حكايه عمر الخاتمه جزء ٢

9


 طوفان من المشاعر المختلفه اجتاحت وسيله ولاحت في نظراتها وفي ارتجافه شفتيها وفي بروده يدها بينما تلهف عمر لجواب سؤاله ولكنه أجبر نفسه أن يتمهل بانتظار الرد الذي عجزت وسيله عن الوصول إليه بينما تشابكت مشاعرها وأفكارها ككره كبيرة من الخيوط ...حنين ..اشتياق ...لهفه ...خوف من القادم مبرر بما عاشته في الماضي .... الكثير والكثير من المشاعر والذكريات ...حلوة ومريرة. ... حلوة بحلاوة البدايات التي خطف بها قلبها هاهي تتكرر وخوف لا تستطيع تجاوزه بعد أن تلاشت حلاوة البدايات وبقيت مراره النهايات .... تشجيع من داخلها بأن تقتنص البدايه الجديده وتسطر حروفها وبنفس الوقت تردد وجبن شديد من تكرار التجربه ....تشجيع بأنها لن تكرر أخطاءها بالماضي وتري منه أنه لن يكررها هو الآخر وبنفس الوقت خوف من أنه لا توجد ضمانات ....تشجيع بأنها تغيرت وهو تغير وخوف من مجهول عما أصبحوا عليه بعد التغيير ....الكثير والكثير جعلها تعجز عن تقرير ماهي ستكون اجابه سؤاله الذي طرحه بمشاعر لامست قلبها من صدق نبرته ونظراته .... ليست مجرد اجابه بنعم او لا بل عهد سيتعاهد عليه كلاهما ولا تستطيع الان صوغ كلمه منه بينما باغتها بطوفان مشاعره .... كانت تستطيع نطق لا قبل عده اشهر بما غلبه عليها عقلها وقلبها الذي تعكر بكل ما عاشته أما الآن بعد مرور هذا الوقت صفي قلبها ولم يعد عقلها وحده الذي يتولي القرار فهي مثل أي واحده مننا تهفو للسعاده والعيش برفقه من دق إليه قلبها ....لم تخرج اللا من شفتيها ولا من عقلها بينما قلبها يرجوها أن تتمهل ولا تقابل التغيير الذي تراه منه بالرفض بينما قلبها حقا لا يريد الرفض ككل محاوله خطي بها سابقا لتخرج نبرتها مهتزه متردده كما حال نظراتها 

: انا ....انا .....توقفت عن إكمال جملتها التي اكملها عمر عنها وهو ينطق بحراره وصدق : انتي خايفه ....انا عارف انك لسه خايفه 

نظر لها وتابع بنفس الصدق الممزوج بنفس الحيرة والشتات : وانا كمان خايف 

نظرت إليه ليهز رأسه ويتابع شرح مشاعره : خايف مقدرش اوفي بوعودي ليكي ولا اكون اد كل الآمال اللي انتوا كلكم حاطينها عليا 

.....نظر إلي عيناها وتابع : وسيله انا اتعودت اكون ولا حاجه محدش مستني مني حاجه وعشان كده مكنش بيفرق معايا رأي حد ولا نظرته ليا إنما دلوقتي مرعوب عشان مش اي حد عاوز نظرته ليا تتغير ....لا ....

ده انتي الوحيده اللي نفسي نظرتها ليا تتغير ....انتي الوحيده اللي تستاهلي مني تعويض عن كل اللي فات وانا خايف مقدرش اعمل كده ولا اكون اد الفرصه اللي بطلبها 

اخيرا خرج صوت من داخلها بما تريده : انا مش عاوزة تعويض 

اهتزت نظراته بخوف لاح بها وهو يستعد لخزلان تلك المره سيكون قاتل كسقوطه من سابع سماء رفع نفسه  فهل ترفض مجددا وتتركه يسقط بلا قيامه 

لتنظر وسيله له ولخوفه الواضح وتتابع ببحه صوت 

: انا مش عاوزة اندم تاني اني مشيت ورا قلبي  

لمعت عيناه ببريق ليسبقه قلبه قبل لسانه بلهفه : هعمل كل اللي اقدر عليه واللي مقدرش عليه هحاول اعمله 

العزم الذي رأته في نظراته واخبرتها به كلماته أقصي الكثير من ترددها لتقول : كلامك ده هعتبره وعد ولو خلفت وعدك ليا في يوم من الايام هفكرك بكل كلمه قولتها ومش هيكون لينا رجعه تاني ...هبعد عنك للابد 

ابتسم عمر وقال بلهفه ممزوجه بعدم التصديق أنه قارب علي نيل موافقتها  : عمري ما هفرط فيكي تاني ولا هنسي اي وعد وعدتك بيه 

قالت بعتاب : نسيت وعودك 

قال برجاء : انسي اللي فات وافتحي معايا صفحه جديده هخلي كل سطر فيها يستاهل انك متندميش لحظه واحده 

لمعت عيناها وعادت ارض قلبها القاحله ترتوي بقطرات الامل لتحضر وتزدهر لتقول بعيون تريد اقتناص كل وعد تستطيع أخذه منه يطمئن قلبها الخائف : بس احنا اكيد هنتخانق 

اوما بصفاء قائلا : اكيد والاكيد اكتر اننا هنتصالح عشان مهما نتخانق عمري ما هسيب ليكي ذكري وحشه في خناقنا  

قالت بالمزيد مما يتدفق الي داخلها : مش هتخبي عني حاجه تاني 

اوما لها وطالبها بوعد مماثل : وانتي هتقولي ليا كل اللي جواكي ولو حسيتي اني مقصر قولي ليا علي طول 

فتحت فمها ليبتسم عمر ويقول بلهفه بينما تتردد يداه في الزحف تجاه يدها التي يريد احتضانها بين يديه : سيلا انا بوعدك اني هنفذ كل اللي بتفكري فيه واللي لسه مجاش في تفكيرك ....انا زيك بالضبط نفسي اعيش مبسوط مع نصي التاني اللي عمري ما حسيت أنه بيكملني الا معاكي 

تنهد وتابع بينما وصلت يداه الي يدها : سيلا انا كل اللي عملته كان بدافع خوفي انك تبعدي عني أو صورتي اللي كانت في عينك تتغير بس دلوقتي أنا فهمت أن صورتي في عينك اللي هيرسمها هو تصرفاتي مش فكرتك عني 

شعرت بحراره يده فوق يدها التي لم تستطيع سحبها كما لم تستطيع سحب قلبها الذي أراد الغرق في المزيد من ورديه تلك اللحظات ليتابع عمر بمشاعر راجيه : سيلا اديني فرصه مش اني اعوضك عن اللي فات ...لا فرصه اننا نبدا مع بعض من اول وجديد ..!

..............

.....

غالب ايهم نفسه حينما استمع لبكاء صغيرته بينما يقول بصوت عالي وهو يضع يده فوق يد غرام التي هبت من مكانها ليعيدها إليه بنظره حازمه جعلتها تنظر إليه لاتفهم ما ينتويه 

: حلا ...حلا 

ركضت حلا : نعم يا بابي 

قال ايهم ببديهيه: اختك بتعيط يا حبيتي انتي مش سمعاها 

قالت حلا بعفويه وهي تتطلع بدهشه لغرام : اه يا بابي 

بس فكرت روما معاها 

اوما ايهم قائلا : غرام مصدعه شويه معلش شوفيها انتي 

أسرعت الفتاه بلا جدال تجاه الصغيرة لتنظر غرام إليه فيعود ايهم الي التطلع بشاشه هاتفه وكأن ماحدث شيء طبيعي والمفترض أن يحدث ...لتحاول غرام أن تقوم مطاوعه امومتها التي تعلي بداخلها بقلق بالرغم من أن بكاء الصغيرة توقف ليوقفها ايهم : رايحه فين ...خليكي مريحه 

قالت غرام بتردد : انا بقيت كويسه ...هقوم ابص علي يارا 

قال ايهم بجديه : يارا مع اختها الكبيرة ولو في حاجه كانت نادت عليكي 

زمت غرام شفتيها وبقيت جالسه علي مضض ليتمهل ايهم قليلا دون أن يضغط عليها أكثر بالبقاء قلقه ليعتدل واقفا ويترك الهاتف من يده قائلا : هقوم اعمل شاي وهبقي ابص عليهم ...اجيبلك شاي معايا ؟!

هزت راسها وهبت واقفه  : متتعبش نفسك انا هعمل لينا شاي وأشوف البنات 

اشار لها ايهم بعيناه لتعود مكانها وهي تتبرطم في أثره ( هو في ايه ...ماهو برضه حلا مش هتعرف تتعامل معاها ) 

كتم ايهم ضحكته وهو يعود إليها بطرف رأسه قائلا : لا هتعرف 

تركها واتجه الي غرفه ابنته الصغيرة ليجدها فارغه فيتجه بخطوات واثقه تجاه غرفه حلا لتداعب الابتسامه الواثقة شفتيه حينما وجد الفتيات جالسون علي الفراش يلاعبون اختهم الصغيرة ...رفعت هنا عيناها الي ابيها ضاحكه: بابي تعالي بص يويو بتعمل ايه ؟!

جلس ايهم بجوارهم لتجتاح الابتسامه شفتيه علي الصغيرة التي تقلد حركات حلا بشفتيها 

نظر ايهم بطرف عيناه تجاه الباب حيث وقفت غرام التي تهللت ملامحها وابتسمت لتشير لها حلا : تعالي ياروما شوفي يويو بتعمل ايه ؟!

جلست بجوارهم لتتعالي ضحكات الجميع وسرعان ما ترفع هنا هاتفها تلتقط الصور للصغيرة....مال ايهم علي غرام هامسا وهو يتظاهر بالجديه : هو انا مش قولتلك ارتاحي 

اومات له وهي تعض علي شفتيها : ماهو انا قولت اسال البنات يشربوا معانا شاي 

كتم ايهم ضحكته علي ردها الطفولي ليغيظها قائلا : حيث كده بقي اعملي لينا كلنا شاي ..!

هبت غرام بقلب منشرح وهي تقول بحماس: هعملكم احلي شاي من ايدي 

شاكسها ايهم قائلا : شاي من العلبه مش من ايدك 

غمزت له غرام بمرح : ماهو مش العلبه اللي بتظبط الشاي 

رفع ايهم حاجبه قائلا بجديه مصطنعه وهو يلحق بها : حيث كده يبقي اقوم اتعلم منك ازاي اضبط الشاي 

...........

....


تنهد عاصم مجددا وهو ينظر في ساعته ليلتفت الي زينه هاتفا بتبرم : عمر بقاله نص ساعه بيعمل ايه ... كل ده بيشتري علبه شيكولاته 

هزت زينه كتفها ليقول عاصم : هنزل اشوفه 

دخل ليجد ابنه يتحرك في أرجاء المحل الانيق وخلفه أحد الباعه بانتظار قراره ليسأله عاصم بعدم فهم لكل تلك الحيرة بانتقاء علبه شيكولاته : اتاخرت ليه ياعمر 

قال عمر وهو يحك ذقنه بحيره واضحه : بصراحه يا بابا انا اتشائمت من الشيكولاته 

رفع عاصم حاجبه : ومن شويه قولت لما كنت في محل الورد انك اتشائمت من الورد ...ايه هندخل علي الناس بايد فاضيه 

هز عمر راسه ووضع يده علي جيبه التي تحمل علبه قطيفه بها خاتم انتقاه خصيصا لها : لا ما انا جبت الخاتم 

اشار عاصم له قائلا : وهنجيب شيكولاته وورد وبطل الكلام العبيط ده ...مفيش حاجه اسمها بتفائل ولا بتشائم 

......

....

لحظه لا تصفها كلمات كانت لحظه خروج وسيله تجاههم حيث جلس بجوار ابيه في ظله يكبر به وتلك الفتاه الجميله تخرج له ببريق جعل عيناها تلمع ووجنتها تتوهج بالاحمرار الخجول وكأنه يطلبها لأول مره .... تقدمت بخطوات هادئه لتبتسم زينه لها وتمد ذراعها لتحتضنها كما فعل عاصم امام نظرات امتثال التي يدق قلبها عازفا سيمفونيه من السعاده والراحه وهي تضع صغيرتها علي أول الطريق الذي ستطمئن عليها به 

تراجع عمر بامتعاض حينما وضعت امتثال يدها بينه وبين وسيله التي اقترب منها يقبل وجنتيها كما فعل أبويه لتزجره : بعد كتب الكتاب 

اوما عمر لها بمرح : حاضر يا تيته...شوفتي انا بسمع الكلام ازاي 

جلست امتثال وقالت بعنجهيه قاصده : انت لسه مسمعتش كلامي اللي انا مجهزاه ياابن عاصم 

نظر لها عاصم بابتسامه ودوده قائلا : اعتبري كلامك اتنفذ قبل ما تقوليه يا حجه 

قالت امتثال بوجه راضي : مش لما يسمعه الاول 

قال عاصم وهو يربت علي كتف ابنه بثقه : هيسمع وينفذ أن شاء الله 

تنهدت امتثال برضي وبدأت تضع شروطها والتي لم تكن إلا شرط وحيد : انا مش عاوزة غير اني اطمن علي بنت قلبي وبنت ابني واشوفها مبسوطه وراضيه زي ما انتوا اكيد عاوزين تشوفوا ابنكم مبسوط وعشان كده عاوزة من ابنك وعد من راجل أنه لو في يوم من الايام قلبه اتغير عليها أو اختلف معاها وحس أن خلافهم هيأذيها يرجعها ليا !

قال عمر بلهفه وثقه : عمري ما هأذيها 

قالت امتثال وهي تهز راسها : ياعالم بالايام يا عمر ....انا بقولك تفتكر بس وعدك ليا لو القلوب اتغيرت 

اوما عمر لها وهو ينظر إلي وسيله بحب قائلا : اوعدك مع أن قلبي عمره ما هيشيل لوسيله الا الحب 

قالت امتثال بتشديد : الموده و الرحمه والتفاهم والاحترام قبل الحب ياعمر 

قال عمر بمشاعر جياشه : الحب بيخلق الرحمه والود وبيخلي التفاهم يعرف الطريق بين اتنين وطالما في حب هيكون في احترام وانا قلبي معرفش الحب الا معاها وقلبي متكسرش ولا عرف الوجع الا لما بعدت عني واصلا بقيت واحد تاني بعد ما خسرتها 

وانا معنديش اي استعداد اخسرها تاني 

ابتسمت زينه لابنها بينما رمقه عاصم بنظره فخر كما حال نظرات وسيله التي استردت كرامتها كامله وهو يتحدث عنها وكأنها اغلي ما بحياته  

وهنا حان حديث عاصم الذي قال : اعتقد كده يا حجه كلام عمر كفي ووفي وفوق وعد عمر وكلمته في كلمتي ووعدي اللي بديهم ليكي ولوسيله اللي هتعتبرني ابوها واي حاجه تحتاجني فيها متترددش ولو خلص العمر زينه هتوفي بوعودي دي بدالي 

هتف الجميع واولهم عمر بقلب ملتاع : بعد الشر عنك يابابا 

ابتسم عاصم ليتابع : ها أامري ياحجه ...عندك شروط تانيه 

قبل أن تنطق امتثال انفلت لسان وسيله بطلب طفولي ظنت انه سيهديء ضربات قلبها السريعه من السعاده التي مازال يشوبها الخوف : انا عاوزة العصمه تبقي في أيدي !

........

....

اتجه رشدي تجاه نديم الذي جلس يهز ساقه ببهو المنزل 

ليقول بقله لياقه : خير 

قال نديم باحتدام وتحفز : جاي اشوف ابني ولا ممنوع 

قال رشدي وهو يلوي شفتاه بقله ترحيب : لا مش ممنوع بس بعد كده تتصل بيا قبل ما تيجي عشان اقولك مناسب الوقت ولا لا 

احمر وجه نديم بغضب جارف نابع من خسارته للنعمه التي كانت بيده حينما أتت ريم بعد قليل تحمل الطفل وتعطيه له لتتهادي رائحتها الهادئه الي انفه تدغدغ مشاعره ناحيتها فتخونه نظراته وينظر لها بندم شديد يرجو أن تعفو وتصفح عن خطأه ولكن ريم اشاحت بعيناها عنه وقالت لأبيها : انا في اوضتي يا بابي لما يمشي ابقي نادي عليا اخد ساجد

اوما رشدي الذي جلس يضع ساق فوق الأخري متجاهل تماما وجود نديم الذي ضم ابنه إليه باشتياق شديد يلعن سوء أفعاله التي دفع ثمنها غاليا ....حمحم بعد قليل ونظر الي رشدي قائلا : عمي 

نظر له رشدي ببرود ليحاول نديم فتح طريق للحديث : انا ...انا مش حابب اللي حصل بينا ونفسي نرجع تاني زي زمان ....انا ...انا حتي كلمت بابا أنه يرجع الشراكه اللي كانت بينكم و...ظن أن رشدي سيركض كالعاده خلف اطماعه ولكنه تفاجيء برشدي يقاطعه : مفيش داعي ...انا خلاص وقفت علي رجلي ومش محتاج شراكه ابوك لو فاكر أنها هتكون تمن اني اضغط علي بنتي عشان ترجع لك 

احمر وجه وردت الطلقه بصدره والتي صوبها رشدي جيدا بينما كما حال الجميع تغير وراي في محنته معدن زوجته الاصيل والتي أعطته ميراثها ووقفت بجواره في أزمته التي ظنها نهايه المطاف ليجدها أنها مجرد ازمه مرت كما سيمر غيرها من ازمات ....حمحم نديم وقال سريعا بتبرير : مش قصدي اللي حضرتك فهمته انا كان قصدي نرجع اللي كان بيننا 

قال رشدي ببرود : مكنتش محتاج ارجع  حاجه تاني الا كرامه بنتي واهي رجعت لما مقبلتش اهانتك ليها واتهامك القذر ليها مع انك من الاول اللي جريت وراها 

قال نديم وهو يخفض رأسه باذلال : غلطت وندمان وعندي استعداد اصلح اللي عملته 

قال رشدي بجديه : ريم رافضه اي صلح بينكم وقررت تبدأ حياه جديده 

ابتلع نديم قائلا : يعني حضرتك موافق أنها تتجوز تاني مع أن ابو ابنها جاي يحاول يصلح كل حاجه 

قال رشدي وهو يهز كتفه : دي حياتها وهي حره فيها ومش عشان انت ابو ابنها هي مضطره تقبل 

قال نديم برجاء : طيب ارجوك حاول تقنعها...علي الاقل عشان خاطر الولد يتربي بين أمه وأبوه 

قال رشدي بجديه : ونفس الولد ده هيكبر ويشوف أبوه بيعاير أمه ويتهمها في شرفها ...قبل أن يقول نديم شيء آخر كان رشدي يعتدل واقفا وهو يقول : بعد اذنك انا عندي شغل ...اشبع من ابنك واتفضل وبعد كده ابقي اتصل قبل ما تيجي !

........

.......

تركزت جميع الأنظار تجاه وسيله واولهم جدتها التي لاتعرف من اين خرحت تلك الكلمات ليدير عاصم عيناه ببطء تجاه ابنه ليري رده فعله .....وسيله نفسها لا تعرف ما الذي قالته ولكنها رسمت في نظراتها أنها تريد هذا الطلب وبشده .....نظرت امتثال الي عمر الذي اعتدل واقفا لتتسارع دقات قلب زينه من رد فعل ابنها وانتوت أن تتدخل ولكن تفاجيء الجميع بهدوء عمر وهو يمد يداه الي وسيله قائلا : وسيله ينفع نتكلم لوحدنا 

نظرت له وسيله بعدم فهم ليقول عمر باستئذان : بعد اذنكم هنتناقش ونرجع ليكم 

تقدمت وسيله خطوتين امام عمر الذي اسرع خلفها تجاه غرفتها واغلق الباب لتهتز نظراتها وترمش باهدابها الطويله وهي تتطلع إليه بتوجس مما فعله لتجد ابتسامه هادئه غريبه ترتسم علي شفتيه وهو يطمأنها : ايه يا سيلا مالك خايفه ليه ...احنا هنتكلم ونتناقش في طلبك الغريب ده 

افلتت الكلمات من شفاه وسيله : طلبي هو اللي غريب ولا انت اللي غريب ....انت مالك هادي ليه كده 

قال عمر بعقلانيه ممزوجه بابتسامته : واتنرفز ليه ...طلبتي طلب عجيب غريب بس حقك اسمع سببه 

حشرها في الزاويه بهذا الوجه الغريب عنه والذي لم تعتاده منه وهو نفسه يحاول أن يتأقلم عليه وهو يناقش نفسه أنه ما الضير من النقاش 

اقترب عمر منها بقامته المديده لتتراجع وسيله للخلف خطوتين حتي اوقفها الحائط خلفها ليركز عمر نظراته علي شفتيها التي أخذت تعض عليها فازدادت ورديتها أكثر لينظر لها بعيون تكاد تلتهمها وهو يسألها بنبره أثره : ها يا روحي ...قولتي برا انك عاوزة العصمه تبقي فين !

ابتلعت وسيله وقالت وهي تتحلي بالثبات : في أيدي 

امسك عمر يدها ورفعها الي شفتيه يطبع عليها قبله اسكرتها بينما يقول بعذوبه وغزل : والايد الحلوة دي تبقي فيها العصمه ليه 

هزت وسليه كتفها بينما دقات قلبها تدوي بصدرها وذبذبات الحب تجذب كل منهما تجاه الآخر : كده ... يعني قصدي عشان لو اتخانقنا 

لم يستطع عمر منع ضحكته وهو يكمل جملتها : تطلقيني !!

نظرت له وعقدت حاجبيها بغضب طفولي ظنا منها أنه يسخر : انت بتتريق 

هز عمر رأسه وكتم ضحكته : لا والله يا روحي ...انا بتكلم معاكي وبتناقش ....مد أنامله تجاه خصله شعرها يعيدها خلف أذنها ليري ملامحها بوضوح بينما تهيم عيناه بوجهها وهو يتابع : يعني ياروحي ده كلام ناس عاقلين ....نتخانق تطلقيني وارجع بيت ابويا متطلق 

المشهد بروايته كان مضحك ولكن وسيله كتمت ضحكتها وهي تبرر : الستات بتعمل كده في الافلام 

ضحك عمر قائلا : ده في افلام ناديه الجندي ياروحي 

تمهل وهو ينظر لها ويقول برفق شديد وحنان بينما أنامله مازالت تتحرك علي جانب خصلات شعرها : يا سيلا يا حبيتي ربنا له حكمه أن الراجل هو اللي تبقي في ايده عصمه مراته عشان هو المسؤول عن البيت ويقدر يتحكم في نفسه وغضبه إنما انتوا غصب عنكم مع الضغوط جايز متقدروش علي النقطه دي 

مازالت لاتصدق أن من يتحدث هو عمر ولكنه سرعان ما أقنعها بأنه نفس الطفل الصغير المتقمص شخصيه الرجل الجاد وهو يغمز لها بشقاوة ويهمس بجوار أذنها  :  الهرمونات تشتغل في ليله الاقي نفسي متطلق...يرضيكي 

وكزته بكتفه وابعدته عنها ليضحك عمر ويمسك يدها قبل أن تبتعد : تعالي رايحه فين ؟!

قالت بغضب طفولي وهي تتهرب منه بخجل : طالعه 

قال عمر بابتسامه واسعه : يعني خلاص اقتنعتي أن الطلب ده مالوش داعي 

هزت كتفها وقالت بدلال وهي تتقمص الجديه : لا مقتنعتش بس عيب نسيبهم قاعدين برا لوحدهم وانت عمال تهزر وتقولي معرفش ايه 

غمز لها عمر بشقاوة : اقتنعتي بس مش عاوزة تقولي 

هزت راسها ليقول عمر وهو يقترب منها : خلاص يا ستي 

انا هقنعك ...نظرت له ليقول بحنان وهو يكوب وجهها بين يديه : لو ده اللي هيطمنك ....تلهفت لسماع ما يطرب أذنيها ليس بأنه سينفذ طلبها بل بقبوله اي ما كان طلبها ليقول عمر بمراوغه : لو زعلتك في يوم من الايام ابقي اخلعيني 

ارضي غرورها كأنثي بينما يدللها ويخطب رضاها دون أي فرض أو قيود ليمسك يدها وهو يأخذها للخارج ولكنها سرعان ما تركت يدها واسرعت لتجلس بجوار جدتها التي تلهفت كما حال الباقين لمعرفه ما حدث بينهم وهاهو عمر بكل عقلانيه يقول : احنا اتكلمنا وخلاص سيلا تراجعت عن طلبها 

هز عاصم كتفه متنهدا وهو يتابع هذان الطفلان الذي يكاد كل منهم يذوب اشتياق للآخر ولكنه الكبر 

عاد ليتابع حديثه الجاد وهو ينظر تجاه امتثال : مهر وسيله والشبكه مش هقول فيه كلمه ..كل اللي تطلبه أوامر ومؤخرها 

نظر إلي عمر بطرف عيناه وتابع بمكر : هكتب ليها رقم من ست اصفار عشان البيه يراجع نفسه الف مره 

مال تجاه عمر هامسا بمشاكسه : شوف الاربعين الف بتوعك هيعملوا ايه 

ضحك عمر وشاكس أبيه بمرح : انت الخير والبركه ...الأصفار كلها عندك مش بس ست اصفار 

نظر تجاه وسيله وابتسم بزهو : واصلا ده الحاجه الوحيده اللي متاكد اني عمري ما هدفعها لاني عمري ما هبعد عنها 

ابتسم الجميع بينما ألهبت حراره حبهما الأجواء وهاهو عاصم يهمس لابنه : خف شويه رومانسيه ياابن السيوفي 

عاد ليتابع حديثه الجاد : حيث كده ....تفاصيل الفرح وميعاده دي حاجه بتاعتهم وقبلها وسيله تختار الفرش اللي يعجبها لو حبت تعيش معانا ولو مش حابه تختار برضه المكان اللي ترتاح فيه ويتفرش زي ما تطلب 

عادت وسيله لأرض الواقع لتقول وهي تنظر إلي جدتها بلحظه إدراك أنها ستبتعد عنها : انا مش عاوزة ابعد عن تيته 

لحظه إدراك راودت الجميع بهذا الخيار الصعب لتحسمه امتثال : مش هتبعدي يا نور عيني ... انتي هتعيشي مع جوزك وانا كل فتره والتانيه هاجي اطمن عليكي 

رأي عمر نظراتها الخائفه من الابتعاد مجددا عن حضن جدتها ليحاول البحث عن كلمات ووعود تطمأنها 

حتي تتجاوز ما عاشته بعيدا عن جدتها التي مازالت تمثل لها حضن الامان : انا مش هبعدك عن تيته يا سيلا واي وقت تحبي نشوفها هاخدك ونيجي نشوفها وهي تشرفنا في أي وقت وحتي كمان لو تحب تعيش معانا اهلا وسهلا 

اوما عاصم وتدخلت زينه قائله : طبعا يا حجه ...ياريت تيجي تعيشي معانا 

هزت امتثال راسها بود : شكرا يا زينه يا بنتي انا هفضل في بيتي وسيلا هتعيش في بيتها ...نظرت إلي وسيله وقالت بحب وهي تمسك يدها تطمانها : حبيتي انا جنبك علي طول بس دي سنه الحياه ...انا عارفه أنه صعب بس هنتعود والحياه هتاخدك ...انتي لازم تبداي حياتك ومكنتيش هتفضلي طول عمرك جنبي ....جوزك حياته وشغله وعيلته في القاهره 

غص حلق وسيله وقالت بجديه بينما بدأت الدموع تغزو مقلتيها : وانا حياتي وعيلتي هي انتي وانتي هنا في اسكندريه 

ساد الحزن الأجواء ليعتصر عاصم عقله يفكر بحل كما فعلت زينه ليجدوا عمر يقوم مجددا ويشير الي وسيله : تعالي نتكلم 

نظروا إليه ليحاول تلطيف الأجواء بمرح وهو يقول لهم : احنا هنحل الموضوع ده مع بعض 

عكس المره السابقه قبل دقائق سبقته وسيله إلي الغرفه ولكنها وقفت أمامه بتحفز وهي ترفع اصبعها : طلبي المره دي مش هزار ياعمر ....انت حياتك وشغلك وعيلتك في القاهرة وانا كمان حياتي وعيلتي وشغلي هنا وانا معنديش اي استعداد اتخلي عن حاجه تاني وارجع اندم 

نظر عمر لها بعتاب : احنا مش اتفقنا ننسي 

خجلت من حديثها ليس باكمله ولكن اخر جزء منه لتقول بتبرير : مش قصدي افتح في اللي فات بس انا بقولك أن دي مشكله معنديش الحل بتاعها  ....حلها انت عشان أنا مش هبعد عن تيته ولا عن شغلي اللي لقيت فيه نفسي 

تقبل عمر منها ليتمهل لحظات يفكر بها ولكن بتلك اللحظات القصيرة لم يجد حل ولكنه أخذ كلماتها علي محمل الجد ليقول وهو يمد يداه لها : طيب حاضر هحلها بس دلوقتي خلينا منقلبش اليوم ونكمل فرحتنا 

نظرت إليه بعدم فهم ليقول بجديه : انتي قولتي حلها وانا بوعدك هحلها ...متفكريش في الموضوع ده وانا اوعدك بحل يرضيكي ...اقترب منها وهمس بغزل بجوار أذنها : دلوقتي خلينا نطلع البسك الدبله واسمع منهم مبروك ياعمر انك خطبت احلي واحده في الدنيا ...!

وبالفعل دقائق وتعالت زغاريد امتثال بينما اقصت وسيله تفكيرها وهي تنعم بسعاده اللحظه التي وضع بها عمر دبلته مجددا بين أناملها ..! 

........

....

عقد طلعت حاجبيه باستنكار : بتقولي ايه يا نيفين ؟

هتفت الفتاه بقله لياقه وتبرم وهي تنظر في هاتفها : بقولك مش معايا فلوس 

ابتلع طلعت ببطء بينما يسألها : ازاي ممعكيش ...مش احنا اول الشهر وقبضك نزل .

قالت نيفين ببرود : ادي انت قولت قبضي ...يعني فلوسي بتاعتي انا مش المفروض اصرف بيها علي البيت 

قال طلعت بعدم تصديق : ما انا بالعافيه بدفع الايجار بتاع الشقه بعد ما سندس اخدت اللي ورايا و اللي قدامي ...هناكل منين لو مشاركتيش معايا

قالت الفتاه ببرود : مش مشكلتي ...اشتغل واصرف علي البيت 

غص حلق طلعت مرددا: اشتغل بعد العمر ده 

قالت الفتاه بجحود : وايه يعني ولا انا المفروض اصرف عليك 

نظرت له بعيون قويه متبجحه وهي تتابع : روح خد فلوسك من سندس ومتجيش تطلب مني تاني فلوس 

ارتسمت الحسره علي شفاه طلعت بينما قابلت ابنتاه تضحيته بجحود كما فعل مع سندس وكما فعلت سندس مع ابنتها : بقت سندس ....مش دي اللي ضيعت عمرها عشان تربيكم 

قالت الفتاه ببرود وهي تلوي شفتيها : والله محدش ضربها علي ايدها 

هز رأسه بحسره وهو يردد كلمات ابنته ....بالفعل هناك محطه اخيره للتضحيات التي تكون بغير محلها عنوانها ( محدش طلب منك ) !

.......

........


ركضت وسيله تجاه الباب الذي عرفت من خلفه قبل أن تفتحه بينما عمر كما اعتاد يطرق علي الباب وكأنه يطبل بسعاده لتدفع بخصلات شعرها للخلف وهي تركض كطفله صغيرة عادت مراهقه لرؤيه حبيبها بينما يتطاير فستانها ذو النقوشات الورديه حولها لتفتح الباب وسرعان ما تقابلها ملامح وجهه الضاحكه والتي تستطيع اقتناص ضحكتها وسعادتها وكما كان دوما سبب في شقاء الجميع هو وحده أيضا أكثر سبب يجعل الجميع سعداء بقلبه الصافي وملامحه البشوشه 

فتح لها ذراعيه باشتياق بينما غاب عنها اسبوع بمهمه عمل لتنظر له وسيله بعيون مشتاقه ولكنها تهز راسها : بعد كتب الكتاب 

تبرم عمر كطفل صغير يرجو والدته : حضن صغير يا سيلا وحشتيني اوي 

هزت راسها بدلال وهي تستند الي الباب : توء توء ...بعد كتب الكتاب 

اوما لها علي مضض ليرسل قبلات كثيره علي الهواء لها قائلا : طيب خدي دول تصبيره 

تنهد وتابع باشتياق : امتي بقي نكتب الكتاب 

نظرت له وقالت بدلال بينما تذكره بوعده : حليت المشكله 

تظاهر بالتفكير للحظه قبل أن يهز رأسه وابتسامته الواسعه تخبرها أنه وجد الحل لتقول بلهفه : ها قول ...

هز راسه وقال بتمنع ماكر: هاتي بوسه الاول 

زجرته بحنق : بطل قله ادب 

تنهد عمر باحتراق بينما تتلاعب النظرات العابثه بعيناه التي طافت فوق كل انش منها : ده انا مش هبطل قله ادب بس اكتب الكتاب 

اندفعت الحمره الي وجهها الذي إدارته عنها بيننا تحاول السيطره علي دقات قلبها لتلفحها حراره أنفاسه حينما توقف خلفها ووضع رأسه علي كتفها لتتراجع سريعا محذره: هاا 

ضحك عمر وابتعد خطوه لتنظر له بلهفه : بطل هزار بقي وقولي الحل 

تمهل لحظه قبل أن يقول وهو يتظاهر بالجديه : عارفه هشام خال ابويا 

اومات وسيله وقد سمعت عنه بالتأكيد  ليتابع عمر : اتش بقي ده مهندس وسيم وراجل كده سكره 

نظرت له وسيله بضيق من تمطيط الأحداث : اخلص ياعمر ايه علاقته بالموضوع 

قال عمر وهو يكتم ضحكته التي بلغت أذنيه : ماهو ده الموضوع ....انا هجوز تيته لاتش وبكده مش هتكون لوحدها ونطمن عليها !!

اندفعت حمره الغيظ لوجه وسيله التي قبل أن تهجم عليه كانت امتثال تهتف به وهي ترفع الملعقه الخشبيه التي كانت بيدها : سيبهولي انتي يا سيلا 

أمسكت عمر كطفل مذنب تهزه وهي ترفع فوق رأسه الملعقه بوعيد : قول كده كنت بتقول ايه ياابن عاصم ....خساره اني واقفه اعملك القلقاس اللي امك مش بتعرف تعمله وكان نفسك فيه 

قال عمر بمرح : بجد يا تيته عملتي القلقاس 

زمجرت وسيله به بحنق شديد : انت لسه بتهزر ....عمرررر....اعمل فيك ايه 

قال عمر وهو ينظر لها بهيام : اتجوزيني ! 

.........

....

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم 


إرسال تعليق

9 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. يعنى لما بدانا فى الدلع والهزار بتاع ابن السيوفى تقولى الرواية بتخلص يارب يكون فى خمسة او ستة اجزاء للخاتمة

    ردحذف
  2. طيب والله عمر بجنن🤍🤍

    ردحذف
  3. روعة جميلة جدا عمر هذا الشبل من الاسد القمر عاصم باشا تسلم عيونك على كل كلمة بتسعدنا حببتى

    ردحذف
  4. بضيعى حرق دم سنه بحالها فى فصلين
    جوزى قبل ميتجوز على روحه😂😂😂😂

    ردحذف
  5. روووووووووووعه تسلم ايدك

    ردحذف
  6. تحفه فصل بيهدى الروح و بيرسم ابتسامة حلوة، بس منكرش أنى فطست من الضحك فى تبرير عمر للعصمه فى ايد الراجل 😄 يا راااجل ده احنا بقالنا اكتر من ٦٠ فصل بنعانى من فقدانك للسيطرة على غضبك و انفعالاتك ده انت لسه ربنا هاديك فى الخاتمه يا راجل 😄 بس عامة الفصل ممتع

    ردحذف
  7. تحفه مش عايزها تخلص والله بس الوحده لازم تسامح اللى ازاها ليه الست لازم تغفر

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !