( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
اقتحمت تلك الأصوات مسامع احسان التي غرقت بالنوم
لتبدأ جفونها بالحركه تنازع ما بين الاستيقاظ والغفي بينما تتعالي تلك الصرخات من حولها لتستعذب أذنها تلك الصرخات وتأهذها غفوة الي حلم جعل الابتسامه الشامته ترتسم علي شفتيها بينما الحزن غلف عيون الجميع والصرخات كادت تشق حلوقهم علي فقدان نشوي حملها لتزداد ابتسامتها اتساعا وتشفيا في نشوي التي تبكي بقهر موت جنينها ....رسمت الحزن في عيونها وهي تأخذ بخاطرها لتمد يدها إليها هاتفه بنبره مليئه بالشماته: متزعليش يا شوشو بكره ربنا يعوض عليكي ...!
صرخه تلو الأخري تتعالي في أذنها وجذبتها بقوة من غفوتها السعيده لتفتح عيونها ومازالت تلك الابتسامه الواسعه مرتسمه علي شفتيها ولكن ما أن فتحت عيناها علي وسعهما وبدأت تستوعب تلك الأصوات حتي تلاشت ابتسامتها وهي تتبين أن ما حولها هو صوت زغاريد وليس صراخ ونحيب كما كانت تحلم ...!!
هبت من فراشها واسرعت تجاه باب الغرفه الذي تركه هادي خلفه مفتوح وهو يقوم من نومه مفزوع علي تلك الأصوات التي ملئت بها حميده أرجاء المنزل
كانت احسان تقف اعلي الدرج بينما وصل هادي الي أسفله وهو يسأل والدته بلهفه : في ايه يا امه ؟!
صاحت حميده بفرحه غامره: اختك قامت بالسلامه !
تسمرت اقدام احسان بالأرض وتمسكت بالدرابزون خشيه ان تقع من وقع الصدمه عليها ....أنجبت اخت زوجها بالرغم من كل مساعيها الشريرة !!
حاولت أن تجتذب صوتها من حنجرتها التي جفت تجيب علي حميده التي هتفت بسعاده غامره : نشوي قامت بالسلامه يا سونه
بصوت باهت رددت احسان وهي تحاول رسم الفرحه علي ملامحها التي شحبت: مبروك يا امه ..!
عمت الفرحه أرجاء المنزل بينما حميده لا تتوقف عن إطلاق الزغاريد ليأتي الجيران يطرقون الباب وتشاركها النسوه إطلاق الزغاريد ...سحبت احسان نفسها الي غرفتها لتغلق الباب عليها وتصرخ بقهر شديد وهي تمزق خصلات شعرها بيدها : ازااي....ازززاااي ...!
حاولت أن تستجمع نفسها بعد إطلاق نوبه حقدها وهي تجذب خصلات شعرها بعنف وتضرب وجهها وكأن هناك عزيز مات لها ...!
اسرعت تركض الي الحمام الملحق بغرفتها ما أن حرك هادي مقبض الباب لتتواري عنه وتحاول السيطره علي دموعها المقهورة وهي تغسل وجهها مرارا وتنظر لانعكاس نظرات الشر التي ملئت عيونها بالمرأه تهتف لنفسها ان تتماسك ولا تبدي حقدها ....جزت علي اسنانها بقوة بينما تجيب عليه من خلف الباب : خارجه علي طول يا سي هادي
خرجت وهي تتظاهر بتجفيف وجهها وبالاساس لم ينظر هادي إليها بل اسرع الي الحمام ليستحم ويرتدي ملابسه استعدادا للذهاب الي أخته ....!
وقفت احسان تغلق ذلك العقد الذهبي الذي وضعته حول عنقها ليتلألا فوق طرحتها الزرقاء بينما تقول وهي تنزل الدرج علي عجل بعد أن استعجلتها حميده : خلاص يا اما حميده خلصت اهو و نازله
رفعت حماتها راسها تجاهها قائله : كل ده بتلبسي يا احسان ..ايه رايحه فرح !!
ضحكت احسان واتقنت رسم تلك السعاده الغامره علي ملامحها الجميله والتي لاتمت بصله الي دمامه قلبها : اكتر من الفرح يا اما حميده ....ده انا الفرحه مش سيعاني من اول ما عرفت ان ربنا قوم نشوي بالسلامه وجابت الولد ...دي نشوي اختي واكتر من اختي !
اومات حميده قائله : طيب يلا عاوزة اطمن علي نشوي
قالت أحسان من بين اسنانها : هنطمن عليها اهو
وضعت يد حماتها في ذراعها وسارت معها تجاه السياره بينما تتابع تشدقها بمباركه زائفه تخفي كل ما بداخلها من حقد وغيره تجاه اخت زوجها التي أنجبت بينما هي لا !!
.......
.......
نظر دياب الكبير بطرف عيناه تجاه ابنته التي مالت لتضع
أمامه تلك الصينيه بينما تقول دون أن تنظر إليه : الشاي يا أبا
وضعت الصينيه واعتدلت واقفه لتتحرك الي خارج الغرفه ولكن صوت ابيها أوقفها بينما يقول وهو يحاول الا يبدي الاهتمام : لساتك زعلانه مني اياك يا مهجه
حمحمت مهجه وهزت راسها بكذب وهي مازالت لا تنظر تجاه ابيها : وانا هزعل منك ليه يا أبويا
قال دياب وهو يرتشف القليل من كوب الشاي الذي لا يستعذبه الا من يد ابنته : امال مش هتبصي ليا ليه !
هزت مهجه راسها وقالت بتهرب : ابدا يا أبا
تنهد دياب وأشار لها أن تأتي الي جواره : تعالي يا مهجه اقعدي جاري
جلست مهجه بجوار ابيها لينظر إليها ويسالها بحنان : زعلانه مني ليه يا مهجه ؟
قالت مهجه بصوت حزين : انا مش زعلانه علي حاجه غير بتي اللي انكتب عليا اتحرم منها طول العمر
قال دياب بجديه : بتك هي اللي اختارت يا مهجه
اومات مهجه قائله : حصل يا ابويا بس اهي جت لغايه عندي ...ليه تحكم عليا مطلش عليها ولا اشوفها
ابعد دياب عيناه عن ابنته هاتفا بحزم : حكمت عليكي رجلك متخطيش باب ابوها إنما بتك تيجي تنور هنا طول وعرض البيت مفتوح لها
قالت مهجه بتبرير : متقدرش تسيب ابوها
تنهد دياب بحنق : يبقي تاني هكررها ليكي ...بتك اللي اختارت يا مهجه
نكست مهجه راسها بحزن بينما تدرك أن الجدال مع ابيها لن يوصلها الي شيء لتنظر تجاه بهيه التي وقفت لدي باب الغرفه تقول : اعملك شاي يا جدي
ابتسم دياب قائلا : شربته من ايد امك مهجه يا بتي
اومات بهيه واستدارت لتغادر ليوقفها دياب قائلا : رايحه فين يا بتي ...تعالي اقعدي جنب حماتك اهو تبكوا سوا
حاول أن يمزح مع كلاهما ولكن عبثا فالحزن بداخل قلب كل منهما كبير !
جاء دياب بعد قليل ليقول بابتسامه هادئه : السلام عليكم ... كيفك يا جدي
مال يقبل راس والدته : كيفك يا امه
رددوا جميعا : بخير يا ولدي
ربت علي كتف بهيه قائلا بحنان : كيفك يا بهيه
قالت وهي تعتدل واقفه : بخير يا اخويا ...هقوم اجهز العشا
اومأ دياب الكبير قائلا : ماشي يا بتي ....علي ما اتكلم مع دياب في مزاد بكره تكونوا جهزتوا العشا
قال دياب الصغير لجده باعتذار : خليني اطلع اغير هدومي الاول يا حاج
اخذ يد بهيه بعد أن خرج من الغرفه قائلا : تعالي يا بهيه عاوزك في كلمتين
قالت بهيه بصوت خافت : والعشا
ابتسم دياب لها قائلا : اللي عاوزك فيه اهم
دخلت خلفه لتمد يدها تخلع عنه عباءته ولكنه امسك بيدها وابعد العباءه عن كتفه ثم اخذها ليجلسها علي طرف الفراش قائلا : غمضي عينك ومدي ايدك
نظرت له باستفهام ولكنها فعلت ما قاله ليخرج دياب من جيب الصديري الذي يرتديه يضع اساور ذهبيه يضعها بيدها الواحده تلو الأخري ...فتحي
فتحت بهيه عيناها ونظرت الي ما أهداه لها قائله بابتسامه لم تمحي كامل حزنها : تسلم وتعيش يا سيد الناس .. ده كتير اوي
مال يقبل راسها قائلا : مفيش حاجه كتير عليكي
ابتسمت بهيه ليعقد دياب حاجبيه ويشاكسها قائلا : شكل الاساور معجبتكيش
هزت راسها سريعا وهي تهز يدها بهم : وانت تجيب حاجه وحشه ابدا ...دول حلوين اوي
جلس الي جوارها وأحاط كتفها بذراعه بحنان قائلا : امال ليه عينك دبلانه
هزت راسها ولم تقل شيء ليبتسم دياب لها قائلا وهو يميل ليخرج شيء من جيبه : انا عارف ايه اللي يخلي الفرحه تنط من عينك يابت خالي
نظرت له بترقب لتجده يخرج شيء من جيبه ....ورقه ملونه كبيرة اول ما جذب نظراتها منها هو صورة ذلك الطفل الذي يضحك في حضن والدته ...وضع دياب الورقه بيدها ونظر الي ملامحها ليري تلك النظرات المتوجسه فيسألها : ايه رايك ؟!
قالت وهي تبتلع ببطء : ايه ده يا دياب
قال وهو يوكز كتفها بكتفه : عليا انا يا بت ....ما انتي بتعرفي تقري وعارفه فيها ايه الورقه دي
نظرت إلي الاعلان الذي بيدها ثم رفعت عيناها ببطء تجاهه تسأله بتوجس : ده ...ده ؟!
اوما دياب قائلا : ده مستشفي كبير اوي في مصر هاخدك هناك ونشوف اي علاج ليكي ولو حكمت هاخدك تسافري زي ما بنسمع
غزت الفرحه قلب بهيه علي استحياء تخشي أن تصدق ما تسمعه وتتأمل لتقول بحياء شديد من كرمه في عيونها مع أنه واجبه ودوره : بس يا اخويا انت ربنا كرمك بالعيال وانا
قاطعها دياب بحنان قائلا : انتي اللي هتجيبي ليا العيال اللي نفسي فيهم ...انا طول عمري عاوز عيالي منك انتي
نظر لها بطرف عيناه وتابع يشاكسها : بس اقول ايه في دماغك اللي انشف من الحجر لما صممتي اتجوز غيرك
اهتزت شفاه بهيه بحزن وهي تتذكر أنها من بادرت واسرعت تخطب له بالرغم من رفضه ولكنها لم ترضي ابدا ان تكون سبب في حرمانه من الأطفال ما أن علمت بصعوبه حملها ولم تطرق اولا ابواب العلاج التي صور عقلها البسيط لها انها بلا جدوي
غمز لها بشقاوة قائلا : لولا عارف انك بتحبيني من وانتي عيله بضفاير كنت قولت عاوزة تخلصي مني
هزت راسها ولمعت الدموع بعيونها بفرحه غامره وكأن السنوات لم تمضي وعادت تلك الفتاه التي عشقت ابن عمتها وكان من نصيبها وقضت معه سعاده لا توصف تعكرت بينما مر شهر يلو الآخر دون أن تحمل لتبادر بطلبها أن يتزوج لينجب ...انا اخلص من روحي وانت لا يا دياب
ابتسم دياب لها برضي وضمها إليه يمرر يداه علي ضهرها بحنان : بعد الشر عليكي يا غاليه
رفع وجهها إليه ونظر في عيونها الحلوة قائلا : ينفع كفايه بكي وتضحكي بقي ....ضحكتك وحشتني يا بهيه
ابتسمت له ليرفع الورقه من يدها قائلا : هناخد بالاسباب وايا يكون النتيجة انا راضي
قالت بهيه بخجل: بس انا اسمع تكاليفها غاليه اوي
ضحك دياب وداعب وجنتها الممتلئه قائلا : مستقليه بجوزك ولا ايه .....تتكلف زي ما تتكلف المهم اشوف ضحكتك
ارتمت بهيه بحضنه قائله بحب : انا بحبك اوي
مال يلتقط شفتيها بشفتيه بينما يهمس بغزل : وانا بموت فيكي
أبعدته سريعا ما أن تعمقت قبلته وبدأت يداه تتحرك تجاه جسدها : العشا يادياب
هتف دياب بامتعاض : يا حظك يا دياب
قفزت بهيه من جواره واعتدلت واقفه تهندم ملابسها قبل أن تميل عليه وتمازحه وكأنها عادت فتاه صغيرة بعد أن اثقلها الحزن بالرغم من سنوات عمرها الصغيرة إلا أنها شعرت بأنها شابت سنوات بعد زواج زوجها الذي تعشقه باخري: حظك زي الفل ....نظرت له بدلال وتابعت بينما تداعب شعره : واللي يصبر ينول يادياب
غمزت له واتجهت الي باب الغرفه بعد أن وعدته بقضاء ليله حالمه ليتعالي صوته الضاحك : حمري ليا جوزين حمام يا قلب دياب
تمدد دياب علي الفراش خلفه متنهدا براحه بينما يتذكر وقوفه طويلا أمام ذلك الإطار طويلا وهو يغادر المشفي التي ادخل بها والده
حيث علقت اعلانات عن عمليات الحقن المجهري وسواه ليمد يداه بتردد يسحب أحدي الاعلانات ويفكر الف مره هل يعرض عليها ام ان حديثه بهذا الأمر سيجرحها وهو يدرك كم هي رقيقه حساسه ليبتسم برضي كما دوما يرضي معها منذ أن كانت صغيرة تسعده بابتسامها وطيب عشرتها .
...........
......
في اليوم التالي
بصعوبه كبيرة حاولت أحسان اخفاء كل الحقد والغل بداخلها وهي تتحرك هنا وهناك تخدم مع النسوة الذين جاءوا للتهنئه بالمولود الجديد بعد أن أخذت حميده ابنتها الي المنزل لتهتم بها ..... سكبت الشوربه الساخنه في الإناء الكبير واخرجت الارانب الواحد يلو الآخر تضعهم في الطبق وهي تهتف بحقد من بين اسنانها : بالسم الهاري يا بعيده
وكان لسانها ينطق عكس ما بقلبها بينما تضع أمام نشوي تلك الصينيه هاتفه بحب زائف : بالف هنا وشفا يا شوشو
ابتسمت نشوي لها بوهن : الله يهنيكي يا سونا تعبتك معايا
هزت احسان راسها هاتفه : هو انا عندي اغلي منك اتعب له ...يلا كلي بالهنا والشفا وانا هاخد بالي من حسن
مالت لتحمل الصغير من بين احضان والدته لتتأمله وتخونها نظراتها الحقودة وتتمني لو تخنقه بيدها لتتسرب طاقتها الشريرة الي الطفل ويعلو صوته بالصراخ
قالت نشوي وهي تضع الصينيه جانبا : هاتيه يا سونه
هزت احسان راسها وتمسكت بالصبي الذي ازداد بكاءه
فدخلت حميده إليهم : هاتي يا احسان وانزلي انتي شوفي الضيوف دي دنيا صاحبتك تحت وبتسأل عنك
اومات احسان وغادرت الغرفه وهي تبتلع سمها ....
بسخريه هتفت احسان لدنيا : وانتي هبله تسيبيه لها ؟! ده انتي ام العيال يعني هي تغور وانتي اللي تستني
قالت دنيا بغل : قولت دياب هيطردها بس طلعت بنت الملكومه سوسه وخلته يقلب عليا
قالت أحسان متهكمه : ماهو انتي اللي طيبه بزياده ...كان لازم من اول يوم تطفشيها زي ما انا عملت مع شروق
لوت دنيا شفتيها هاتفه : شروق مكانتش بنت اخوها
زي بهيه اللي الراجل الكبير لازم يدافع عنها ماهي حفيدته
زمت احسان شفتيها وهتفت بتفكير : وانتي ايه ماهو انتي ام العيال برضه ...بس اقولك ملحوقه
نظرت لها دنيا بلهفه : اعمل ايه يا سونه شوري عليا
تلفتت احسان حولها وهتفت بنيه شريرة : سيبيني كام يوم افكر واقولك تعملي ايه
........
...
نظرت مهجه الي ملامح بهيه التي تشع سعاده باليوم التالي بينما وقفت أمام المرأه تتزين لتنزل الي حماتها
التي قالت بابتسامه : الله ايه الحلاوة دي يا بهيه
دارت بهيه حول نفسها قائله : بجد يا امه ...حلوه العبايه
قالت مهجه بحنان : حلوة اوي يا بتي ...أيوة كده البسي واتزوقي
رفعت بهيه أكمام عباءتها تري حماتها الاسارو قائله : وشوفي دياب جاب ليا ايه
ربتت مهجه علي يدها بحنان قائله : يعيش ويجيب لك
: تعيشي يا امه
تنهدت بهيه بابتسامه وتابعت :طيب يلا يا امه عشان نلحق نبارك للست حميده
فتحت مهجه حقيبتها تتأكد من وجود العلبه القطيفه التي وضعت بداخلها جنيه من الدهب قائله : يلا يا بتي .....ربتت علي كتفها وتابعت : عقبال ما نبارك لك
لاول مره تسمع نبره الامل من زوجه ابنها بينما تردد :
يارب يا امه !
دخلت بهيه برفقه حماتها الي منزل حميده المفتوح علي مصراعيه لتتقابل عيناها بعيون دنيا الجالسه بجوار احسان وسرعان ما تبتسم لها ولكن دنيا نظرت لها من أعلي الي اسفل واشاحت بوجهها لتري مهجه نظرات دنيا إلي زوجه ابنها بهيه التي مازالت تضع يدها في ذراعها لتطلق مهجه زغرودة عاليه وسرعان ما تأتي حميده إليهم ترحب بهم .....اخرجت مهجه هديتها لتضعها بيده حميده
وتبارك لها وتنضم الي النسوه وهي تقول بفخر : تعالي يا مرات ابني اقعدي جنبي
انشكحت ملامح دنيا التي كادت تتحرك الي جوار حماتها ولكنها تفاجأت بمهجه تفحمها وهي تجلس بهيه بجوارها لتمتليء عيون دنيا بالحقد وتهمس لاحسان: شايفه الوليه الناقصه !
وقبل أن تقول احسان شيء دنيا كعادتها ينفلت لسانها تسخر من حماتها : وانا ايه يا أمه مهجه مش مرات ابنك برضه ....نظرت إلي بهيه بكيد وتابعت : وام عياله كمان
تجاهلت مهجه ما نطقت به دنيا بينما اكتفت بنظره محذره تجاهها وكانت حميده تأخذ ذلك الدور وهي ترحب ببهيه وتتابع افحام دنيا التي لم تجد بد من أن تأخذ حقدها ولسانها السليط وتغادر ..!
مالت بهيه تجاه حماتها تستاذنها : بعد اذنك يا امه هقوم وراها اطيب خاطرها يمكن ترجع البيت
زجرتها مهجه بنظراتها الرافضه : وبعدهالك يا بهيه ....قليله الربايه دي مالكيش كلام معاها تاني ..اقعدي جاري
هنئت مهجه حميده وبعد قليل وقفت لتودعها وهي مازالت تضع يدها بذراع بهيه ...!
نزل هادي من سيارته بعد أن أوقفها بمكانها لتقع عيناه علي مهجه التي كانت تغادر وسرعان ما اتجه لها : لسه بدري يا ام دياب
قالت مهجه بابتسامه : بدري من عمرك يا ابني ....عامل ايه يا هادي
قال هادي متنهدا : بخير يا ام دياب ....فتح فمه ليسأل السؤال المتوقف بحلقه ولكنه رأي بهيه ليتراجع فتلمحه مهجه بفطنه
سارت مهجه خطوة وهي تبعد يدها عن ذراع بهيه التي فهمت أن حماتها تريد قول شيء لهادي
حمحم هادي مطاوعا قلبه في السؤال : وصال عامله ايه ؟!
قالت مهجه بكمد : الله اعلم يا اابني ...معرفش عنها حاجه وقلبي موجوع عليها انها لوحدها في الظروف دي ...تنهدت وتابعت : كنت مطمنه عليها لما كان ابوها جنبها بس دلوقتي ابوها تعبان يا تري عامله ايه يا بنتي
افلت لسان هادي بما يخشاه ويضيق به صدره : وجوزها يا ام دياب راح فين ماهو جنبها
عقدت مهجه حاجبيها باستفهام : جوز مين يا هادي ياابني
قال هادي وهو يتظاهر بالامبالاه : جوز وصال
ابتسمت مهجه بشجن قائله : وصال متجوزتش !
هل رقصت دقات قلبه للتو حتي أنه لم يستطيع السيطره علي ابتسامته التي غمرت ملامحه وهو يقول بتعلثم : متجوزتش ...امال ...امال
بتر ما بقي من سؤاله فيبدو أنه فسر شيء خطأ ليقف أمام مهجه التي ابتسمت له وتابعت بينما تخطو تجاه بهيه تذكره بأنه من سطر سطور النهايه : الف مبروك لأختك ...عقبال احسان
ذكرته بحقيقه أن ابنتها من بقيت واقفه مكانها بينما هو سار بحياته ليتوقف مكانه ينظر في أثرها بنظرات امتلئت بالندم والكمد!
أخبرته سابقا أنه سيندم وصدقت فلم يبارح الندم يوما ما من أيامه التي قضاها بعيدا عنها ليتذكر ليله زفافه ....flash back
أخذ نفس عميق يحاول به السيطره علي ارتجافه يده وهو يرفع تلك الطرحه الشفافه من فوق وجه تلك الفتاه التي اسرع يتزوج بها ليرد صفعه كرامته ....فتاه بملامح هادئه مريحه هذا هو فقط كل ما رأه بها طوال فتره زواجهم التي مرت بهدوء وعاملها بما يرضي الله طوالها ولكن شيء واحد لم يكن له عليه سلطان وهو قلبه الذي كان بكل مره يكون مع زوجته يكون طيف وصال هو ما يداعب قلبه ومشاعره ....خيانه حاول تعويضها لها بكل الطرق التي سار بها ما عدا أن يفتح لها ابواب قلبه !
لتمر الأشهر وزوجته تتغني بسعادتها معه وهو يحاول أن يكون سعيد ولكن كيف وهو معها بجسده بينما عقله وقلبه في مكان آخر ....لتمر بعدها اشهر حزنه علي تلك الفتاه الصغيرة التي ماتت وعزاءه الوحيد أنه جعلها تعيش سعيده باخر أيامها وهاهو حاول تكرار التجربه ولكن مع فتاه ظنها تشبه تلك التي لا تبارح خياله ويوما بعد يوم تأخذه دوامه الحياه وهو ينتزع كل تفكيره بعيدا عنها ويحاول أن يتجنب أخطاء زواجه الاول ولكن عبثا فلم يتغير شيء إلا أنه تلك المره فقط لم يعد يدع طيفها بينه وبين زوجته التي لو بذلت جهدا اكبر لكانت ربما اخذت مكانها ولكن كل شيء بها كان يناقض وصال لتعود مجددا تتربع بين ثنايا عقله وقلبه
تنهد هادي وهو يعود من ذكرياته لينظر تجاه مهجه التي كانت قد غادرت وبقي المزيد من الاسئله التي لا يجب عليه أن يبحث لاجابه عنها فماذا يعنيه بها !
...........
...
نظرت حميده الي احسان التي تجمع الاطباق والاكواب الفارغه بينما تهتف بغيظ : شوفتي يا امه ام دياب بتعمل ايه مع دنيا ....اكمن البت غلبانه تقوم تنصر عليها البيت الوقف اللي اسمها بهيه
رفعت حميده حاجبها وصاحت بإحسان توقفها : بيت وقف .... ؟!
اومات احسان ولكنها عضت علي شفتيها تستدرك ما قالته : قصدي أنها بومه كده مش زي دنيا
قالت حميده متهكمه : البت متربيه ومحدش سمع صوتها يااختي مش زي صاحبتك ام لسان طويل
قبل أن تجد احسان ما تقوله كانت حميده تقوم من مكانها وتتجه الي احسان لتربت علي كتفها وتقول بمغزي خبيث : سيبك انتي من صاحبتك وضرتها وخليكي في نفسك ...انا عاوزة حفيد يملي حجري بدل ما املي انا حضن ابني بواحده تانيه
اهتزت نظرات احسان بخوف ولكنها اخفته سريعا وهي تهز كتفها ببرود قائله : وماله حقه يا امه ....بس يعني هي الواحده التانيه هتعمل ايه زياده معملتهوش انا ولا الاتنين اللي قبلي
انزعجت كل ملامح حميده من تلميح احسان التي هتفت بها بغضب : قصدك ايه يابت انتي !
قالت احسان سريعا بتعلثم مقصود : مقصدش حاجه يا امه ...انا بس بقول اني مقصرتش ولو اللي قبلي كانت واحده منهم حملت كنت قولت انس مقصره
اغتلت كل ملامح حميده من لسان احسان السليط والذي وصلت كلماته الي هادي الواقف خلفهم لتتراجع خطواته للخلف وقد بوغت بتلك الفكره التي لم تبادر الي ذهنه ....نعم تزوج ثلاث نساء ولم تحمل أي منهم ...هل هو من لا ينجب !!
لم يفكر بالأطفال من قبل ربما لأنه لم يحب إحداهما ويريد أن تكون له اسره معها وكل ما كان يفعله هو مليء وقته باخري تشغله عن التفكير بها ولكن الآن ربما عليه أن يسأل نفسه أن كان تلميح احسان صحيح
التفتت حميده لتغادر لتلمح وقوف هادي وتغير ملامحه وعلي الفور كانت تقول : اهلا يا هادي ...كيفك يا ولدي
قال هادي باقتضاب : الحمد لله
اسرعت احسان باهتمام تتجه إليه : اجهزلك العشا
هز رأسه واتجه الي الدرج قائلا : لا ماليش نفس
التفتت احسان بفزع تجاه حماتها تسألها بنظراتها أن كان قد سمع شيء لتهز حميده كتفها بجهل
اسرعت احسان الي جوار حميده تناجيها : شوفتي بقي يا امه انا ليه مش بتكلم في حوار الخلفه...انا بس هامنني زعل هادي
نظرت لها حميده بغضب : وهو يزعل ليه ...اياك فاكره الكلمتين دول معناتهم حاجه ....لا يابت ..انا ابني زي الفل وسيد الرجاله انتي اللي تروحي الوحده الصحيه وتبقي تشوفي نفسك احسن قسما بالله اكون مجوزاه غيرك !
........
...
المزيد من الذكريات داهمت خياله وهو يتذكر بتركيز هذا الأمر ... لم تحمل زوجته الأولي لظروفها الصحيه وشروق كانوا دوما بخلافات وآخرها خلاف كبير حينما اكتشف تلك العلبه التي كانت تخبأها بين ملابسها ولكن ذلك اليوم الخبيثه احسان تعمدت أن تضعها في مكان يراه هادي دون أن تدري شروق بالخيه التي تنصبها لها
جذب ذراعها بعنف مزمجرا وهو يرفع علبه الدواء امامها : انطقي !
تعلثمت شروق وكاد صدرها ينفجر من فرط دقات قلبها المرتعب وهي تفكر للحظه أن تكذب ولكن كيف وهو بالفعل يمسك بدليل إدانتها لتنطق بنصف الحقيقه : انا ...انا ...انا لسه جايبه العلبه ومأخدتش منها ولا حبايه
انا بس كنت بفكر
صرخ هادي بعنف : كدااابه !!
هزت راسها بخوف : مش بكذب واهي العلبه مقفوله قدامك ...انا ماخدتش منها
عاد ليهدر بغضب : امال جبتيها ليه ؟!
اندفعت الدموع من عيونها ونكست راسها للأرض بينما تقول بصوت واهن صادق بالرغم من أنها متاكده أنه لن يصدقها : معرفش
نظر لها هادي بسخط ممزوج بعدم الفهم : يعني ايه متعرفيش
قالت شروق بتعب واضح وهي تلقي بنفسها علي الحائط خلفها تتمسك به حتي لاتقع : معرفش يا هادي ....معرفش غير اني مش طايقه انك تقرب مني !!
وقعت كلماتها عليه كالصاعقه التي بعثرت كرامته ولم تنطق شيء بعدها بل كان هو من ينطق بيمين الطلاق
لتغادر شروق المنزل الذي ذرعته لها احسان اشواك وتغلق الصفحه دون أن يبحث أحدهم عن السبب ....هب هادي من جلسته وهو يفكر ربما أن الأوان ليبحث عن السبب أو ربما ما يعنيه فقط من السبب ....وعلي الفور كان يرتدي ملابسه ويغادر دون الالتفات الي نداء حميده أو احسان الذين تساءلوا ما الذي جعله يغادر وقد عاد قبل قليل ...!
لم يستطع هادي الصبر فبدت طرقاته علي الباب متعجله لتسرع شروق تضع طرحتها علي رأسها وتفتح الباب لتقف مكانها بعدم تصديق لرؤيته بينما منذ طلاقهم لم تراه وقد أعطي عائلتها كل حقوقها وانهي الأمر بلحظه : هادي .....!
نظر لها هادي بسخط فلم ينسي بعد كلماتها : عاوز اسألك سؤال يابت الناس
قالت شروق وهي تفسح له المجال : ادخل ياهادي ....حالا هكلم ابويا واقوله انك هنا
هز هادي رأسه وبقي واقف لدي الباب : مفيش داعي ...سؤال واحد وجاوبي عليه
نظرت له بلهفه ليستجمع هادي ثباته وهو يسألها : اخدتي الحبوب ولا لا
اهتزت نظرات شروق ليعيد هادي سؤاله بأصرار : وقتها كنتي خايفه مني وقولتي لا ...دلوقتي معادش فيه اللي يخوفك ....اخدتيها ولا لا
نكست شروق راسها بخجل وخزي ممزوج بالندم فهي استجابت سريعا لهمس احسان الشرير التي جعلتها تتناول تلك الحبوب : كنت باخدها
لم ينكر زفره الارتياح اليت خرجت من صدره وسرعان ما استدار ليغادر دون الالتفات لشروق التي حاولت التبرير : غصب عني يا هادي معرفش انا ازاي سمعت كلام الحربايه اللي كانت عامله صاحبتي
لم يستمع ولم يتوقف لتهذي شروق مجددا كلماتها : كانت عامله صاحبتي
خرجت والدتها تجاهها تسألها: مين كان علي الباب ...شهقت وهي تري دموع ابنتها لتسرع إليها : مالك ياشروق ....مالك يابت
مين كان بيخبط ؟!
قالت شروق بندم شديد : هادي
اتسعت عيون نجاه : هادي ....طيب قالك ايه ؟
هزت شروق راسها بأسي : مقالش حاجه
ربتت تجاه علي كتف ابنتها قائله : متزعليش يابنتي ...انا ياما حذرتك من البت دي بس انتي مستمعتيش كلامي
هتفت شروق بحسره : يا ريتني سمعت كلامك يا امه ..!
.......
.....
ربتت وصال بحنان شديد علي يد ابيها التي انتفخت عروقها بعد أخذ جرعه الكيماوي لتميل علي يداه تقبلها بحزن شديد فيفتح مهاب عيناه ما أن لامست دموعها الحاره يده ...وصال
نطق اسمها بصوت متحشرج لترفع راسها تجاهه وسرعان ما تمحي دموعها بظهر يدها وهي تبتسم له قائله : نعم يا بابا
ابتسم مهاب لها بوهن ليملي عيناه برؤيه ملامحها التي طافت عيناه فوقها قبل أن يقول بصوت واهن : انتي شبهها اوي يا وصال
ابتلعت وصال ونظرت الي ابيها باستفهام ليبتسم مهاب ويهز رأسه قائلا : شبه مهجه اوي !
غامت عيون وصال بالدموع بينما لاول مره يتحدث ابيها عن والدتها بتلك النبره : صورتها قدام عيني وكأني شايفها فيكي .....ابتلع ببطء قبل أن يقول بوهن شديد : لما تشوفيها قولي ليها اني اسف
اهتز قلب وصال داخل صدرها وهدرت دقاته بقوة لما نطق به ابيها والذي بدي وكأنه وداع .... قولي لدياب اني بحبه وكان نفسي يطلع احسن مني وكل اللي كنت بعمله معاه كان عشان مطلعش شبهي وطلع شبه دياب الكبير
شعرت بقبضه يد ابيها تشتد علي يدها أكثر بينما يردد وهو يبتسم لها : صدق اللي قال إنكم المؤنسات الغاليات وانتي كنتي ونسي في الدنيا يا حبيبتي !
اهتزت نظرات وصال وانسابت الدموع بغزاره علي وجنتيها وتحشرج صوتها بحلقها بينما تملي عيناها من نظرات ابيها الحنونه وهي تردد : وانت كل حاجه ليا في الدنيا يا بابا !
( متسبنيش ) كانت تلك الكلمه هي تكمله جملتها التي خشيت أن تنطق بها فتتحقق مخاوفها بأنه يودعها لتنزل عيناها ببطء تجاه يد ابيها التي بدأت قبضتها تتراخي عن يدها فيرتجف قلبها بداخل صدرها وتشعر بخوف شديد شل جسدها وجعلها لا تستطيع أن ترفع راسها تجاه عيون ابيها خشيه ان تراها مغلقه لتمر دقيقه كامله وعيناها فقط معلقه بيداه التي بقيت في يدها ودموعها تغرقها بصمت انتهي مع نداءها الذي خرج من بين شفتيها المرتجفه : بابا !!
........
.....
اشار دياب الي أحد الصبيه الذين يعملون لديه حينما دخل الي وكالته ووجد هادي جالس بانتظاره قائلا :
روح هات شاي ليا انا والمعلم هادي يا فتحي ...أخرج من جيبه هاتفه وتابع : وخد التلفون ده حطه علي الشاحن
ركض الصبي يأخذ الهاتف من دياب قائلا : عنيا يا معلم
جذب دياب المقعد وجلس قائلا : اهلا يا هادي خطوه عزيزة
اوما هادي : تسلم يا دياب
اخرج هادي من جيبه بضع رزم ماليه ووضعهم أمام دياب قائلا : حصتك في جنينه المانجا
أخذهم دياب ودخل ليضعهم بالخزانه خلف مكتبه قائلا : كل محصول وانت طيب
مال الصبي ليضع الشاي أمامهم واسرع الي الداخل ليجذب دياب مع هادي الحديث في أمور السوق
: وكاله الحاج عبد العزيز نازله المزاد الاسبوع اللي جاي وانا ناوي اخدها
اوما هادي قائلا : وماله ...نكلم المعلمين ومبروك عليك مقدما
: تسلم وتعيش
تعالي رنين هاتف دياب بالداخل ليهتف بصبيه قائلا : مين يا واد اللي بيرن
قال الصبي وهو يحاول قراءه اسم المتصل : و...وصال يا معلمي
هل دياب من مقعده بينما رمش هادي باهدابه وهو يستمع لاسمها....
اجاب دياب علي الفور بينما تأهبت كل حواس هادي بتلك اللحظه حيث هتف دياب بنبره لهيفه : اهدي يا وصال .....وفهميني في ايه يا بنت ابوي مش فاهم حاجه من حكيك
حاولت وصال أن تتماسك وهي لا تستطيع مجددا نطق ذلك الخبر الذي شل أطرافها ولم تجد أمامها إلا أخيها ليكون بجوارها
تعكرت ملامح دياب بالرغم من هدوء نبرته وهو يقول برفق : البقاء لله.... مسافه السكه وهكون عندك
فرك هادي يداه وهو يفسر اجابه دياب الذي اعتدل ووقف أمامه يسأله بقلق : خير يا دياب
تنهد دياب وقال باقتضاب : الدكتور مهاب تعيش انت
لم ينطق كلمه ابي بينما لم يطاوعه قلبه حتي لا يأخذه الندم لأي عتاب . . . تأثرت ملامح هادي ليقول بنبره باهته وهو يشد علي يد دياب : البقاء لله ربنا يرحمه
اوما دياب قائلا : بالاذن يا هادي المكان مكانك
بقي هادي واقف مكانه بتردد وهو ينازع نفسه أن كان سيذهب ام لا !
........
....
اخيرا اختلت مهجه بنفسها في غرفتها بينما ترتدي عباءتها السوداء بعد أن استأذن دياب جده بالذهاب الي أخته وعدم تركها وحدها بهذا الموقف ليسمح له الجد وسمح أيضا لمهجه بالذهاب لتكون بجوار ابنتها لتترك مهجه لدموعها العنان وهي تكتم فمها بيدها تبكي بحرقه الرجل الوحيد الذي أحبته واكتوت بنيران الندم علي فراقه طوال سنوات ......!
............
...
في مشهد حزين غلب عليه اللون الاسود والانوار العاليه بينما بالخلفيه كانت اصوات قراءه القرأن وقف هؤلاء الرجال الذين أرتدوا البدلات السوداء يتلقون واجب العزاء في هذا الرجل الجليل الذي ترك اثر جميل في نفوس الجميع سواء من شباب لم يكن لهم فقط أستاذا بل ناصح ومعلم في شتي امور الحياه
و زملاء لم يجدوا منه إلا كل ماهو طيب وجيران كان لهم حسن الجوار ...في اول الصف وقف هذا الرجل الخمسيني بملامح وجهه جامده يتلقي واجب العزاء في أخيه بينما بجواره وقف ماجد وأخيه الذي لم يتجاوز العشرون من عمره وقد بدي التأثر والحزن علي ملامح ماجد أكثر من أخيه الذي لم يعاشر عمه طويلا أخذوا يصافحون المعزين وهو يرددون : البقاء لله وحده
بينما علي الجهه الأخري جلست تلك السمراء تنهمر دموعها علي وجنتيها التي توهجت احمرار من فرط البكاء الصامت الذي حول عيونها العسليه الي احمرار قاني ....مدت يدها الي وجهها تزيل دموعها بمنديلها الورقي حينما تقدمت منها زوجه عمها تعزيها بوجه بارد لتهز راسها وتردد بصوت مختنق: ربنا يرحمه
لتعاود دموعها مجددا الانهيار بصمت تبكي ابيها الذي فقدته بعد أن عاش الما كبيرا لنهايه حياته يصارع المرض ... مرت الدقائق وهي علي حالتها فقط ترفع عيونها من فوق تلك الارضيه التي افترشها سجاد كبير بالوان كئيبه حينما يأتي أحد لمواساتها ...كانت ستكون وحيده كما كانت دوما فلم يكن لها صديقه مقربه أو اخت تكون بجوارها بهذا اليوم العسير ولكن وجود أخيها الذي تولي جميع الإجراءات الثقيله عنها خفف عنها الكثير لتتفرغ لألمها تبكيه هي ووالدتها
امتلئت المقاعد بهؤلاء الطلبه الذين أصبحوا أطباء كبار جاءوا لتقديم واجب العزاء في استاذهم الجليل
رفعت عيونها الباكيه تجاه تلك السيارة التي توقفت اسفل السلالم الرخاميه لتلك القاعه بجوار المسجد حيث حجزها أخيها لمراسم العزاء لينزل منها ذلك الرجل الذي لائم سواد ملابسه لون سيارته القاتمه .... تسارعت الغصه لحلقها حينما انفتح باب السياره ونزل منها هادي ....!
التقت العيون بعد كل هذا الوقت وااااه من اللقاء بعد كل تلك السنوات ...!
عيونها امتلئت بالحزن ولكنها مازالت كما هي تأثره بنظراتها ملامح وجهها
تقابلت نظراته بعيون تلك السمراء التي توشحت باللون الاسود وملئت الدموع عيناها بينما عكصت
شعرها البني خلف راسها ليأخذه الحنين الي سنوات ماضية بينما كانت تطلق العنان لخصلات شعرها ليتطاير حول وجهها ....تقدم هادي ببطء يعزي دياب والواقفين ومن بينهم ماجد الذي مازال يتساءل عمن يكون ليتجاوزهم ويتجه إليها
مد يداه إليها محمل بنبرته الاجشه : البقاء لله ياوصال !
واااه من نطق اسمها مجددا بعد سنوات لتهب نيران الحنين بكيانه وتخطف نظراتها التي خانتها دون إرادتها وهي تتطلع الي هيئته التي تغيرت كليا ليصبح وكأنه رجل آخر بينما أعطته تلك اللحيه الكثيفه التي تخللتها بعض الشعيرات الرماديه هيبه وتلك العباءه الثقيله التي وضعها علي كتفه فوق بدلته الانيقه جعلته بصوره أخري عكس ما كان عليه منذ سنوات .....سنوات ؟!
توقفت عند تلك الكلمه وهي ترفع عيناها إليه بينما
احتوت يداه يداها واخيرا استمع لصوتها مجددا وهي تردد بينما هزت راسها وخرجت نبرتها هادئه رزينه متوافقه مع تلك الهيئه التي أتقن والدها رسمها لها : البقاء لله وحده !
اتجه حيث جلست الرجال لتعود هي الي جلستها ومجددا تتردد في أذنها الكلمه التي توقفت عندها ....سنوات !
عشر سنوات كامله قد مرت .....تغير وهي تغيرت وتغيرت الكثير من الأحوال ....لم يعد الشاب الغر وهي لم تعد المراهقه الصغيرة !
انتهت مراسم العزاء الثقيله وبقي هادي لاخرها ليلمح توقف ذلك الرجل الخمسيني تجاه وصال هو وابناه الشبان يتحدثون معها ببضع كلمات ثم يغادرون
التفت هادي الي دياب الذي بقي واقفا مكانه بلا حراك تنحره سكاكين الندم ولكنه يأبي أن يعترف في محاوله منه للتصالح مع وطأ ضميره أن أبيه مات دون أن يتسامح كلاهما ..... صرخه قويه شقت الهدوء الذي ساد الاجواء بعد انتهاء اصوات تلاوه القرأن ليهرع دياب بفزع علي صرخه والدته ويتبعه هادي بأقدام لاتقوي علي حمله بينما تمددت وصال علي الأرض وقد فقدت وعيها
اخذت مهجه تصرخ وتجمع بعض الباقون حولهم ليجثو دياب علي الأرض بجوار أخته يضرب وجهها بخفه وهو يهتف باسمها بقلب لهيف : وصااال
مال سريعا ليحمل أخته بينما كان هادي الاسرع وهو يحضر سيارته التي دخلت إليها مهجه وأخذت ابنتها بحضنها تبكي وتنوح
قاد هادي بسرعه وهو يسأل عن أقرب مشفي ....
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم
كل سنه وانتوا طيبين وبخير
تحفة اوووي تسلم ايدك وكل سنه وانت طيبة
ردحذفوانتى طيبه مبدعه ديما
ردحذفتحفه
ردحذفتحفه تسلم ايدك
ردحذفكل عام وانتم بخير عيد سعيد
ردحذف