( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
دخلت وسيله الي غرفه الطفله وأغلقت الباب خلفها واستندت بظهرها إليه وصدرها يعلو ويهبط بقوة وهذا المشهد لا يفارق خيالها .....هزت راسها برفض أن تبكي ...هزتها مجددا وانفاسها مازالت تتلاحق ...لا لن تبكي ....لن تذرف دمعه واحده من أجله
طال رفضها أن تبكي وحاولت جاهده أن تمسك بدموعها ولكنها خانتها وانسابت حارقه علي وجنتيها تعزي نفسها انها لا تبكي عليه بل تبكي علي نفسها ....هي من خسرت كل شيء من اجل لا شيء ...! !
ذلك الحقير الذي دخل حياتها وسلب منها كل شيء ....تريد أن تحرقه وتحرق دنياه كما أحرقها
مجددا يتوهج الانتقام داخلها ولكنها في النهايه تكفف دموعها وهي تهز راسها ...كيف ستنتقم منه ؟!
لا تعرف لذا لن ترهق نفسها الكسيرة بالمزيد من الوجع وهي تفكر في قله حيلتها .....رفعت عيناها ببطء تجاه الطفله التي رقدت بلا حول ولا قوة اسفل جهاز التنفس لتري نفسها بها ....لن تنتقم ...لن تفكر به بل ستفكر في نفسها وفي تلك الصغيره التي ربما كانت التعويض لها ...
لا تريد التفكير به ولا بمرأه مثل هدي ...لا يستحقون
هي فقط من تستحق أن تفكر بها ....تفكر ماذا ستفعل وكيف لن تترك تلك الصغيرة لمصير مجهول ربما يكون مثل مصير طفلها الذي ضاع منها ....اتجهت وهي تكفف باقي دموعها تجاه فراش الطفله لتمد يدها تضعها فوق يد الصغيرة برفق وتعدها أنها تلك المره ستنفذ كل الوعود التي لم تنفذها لطفلها ...لن تتركها لرجل لا يهتم بحياتها كما لم يهتم عمر بحياه طفلها الذي مات قبل أن يعلم به ...!
...........
....
سعل صالح بينما يحاول أن يتحدث بوهن : خرجيني من هنا يا دلال ....انا مش هتعالج علي حساب حد
اومات دلال لتزم ثراء شفتيها بحنق وتتجه الي ابيها تهتف من بين أسنانها : ايه يا بابا اللي بتقوله ده ....اهدي انت تعبان
نظر لها صالح بعدم رضي لتنظر له وتقول باعتذار زائف لا يخرج من داخلها : حقك عليا في اللي قولته ....تنهدت وتابعت : بس قولت كده عشان بجد مستغربه موقفك انت وماما ...ليه عاوزين تقللوني قدامه
اشاح صالح برأسه للجهه الأخري قائلا : انتي اللي قللتي مننا يا بنتي
مالت عليه تقول برفق : اسفه يا بابا والله ما كان قصدي ....نظرت له برجاء وتابعت : عشان خاطري افهمني ....انت شوفت عيله عمر عامله ازاي وكل اللي قولته اننا بلاش نبان أقل منهم
قال صالح بعتاب : احنا مخبيناش حقيقتنا وعلي كلامك هو راضي
اومات سريعا : طبعا يابابا
تنهد صالح بتعب لتنظر ثراء إلي جانب وجهه بخبث سرعان ما اخفته وهي تتابع التحدث برفق : يا بابا لولا أنك تعبت كان زمانهم بيخطبوني دلوقتي
التفت صالح لها لتهز راسها سريعا : أيوة طبعا ...ده عمر كان لسه بيقولي كده .
وضع صالح يده علي صدره قائلا بأنفاس متلاحقه : لو ربنا كتب ليا عمر أخرج من هنا خليهم يجيوا يطلبوكي
نظرت له ثراء بمكر بينما تحدث نفسها ولما الانتظار ...؟!
........
....
امسك سيف بذراع عمر يوقفه : رايح فين ؟!
هذي عمر بضياع وهو يتذكر طيفها الذي لمحه وكذب عيناه أنه رأها : وسيله يا سيف ....انا شوفتها ....شوفتها ...شوفتها يا سيف
غص حلقه بقوة وما حدث تلك الليله يمر أمام عيناه : لازم الاقيها واعرف منها كل حاجه .....ازدادت غصه حلقه وهو يتحدث بما اخيرا سمح لعقله بنطقه بصوت عالي : اعمل ايه لو كانت مظلومه .....اعمل ايه لو كانت فعلا حامل .....هعمل ايه يا سيف ؟!
نظر له سيف بسخط تغلب علي شفقته : مش متأخره اسألتك دي شويه ؟!
كور عمر قبضته وانفلت لسانه بعصبيه : سيف ارحمني بقي من كلامك
نظر له سيف بسخط : كنت رحمتها وفكرت لحظه أنها ممكن تكون مظلومه
صاح عمر بعصبيه بينما عقله ينحره بعتاب أشد من عتاب كلمات أخيه : ياأخي بس بقي ...انت اخويا أزاي وانت قاعد تقطع فيا وانا في الحاله دي
نظر له سيف وهتف بحزم : عشان لازم تفوق من دور الضحيه اللي طول عمرك معيش نفسك فيه ..... مش حالتك اللي تصعب عليا حالتها هي كانت عامله ازاي الشهور اللي فاتت ...حصل ليها ايه ولا راحت فين ....ايييه يا اخي انا برج من دماغي هيطير وانا بسال نفسي ما بالك انت ....انت كنت عايش حياتك تأكل وتشرب وتنام وتشتغل وتناكف فينا لا وكمان عاوز تتجوز بكل برود ولا كأنك عملت حاجه وهي مفكرتش حتي تعرف راحت فين ....جالك قلب ازاي تعمل فيها كده ....ياأخي كنت فارقتها بالمعروف
وضع عمر كلتا يديه علي وجهه ينعي نفسه التي يريد صفعها : كفايه يا سيف ....كفايه بقي
زفر سيف وهو يرفض أن يشفق ولو لحظه علي حاله أخيه الذي هبت كل الدماء بعروقه وهو يهتف : هتكون فين ...اكيد عند اهلها ....!
هلاقيها هناك وهتكلم معاها ....هعرف كل حاجه وهعرف ليه خبت عليا أنها كانت حامل
لوي سيف شفتيه ساخرا بينما مازال أخيه يوهم نفسه أنه يستطيع إصلاح ما أفسده ونسي أن فوضاه تلك المره لا تحلها مجرد كلمات
ليتجه سيف الي السياره قائلا : مشوارك طويل .....وصلني وروح دور !
عقد عمر حاجبيه ونظر الي أخيه بعدم فهم : قصدك ايه ؟!
نظر له سيف ساخرا بشماته بينما صفعه تلو الأخري يجب أن : قصدي أنك هتدور كتير اوي عليها .....اهتزت نظرات عمر بينما تابع سيف : وسيله مش عند اهلها !!
بالرغم من ثقته بكلام أخيه الذي أخبره أنه لم يترك مكان ولم يبحث عنها به إلا أنه ذهب لمنزل سندس التي انصدمت ملامحها وهي تسأل بتوجس : يعني ايه فين وسيله ؟! هي مش معاك !!
توحشت ملامح عمر الذي يبحث عن جاني يحمله نتيجه أفعاله بينما ازدادت نظرات سندس اهتزازا حينما نظر لها عمر بحنق هاتفا : انتي ازاي ام .....ازاي شهور تعدي ومتفكريش مره تسالي عنها
قبل أن تنطق بكلمه كان عمر يستدير ويغادر والدماء تغلي بعروقه ....لا يعرف ماذا يفعل ....غارق ولا يوجد ما يتمسك به
..ضجيج عالي تعالي في أذنه اسئله كثيره وتخيلات أكثر ووجع مضعف ومشاهد لا تنتهي وكلمات لا تترك التردد في أذنه .....ليقود بسرعه وهو يترك العنان لصرخه تغادر صدره ناطقا باسمها : وسييييييله !!
....
عادت سندس بخطوات هائمه بينما حاولت اللحاق بعمر الذي لم يتوقف ولم يلتفت الي اسئلتها : عمر ....استني يا ابني ...استني وقولي بنتي حصلها ايه ....بنتي فين ...ايه اللي حصل
هزت راسها ونطقت بلسان ثقيل : بنتي ....بنتي مش معاه ....بنتي فين ...وسيله ...وسيله !!
عاد خلفها طلعت الذي سبقها وهو يحاول اللحاق بعمر ليهتف بأنفاس متلاحقه : ملحقتوش. ...اخد عربيته وطار
وضع يده علي صدره قائلا : وحياتك يا سندس هاتي ليا شويه ميه اشرب احسن نفسي انقطع وانا بجري ورا عمر !!
التفتت سندس تجاهه ببطء بينما يطلب الماء بهذا الموقف ... طبعه وحاولت بل وبالفعل تعايشت معه ولكن كلماته الان كانت القشه الاخيره لقسم ظهر البعير الذي طالما تحمل لتتوحش نظراتها تجاهه وهي تهتف به بسخط : انت بتقول ايه .....ميه ايه اللي تطفحها وانا في الموقف ده ....ايدك اتشلت ما تروح تشرب ولا عيل مستني اطفحك
انصدمت ملامح طلعت لينظر الي سندس بعدم تصديق : انتي بتقولي ايه ....؟!
صاحت سندس بهياج : بقول اللي سمعته !
نظر لها طلعت مجددا بعدم استيعاب : انتي واعيه اللي بتقوليه....ايه اللي جرالك...هتطلعي جنانك عليا عشان خاطر بنتك اللي سابت بيت جوزها ... الراجل اللي خيره علينا شوفي عملت فيه ايه ...حقيقي بنت متربتش
غلت الدماء بعروق سندس ليتفاجيء طلعت بها تنقض علي تلابيبه تمسك بها وهي تصرخ بوجع كبحته سنوات ووجب أن تجلد به ذاتها : بنتي انا مربتهاش عشان كنت بربي بناتك ....بنتي عاشت من غير ام زي اليتيمه عشان أنا كنت أم بناتك ....بنتي انا فرطت فيها ودفعتها تمن غلطه ابوها ....بنتي اللي ضفرها برقبتك ياعالم راحت فين عشان ملهاش حضن ام تترمي فيه عشان بناتك دايما واخدين مكانها ....ازدادت قبضتها علي تلابيبه بينما تتابع بشراسه جعلت طلعت يقف فاقد النطق : وفي الاخر كلب زيك جاي يقول عليها متربتش
دفعته بعنف ليتقهقر الي الخلف بينما تصرخ به وهي تدفعه خارج المنزل : براااا ....برا يا راجل انت ....برا مش عاوزة اشوف وشك
نظر لها طلعت بعدم استيعاب : انتي بتطرديني من بيتي يا سندس
توحشت نظراتها وهي تنظر له بغل : لا ده بيتي يا طلعت .....ولا ناسي أن الشقه دي بأسمي .....يلا برا وابقي خد بناتك معاك وابعد عند امك واعتبر الشقه دي اقل تكن لخدمتي ليك انت وبناتك سنين ....براا
صفقت الباب خلفه بقوة لاتعرف من اين اتت إليها ولماذا لم تأتي لها منذ سنوات لتتخلص من هذا العبء واخيرا وتفيق من دوامه كراهيتها لزوجها السابق التي ابتلعت ابنتها .....اتجهت بغضب الي غرفتها غير مباليه بطرقات طلعت علي الباب هاتفا : افتحي يا سندس الباب ...انا عازرك ومش متضايق من اللي عملتيه ...افتحي الباب
خرجت أحدي الفتيات تسأل سندس : في ايه يا ماما ؟!
هتفت سندس بها بغضب : مفيش واياك حد يفتح الباب ده
دخلت بغضب وخطوات متعثره تجذب ملابسها والدماء تغلي بعروقها تحرق قلبها علي ابنتها التي ستذهب للبحث عنها ......!!
.........
انتهي الطبيب من فحص الصغيره قائلا : تنفسها اتحسن
بكره أن شاء الله هتاخد جلسه نفس تانيه
اومات وسيله تسأله : يعني بكره تقدر تخرج
اوما الطبيب قائلا : أيوة ....طبعا هتتابع معانا كل اسبوع
ياريت تعملي ليها ملف وفي تطعيمات لازم تاخدها
هزت وسيله راسها وبقيت مع الطبيب الذي أخذ يعطيها نصائح كونها ام لأول مره
: مفيش اي إهمال .... اي شيء بسيط ممكن يخلي حالتها تنتكس
نظرت له وسيله وهي تهز راسها : والعمليه
قال الطبيب الذي أخبرته عن حاله الطفله كما شرحها لها شافع : طبعا رأي دكتور شافع في الحاله صح جدا ...العمليه هتتعمل لما البنت تكمل ثلاث شهور وقبل كده لازم حالتها تكون دائما تحت الملاحظه
هزت وسيله راسها
دخلت أحدي الممرضات الي الغرفه قائله : لو سمحتي تحت في الاستقبال عاوزينك
اومات وسيله واتجهت الي مكتب الاستقبال الذي سألها عن مليء بيانات الطفله لتتوقف قليلا بعد أن نطقت بأسم الفتاه : دنيا
نظرت لها الموظفه لتكمل الاسم لتفرك وسيله يدها قبل أن تقول بتلقائية: دنيا عمر عاصم
لم تقصد إلا أن تقول اسم تنهي به تلك الإجراءات حتي عمر الطفله كما تذكرت من والدتها كان لا يتجاوز العشره ايام ....انتهت من الإجراءات وانسحبت وهي تشعر بالاختناق ...كذبت دون عمد فقط حتي تساعد الطفله
فكرت أن تلهي نفسها بشراء اشياء ستحتاجها من اجل الصغيره بينما عقلها لا يتوقف عن التفكير في ماذا ستفعل بعد أن تخرج بها غدا ....الي اين ستذهب ؟!
لا تستطيع استئجار منزل ولا البقاء في فندق بما انها لا تحمل اوراق هويتها ....ضاق بها التفكير وهي تتحرك في احدي محلات مستلزمات الاطفال هنا وهناك بين تلك الأشياء الصغيرة لتجد عقلها الذي يكاد ينفجر وقلبها الذي ضاق بالهموم يبحث عن متنفس وينفصل بها عن واقعها متخيلا أن تلك الطفله هي ابنتها وتغوص وسط أحلامها وهي تشتري لها الملابس ذات الألوان المبهجه
مررت كارت هدي البنكي تدفع به قيمه المشتريات
....
رفعت هدي راسها عن يدها التي استندت لها حينما سألها انور بنفاذ صبر : وبعدين يا دكتوره ....هنعمل ايه ؟!
هزت هدي راسها بضيق : مش عارفه يا انور
قال انور ببديهيه : انتي عارفه اني بسهوله اقدر اوصل للبنت دي ....معاها عربيتك وتليفونك وكل حاجتك يعني الف خيط يوصلنا ليها
تنهدت هدي قائله : وبعد ما توصل ليها يا انور .....نظر لها انور لعدم فهم للحظه لتتابع هدي بتفكير حاولت أن يكون صائب ؛ وسيله مش متزنه وممكن تعمل اي حاجه .....اسلم حل اننا نسيبها تعمل اللي هي عاوزاه دلوقتي وهي من نفسها بعد ما هتلف هترجع وتطلب المساعده ...نظرت له وتابعت بجديه : وسيله معهاش بطاقه ومعاها بنت محتاجه علاج مش هتعرف تتصرف بيها كتير يعني كده كده هترجع
زم انور شفتيه هاتفا بوعيد : بس لما ترجع انا هتصرف معاها
نظرت له هدي بحنق : مش هتعمل معاها اي حاجه ....خلاص ياانور الموضوع خلص ...هترجع هجيب ليها شقه وأشوف ليها شغل وتطلع اوراق ليها ونخلص
نظر لها انور بشك : وكده الموضوع خلص
نظرت له هدي باستفهام : قصدك ايه ؟!
هز انور كتفيه: يعني افرضي رجعت لجوزها في يوم من الايام ولا حد من أهلها
قاطعته هدي تطمئن نفسها : استحاله ترجع له وملهاش حد الا جدتها ودي انت عينك علي بيتها متقلقش يا انور وكفايه تقلقني معاك ...انا اصلا مرعوبه ومش عارفه هقول ايه لشافع لو سأل عن البنت او وسيله
نظر لها انور يطمئنها : البنت ابوها اخدها ومنعرفش فين ووسيله رجعت لجوزها ....ده اللي هنقوله لدكتور شافع
.......
وضعت وسيله ما اشترته في السيارة ومجددا عاد عقلها الي وعيه وواقعه ....
عقلها ليس بحالته الطبيعيه فهي ليست ابنتها ويجب الا تنسي هذا وهي تشبع شعورها بالحرمان والفقد من تلك الطفله .... !
...........
....
هزت هنا كتفها قائله : معرفش والله يا بابي ....احنا اكلنا معاها من نفس الاكل
زفر ايهم وهو ينظر إلي باب الحمام المغلق حيث بقيت غرام تفرغ ما في معدتها للمره الثالثه وحينما شعرت الفتيات بالقلق عليها اتصلوا بأيهم الذي عاد علي الفور
قالت حلا لأبيها : ممكن تكون اخدت برد يا بابي
اوما ايهم قائلا : طيب روحوا انتوا وانا هشوفها
خرجت الفتيات ليطرق ايهم الباب : غرام ...افتحي
حاولت غرام أن تستجمع نفسها وهي تقول بصوت واهن: حاضر ثانيه
غسلت وجهها الذي شحب كثيرا بينما لا يفارقها شعور الغثيان منذ الصباح ....خرجت بخطوات حاولت أن تكون ثابته لتجد عيناه تتطلع إليها بقلق وهو يسألها : مالك في ايه ....البنات كلموني وقالوا انك تعبانه
قالت بصوت واهن: ليه رجعت من شغلك ...انا كويسه
اسندها ايهم الي الفراش قائلا : لا شكلك تعبانه ...تعالي اقعدي وقوليلي حاسه بأيه
فركت غرام كلتا يديها ببعضهم وعضت علي شفتيها مرارا تبحث عن كلمات تقولها لترفع عيناها تجاهه وتستمد الشجاعه من نظرات القلق في عيناه ....لتخفض عيناها بارتباك واضح وهي تتمتم : هو ...هو ...هو ماما ....ماما أصلها كانت عندي الصبح و....انفلات تنهيده من صدر ايهم ليهتف بها مقاطعا بنفاذ صبر : ما تتكلمي علي طول يا غرام ...مالها والدتك
ابتلعت غرام ببطء وقالت بتمهل : حاضر هقول .....يعني انا كنت بقولك أن ماما شافتني وانا كنت تعبانه وقالت يعني ....قالت اني ...اني ....زفر ايهم مجددا وهتف بها بانزعاج : قالت ايه ؟!
ابتلعت غرام مجددا بينما مازالت تفرك يدها لتستجمع شجاعتها وتنطق بصوت خافت : اني ...اني ممكن اكون ...... قارب صوتها الهمس وهي تنطق بآخر كلمه : حامل !!
نظر ايهم الي غرام للحظه بعدم استيعاب بينما لم يسمع الكلمه جيدا ....أو سمعها ولم يستوعبها : ايه ؟!
تراجعت غرام بجسدها الي الفراش الذي بقيت به لوقت طويل تاره تريد أن تخبره وتعشم نفسها بفرحته وتاره تخشي أن يكون رد فعله ما تراه الان بتلك الصدمه علي ملامحه بينما تردد مجددا بصوت خافت : اني ...اني ممكن اكون حامل !!
رجت دقات قلبها صدرها حرفيا من النظره التي ارتسمت في عيناه وهو يتطلع إليها يتساءل هل ما سمعه صحيح لتقول بتراجع كطفله صغيرة : ممكن يعني
..يعني احتمال ....معرفش بس احتمال
كور ايهم قبضته وتطلع إليها مجددا بينما تستند الي يدها وتتراجع للخلف بخوف واضح من نظراته وهي تردد نفس الكلمه ليهتف بها ساخرا : تفرق يعني أنه احتمال .....اجفلت بخوف حينما امسك بذراعها يجذبها هاتفا : قومي معايا نتأكد ....
استمعت الي السباب الخافت الذي انفلت من بين شفتيه تبعه بوعيده : ادعي انه يكون احتمال وبس
كان حرفيا قنبله موقوته لم يخدع غرام صمتها فهي تري حركاته العصبيه وملامحه التي تنذر بعاصفه بينما كانت كالفأر الذي وقع بالمصيده أمام نظراته وقد فقدت النطق بقول شيء لتجد نفسها بالفعل تدعو أن يكون مجرد احتمال خوفا من رد فعله الذي حاولت الا تفكر به وتطمئن نفسها أنه ربما غاضب ولكنه سيهدا
نالت ابنتاه عصبيته حينما خرج من الغرفه : ايه مالها غرام يا بابي
هتف بهم ايهم بغضب : مفيش روحوا اوضتكم
انسحبت الفتيات بصمت بينما نزل ايهم يسبقها الي سيارته وغرام بالكاد تحملها ساقيها وهي تركب بجواره ....ولكن أن كانت نظراته غاضبه قيراط فهي الان اربعه وعشرون بعد أن أكد لهم الطبيب نتيجه الاختبار ....لحقت غرام به وهو يسير امامها بصمت الي سيارته التي صفق بابها بعنف وغضب لا يعرف كيف ينفثه وقد فقد قدرته علي التفكير من تلك الصدمه
ابتلعت غرام وهي تشجع نفسها أن تتحدث إليه لعله يهديء : يعني انا عارفه انك جايز تكون متضايق وأن البنات ممكن تضايق بس انا هتكلم معاهم وهما هيفهموا ...انا عندي اخوات صغيرين ودي حاجه حلوة البنات هيحسوا بيها وهيكونوا فرحانين بالبيبي و هيقبلوه متقلقش انا هكلمهم واقول اني ....ارتدت للخلف بذعر بينما هتف ايهم بصوت جهوري مرعب :
اخرسي ..... تعرفي تخرسي !!
ابتلعت غرام بخوف وهي تتمسك بالمقعد لتحاول مجددا أن تتشجع وتتحدث معه فهي عرفت طباعه ...يغضب ولكنه يهديء وهي ستمتص غضبه وستعطي له العذر في غضبه من هذا الخبر وليس غضبه منها فهي لم تفعل شيء لتقول ببراءه وصوت هاديء وهي تمسك بذراعه برفق : ممكن تهدي ...انا عارفه انك متضايق
ابعد ايهم ذراعه عن يدها بجفاء وقبض أكثر علي المقود بينما غضبه يتوهج أكثر لينفلت لسان غرام بعتاب :
طيب هو انا عملت ايه ؟!
ارتجفت بخوف بينما دعس المكابح فجاه لتتوقف السياره وترتد غرام للخلف من أثر وقوفه المفاجيء ....نظر لها ايهم لحظات جعلت الخوف يدب في أوصالها لتجده يهتف بغضب شديد : معملتيش انا اللي عملت كده في نفسي !!
اهتزت نظراتها لثوان بعدم فهم لما قاله بينما كان هذا لسان حال ايهم أنه من وضع نفسه بهذا الموقف ليضرب المقود بغضب ويعيد عتابه لنفسه : انا اللي عملت كده في نفسي ....انا اللي اتجوزتك وانا اللي رجعت في كل كلمه قولتها لنفسي ان جوزاي منك مجرد ورقه
غص حلق غرام وارتجفت شفتيها بينما يتطرق الي الماضي لتقول بعتاب بريء : بس مشاعرك ناحيتي اتغيرت وكنت بتعاملني كويس .....
قاطعها ايهم بحنق شديد : كنت بعاملك بما يرضي الله بس عمري ما كان عندي مشاعر ناحيتك ....وعمري ما كنت مقتنع ....كنت دايما حاسس اني عامل حاجه غلط
اوجعتها كلماته لتقول بشفاه مرتجفه تفسر إحساسه الذي تسمع عنه لأول مره منه : عشان اتعودت علي الغلط
نظر لها ايهم نظره مرعبه لتتراجع بخوف وتقول بتبرير : مش قصدي..... انا بس بحاول اتكلم معاك وبقولك أن ده سبب احساسك ....ايهم انا حسيت انك بتحبني زي ما انا بحبك واكيد طبعك هو اللي مخليك تحس الاحساس ده بس انا متاكده أنك لو قعدت مع نفسك وفكرت هتعرف كده ....نظرت له برجاء أن يهديء ويستمع إليها وتابعت :
انت مخوفني منك زي ما كنت بتخوفني منك زمان بس انا اتغلبت علي كده وعيشت معاك طبيعي ليه انت مش عاوز تعمل زيي ....فكر براحه وهتعرف أن دي حقيقه مشاعرك
بالرغم من بساطه كلماتها الا أنها ربما لمست الحقيقه التي طالما هرب منها ورفض الاعتراف بها ليزمجر بغضب :انتي هتعلميني اعمل ايه ...نظر لها بغضب وتابع :
لا انا كبرت علي التعليم .....ازدادت نظراته غضبا بينما انفلت لسانه بعصبية : وكمان كبرت علي العيال ....
انا مش عاوز عيال!
انصدمت ملامح غرام لتردد بلسان ثقيل : يعني ايه ؟!
انطلق ايهم بالسياره مجددا بسرعه رافض ان يجيب علي سؤالها الذي جعل قلبها ينقبض وهي تفكر هل سيجعلها تجهض الطفل لتهز راسها ...لا ...هو لن يفعل هذا ....أنه غاضب منها أو من الموقف بأكمله ولكنها تراه يجاهد وحتي الان فقط يعبر عن غضبه ولم يؤذيها
أوقف السياره اسفل المنزل لتنظر له غرام بتوجس تسأله ببطء : مجاوبتش علي سؤالي. ....مش عاوز عيال
زفر ايهم بضيق شديد وهتف بها بسخط : مش عاوز اشوفك ....يلا انزلي
ارتجفت شفاه غرام وحاولت معه مجددا لتسأله برفق : طيب انت رايح فين
هتف ايهم بغضب : مالكيش دعوة بيا يلا انزلي واياك تتصلي بيا
صبرت غرام نفسها بأنها ستواجهه غضبه قليلا وسيهدا ....التمست له العذر وتقبلت ما فعله علي هذا الأمل بل وأيضا لأنها رأته يغالب كما اعتاد شعوره ...!
لحظات غضب وستمضي ....أخفت ملامحها وهي تدخل الي المنزل وتسالها الفتيات : ايه اللي حصل ...الدكتور قالك ايه يا روما
ربتت علي كتفهم قائله : ابدا يا حبايبي ...شويه برد
هرتاح وهبقي كويسه
مؤكد لن تتجرأ وتتحدث مع ابنتاه دون أن يعلم لذا أخفت الحقيقه واتجهت الي غرفتها لتبقي بها تفكر بايثار أنها ستتحمل تلك الموجه الغاضبه من أجل حياتهم ...لقد تغير كثيرا وكان بنفس الهيئه سابقا والان اصبح شخص مختلف وهاهو يتكرر نفس الموقف ...سيغضب ويعود مجددا الي هدوءه ما أن يتقبل ما حدث
قارب الفجر علي أن تشق أنواره عنان السماء وهو لم يعود وهي بالكاد تمسك نفسها عن الاتصال به لتسمع اخيرا صوت مفتاحه يدور بالباب بعد أن دار في الطرقات كثيرا يحاول أن يستوعب ولكنه لم يفعل ....!
اتجهت غرام ناحيته بلهفه وحنان : انت كنت فين قلقت
عليك
نظر لها ايهم بجفاء هاتفا : متقلقيش
ومتتدخليش في حاجه تخصني بعد كده
نظرت له غرام بعتاب : ليه ...هو انا كنت عملت ايه ...دي اراده ربنا
نعم يعلم ولكنه لا يقبل وبداخله غصب شديد يريد تفجيره ليهتف بها بسخط : هو كده ....نظر لها بغضب شديد وتابع وهو يرفع إصبعه أمام وجهها : اه اراده ربنا لما يكون اتنين متجوزين عادي مش زينا
اهتزت نظرات غرام بينما تردد بلسان ثقيل :زينا !!
اوما ايهم بغضب : أيوة ولا نسيتي اللي فات ...!!
غص حلق غرام وهي تنظر إليه بينما يتابع بنفس الغضب المتزايد : انتي قصدتي تعملي كده زي ما رتبتي وقصدتي اتجوزك وحطتيني قدام الأمر الواقع
لمعت الدموع بعيونها بينما يتهمها أنها تعمدت : حرام عليك انت بتظلمني ...وانا هعمل كده ليه واصلا انت عمرك ما اتكلمت معايا في حاجه زي دي
امسك ايهم ذراعها بقوة هاتفا : عشان المفروض انك تفهمي لوحدك وتعرفي مكانك وانك مش زوجه عاديه تتجوز وتحمل
اهتزت نظراتها وهي تسأله بصوت مبحوح : امال انا ايه ؟!
ترك ايهم ذراعها لتتقهقر الي الخلف والدموع تغشي رؤيتها من كلامه الجارح والذي رفض أن يتابعه ليتجه الي الفراش يسحب من فوقه الغطاء ويغادر الغرفه صافقا الباب خلفه ...!
.......
....
نظر سيف الي ابيه الذي كان يتحرك بسيارته خارجا : بابا انت رايح فين ؟!
هز عاصم كتفه قائلا : بنت صالح كلمتني وقالت إنه في المستشفي ووضعه صعب وعاوز يتكلم معايا
ضيق سيف عيناه باستفهام : يتكلم معاك في ايه ؟!
هز عاصم كتفه : مش عارف .....نظر إلي ابنه وتابع : انت كنت فين وفين عربيتك
حمحم سيف قائلا : ابدا عمر كان معايا وصلني وقال رايح يقعد مع ايهم شويه ويرجع
اوما عاصم وزفر بضيق : كنت ناقص انا صالح كمان
نظر سيف بتردد في أثر أبيه يريد أن يذهب معه ولكن نظرات تينا الحانقه واجهته ....سيف انا تعبت انت طول الوقت سايبني لوحدي وحتي ابنك مش بتقعد معاه
هتف سيف باعتذار : حقك عليا يا حبيتي ...انا فعلا مشغول عنكم بس غصب عني
اومات له لتمد ذراعها بالطفل إليه بينما تتبع نظرات سيف أبيه الذي غادر بفضول يعرف سبب مكالمه ثراء له ...!
.........
....
نفس الصدمه كانت ترتسم علي ملامح عمر للمره الثانيه وهو يطرق الباب وبدلا من أن يسأل هو كان مجدي من يسأله : مين حضرتك ؟!
: انا عمر جوز وسيله ؟!
اوما مجدي وهو مازال واقفا امام عمر : خير
خرجت الكلمات من عمر ثقيله : هي ...هي وسيله مع جدتها
ضيق مجدي حاجباه باستفهام : معاها فين ؟!
حك عمر ذقنه بينما يريد أن تنشق الأرض وتبلعه وهو يسأل غريب عن مكان زوجته ليحاول ألا يقولها مباشره : معاها ...هنا يعني ...جت لجدتها
اوما مجدي قائلا: الكلام ده من مده طويله ...جت واتفاجأت باللي حصل للحاجه امتثال ومشيت
اهتزت نظرات عمر وهو يسأل مجدي : ايه اللي حصل للحاجه امتثال ؟!
قال مجدي بأسي : اتشلت !
انصدمت ملامح عمر بينما كان كالمغيب لايعرف شيء عن زوجته ولا جدتها وما حدث لها ليقول بشتات : ايه اللي حصل ....قصدي حصل ازاي وامتي...ووسيله ...وسيله مكانتش تعرف
نظر مجدي الي عمر بشك : انت متاكد انك جوزها !!
هربت الدماء من وجه عمر ليلاحظ مجدي هذا الأمر الذي بات مريبا لذا قال بصراحه : من الاخر كده يا استاذ ...هو في ايه ....مره وسيله تيجي وتتفاجيء ودلوقتي انت نفسك جاي تسأل عن وسيله وقبلها الحاجه جت لامي وهي في حاله صعبه وتتشل وكل اللي نعرفه أنها زعلت لما حفيدتها وامها اتهموها انها اخدت ورثها ...هو في ايه بالضبط
حقا هو نفسه لا يفهم ولا يستطيع قول شيء ليقول باعتذار : انا متاسف اني عطلتلك
امسك مجدي بذراعه قبل أن ينصرف : استني هنا انت رايح فين ....فهمني
قال عمر بهروب : مفيش حاجه يااستاذ ....انا ووسيله اتخانقنا من كام شهر وانفصلنا وانا هديت وحبيت اجي اصالحها وفكرت أنها عند جدتها
قبل أن يسأل مجدي المزيد كان عمر يسرع نازلا الدرج ليضرب مجدي كفا بكف وهو لا يفهم شيء ...!! مجرد ساعه وتكرر نفس المشهد ولكن كانت البطله سندس وتلك المره لم تغادر كعمر بل أسرعت الي امتثال تبكي وتطلب السماح : سامحيني يا حاجه ...انا غلطت في حقك وحق بنتي كتير ....سامحيني
وخلي وسيله تسامحني
بعيون مشتته نظرت امتثال الي سندس التي ارتمت علي يدها تبكي بتلك الكلمات لتحاول تحريك شفتيها لعلها تسأل أو تفهم سبب موقف سندس ولكن لسانها المشلول لم يتحرك الا بهمهمات غير مفهومه ...!!
.........
نظرت ارزاق الي ابنها ورفعت حاجبها : بقي البت ماتت
اوما فرج وهو يدخن سيجاره بين أنامله الغليظه :
أيوة يا اما
نظرت له ارزاق باستفهام : وفين جته البت عشان ندفنها
اشاح فرج بيده قائلا بلا مبالاه : سبتها المستشفي تتصرف فيها احنا مش ناقصين مصاريف فتح تربه
لوت المرأه شفتيها ساخره : وانت صدقت أنها ماتت واخدت القرشين
التفت فرج الي والدته باستفهام : امال يااما اسيب الفلوس
ضحكت ارزاق ساخره : لا تسيب جته البت طبعا
نظر فرج الي والدته التي حكت ذقنها قائله :
الموضوع ده فيه أن
....أشارت إلي ساميه التي كانت تعد الطعام الي أطفالها : بص يا معدول وشوف بعينك بقي ده شكلها والبت ميته
دي كانت روحها فيها
ضيق فرج عيناه ونظر الي أمه التي تابعت بخبث : اقطع دراعي أما كان في ملعوب وباعت البت واخدت تمنها
هب فرج واقفا يزمجر بغضب : باعتها ايه ؟!
اومات ارزاق بمكر : طبعا ....ضحكوا عليك وهي خدت العكمه الكبيرة ...ده البت تساوي شيء وشويات واهي قدامك روح اسألها
انتفضت ساميه مكانها حينما اقتحم فرج المطبخ و
امسك بابنته بعنف يبعدها عن والدتها : اطلعي برا يابت
جذب ساميه من شعرها هاتفا : تعالي
حاولت ساميه أن تخلص شعرها ولكنه قبض عليه أكثر هاتفا بصوت مرعب : هتنطقي ولا اخلص عليكي
قالت ساميه برعب : انطق اقول ايه فرج
نظر لها بعيون مرعبه هاتفا وهو يصفعها بقوة : تقولي اللي حصل ....انا حاسس انك مخبيه عليا حاجه
البت راحت فين !!
.........
....
لمعت عيون ثراء بينما هاهي خطتها تسير كما أرادت ورسمتها حينما اوهمت ابيها أن عاصم يريد أخذ خطوة في اعلان خطبتها هي وعمر والعائق هو مرضه وضغطت علي تلك النقطه لتشعره بالذنب أنه عائق في طريق سعادتها واتصلت بعاصم تخبره أن ابيها يريده وبالتأكيد في سياق الحديث سيأخذ عاصم خطوه
ليبدء صالح حديثه بامتنان لعاصم : انا مش عارف اشكر عمر ازاي وان شاء الله مصاريف المستشفي هتتخصم من مرتبي
بتهذيب قال عاصم : متقولش كده يا عم صالح ....مفيش حاجه المهم تخف وتقوم بالسلامه
دق قلب ثراء بينما تردد بداخلها ما تتمني أن يقوله والدها : الاعمار بيد الله وعشان كده انا مش عاوز أقف في طريق مستقبل بنتي
رفع عاصم عيناه ببطء تجاه ثراء التي سرعان ما خفضت عيناها الي الأرض تخشي أن يفهم عاصم أنه حرفيا سيوضع أمام الأمر الواقع
ليقول عاصم بلياقه : أن شاء الله تخف وتخرج بالسلامه
اوما صالح قائلا : أن شاء الله بس الاعمار بيد الله وعشان كده انا عاوز اطمن علي بنتي .... تدخلت ثراء سريعا بينما تقول بصوت خافت : بابا قصده يعني يا عمي أنه موافق علي طلب عمر ومفيش داعي للتأجيل
نظر عاصم الي ثراء ببطء بينما شعر بالعرق يتصبب بين يداه لحرج الموقف فالرجل يموت والفتاه تقول هذا
ليحاول عاصم أن يخرج من الموقف المحرج ولكن ثراء كانت تقول : يعني حضرتك ممكن تقري الفاتحه مع بابا ولما يخف أن شاء الله نكمل باقي ال ....ابتلعت باقي حديثها من نظره عاصم المستنكره لها بينما ضربت دلال بخفوت كف علي كف تتساءل كيف تستطيع تلك الفتاه أن تكون بكل هذا الخبث والمكر !
.........
....
نظرت سلمي إلي أخيها برفق قائله : معلش يا حبيبي ربنا هيعوضكم
فرك نديم وجهه بينما يتساءل بقلب منفطر : انا كنت سايبها كويسه ....ايه اللي حصل ؟!
قالت والدته برفق : يمكن تعبت نفسها ولا شالت حاجه تقيله يا اابني
صمت نديم وبقي واقف أمام باب الغرفه التي انتقلت إليها ريم .....حاول أن يخفف عنها الصدمه التي ارتسمت علي ملامحها وهي تعرف بفقدان جنينها ....
بكت ريم بنشيج يمزق القلوب ليضمها نديم إليه بحنان شديد وهو يربت علي كتفها : متزعليش يا حبيتي ...ربنا هيعوضنا
ربت علي كتفها بحنان وتابع : المهم صحتك
هزت ريم راسها بقهر تبكي صدمه فقدان جنينها وهي تدرك أن السبب هو الحزن الشديد الذي أصابها بعد طرد ابيها لها ولكنها لا تستطيع أن تخبر نديم بهذا !!
.........
...
انصدمت ملامح زينه لتظل لحظات واقفه تتطلع الي عاصم الذي تهاوي علي المقعد جالسا بعد أن أخبرها بما حدث لتهتف زينه اخيرا باستنكار : فاتحه ايه اللي قريتها يا عاصم ...انت اتجننت !
احتقن وجه عاصم بالغضب ليهتف بزينه بعصبيه : زينه اظبطي كلامك انا مش ناقص
نظرت له بغضب : امال عاوزني اعمل ايه وانت بتقولي الكلام ده
هتف عاصم بسخط : كنت اعمل ايه ....اتحطيت في موقف زي الزفت ...كله من ابنك وعمايله اللي هتقضي عليا ...هو اللي عطي لبنت زي دي الطريق انها تلعب بيا ....انا عاصم السيوفي بقي يتلعب بيه
انا بنت زي دي تجرجرني وتحطني قدام واحد بيموت عشان أوفق وانا مضطر .....زم شفتيه بغضب شديد وهتف بوعيد وهو يضيق عيناه : بس انا مش هعديها والجوازه دي مش هتم وعمر ده انا هربيه من اول وجديد بس الاول يشرب بقي نتيجه عمايله
التفت الي زينه وتابع : لما يرجع قوليله اني روحت لصالح وقريت الفاتحه وأنه هيتجوزها اخر الشهر
نظرت له زينه بعدم استيعاب : انت بتقول ايه يا عاصم .....جواز ايه ...؟!
انت لسه بتقول مش هتم !
اوما عاصم : وانا عند كلمتي انا بس هلاعبه بطريقته هو مش فاكر انت بيتحداني بجوازته طيب انا بقي هقوله اني وافقت ويبقي يوريني هيعمل ايه
تحرك عاصم بعصبية بينما يشعر أن الدماء تغلي بعروقه وهو يفكر كيف كان عليه الهروب من الموقف ولمن تلك الفتاه تلاعبت به هي وأبيها ليضعوه أمام الأمر الواقع بعد ان ترك لهم ابنه المجال .....
دفعت زينه شعرها للخلف بعصبيه لتختطف نظرات عاصم الذي لم يعد يريد التفكير في أي شيء يخص عمر لتطول نظراته إليها بينما مازالت جذابه كما رآها اول مره
لترتسم علي شفتيه ابتسامه لم تعرف زينه سبب لها وهي تهتف بانفعال : انا مش فاهمه حاجه ؟!
نظر لها عاصم مطولا شاردا لتساله زينه : عاصم سرحان في ايه ...؟! انا بكلمك
تفاجأت به يقوم من مكانه ويتجه ناحيتها ليقف امامها ويمد يداه يمرر أنامله بين خصلات شعرها لتنظر له بعدم استيعاب : عاصم انت بتعمل ايه ؟!
مال عاصم تجاه شفتيها هامسا : هشش...مش عاوز كلام عن حاجه ...عاوز افصل بدل ما انفجر
استجابت زينه لشفتاه التي عانقت شفتيها مطولا بقبله حاره سرعان ما بادلته إياها لتمر ساعه بعدها تتوسد زينه صدر عاصم وعلي شفتيها ابتسامه حالمه : مجنون !! بحبك يا عاصم ووحشني نعيش من غير مشاكل
ضحك عاصم ومرر يداه علي ظهرها العاري : ومين سمعك ....عمر جنني خلاص ولو مكنتش عملت كده كنت هنفجر
استندت زينه بمرفقتها الي صدره تسأله : طيب ما تفهمني معني كلامك اللي قولته
نظر لها وداعب شعرها قائلا : عمر طول عمره بيتحداني وبتعجبه اللعبه لما يشوفني متعصب وبيفهم أنه نجح وهو عمل كده مع البنت دي لما قرر فجاه يتجوزها وانا واثق أنه اصلا ولا بيحبها ولا عاوزها وبس بيعاندني وانا بقي ولا هتعصب ولا حاجه بالعكس هقوله موافق وهو وقتها هيعرف أنه بيعاند نفسه ويعرف أنه له حدود مينفعش يتخطاها قدامي لانه وقتها هو الخسران وهو اول واحد هيرجع في كلامه في الجوازه دي
لاقت كلماته قبول لدي زينه التي قالت بإعجاب : تصدق عندك حق ..
...
.......
أوقف عمر سيارته جانبا بعد أن ظل يدور بحثا عنها منذ الأمس ....لا يعرف اين ذهبت وعقله فارغ لايعرف من أين يبدأ في بحثه ....ذهب الي والدتها وجدتها وحتي منزلهم القديم .... واخر خيط كان البحث عن زميلها اكمل ليأخذ صدمه أخري وهو يعرف بأن الشاب قد ترك العمل قبل أيام طويله من تلك الليله بل وسافر خارج البلاد ليعمل ....كل معلومه يصل إليها تجعله يخجل من مجرد التفكير بأنه ظلمها .....سأل في الأقسام والمستشفيات ولكن وكأنه يبحث عن ابره في كومه قش فهو لا يدري أين احتفت ليبحث ....فرك وجهه وهو ضائع بين تفكير والآخر واسئله لا تتوقف ....المشاهد تتوالي الي عقله الذي يحلل ويفكر
لتتشابك كل خيوط أفكاره ....أن راجع كاميرات البوابه تلك الليله قد يصل إلي شيء ....أن فتش أكثر خلف تلك المراه ربما يجد شيء ليداعب قلبه الخجل تلك المره من مجرد تذكره الاتهام الذي اتهمها به وهو يفكر أن روايتها ربما كانت صحيحه ...
فرك وجهه مطولا بعد أن سكب عليه المياه ليفيق وهو يحدث نفسه: اهدي ياعمر وفكر براحه .....فكر تبدأ بأيه
لمعت عيناه ونظر أمامه يعيد ذلك المشهد قبل أيام حينما لمح طيفها .....ليدير سيارته سريعا ويتجه الي تلك المشفي فربما يصل إلي شيء !
..........
....
ابتسمت وسيله للطبيب قائله : شكرا يا دكتور
أعطاها الطبيب روشته الادويه قائلا: الادويه تتاخد في ميعادها ولو في اي حاجه كلميني علي طول
اومات له ومالت تجاه دنيا تحيطها بالبطانيه الناعمه التي اشترتها لها وتضع فوق راسها الصغيره قبعه من الصوف لتدفئها وهي تبتسم لها وقد كانت لا تتوقف عن البكاء أما الآن هادئه تغمض عيناها في سلام وهي تشعر بالدفء ولا تشعر بجوع أو تعب لتلعن وسيله تلك الدنيا التي تظلم امثال تلك الصغيرة التي لا تستحق الا ابسط حقوقها ......اتجهت الي جانب الغرفه تجمع اشياء الصغيرة في الحقيبه استعدادا لمغادره المشفي ومازالت متردده في مكان ذهابها ولكنه الآن هو ملجأها الوحيد ...!
...........
تهادت ابتسامه غير مصدقه الي ملامح ثراء وهي تلمح عمر واقف أمام مكتب الاستقبال بينما كانت في طريقها لتعود للمنزل لترتاح وقد انتهت من مهمتها وضمنت زيجتها إذن لا داعي لوجودها لتترك ابيها برفقه دلال تهتم به وتحمل حقيبتها وتتجه لتغادر لتلمح ظهر عمر الواقف يتحدث بانفعال أمام موظف الاستقبال
لتردد بابتسامه واسعه : عمر
ظنت انه اتي إليها بينما هو بالكاد يتذكر وجودها
وكل ما اتي به هو بحثه عن وسيله : دخلت امتي
قال عمر بنفاذ صبر : معرفش ....دور في السجلات بالاسم
قال الموظف بتهذيب : يافندم مش افهم انا بدور علي ايه
هتف عمر بحنق : دور وخلاص في حاله دخلت بأسم وسيله
حاول الموظف البحث ولكنه لا يدري عن ماذا يبحث : طيب دخلت امتي ولا كانت داخله ليه ....طواريء ...كشف ...متابعه ...عمليه
زفر عمر وتحركت عيناه في كل الاتجاهات حوله ليتبعها جسده ويتحرك هو بحثا عنها في أرجاء المشفي متجاهل نداء الموظف : يافندم
تحرك عمر هنا وهناك في أرجاء المشفي يدور بكل دور
لا يعرف من أين يبدأ ....لقد راها هنا إذن ربما مازالت هنا
: عمر ...كان هذا نداء ثراء التي تبعته ما أن تحرك
انزعجت ملامحه وهو يستدير ليري ثراء تتبعه
وتسأله بفضول : في ايه ياعمر بتدور علي ايه ....بابا في الأوضه دي ....انت نسيت ولا ايه
نظر لها عمر باستنكار بينما ظنته اتي لزياره ابيها لتزداد نظراته انزعاجا بينما تقول بابتسامه سمجه :
انا كنت متاكده انك هتيجي ومش هتسيبني لوحدي في الظروف دي ....انا خلاص اطمنت علي بابا وهروح ...يلا بينا توصلني البيت ونتكلم شويه ....ابتسمت وتابعت : مش اونكل ....ابتلعت باقي حديثها بينما قاطعه نداء زوجه ابيها عليها
: ثراء
التفتت ثراء الي زوجه ابيها التي كانت تخرج من الغرفه :
انتي مش قولتي مروحه ....لسه واقفه ليه ؟!
قالت ثراء بابتسامه بينما تضع يدها بذراع عمر الذي لم تكن هناك كلمات تصف انزعاجه من تلك التي التصقت به كالعلقه : ابدا عمر جه ياخدني للبيت
اومات دلال بلا سؤال فهي ليست بحاجتها ولا تريد الا مغادرتها حتي تفور دماءها أكثر
نفض عمر ذراعه عنها بقله لياقه ليتحرك بلا مبالاه ليكمل بحثه ولكنها سرعان ما لحقت به : عمر
التفت الي ثراء التي تتبعه بلا توقف : في ايه ياعمر حاسه انك مش طبيعي
أنا بنادي عليك وبجري وراك وانت مش سامعني
زفر عمر بحنق : في ايه انتي ماشيه ورايا ليه ؟!
هزت كتفها وقالت بعدم فهم : انت مش قولت هتروحني ....رايح فين وبتدور علي ايه
هتف عمر بحنق : انتي اللي قولتي
اومات ثراء وهي تهز كتفها : أيوة قولت انك هتروحني طبعا لانك اكيد مش هتسيبني اروح لوحدي ...ضيقت عيناها ونظرت له بفضول : امال انت جاي المستشفي ليه طالما مش جاي تروحني
حك عمر ذقنه بينما يريدها أن تختفي ولا تظل تتحدث لتشتت فكره ليخرج من جيبه مفتاح سيارته هاتفا : خدي المفتاح واستنيني في العربيه ....انا هخلص حاجه وجاي
زفر بحنق ما أن استطاع أن يتخلص منها وهو يسب نفسه بأنه من فعل بنفسه هذا ولكن ليس الان وقت حسابه لنفسه !!
رواق يلو الاخر وهو يقطعه بعيون مشتته تبحث هنا وهناك عنها بينما كان المصعد يتحرك بوسيله للاسفل وهي لا تدري انها علي قاب قوسين منه .....التقف أنفاسه وهو رأسه بيأس فلا يوجد لها أثر ليتجه الي سيارته برأس منكس ....مد يداه الي جيبه ليخرج مفتاح السياره ولكنه لم يجده وبنفس اللحظه كانت ثراء تشرأب برأسها من النافذه تهتف بامتعاض : ايه ياعمر كنت فين كل ده ....بقالي ساعه مستنياك !
ضيق عمر عيناه ونظر لها بغيظ بينما لأول مره يفهم معني أن تريد الفتك بشخص ولا تحتمل رؤيته وفقط تريده أن يختفي ....
لم يقل شيء وتجاهلها وهو يفكر بأنه سيلقيها من سيارته أمام منزلها ويتخلص منها .....صبرا !
مد يداه ليدير سيارته ولكن أصابعه تباطأت وتلك الذكري تلوح بمخيلته ( بتشتغل ازاي دي ياعمر ؟!
ابتسامه حالمه ارتسمت علي شفتاه وهو يتذكر حينما كانت معه وضربه رجال رشدي ....اعتصر قلبه الحنين الجارف لها ولكل لحظه قضاها برفقتها عاش بها سعاده لم يشعر بها إلا معها ..... كانت مثل الورده عطرت حياته وكانت مفغمه بالحيويه وتشع اشراقا إلي أن تزوج بها لتنطفيء شيئاً فشيئا)
خرج من ذكرياته علي صوت ثراء الكريهه ليفكر أنه لن يحتمل أكثر ....سيلقيها خارج السياره الان !!
التفت لها بوجه منزعج ولكن رأسه توقفت بمنتصف طريق التفاتته وتجمدت مكانها
كما تجمدت ملامح وسيله التي كادت تتحرك بالسياره وبنفس اللحظه لمحته في سيارته علي بعد بضع أمتار .....بلا تفكير نزل عمر مسرعا ليتجه ناحيتها غير مصدق أنها أمامه ......سيطرت وسيله علي ارتجافه أطرافها و كانت الاسرع وهي ترجع بالسياره للخلف بينما عمر يركض تجاهها وعيناه تكاد تخرج من مكانها وهو ينظر إليها .....ادارت وسيله بسرعه مقود السياره وانطلقت بها وهي تهتف بوجع : بتظهر قدامي ليه ....ابعد عن حياتي بقي .....متظهرش قدامي تاني
نعم لا تريد رؤيته ...لا تريد أن يظهر في حياتها كلما أرادت الوقوف علي قدمها ....بجواره أخري سواها فلماذا يركض خلفها
التفتت ثراء بعدم فهم تجاه عمر الذي انطلق بسيارته بسرعه كبيرة لتساله : عمر في ايه ؟!
وكأنها غير موجوده بقيت عيون عمر علي الطريق أمامه بينما قدمه تدعس أكثر علي دواسه الوقود وعيناه مثبته علي سيارتها التي سبقته ببضعه سيارات ...أنه متاكد مما رأي وتلك المره هو رأها ......رأها ولم يتخيل !!
ماذا يريد منها لماذا يظهر امامها مجددا ...؟!
لا تريد رؤيته ولا تذكر اي شيء مما عاشته تريد أن تبقي مع الصغيرة دون أن يكون هو أو هدي في حياتها تريد أن تبتعد لتبتعد وهي تقود بسرعه كبيرة وعيناها تتطلع الي المرأه فتراه مازال يلاحقها ....نظرت ثراء بعدم فهم إليه بينما كان كالذي يخوض مطارده ...عمر في ايه ؟!
انت بتحري ورا مين ؟!
يعرف جيدا خلف ماذا يركض ووسيله تعرف جيدا من ماذا تهرب وثراء هي من لا وجود لها بوسط هذا المشهد الذي كانت تتابعه مثلما يقولون ( الأطرش في الزفه )
نظرت وسيله إلي مرأه السياره الي الطفله الصغيره التي وضعتها بالمقعد المخصص لها بالخلف تعتذر عن سرعتها بنظراتها .....وبسرعه كانت تكسر المقود تستدير في اول منحني قابلته لتضيعه وسط زحام السيارات خلفها .....لم ييأس عمر بعد أن تجاوز المنحني الذي أدرك باخر لحظه أنها عبرته ليزيد من سرعه سيارته أكثر ويدور بلا تفكير لأي عواقب في الاتجاه الآخر دون أن يبالي بأنه اتجاه خاطيء بينما عيناه تركزت فقط علي تلك السياره القادمه من الاتجاه الآخر .....!!
لم تكد وسيله تهديء من سرعه السياره بعد أن ظنت أنها قد هربت منه لتتفاجيء به امامها قادم من الاتجاه الآخر
مع كل لحظه كانت المسافه تتضاءل بينهم وعمر قادم تجاهها باصرار وعيناه لا تري السيارات القادمه تتفاداه ولا يسمع اصوات الابواق المستنكره بل كل ما ركز عليه هو وجودها علي بعد بضع أمتار ...بضع أمتار ...متر ...حتي أصبحت لاشيء وهاهو واقف امامها .... !!
ارتدت ثراء للخلف بقوة اثر ضغط عمر علي المكابح فجاه لتلتفت إليه فتجد عيناه لا تبارح النظر أمامه وسرعان ما كانت تدير راسها لتنظر الي حيث ينظر دون أن تدرك أن الزمن توقف بالنسبه له وأنه انفصل عن العالم من حوله ولم يعد يريد شيء إلا هي .....تواجهت تلك المره عيناها بعيناه واه من الوجع الذي تغلغل بقلبها وشطره لالف قطعه جعلت تلك النظرات تسري بعيونها التي نظرت له للحظه بعتاب خانها واستعذبه عمر الذي نظر لها برجاء ....!!
رسمت وسيله كثيرا تلك اللحظه ولكنها لم ترسم كيف ستكون مشاعرها وهي تراه ومعها تري كل ما مر عليها منه ...!!
اهتزت نظرات ثراء التي شعرت بنفسها غير مرئيه بينما لا تفهم شيء ولا يهتم أحد بشرح شيء لها لتشعر بالحقد يتغلغل في كيانها وهي تستمع الي ذلك الاسم الذي طالما أخطأ وناداها به والان تري صاحبته : وسيله
نبرته ونظراته جعلت نيران الغيره العاتيه تهب في كيان ثراء التي لم يبالي بها وهو يمد يداه سريعا ويفتح الباب وينزل بلهفه وكأنها اشتياق سنوات ....حاولت مناداته برفض : عمر !!
لم يستمع ولم يري شيء إلا وسيله التي بقيت في مكانها تنظر إلي اقترابه ....!!
خطوات يقطعها عمر بلهفه وهو ينادي اسمها ومع كل خطوه تتجدد ذكري مريرة اجعل نظراتها تتحول إلي الحقد والكره تجاهه ....توقف امامها مباشره ولكنها لم تمنحه راحه النظر إليها عن قرب فهو لا يستحق اي راحه وفقط يستحق العذاب لترميه بنظره امتلئت بالغل والكراهية قبل أن تحرك يدها الي ناقل التروس وبلحظه تضغط دواسه الوقود وترجع بسرعه بسيارتها للخلف وعيون عمر تكاد تخرج من موضعها وصوته يكاد يصاب بالبحه وهو ينادي اسمها وتنقطع أنفاسه وهو يحاول الركض واللحاق بها بعد أن لمح مقعد ذلك الطفل بمقعد السياره الخلفي ...وسييييله
توقف مكانه بعد أن انهكه الركض خلفها ولكنه لم يتوقف مكانه بل اسرع الي سيارته يدخل إليها بعدم يأس ليلحق بها ...: عمر فهمني في ايه ومين وسيله دي ؟!
صوت ثراء وصل إليه ولكن لم يترجمه عقله لتتسع عيون ثراء بصدمه حينما هتف عمر بها : انزلي
نظرت له بعدم تصديق لتنتفض من مكانها حينما عقب بصراخ مرعب : بقولك انزلي !!
وقفت ثراء مكانها تتابع انطلاقه بسيارته بينما تركها في الشارع وكأنها كم مهمل ...!!
..........
....
بقلب منفطر تحاملت غرام علي نفسها وهي تقوم بمهامها اليوميه بينما جفاءه معها منذ الأمس يؤلمها ....تحاملت واحتملت وهي تصبر نفسها أنه سيهديء ولكنه لا يفعل .... تجاهلها ايهم وكأنها غير موجوده حينما توقفت لدي باب غرفه مكتبه ....ايهم ينفع اكلمك !
نظر لها ايهم بسخط هاتفا : لا مش عاوز اتكلم معاكي واخرجي
نظرت له بعتاب : انا معملتش حاجه لكل ده ....كل اللي بتعمله انا اتحملته وبقول معذور بس أنا ماليش ذنب عشان تعاملني وحش كده ...ليه طيب انا عملتلك ايه ؟!
هب ايهم من مكانه بلا وعي لترتد غرام خطوه للخلف ما أن اخافها بهيئته المرعبه بينما يهتف بها بسخط : اطلعي برا مش عاوز اشوفك !
ارتجفت شفاه غرام وهي تنسحب من الغرفه لترتمي علي الفراش تبكي بقهر ليس معاملته الجافيه لها ولكن تلك المره تبكي بقهر أنها تحملت منه كل هذا ولم تعترض
بلا كرامه تتذلل له أن يحدثها بعد كل ما قاله لها !!
حمقاء تقبلت كل اهاناته بل وبلسانها تخبره أنه معه العذر ...!!
..........
....
انتفض سيف من مكانه بينما كان يتحرك في الغرفه بطفله ذهابا وإيابا ليغفو ليتفاجيء بعمر يقتحم الغرفه بلا مقدمات ....نظرت تينا الي عمر وكذلك فعل سيف الذي زجره : انت بتعمل ايه يا مجنون ....خد يدخل من غير ما يخبط
هتف عمر كالمجنون : شوفتها ياسيف ...شوفتها وكانت قدامي ... كانت قدامي وملحقتهاش عقلي اتشل حتي ملحقتش اشوف رقم العربيه كانت بتهرب مني موقفتش لحظه .....شوفتها يا سيف ....قولي اعمل ايه ....شوفتها وشوفت ابني معاها ....سيف ...سيف اعمل حاجه ....
تينا وسيف كانوا ينظرون إليه بينما يتحدث حرفيا كالمجنون ويتحرك بلا هدي هنا وهناك حتي أن ساقه اصطدمت باحد المقاعد بقوة لتركض إليه تينا هاتفه : حاسب ياعمر
تجاهل الالم الذي شعر به واسرع تجاه أخيه يجذب يداه : قوم معايا يا سيف .....قوم ندور عليها ...انا زي المشلول ومش عارف اعمل ايه
نظرت تينا بشفقه الي عمر الذي القي بنفسه في بئر مظلم بأفعاله لتقول لسيف : هات الولد وروح مع عمر
نظر لها سيف بحنق نابع من يأسه : اروح معاه فين ....انت يا اابني ايه اللي مش فاهمه وانا بقولك بقالي شهور بدور عليها في كل حته ومش لاقيها
لا يحتاج للمزيد من تلك الكلمات ليحاول أن يتمسك بالأمل : بس انا شوفتها ...والله شوفتها
اومات تينا الي سيف برأسها وقالت برفق ؛ روح معاه يا سيف وريحه يمكن تلاقوها
عقد عاصم حاجبيه حينما عادت زينه مجددا الي الغرفه : رجعتي ليه مش قولتلك قوليله اللي حصل
اوما زينه بحيره : أيوة بس لقيته هو وسيف خارجين بسرعه وملحقتش أكلمه
.........
....
نظر سيف الي أخيه الذي يقود بسرعه عابرا بوابه الاسكندريه : انا جاي معاك وانا زي الاطرش في الزفه ...فهمني
اوما عمر قائلا وهو يتحدث بأفكاره بصوت عالي : هشوف كاميرات المنتجع ...اكيد هوصل لحاجه
احباط يلو الاخر وكاميرات البوابات لا تصور شيء غير اعتيادي ولم تظهر اثر لخروجها ...... ليتبع سيف عمر الذي كان يتحرك بلا توقف كما حال عقله .....
ضيق عمر حاجباه وأشار لموظف الأمن أن يقرب الصورة
: قرب عليها اكتر
مشهد رجع إليه يوم ذهابها للمشفي هو الوحيد الذي استطاع إيجادها به ليراها تسير بوهن وتستند بيدها الي امراه لا تظهر ملامحها بوضوح بينما اغلب وجهها مغطي بنظاره شمسيه ...قرب اكتر
حاول الموظف فعل المستحيل ولكن كل ما استطاع تبينه هو مقدمه سياره سوداء دخلت إليها وسيله برفقه تلك المراه الغامضه .....تهاوي عمر علي الرصيف وهو يحدث سيف بكلمات مشتته :
طيب ازاي كانت حامل وانا معرفش ....مين الست دي ....هي الست اللي قالت ليا عليها ....طيب راحت فين و حصل ايه كل الشهور دي.... كانت فين و ايه اللي حصل ....طيب هربت ليه
نظر له سيف وهز رأسه بتأنيب : مش متاخره كل اسئلتك دي
رفع عمر عيناه تجاه أخيه برجاء أن يرحمه : سيف خلاص اللي حصل حصل انا في دلوقتي قولي اعمل ايه واتصرف ازاي ....انا بقولك كانت قدامي ...هربت مني دلوقتي زي ما هربت يومها
ابني ولا بنتي معرفش عنهم حاجه ولا عنها
.....جالها قلب ازاي تعمل فيا كده
صدمه قويه لاحت علي ملامح سيف التي غلفها الغضب الشديد بينما كالعاده يضع نفسه المغدور
لتخرج نبرته ساخطه وهو يوبخ أخيه :نعم يا اخويا .....هي اللي جابها قلب تعمل فيك
امسك ذراع أخيه بعنف صارخا : انت بتستهبل يلا ....انت لسه هتعيش دور الضحيه ....ده انت جبله ....انت مش واعي عملت فيها ايه ....اخدتها بالكدب من وسط أهلها وخبيتها زي العشيقه وفي الاخر اتهمتها في شرفها وجاي تقولي جالها قلب ازاي تهرب منك ....دي حقها تقتلك وتشرب من دمك
نظر عمر الي أخيه بخزي لينظر له سيف شزرا متابعا :
تستاهل كل ده يحصلك ....تستاهل تعيش الصدمه دي وتعيش ندمان ومقهور ومش عارف مكانها ومكان ابنك
فرك عمر وجهه وانفلتت منه نبرته الغاضبه : يا سيف حرام عليك كفايه تأنيب فيا وقولي اعمل ايه
نظر له سيف ساخرا : فاكرني هسكت بعد الكلمتين دول وتصعب عليا ...لا هقولك الف مره تستاهل
نظر له بغضب شديد صارخا : تستاهل ياعمر انك تتجنن من كتر ما هتسأل نفسك هي فين ولا ايه حصلها إذا كنت انا دماغي هتنفجر مني يبقي انت هيحصلك ايه ..هز كتفه وتابع : بس اقولك لو مستني مني رد هقولك
وانا مالي ...اقولك ليه ....قولت كتير وانت بتعمل اللي في دماغك
نظر له بغضب شديد وتابع : انت مشيت بدماغك من الاول يبقي كمل بقي
ضرب عمر النافذه بقبضته صارخا : حس بيا بقي ياأخي ....!
نظر له سيف بعدم رحمه ولم يشفق عليه : وانت كنت حسيت بمين ....نظر له بغضب وتابع : انت تستاهل كل اللي يحصلك
تبادل النظرات الغاضبه من أخيه الذي كان كالغريق ليتابع سيف بينما لم يهن عليه تركه : اعرف اني لو هقف جنبك هيكون عشان خاطر وسيله مش عشانك ....هي بس اللي تستاهل والطفل اللي مالوش ذنب إلا أن واحد مستهتر زيك خلي أمه تثق فيك
اغمض عمر عيناه ليتابع سيف بحزم : اول حاجه هتعملها هي انك هتعترف لابوك بكل حاجه
انزعجت ملامح عمر وهتف بامتعاض : وده وقته ....بقولك لازم ادور عليها واعرف مكانها تقولي ابوك
اوما سيف : ايوه عشان دي اول خطوه صح تعملها وتاني حاجه تخلص من جوازتك عشان انت عارف كويس اوي سببها واحنا مش ناقصين ضحيه تانيه من ضحاياك
نظر له عمر لينظر له سيف بامتعاض متابعا : حالا هتقول لابوك علي كل حاجه وثراء دي تنهي جوازتك منها وبعدها هندور علي وسيله وتبقي تشوف هتعمل ايه لما تقف قدامها ...!!
.........
....
رمشت وسيله باهدابها بضع مرات بينما انتظرت أن ينفتح الباب الذي قرعت جرسه لتمر دقيقه قبل أن تفتح تلك الشابه الباب وسرعان ما تتهلل ملامحها بعدم تصديق : وسيله
ابتسمت وسيله بحنين الي صديقتها التي لم تجد لها ملجأ سواها : بسنت ....اسفه اني جيت من غير ميعاد
قالت بسنت وهي تحتضنها : انتي بتقولي ايه ...انتي تيجي في أي وقت ....تعالي اتفضلي
نظرت إلي الطفله التي تحملها بين ذراعيها بسعاده : وسيله ....انتي خلفتي انتي وعمر ....تعالي تعالي احكيلي كل حاجه حصلت في الشهور دي وقوليلي عمر وتيته امتثال عاملين ايه !!
...
........
نظرت زينب الي ابنتها بتوجس بينما أتت تطرق بابها وهي تحمل حقيبتها : ايه اللي حصل ؟!
ارتمت غرام في حصن والدتها تبكي بقهر : ماما خديني في حضنك انا محتاجه ليكي ...!
......
....
نظر سيف الي أخيه يشجعه بنظراته أن يتحدث وقد اتت المحطه الاخيره ولم يعد هناك مجال للهروب ليستجمع عمر شجاعته وهو يقول بمقدمه حاول أن يطيل بها الوقت قبل أن ينطق بالحقيقه : بابا في موضوع لازم اكلمك فيه !
قال عاصم بعدم اهتمام بينما تظاهر أنه ينظر في الأوراق أمامه : لو علي موضوع جوازك أنا موافق
لم يسمع عمر ما قاله أبيه بينما كان صجيج أفكاره له الصوت الأعلي ليستجمع كل شجاعته بينما يقول : بابا انا اتجوزت ...!!
نظر عاصم الي عمر بعدم استيعاب : عيد تاني قولت ايه !!
توترت كل نظرات عمر وتصبب العرق البارد علي طول ظهره بينما التقت عيناه بعيون عاصم الحاده
الذي قام من مكانه بينما أخذ صدره يعلو ويهبط وصوت أنفاسه اصبح مسموعا وهو يحاول استيعاب ما نطق به ابنه ليردد بلسان ثقيل : عيد تاني اللي قولته
نكس عمر رأسه بينما بالكاد نطف اعترافه : انا اتجوزت من سنه من وراك ....!!
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم
أحسن خطوة عملتها غرام لغاية دلوقتي 😘♥️♥️♥️♥️
ردحذفلا ايهم زودها اوي مكنتش متخيله يكون دا رد فعله وغرام رجعت تصعب علينا تاني عمر يستاهل الدوامه الي هوا فيها ولسا عاصم كمان والي هيعمله فيه
ردحذفايهم جرح غرام واي وعمر يستاهل كل ده
ردحذفايهم ده عايز يضرب علي دماغه
ردحذفاه والله😂
حذفلا بجد مش قادره معصبني اوي
ردحذفتحفة يا رونا موقف ايهم صعب شوية على غرام وعمر فعلا يستاهل
ردحذفتحفه بجد يا رونا تسلم ايديكِ
ردحذفالبارت روعة زى العادة ايهم اتصرف بتهور
ردحذفمن غير ما يفكر بس اكيد مش هيأذى غرام عمر بيدفع تمن عميله ثراء كارثة متحركة
تحفه يا رونا
ردحذفايوه بقا ندخل بالجد وهتولع خالص
ردحذفاخيرا الجبل نطق
ردحذف