حكايه عمر الفصل التاسع والخمسون

10


 ( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

وقف عاصم مكانه مصدوم يعيد الكلمات بعقله الذي كان وكأنه أصيب بالشلل ...نعم يسمع صدي الكلمات ولكنه لا يستوعبها لتتبعثر دقات قلب عمر داخل صدره وهو ينطق بلسان متعلثم : يابابا 

انتفض عمر علي صراخ أبيه الذي صاح بعنفوان : اخرس ومتنطقش الكلمه دي .... عيد اللي قولته !!

اهتزت نظرات عمر بينما بالكاد استجمع شجاعته ليعترف بما حدث ولا يستطيع إعادته مره اخري 

لم يكن  عاصم وحده من توقف الكون من حوله بل كانت زينه التي بالكاد ادارت راسها تجاه سيف بعدم استيعاب تناجيه أن يكذب ما سمعته وهي تردد بلسان ثقيل : 

سيف انا مش مصدقه اللي بسمعه 

وضع سيف يده فوق يد زينه المرتجفه وهو يقول بتاكيد : صدقي يا ماما 

انتفض عمر مجددا حينما رج صوت عاصم الجهوري أرجاء الغرفه وهو يصيح بأبنه : انطق 

اندفع عاصم تجاه عمر وهو ينظر له باستنكار شديد بينما تكاد عيناه تخرج من موضعها لا يصدق أن ابنه يفعل شيء كهذا :  انت اتجوزت من ورايا !!

لأول مره يريد عمر أن تنشق الأرض وتبلعه ...و لأول مره يستصعب الوقوف أمام أبيه ولأول مره تهزه نظرات الخزلان بعيون أبيه وهو يمسك بذراعه مزمجرا بعدم تصديق : طيب ازاي وامتي وليه ....لييييه ....ازاي تتجرء تعمل كده ....بتلغيني من حياتك ....تتجوز من ورايا .....!!

ربما كانت لحظات أو دقائق أو اطول من ذلك بينما عمر بالكاد يستطيع التبرير أو بالأحرى اخبار ابيه بما حدث الذي لم يتطرق لتفاصيله بل كان لسانه بكل كلمه يحاول بها نطق تبرير : كنت حاسس اني منبوذ ولوحدي مش فارق مع حد ....كنت حاسس زي ما كنت بحس دايما اني عبء عليكم ...مجرد مصيبه فوق دماغكم ....هي الوحيده ....غص حلقه بينما يتابع وهو ينكس رأسه للأرض بينما لمعت الدموع بعيناه : هي الوحيده اللي مكانتش بتحسسني بكده ....كنت بالنسبه ليها الدنيا كلها ....كنت بحس معاها ان ليا قيمه واني مش مجرد مصيبه .....حبيتها ...حبيتها اوي وكنت عاوزك تجوزهالي بس ....بس .....تحشرج صوته ليرفع عيناه ببطء تجاه أبيه الذي جذب كل نظراته فلم يلتفت الي زينه التي بقيت جالسه مكانها تستمع بصمت من هول الصدمه الي تبرير ابنها لعل قلبها يجد له عذر ....: حصل اللي حصل ولقيت نفسي لوحدي ...مش هنكر اني كنت عاوز وقتها اثبتلك اني اقدر يكون ليا حياه مستقله من غيرك ...كبر جوايا التحدي ولقيت نفسي بتجوزها بس عرفت انك كنت الفتره دي تعبان ......ازدادت حشرجه صوته وهو يناجي نظرات ابيه أن تخف حدتها ولكن عاصم كان ينظر له نفس النظرات الحاده التي يخفي بها انكساره الداخلي وهو الاخر يبحث بين كلمات ابنه عن مبرر أو عذر سوي العناد والتحدي ....:مقدرتش اقولك ....والله كل مره أقرر اقولك حاجه تحصل وتمنعني ....كنت ناوي ابدء كل حاجه من جديد واصارحك بس ....بس مكنتش بقدر ....يوم ورا يوم وكل يوم بيعدي بيصعب عليا اكتر نطق الحقيقه ....والله يابابا ده اللي حصل ...انتفض حينما صاح عاصم بعنفوان شديد : قولت متنطقش كلمه بابا دي ....نظر له ساخرا بحده وتابع : بابا مين ...ده انت اللي بابا ....بغضب شديد اندفع ناحيته ليمسك ذراعه معنفا : بقي انت راجل واتجوزت من ورايا .....كمل ....كمل وابعد خالص عن أي مبرر ...احكي ده حصل ازاي وامتي ....ازاي كنت متجوزها وانا معرفش ...كنت بتاخدها فين ولا عايش معاها فين ...ومين اصلا اللي رضيت بكده 

اندفعت الكلمات من شفاه عمر سريعا بلا تفكير : لا يابابا وسيله بنت كويسه اوي بلاش تاخد عنها الفكره دي بسبب غلطتي ....هي اتخدعت وانا كذبت عليها وقولتلها انك موافق ولما عرفت الحقيقه كان الوقت فات 

شهاده سيف حان وقتها ليصدق علي كلام أخيه : أيوة يابابا البنت ملهاش اي ذنب ....الذنب كله ذنب .....ماتت الكلمات علي شفاه سيف ما أن إدار عاصم رأسه تجاه سيف ببطء بينما ملئت نظرات الاستنكار الممزوج بالصدمه عيناه وهو يسأل بثقل : انت ....انت كنت عارف ياسيف ..؟!

اهتزت نظرات سيف وسرعان ما نكس رأسه ولم تخرج كلمه من شفتاه ليحاول عمر بشجاعه ليس لها محل الدفاع عن أخيه : سيف مالوش ذنب انا حطيته قدام الأمر الواقع !!

هو كتير حاول يخليني اقولك بس انا اللي كنت اجبن من اني اعمل كده !!

نفضت زينه يد سيف عن يدها وهي الأخري نظرت له باستنكار بينما لا تستوعب كيف يفعل ابناها شيء كهذا .....! !

الجزء الاصعب ليس ما مضي والذي كان عاصم يريد معرفه كل تفاصيله بل الجزء القادم والذي اختصره عمر بما لا يزيد غضب أبيه منه أن عرف أنه ظلم تلك الفتاه أكثر : اختلفت معاها و سبتها بس مكنتش اعرف وقتها أنها كانت حامل واختفت من يومها وبالصدفه عرفت بموضوع حملها وحاولت ادور عليها ....غص حلقه بقوة بينما يتابع : شوفتها وشوفت ابني ولا بنتي ....مش عارف بس ....شوفتها وحاولت الحقها بس معرفتش 

خزلان شديد غلف كل نظرات عاصم الذي اوي شفتيه ونطق بسخريه مريرة : وخلفت كمان 

اوما عمر وهو يطأطأ رأسه للأرض بينما لا يحتمل نظرات ابيه أو والدته التي وضعت كلتا يديها علي وجهها بعدم استيعاب للحظات قبل أن تنظر إلي عاصم بشفقه اثرته بها علي نفسها بتلك اللحظه ....!! 

ساد الصمت أرجاء الغرفه بينما عمر بالكاد رفع عيناه تجاه أبيه بانتظار معرفه رد فعله الذي حقا كان عاصم لا يعرف كيف يترجمه ... !

اتجه عاصم بخطوات بطيئه تجاه ابنه لتخون عمر شجاعته ويتراجع خطوه ما أن وقف أبيه أمامه مباشره بطوله الفارع ....

رفع عاصم حاجبه وتحولت نبرته للسخريه وهو يسأل عمر : بترجع ورا ليه .....ايه خايف اضربك !!

رمش عمر بعيناه وهو بالكاد يستطيع النظر لعيون أبيه ليهز عاصم رأسه ساخرا بينما يتابع : لا انت راجل كبير ومتجوز ومخلف يعني كبرت علي الضرب 

زم عمر شفتاه بخجل يكاد يذيب لحم وجهه من سخريه أبيه الذي تابع وهو ينظر له من أعلي الي اسفل : الخلاصه انك جاي تعترف ليا عشان حاليا ولا انت عارف مكان مراتك ولا عارف ابنك ولا بنتك فين ؟! 

غلف الخزي ملامح عمر ليحاول التبرير : جيت اقول لحضرتك عشان ده اللي كان لازم اعمله من زمان

انتفض من مكانه علي صوت عاصم الجهوري الذي زمجر به : ولما هو كده مجتش اتكلمت ليه من وقتها !!

ابتلع عمر لسانه الذي عجز عن إيجاد تبرير لينظر له عاصم شزرا ويتابع : يبقي تقول انك جاي تقولي عشان مش عارف توصلهم 

اوما عمر وهو يفرك يداه ليضع عاصم يداه بجيوبه وهو يتقلد بنفس البرود الذي طالما واجهه عمر به وهو يسأله : 

طيب ومستني مني اعملك ايه ...جاي ليا ليه دلوقتي تحكي ليا ....ابتسامه متهكمه ارتسمت علي شفتاه بينما يتابع :ايه كالعاده عملت العمله وجاي لعاصم ينضف وراك.....ايه دلوقتي زي عادتك بعد ما تعمل المصيبه تفتكر أن ليك اب ......هز عاصم رأسه وقال بثبات وعيناه تكاد تفتك بابنه بينما بالكاد يتمالك نفسه : لا ...لا المره دي غير ...المره دي انتي راجل .....و راجل اوي كمان ....اتجوزت وخلفت من ورايا وقرطستني ولغتني من حياتك يبقي تكمل و تشيل شيلتك لوحدك !!

اهتزت نظرات عمر لينهي عاصم كلماته ويعود ليجلس خلف مكتبه وهو يتمسك بقوته الواهنه حتي لا يبدي اي ضعف بينما يشير إلي ابنه : اعتبرني مش موجود زي ما اعتبرتني وانت بتتجوز 

نظر عمر الي ابيه بعتاب لا يعرف كيف أتته الجرأه ليشعر به ليتجه إليه ويقف أمامه باعتذار يتوسله : بابا انا مش عارف اعمل ايه ....انت اللي تقدر تلاقيها ....لو مش عشاني عشان ابني ولا بنتي اللي معرفش عنهم حاجه .....ده عقاب ربنا ليا علي اللي عملته فيك وانا استاهله بس وسيله لا ...ازاي تقدر تعيش بطفل لوحدها .....وضع كلتا يداه علي وجهه وهو يتابع بخزي بينما يسجل خطيئه أخري من خطاياه  : انا خليتها تقطع علاقتها بكل عيلتها ملهاش حد وممعهاش اي ورقه وحتي الطفل معرفش سجلته ازاي ولا مسجلتهوش ...معرفش ولدت فين ولا ازاي ....انا هتجنن أو خلاص اتجنتت وانا بفكر في كل ده ...!!

ارتجفت قلب زينه بصدرها وهزت راسها بينما تهتف بأسي والدموع تملأ عيناها : ازاي عملت كل ده من ورانا .....!!! ازاي 

نظر لها عاصم وقال ساخرا : عندك حق ازاي حتي انتي ميجيش يقولك حاجه زي دي .....التوت شفتيه بسخريه اكبر بينما يتابع : مش هي دي البنت اللي كانت معاه وانتي روحتي عشان تخليها تبعد عن طريقه .....اشار الي عمر باشمئزاز وتابع : اهو حتي البيه وقتها رضي انك تعملي فيها كده وسكت مكنش عنده ذره رجوله يقولك دي مراتي 

اشاحت زينه بوجهها عن نظرات عمر التي امتلئت بالاعتذار بينما ربط عاصم علي قلبه بينما كل كلمه  نطق بها ابنه هزت كيانه وهو أيضا كاد يصاب بالجنون وهو يتخيل وضع وسيله ولكنه ابي أن يمررها ويتحمل عواقب فعله ابنه ككل مره 

لذا هب من مكانه بغضب شديد وهو ينظر إلي ابنه بسخط : انت هتقعد تندب وتقولي اتجننت ما تتجنن ولا تولع ....يعني ايه مش لاقيها ....ايه هتنشق الأرض وتبلعها ...ولا انت عيل مش ضابط وتعرف تدور 

نظر عمر الي ابيه بعدم فهم بينما انقض عاصم علي تلابيب ابنه : انت مش عملت سبع الرجال من غيري واتجوزت يبقي كمل يا رجوله ودور علي مراتك وابنك ....اشتدت قبضته علي تلابيب عمر وهو يتابع بنبره أمره : تقلب الدنيا وتقب وتغطس وتجيب مراتك وابنك ولا بنتك قدامي  ...اياك تستني مني مساعده انت طول عمرك بتستغل اسمي ونفوذي استغلهم صح المره دي ودور عليهم ومن اللحظه دي رجلك متخطيش الباب ده ألا وهما في ايدك .....لو حكمت تشيل كل حبايه رمل علي الأرض وتدور عليهم ....مش هتنام ولا تطفح ولا حتي تتنفس الا لما تلاقيهم ....غور من وشي 

تحرك عمر بضياع يحاول أن يستمد من كلمات أبيه القوة وأنه يستطيع فعلها لتوقفه كلمات عاصم : استني عندك ....التفت عمر بخزي الي ابيه ليرفع عاصم إصبعه أمام وجهه هاتفا بوعيد : اوعي تفكر أن كده خلصت لا انت لسه حسابك معايا عسير بس دلوقتي هأجل حسابي معاك .....برا ومش عاوز رجلك تخطي البيت من غيرهم...فاهم !! 

تحرك سيف خلف أخيه ليوقفه عاصم بنبره حازمة: علي فين ؟!

حمحم سيف دون أن يرفع عيناه الي ابيه : هروح ورا عمر يمكن نوصل ....لم يدعه عاصم يكمل حديثه بينما مليء السخط نبرته وهو يهتف به بتوبيخ : هو مش عيل محتاج حد يروح وراه ....انت هتقعد هنا وتحكي ليا علي كل حاجه خبيتوها عني 

احتقن وجه سيف بالخجل من أبيه الذي لوي شفتيه ساخرا : ماانتوا رجاله بقي وبتعرفوا تخبوا عن ابوكم ....ده لو لسه معتبرينه ابوكم 

قال سيف بخجل : بابا متقولش كده ...اللي حصل ...قاطعه عاصم مجددا صارخا : أيوة بقي .. اللي حصل ...هتحكي ليا كل حاجه بتفاصيلها 

قامت زينه من مكانها بينما لم تعد تحتمل أن تسمع المزيد ليوقفها عاصم : رايحه فين ....اوعي تكوني رايحه وراه

هزت زينه راسها وقالت بانكسار واضح : لا ياعاصم ....انت قولت الصح هو مش محتاج لحد فينا 

غص حلقها وهي تجذب ساقيها للخارج بينما كسرها ابنها بفعلته .

..........

....

ركضت شيماء تجاه الطاوله التي أعدتها والدتها لتجلس علي المقعد قائله بحزن : قالت مش جعانه يا ماما 

اومات زينب وربتت علي يد ابنتها قائله : طيب يا شيماء كلي يلا انتي 

نظرت لها الفتاه باستفهام : هي غرام مالها يا ماما ؟ كانت بتعيط ليه 

قالت زينب برفق : ملهاش يا حبيتي ..يلا كلي مع اخواتك 

وضعت زينب يدها علي خدها بينما بدأ أطفالها بتناول طعامهم دون أن تمسه هي ....أمسكت بالطبق الذي أعدته لابنتها غرام لتضع بعض الخضار الذي طبخته فوق الأرز ثم أخذت قطعه الدجاج ووضعتها فوقهم ثم اعتدلت واقفه واتجهت الي غرفه ابنتها ....مسحت غرام دموعها سريعا ما أن فتحت والدتها الباب لتتقدم زينب منها وتقول بحنان وهي تضع الطبق امامها : خدي يا غرام كلي لقمه يا بنتي 

غص حلق غرام من نبره والدتها الحنونه لتقول بصوت متحشرج : مش جعانه يا ماما ...تسلم ايدك 

جلست زينب علي طرف الفراش بجوار ابنتها ونظرت لها برفق قائله : يعني ينفع تقعدي طول اليوم من غير اكل ....طيب تظلمي ليه اللي في بطنك ...يلا يا حبيتي كلي 

ليس لديها أي شهيه ولكنها استجابت ليد والدتها التي رفعتها بالملعقة أمام شفتيها لتأكل القليل ....تنهدت زينب وقالت بأسي : ياغرام  قعدتك طول اليوم تعيطي مش هتفيد بحاجه بالعكس هتضرك وانتي دلوقتي مسؤله عن روح 

قالت غرام بيأس : واعمل ايه يا ماما ....في أيدي ايه اعمله الا اني اعيط علي بختي اللي طول عمره مايل

نظرت زينب الي ابنتها برفق ثم وضعت يدها فوق كتف ابنتها بحنان قائله : حتي لو زي ما بتقولي بختك مايل تميليه زياده بقعدتك دي اللي ولا هتقدم ولا هتأخر 

تنهدت زينب وتابعت : يا بنتي مفيش حاجه اسمها بخت مايل حتي لو الدنيا عاندت معانا اهو كلها اختبارات 

بتعدي علينا عشان نتعلم منها ....وانتي اختاري طريقك واتعلمتي منه 

بكت غرام بقهر : كنت فاكره أن حاجه هتتغير وان الدنيا هتضحك ليا بس زي كل مره ترفعني لسابع سما وبعدها تنزلني لسابع ارض 

هزت زينب راسها وقالت لابنتها بحنان : هتضحك يا بنتي مسيرها تنصفك ....بلاش تفكري كده وتخلي الهم يركبك وانتي لسه صغيرة ... هيهدي ويجي

هزت غرام راسها بينما لن تعشم نفسها بالأمل : مش هيجي يا ماما ...اخر مره قالي مش هيجي ورايا 

يأست زينب لتقول لابنتها : يبقي قسمتك معاه خلصت لغايه كده مش هتموتي نفسك من القهر 

ربتت علي يدها وتابعت : يلا قومي اغسلي وشك والبسي 

نظرت لها غرام باستفهام : هنروح فين ؟!

ابتسمت زينب لها قائله : نروح نكشف عليكي انتي لازم دكتورة تشوفك وتطمنا علي الحمل 

هزت غرام راسها بحزن : مش عاوزة انا كويسه 

هزت زينب راسها قائله باصرار : لا يمكن يا بنتي ....يلا اسمعي الكلام وقومي واهو نتمشي شويه ...نظرت لها وتابعت بابتسامه راضيه : انا لسه قابضه المرتب النهارده وأخواتك نفسهم في حاجه حلوة ...نروح المستشفي دكتورة حنان تكشف عليكي ونجيب ليهم بسبوسه بالقشطه 

لم ترد غرام أن تكسر خاطر والدتها لتهز راسها وتزداد غصه حلقها بينما تسأل والدتها التي كانت قد وصلت الي الباب : ماما 

التفتت زينب إليها : نعم 

لمعت الدموع بعيون غرام وهي تسألها بخزي : انتي ليه بتعامليني حلو اوي مع اني مستاهلش 

خنقتها العبرات بينما تذكرت كلامه الموجع لها لتتجه زينب إليها سريعا تضمها إليها وتمرر يدها علي ظهرها بحنان قائله بينما تحشرج صوتها هي الأخري : عشان انتي بنتي ...بكره تجربي وتشوفي ازاي مهما عيالك يغلطوا انك هتسامحيهم 

أمسكت بوجه ابنتها بين يداها وتابعت : ربنا بيسامح

غلفت المراره حلق غرام بينما تقول : بس هو مسامحش ولا نسي 

احتقن وجه زينب بالاسي لتقول : سيبك من العبد وخليكي في الرب ....اطلبي من ربنا السماح والعبد متشغليش بالك بيه ....!

...........

....


مررت وسيله يدها علي وجهها الذي انسابت فوقه قطرات المياه الساخنه المنهمره من الدوش بينما اختلطت بدموعها الحاره ....لماذا تراه الان ....؟!

اخذها عقلها بدوامه مؤلمه مر عليها مجددا كل ما عاشته معه ليتجدد الوجع والقهر ومعه تتحرك أناملها تجاه عنقها تحكه بقوة وكأنها تبعد عنه اثار أنفاسه وقبلاته التي كانت بكل مره تستسلم لها وفي النهايه خسرت كل شيء من أجله ....استجمعت نفسها وخرجت من الاستحمام بعد أن ارتدت بيجامه قطنيه أعطتها لها صديقتها بسنت التي كانت جالسه أمام التلفاز .....تلفتت وسيله حولها تسأل بسنت : دنيا فين ؟!

همست بسنت لها بابتسامه : نامت يا سيلا ...اخدت رضعتها ونامت فأخدتها اوضه الولاد ..متقلقيش 

أشارت لها بتهذيب : تعالي ارتاحي ...انا جهزت لينا عشا خفيف 

قالت وسيله بحرج : بسنت انا اسفه بجد اني جيت من غير ما اكلمك وكمان تقلت عليكي اني هقعد عندك يومين 

هزت بسنت راسها قائله : متقوليش كده يا حبيتي ...انتي نورتيني وبعدين اصلا انا طول الوقت لوحدي وتامر مسافر زي ما انتي عارفه 

اوما وسيله لتجلس بجوار بسنت التي ما أن مدت يدها إليها باحدي الشطائر التي أعدتها حتي اتسعت عيناها بهلع وهي تلمح تلك الآثار الحمراء علي عنق وسيله بعد أن ادمتها باظافرها ...وسيله ايه ده ؟!

بحركه تلقائيه رفعت وسيله ياقه البيجامه تجاه عنقها قائله : متشغليش بالك ....حساسيه 

هزت بسنت راسها وهي تمد يدها لتتفحص عنق وسيله : لا مشغلش بالي ازاي ...تحبي نروح للدكتور 

هزت وسيله راسها قائله : لا لا ...انا هاخد العلاج وهبقي كويسه الصبح 

اومات بسنت بينما بقي القلق في عيناها وهي تري تبدل ملامح صديقتها الي الذبول بتلك الطريقه لتبدأ معها الحديث : قوليلي بقي مالك ....عامله ايه مع عمر ؟! انتوا متخانقين 

غص حلق وسيله التي لا تحتمل سماع اسمه لتشعر بسنت بالرجفه التي انتابت جسد صديقتها فتقرر الا تضايقها أو تضغط عليها وسرعان ما تبدل الحديث :خلاص لو مش عاوزة تتكلمي ...مش هضغط عليكي 

ساد الصمت لحظات لتقطعه بسنت بفتح حديث جديد :  دنيا جميله اوي ....بس مش شبهك 

اومات وسيله بينما تركزت عيناها امامها بصمت لتتابع بسنت وهي تجذب أطراف الحديث : انا برضه اول ما جبت اسر كانوا بيقولولي مش شبهك وكلها كام شهر وبقي نسخه مني ....تنهدت وتابعت : اه يا وسيله يا حبيتي مش عاوزة اخوفك واقولك مستنيكي تعب اد ايه ...عياط وسهر ... ضحكت وتابعت : اللي فات حماده واللي جاي حماده تاني 

.........

...


للمره التي لا يعرف عددها كان عمر يعيد مقطع الفيديو بينما جلس الي مكتبه بعيون لم يطرقها النعاس الي الفجر ليفرك وجهه ويتناول المزيد من القهوة ورأسه تتجه الي الف اتجاه ويداه تخطط بعشوائيه أمامه كلما سار خلف خيط .....تسجيل جراج السيارات بالمشفي حيث رأها يظهر السيارة من بعيد ولوحه الارقام غير واضحه ليتنهد ويتابع التدقيق بأي شيء قد يوصله إليها .....مرر يداه علي ازرار الحاسوب ليجد نفسه يدون اسم هدي بالبحث وهو يعتصر عقله ليصل الي اسم زوجها .....ظهرت صوره لشافع وآخري لزوجته هاديه وليست هدي ....!

قرأ عنها وعن شافع اخبار طبيه لم تهمه فطلب من أحد رجاله إجراء تحريات عن تلك المراه ...هدي أو هاديه

وهاهي بعد بضعه ساعات تصل إليه ....نفس ما يعرفه 

طبيبه متزوجه من طبيب مرموق ...سيده مجتمع لا غبار عليها ولديها ابنتان يدرسان في الخارج ...وضع عمر راسه بين يداه وهو يتحدث بصوت مسموع : مين ده وكان ايه علاقته بيكي يا وسيله ومين الست دي .....؟!

اسئله كثيرة ولا يعرف لها اجابه ليهب من مكانه مقررا أن يواجهه هدي أو هاديه ويسألها تلك الاسئله 

.........

....

حك فرج ذقنه الخشنه ونظر الي ساميه شزرا للحظه قبل أن يهوي علي صدغها بصفعه قويه : بقي يا بنت الكلب بتستغفليني وبتبيعي البت 

هزت ساميه راسها ببكاء : لا والله ما بعتها ....انا وافقت تاخدها عشان تعالجها 

صفعها فرج مجددا بقله رحمه بينما يزمجر بغضب : وانتي توافقي ليه ....ايييه ملهاش اب 

هتفت ساميه بنشيج : غصب عني يا فرج ....خوفت عليها وانت اصلا البت مش فارقه ليك في حاجه فقولت قلب الغريب احن عليها 

لم يهتز لتلك الكلمات بينما يهتف بجحود : اه مش فارقه بيا تغور في ستين داهيه بس اللي فارق ليا تمنها 

ارتجفت شفاه ساميه بقهر بينما جذبها فرج من خصلات شعرها هاتفا : قومي معايا نروح المستشفي وياقاتل يا مقتول ......!

: مقتول !!

كانت تلك الكلمه هي رد انور العنيف علي فرج حينما تجرأ علي هدي وقام بتهديدها ليقبض علي عنقه بعنف ويدفعه تجاه الحائط خلفه مزمجرا : هتخرج من هنا مقتول !!

عرف فرج أن قوته أن تضاهي نفوذ ولا قوة تلك المرأه ورجالها وكل ما يعنيه في النهايه هو المال لذا حاول تخليص عنقه من قبضه انور قائلا : وليه الدم ...نتفق 

نظرت هدي الي انور بطرف عيناها ليوافق لينظر له انور بجمود : عاوز ايه ؟!

قال فرج بجحود : تمن البت !

رفض انور أن يرضخ لتهديد الرجل قائلا : واحنا مالنا ....الست هي اللي اخدتها 

اوما فرج بمكر : وده حصل في المستشفي الكبيرة بتاعتكم يعني يخصكم 

....نظر إلي هدي التي رأي في عيناها ميلها الأكبر لإنهاء الأمر بأي ثمن وتابع : الكلام والدوشه مش حلو علي سمعه المستشفي يا دكتورة ....اخرسي لساني ب ١٠٠ الف جنيه 

زفر انور بضيق هاتفا بهدي : وبعدين يا دكتورة ...انتي ازاي تدي الراجل ده الفلوس وكانك بثبتي علينا التهمه 

قالت هدي بشتات وإرهاق : انور انا مش متحمله عتاب ...انا تعبت وعاوزة اغمض عيني وافتحها اخلص من الكابوس ده 

اوما انور : يبقي سيبني اخلصه بطريقتي واجيب البنت منها ونخلص 

هزت هدي راسها : لا ياانور ....مش هستفز وسيله 

......

.........

مسحت غرام بالمنديل الجل من فوق بطنها بعد أن أنهت الطبيبه الكشف عليها لتعتدل جالسه وتجلس امامها 

تستمع الي التعليمات التي أخذت تمليها عليها وزينب تستمع إليها باهتمام لتقوم تشكرها: شكرا يا دكتورة حنان 

قالت الطبيبه بسماحه : علي ايه بس يا زينب ....المره اللي جايه خلي جوزها يجي معاها عشان يسمعوا نبض البيبي 

غص حلق غرام وخرجت بخطوات متعثره تماما كما تري حياتها لتستند الي الكاونتر بينما وقفت والدتها بصيدليه المشفي لتحضر لها الادويه التي وصفتها الطبيبه .... غامت عيون غرام بالحزن وهي تنظر الي والدتها التي فتحت حقيبتها وأخذت تخرج منها النقود ثمن الدواء لتشعر بالاسي والحزن بينما ستبقي دوما عبء علي عاتق والدتها المسكينه ....

أعطت الفتاه الدواء الي زينب قائله : اتفضلي يا مدام زينب 

شكرتها زينب قائله : شكرا يا نجوي يا حبيتي 

ابتسمت لها الفتاه : العفو علي ايه بالشفا 

ابتسمت زينب لغرام ووضعت يدها في ذراعها يسيرون سويا لتتوقف غرام مكانها قائله : ماما ....ثواني وراجعه 

نظرت زينب الي ابنتها بدهشه لتسرع غرام بخطواتها تعود الي صيدليه المشفي لتظنها زينب قد نسيت شيء ولكن الاحري أنها تذكرت شيء وهو كلمات والدتها الا توقف حياتها بانتظاره 

نظرت الفتاه التي تعمل بالصيدليه الي غرام : نسيتي حاجه ياغرام ؟

هزت غرام راسها وعضت علي شفتيها لحظه قبل أن تقول : لا .. انا بس كنت عاوزة اسألك ...نظرت لها نجوي بانتظار سؤالها لتتابع غرام : مش عاوزين حد يشتغل ....انا دبلوم تجاره وممكن اشتغل اي حاجه 

وبجد محتاجه اوي اشتغل 

قالت نجوي بأعتذار  : للاسف ياغرام حاليا المستشفي مش عاوزة موظفين بس وعد لو طلبوا هقول لمدام زينب علي طول 

اومات غرام بخزي بينما تخبر نفسها ماذا توقعت لتوقفها نجوي بسماحه : استني ياغرام ....

توقفت غرام لتقول نجوي بتفكير : بصي انا بشتغل شيفت بليل في مستشفي تانيه وممكن اكلم الاداره تشغلك معايا ...يعني تساعدينا في الحسابات

تهلل وجه غرام لتهز راسها قائله : انا ممكن اشتغل اي حاجه 

تبادلت الفتاتان ارقام الهواتف لتتابع نجوي : اول ما يوافقوا هتصل بيكي علي طول 

..............

....

: معرفش... معرفش 

تلاعبت النظرات العابثه بعيون عمر والتي تخفي خلفها غضب كبير لتنفلت صرخه من شفاه هدي بهلع تبعها اصوات تحطيم بينما أزاح عمر بحركه واحده كل ما فوق مكتبها ثم اتجه بغضب يحطم كل ما في طريقه قبل أن يتجه الي الباب ويغلق بابه بالمفتاح 

وسرعان ما كان يتوقف امامها رافعا كلتا يداه للاعلي وهو يهتف بوعيد ونظرات عابثه مجنونه تثير الرعب في قلب هدي تتراقص في عيناه : اسمعيني كويس لو فاكره اني هبلع الكلمتين واسكت وامشي تبقي غلطانه ...انا مجنون رسمي ....خافي مني اوي 

انا عمر عاصم السيوفي يعني ولا هخاف ولا هتهدد إنما هخوفك ....ركل المقعد لتصرخ هدي مجددا وتيقن أنها تتعامل مع مجنون بالفعل ....قولتلك معرفش عنها حاجه 

زمجر بها عمر بحنق وهو يمسك نفسه بصعوبه عن الاطباق في عنقها ويتمني لو انها رجل لكان حطم عظامها بينما بما لا يقبل الجدل رأي ارتباكها الذي يخبره أنها كاذبه ومن سوء حظ هدي أنها كانت وحدها بدون انور : متعرفيش عنها حاجه ولا متعرفيهاش !!

ارتجفت شفاه هدي هاتفه بتعلثم واضح : معرفش عنها حاجه ....اه افتكرت اني قابلتها كام مره لما كنت في الساحل وبس 

نظر لها عمر بغضب وسرعان ما اخرج هاتفه من جيبه يريها تلك الصورة والتي رجح أن تكون المراه في الصورة بجوار وسيله هي هدي 

: امال مين اللي اخدها في عربيته من المستشفي ....اسمعي يا وليه انتي ....اتسعت عيون هدي وهتفت بامتعاض : وليه ؟!

اوما عمر ساخرا : اه وليه وثانيه كمان وهتسمعي مني ابشع الألفاظ ....تقابلت عيناه بعيناها للحظه ليتابع عمر بعدها بجديه : اسمعي يا ** حالا هتقولي علي مكان وسيله والا هخلي حياتك جحيم ... !!

: انت بتهددني !! 

اوما عمر لتتجلد هدي بالشجاعه الزائفه : اعلي ما في خيلك اركبه ...انا معرفش عنها حاجه ولا اعرف مين دي اساسا 

رفع عمر حاجبه بوعيد : ده اخر كلامك 

اومات له هدي وهي تخفي كل ارتجافها اسفل جمود ملامحها : لا لسه عندي كلمتين 

نظر لها عمر بتأهب لتهتف هدي به : انا إكراما لابوك اللي له اسمه وسمعته همسح كل اللي عملته وتهديدك ليا إنما لو فكرت تكررها ....قاطعها عمر وهو يطلق ضحكه ساخره : اوبا ....ده انتي بتهدديني 

اتجه عمر ناحيتها لتتراجع الي الخلف باهتزاز بينما يتوقف عمر امامها هاتفا بثبات : لا ولا إكراما لابويا ولا غيره ...اعلي ما في خيلك انتي اركبيه لاني هكرر اللي عملته تاني وتالت ورابع واعتبري بس اللي حصل مجرد alarm ليكي عشان بكره هاجي وهتقوليلي مكان وسيله ومكان ابني !!

ابتلعت هدي ببطء واهتزت نظراتها من نطقه لكلمه ( ابني )

لينظر لها عمر بوعيد ويخرج صافقا الباب خلفه بعنف وكل دماءه تغلي بعروقه ....لم يصل إلي شيء ومجددا الجنون يضرب رأسه من اليأس في الوصول إليها ...!

..........

.....

نظر ايهم الي أرجاء الغرفه الخاليه بعيون جامده رافضا الاعتراف أن بها شيء ناقص بل بجمود أخبر نفسه أنه كان يتوقع مغادرتها ولا يهتم .....كل حركه يتحركها كانت تعبر عن غضبه ما عادا رأسه اليابس الذي يطن بالافكار بأنه لايهتم .....طرقت حلا الباب وهي تتجلد بالشجاعه : بابي ...هي ...هي غرام فين ؟!

لم يظهر غضبه بل خالف كل حراره دماءه وهو يقول ببرود متجاهل سؤالها : يلا نادي اختك عشان نتعشي سوا 

طلب طعام من الخارج رافض ان يظهر عدم وجودها وتأثيره وكأن وجودها فقط يمتليء بامتلاء الاطباق وكأن ابنتاه كل ما يهتموا له من غرام هو اعداد الطعام ....واهم ويسير خلف الأوهام التي يثبر بها أغوار نفسه ممتنع عن مواجهتها 

اخذت الفتيات تحرك الطعام في اطباقهم دون تناوله بينما أعينهم متركزه علي ملامح ايهم الذي جلس شاردا 

طوال تناولهم العشاء الذي لم يقربه هو الآخر .....قام وأخذ يجمع الاطباق متهربا من نظرات ابنتاه المليئه بالاسئله ليتجه الي غرفته يستبدل ملابسه قائلا : انا خراج عندي شغل ....بلاش تسهروا وناموا بدري 

فقط تلك الكلمات وغادر مسرعا ليجلس في سيارته بالاسفل وقت طويل يسأل نفسه من ماذا هو غاضب ...من مغادرتها ام من حملها ام من نفسه التي يضغط عليها بالتجاهل وهو يدرك جيدا أن تجاهل هذا الأمر ليس الحل ....أنها حامل بطفله مهما فعل أو غصب او ثار فقد نفذ الأمر الذي عليه مواجهته عاجلا ام اجلا !

رفع عمر رأسه من فوق يده بينما انتصف الليل عليه وهو علي جلسته خلف مكتبه يائس وعقله مشلول ويده مغلوله ...!

: ايهم !

نظر ايهم الي عمر بابتسامه ساخره من حالتهما : استغربت لما عرفت انك لسه هنا ...شكلك زيي في حاجه شغلاك

تراجع عمر بارهاق الي ظهر مقعده وهز رأسه دون مراوغه : هتجنن يا ايهم 

نظر لها ايهم باستفهام : ايه اللي حصل ؟!

اخيرا يعرف شيء طال اخفاء عمر له طوال تلك الأشهر ليضيق عيناه : كانت حامل 

طأطأ عمر رأسه بأسي : شوفتها يا اايهم وملحقتهاش ...كانت قدامي ومعاها ابني .....ايهم اعمل ايه !!

انفلتت الكلمات من شفاه ايهم بينما ضاق عقله بالتفكير : انا اللي اعمل ايه ......نظر عمر الي ايهم باستنكار ما أن أخبره بما حدث : انت بتسأل يا ايهم ...طبعا تروح تجيبها من بيت اهلها وترضي باراده ربنا 

نظر ايهم إليه باستهجان : انت بتقول ايه ....عيل ايه اللي اخلفه وانا في السن ده 

قال عمر بسخريه مريرة : لا تقعد قعدتي وتسأل نفسك الف مره انت عندك ولد ولا بنت وحالهم ايه وحتي شكلهم ايه ....في ايه ياايهم سن ايه وكلام فارغ ايه مافي رجاله اكبر منك وبتخلف وبتفرح كمان 

هز ايهم رأسه بضيق : مقدرش يا عمر ...مقدرش اقبل ومش قابل اصلا ....اقول ايه للبنات ...شكلي ايه قدام الناس 

هتف عمر بامتعاض : تولع الناس ...يا ايهم بص عليا ياأخي واتعظ ....انا بضرب نفسي بالجزمه اني مسمعتش منك انت ولا سيف ليلتها وفضلت راكب دماغي وصدقت أنها ممكن تخوني 

اتسعت عيون ايهم بينما عمر كل ما أخبره عن تلك الليله أنهم اختلفوا تماما كما أخبر أبيه ولم يتطرق للتفاصيل ليهتف ايهم باستنكار : انت بتقول ايه ....انت مجنون .!

اغمض عمر عيناه بضياع : غصب عني يا ايهم ...هتجنن 

اشار له ايهم بحنق: احكيلي من الاول ايه اللي حصل واياك تقولي اختلفتوا وتسكت 

...........

....


تهاوت هدي علي المقعد خلفها بينما هربت كل الدماء من عروقها ...حاولت إقناع نفسها أن عاجلا ام اجلا كذبتها ستنكشف ولكن هذا ليس ما يخيفها بل توابع انكشاف كذبتها هو ما يرعبها ....ستفقد كل شيء ...عائلتها واولادها وحياتها وحتي اسر 

دخل انور الي هدي قائلا بحماس : عرفت طريق وسيله 

نظرت له هدي ليري امتقاع ملامحها وعلي الفور يسألها بقلق : في ايه يا دكتورة ....حاجه حصلت 

اومات هدي وهي تعادل واقفه : هحكيلك علي كل حاجه بس دلوقتي لازم ارجع البيت .....

اوما انور ليأخذ هدي الي الخارج وفي طريقه يتوقف لشراء هاتف جديد لها 

: احنا لازم ناخد تليفونك وحاجتك من البنت دي 

اومات هدي بتسويف : مش وقت وسيله دلوقتي 

نظر انور لها باستفهام لتتابع هدي بوعيد : 

انور ....انا لازم اخلص من اللي اسمه عمر ده 

برضه مش هتقولب ليا حصل ايه يا دكتورة 

هزت راسها قائله :مش وقته ....اتصرف وخلصني منه !

مش عاوزاه يظهر قدامي !

أنهت حديثها ونزلت من السياره لتجد شافع يقف لدي الباب يسألها بقلق : ايه ياهدي اللي حصل وازاي تليفونك ضاع ...انا كنت هتجنن وانا بكلمك وتليفونك مقفول كل ده 

قالت هدي وهي تحاول أن تبدو طبيعيه : مش عارفه يا حبيبي نسيته فين 

قال شافع وهو ياخذها للداخل : بسيطه هكلم اللواء عبد العزيز يعمل تتبع للتليفون 

هزت هدي راسها سريعا : لا يا حبيبي خلاص مفيش داعي ...انا جبت تليفون جديد 

هز شافع رأسه باصرار : لا طبعا وكل حاجتك وصورنا واي حاجه علي التليفون 

ابتلعت هدي وقالت : قصدي مفيش داعي تتعب نفسك انور عمل محضر والضابط قاله خلال أيام هيرجع التليفون 

اوما لها متساءلا : مفيش اخبار عن وسيله 

هزت هدي راسها بابتسامه زائفه : أطمنت أنها اتصالحت مع جوزها ورجعتله 

هز كتفه قائلا بامتعاض : مستغرب جدا ولو كانت أكدت رأيي كنت هقول لها مترجعلهوش 

احتقن وجه هدي لتقول بغيره واضحه : هي حره بقي يا شافع ...بتحبه ورجعت له ملناش دعوه بيها 

اخيرا اختلت بنفسها بعد أن نام شافع لتتسحب من جواره وتتجه الي أحدي الغرف .....نظرت وسيله إلي الهاتف الذي يضيء بلا توقف بهذا الرقم الذي تدرك أنها صاحبته لتجيب عليها من بين اسنانها: عاوزة مني ايه ...اخرجي بقي من حياتي 

هتفت هدي بها بسخط : حياتنا بقت مربوطه ببعض يا وسيله

هتفت وسيله بغضب : ابعدي عني بقي ...عاوزه مني ايه 

هتفت هدي بها : عاوزة مصلحتك ومش من مصلحتك البنت دي تفضل معاكي ....ابوها جه وهد الدنيا في المستشفي وانا اضطريت اديله فلوس عشان اسكته 

هتفت بها وسيله بسخط : وماله تمن غلطاتك في حقي 

هزت هدي راسها الذي يكاد ينفجر بينما تقول : مش بتكلم في الفلوس ....تنهدت وتابعت بهدوء  :

اسمعيني يا وسيله انا عاوزة مصلحتك وكمان انا عارفه مكانك واقدر ااذيكي .....بس انا خايفه عليكي 

ابو البنت لو سكت النهارده مش هيسكت بعد كده وده خطف للبنت ومعايا التسجيلات بتاعه المستشفي بتصورك وانتي بتاخدي البنت 

هتفت بها وسيله ساخره : ومبلغتيش عني ليه ؟!

صمتت هدي لتتابع وسيله بسخط : عشان خايفه اكشف سرك 

فاض الكيل لتهتف هدي بحنق : أيوة يا وسيله خايفه ....خايفه اتحرم من ولادي زي ما اتحرمت من أسر ....خايفه اخسر الراجل الوحيد اللي حبني ...خايفه علي شافع يحصله حاجه لو عارف 

لعبت علي وتر رأفتها بهذا الرجل لتقول وسيله بصوت باهت : متخافيش ....مش هتكلم عشان د شافع وقولتلك قبل كده الكلام ده 

تنهدت هدي لتسألها برفق : طيب والبنت 

قالت وسيله باصرار : هتفضل معايا لغايه ما تخف 

هتفت هدي بيأس : مش هينفع يا وسيله ...رجعي البنت 

لما تنجذب وسيله لنفس الحديث الذي أخذت به قرارها وهي أنها لن تترك تلك الرضيعه لتموت مع اب مثل هذا الرجل وام ضعيفه لا تقوي علي حمايتها لذا هتفت 

:  طالما انتي عارفه عنواني ....ابعتي الكلب بتاعك ياخد شنطتك 

قالت هدي بأصرار : هبعت انور ياخدك مش ياخد شنطتي ....بدأت ترسم لها خطوط الاحلام بينما تتابع : ياخدك بيت جديد ويعمل ليكي بطاقه وحساب في البنك وكمان هوفر ليكي شغل جديد وسيبي البنت دي وابدأي حياتك 

ساد الصمت لتختف هدي بصوت هاديء : فكري لغايه بكره وهكلمك اعرف قرارك 

أغلقت وسبل الهاتف في وجه هدي التي تنهدت بضع مرات تتمني انتهاء هذا الكابوس لترفع الهاتف وتتصل بأنور :عملت ايه يا انور 

قال انور بثقه : متقلقيش بكره الصبح عمر السيوفي مش هيلحق يفكر حتي حصل له ايه ....بس عاوز دولارات 

قالت هدي دون اندهاش : كام 

: ١٠٠ الف 

اومات له وتابعت : بعد ما تخلص من عمر عاوزاك تشوف مصيبه للي اسمه فرج ....عاوزاه يبعد عن طريقي خالص

اوما انور بينما بالفعل كان قد بدأ التخطيط: تمام 


......

..........

ضمت وسيله الصغيرة الي حضنها بينما تتحرك بها ذهابا وإيابا بتنام بعد أن اطعمتها .... مر الليل دون أن تنام من التفكير والبقاء بالصغيرة التي بدأت تحظي بنوم هاديء بلا جوع أو مرض أو برد ...!

وكذلك مرت الليله بلا نوم علي عمر الذي كان يفكر ويشاركه ايهم بالتفكير بينما اخر ما فكر به هو العوده للمنزل حتي لا يداعب شبح غيابها قلبه أو عقله اليابس الذي يأس عمر من إقناعه .....!

كانت ليله طويله علي الجميع وكانت أضعاف مضاعفه علي زينه التي لم تبارح جوار عاصم وهي تخشي أن يصيبه مكروه بسبب ما حدث ولكن عاصم تمسك بقوته بالرغم من الوهن الذي آدمي قلبه من فعله ابنه الذي يحتاج الي تربيه وإصلاح 

.......

....

عقد مراد حاجبه باستفهام يسأل جوري عن سبب تغير ملامحها بتلك الطريقه بعد انتهاء محادثتها مع والدتها لتتغلب جوري علي صدمتها بما عرفته وتقول وهي تتهرب من نظرات مراد : لا ابدا مفيش 

نظر لها مراد بتدقيق : مفيش ازاي ...شكلك متغير خالص ...في حاجه حصلت 

هزت جوري راسها وغايرت الموضوع بعد أن قررت ألا تعيد خطأها وتتحدث عن شيء يسيء الي عائلتها أمام زوجها : انت مش نازل الشغل ولا ايه يا مراد 

فهم مراد أنها لا تريد الحديث ولا ينكر أنه أنزعج ولكنه تجاوز قائلا باقتضاب : اه نازل 

هزت راسها واتجهت لاستبدال ملابسها قائله : تمام هجهز انا كمان ....اوما لها لتقول له : هبقي اعدي علي ماما بعد ما اخلص شغلي 

هز رأسه ولم يسأل مجددا عما حدث والواضح عليها 

غيرت جوري طريقها من عملها الي منزل عائلتها لتدخل بخطوات متعثره وتتجه مباشره الي زينه ترتمي بحضنها : ماما اللي قولتيه ليا ده حصل بجد ....عمر متجوز وكمان مش عارف فين مراته وابنه 

اومات زينه بغصه حلق لتتابع جوري بعدم استيعاب : ازاي يا ماما ...؟!

هزت زينه كتفها بينما هي الأخري لا تستوعب : انا منمتش من امبارح ياجوري وكل اللي شايفاه قدامي عيون البنت دي وانا بظلمها وبتهمها ....قلبي واجعني اوي ياجوري وإحساس الذنب بيموتني 

دفعت شعرها للخلف وتابعت بضياع : اعمل ايه علشان اصلح غلطتي ....ياريت يرجع بيا الزمن وافكر أنها مظلومه كانت حاجات كتير هتتغير 

بعد حديث وتفكير سالتها جوري : طيب انتي فاكره عنوانها 

هزت زينه راسها بتفكير : من امبارح بحاول افتكر ....شافعي هو اللي اخدني العنوان وانا مش فاكره خالص 

قامت زينه مسرعه لتلحق بها جوري : ماما رايحه فين ؟!

أشارت لها زينه أن تنتظر لتسرع زينه بخطواتها للخارج تجاه شافعي تسأله : شافعي فاكر العنوان اللي اخدتني له اسكندريه من كام شهر 

بتعلثم قال شافعي : اي عنوان 

هتفت به زينه بحنق : عنوان البنت بتاع اسكندريه 

هز شافعي رأسه قائلا : لا يا هانم للاسف مش فاكره 

نظرت له زينه بحنق سرعان ما تحول لارتباك بينما وجدت عاصم يقف خلفها ...عاصم 

نظر لها عاصم رافعا حاجبه وهو يشير الي شافعي أن ينصرف : خير بترتبي ايه انتي كمان يا زينه من ورايا 

هزت راسها وقالت بتعلثم : ابدا يا عاصم ...بس ...بس غصب عني بفكر ازاي نوصل للبنت وحفيدنا ....قبل أن يقول عاصم شيء كانت زينه تتابع سريعا : والله يا عاصم مش عمر خالص اللي صعبان عليا بالعكس أنا حتي مش طايقه ابص في وشه ومعاك في موقفك منه بس البنت دي وابن عمر أو بنته ذنبهم ايه 

لوي عاصم شفتيه بسخط هاتفا : ذنبهم انهم صدقوا  واحد زي ابنك 

اومات زينه موافقه : عارفه ياعاصم وكمان عارفه انك مستحيل تكون عرفت كل ده وساكت واكيد هتحاول تدور علي البنت زي ما انا بحاول 

تنهد عاصم بغضب وعاد للداخل لتلحق زينه به متابعه برجاء : عشان خاطري ياعاصم ....طيب علي الاقل خليني انا احاول ادور عليها ....هروح بيتها واكيد هوصل لحاجه 

جلس عاصم خلف مكتبه بصمت ينظر إلي زينه التي تترجاه وهي غير مصدقه أنه بالفعل لا يبحث عنها 

ليشير عاصم إليها قائلا بقليل من التهكم : فاكره اني معملتش كده ...البنت ملهاش اثر 

فركت زينه يدها بتوتر ليتابع عاصم ساخرا : ابنك المحترم كان هايص في الساحل واخدها فيلا هناك وعايش فيها عشان محدش يعرف طريقه ....نظر في الأوراق التي أمامه وتابع بسخط : ومش بس كده 

التوت شفتاه بالسخرية وهو يتابع : البيه عمل عقد شقه لاخت البنت او بنت جوز امها واللي واضح أنه راجل طماع 

اهتزت نظرات زينه لتسأله بشتات : يعني البنت اللي عمر اتجوزها مش كويسه زي التانيه اللي اختارها 

ضرب عاصم المكتب بقبضته وهتف بغيظ : اهو كل اختياراته زفت بس انا مش هحكم علي البنت الا لما اشوفها واعرفها ...مش هظلمها بذنب ابنك 

.........

.....

: ها يا وسيله فكرتي ؟!

كان هذا هو السؤال الذي بدأت به وسيله صباحها من هدي التي لم يغمض لها جفن بينما عمر كان يبدأ صباحه بتلك الاصوات العاليه خارج مكتبه ليخرج بجبين عابس : في ايه ؟!

جذب امناء الشرطه الشابين الذين كانوا يتشاجرون بعيدا عن بعضهم : ضربوا بعض يا عمر باشا 

زفر عمر بحنق وأشار للامين : خدهم علي الحجز واعمل ليهم محضر 

تعالي صوت أحد الشباب يقول بتعالي : انا مش هدخل الحجز .....امسك هاتفه ورفعه بتهديد : انا هكلم حد يطلعني حالا 

احتقن وجه عمر بالغضب بينما نجح الشاب في استفزازه ليجذب الهاتف من يده هاتفا : مفيش حد فوق القانون 

رفض الشاب إعطاء عمر الهاتف وأخذ يهدد بصوت عالي ليحتدم الأمر ويشير عمر للامين : حط الحديد في ايده وهاته علي مكتبي 

دخل الشاب والأمين ممسك به ليجلس عمر خلف مكتبه وينظر للشاب بوعيد بينما هدأ تماما بعد أن كان بالخارج يهدد ويندد : خير ....ايه اللي حصلك سكتت ليه ؟!

قال الشاب بتراجع : انا مش عاوز مشاكل يا باشا ...انا كنت ماشي في حالي وهو كسر عليا وخبط وش العربيه ونزل كمان يتخانق ....فرك عمر وجهه وأشار للامين 

: فك الكلابشات

اشار للشابين أن يجلسوا وتحدث بهدوء بينما لا يريد اي شيء أن يشغله عن تفكيره ....دخل إليه أحد العمال حاملا صينيه عليها قهوته وكوب من الماء ليضعهم علي جانب المكتب وينصرف 

: اسمعوا بقي انتوا الاتنين ...يا نعمل محضر صلح وتخلص علي كده يا اعمل ليكم محضر وتنزلوا الحبس 

نظر كل واحد من الشباب الي الاخر ليقولوا بنفس الوقت : نعمل محضر صلح 

اشار عمر للشاب : وانت تدفع تمن تصليح عربيته 

تردد الشاب لحظه حتي لا يشك عمر بالأمر قبل أن يهز رأسه قائلا : اللي تشوفه يا باشا 

اوما عمر ومد يداه تجاه الجرس بجانب مكتبه ليستدعي الأمين ولكن بنفس اللحظه كان الشاب الاخر يقوم سريعا من مكانه ويتجه الي عمر قائلا باعتذار : انا مش عارف اشكرك ازاي وبجد اسف علي اللي حصل مني بس غصب عني .....اوما عمر ولكنه لم يكد يقول شيء حتي هب من مكانه حينما تظاهر الشاب أنه دون قصد منه أطاح بكوب القهوة .....اسرع عمر يزيح الأوراق التي أمامه بينما كلا الشابين حاولوا مساعدته واحدهما يقول باعتذار : اسف ....اسف يا فندم والله من غير قصد 

انحني عمر حاملا بعض المناديل لينظف بنطاله الذي طالته القهوة وبنفس اللحظه كان الشاب بخفه يسقط ذلك المغلف في أحد الإدراج ويغلقه سريعا بركبته ويتابع تظاهره بتنظيف المكتب 

....دخل الأمين الذي استدعاه عمر بينما مازال ينظف بنطاله : خدهم اعملهم محضر صلح واخلي سبيلهم وابعت عم سعد ينضف المكتب 

اوما الأمين وانصرف ليبتسم أحد الشابين للآخر بخبث بينما سارت خطتهم علي اكمل وجه دون أن يشك عمر بهم لحظه ....!

بنفاذ صبر سألت هدي مجددا : ها يا وسيله فكرتي 

هزت وسيله راسها دون أن يخرج صوتها فهي تريد بدايه جديده ولكنها لا تريدها من تلك المرأه التي كانت السبب بدمار حياتها لتحثها هدي علي أخذ القرار ظنا منها أنها هكذا تساعدها : وسيله انا انتقمت ليكي من عمر 

اتسعت عيون وسيله وهدر قلبها بقوة لسماع ما نطقت بها هدي وعلي الفور كانت تهتف بعدم استيعاب : عملتي فيه ايه ....عملتي ايه  !!

قالت هدي بتشفي : ضيعت مستقبله زي ما عمل فيكي ....جبت ليكي حقك ولا هو يعيش حياته ولا كأنه عمل فيكي حاجه 

وضعت وسيله يدها علي أذنها ترفض سماع تلك النبره المتشفيه والمتشبعه بسموم الانتقام : عملتي فيه ايه .....انطقي !!

...........

...

نظرت زينب الي ابنتها بتشجيع : بتتكلمي جد ياغرام 

اومات غرام بحماس شديد : أيوة يا ماما ....نجوي كلمتني وقالت اكون في المستشفي كمان ساعتين عشان يعملوا ليا مقابله وعليها يقبلوني أو لا 

ابتسمت زينب بسعاده بينما لم تظن أن ابنتها اخيرا ستأخذ خطوه في حياتها لتنظر غرام الي والدتها بتردد ويضيع حماسها : تفتكري هتقبل في الشغل 

اومات زينب بتشجيع : أن شاء الله....وحتي لو ...نشوف شغل تاني 

ربتت علي كتفها وتابعت : احسن قرار اخدتيه 

نظرت غرام الي والدتها بأسي : انا مش عاوزة اكون حمل عليكي اكتر من كده 

هزت زينب راسها برفض : لا يا بنتي ....انتي مش حمل عليا وفرحتي بكلامك مش عشان فلوس الشغل ...لا عشان أنا طول عمري نفسي تاخدي خطوه في حياتك مش تستني غيرك ياخد خطوه بدالك 

انا كنت بخاف عليكي تشتغلي بس انتي دلوقتي اتعلمتي وهتعرفي تتعاملي مع الدنيا

اومات غرام لتربت زينب علي كتفها قائله : طيب يلا اجهزي وانا هاخد اخواتك معايا وابقي كلميني لما تخلصي طمنيني 

...........

....

نظرت هدي الي الهاتف الذي اغلقته وسيله بوجهها لا تفهم معني ذلك ...هل رفضت الانتقام الذي كانت تريده 

نعم لم تنتقم من أجلها بل فعلت لازاحه عمر عن طريقها ولكن وسيله لا تعرف هذا إذن لماذا لم تفرح بنشوه الانتصار ....حاولت بسنت اللحاق بوسيله بينما خرجت بسرعه تحمل دنيا : في ايه يا وسيله ؟!

لم تتوقف وسيله بل أسرعت وجسدها بأكمله يرتجف بعد ما سمعته من هدي التي أوقعته بفخ كهذا ..!

بقدمها تذهب إليه لتنقذه وهي تخبر نفسها انها لا تفعل هذا لأنه لا يستحق الانتقام بل لأنه لا يستحق غدر كهذا ....يستحق أن تنتقم منه بجعله يعيش كل ما عاشته ولكنه لا يستحق أن يكون مظلوم في تهمه كتلك 

رفع عمر رأسه التي تكاد تنفجر بينما مجددا تعالت أصوات خلف مكتبه ولكن قبل أن يقوم ليري ما يحدث كانت آخر من توقع رؤيتها تقتحم الباب .....تجمد مكانه غير مصدق أنه يراها ولا يتخيل ذلك بينما وقفت وسيله أمامه دون أن يجول في خاطرها أنها مجددا ستراه بهذا القرب .....خانتها الدموع ولمعت في عيونها وغص حلقها بقوة بينما شريط الذكريات يداهم مخيلتها كما يداهم الوقت عمر الذي أصبح علي بعد بضع خطوات من اقتراب رجال الشرطه الذين وصل إليهم بلاغ من مجهول عن تلقي عمر للرشوه بأحد القضايا التي يعمل عليها 

بلسان ثقيل وعيون لمعت بها الدموع المشبعه بلهيب الاشتياق ممزوجه بمراره العتاب محترقه بلهفه اللقاء مؤلمه بوجع الذكريات كان عمر ينطق باسمها وعيناه تكاد تلتهم ملامحها الذابله : وسيله !!

بقوة لاتعرف كيف استجمعتها تحاملت وسيله علي سيل تلك المشاعر التي انتابتها مابين كراهيه وعتاب والم ووجع كانت تشير له أن يبقي مكانه : مكانك !

اوما عمر وبقي واقف مكانه بينما بالكاد هو يستطيع تحريك ساقه ....لا يستوعب أنها أمامه كما لا تفعل هي لتتحرك عيناه ببطء تجاه تلك التي تحملها بين ذراعيها ملفوفه بغطاء وردي ناعم فلا يري ملامحها 

ليردد بوجع غزي كل انش من كيانه : بنتي !!

اهتزت نظرات وسيله وماتت الكلمه علي شفتيها : مش بن....لم تكملها وهي تهز راسها بقوة رافضه أن تهدر مزيد من الوقت ليتسمر عمر مكانه بعدم استيعاب بينما بخطوات مسرعه كانت وسيله تتجه الي مكتبه تفتح درج يلو الاخر لتمر ثوان لايفهم عمر بها شيء ولكنه واقف مكانه وكأن العالم توقف عن الدوران وهو يحاول رؤيه ملامح الصغيره النائمه وسط غيمه بطانيتها الناعمه بين احضان والدتها .....!!

مغلف مغلق كان هو آخر ما لمحه عمر قبل أن ترتفع عيناه تجاه هؤلاء الذين اقتحموا مكتبه !!

...........

...

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 

اقتباس من القادم 

نظر ايهم بعدم تصديق واسرع بخطواته تجاهها : انتي بتعملي ايه هنا ؟!

انصدمت غرام برؤيته هي الأخري ولكنها واجهته بثبات لم يسبق لها : جايه عندي مقابله شغل !!


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

10 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. وسيله مش عارفه اقول عنه غير انسانه عنده ضمير وغرام بدات تعمل الي نفسه شخصيه

    ردحذف
  2. تحفة يا رونا وسيلة قلبها حن تانى

    ردحذف
  3. روعة حببتى تسلم عيونك وسيلة رغم كل حاجة هتنفذ عمر عاصم وزينة عمايل عمر هدتهم

    ردحذف
  4. البارت خاطف للانفاس هدي لازم تتربي

    ردحذف
  5. تحفه بجد

    ردحذف
  6. ايوه كده يا سوسو بس بجد مرعوبه من عمر لما يعرف النونو مات و عاصم هيقلب عليها و البنت مش ناقصه
    اما بقي غرام انا بقيت متحمسه اوي اعرف اي اللي جي اكتر من حكايه عمر و وسيله بجد يجننن بارت انهارده

    ردحذف
  7. حقيقي انتي من احسن الكاتبات الي احب اقرا لها متحمسه اعرف النهايه

    ردحذف
  8. جميله جدا ❤️❤️❤️

    ردحذف
  9. متى ينزل البارت الجديد اذا ممكن






    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !