يطلقه علي اي فتاه ليس لأنها حياته بل لأنه لا يتذكر احيانا اسمها من كثره الفتيات حوله 
: ابدا هقضي اليوم مع ريم ...بقالي اسبوع مشوفتهاش 
نظر ايهم إليه قائلا بمرح : قلبك ده عامل زي الباركينج دي داخله ودي خارجه ومش بتقول لواحده لا 
ضحك عمر وغمز له بشقاوة : بس ريمو راكنه متقلقش 
نظر له ايهم وقال بمغزي : ماهو لو راكنه صح مكنش غيرها بقي داخل طالع ...مش كده ولا ايه يا ابن السيوفي 
رفع عمر حاجبه وحك ذقنه قائلا بهروب : مش اوي .....هي تقدر تقول كده في حته تانيه غيرهم وعشان كده اللي يدخل واللي يخرج حاجه وهي حاجه 
تنهد ايهم قائلا : ياريت تكون كده ومش بعد شويه تزهق وتهرب وتقولها عندي ماموريه 
هز عمر رأسه وهو يفتح باب سيارته : ولو حصل وزهقت ما اخلع منها فيها ايه ....

امسك هاتفه وبقي لحظات قبل أن يأتيه هذا الصوت الرقيق ليجيب قائلا : ريمو فينك يا حياتي
قالت الفتاه بصوت هاديء لا يعكس المشاعر التي توهجت بداخلها فقط لسماع صوته :  مع سلمي 
قال عمر : في النادي 
هزت راسها : لا في البيت عندها 
اوما لها قائلا : طيب اعدي اخدك نخرج سوا 
صمتت لحظه توقع فيها عمر لهفتها كما اعتاد ليتفاجيء بها تقول :  لا 
كما توقع هو توقعت هي سؤال عن السبب لتجده يقول ببرود : اوك 
احتقن وجهها لتسأله : مش هتسألني لا ليه ؟! 
هز عمر كتفه ببرود : لا ... عادي 
عضت علي شفتيها بغيظ لتزجر نفسها وسريعا ما تقول بتبرير : اصل انا ....انا بذاكر معاها وبابي مش هيوافق اني أخرج 
ارتسمت ابتسامه متهكمه علي شفاه عمر بينما عرف الي اين يقوده هذا الحديث ليقول بهدوء بارد  حد الصقيع : 
لا طالما مذاكرة يبقي تمام ذاكري يا حياتي و لما تبقي فاضيه كلميني  
اهتزت نظراتها لتقول بلهفه : عمر انت زعلت مني 
هز راسها قائلا : لا خالص ....سلام يا حبي 
اغلق الهاتف قبل أن تقول كلمه لتنظر الي سلمي صديقتها بكمد
:  مالك ياريم 
قالت ريم بتأثر : كنت فاكره هيتحايل عليا 
تهكمت صديقتها قائله : يتحايل ....؟!
ليه ياريمو ما انتي عارفه طبع عمر من سنين وانا الف مره قولتلك ابعدي عنه .... 
قالت ريم متنهده بتأثر  : ولو انا عارفه ابعد كنت عملتها .....سلمي انا بحب عمر ومقدرش اعيش من غيره 
هزت سلمي كتفها قائله ببرود : يبقي كملي معاه زي ما انتي .....
نظرت لها بحنق مبطن وتابعت بمغزي : اقبلي الفتافيت اللي بيرميها ليكي من حياته.  ..... زي ما قبلتي طول السنين دي  ايه الجديد اللي مزعلك كده 
تنهدت ريم ودمعت عيناها : بس انا تعبت   ....انا  عاوزاه ليا لوحدي مش انا وكل حياته اللي ماليش فيها إلا الفتافيت زي ما بتقولي 
قالت سلمي بجديه : هو ده طبعه ومش هيتغير حياته   حفله فيها حاجات كتير والف رقم انتي مجرد رقم منهم  
ساد الصمت بعد تلك الكلمات التي تعرفها ريم ولكن قلبها الخائن يرفض سماعها وتجده يركض إليه بكل مره .....خفضت عيناها ونظرت إلي هاتفها الذي جاءت له تلك الرساله التي فتحتها بلهفه ظنا منها أنها من عمر لتجدها من نديم .....ذلك الشاب الذي استمع قبل لحظات الي حديثها مع أخته سلمي وكم احترق للمره المليون التي يستمع فيها لحبها لعمر بينما يهيم هو بها عشقا منذ أن كانت صغيره ولكن هي لا تشعر به وتعطي قلبها لعمر الذي أصبح كابوس يكرهه حد الجنون ....
قرأت ريم الرساله بعيونها ( انتي رقم واحد في حياتي وقلبي وانا نفسي ابقي رقم في حياتك   ..... كل اللي عاوزه فرصه ! ) 
أغلقت ريم هاتفها وجمعت اشياءها لتنظر لها سلمي : رايحه فين ؟
قالت ريم وهي تتجه الي باب الغرفه : هروح 
تهكمت سلمي بينها وبين نفسها وهي لا تعطي اهتمام لصديقتها التي لا تستمع إليها وتعلق نفسها بحبال الحب الوهمي التي ستوقعها وتتسبب في كسر عنقها : مروحه ولا رايحه تجري وراه !  
اسرع نديم خلف ريم التي اتجهت الي سيارتها المتوقفه بالحديقه ليقف امامها : ريم .... بتهربي مني ليه 
هزت ريم راسها : مش بهرب 
هز راسه بإصرار : لا بتهربي زي ما بتهربي من الحقيقه 
نظر إلي عيونها التي يعشقها وهو يكاد يجزم أن عمر حتي لا يعرف شكل عيونها ولا نظراتها 
: انتي ليه بتفكري في واحد مش بيفكر فيكي وانا مفكرتيش مره تشوفي انا بحبك اد ايه 
احتقن وجه ريم لتقول بغضب :  قولتلك الف مره يا نديم انت بس اخو صاحبتي ...عمر بيحبني وانا بحبه 
تهكمت ملامحه بسخط ؛  لا ياشيخه .....طيب قولي كلام غير ده .....اللي زي عمر ده آخره يحب عربيه اكتر منك 
نظرت له بحنق : نديم 
نظر لها نديم بإصرار : نديم ايه ....قولي اني غلطان 
هزت راسها وفتحت باب سيارتها قائله بغضب وهي تدخل إليها : هقولك ابعد عني ...
...........
...

ضحك ايهم قائلا حينما وجد عمر يتجه ناحيته حيث اعتاد الجلوس بهذا الركن الهاديء من أحد الكافيهات : ايه اللي جابك 
هز عمر كتفه قائلا بمرح كما اعتاد : ابدا وحشتني 
ضحك ايهم قائلا : لا ياراجل ولا حياتك خلعت منك 
ضحك عمر قائلا بغرور محبب : مين دي اللي خلعت 
....ما انت عارف انا اللي بخلع 
نظر له ايهم بقليل من الجديه : وخلعت ليه .... مش كانت في حته تانيه 
اوما عمر قائلا : اه بس انا مش بروح حته ورا حد انا واقف مكاني وهما اللي بيجيوا 
نظر له ايهم بطرف عيناه : حتي هي 
اوما عمر بثقه : هي أولهم ....اينعم ليها مكان غيرهم بس انا مش بجري ورا حد 
اشار عمر للنادل ليحضر له مشروب بينما تجاذب مع ايهم أطراف الحديث : امرك غريب ياواد مبقاش فاهمك 
ضحك عمر قائلا : واد 
اوما ايهم : امال مش انا ابوك 
هز عمر رأسه قائلا : متكبرش نفسك يا ايهم .....انت 
تقدر تقول كده صاحبي الكبير 
قال ايهم موافقا : ماليش صحاب غيرك اصلا 
ضحك عمر قائلا : ولا انا 
رفع ايهم حاجبه : لا ياراجل ...وكل اللي تعرفهم ايه 
قال عمر ساخرا : عدد بس .....مجرد منظر ماليش حد قريب مني الا انت وسيف 
اينعم دماغي انا وسيف مش زي بعض بس هو أقرب واحد ليا إنما أنت صندوقي الاسود اللي عنده كل البلاوي 
ضحك ايهم قائلا : وانت تعرف عني بلاوي 
غمز عمر له قائلا بمغزي : طيب في بلوي جديده 
هز ايهم رأسه وتراجع بظهره الي مقعده : توء  
سحب نفس طويل من الارجيله الموضوعه علي الأرض بجواره بصمت لينظر عمر إليه قائلا : مالك 
قال ايهم بشرود :  البنات هتجنني 
: قولتلك اتجوز واحده تشيل عنك المسؤوليه شويه 
قال ايهم بجديه : صعب اتجوز بعد أمهم 
انفجر عمر ضاحكا : من امتي الوفاء ده 
ليوكزه ايهم بحنق  :مش وفاء يا جحش بس اكيد مش هجيب ليهم مرات اب وهما علي وش جواز 
غمز له عمر : طيب ماتجوزني واحده منهم واشيل عنك 
ضحك ايهم وهز رأسه : ده بعينك ...بناتي دول انا مش ناوي اجوزهم ابدا 
قبل أن يتابع حديثه قال ايهم وهو يشير بعيناه : 
عمر بص وراك  ....طلع عندك حق اهي ريم جت 
قام عمر من مكانه واتجه إليها قائلا : طيب يلا سلام 
اتجه الي ريم التي لم يهتم ليري انتفاخ عيونها من البكاء : ايه ياحياتي ذاكرتي 
رفعت ريم تجاهه عيونها الحمراء قائله بعتاب : عمر انت هتحس بيا امتي ؟
عقد عمر حاجبيه ليتفاجيء بها تنفجر بالبكاء ...تلفت حوله ليشير لها وهو يمسك بذراعها : تعالي نتكلم في العربيه 
ركبت بجواره وهي لا تستطيع منع بكاءها بينما تقول بصوت متقطع ممزوج ببكاءها : عمر انت ليه مش حاسس بيا ولا حاسس انا بحبك اد ايه وراضيه بالعذاب عشانك ...عمر انت هتحبني أمتي 
بداخله بصراحه لم يفهم سبب لما تفعله أو تعبر عنه لتخرج نبرته عاديه وهو يقول : ما انا بحبك 
نظرت له بعتاب : لو بتحبني كنت هتقلق لما تشوفني بالحاله دي وعلي الاقل تسألني بعيط ليه ....انت قلبك ده ايه 
حك عمر ذقنه ومنع بصعوبه تعليقه علي كلماتها بينما بكاءها لا ينكر أنه لامس قلبه ليضع يده فوق يدها قائلا : طيب ايه اللي مزعلك اوي كده ....
قالت وهي تتطلع إليه بعيونها الباكيه: انت مش مهتم 
هز كتفه وقال بمراوغه : مين قال كده ...انا اتصلت بيكي وانتي قولتي هتذاكري 
: ومفرقش معاك 
هز كتفه : عادي يعني 
مسحت دموعها بظهر يدها : يعني فعلا انا مش فارقه معاك 
لاحت ملامح الملل علي وجه عمر الذي قال : وبعدين بقي يا ريم انتي هتفتحي معايا تحقيق ....خلصنا قولتي مش فاضيه وانا قولت تمام جايه ليه دلوقتي 
انكسر قلبها لتمد يدها المرتجفه الي مقبض باب السيارة وتفتحه وتنزل منها قائله بخاطر مكسور : عندك حق ..انا غلطانه اني جيت 
... زفر عمر بضيق ونزل خلفها ليتوقف امامها قائلا بتزمر : يوه بقي ياريم هو كل كلمه هتعملي منها حوار ....ايه اللي جد وخلاكي كده ماهو احنا بقالنا سنين مع بعض وانتي عارفه طبعي 
نظرت له ريم واستجمعت شجاعتها قائله : اللي جد اني مش عاوزة اكون رقم في حياتك .....انا عاوزة ابقي رقم واحد 
القي عمر دعابه سخيفه لا محل لها الان : وهو ماركت بالارقام يا ريمو ....قولي كلام أفهمه 
للمره الثانيه استجمعت ريم شجعاتها لتقول : ماشي ياعمر ....لو بتحبني زي ما بتقول. ..نتجوز 
انصعقت ملامح عمر من كلماتها لتتابع ريم : 
أيوة ياعمر انا عاوزاك تثبت انك بتحبني 
تعلثم بمرازغه : ريم الكلام ده سابق أوانه 
هزت راسها : لا انا شايفه أن ده وقته ....احنا مرتبطين بقالنا سنتين لو بتحبني اتقدم ليا وعلي الاقل نتخطب لغايه ما اخلص دراستي 
كل ما لفت نظره هو هذا الرقم ...عامان وهو مرتبط بها نعم ولكن هناك أخريات ....اينعم هي كما قال بمكان مختلف ولكن لم يفكر يوما أن تكون زوجته أو يتزوج بالأساس ..... !!
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم

اقتباس من الفصل القادم 

وقفت ريم أمام المرأه تتزين وعيناها لا تفارق النظر للساعه كل لحظه بينما تريد أن تطير الساعه الباقيه لتجد نفسها تحقق حلمها ....نظرت إليها سلمي قائله : يا بنتي بطلي بص في الساعه عينك اتحولت 
تنهدت ريم بسعاده : يااه يا سلمي اخيرا ...
لتمر ساعه ....اثنان .....ثلاثه ...!!

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

6 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !