حكايه عمر الفصل الخامس والاربعون جزء اول

9


 حكايه عمر 

الفصل الخامس والاربعون جزء اول 

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

توسدت وسيله صدره واستكانت تحت لمسات أنامله الرقيقه التي يمررها بين خصلات شعرها تحاول أن تتهرب من صوت عقلها الذي يناديها بالنهوض عن هذا الصمت الذي كذبت وهي تتدعي أنها ترتاح به وتستمتع بسماع صوت دقات قلبه به فبداخلها الكثير من الكلام ولكن بنفس الوقت داخلها شيء لم تفسره إلا انه فقط اختيار الوقت المناسب للحديث .... !

تباطأت حركه أنامله بين خصلات شعرها متزامنه مع نبرته الهادئه وهو يسألها : نمتي يا سيلا ؟! 

هزت راسها بصمت لتشعر بتنهيده تخرج من طيات صدره وهو يتابع بارتياح : تعرفي اني مبقتش ارتاح الا وانا معاكي ....مال ليطبع قبله علي منبت شعرها وهو يتابع بامتنان : انا بحبك اوي يا سيلا 

تمتمت وهي تغمض عيناها تتنفس الارتياح والسعاده من كلماته : وانا كمان ياعمر 

ابتسم وتابع حركه أنامله مجددا ولاول مره يجد نفسه يريد أن يتحدث لايعرف تحديدا لماذا ولكنه برر أنه يرتاح للحديث وليس أنه يقدم تبرير لم تطلبه منه عن غيابه أو عدم وفاءه بوعوده لها حتي الآن ليجد نفسه يخبرها بما حدث وكالعاده يحصل علي تأثرها لتستند وسيله إلي صدره بمرفقها وتنظر إليه بتساؤل بينما ختم حديثه : لازم يطلقها الحيوان ده .!

: بالبساطه دي ياعمر ؟!

اوما بجديه : زي ماهو بالبساطه دي فكر يهينها ويجي عليها !

قالت وسيله بمنطقيه : هو اكيد مفكرش واللي حصل ده لحظه غضب منه لأنه لو فكر مكنش هيعمل حاجه تخليه يخسرها طالما بيحبها

رفض الاستماع لأي منطق ليقول باحتدام : مش مشكلتنا فكر ولا مفكرش . ... كده خلاص هو جاب آخره 

مفيش حل الا الطلاق 

داهمها للحظه شعور بالضيق في صدرها من مجرد ذكر تلك الكلمه لتتساءل بشرود بينما ركضت ذكرياتها ناحيتها لذلك اليوم وهي واقفه خلف الباب تسترق السمع ( الطلاق مفيش غيره .....هتطلق سندس يعني هتطلقها ) 

لتخرج كلماتها بشتات وشرود متساءله : والطفل اللي جاي ....ليه يجي ويعيش بين اب وام منفصلين ؟!

لم يشعر بما يختلج مشاعرها وقلبها خلف هذا السؤال الذي سألته بينما هو بالواقع لا يهتم لشيء إلا تلك الكرامه المنشوده لأخته ليهتف بعنفوان وهو يزيح الغطاء من فوق جسده ويقوم من جوارها  

: عادي زيه زي اي طفل واحنا مش هنخليه يحس بفرق 

ابتلعت وسيله بثقل وهي تتذكر نفس الحديث الذي دار بهذا المشهد الذي امتليء بالكثير من الأشخاص رددوا نفس حديث عمر ردا علي تساؤل واحد وهو مصير تلك الفتاه ليجيب الجميع نفس الاجابه المنطقيه بأنها لن تشعر بهذا الانفصال ولاتدري من اين جاءهم هذا اليقين بينما لم يسألها وقتها أحدهم عن رأيها أو مشاعرها وحتي وجودهم انتهي بانتهاء هذا المشهد بالطلاق 

لتبقي هي وحدها تعاني افتقاد وجودها ونشأتها بين أبويها  وكل واحد منهم جذبته الحياه لطريق منفصل 

ليغص حلقها وهي تردد بشرود بينما بقي هذا المشهد في ذاكرتها : مين قال كده ...اكيد الطفل هيتأثر ومهما يكون تعويضكم له إلا أنه هيحس دائما أن في حاجه ناقصاه سواء أمه أو أبوه 

هزت راسها وتابعت بيقين :  مش بالسهوله دي ياعمر ...في طفل في النص هيتظلم 

لايريد الحديث العقلاني ولا حتي التفكير في شيء سواء مستقبل الطفل أو أخته فهو لم يعتاد التفكير في الغد فليبقي الغد للغد لذا قال بمراوغه لإنهاء الحديث : انا هدخل اخد شاور وبعدين هنزل اشتري ليكي التليفون اللي وعدتك بيه وارجع تكوني جهزتي لينا العشا ماشي ياروحي 

رفعت وسيله عيناها إليه ولكن قبل أن تقول شيء كان يغادر من امامها ....مجددا سيغادر وهي مجددا ستبقي وحدها ومجددا يبقي حديثهم بلا نهايه ومجددا لا تعرف علي اي بر سترسو قصتهم ....!

خرج عمر يصفر ويدندن ليسكت صوت التفكير الذي أصبح يتعالي من وقت لآخر في عقله ليجدها واقفه مكانها 

نظر إليها من خلال المراه وسألها : مالك يا سيلا ؟!

ترددت للحظه ولكنها في النهايه قالت ببساطه تماثل بساطه طلبها :

ينفع اجي معاك ...انا زهقت من القعده لوحدي ..!

اوما بلا تردد : اوك اجهزي ونخرج سوا 

ابتسمت له كطفله صغيرة لا تدرك مبدأ الثواب والعقاب الذي يمارسه عليها دون قصد منه حتي الآن ولكنه هو فقط يشعر هكذا ...!

احسنت التصرف إذن عليه أن يكافئها ! 

......

اتسعت عيون زينب بصدمه ما أن خرجت مهروله علي سماع صوت الارتطام القوي لتجد ابنتها واقعه علي الأرض وهذا الرجل يكاد يميل ناحيتها لتهدر به بصراخ : انت عملت ايه في بنتي ؟!

اكمل ايهم حركته ليجثو بجوار الفتاه الفاقده للوعي وهو يقول : معملتش فيها حاجه ... اغم عليها فجأه 

مالت زينب بلهفه علي ابنتها تربت علي وجهها : غرام غرام ! 

مد  ايهم ذراعه ناحيتها لتزجره زينب :  انت بتعمل ايه ؟!

قال ايهم بجديه : هشيلها من علي الأرض وهتصل بدكتور 

زمجرت زينب به وهي تدفع يده بعيدا عن ابنتها : ابعد ايدك عنها 

انزعجت ملامح ايهم لتصرف المرأه معه وكأنه مغتصب لينظر لها بحده هاتفا :  بقولك هشيلها ولا هتسيبها واقعه علي الأرض 

زمجرت به زينب مجددا وعيناها انتصبت علي وجه ابنتها الشاحب : اوعي انا هشيلها 

حاولت زينب أن تحرك جسد ابنتها لتتعالي أنفاسها ولا يساعدها جسدها النحيل ليزفر ايهم قائلا وهو يتمسك بهدوء أعصابه : اوعي ياست زينب .... خلينا نشوف حصل ليها ايه الاول 

أبعدت زينب يده عن ابنتها بغل هاتفه : بقولك سيبها بس متلمسهاش 

نظر لها ايهم بحده وهو يمد أحدي ذراعيه اسفل ركبه غرام والاخري خلف كتفها ليحملها ويعتدل واقفا وهو يزمجر بزينب بتوبيخ : عيب كده ياست زينب...ايه تلمسها دي ...انا بساعدك ! 

اشار الي ابنتها الفاقده للوعي وتابع : اوعي ياست زينب خليني احطها في سريرها و اكلم الدكتور 

تبادلت معه زينب النظرات الحانقه لتهتف به بغضب وهي تتحرك من أمامه : هاتها هنا 

وضعها حيث أشارت له زينب بغرفتها وسرعان ما اتجهت الي طاوله الزينه تسحب من فوقها أحد العطور ذات الرائحه النفاذه وتمررها أمام انف غرام التي عقدت جبينها بانزعاج ولكنها لم تفتح جفناها الثقيلان لتركض زينب الي جانب الغرفه الصغيرة تخرج من خزانتها تلك الحقيبه الصغيرة وتفتحها وتخرج منها جهاز قياس الضغط 

لتضعه حول ذراع ابنتها وتبدأ بقياس ضغطها ...نظر ايهم إليها بينما لاح القلق علي وجهها وهي تحدث نفسها : يالهوي ...ضغطها واطي اوي 

قال ايهم في محاوله منه لمساعده المراه : هكلم دكتور 

تجاهلت ما قاله و باللحظه التاليه كانت تنادي علي ابنتها وهي تدون لها : شيماء بسرع انزلي الصيدليه هاتي الحقنه دي 

أعاد ايهم هاتفه الي جيبه وظل واقف مكانه يتابع زينب التي أخذت تحرك أناملها علي جبين ابنتها بحركات معينه لافاقتها 

رفعت زينب عيناها تجاه ايهم وهدرت بغل بينما لا تستجيب لها ابنتها :  لو بنتي حصل ليها حاجه هوديك في داهيه ...!

لم يأخذ ايهم تهديدها علي محمل الجد مراعي ما تمر به وكذلك شعرت زينب بتهديدها الواهي لتهتف به بمرارة : 

انت عاوز ايه منها ....ابعد عنها بقي كفايه اللي حصل لها !

قال ايهم بدفاع عن نفسه : انا مجتش جنبها بنتك هي  اللي ... قطع حديثه رنين الجرس الذي تعالي لتزفر زينب بعد أن نادت علي ابنتها وتذكرت أنها ارسلتها لشراء الحقنه وباقي اولادها لم يعودوا من مدارسهم 

لتقوم من جوار غرام وهي ترفع اصبعها بتحذير أمام ايهم : اياك تقرب منها 

اسرعت لتفتح الباب وهي تهتف : اتاخرتي ليه يا شيماء ....قطعت حديثها حينما تفاجأت بجارها امامها لتقول بتعلثم : عم عبد الله !

قال الرجل وهو يلتقف أنفاسه : 

خير ياست زينب سمعت صوت خبطه 

قالت زينب بارتباك : لا دي العيال وهي بتلعب وقعوا الكرسي 

قال الرجل بارتياح : المهم انهم بخير  ....معلش علي ما نزلت السلم انتي عارفه صحتي 

قالت زينب سريعا : ربنا يديك الصحه 

ابتسم لها قائلا : حمد لله علي سلامه غرام 

هي كويسه  

قالت زينب وهي تهز راسها : حلوة يا اخويا 

قال الرجل بلطف : ربنا يحنن أهل ابوها عليكم ويلم شملكم 

اومات زينب بمراره : يارب ياعم عبد الله

...........

   

حركت غرام جفانها الثقيلان وبدأت تفتحهما ببطء للحظه قبل أن تتسع عيناها وهي تتفاجيء به امامها وعلي الفور تتراجع في فراشها بذعر وهي تهتف :  انت جاي تسجنني... هتقتلني هتشنقني ....هتعمل فيا ايه ...دون أي مقدمات اندفعت دموع الخوف من عيناها وهي تتذكر مشهد الدماء وطعنها لهذا الشاب لتتابع بهذيان :

حرام عليك ...حرااام عليك 

زم ايهم شفتيه بغضب شديد ومال عليها بينما بتلك اللحظه وقف امامها كما يقف بكل اللحظات امامها لايعرف ماذا يفعل وهو تاره يريد الاطباق علي عنقها وبنفس الوقت تاره أخري يشعر بالشفقه عليها 

ليزمجر بها بغيظ من بين أسنانه : 

انتي اللي حرام عليكي اللي بترمي نفسك فيه ...انا مش حذرتك تظهري قدامي مره تانيه  ....جيتي ليه وعملتي كده لييييه 

هتفت غرام من بين دموعها : عشان اخد حقي منك 

.....انت دمرتني وضيعت مستقبلي وعايش حياتك وانا لا كان لازم اخد حقي واموتك 

كور ايهم قبضته وهتف بها باتهام : انا عملت اللي عليا ووالدتك رفضت 

هتفت غرام بثبات وهي تزيح الدموع من فوق وجنتيها : رفضت عشان اللي انت عاوزه مش حل ! 

زمجر ايهم بها باستنكار : و الحل انك تقتليني وتدخلي السجن ؟!

اومات غرام بيأس : علي الاقل هكون ارتحت ...انا كده كده مستقبلي ضاع ...

ليه انت تعيش عادي وانا حياتي تقف 

هتف بها ايهم بغضب بينما لا تتوقف عن إلقاء كل اللوم عليه بخطأها : قولتلك عملت اللي عليا و والدتك اللي رفضت 

نظرت له غرام باتهام : وانت ماصدقت ....حتي محاولتش توصل معاها لحل 

صاح ايهم بانفعال : اعملها ايه ! 

بكت غرام بيأس لتدخل زينب بخطوات مسرعه وهي تحمل بيدها تلك الحقنه التي احضرتها ابنتها 

لتسرع الي جانبها وتمسك بوجهها تسألها بقلق : غرام ...حاسه بأيه ...رجعي ضهرك لورا 

مدت ذراع ابنتها وغرست بها تلك الحقنه ثم أخذت تحرك ذراع ابنتها برفق للحظات قبل أن تستدير تجاه ايهم وتنظر له بحده هاتفه : انت لسه واقف مكانك ليه ....اتفضل و كفايه اللي حصل لينا من تحت راسك ...ابعد عن بنتي  !

نظر لها ايهم بحده للحظه قبل أن تنتقل نظراته المحذرة الي غرام وهو يهتف بها بتحذير شديد 

:  لو قربتي تاني ناحيه اي مكان انا فيه مش هرحمك 

استدار سريعا ليغادر ولكن ماهي الا خطوتين وكان يتوقف مكانه حينما هتفت غرام بتحدي وهي تقوم من فراشها  : هقرب وانا اللي مش  هرحمك...!

هتفت زينب بها وهي توقفها : غرام 

قالت غرام بصوت مختنق بالدموع : اوعي يا ماما 

انا مش خايفه منه ده دمر حياتي 

لازم يدفع التمن زيي 

قالت زينب بمراره وهي تمسك ذراع ابنتها التي ترنحت بضعف : اللي زيه مبيدفعوش التمن

نظرت لها غرام وسألتها بصوت ممتزج بالدموع التي ملئت عيناها : ليه

قالت زينب بيأس : هي دي الدنيا 

سيبيه يروح لحال سبيله يا بنتي 

هزت غرام راسها برفض : لا يا ماما مش هسيبه هو يعيش حياته واحنا حياتنا تتدمر 

تحاملت علي ضعف جسدها وافلتت من يد والدتها واتجهت ناحيته تصرخ به ببكاء : 

حرام عليك انت دمرتني وضيعت مستقبلي 

وفي ايدك تنقذني ليييه مش عاوز تمد ليا ايدك 

امسكت زينب بكتف ابنتها وهتفت بها برفض أن تتسول منه الرحمه : غرام ....حياتك مش في ايد حد متشحتيش منه شفقه زي ما انتي غلطتي هو غلط وحسابه عند ربنا 

مشكلتنا هنحلها 

نظرت غرام بعيون محتقنه بالدموع الي والدتها قائله : نحلها ازاي ...بطريقتك لا يا ماما  ...مش هقدر اكمل كده وهو عايش حياته وانا متعذبه 

قالت زينب لها بتشجيع : هتقدري الضرورات تبيح المحظورات 

هزت غرام راسها : لا ...انسابت المزيد من دموعها وهي تنظر إلي ايهم الذي وقف مكانه بوجه لا يعكس طاحونه الأفكار ولا المشاعر بداخله لتندفع غرام تجاهه وتتجرء تمسك بذراعه تصرخ به : حرااام عليك انت معندكش رحمه .... ازاي قادر تنام وانت عارف اني لوحدي اللي دفعت التمن مع انك غلطت زيي ....هتخسر ايه ! 

شوف انا خسرت ايه وانت مخسرتش حاجه ولا هتخسر 

غرام

ابعد ايهم يدها عنه لتسرع زينب تجاه ابنتها التي ترنحت للخلف تمسكها وتسندها الي كتفها وترتب عليه بمواساه ناظره الي ايهم وهي تقول : روح يا بيه لحال سبيلك 

نظر إلي غرام التي رفضت بانهيار وحاولت ابعاد والدتها عنها لتهاجمه صارخة :  لا يا ماما مش هيمشي .....انا هموت نفسي ....هموت نفسي ياماما عشان تعبت ومش قادره اتحمل اكتر من كده 

قالت زينب بعتاب : وتحرقي قلبي عليكي وتموتي كافره ....يابنتي هنلاقي حل 

مرر ايهم يداه علي وجهه بينما أصواتهم بكاءهم ملامحهم التي ارتسم عليها هذا العاذب تحفر باناملها وتنهش في عقله وتزجر ضميره الذي زجره بعنفوان أن يرفع الظلم عنها ويتحمل جزاء أخطاءه 

خطوة ...اثنين  تحركهم هربا من هذا المشهد ولكنه لم يتابع ثالث خطوة فلم يكن يوما جبانا لذا توقف مكانه والتفت الي زينب التي تحيط جسد ابنتها التي كانت تحاول الفرار منها بذراعيها تواسيها وتواسي نفسها في مصيبتها 

نظر ايهم الي زينب واستجمع ثباته وهو يقول : 

اخر الاسبوع هاجي اكتب الكتاب وشوفي مين من أهلها هيكون شاهد ووكيل لها 

توقفت حركه غرام لتنظر اليه من بين دموعها بينما زينب هدر قلبها بسرعه وهي تستمع لتلك الكلمات التي لم تصدق صحتها و رفضت أن تبني رد فعل قبل أن تتبين مقصده لتسأله بثبات : هتتجوزها 

زم ايهم شفتيه بحنق من الموقف الذي أجبر نفسه عليه ليهتف بها باستجهان : كلامي له معني تاني ؟!

هتفت زينب به بحده : كلامك كلمتين فض مجالس مفهمهوش !

نظر ايهم إليها باستفهام : عاوزة تفهمي ايه ؟

قالت زينب بثبات : مصير بنتي ...هتتجوزها رسمي في العلن ولا ورقه في السر 

تمتم ايهم من بين أسنانه : هتجوزها علني 

ابتلعت زينب وبدأت الدماء تتحرك بعروق غرام التي جمدت الصدمه لسانها بينما زينب رفعت راسها بكبرياء وهي تقول : بنتي غاليه اوي وتستاهل اجدع راجل لولا ولاد الحرام اللي ضحكوا عليها وانا مش هفرط فيها بالساهل بنتي هتتجوز بفستان ومهر ومؤخرا زي اي بنت

اوما ايهم بصمت دون جدال ولكن صمته كان مستفز لتتابع زينب : قولت ايه 

نظر ايهم الي زينب لتقول غرام وهي تمسك يد والدتها برجاء : انا مش عاوزة حاجه ؟!

هتفت زينب بابنتها التي أرادت أن تبدأ لها حياه وهي مرفوعه الراس : ده حقك انا مش بشحت منه ....زيك زي اي بنت 

تفاجات بأيهم يوميء :  حاضر يا ست زينب 

نظرت زينب اليه تسأله بشك : يعني هتعيشها بما يرضي الله واللي فات مات !

قال ايهم بتسويف بينما لم يفكر بما هو قادم وما نطق به كان تخليص لنفسه من صوت ضميره : أن شاء الله ! 

.....

.......

وضع هشام اكواب الشاي أمام زينه علي الطاوله الخشبيه التي تتوسط الشرفه المطله علي شاطيء البحر الذي غرقت زينه أمامه في الذكريات 

نظر هشام الي زينه برفق متساءلا : يعني مش عاوزة تتكلمي معايا يازينه وتقوليلي اللي مضايقك 

نظرت إليه زينه وقالت بابتسامه باهته : حاسه اني كبرت علي الشكوي يا اتش ..

نظر لها هشام بعتاب : كبرتي عليا ولافاكرة مش هعرف اجيبلك حقك من عاصم اللي واضح أنه مش هيعقل ابدا 

ابتسمت زينه له برفق وربتت علي يده : مفيش حاجه وعاصم مزعلنيش

ضحك هشام دون إرادته قائلا : اه يابكاشه ... بقي عاصم مزعلكيش !

خفضت زينه وجهها وغص حلقها لتتنهد قائله : لا انا بس مخنوقه وحبيت اغير جو 

تعالي رنين جرس الباب ليسمعوا صوت جوري من الداخل : انا هفتح 

اتسعت ابتسامه جوري وسرعان ما قفزت بحضن ابيها : بابي ...انت جيت ....كويس انك جيب تصالح مامي 

ضمها عاصم إليه وقال وهو يداعب شعرها : طبعا يا حبيتي هصالحها ...اصلا مقدرش علي زعلها 

ابتسمت جوري له ليغمز لها بمرح قائلا : ها بدأو النميمه عليا ولا لسه 

ضحكت جوري وأشارت الي الداخل : قاعدين في البلكونه من بدري 

اوما عاصم لها ودخل ليتعالي صوت هشام : مين يا جوجو 

كانت الاجابه بنفس اللحظه ظهور عاصم امامهم ليستند بجسده الي إطار الشرفه ويتطلع الي زينه بنظره مشتاقه تحمل اعتذاره : السيء في روايتكم !

لم يستطع هشام امساك ضحكته وكذلك زينه التي أبعدت وجهها للجهه الأخري تخفي ضحكتها التي محتها سريعا 

قال عاصم لهشام بمرح وهو يشير إليها بطرف عيناه : ها اشتكت ليك مني وقطعتوا فروتي ولا لسه !

قام هشام من مكانه ووكز عاصم بكتفه قائلا بتوبيخ لطيف : لا يا ظريف زي ماهي بنت اصول ومقالتش عليك كلمه ...اوما هشام له وربت علي كتفه هامسا بخفوت : يلا صالحها هسيبكم لوحدكم 

قال عاصم بيقين وهو يهز رأسه لهشام الذي دخل للداخل : طبعا بنت اصول امال اتحملتني ازاي السنين دي كلها 

أدارت زينه راسها تجاهه لينظر لها عاصم باعتذار 

وقبل أن تقول شيء كان يميل عليها يقبل راسها قائلا : انا اسف 

تابع اعتذاره بأنه جثي علي ركبته أمام مقعدها وامسك كلتا يديها ورفعهم الي شفتيه وكرر اعتذاره : انا اسف يا حبيتي يا مراتي ياأم ولادي يا شريكه عمري يا سبب نجاحي يا كل حاجه ليا في الدنيا !

..........

....

حاولت وسيله أن تشغل عقلها وتصب انتباهها علي هذا الهاتف بيدها ولكنها عجزت لترفع عيناها تجاه عمر تنطق اسمه : عمر 

قال عمر وهو يدير السيارة ويتحرك بها : ايه يا حبيتي مش عارفه تشغلي التليفون 

هزت راسها ووضعت العلبه علي ساقها واستدارت له بكامل جسدها قائله : عمر انا عاوزة اروح لتيته !

........

.....

حاول ايهم بصعوبه أن يخرج تلك الكلمات التي قضي ساعات يصوغها ويرتبها وهو يخبر ابنتاه بما انتواه

ليعلل اخيرا : انا عمري ما نسيت ذكري مامتكم ولا كنت ناوي ابدا علي الخطوة دي بس البنت عندها مشكله مع عيلتها وبجوازي منها ها ...ها.. لم يسعفه عقله لصوغ أي تبرير يراعي به مشاعر ابنتاه لترحمه حلا وكانت اول من يعبر عن رأيه بما قال ابيها لتقول ببساطه وسعاده للحظه لم يصدقها ايهم : انا موافقه جدا يا بابي ....جميله وعسوله واحنا حبيناها ....التفتت الي اختها تسألها : مش كده يا هنون ؟!

نظر ايهم بتوجس الي صمت ابنته الذي طال والي نظراتها الي اختها التي وكزتها بنظراتها تستجديها الا تقف عائق أمام ابيهم الحنون 

قبل أن تقول هنا شيء كان ايهم يقول بصعوبه : هنا لو الموضوع ده هيضايقك انا .....قاطعته هنا وهزت راسها قائله بقليل من الشتات : لا ابدا يا بابي ...انا بس ...بس اتفاجئت 

قال ايهم وهو يخفض عيناه بخجل من وقوفه موقف كهذا أمام ابنتاه: انا عمري ما فكرت اضايقكم بزوجه اب بس ...بس البنت فعلا محتاجه اقف جنبها ومينفعش تعيش معانا كده 

اومات حلا بتفهم كان أكثر من اختها الصغري التي كان تعلقها الشديد بابيها ربما سبب بعدم قبولها الأمر لأول وهله : يا بابي غرام جميله واحنا عاوزينها تعيش معانا ...! مش كده يا هنا 

اومات هنا اخيرا لتبتسم لأبيها بهدوء : أيوة يا بابي 

...........

......

نظرت وسيله إلي عمر بتوجس بينما طال صمته لتسأله : مالك ياعمر ؟!

قال عمر باقتضاب : مفيش يا وسيله 

ابتلعت وهي تنظر إلي جانب وجهه بينما يقود بصمت دون أن يرد أو يعلق علي ما قالته لتفرك يدها بتوتر أصبح بارع في جعلها تعيشه فقط بسبب صمته وعدم كشفه عن نواياه ....اوقف عمر السيارة اسفل منزل جدتها ليتكرر المشهد بنفس الإشارة من يده : اتفضلي روحي لها !

سحبت وسيله نفس عميق وبداخلها نشب إصرار الا ينتهي المشهد كما انتهي سابقا ليتفاجيء عمر بها تمسك بيده وتنظر الي عيناه تناجيه الا يرفض بينما تقول : تعالي معايا ياعمر !

نظر لها باستفهام لتهز راسها وتقول برجاء ممزوج بالثقه : هنطلع مع بعض لتيته وانا هقولها اني اخترت حياتي معاك بس في نفس الوقت مقدرش اعيش حياتي وهي مش فيها ولا زعلانه مني ....تعالي معايا ياعمر واقبل منها زعلها واتاكد اني عمري ما بعد عنك وتيته مش هتجبرني ابدا ابعد عنك ...لو ليا خاطر عندك تعالي معايا وحاول تراضيها....غص حلقها وهي تتابع بعيون لمعت بها الدموع : تيته هي كل حاجه ليا في الدنيا وانا متاكده أنها عمرها ما هتقدر تبعد عني ! 

.......

..........

قال عاصم برجاء : زينه افهميني زي ما طول عمرك بتعملي ....الكلام اللي قولته كان من خوفي علي بنتنا 

امسك كلتا يديها بين يداه ونظر في عيونها بخجل يظهره امامها هي وحدها بينما يتابع باعتراف : انتي عيشتي التجربه دي معايا ليه عاوزة بنتنا تعيشها ....زينه كلامي ده مش معناه اني مش قابل علي بنتنا اللي قبلته عليكي بس معناه اني عارف اد ايه انا اذيتك ومش عاوز حد يأذي بنتنا ....عارف انا عملت ايه فيكي ومش عاوز بنتنا تعيش كده ...انا عارف انك تعبتي معايا اوي وعذري الوحيد اني بحبك ومقدرش ابعد عنك وكنت بضغط عليكي انك تقبلي اعتذاري كل مره ..عارف كل ده وزي ما بقولك عذري الوحيد اني كنت بحبك بجنون وعمري ما قصدت أاذيكي بس طبعي كان بيتحكم فيا ويشهد ربنا اني حاولت اتغير ....تنهد وتابع بمنطق : بس اعرف منين أن جوري جوزها بيحبها كده ...اعرف منين أنه مش قاصد ياذيها وهو قدامنا وفي بيتنا عمل كده امال بينه وبينها عمل ايه ....يا زينه لو اضمن عشرة في الميه أنه مش قاصد أو شوفت في عينه لحظه ندم مكنتش هتجنن كده ....صدقيني اللي بعمله هو الصح ...انا مش هأذي بنتي انا خايف عليها تمشي ورا قلبها وفي الاخر تتأذي 

يا زينه انا برغم الحب اللي بينا ومحاولتي اني اصلح من نفسي الا انك منستيش وكل مره بتفكريني باللي عملته وده معناه انك لسه موجوعه ليه عاوزة جوري تحس بكده ....انا غلطت معاكي بس غصب عني واهو بحاول وهفضل احاول اصلح غلطاتي بس مش معناه نسيب بنتنا تعيش التجربه ....خلينا نقف جنبها ونساعدها تاخد قرار صح 

قالت زينه بعتاب : انت اخدت القرار عنها 

قال عاصم بمنطق : عشان هي مش في حاله تسمح ليها تاخد اي قرار ....نظر في عيونها وتابع بعتاب : زيك هتمشي ورا قلبها وفي الاخر هتندم زي ما انتي بتندمي دلوقتي انك سامحتيني  ....غص حلقها لعتابه لينظر عاصم لها ويتابع :  علي الاقل يا زينه زعلك مهانش عليا إنما هي زعلها هان عليه ومفكرش يجي يصالحها ومسك في غروره 

قال كلمه صحيحه فتحت عيون زينه علي موقف مراد الذي بالفعل استهجنته بينما بالفعل مجرد مجيء عاصم خلفها بلسم جروحها عكس جروح ابنتها التي لم تجد من يبلسمها لينظر لها عاصم 

برجاء ويتابع :  انا عارف انك بتحبيني وهتسامحيني مش كده يا زينه 

صمتت وابعدت عيناها عن عيناه ليرفع ذقنها بانامله ويجعلها تنظر إليه بينما يتابع : هتسامحيني وهتقفي جنبي وتشجعيني اجيب حق بنتنا مش كده !

...........

.....

تثاقلت دقات دقات قلب وسيله وهي تتلفت حولها بعدم فهم لباب منزل جدتها المفتوح علي مصراعيه لتتشتت نظراتها في كل اتجاه مع هولاء الذين يتحركون هنا وهناك يحملون الاثاث ويخرجون به من الباب الذي دخلت منه للتو خطوتين ...نفس نظرات عدم الفهم ارتسمت علي ملامح عمر وسبقته وسيله بالسؤال لذلك الشاب الذي كان يحمل قطعه كبيرة من الاثاث بذراعيه مفتوله العضلات والتي تصبب فوقها العرق : انت مين وبتعمل ايه ....تيته فين ؟!

قال الشاب وهو يهز رأسه : معرفش !

انزعجت كل ملامحها وتترجم قلقها في نبرتها المنفعله وهي تمسك بذراعه الشاب توقفه : هو ايه اللي متعرفش ....رد عليا انت مين ؟!

هتف الشاب بحنق وهو ينزل الحمل من فوق ذراعه : ياست ما تسبيني اشوف شغلي وروحي اسألي الحاج رؤوف 

زمجرت وسيله بعصبية: مين ده ....مين ده وانتوا مين وفين تيته ؟! انطق !

لاح الغضب علي ملامح الشاب وسرعان ما تأهب للهجوم علي وسيله التي جذبها عمر لتقف خلفه وتوقف هو أمام الشاب الذي قال باستدراك : لا مواخذه يا بيه بس هي اللي فتحت ليا محضر وهات يا اسئله وانا حيا الله شيال جاي انقل عفش ولا ليا بتاع مين ولا رايح فين 

نظر إليه عمر بهدوء وقال نبره حازمه : مالكش دعوة بيها ورد عليا انا ...مين الحاج رؤوف 

قال الشاب وهو يمسح عرق وجهه باحدي أكمام قميصه : اللي انا بشتغل عنده ....اشتري الشقه وبعتنا نفضيها

عقدت وسيله حاجبيها وثقل لسانها بينما لا تستوعب ما نطق به الشاب لتندفع : اشتري الشقه من مين ....تيته فين وايه اللي جرالها ؟!

نظر لها عمر أن تصمت ليوجه حديثه الي الشاب مجددا : وفين طريق الحاج رؤوف ده !

بنفس اللحظه كان يتعالي صوت تلك الكحه الصادره من خلال الدرج وبعد لحظات ظهر رجل أشيب يرتدي عباءه سوداء فوق قفطان بني اللون ليشير الشاب إليهم : اهو الحاج رؤوف 

تعالي صوت الرجل : محمد ايه لسه مخلصتوش 

عاد الشاب ليحمل قطعه الاثاث قائلا : اهو قربنا يا حاج 

عقد الرجل الذي وطأت أقدامه الشقه حاجبيه وهو يستفهم عن هويه وسيله وعمر ليتقدم عمر منه قائلا : السلام عليكم يا حاج 

اوما الرجل قائلا بنبرته الخشنه :  وعليكم السلام.... أامر يا استاذ 

قال عمر وهو ينظر للرجل : احنا قرايب الحاجه امتثال صاحبه الشقه 

قال الرجل سريعا : يا اهلا يا اهلا ...خير في حاجه 

قال عمر باستفهام : فين الحاجه امتثال ...العامل بتاعك بيقول باعت الشقه 

اوما الرجل قائلا : اه معلوم ...باعت وانا اشتريت 

اهتزت نظرات وسيله التي كاد عقلها يخرج من موضعه وهي تستمع لهذا الكلام الغريب فكيف تتخلي جدتها عن منزلها ولماذا 

: هي فين دلوقتي يا حاج

حك الرجل ذقنه قائلا : معنديش علم ....انا اشتريت من وسيط وللامانه معرفش حاجه عن الست امتثال الا اسمها اللي مكتوب في العقد 

اندفعت وسيله بشتات تهتف به : هو ايه اللي متعرفش ....تيته لا يمكن تبيع بيتها 

نظر لها الرجل بخشونه هاتفا : وانا هسرقها يعني يا مدام 

نظر لها عمر بحده لتصمت بينما اندفع تجاه الرجل بتحذير : كلمني انا يا حاج 

قال الرجل وهو يهز رأسه : ماهي اللي بتقول كلام غريب 

: كلمني انا ....فين الحاجه ؟

قال الرجل وهو يهز كتفه : زي ما قولتلك معرفش ....اسأل حسونه هو اللي اتفق معاها 

فركت وسيله وجهها بضياع ماثل ضياع كل ذكرياتها التي عاشتها بهذا المنزل وهي تغادره بخطوات ثقيله للغايه ولم يعد يصل لعقلها اي شيء بينما يؤكد حسونه نفس ما قاله الرجل أن جدتها باعت المنزل وانتقلت واخيرا ختم حسونه كلماته : والله يا استاذ معرفش راحت فين .... اخر حاجه خليت سواق التاكسي ياخدها محطه مصر تقريبا سافرت للحاجه اختها ...معنديش علم !

اوما عمر قائلا ببطء وهو ينظر إلي الضياع المرتسم علي وجه وسيله : متشكر 

لم تتجاوب خطواتها معه وبقيت واقفه تنظر بعيون تجمعت بها الدموع الي المنزل خلفها ليجدب عمر يدها ويدخلها الي السيارة التي ما أن دخلتها حتي انهارت بنوبه بكاء تردد : تيته راحت فين... سابتني وراحت فين ....ليه ....ليه ؟!

زم عمر شفتيه ولم يقل شيء حتي لم يواسيها أو يطمئنها وللحقيقه ليس سوء منه أكثر منه تشتت وضياع وعجز عن فهم شيء وكعادته حينما يزجر في الزاويه يتعالي تدفق الادرينالين بعروقه ويلجأ الي الغضب للتعبير عن عجزه فما كان منه إلا أنه اندفع يقود بغضب شديد غير مراعي لحالتها بل كل ما ركز عليه هو إفراغ غضبه والقاء اللوم علي أحد سواه ...كادت تصطدم بمقدمه السيارة التي دعس عمر مكابحها بقوة أمام المنزل لتنصدم ملامحها ما أن تعالي صوته الغاضب يصيح بها بلوم : اهي اللي انتي مقطعه نفسك عياط عليها مشيت ولا فرقتي معاها حتي تقولك مكانها ...ايييه عاجبك حالتك دي علي حد قولتلك الف مره اننا مش محتاجينه .....بقوة امسك وجهها ورفعه الي مرأه السيارة امامها : شوفي شكلك عامل ازاي وهي تلاقيها ولا في دماغها ....كفايه نكد بقي !

التقت نظراتها بانعكاس ملامحها الباكيه علي المراه بينما صوته الجهوري يكاد يخرق أذنها بلا توقف يلقي اللوم عليها ليزداد تدفق الدموع من عيونها بينما كانت كالمتهم الذي لا يدرك إي ذنب اقترفه وكعادته عمر يحطم ولا يبالي أو ينظر خلفه كان يتركها وحيده بهذا المنزل ويغادر دون قول شيء فيكفي ما قاله !

.........

.....


جلست غرام في فراشها تضع يدها علي وجنتها وتنظر تجاه ضوء الشمس الآتي من خلال النافذه بشرود لتتفاجيء بعوده والدتها باكرا من عملها علي عكس عادتها : ماما امتي كويسه 

اومات زينب وهي تشير لها : قومي يلا ياغرام البسي هنروح مشوار قبل ما اخواتك يرجعوا من المدرسه 

لم تجروء غرام علي السؤال بل سارت خلف والدتها بعيون مغمضه فبعد تجربتها المريرة أدركت أن صالحها هو أقصي طموح اي ام لابنتها 

دخلت خلف والدتها إلي ذلك المحل الذي كست واجهته الاطارات الزجاجيه التي تعرض جميع المشغولات الذهبيه 

ابتسمت زينب قائله : صباح الخير يا جورج 

ابتسم لها الرجل الاشيب ذو القميص المزكرش : صباح النور ياست زينب 

اشار لها بيده ذات الخواتم الذهبيه لتجلس  قائلا بترحيب : تشربي ايه ؟!

هزت زينب راسها ومدت يدها اسفل حجابها و خلعت من أذنيها ذلك القرط الذي كان الشيء الوحيد الذهبي الذي طالما تحلت به لتضعه علي الطاوله الزجاجيه قائله : شوف ده تمنه كام ياجورج 

اوما الرجل لتتجاهل زينب نظره الاستفهام في عيون ابنتها وتبتسم وهي بانتظار اخبار الرجل لها بالسعر الذي ما أن قاله حتي قالت زينب بعتاب : لا زود شويه يا جورج 

قال الرجل وهو يهز كتفه : الذهب سعره واقع النهارده يا ست زينب 

قالت زينب بلطف : بس ده حلق دهب قديم ودهبه ميتعوضش ....ازدادت ابتسامتها ورفعت عيناها تجاه ابنتها وهي تتابع:  زود شويه ده انا رايحه اجيب جهاز غرام 

اتسعت ابتسامه الرجل ليضرب علي الإله الحاسبه بينما نظرت غرام الي والدتها التي هزت لها راسها بحنان 

وابتسامه ازدادت حينما قال الرجل : 

نزود كمان ٥٠٠ عشان خاطر غرام والف مبروك 

تناولت زينب منه الأموال ووضعتها في حقيبتها قائله : الله يبارك فيك ...فرحها اخر الاسبوع نورنا 

اوما الرجل قائلا : طبعا يا ست زينب ...مبروك ياغرام 

لأول مره تشق الابتسامه طريقها عبر وجه غرام وهي تري اخيرا ابتسامه والدتها تعود إليها لتبقي طوال طريقهم في السوق تتأملها فقط بابتسامه وزينب تنتقي هذا وتترك ذلك وتطلب لون اخر من هذا ....لأول مره بعد طول عناء تشعر أنها  سعيده لأنها تعيش ما حلمت به والدتها من أجلها سعيده وأنها حاولت اصلاح ما أفسدته 

لتضع زينب يدها في ذراع ابنتها وتتابع طريقها 

في السوق وهي تطبطب علي جرح قلبها وتسامح ابنتها علي غلطتها وتأمل أنها تعلمت منها ! 

.....

......

بعيون لمعت بها الدموع تأملت امتثال تلك الكنزه الصوفيه باللون الوردي التي انتهت من حياكتها ليغص حلقها وهي تعلقها في مقبض الخزانه قائله بصوت متحشرج وهي تستحضر ملامح السعاده علي وجه حفيدتها : خلصتلك البلوفر يا سيلا .....هيعجبك اوي ...

فرت الدموع من عيونها وازدادت حشرجه صوتها بينما تتابع وهي تمرر يدها على الكنزه الناعمه : عملته زي ما طلبتيه....تلبسيه بالهنا يا حبيبتي 

مسحت دموعها والتفت الي الباب حيث دخلت اختها قائله : يلا يا امتثال الغدا جاهز 

قالت امتثال وهي تهز راسها : ماليش نفس 

اقتربت منها اختها وقالت بحنان : ليه بس يا امتثال ...انتي مأكلتيش حاجه من امبارح ....يا حبيتي هو مش امها طمنتك عليها 

انسابت الدموع من عيون امتثال وارتمت في حضن اختها قائله ببكاء : قلبي واجعني عليها اوي يا فاطمه ..... ازاي اهون عليها متسألش عليا ....وسيله لا يمكن تبعد عني الا لو مجبره ....جايز خايفه من زعلي منها بس مين قالها اني اقدر ازعل منها ....ضربت قلبها بيدها وتابعت بقهر: ياريت كان لساني اتقطع ومقولتش ليها انها مش هترجع البيت 

ربتت اختها علي كتفها بحنان لتقول امتثال بصوت باكي نادم: كنت خايفه عليها ....والله كنت خايفه عليها ومكنتش اقصد وبعتت ليها الورقه قولتلها قلبي قبل بابي مفتوح ليها ازاي تفضل واخده علي خاطرها مني ومتكلمنيش ؟!

........

.....

ضم مراد قبضته وهو ينظر في هاتفه لهذا الخبر الذي نزل في أحدي جرائد سوق المال عن عاصم يتحدث فيه عن أحدي مشروعاته التي سيبدأ بافتتاحها ما أن يعود من رحلته التي يقضيها برفقه عائلته وتذيل الخبر بتلك الصورة التي جمعته بزوجته وابنته وكما حرص عاصم بالضبط وصل المغزي الي مراد بأن حياتها لم تتوقف وهاهي في كنف احضان عائلتها تتابع حياتها ....ارتسم المكر بعيون عاصم بينما يرسل بعض الصور الي أحد الصحفيين والتي تظهر بها جوري برفقتهم تبتسم ....! 


..........

.....

نظرت ريم الي نديم الذي قال دون أن ينظر إليها : براحتك !

ابتلعت ريم ببطء تسأله مجددا : يعني مش هتضايقك لو روحت كام يوم عند بابا 

هز نديم رأسه وهو يقوم ويتجه الي غرفته التي يلتزم البقاء بها ما دام بالمنزل : مش فارق معايا وجودك من عدمه !

........

...........


لحظات ...دقائق ...ساعات ...ليله كامله ... تليها ايام تمر بكل مافيها تمر هكذا كانت وسيله تحدث نفسها أو تحديدا عقلها لتجاوز تلك الأيام بما فيها من لحظات ودقائق وساعات تمر عليها بثقل ومازالت نفس المتهم الذي لايعرف جرمه بينما يعاقبها بابتعاده عنها فقط لأنها سألت عن جدتها وكأن ابجديات المنطق تختفي أمامه وتصبح كعروس ماريونيت يحركها بتصرفاته فيقودها الي التفكير بالدفاع عن نفسها أو التساؤل عن ما اقترفته من ذنب دون أن تفكر في نفسها أو ما تشعر به لتضييع اكثر وسط ذلك البحر الذي ألقاها بوسطه وتكاد تبتلعها تلك الدوامه السحيقه من الظلام الذي اعتادت أن ينيره هو فقط فبقيت ايام مغيبه عن أي شيء والحزن يأكلها وعلي الجانب الآخر حدث ولا حرج فهو فقط يخبر نفسه أنه غاضب منها لانها من اخطأت ولا يوجد لديه حساب منطقي أو سبب لوضعها بخانه المخطيء سوي شعوره بأنها عكرت صفو سعادتهم ....!

بوجل أدارت وسيله راسها تجاه تلك الحركه بين الأشجار التي ظهرت واختفت فجاه لتركز عيناها تجاه الأشجار فلاتري اي حركه ....مره اخري شعرت بتلك الحركه ومعها حركه أحدي الاقدام لتهب من مكانها مذعورة وبعيون مرعوبه تنظر الي النافذه التي تقودها الي غرفتها تحسب عدد الخطوات التي ستركضها برعب لتدخل الي الداخل بينما لا تسعفها قدماها علي الحركه وتظل واقفه مكانها تنظر بخوف الي تلك الحركه من خلف الأشجار ويكاد قلبها يتوقف بينما تلك اليد تظهر فجاه من بين اوراق الأشجار الكثيفة !

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم 
الجزء التاني خلال يومين أن شاء الله مستنيه رايكم 

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

9 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. بارت رووعه

    ردحذف
  2. عمر بجد انسان مستفز وانانى بطريقة مش طبيعية بجد نفسى ياخد عشرين قلم من الدنيا عشان يفوق

    ردحذف
  3. البارت جميل جدا بس مينفعش تنزلى اكتر من واحد فى الاسبوع

    ردحذف
  4. الرواية كثير سوداوية حسستني انه ما ضل خير بالدنيا
    عيلة عاصم طالعة هالقصة ما عندهم غير الهم
    ليش هالقد هيك ؟!!!
    زي ما في بالدنيا اشياء سيئة اكيد في اشياء ايجابية و ناس منيحة
    كل ابطال الرواية متأزمين نفسيا 😅
    معقول هي هيك الدنيا
    حلو انه الروايات تعكس الوقع بس هيك كثير اطرفت الرواية للجانب الاسود من الحياة
    انت خفتي توقعي بفخ السطحية يا رونا بس للاسف وقعتي بفخ الدراسات النفسية اللي بتفسر النفس
    لدرجة انه الفصل ما بيكون في احداث عقد ما في تحليل للاحداث
    تقبلي مروري حبيبتي انا من متابعينك من بداياتك و حبيت انبهك من باب المحبة 🥰

    ردحذف
    الردود
    1. وانا كمان بردوا ده ‏رأيي طبعا رونا كاتبه رائعه وكل روايتها حلوه جدا بس فعلا الروايه ديه حستها واخده جانب سوادوى والابطال فيها معقدين وبالذات عمر اكتر واخد مش فهمه ايه سر التناقض الى فيه ده وكميه العند الى فيه وليه لحد دلوقتي مش قادر يروح يقول لى عاصم على جوازه من سيلا ويصلح سوء تفاهم الى حصل مع زينه والفكره الوحشه الى خدتها فى سيلا ما هو كده كده مبيفرقش معاه حد ليه بقا بيتحجج ان الوقت مش مناسب يتكلم فيه وليه مفكرش حتى يحاول يفهم زينه موضوع جوازه بسيلا بنى ادم متناقض فى كل حاجه بيعملها او بيقولها كمان انتى قولتى قبل كده ان وسيله اتكسرت منه بسبب مجهول لسه منعرفوش ازاى بقا هتعرف ترجع تنتقم لنفسها وانا شايفه ان عمر كمل وعاش حياته بعدها عادى فازاى بقا هترجع وتنتقم منه وتوجع قلبه وتكسره كمان مش فاكره بظبط هى قالت. قبل كده انه قاتل فاده تقصد بيه ايه بظبط انا لما سمعت كده اول حاجه جت فى بالى ان ستها ماتت. وشكرا جدا ليكى على قراه كلامى انا عارفه ان جيت فى الاخر هبدت وعكيت دنيا 😂👍♥️

      حذف
    2. هو طبعا كل واحد بيشوف الروايه وفقا لوجهه نظره ولكن حينما فكرت في كتابه الروايه لم يكن من قصد اظهار لا الواقعية أو السطحيه ولكن لطرح الفكره مع كامل احترامي هل لا يوجد حولنا أشخاص مثل عمر ومراد وسواه لا استغرب ابدا لان بالواقع وجود رجال كثاليين نوعا ما موجود باغلب الروايات حبيت اطرح نوع جديد مع الحل وبالنسبه لعائله عاصم اكيد في إيجابيات وسلبيات وليس فقط نكد

      حذف
  5. بالعكس الرواية واقعية وامثال عمر ومراد موجودة بكثرة في حياتنا الزوج المتعنت والعنيد واللي ما يعترفش بغلطه عجبني عاصم وهو راكع تحت رجلين زينة انه حس بخطأه معاها واللي ما يرضاش لولاده حاجة ما يظلمش ولاد الناس زي ايهم اللي عنده بنات كان المفروض من الاول فكر فيهم لان ربنا ما بيسيبش

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !