حكايه عمر الاربعون

9


 
غلف الخزي نبره عمر بينما ألقت عيناه نظراتها المعاتبه تجاه وسيله وهو يردد بثقل : عاوزة تبعدي عني ياوسيله ؟!

تناقضت الأفكار مع المشاعر بداخل وسيله بينما لم تفهم سبب لسؤاله أو لعتابه الحار لتهز راسها بتشتت تسأله : 

ليه بتقول كده ياعمر ؟

قال عمر تلك الكلمات بصيغه جاده وكأنه يقر واقع وليس مجرد احتمال: عشان تصميمك انك تروحي لجدتك معناه كده !

ازداد تشتتها بينما الشعور الذي نجح عمر في جعله يتغلغل في أوصالها بأنها تتخلي عنه زاد من شتاتها لتقول بعدم تركيز وفهم : تصميم ايه .... انا مش فاهمه حاجه ياعمر ....انا كل اللي عاوزاه اننا نصلح اللي حصل 

نظرت له برفق لعلها تفهم سبب إصراره الدائم علي تفسير اي كلمه منها أو تصرف بأنها ستتخلي أو تبتعد عنه : عمر انا عمري ما هبعد عنك انت ليه كل شويه تفكر كده 

أمسكت بذراعه برفق وتابعت : انا كل اللي قولته اني اروح لتيته واحاول اصالحها واعتذر ليها عشان تسامحني واصلح اللي بينا وانت كمان تروح لأهلك وتعتذر ليهم وتشرح وجهه نظرك وهما اكيد هيفهموك وهيسامحوك زي ما تيته هتسامحني ....احنا ملناش غيرهم وهما كمان 

هدرت الدماء الحاره بعروق عمر بينما شعوره الحار بالنبذ من جهه عائلته يولد لديه طاقه سلبيه بالكراهيه تجاههم وتجاه اي رابط عائلي أصبح يشعره وكأنه قيد علي سعادته لتنفلت نبرته بعصبيه : احنا مش محتاجين لحد منهم !

دون أن يقصد كان ينزع ذراعه من يدها بقوة بينما سيطر الانفعال علي ملامحه وصوته وهو يتابع مزمجرا بينما يعيد كلماته وعقله يردد كلمات أبيه (  اعمل اللي انت عاوزه .....وروح مكان ما انت عاوز بس بكره ترجع وتحتاج ليا وقتها انا اللي هقفل بابي في وشك واقولك كفايه !  )

: احنا مش محتاجين حد منهم ....فاهمه !!

مش محتاجين حد! 

تفاجئت به يمسك ذقنها بقليل من القوة ويرفع وجهها إليه ويجعلها تنظر إلي عيناه بينما يتابع بنفس العنفوان : قولتك الف مرة احنا مغلطناش عشان نعتذر  ... عاوزة ترجعي ليها ليه بعد ما طردتك !!

اهتزت شفاه وسيله بينما كل ما تعيشه يضغط عليها ويوقف عقلها عن العمل فهي تري به وجه جديد عصبي مزاجي عداوني وبنفس الوقت يلمس قلبها حاجته إليها وكأنه طفل صغير مشاكس متعلق بها يخشي أن تعاقبه علي سوء سلوكه كما يفعل معه ابيه لتردد بثقل دفاعا عن جدتها : مطردتنيش هي بس قالت الكلام ده  عشان كانت مصدومه وزعلانه مني بس لما اروح اكلمها وافهمها هتسامحني  .... نظرت إلي عيناه وتابعت برفق : هي لسه مش عارفه الظروف اللي حصلت بينك وبين والدك  واللي خلتك تعمل كده اكيد هتفهم ....

تيته بتحبني وبتخاف عليا عشان كده عملت كل ده ....هتعذر ليها و هتسامحني 

وانت ياعمر لو كلمت باباك وشرحت له هيفهمك ويسامحك 

مجددا ضغطت دون أن تقصد علي وريده بأنه بحاجه الي ابيه الذي وان كانت حياته بيده لن يجعله يشعر بنشوه الانتصار وتحقيق كلماته التي قالها له اخر مره 

لذا لن يطرق علي بابه ابدا 

فجأه تراجعت وسيله إلي ظهر المقعد بخوف حينما هدر بها عمر بانفعال شديد : مش هتروحي ليها ولا تشحتي منها السماح عشان انتي مغلطتيش ....افهمي بقي ! 

اهتزت نظراتها بصدمه من عصبيته كما انصدمت نظراته من رؤيه الخوف بعيناها

لتزداد دقات قلبه ويشعر بأنه اخطي خطأ شديد سيدفع ثمنه وهو يري ذلك الخوف بعيناها 

لتهديء نبرته وهو ينظر إليها بأسف قائلا :  مش قصدي ازعق ياوسيله بس كلامك أن روحنا في أيديهم ضايقني 

لم يجد بد من القاء كارته الاخير ليضغط عليها ويضمن وجودها بجواره بينما ينظر إلي عيناها : وسيله جدتك اللي متخيله أنها هتسامحك زي ما بتقولي قالت لو عاوزة ترجعي البيت اطلقك ! 

تشتت ملامح وسيله ليردد لسانها تلقائيا بينما لا تصدق أن جدتها تقصد هذا وأن تلك الكلمه مجرد كلمه قالتها لحظه انفعال : قالت كده عشان زعلت بس لما تهدي ...نظر لها عمر بغضب بينما مجددا تعيد نفس الكلمات ليوقفها بنبره حاده : مش هتهدي ولا هتسامحك ....  لو روحتي ليها هتمنعك ترجعيلي ! 

غص حلق وسيله لتقول بعتاب : ليه ياعمر مفترض الاسوء 

قال باصرار : عشان ده اللي هيحصل 

أصرت هي الأخري قائله : هتكلم معاها ولو صممت نشوف 

هز عمر رأسه برفض : مش هستني تصمم يا وسيله 

ثقل لسانها وهي تسأله : يعني ايه ؟

التفت عمر إليها بكامل جسده قائلا : يعني هي مش هتقبل منك كلام ورافضه اي كلام وشرطها الوحيد عشان تسامحك زي ما بتقولي اني اطلقك 

....نظر لها بطرف عيناه وتابع : حتي مامتك معرفتش تأثر عليها  

اندهشت ملامح وسيله لتردد باستفهام : ماما ....انت كلمتها !

لايعرف هل قصد وقتها أن يكذب وهو ياخذ كلام طلعت أنه يعبر عن موقف والدتها أم أنه بالفعل اعتبر كلام طلعت كلام والدتها ليوميء قائلا   : وعرفت وكانت متفهمه اكتر من جدتك .....ازداد شتات وسيله لمعرفه والدتها بالأمر وتبحث بداخلها عن اهتمام من جانبها ليتابع عمر محاولته في إقناعها : مامتك بتحبك وكانت مع سعادتك إنما جدتك كانت من الاول رافضه جوازنا 

قالت وسيله بدفاع : ياعمر تيته كمان بتحبني وعمرها ما هتقف قدام سعادتي 

نظر لها عمر مطولا قبل أن يهز رأسه ويقول بخزلان بينما ترجم إصرارها علي الدفاع عن موقف جدتها وتأييده رفض له : يبقي انا اللي واقف قدام سعادتك 

مجددا سرب إليها شعورها بالذنب تجاهه وزاده بصمته الذي تبع كلماته وكأنه ضغط زر اغلق به الحديث الذي مازال به الكثير لتجده وسيله يبعد وجهه عنها ويدير سيارته ويتحرك بها دون قول كلمه اخري  

حاولت أن تتحدث معه : عمر 

لا اجابه بل صمت ...صمت من نوع جديد !

صمت يحمل بداخله تعذيب بطيء لها !

صمت ذرع بداخلها احساس بالذنب تجاهه !

صمت يجعلها تشعر أنها فعلت شيء خاطيء لا تعرفه ولكنها تشعر بأثره ! 

صمت كعقاب جديد لم تفهمه ! 


اوقف السيارة واكتفي بإشارة من يداه ان تنزل بينما توقف امام منزل جدتها 

وكأنها تائهه سألته بينما لاتفهم عكس كلماته بفعله وهو يأتي إليها لمنزل جدتها لتقول بتردد بينما لا تعرف ان كان جاء عن اقتناع ام انه فقط يثبت لها أنه علي صواب 

بنظراتها سألته أن كان سيأتي معها لتجد عيناه تشيح عن عيناها وتخبرها أنها وحدها لتحاول أن تتحدث بما يدور بعقلها الذي يدرك أن ما تفعله هو الصواب 

: انا ...انا هتكلم معاها وهفهمها وهي هتسمعني .... تيته بتحبني ...هي زعلت في الاول عشان اتصدمت  بس انا هفهمها ...تيته طيبه اوي وخايفه عليا 

ظلت تردد تلك الكلمات والجمل التي قابلها ذلك الصمت من جانبه ونظراته بأنها خزلته وتتخلي عنه وتتذرع بالحجج لتبتعد نجحت في جعلها تشعر بالتشوش أكثر

لتمد يداها بتردد الي باب السيارة وتضع اول قدم لها علي الأرض وعيناها تتطلع الي جانب وجهه لتجده 

لا يلتفت إليها بل ظل صامت ينظر أمامه لتنزل القدم الأخري وتظل ممسكه بالباب وترفع عيناها للاعلي ثم تخفضها تجاهه مره اخري وتكرر نظراتها ما بين منزل جدتها وما بينه وتتمزق بين كلاهما ....هو يري ذهابها تعبير عن موافقتها علي تركه وهي لم تعد تري شيء من فرط ارتباك وشتات أفكارها 

نجح في ذرع الشك بداخلها بأنها خزلته لتنظر اليه بتأثر وتقول بتبرير: عمر انا مش هسيبك ولا ابعد عنك مهما حصل انا بس مينفعش اسيبها زعلانه مني 

اخيرا نطق بشيء ليقول بعدم اكتراث مصطنع : 

وانا ممنعتكيش اتفضلي ....!

تقابلت نظراتهم لتضربها نظرات الخزلان بعيناه وهو يتابع : اطلعي ليها وحتي لو قدرت تسيطر عليكي انا مش هزعل  وهعرف انه غصب عنك بعدتي عني 

قالت وهي تهز راسها : بس انا مش هبعد عنك 

مجددا هزت راسها بقوة أكبر : تيته مش  هتبعدني عنك 

اوما لها باستخفاف : واضح أنك مش مصدقه كلامي ....عموما تقدري تكلمي طلعت واتاكد منه شرط جدتك!  

....

هتفت زينب بخزي وعتاب ......اسمع ايه ! 

نظرت غرام برجاء الي والدتها التي تابعت بعتاب قاسي : لما اسمعك هتقولي ليا سبب للي عملتيه 

نكست غرام راسها بخزي لتغزو الغصه حلق زينب وهي تتابع بمرارة :  طيب بلاش سبب ....هقولي ليا 

تهدج صوتها وهي تتابع جملتها بينما لم تعد تحتمل الامساك بدموعها  وهي تسأل ابنتها ذلك السؤال الذي سألته لنفسها كثيرا : انا استاهل منك كده ....؟! 

امتزج صوتها بالدموع التي خنقت حلقها بينما تقول بانكسار : ياغرام يا بنتي ياعمري .....قصرت معاكي في ايه ...

عملتي فيا كده ليه ؟! 

حملي تقل عليكي طيب كنتي قوليلي... كنتي ارمي الحمل عليا ....كنتي اهربي مني ...

اعملي اي حاجه الا انك تبيعي نفسك بالشكل ده 

غص حلق غرام بقوة وهي لاول مره تري ضعف والدتها التي تابعت بنحيب مرير تنعي وجعها : وجعتيني اوي ياغرام وكسرتي ضهري اللي كنت سانده عليه ! 

ارتمت غرام اسفل قدم والدتها ودموعها تغرق وجهها بينما تقول بتوسل : سامحيني يا ماما انا اسفه 

والله ماكنت قاصده 

رفعت عيناها التي ضاهت كاسات الدماء باحمرارها وهي تتابع : كل اللي حلمت بيه عيشه تانيه ... كنت عيله وفاكره الحياه زي الافلام والبت بتتجوز الراجل الغني اللي بيسعدها في الاخر ... مكنتش اعرف انها بيعه وشروه وفي الاخر فهمت بس بعد ما كنت ضعت 

تهدج صوتها واختنق بدموعها وهي تتابع بمرارة الندم : فيفي وعزه لعبوا بيا .... خلوني اشوف الحمل تقيل مع اني مكنتش حاسه بيه ...خلوني اشوف اني استاهل حياه تانيه ....ضحكوا عليا وانا مكنش قدامي غيرهم أصدقه 

نظرت لها زينب بعتاب مرير : مقولتليش ليه ...متكلمتيش معايا ليه ! 

قالت غرام بعتاب هاديء وهي تنكس راسها وتنظر الي الأرض : مكنتيش بتديتي فرصه ...غصب عني لقيت حضن عزه أوسع من حضنك يضمني ويسمعني 

غص حلق زينب من عتاب ابنتها

لتقول بدفاع عن نفسها بينما تنهمر دموعها فوق وجنتيها :  يعني انا السبب عشان كنت يجري علي لقمه العيش ليكي ولاخواتك

رفعت غرام عيناها الممتلئة بالدموع الي والدتها تقول بندم : كنت محتاجه لكلمه حلوة منك ولقيتها عند عزه 

اوجعها عتاب ابنتها وضربها في مقتل لتهز راسها بأسي قائله : ورجعتي ليا ليه لما لقيتي عند عزه اللي مش عند امك ! 

أمسكت غرام بيد والدتها التي اخشنها العمل قائله برجاء أن تسامحها : عشان ماليش غيرك يا امي 

غلطت وحاولت اصلح غلطتي بس انتي مرضتيش 

سحبت زينب يدها من يد ابنتها وقالت بعتاب : يعني برضه انا الغلطانه 

هزت غرام راسها قائله باعتراف : لا ياماما انا الغلطانه بس بحاول .....بحاول وحاولت اصلح غلطتي 

نظرت في عيون والدتها برجاء وتابعت : ليه رافضه 

ليه مش عاوزة تديني فرصه تانيه ! 

نكست راسها للأرض وانهمرت دموعها بقوة لتمتزج بصوتها وهي تتابع بيأس :  انا وتعبت ويأست ....ربنا عنده رحمه وبيغفر 

رفعت عيناها بخزي الي والدتها وتابعت :  ليه انتوا لا 

قالت زينب بقلب متوجع علي ابنتها التي لا تستطيع سماحها ولا تستطيع ايضا تركها : عشان هو ربنا واحنا بشر  ...غصب عني مش قادره ....مش قادره حتي ابص ليكي 

قلبي اتقفل من ناحيتك وكل ما ببصلك بشوف كسره ضهري ....بشوف مستقبلك اللي كنت بحلم بيه ضاع  ...بشوف حياتك وحياه اخواتك اللي ملهمش غيري  راحت 

امكست غرام يد والدتها برجاء وتوسل :  وانا كمان ماليش غيرك ....سامحيني ياماما

واديني فرصه اصلح غلطتي

حاول زينب أن تقسو عليها وتحاول سحب يدها من يد ابنتها وهي تقول : مفيش حاجه هتتصلح

تمبكتو غرام بيد والدتها وقالت برجاء : وافقي وهتتصلح !

نظرت لها زينب بأنكسار : اوافق علي جوازه في السر زي ما عملتي 

قالت غرام بصوت مختنق : احسن من مفيش 

قالت زينب بعتاب : واقول للناس ايه ...الناس اللي متعرفش حاجه غير انك متجوزتيش 

أزاحت غرام دموعها بظهر يدها ونظرت الي عيون والدتها التي بدأت تلين نظراتها : وقتها نبقي نقول اي كذبه ...نعمل اي حاجه يا ماما بس مبقاش كده .... عشانك وعشان اخواتي علي الاقل وافقي تكون معايا ورقه اثبت بيها اللي حصل 

نظرت زينب الي غرام مطولا بينما تناجيها عيونها أن توافق ولا تغلق الباب مجددا في وجهها لتهز زينب راسها قائله :  طالما هنعمل اي حاجه يبقي 

تسمعي كلامي في اللي هعمله ! 

لم تفهم ولم تسأل غرام علي اي شيء بل فقط هزت راسها بانصياع لوالدتها قبل أن تميل علي يدها تقبلها وتغرقها بدموعها لتخون زينب كل إرادتها وتجد يدها الأخري تمتد الي شعر ابنتها تمررها فوقها بحنان ام مهما بلغت قسوتها أو حزمها لا تستطيع إنكاره ! 

......


قالت جوري بحزن : ياطنط انا مش عاوزة حق ولا حاجه..... انا نفسي نكون مبسوطين 

معرفش ايه اللي وصلنا للمرحله دي ....انا السبب زي ما مراد بيقول ولا لا 

هزت كتفها وتابعت بشتات : جايز انا مش عارفه اوصل له نقطه خلافي معاه وجايز هو مش شايف سبب لخلافنا 

نكست راسها وقالت بإقرار : كل اللي اعرفه ان 

انا فشلت في حياتي 

قالت نور برفق : ياجوري ياحبيتي مش معني خلاف بينكم أن حياتكم فشلت 

هزت جوري راسها برفض : لا فشلت ...حياتنا انا رسمتها  وعشان تطلع زي ما رسمت كنت بتجاوز عن حاجات كتير وفات اوان الكلام فيها ودلوقتي كل ده اتغير جوايا وعاوزة ابدء من جديد ومراد رافض التغيير

قالت نور ببديهيه : عشان التغيير جه فجاه ....واحده واحده هيفهم ويتقبل 

هزت جوري راسها : معندوش استعداد 

ربتت نور علي يدها برفق وتابعت : بيتهيألك ... 

عنده استعداد  بس زي اي راجل جواه شويه عناد وغرور انتي بذكاء هتقدري تتغلبي علي الفطره دي جواه

نظرت جوري إلي نور بضياع : يعني اعمل ايه ؟

قالت نور بجديه ورفق : مينفعش اقولك تعملي ايه عشان انتي اللي لازم تعملي اللي انتي حاسه بيه .... انتي بس اللي لازم تاخدي الخطوه دي بدون توجيهات من حد عشان تكون طالعه من جواكي ومقتنعه بيها 

مراد بيحبك وانتي كمان ودوركم تغيروا بعض للاحسن وانا كل اللي شايفاه انكم محتاجين شويه وقت تبعدوا عن بعض لغايه ما كل واحد يحس بقيمه التاني في حياته وبعدها تبعدوا عن العند والتحدي وتبدأو تتكلموا 


.....

شعور جارف بالرغبه في البكاء تملك من وسيله امتزج مع شعور جارف بالحزن تملك من قلبها وكيانها 

وشعور اخر بالشلل أصاب عقلها الذي لا يستطيع أن يفكر بوضوح 

بينما شعور بأنها مذنبه تملك منها وجعلها تقر بأنها مذنبه تجاه جدتها ولكن الشعور الاخر بأنها مذنبه ولا تستطيع تفسيره هو ذلك الشعور الذي أوصله لها عمر بصمته هو بأنها مذنبه في حقه لتدور في دوائر لا نهائيه تبحث عن السبب فلا تعرف كيف تفكر بوضوح أو تعرف فيما أخطأت ويبقي فقط بداخلها شعور بأنها مذنبه بشيء ما !

بعد فتره من الوقت عاد عمر الذي تركها بالمنزل وخرج بحجه شراء ادويتها لترفع وسيله عيناها تجاه صوت دوران المفتاح بالباب ليدخل عمر ويغلقه خلفه وفقط يبقي صدي صوت انغلاق الباب هو المتردد في ذلك الصمت حولهم 

يأسها من فهم شيء دفعها لأن تتحدث معه لتنطق اسمه بنبره حزينه : عمر 

نظر إليها دون قول شيء لتقوم من مكانها وتتجه لتقف أمامه تسأله وهي تنظر إلي قتامه عيناه : انت ساكت ليه؟!  

هز كتفه لتنظر له برجاء أن يتحدث ولا يتركها لطاحونه افكارها 

ولكنه يدرك جيدا أن الحديث سيكشف ضعفه امامها واعترافه أنها لم تفعل شيء هو فقط من يريد منها بانانيه أن تتخلي عن الجميع من أجله وان تلبي حاجته إليها

لذا صمت ووضع الادويه التي احضرها لها من يده علي الطاوله امامها واتجه الي الغرفه ليطيل بقاءه بالاستحمام هربا من نظرات عيونها التي توخزه بعنف وتريه في انعكاسها انانيته البحته التي لا يعترف بها !  

دارت وسيله عيناها بارجاء تلك الغرفه تسأل نفسها ماذا تفعل بها والاجابه كانت كلماته التي حاولت الصاقها بعقلها  بأنها بجواره يبدأون حياتهم بعيدا عن الجميع الذين يقفون أمام سعادتهم ويعاقبوهم بالتخلي ! 

اخدت بضع انفاس متتاليه لعل ضراوة تفكيرها تهدئ 

حينما خرج عمر بنفس الصمت

ليجذب ملابسه ويرتديها ثم يتجه الي جانب الفراش الأيسر يتوسده وقد ترك العنان لخصلات شعره المتموجه بفعل المياه تنسدل فوق جبينه لعل بروده المياه فوق خصلاتها تهديء من سخونه رأسه الذي يعج بالافكار التي لم تكن تعرف له طريق من قبل وهو يسير خلف ما يريده ويشعر به أما الآن فهناك بجواره طرف آخر بحاجه الي أن يفكر به ! 

خرج صوت وسيله معبق بنفس النبره  الحزينه : عمر انت هتنام ؟!

قالت بصوت خافت : عاوزة حاجه يا وسيله 

هزت راسها بينما لم تعد تجد بداخلها رغبه بالحديث أمام صمته : لا 

بقيت جالسه علي المقعد مكانها وقد عاد الصمت بعد تلك الكلمات لتضيق الغرفه حولها حينما مد يداه للضوء يغلقه ويسود الظلام أرجاء الغرفه التي انارت جوانبها فقط  أحدي الاضواء التي تأتي من خلال النافذه الزجاجيه الممتده علي جانب الحائط 

شعر بها عمر لم تنام ولم يجرؤ أن يسأل أو يتحدث واختار ان يتركها في تلك الدوامه الحزينه التي تبتلعها  بدلا من يغرق هو بالخوف من فقدانها

ليقر أنه فعل ما يفعله دوما ويختار نفسه بانانيه تجعله يشعر بشعور افضل بينما يعجز عن المواجهه 

ليغلق عيناه عن رؤيه حزنها حتي يستعيد طاقته ويفكر كيف يعبر بها ذلك الحزن ولكنه بحاجه لان يبقي مع نفسه قليلا ليعبر هو هوه حزنه وضياعه اولا ! 

............

....


قالت جوري بنبره هادئه وابتسامتها الجميله تزين ثغرها : مراد خلينا نتصالح ونرجع زي زمان 

....مدت يدها اليه : قوم معايا ....نظر إليها بعدم تصديق لتزداد ابتسامتها رجاء بينما تمسك بيده وتسأله مجددا : قوم معايا ....قوم ! 

: قوم 

فتح مراد عيناه علي تحول تلك النبره الهادئه الي صوت خشن يزجره :  قوم 

انزعجت كل ملامحه وهو يفتح عيناه لتختفب صورتها من أمامه وتحل محلها صورة أبيه :  بابا 

لوي سيف شفتيه : امال فاكر مين ....قوم يلا 

قالت مراد بتعلثم بينما مازال تحت تأثير الحلم : فكرتك

ابتلع باقي جملته ليسخر سيف منه قاصدا :  فكرتني جوري 

فرك مراد رأسه التي هزها وهو يبعد عيناه عن عيون أبيه الغير راضيه بينما يقول : وهي هتيجي عندك ليه 

..ايه هتصالحك مثلا !

تفاجيء سيف بمراد يقول بثقه : اه 

رفع سيف حاجبه قائلا : وجايب الثقه دي منين؟!

قال مراد بثقه : عشان انا عارفها كويس كل مره بتيجي تصالحني مهما يكون بيننا 

قال سيف بانتقاد : وده ميشفعلهاش عندك 

قال مراد بغرور متأصل بطباعه : ده مصبرني عليها 

ازدادت رفعه حاجب سيف باستنكار : بقي انت اللي صابر ! 

اوما مراد : طبعا 

تقابلت نظراته بنظرات أبيه الغير راضيه ليقول مراد بقليل من الانفعال :  بابا لو فاكر اني هروح ليها تاني تبقي غلطان ...انا حاولت كتير وهي وكأن واحده تانيه قدامي 

قال سيف بدفاع : واحده زعلانه منك وزعلها المفروض يعز عليك   ...راضيها يامراد 

قال مراد بامتعاض : ولما مترضاش 

قال سيف بجدية : تحاول تراضيها تاني وتالت

هز مراد رأسه قائلا : لا كرامتي !

انزعجت ملامح سيف ليقول بسخط : وهي كمان عندها كرامه 

قال مراد باحتدام : انت واقف في صفها ليه انا ابنك 

: وعشان كده انا بوجهك للصح....العناد والغرور مش هيوصلك لحاجه ومش هترجعلك 

رفع مراد رأسه بثقه قائلا : هترجع جوري بتحبني وهترجعلي ! 

........


ليله طويله حزينه قاتمه حلقت وسيله في سماءها التي كانت بلا نجوم تنير لها الطريق .... كل شيء بداخلها مبعثر لا تستطيع لم شتاته ليجافي النوم عيناها طويلا قبل أن تتهاوي جفونها من الارهاق كما تهاوت هي مكانها علي تلك الاريكه لتنتهي تلك الليله القاتمه ويليها صباح مشرق لم تتوقعه بينما بدأت تستعيد وعيها من غفوتها علي شعورها بجسدها محمول بين ذراعيه ورائحته القويه تداعب أنفها بينما يسير بها برفق تلائم مع خطواته الهادئه وهو يحملها حتي لا يوقظها لتداعب اليقظه جفونها حينما لامس ظهرها الفراش الوثير ولكنها تشبثت  أكثر بإحساس الحلم الذي تشعر به بعد ضراوة الحزن الذي كبت روحها   ..... !

استجابت لنداء اليقظه بعقلها ففتحت عيناها لتقابل عيناه فتظن أنها ما تزال تحلم حينما رأت تلك الابتسامه المحمله بالحب مرتسمه بها وتتطلع إليها بشغف وكأنها شمس اشرقت للتو 

همس حالم تلي تلك النظرات : انتي عارفه اني بحبك 

نظرت في عيناه وكأنها فقدت القدره علي النطق فهي تحلم بالتأكيد ولا يمكن أن يكون قد نام بهذا الصمت المقيت واستيقظ بهذا الهمس المحبب الذي ازداد صدق بنبرته وهو يتابع : بحبك ومجرد تفكيري أن أي حاجه او حد ممكن يبعدني عنك بيخلني اكرهه ومستعد اعمل اي حاجه المهم متبعديش عني ....وسيله انتي زي الشمس دي ...انتي النور اللي في حياتي وعشان انا مبقتش عاوز اعيش في الضلمه بمسك في نورك ده ومش مستعد اسيبه! 

بوغتت وسيله بكلماته وخلب كيانها بتعبيره عما يختلج قلبه من مشاعر تجاهها جعلتها تحمل تلك المسؤولية والتي تتمثل في تمسكه بها 

لامست أنامله خصلات شعرها بحنان بينما يتابع : مش عاوز اشوفك زعلانه تاني ابدا !

نظر في عيونها وتابع بهمس راجي : حبيني ياوسيله ...حبيني زي ما بحبك !

وضع شرط أن تحبه كما يحبها ولكنه لم يشرح لها 

كيف هو يحبها مكتفي بقناعه أنها تفهمه 

يجرح بقوة ويدمي وبعدها ينظر بتلك العينان ويتحدث بتلك التبريرات فيظن أنه مسح كل جراحه التي احدثها ....!

لم تفكر بل حاولت أن تستجيب لكلماته ومشاعره وعقلها ينصاع لرغبه قلبها ويعطي له كل المبررات التي لم يطلبها وتفسر وتبرر بلا نهايه انانيته أو مزاجيه ونرجسيه طباعه التي تثبتها كلماته ولكنها اختارت أن تغض بصرها عنها وترفع عيناها الي تلك المسؤوليه التي حملها لها بأن لا تتخلي عنه!

تحبه فقط كما هو ! هذا هو تعريف الحب من وجهه نظره وباثبات قلبها وافقت 

بصعوبه ماثلت صعوبه فهم شخصيته كانت تتناول بضع لقيمات بينما هو تناول الكثير بشهيه وكأنه استيقظ شخص اخر ولما لا وقد وضع نقطه أمام كل ما مضي وبدء من جديد دون أي التفاته لشيء مضي ....هي بجواره وكفي ! 

امسك بيدها وهو يخبرها بمشاريعهم لليوم 

: عاوزين نشتري حاجات كتير للبيت 

وانتي عاوزة هدوم وحاجات كتير برضه ليكي ....هنجيب كل حاجه متقلقيش 

نظر في ساعته وقال وهو يعتدل واقفا : يادوب نلحق ننزل عشان علي الساعه سته هنروح لمامتك خطوبه اختك ....قبل أن يعطي دهشتها فرصه كان يتابع : انا حاولت اعتذر بس صممت 

تركها في دهشتها واتجه للخارج لينتظرها بالسيارة بينما يتجاهل ما يحاول أن يفعله بجعلها تصدق أن جدتها تخلت عنها بوضع والدتها في كل جمله ....

ليس والدتها بل زوج والدتها الذي يضمن ولاءه وتنفيذه لكل ما يريد .... لن يدع ابدا اي شخص يؤثر عليها ويبعدها عنه فيبقي وحيدا ....اناني نرجسي لا يهم فهو حلل لنفسه كل تلك الخطط بأنه يحبها ولا يريدها أن تبتعد عنه والأنانية في الحب مشروعه !


.......

..

في ذلك المكان الذي اعتاد ايهم الجلوس به لحين انتهاء ابنته درس البيانو كان يجلس بصمت يتناول قهوته  ويحدق في هاتفه 

بينما علي مقربه منه كانت تلك العينان تحدق به 

رفع رأسه من هاتفه حينما اتي النادل يضع كوب قهوه جديد ليهز ايهم رأسه بايماءه للنادل : متشكر 

اوما النادل وأخذ الكوب الفارغ ليحرك ايهم عيناه يعيدها الي هاتفه ولكن نظراته توقفت علي تلك العينان ....

عقد جبينه وجالت عيناه تجاه تلك الطاوله قبل أن تهبط مجددا وتتقابل بعيون ناديه التي خفضت عيناها علي الفور وتظاهرت بتناول كوب العصير الذي امامها 

قبل أن ترسم ابتسامه فوق شفتيها وتتطلع الي الجالس امامها تخفي ارتباكها من هذا اللقاء وتحاول أن تطمئن نفسها أنه لن يتحدث معها ....! 

تابعت حديثها مع رفيقها بينما ابعد ايهم عيناه عنها بعد أن أرسل لها نظره أن تطمئن فهو لن يقول شيء فأتفاقهم كان سرا وسيبقي كذلك ! 

انهي قهوته وقام من الطاوله كما قامت ناديه ورفيقها ليمر كل منهم بجوار الاخر ليس وكأنهم عرفوا بعض يوما ! 

كانت شروطه واتفاقهم ملزم لكلاهما وهاهي أحدي تلك الفتيات التي تزوجها تابعت حياتها وكأنه لم يكن فيها لماذا لم تكن تلك الفتاه مثلها فهاهي حياتها استمرت ولم تتضرر ! 

......

استقبال مهيب كان طلعت يستقبل به عمر ووسيله 

: ياهلا .....يا اهلا 

اتفضلوا

جلست وسيله بجوار عمر ليقول طلعت بترحيب :  منور يا عمر يا ابني ..... كنت هزعل اوي لو مجتش 

ابتسم عمر له بينما اتي لمهمه معينه وعليه تحمل سماحه هذا الرجل من اجلها ليشير عمر الي وسيله أن تقدم تلك الهديه الثمينه التي أصر عمر علي شراءها 

خلب العقد الذهبي المجدول عيون طلعت ليجذب العلبه من يد وسيله قائلا :  كلفتوا نفسكم ليه ...

قال عمر بهدوء وهو ينظر إلي وسيله : حاجه بسيطه ....ذوق وسيله 

التفت اخيرا طلعت الي وسيله بعد أن أعطي عمر كل الاهتمام ليقول : ايه ياوسيله قاعده ليه ....قومي ادخلي لأختك جوه .....انتي مش غريبه 

قامت وسيله بينما هز عمر لها رأسه أن تذهب 

دخلت لتلتقي عيناها بعيون والدتها التي اتجهت إليها تحتضنها بلهفه : عامله ايه يا سيلا 

هزت وسيله راسها لتتابع سندس بقلق : ايه اللي حصل مع جدتك ....فتحت وسيله فمها لتتحدث بينما كانت بأمس الحاجه لأن تشارك همومها مع أحد وليس اي احد بل والدتها ليدخل طلعت بتك اللحظه مقاطعا : سندس يلا الناس وصلت 

اومات سندس له وعادت تتطلع الي وسيله التي عادت لتتحدث ولكن نيفين كانت تقول : ماما  

رفعت سندس راسها الي الفتاه التي قامت بتذمر : 

حاسه ان المكياج مش حلو 

قالت سندس بسرعه بينما تريد اكمال حديثها مع ابنتها ::حلو اوي يانيفين 

هزت الفتاه راسها باصرار علي اجتذاب اهتمام والدتها : لا لا ...بصي انا بقول اخفف الروج شويه

ولا ازود ولا احط لون تاني 

تابعت وسيله خطوات والدتها التي اتجهت الي نيفين بحسرة تسربت الي قلبها شيئا فشيئا بينما كل ما اهتمت به هو تلك الفتاه بدلا أن تهتم بابنتها ولو لمره واحده  فقد طرحت عليها سؤال ولم تهتم بالحصول علي اجابته

انتهت مراسم الخطبه وطلعت لا يتوقف عن الفخر بعمر 

الذي أخذه نهج كل حديثه أمام عريس ابنته المرتقب 

ليقول بسماجته المعتادة : ناخد صورة كلنا 

بتقول تشعشع بكيانها كانت وسيله تبتعد بجسدها عن والدتها التي جاءت لتقف بجوارها بينما لا تحتاج لوقوفها بجوارها بالصورة ابدا بل كانت تحتاجها بالواقع لتجد ذراع عمر تحيط بها بحنان كانت بأمس الحاجه اليه 

فنظرت إليه ليبتسم لها وعي

ناه تخبرها انها ليست وحيده طالما هو بجوارها ....انتهت الصورة وانتهت مهمه عمر الذي ترك وسيله تتقدمه للاسفل ليميل علي طلعت ويهمس له : انت شوفت بنفسك أن وسيله كويسه ومبسوطه معايا ....بلغ جدتها الكلام ده ! 

..........

....الفصل التالي



تابعة لقسم :

إرسال تعليق

9 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. شو قصة رجال هالرواية كل واحد احقر من التاني

    ردحذف
  2. برافو رونا الرواية غاية فى الروعة والسرد تحفة ووصفك بيخلينى اتخيلهم قدامى وأندمج معاهم والحوار سلس جدا ومعبر والأحداث مشوقة جدا وشابوه وصفتى الشخصية النرجسية صح جدا ومعلوماتك صحيحة وعمر بيمثل دا بجدارة وهو بيحاول يعزل وسيلة عن كل الناس إللى بتحبهم عشان يحاصرها ومتبقاش محتاجة غير ليه وتبقى بتاعته لوحده حب مرضى جدا تسلمى على المجهود اللى بتبذليه عشان الرواية تطلع بالشكل الرائع والمبدع دا تسلم ايدك البارت جميل جدا وممتع بالتوفيق يا حبيبتي ❤❤❤

    ردحذف
  3. انانيه عمر لا حدود لها ايه كميت اللامبالاة والجحود والانانيه دي ووسيلة ازاي توافقه على كدا صحيح مراية الحب عاميه

    ردحذف
  4. مقرف عمر شخصية مقرف

    ردحذف
  5. رائع جدا جدا

    ردحذف
  6. حلو اوى يا رونا عاجبنى اوى مشهد غرام وامها برضو قلب الام ومراد دة انانى ومغرور اوى

    ردحذف
  7. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !