بساط السعاده الفصل الثامن

3


( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
 نظرت بهيه تجاه دياب الجالس بوجوم منذ عودتهم من منزل أخته ....ترددت وهي تفتح فمها كل بضع لحظات ولكنها في النهايه صمتت بينما لا تعرف ماذا تقول ؟!

أن تحدثت بعقلانيه واعطت لأخته العذر في صعوبه تقبل المجيء معهم سيغضب منها وأن قالت علي الاقل أنها تشعر بما تعيشه وصال بفقدان ابيها وان كل ما تريده هو القليل من الوقت ربما أيضا يغضب وهي كعادتها لا تدخل في أي شيء قد يغضبه ولو نقاش بسيط لذا تلتزم الصمت وفقط تفعل ما يريحه ....!

وجومه وشروده هو تفكير وغضب داخلي من نفسه أنه هدد أخته تهديد يجب عليه تنفيذه ..!

عنيده وهو ليس بأقل منها لذا وصلوا الي طريق مسدود وهنا وجد نفسه يفكر بأن كان عليه أن يسلك مسلك اخر غير الإجبار ولكن ماذا يفعل الآن وقد قال كلمه وهو ليس ممن يتراجعون عن كلمتهم !

انتبه الي بهيه التي دخلت الي الغرفه بينما كان ما يزال علي جلسته : عاوزة حاجه يا بهيه ؟!

هزت راسها قائله : ابدا يا اخويا ..انا جهزت العشا بس دخلت لأمه مهجه وقالت إنها مش عاوزة تاكل وكمان جدي قالي إنه اخد دواه وهينام 

فقولت اسألك اجيبلك العشا هنا 

بالطبع جده ووالدته كل منهم غاضب منه بطريقته ...جده لأنه لم يحضر أخته كما وعده فحكم عليه أنه غير جدير بالمسؤولية التي أعطاها له ....!

ووالدته غاضبه لانه فرقها عن ابنتها ليزفر بضيق فأبنتها هي العنيده !

أراد ابعاد عقله عن دوامات التفكير فنظر إلي بهيه التي وقفت تنتظر جوابه ليتحرك ناحيتها ....

شهقت بهيه بينما طوق دياب خصرها وجذبها تجاهه لتسقط علي صدره القوي فتنفلت منها ضحكه متدلله : دياب ...!

مال دياب يداعب شفتيها بشفتاه بينما يقول بهيام : عيون دياب 

قالت بدلال وهي تضع يدها علي صدره : العشا 

علي مضض تركها ليتمدد علي الفراش بينما تمسك بهيه بالمنديل ذو الالوان المزكرشه تعقده علي شعرها وهي تبتسم تجاه دياب الذي انعكست صورته علي المراه لتلمح شروده الذي جعلها تتردد قبل أن تسأله برفق : دياب 

التفت لها: نعم 

ابتلعت وهي تسأله بتردد : هو الكلام اللي قولته لوصال صح...اصل اصل يعني ....كنت قاسي معاها حبتين 

عقد حاجبيه وتغيرت ملامحه كما توقعت ليهدر بها باقتضاب : بهيييه قولت مش عاوز كلام في الموضوع ده وبلاش تعكري مزاجي كفايه عليا امي وجدي مش كمان انتي هتفتخي ليا محضر وتحاسبيني 

اومات بهيه علي مضض بينما تدرك أنها أن تحدثت كره اخري لن ينالها الا عصبيته لتقول : حقك عليا ...انا مش هتدخل 

زفر دياب ليقوم ناحيتها ويربت علي كتفها بحنان : حقك عليا انا بس عقلي مشغول 

اومات بصمت وابتسمت له بسماحه ليست جديده عليها وهي تقول : هروح اجيب العشا 

...اتجهت الي غرفه مهجه التي جلست بها منذ أن عادت دون رغبتها منصاعه الي أمر ابنها 

: يسعد مساكي يا امه 

اومات لها مهجه قائله : تعالي يا بتي 

قالت بهيه برفق : وغلاوة دياب عندك متزعليش وتحطي في نفسك ...دياب طيب وقال بس الكلمتين دول عشان خايف عليها بس مش هينفذهم 

تنهدت مهجه بثقل وقالت بقله حيله : ولو نفذهم في أيدي اعمل ايه يا بهيه ... حكم القوي 

هزت بهيه راسها وقالت : هو بس جدي اللي محكم رأيه وعشان كده دياب قال الكلمتين دول لوصال عشان ترتدع وتوافق 

تنهدت مهجه مجددا بصمت بينما مجددا يتحكم ابيها بكل شيء لتقول بهيه بحنان : روقي دمك انا هنزل اجهز العشا واجيبه لغايه عندك 

هزت مهجه راسها هاتفه وهي تجذب الغطاء فوقها : تسلمي يا بتي ...انا هنام 

وقفت بهيه في المطبخ تجهز العشاء بعقل شارد بينما تعكرت فرحتها بذهابها للطبيب بما حدث بين دياب واخته .... بعد قليل تعالي رنين جرس الباب لتعقد بهيه حاجبيها بدهشه لمن سيطرق الباب بهذا الوقت ....اتجهت لتفتح وهي تتأمل امل بعيد ولكنه جال بخاطرها أن وصال تراجعت وجاءت لتتفاجيء بتلك التي وقفت امامها بوجه متأهب ....هزت دنيا أحدي الطفلين الذين تحملهم علي كتفها ليبكي أحدهم 

نظرت دنيا إلي ملامح بهيه بتشفي وهي تهتف بها : ايه شوفتي عفريت ولا فكرتي هسيب جوزي ليكي ويخلالك الجو !!

كالعاده لم ترد بهيه علي سخافات تلك الفتاه بينما انخطف قلبها بحنان تجاه الصغير الباكي لتمد ذراعها تحمله : تعالي يا مصطفي ...بتبكي ليه ياعنيا 

اخذت الصغير من علي ذراع دنيا التي عدلت من وضع أخيه الاخر ورفعته علي كتفها وهي تدخل بضع خطوات تتغنج بخطواتها وليس وكأنها مطروده منذ بضعه أيام !

بالطبع لن تترك المنزل أكثر من هذا وهي متاكده أنه لن يأتي خلفها وبالطبع لا تعرف للكرامه طريق ولا تري الا مصلحتها وتخشي أن يطلقها دياب لذا عادت بلا تردد 

عقد دياب حاجبيه بينما وقف اعلي الدرج حينما قام ليري من اتي بهذا الوقت ليتفاجيء بدنيا عادت ومعها أطفاله لينزل بوجهه متجهم وسرعان ما تستحضر دنيا ضعفها وتخفي ملامحها الجريئه التي كانت تتحدث بها مع بهيه قبل لحظات : ايه اللي جابك هنا ؟!

كان هذا صوت دياب الحاد والذي استقبلته دنيا بعيون معاتبه بينما تسرع ناحيته : العيال اتوحشوك اوي يا دياب !

زفر دياب بحنق بينما تركزت عيناه علي بهيه التي حاولت اخفاء انطفاء ملامحها واخبار نفسها انها سعيده بعوده الطفلين ولكن خانتها كسره قلبها حينما اقتربت دنيا من دياب بدلال تضع يدها علي صدره قائله بنعومه: وانت كمان وحشتني اوي يا دياب !

ابعد دياب يدها عن صدره مزمجرا بها : ابعدي واتحشمي ....رفع إصبعه أمام وجهها وتابع : 

انا مش قولتلك متعتبيش البيت تاني 

نظرت له بعتاب واسرعت تذرف دمعتان : انا اتعذرت ليك انك قولت كلمتين لحظه شيطان بس 

رفع دياب حاجبه باحتدام : من غير بس ...انا قولت كلمه قالت بدموع مزيفه سرعان ما استحضرتها : بتطرد ام عيالك يا دياب ؟! 

قبل أن يفتح دياب فمه كانت دنيا تسرع تجاه دياب الكبير الذي نزل من غرفته تتبعه مهجه لتنحني علي يده وتقول باعتذار زائف : حقك عليا يا جدي ...اتجهت إلي مهجه وتابعت اعتذارها : حقك عليا يا امه 

التفتت تجاه بهيه وقالت وهي تخفي حقدها : حقك عليا يا ابله بهيه 

نظرت إليهم وتابعت بضعف زائف أخفت به مكرها : حقكم عليا ...انا غلطانه وجايه برجلي اتأسف ليكم 

نظرت بطرف عيناها تجاه دياب الذي وقف بوجه جامد يري ما تفعله لتجد أن اسهل من يمكنها التأثير عليه هو الجد فتنظر إليه وتتابع بضعف وانكسار : لو يرضيك يا جدي اخد العيال وامشي تاني همشي عشان خاطر مضايقش ابله بهيه !

ألقت الكره بملعب بهيه وأنها الوحيده التي تقف عائق أمام عودتها 

حك دياب ذقنه بضيق شديد بينما نظر جده إليه وهز رأسه قائلا : الكلام كلام جوزك لو وافق ترجعي 

اتجهت دنيا إليه ليوقف اقترابها وينظر الي بهيه قائلا : لو بهيه قبلت اسفك ارجعي 

قبل أن تفتح دنيا فمها كانت بهيه تقول سريعا بسماحه : قبلته يا اخويا ...خليكي يا دنيا ...بيتك وبيت عيالك 

.........

.....

كم كانت وصال تعشق جلستها بالشرفه مساء ولكن اليوم شعرت بحزن شديد فلم تستطع أن تجلس بها وقد جاش صدرها بكل ذكري لها مع ابيها بينما كانوا يتناولون الشاي ويتحدثون ويتناقشون ولكن هذا المساء كانت الوحده رفيقتها والتي ازدادت ضراوتها مع مغادره والدتها .... تنهدت بضع مرات وهي تتذكر موقف أخيها الذي تعذره في خوفه عليها وتلوم نفسها قليلا علي إصرارها وانتهاء الموقف بينهم بقطيعه جديده ولكن ماذا تفعل ..! 

لو يفهم منها موقفها علي الاقل ....فكرت في حديثه بعد ذهابه وفكرت لما لا ولكن حديثهم كان كل منهم يعاند الاخر لذا لم يكن وقتها للتفكير محل ....زمت شفتيها وفكرت هل ستحتمل وحدتها التي ربما تمليء منها ساعات اليوم بالعمل والمساء بالدراسه ولكن هل تلك ستكون حياتها ...!

تنهدت بضع مرات وهي تسأل نفسها لماذا لم تسأل عن حياتها من قبل ولماذا الان ..؟!

ربما لأن حياتها كانت يشاركها بها ابيها والان أصبحت وحيده ....ربما لأنها استعذبت العيش وسط والدتها واخيها ووجودها مع عائله بدلا من وحدتها هي وأبيها !

ضاق صدرها فدخلت وهي تسحب هاتفها تحاول شغل نفسها به ولكن عبثا فكل ركن بالمنزل يذكرها بأبيها الذي وجدت نفسها تتوسد فراشه وتشتم به رائحته تاركه لدموعها العنان ...!

ظلت سحابه الحزن جاثيه علي صدرها طوال الليل فاستيقظت بعيون متورمه ووجه باهت ازداد بهتان لونه بملابسها السوداء التي كانت مكونه من بلوزة حريريه وبنطال اسود وايضا نظاره سوداء ارتدتهم وهي تتجه الي المشفي الحكومي الذي عملت به بضعه أشهر منذ عودتها 

: البقاء لله 

تقبلت التعازي طوال طريقها الي غرفه النائب الذي عليها أن تمتثل أمامه بسبب طول غيابها واعتذارها المتكرر

: انا مقدر الظرف اللي مريتي بيه يا دكتورة بس احنا مسؤولين عن أرواح ناس ولازم نكون ملتزمين وعشان كده متوقع منك تعوضي كل اللي فات 

اشار لها باحدي الجداول وهو يتابع : ده جدول النوبتجيات بتاعتك في عنايه الدور السابع و الحضانات

أخذته وهزت راسها قائله : شكرا يا دكتور 

ربما العمل هو ما سيمليء فراغها إلي أن تعتاد علي رحيل ابيها هكذا فكرت وهي ترتدي البالطو الابيض فوق ملابسها السوداء وتتجه لتبدأ بعملها لعل الوقت يمضي وهي وسط الأطفال الذين تحب رؤيه ضحكاتهم أن استطاعت تخفيف الالام التي يشعرون بها  ...!

....

.......

نظر دياب الي بهيه باستنكار لتخفض بهيه عيناها الي الأرض تتحاشي النظر إليه وهو يسألها بحده : ايه ؟!

قالت بهيه بتعلثم : يااخويا انا ..انا قصدي يعني الليله تبات عند دنيا 

هتف دياب بانفعال وهو يقوم من وسط الفراش : سمعتك يا بنت الناس بس مفهمتش قصدك ... مش عاوزاني ولا ايه 

هزت بهيه راسها سريعا : لا ...لا يا دياب ازاي تقول كده 

اقتربت منه ونظرت الي عيناه برجاء : انا يعني بقول أنها بقالها كتير غايبه عن البيت و العدل أنها ...قاطعها دياب بعصبيه : العدل أنها تتربي علي اللي عملته 

نظر إلي بهيه وانتفخ صدره بالغضب لتتفاجيء بهيه به يجذبها من ذراعها تجاه الفراش يجلسها عليه وينظر لها بنظرات غاضبه اخافتها لتقول بتعلثم : هو انا ..انا عملت ايه غلط ؟!

هتف دياب بحنق شديد : كل اللي بتعلميه غلط ومش لادد عليا ولا بالعه....مفيش واحده بتعمل عمايلك والاسم بتحب جوزها ..عاوزاني ابات عند غيرك !!

زادت حده نبرته وهو يتابع : ايه جبل ولا قلبك حجر مش بتغيري عليا وانا في حضن غيرك 

خفضت بهيه راسها وغص حلقها بقوة لتخنقها العبرات بينما لاول مره يتطرقون الي هذا الحديث المفروش باشواك الغيره التي تنغرس في قلبها مهما حاولت تجاهلها أو اخفاءها لتقول بحسره : اتعودت يا دياب 

تحشرج صوتها بينما فاضت بما في قلبها وما زالت عيناها تنظر إلي الأرض : عودت نفسي علي كده من اول ما جوزتك غيري عشان نار الغيره متحرقش قلبي اللي كنت بصبره واقول حقه يتجوز ويخلف

مد يداه تجاه وجهها يرفع ذقنها تجاهه بقوة ليري ترقرق الدموع بعيونها التي امتلئت بالحسره ليزمجر بغضب شديد من قله حيلته في تبريد نارها : مكانش فارق معايا وانتي اللي صممتي 

اومات بهيه والدموع تنساب من عيونها : عشان كان هيجي اليوم اللي تطلبها انت مني فقولت تيجي مني احسن !

توجع قلبه ليقول بعتاب : مكنتش هعملها يابنت الأصول وكنت هرضي بنصيبي 

هزت راسها ومدت يدها لتمسح دموعها لتسبقها يد دياب الذي أخذ يكفف دموعها بحنان قبل أن يضمها الي صدره ويقبل راسها لتبتسم بهيه من بين دموعها قائله : انت اللي ابن اصول يادياب 

رفعت عيناها إليه وتابعت بقهر تشعشع بداخلها : وده نصيبي انا... مالكش ذنب تتحمله 

قال دياب بحنان شديد : نصيبنا يا بهيه 

هز راسه بحنق من نفسه وهو يؤنبها : كان فين عقلي وانا بواقفك علي كده 

تنهدت بهيه وهي تتذكر شجاره يوميا مع جده الذي كان لا يكل ولا يمل من طلب الحفيد وحتي لا تضعه بخلاف مع جده أتت بالأمر من نفسها لتضغط عليه وتضعه في اختيار بين أن يطلقها أو يتزوج أخري 

نظرت له ورسمت ابتسامه قائله : وافقت لاجل ما يجي مصطفي وعلي .... شوفتهم عندي بالدنيا كلها 

تنهد دياب لتمرر بهيه يدها علي صدره بحنان : بلاش تعاتب نفسك يااخويا ولا تؤنبها انا مبسوطه وكفايه اني عارفه اللي في قلبك ناحيتي 

ابتسم دياب لها بحب : قلبي محبش غيرك 

ابتسمت له وهي ترفع نفسها لتضع قبله علي خده قائله : كفايه عندي الكلمتين دول 

اومأ دياب لها قائلا : وانا كفايه اشوف ضحكتك 

ابتسمت بهيه له ليمسح خدها بكف يداه ويتابع : انا مش عاوزك تيجي علي نفسك تاني 

قالت بهيه برفق : انا خايفه عليك متعدلش وربنا يحاسبك ...هي برضه ليها حق عليك 

تنهد دياب قائلا : وانتي ليكي حق ومش عاوزك تفرطي فيه وإذا كان عليها فهي تعرف حدها ومن الاول عارفه انا متجوزها ليه !

زمت دنيا شفتيها وهي تلصق أذنها بالباب أكثر لتستمع الي تلك الهمسات الدائرة بغرفه ضرتها والغيره تأكل قلبها ...

شهقت بهلع لتمد مهجه يدها تكمم فمها وهي تجذبها بقوة من ذراعها وتدفع بها الي غرفتها التي أغلقت بابها وصاحت بغضب : انتي مفيش فايده فيكي ....واقفه تتنصتي علي الباب بتاع بهيه ليه ....مفيش ربايه 

ارتجف قلب دنيا لتسرع تجاه مهجه تميل علي يدها : ابوس ايدك يا أمه مهجه وطي صوتك احسن دياب يسمعك 

نظرت لها مهجه بغضب وهي تبعدها عن يدها صارخة: ولما انتي خايفه منه عملتي كده ليه 

قالت دنيا وهي تستدعي دموعها : غصب عني يا امه ...جوزي وغيرانه عليه 

نظرت لها مهجه بسخط : تقومي تتنصتي علي الباب 

قالت دنيا برجاء :اخر مره يا امه ....اخر مره 

زفرت مهجه قائله بتحذير : اياك مره تانيه تيجي جنب بهيه والا أنا بنفسي اللي هطردك برا وكمان هاخد منك العيال 

.......

...

تلاعبت النظرات اللعوب بعيون دياب الذي تحرك كف يداه تجاه عنق بهيه يتلمسه بهيام هامسا : انا ريقي نشف من كتر الكلام ...مال تجاه شفتيها وتابع بهمس رقيق : خليني ابل ريقي بشهد شفايفك 

التقط شفتيها بين شفتيه في قبله متمهله تزامت مع حركه يداه حول خصرها يقربها من صدره الذي وضعت بهيه يدها عليه هامسه: بحبك يا دياب 

ابتسامه لاحت علي شفاه دياب التي تحركت الي جانب عنقها الناعم يوزع عليه قبلاته للحظات قبل أن يتراجع بها الي فراشهم الوثير ليقضي ليله بالجنه وهو ينعم بحبها بينما تتقلي دنيا فوق نيران الغيره ليس عليه بل من ضرتها التي تنعتها بالأرض البور ..... نظرت بحنق الي بكاء الصغيرين الذي لم يتوقف لتصب عليهم جام غضبها صارخه : اخرسوا بقي ربنا ياخدكم ! 


......

أفكار كثيرة تتجاذبه هنا وهناك ولكنه كأي رجل ملول لا يفكر بأكثر من فكره في ذات الوقت .... فكره واحده حذر عقله من مجرد التفكير بها وهي مغزي كل ما عاشه بتلك السنوات أو بتلك الزيجات ....فكره أنه كان المغفل الذي أساء الاختيار بين هذه وتلك ...فكره تأخذه لكثير من الأفكار والتساؤلات التي لايريد أن يشغل عقله به بينما ظن أنه بزيجه أخري سيصلح كل ما فات ويعوضه ومفتاح راحته هي وصال ...!

أنها من ستمسح من داخله اي ظن بسوء الاختيار ....لن يفكر بأي شيء إلا تعويض ما فاته والبدء بدايه جديده وكأن البدايه الجديده تأتي بمجرد قرار وليس بإصلاح ما مضي ...!

مجددا سيره من الماضي الذي وضعه في خانه ما مضي كانت كفيله بأشعال أعصابه المتوترة بترقب وانتظار لكلمه دياب الكبير التي ينتظرها منذ يومين بفارغ الصبر وكأنه انتظر عامان وليس يومان ليشعر أن دياب تأخر في الرد عليه وهاهي حميده مثله تجلس علي جمر ملتهب بانتظار أن تعرف شيء من ابنها وهاهي سيره أشعلت اعصاب هادي حينما دخلت حميده إليه تسأله : وبعدهالك يا هادي ...!

وهاهو يحاول الا يبدي اي فهم لسؤال والدته وهو يقوم من فراشه الذي بقي به طوال الليل بنوم متقطع بسبب هاجس حاول ضمه لقائمه عدم التفكير .... لم تحمل واحده من نساءه والاخيره تطرقت لطريق السحر والاعمال ...كل واحده منهم لم تحمل ...هاجس حاول أن يسيطر علي تفكيره ولكنه أقصاه بلا مبالاه ظاهريه ...الله لم يشاء ...!!

فقط نعم ربما لايهتم فهو بالأساس لم يفكر في أن يكون له طفل وهذا كان هاجس اخر بينما كل رجل مثله بالتأكيد يريد بدل من الطفل اطفال ولكنه لم يفكر بهذا سابقا ....!!

شروق كانت لا تريد الحمل وهي من اعترفت بلسانها فلماذا يفكر وربما احسان وسميرة لم تكن اي منهم تستطيع أن تحمل ...المهم أنه لن يفكر بأن هناك طريق مختصر عليه السير به ليطمأن أن هناك شيء ما به يمنعه من الإنجاب وهو طريق الطب ...هو ذكر صحيح ولن يفكر بشيء آخر !

هتف بملل يجيب علي والدته : بعدهالي في ايه يا امه 

قالت حميده بحنق وهي تجذب ملابسه الملقاه بعشوائيه علي جانب الفراش تعلقها مكانها وتخرج أخري نظيفه له : في اللي مخبيه عني !!

قال هادي وهو يجذب المنشفه يضعها علي عنقه ينتوي الذهاب الي الاستحمام : هخبي عنك ايه يا امه ؟

بنفس اللحظه كانت عيون حميده تكاد تخرج من موضعها وقد وقعت علي طاوله الزينه فرأت العقد الذي كانت تبحث عنه لتتجه بخطوه خاطفه وتمد يدها تجاه العقد ترفعه أمام عيناها وأمام عيون هادي الذي دخل الي الحمام دون أن ينتظر سؤال والدته 

وقفت حميده بغيظ شديد تقلب العقد بيدها وتزفر بنفاذ صبر بانتظار خروج هادي الذي خرج يجفف شعره بالمنشفه : انتي لساتك هنا يا امه 

جلست حميده علي طرف الفراش ومازال العقد بين يدها لتنظر الي ابنها بتحدي هاتفه : ومش هتحرك من هنا الا لما افهم 

ارتدي هادي ملابسه ومد يداه ليأخذ محفظته ويضعها بجيبه بصمت غلف الغرفه ولكن لم يخلو من زفرات حميده نافذه الصبر 

ليلتفت هادي الي والدته اخيرا وينظر لها باستفهام : عاوزة تفهمي ايه يا امه ؟!

قالت حميده بحنق وهي ترفع العقد أمام ابنها : 

جبته منين ؟! 

صمت لتغتاظ حميده وتنفجر بحنق : برضه هتسكت زي ما انت ساكت 

زفر بضيق هاتفا : عاوزه ايه يا امه ؟!

قالت حميده بإصرار : عاوزه افهم البت احسان فين و عملت ايه .... وايه جاب العقد ده ...ده عقدي مش جديد عشان متفكرش تضحك عليا وتقول اشتريته وكمان عاوزة اعرف ايه حكايتك مع البت بنت مهجه وايه اللي جدد القديم 

كلها اسأله ستفتح احاديث لايريد الخوض بها لذا صمت واتجه الي الكمود جواره يبحث عن مفتاح سيارته لتزجره حميده بغضب من صمته : برضه مش هترد عليا 

هتف هادي بانفعال : فين مفتاح العربيه ؟

رفعت حميده حاجبها بينما تحرك هادي بعصبية يبحث هنا وهناك بعقل مشتت لتفتح حميده فمها مجددا بالسؤال المستنكر : ده وقت مفتاح عربيه يا هادي اقعد واتكلم معايا 

ازدادت حركه هادي عصبيه بينما يهتف بسخط : افوت المزاد واخسر آلاف عشان اتكلم معاكي يا امه ....شوفي ليا فين مفتاح العربيه 

بسخط نظرت حميده الي ابنها الذي تدرك طبعه وعناده فكانت تقوم من مكانها وتنظر بطرف عيناها تجاه طاوله الزينه هاتفه بسخط له مغزي : اهو قدامك ....كان جنب العقد اللي مش عاوز تقولي لقيته فين !

سحب هادي نفس عميق وجذب المفتاح بعصبيه واتجه الي باب الغرفه لتوقفه كلمات حميده التي تتحداه : طالما انت مش عاوز تتكلم انا هاخد بعضي واروح بيت عليوه واعرف من البت كل حاجه !

كان لسانه سينفلت بتحذير لوالدته وهو يدير رأسه إليها ولكنه تراجع بينما لم يكن يوما يعترف بأن له ذراع يلوي 

لتمتليء نظراته سخريه بينما يقول : وماله واهو بالمره قولي لعليوه يجي ياخد حاجه بته اللي معادتش تلزمني بعد ما راحت لبتاعه السحر وسرقت !

اتسعت عيون حميده وصكت صدرها : يالهوي .... احسان!!

بقي سؤالها بلا اجابه بينما تركها هادي بلا اجابه وانصرف وجوفه محترق فقط لأنه نطق بتلك الكلمات التي أن زادت كلمه كانت ستاخذه لما لا يريد سماعه ....فتاه جاهله عقلها اهتداها لأن تقوم بكل هذا تحت عنوان أنها تريد أن تحمل ...!

ليزداد سخط هادي وتسخن أنفاسه وهو يتخيل جلسته أمام الرجال والتحدث بهذا وربما سماع جمله كعذر لها 

: عيله وعاوزة تخلف 

وكأن العائق والعيب به هو ....لا ...لن يسمح بهذا 

لذا لن يفتح اي حديث يخص تلك الفتاه الان ....فليتزوج وصال بعدها يحدث ما يحدث 

لينتظر وهو متأكد أن عليوة سيأتي إليه ووقتها سيعطيه المال وسيصمت ويغلق الأمر دون أي حديث ولكن الآن فليكتفي بالصمت وانتظار فعلهم ليكون رد فعله ! 

.............

...

: دياب !

التفت دياب الي جده الذي وضع كوب الشاي من يده قائلا بمغزي : فات يومين  هتجيب اختك امتي ؟!

تنهد دياب بحنق كتمه في صدره وهو يقول من بين أسنانه : ربنا يسهل ياحاج 

نظر له دياب باحتدام : يعني ايه ؟! ايه يا بوي برود دمك ده وانت سايب اختك وحدها في مصر وانت هنا نايم قايم 

قال دياب بتسويف ومراوغه بينما الدماء تغلي بعروقه بالفعل ولكن هناك جانب في عقله يخبره أن أخذ الأمر عنوه لن يأتي بالخير : يعني ربنا يساويها يا حاج ..قبل أن يقول جده شيء كان دياب يقول وهو يتجه الي الباب : يادوب الحق المزاد 

نظر دياب الكبير الي حفيده باحتدام والتفت الي مهجه التي أخفت عنه إصرار وصال حتي لا يعاند معها ويجلبها دون إرادتها : عاجبك كلام ابنك يا مهجه ؟! 

قالت مهجه بتعلثم تتعذر لابنتها وابنها  : وهو قال ايه يا ابويا .... وصال عندها مشاغل هتخلصها وتيجي 

زفر دياب وهو يعتدل واقفا : لما نشوف اخرتها بس اعرفي أن لصبري حدود ورد دياب وراه حاجه 

قالت مهجه بتعلثم : حاجه ايه بس ؟!

قال دياب بحنق : أنها مش راضيه تيجي 

صمتت مهجه ليهز دياب رأسه بحنق : ماشي يا مهجه ...طاوعي عيالك وانا ليا صرفه !

..


دخل هادي الي السوق وسار به الي نهايته يلوح بيده يلقي السلام هنا وهناك إلي أن وصل إلي وكاله الحاج دياب بنهايه السوق حيث جلس كبار معلمين السوق يزايدون علي الفاكهه الوارده  ....

القي السلام علي دياب الذي جلس يتابع حركه البيع : السلام عليكم 

اومأ دياب له : وعليكم السلام يا هادي ...اتفضل

اسرع إليه احد الصبيه يجلب له مقعد قائلا وهو ينفضه لهادي ليجلس عليه : صباحك فل يا معلم هادي 

قال هادي وهو يجلس : صباح القشطه يا حسونه 

: اجيبلك فطار يا معلم 

: لا هات ليا قهوتي 

اسرع الشاب قائلا : عنيا يا معلم 

التفت هادي حوله يسأل دياب : نخلص علي كام 

قال دياب وهو مازال يتابع حركه البيع : المعلم دياب الكبير قال تخلص علي عشرين 

اوما هادي دون جدال : وكلمه الكبير متتردش 

اشار بصوت عالي تجاه أحد رجاله : خلص علي عشرين يا قناوي 

اوما الشاب وتعالي صوته بالسعر لتتعالي الاصوات حوله لدقائق قبل أن تهديء وتلقي السلام علي دياب الكبير الذي وصل ....صباحكم زي الفل يا رجاله 

رددوا الرجال التحيه ليشير لهم دياب الكبير أن يتابعوا وهو يذهب ليجلس الي جوار هادي ودياب 

ليشعر هادي بيد دياب الكبير تربت علي كتفه بمحبه : صباح الفل يا هادي ... كيفك يا ولدي 

قال هادي وهو يربت علي يد الجد : بخير يا حاج 

اسرع الصبي يجلب مقعد لدياب الذي قام من مقعده ليجلس عليه جده كما حاول هادي أن يفعل : اتفضل يا معلم 

جلس دياب الكبير قائلا : هات قهوتي يا واد وقهوه المعلم هادي ودياب 

قال هادي سريعا : وصلت القهوة يا حاج تسلم 

اسرع الصبي ليتابعه دياب : هات ليا حجر 

هتف الصبي وهو يركض تجاه المقهي : احلي حجر يا كبير السوق 

لاحظ هادي صمت دياب وعدم نظره تجاه جده متشاغلا بمتابعه المزاد ...نظر دياب الي حفيده الذي يتحاشي الحديث معه ثم التفت الي هادي قائلا : خلصت مع ولاد عزام علي كام يا هادي 

قال هادي دون جدل : علي كلمتك يا حاج ...عشرين 

ابتسم له دياب برضي : جدع يا بوي ...خلي الناس تأكل 

ربت هادي علي كتف دياب : ربنا يباركلك يا حاج 

ساد الصمت قليلا حينما اتي الصبي يضع الطلبات أمامهم ليبدء المزاد بالمقاربه علي النهايه ...حمحم هادي ولم يستطيع أن يصمت عن سؤاله الذي لن يرتاح الا حينما يعرف إجابته 

: ايه يا حاج مفيش اخبار عن الموضوع اللي اتكلمنا عنه ؟!

لاحظ هادي ملامح دياب الكبير والتي لاحت عليها العصبيه وهو يقول بتسويف : خير أن شاء الله 

لم ترضي اجابه دياب تلهف هادي الذي حك ذقنه قائلا : خير طبعا يا حاج بس انا عاوز اعرف راسي من رجلي .... !!

التفت دياب الذي كان يفرك يده بضيق تجاه هادي الغير صابر مزمجرا : راسك اهي ورجلك علي الأرض يا هادي 

تلاقت نظرات هادي التي أشتعلت غضبا بعيون دياب الثائر بينما يتابع وهو يتجنب النظر إلي جده : قولتلك قبل سابق مش وقته ياهادي 

افلتت نبره هادي الغاضبه والنابعه من نفاذ صبره : 

امتي وقته ؟

تدخل دياب الكبير قائلا : اصبر يا هادي 

افلتت نبره هادي المتزمره: صبرت كتير يا حاج وانت عارف ...صبرت سنين !

نظر هادي إلي دياب وتابع بهجوم نابع من ضغط إحساسه أن كل زيجاته جعلته مغفل وعليه أن يصلح خطأه الذي صبه علي ماحدث قبل سنوات والقي اللوم كامل علي عدم وقوفهم أمام مهاب : حصل ولا لا يا دياب .... اخدت كلمه منكم قبل سنين أنها هتكون ليا 

عقد دياب حاجبيه بانفعال وهو يكيل لهادي الانفعالات : صبرت سنين مش هيجري حاجه لما تصبر كام يوم وانت كمان بدل الحرمه اتجوزت تلاته في السنين دي 

افلتت نبره هادي الغاضبه رافضا أن يكون. الملام هنا 

: عشان رجعتوا في كلمتكم معايا 

ازدادت عقده جبين دياب هاتفا : بتعاقبنا يعني !

هز هادي رأسه : لا بعاقب نفسي يا دياب ارتحت !!

تغيرت ملامح هادي للسخط لينظر اليه دياب الكبير ويتدخل بعد ان انهي كل منهم حديثه : بكفايه عاد انتوا الاتنين ..واقفين لبعض زي الديوك وانا مش عاوز أتدخل 

التفت الي هادي قائلا : انا لولا عارف حمقتك دي من معزتك ليها كان يبقي ليا معاك شأن تاني وانت يا دياب ابلع له شويه وافتكر ابوك عمل ايه معاه 

افلتت نبره دياب بحنق : الله يرحمه ..خلصنا والكلمه دلوقتي كلمه وصال 

نظر إلي هادي وتابع بمغزي : هي تشوف إذا كانت ترضي ولا لا 

توحشت ملامح هادي لمجرد احتمال رفضها ليتدخل دياب الكبير سريعا ويضع يده فوق يد هادي يوقفه عن الانفعال :  تيجي بس وصال وانا ليا معاها كلام 

تغيرت ملامح هادي ليسأل باستنكار شديد :  تيجي ..؟!

هي مجتش مع دياب زي ما قولت ليا يا حاج قبل كام يوم ؟! 

نظر دياب الي حفيده بسخط بينما هو قلبا وقالبا مع سخونه دماء هادي في اعاده وصال الي جانبهم ولا يرضي بالبرود الذي يظهره له دياب بتركها  : اساله ؟! 

فاض الكيل بدياب من تلميحات جده ليلتفت بحنق تجاههم هاتفا : ولا يسالني ولا اساله يا جدي ...نظر إلي هادي بتشفي من رؤيه وقع كلماته عليه : عاوز الناهيه يا جدي ...مرضتش ترجع 

عقد دياب الكبير حاجبيه بقوة : يعني ايه مرضتش 

هتف دياب بانفعال : يعني مرضتش.... ايه ياجدي عاوزني اجرجرها من شعرها واجيبها غضب عنها ...بالمسايسه مينفعش الغصب ولا ينفع اللي هادي بيعمله ده ...! 

اندفع دياب بانفعال ليصمت هادي أمام كلمته ولكن صمته كان تفكير في قلبه الذي اهتز لمجرد احتمال رفضها له 

: لا نهملها تعيش لحالها 

هز دياب رأسه : مقولتش كده .. قولتلك بالمسايسه ياحاج ...اشاح بوجهه وتابع : اغصب عليها ازاي ...عيله هي اياك هجيبها غصب عنها وقبل كل ده لسه نار ابوها مبردتش 

وبعدين هي برضه بتتكلم صح ... دكتورة زيها تيجي البلد تعمل ايه ...كل ده يخليني افكر الف مره واسايسها عشان تيجي برضاها 

اشاح دياب الكبير وجهه بسخط للجهه الأخري ليشعر هادي بالدماء تفور في عروقه وينفلت لسانه تجاه دياب الكبير  : الكلام ده علي هواك ياحاج

نظر دياب بطرف عيناه تجاه هادي يحذره : هادي !! 

وبعدهالك ....دي حاجه تخصنا واحنا نساويها بمعرفتنا 

رأي دياب احتقان نظرات الغضب في عيون هادي الذي هتف وهو يعتدل واقفا : يساويها المولي يادياب 

امسك دياب الكبير بيد هادي : اقعد يا هادي احنا لسه بنتكلم 

هب دياب واقفا وهو يقول بعصبيه :  انا اللي عندي قولته...اختي انا هتصرف معاها لما اشوف الوقت مناسب ودلوقتي هروح اشوف مصالحي 

نظر هادي في اثر دياب بغضب حارق لم يبرده الا كلمات دياب الذي قال : انا مش لادد عليا كلامه 

وعارف أنه مش لادد عليك يا هادي 

انا بكره هنزل مصر وهجيبها 

للحظه كاد هادي يشجع دياب الكبير ولكن كلمات دياب لاحت في عقله ليقول بتمهل وهو يحك ذقنه : وافرض مرضتش يا حاج ؟!

دون إرادته اعترف هادي بتفكير : دياب عنده حق ... لازم تيجي برضاها 

نظر له دياب الكبير عاقدا حاجبيه : ازاي ...؟!

تركه هادي والعزم يزداد مع كل خطوة عقله بها لا يتوقف عن التفكير 

كيف يجعلها توافق إن تأتي برضاها ولكن كيف يجعلها ترضي ....!!


...........

...

اسرع حارس العقار يركض علي تلك الأصوات العاليه للطرقات والتي كانت لهادي الذي اختلع قلبه من مكانه وهو يطرق الباب فلا يجد اجابه منها فتعصف الظنون برأسه ان مكروه أصابها 

: خير يا بيه 

طرق هادي الباب بعنف دون الرد ليقول الحارس : الدكتورة مش هنا 

عقد هادي حاجبيه وتوقفت يداه عن الطرق متسائلا : مش هنا ؟!

اوما الحارس قائلا : أيوة ....خرجت من صباحيه ربنا 

نظر هادي الي ساعته التي أشارت إلي بعد المغرب لينظر الي الحارس بسخط : ولسه مرجعتش متاكد 

اوما الحارس : أيوة يا بيه 

: متعرفش راحت فين ؟!

هز الحارس رأسه ليندفع هادي الي سيارته التي لم يكد يديرها حتي عاد واطفيء المحرك وهو يسأل نفسه الي اين سيذهب ...اين قد تكون ليبحث عنها ؟!

الانتظار واه من طول الانتظار الذي قضاه وهو يكاد يفقد عقله قلقا عليها ....أدار رأسه الي الجانب الآخر بسرعه حينما توقف ذلك التاكسي أمام المنزل ورأها تنزل منه فلا يعرف بتلك اللحظه هل يتنفس الصعداء لأنها عادت سالمه واخيرا ام يطلق أنفاسه الحاره غضبا من عودتها بهذا الوقت ..!

اسرع ناحيتها لتلتفت وصال إلي تلك الخطوات وسرعان ما تلوح الدهشه علي ملامحها لرؤيته امامها : هادي 

بلا مقدمات كان يرفع ساعته أمام وجهها ويسأل وعيناه تتوهج بنظرات غاضبه : كنتي فين لغايه دلوقتي ؟!

باغتها بسؤاله فلم ترتب أفكارها وبتلقائيه كانت تجيب : كنت في الشغل ؟!

رفع هادي حاجبه بسخط هاتفا من بين أسنانه يحاسبها وكأن له الحق : شغل ايه اللي لغايه دلوقتي ؟!

قالت وصال بعفويه وهي تهز كتفها : كان عندي نوباتجيه في المستشفي 

تهكم هادي بسخط وكالعاده مندفع لا ينتقي كلماته : هو الشغل لنصاص الليالي بقي اسمه نوباتجيه يا دكتورة والدكتور الله يرحمه كان راضي بالكلام الفارغ ده !!

تغيرت ملامح وصال بقوة وسرعان ما استحضر عقلها كل الردود التي كان يجب أن ترد عليه بها منذ أن سألها اين كانت ...: الزم حدودك ومتجبش سيرة بابا الله يرحمه واصلا انت مالك واقف بتسألني وكأنك قريبي ولا اخويا ولا اصلا ليك حكم عليا ....خير ايه الثقه اللي انت بتتكلم بيها وجايبها منين اصلا وانت عمال تتدخل في حياتي وانا ساكته بس انا اللي غلطانه اني مردتش عليك من الأول وسألتك بتسألني بصفتك ايه ؟!

سددت له نظرات غاضبه ورفعته من أسفله لاعلاه بنظراتها واندفعت تتجاوزه ليمسك هادي ذراعها فتصطدم عيناها بحراره عتاب نظراته التي امتزج عتابها مع غضبه وهو يسألها باستنكار : بصفتي ايه ؟!!

بعد اللي كان بينا جايه تقوليلي بأي صفه خايف عليكي وعقلي شت مني وانا بقالي ساعات قاعد في الشارع افكر حصلك ايه ؟!

بالرغم من نفاذ عتابه الي قلبها إلا أن عقلها كان المسيطر وهي تنزع ذراعها من يده وتندفع الي باب المنزل دون قول شيء فمن منهم يعاتب من ؟!.....!

فرك هادي شعره القصير بعنف ولم يقبل ابدا التراجع لتتحور سريعا تلك الفكره برأسه والتي نفذها دون تفكير ولو للحظه ولكنها كانت من وجهه نظره الرد الأمثل علي حديثها ...!

لم تنكر وصال الضيق الذي تركته له العنان وهي تلقي بحقيبتها علي المقعد وتجلس تهز ساقها بعصبيه ...أنه من دفعها لأن تتحدث معه هكذا ....!

هو الذي يندفع بلا تفكير ويجعلها تندفع هي الأخري فماذا كان يتوقع منها وهو يتحدث هكذا عن والدها 

لتتنهد بضيق شديد ...نفس العناد والاندفاع والتهور دون حساب العواقب ....لم يتغير بالرغم من مرور تلك السنوات ..!

التفتت تجاه رنين جرس الباب الذي تعالي لتقوم إليه تفتحه ....أغمضت عيناها وسحبت نفس عميق حينما وجدته امامها لتكبح غضبها منه والعتاب الذي أرادت القاءه في وجهه والذي لا يستحقه فماذا يريد منها بعد كل ما فعله : خير يا هادي جاي تاني ليه ...عاجبك اللي كل مره نقوله لبعض !

هز هادي رأسه وقال بهدوء : لا مش عاجبني ....قبل أن تقول شيء كان ينظر لها بجديه ويتابع : ولا عجباني قعدتك لوحدك كمان 

فتحت وصال فمها ليسكتها ويتابع حديثه : ومن الاخر كده قبل ما تقولي مالك وصفتك هقولك هو كده ... مش عاجبني بأي صفه تحبيها ...ومش ده موضوعنا صفتي ايه ...موضوعنا قعدتك لحالك اللي معرفش دياب رضي بيها ازاي 

نظرت له بغضب فمن أين له الحق ليسأل ويحاسب لتهتف به بحنق : ميخصكش انا مرتاحه كده 

افلتت نبره هادي الغاضبه والتي تكاد تطلق شهب حارقه في وجهها : يخصني 

رفعت عيناها في وجهه بتحدي وكررت كلماتها وهي تعقد ذراعيها حول صدرها : لا ميخصكش وانا حره اعمل اللي يعجبني انت مالكش اي دخل بحياتي ! 

اندفعت الدماء الي وجهه الذي تحول الي جمره من اللهب لتلتقي نظراتهم لبضع لحظات قبل أن يرفع هادي حاجبه بوعيد مستتر : يعني ده اخر قولك 

اومات وهي تشيح بوجهها  : اه 

اوما هادي ونظر لها مطولا للحظه قبل أن يلمح يدها التي اتجهت الي خلف الباب لتغلقه بعد نهايه حديثهم ولكنه كان الاسرع وهو يعطي نفسه الضوء الأخضر ليدخل خطوتين وعيناه تتطلع إليها راسم بها نظرات المكر  ....!! 

استغربت وصال ولكنها تراجعت للداخل خطوتين وتأهبت أن تكيل له المزيد من الكلمات التي تضعه بمكانه الصحيح خارج حياتها ولكن تلك النظرات التي لمحتها بعيناه جعلت الدهشه تعلو ملامحها ....خطي هادي خطوة أخري لتتراجعها وصال للخلف وتتوجس نظراتها ويبدء ناقوس ما يتعالي بتحذير في أعماقها بسبب نظراته لتتراجع خطوتين للخلف وليتها لم تفعل حينما وجدته قبل أن تتوقفهم يخطوهم ناحيتها ويقترب أكثر فتري باب المنزل الذي تلوم نفسها الان أنها لم تغلقه في وجهه أصبح بعيد بتلك الخطوات التي قبل أن يخطوها ناحيتها كان يدفعه بطرف قدمه يغلقه ..!

علي صوت انغلاق الباب اتسعت عيون وصال وانتفضت انتفاضه لم تنكرها كما لم تنكر صوت ناقوس الخطر الذي حاولت تجاهله بثقه أنها أن بحثت عن امان قبل أن تطلبه لن يكون إلا معه ....تلاقت نظراتهما ليلوح في عيناها سؤالها المتوجس فهل أخطأت في الثقه به حينما لم تتعامل معه معامله الغريب الذي من المفترض أن تعامله بها .... ؟!

كم صعبت عليه نظراتها المشتته مهمته ولكن عزمه لم يتراجع ليخطو خطوه تجاهها جعلتها 

تبثق ما في صدرها من مخاوف : هادي انت بتعمل ايه !

صمت ولم يرد علي سؤالها الذي كررته مجددا بتزامن مع تعالي دقات قلبها الذي استشعر الخوف لأول مره منه ومن نظراته وصمته لتتراجع كل خطوة يخطوها ناحيتها وهي تهتف بعدم استيعاب لهذا الذي يقترب منها ويبث الخوف في قلبها : هادي ...!!

خطوة أخري منه تجاهها وستفقد الوعي من الخوف هكذا شعرت وصال لتثبت قدمها بالأرض بينما التراجع لن يفيدها لتسحب نفس عميق من أنفاسها المبعثرة وتزفره بغضب ركزته في نظراتها حينما لم يحسب هادي حساب توقف خطواتها وكان يخطو ناحيتها ليجد نفسه امامها مباشره فيري ارتجافه أنفاسها التي تنعكس علي أحدي خصلات شعرها المنسدله علي جبينها وتتطاير بسبب أنفاسها المتوتره ...!

بغضب شديد كانت وصال تهتف به صارخه : ارجع ياهادي وابعد عني !

اتسعت عيناها بصدمه حينما وقعت عيناها علي مكر نظراته بينما يهتف بجرأه وهو يقضي علي اي مسافه بينهما لتشعر بانفاسه البارده كنظراته  تلفح وجهها الذي مال تجاهه وهو يقول بعبث: امنعيني !!

بدون تفكير كانت بكل قوتها تلكمه بقبضتها علي صدره وهي تصيح به بخزلان : انت بتعمل ايه .....؟!

افلت سباب من بين شفتيها المرتجفه :  حيوان ...ازاي تفكر كده ! 

تركها يتقبل لكماتها الضعيفه للحظات قبل أن يمسك بمعصمها بين يديه فيتشعشع خوف رهيب بكيان وصال التي تلوت بفزع وكأن لدغها عقرب من إمساكه بيدها  لتحاول باستماته تخليص معصم يديها من قبضته وهي تتلفت حولها بجنون تبحث عن شيء تدافع به عن نفسها ...! 

لحظه ...اثنان ....شعر هادي أنهم أكثر من كافيين لتترنج وصال للخلف أثر افلاته لمعصمها بينما سيطر بصعوبه علي أنفاسه التي تبعثرت بقربها ليسحب نفس عميق 

ويزفره ببطء ويتطلع إليها رافعا كلتا يداه : متخافيش انا مستحيل اعملك حاجه تأذيكي !!

وقفت وصال مكانها تلتقف أنفاسها بعنف ليعلو صدرها صعودا وهبوطا قبل أن ترفع عيناها إليه وقد فهمت معزي ما يفعله لتلتقي نظراتهم مطولا بينما لم تصدق وهو لم يصدق أن يجعلها تعيش لحظات كتلك جعلته عاجز عن مراضتها بمبرره القوي من وجهه نظره حينما اقترب منها خطوه قائلا برفق شديد واعتذار: 

: حقك عليا اني خوفتك ...انا بس بوريكي قعدتك لوحدك ممكن تعرضك لأيه ؟!

زمت وصال شفتيها بغضب شديد وبقي صدرها يعلو ويهبط بانفاسها المتلاحقة وكل نظراتها ترشقه بلهيب غضبها الذي لفظته أمامه وهي تصرخ به : انت مش طبيعي ....!! 

مجددا حاول أن يتقبل لكماتها وجنون صراخها للحظات قبل أن يمسك معصمها يوقفها عن لكمه : وبعدهالك عاد يا وصال قولتلك عملت كده ليه 

رفعت عيناها تجاهه بتحدي : بتعلمني الدرس ...! اومات وتابعت بعناد شديد : طيب متشكره اوي بس انا عارفه الدرس ده كويس وبابا علمهولي من زمان ...التوت شفتيها بالتهكم وهي تتابع : اني مفتحش الباب لحد غريب ...!

تلاقت نظراتهم لتزم وصال شفتيها وتتابع بانفعال : وانا غلطانه اني معاملتكش من الاول زي الغريب بس ملحوقه !

احتدت نظرات هادي الذي هتف باستنكار شديد : انا غريب يا وصال ! 

اومات وصال وهي تنظر له بغضب  : امال انت ايه ؟!

قال هادي وهو يحاصر عيناها بنظراته : انتي عارفه انا ايه كويس و قولتلك مش وقت صفتي ايه ....

تغيرت نبرته للهجه أمره وهو يتابع : قعدتك لحالك مش قابلها وحالا دلوقتي هتعاودي معايا البلد 

رفعت وصال حاجبها ورسمت ابتسامه ساخره علي طرف شفتيها وهي تسأله : ده ايه الثقه اللي بتتكلم بيها دي ؟!

هزت راسها وتابعت بجديه : انا ميتفرضش عليا حاجه ولا يا هادي مش جايه !

كور قبضته بضع مرات وهو يتنفس ويزفر ببطء يحاول أن يهديء فهي عنيده والغضب لن يزيدها الا عناد لذا تمهل قبل أن يقول : ماشي يا ست الكل .. لا انا هفرض عليكي ولا انتي هتركبي رأسك ...هنتكلم بالعقل !

ابتلعت وصال بحنق كم مناداته لها بمشاكسه ( ست الكل ) كما كان يفعل ليستغل هادي لمحه الماضي التي داعبت قلبها ويتابع برفق : انتي بتحبي تتكلمي بالعقل وانا عشانك هتكلم بالعقل ...ها يا ست ....رفعت وصال اصبعها أمام وجهه بتحذير : متقولش ست الكل دي قولتلك انا مش والدتك !

لاحت ابتسامه علي طرف شفتيه وهو يهز رأسه : خلاص يا شهد العسل 

زفرت وصال وزجرته : مش لازم لقب قول وصال 

حاصرها بنظراته التي هبت بها نيران لوعه الاشتياق وهو يتمهل متلذذا بنطق اسمها : يا وصال !

لماذا لا تدفعه خارجا ...لماذا تقف وتستمع إليه ....لماذا ينظر لها هكذا ...اين ذهبت سنوات وسنوات من عمرها قضي علي ما كان بينهم حينما ركض ليتزوج بأخري عنادا والان هو من يتحدث عن العناد ويطلب التعقل !

ظن أن صمتها هدوء ليصيغ سؤاله بثقه أن ليس لديها جواب : تقدري بقي يا وصال تقوليلي لو لي موقف حصلك وانتي لوحدك هتستنجدي بمين ... دياب لو ركب طياره هيجي بعد خراب مالطه !!

صمتت وصال ونظرت إليه ليظن أنه انتصر في إثبات وجهه نظره بسؤال بسيط ولكنها لم تقبل أن ينتصر ويثبت أنه العاقل وأنها العنيده بينما العناد طبع متأصل به هو والدليل ما فعله سابقا قبل سنوات !

لتعقد ذراعيها حول صدرها وتنظر له بتشفي قائله : فيه عمي وولاد عمي....انزعجت كل ملامحه وهبت نيران البركان الساكن في نظراته لتتابع وصال بتشفي في نجاحها باغضابه : شكرا يا هادي علي خوفك ونصيحتك .....تهكمت وهي تتابع : وفي الدرس اللي كنت عاوز تعلمهولي من شويه ...ليا عمي لو احتجت اي حاجه متقلقش هيكون جنبي !

رفع هادي حاجبه ولمعت عيناه بالتحدي : بقي فيه عمك ....!

التوت شفتاه بالسخرية وهو يتابع : الراجل ابو كرش اللي اخد العزا ومكلفش خاطره يقف ثواني يطمن عليكي ...حك ذقنه وازدادت نبرته سخريه يكبح بها نيران غيرته :  ابو الواد الساقع اللي جه هنا مش كده 

عقدت وصال حاجبيها بغيظ هاتفه : متتكلمش كده عن عمي وابنه 

ضحك هادي ساخرا : عيني يا ست الكل .....احتقن وجهها من تعمده نطق ذلك اللقب مره اخري لتلتقي نظراته بنظراتها وتري بها ابتسامه ماكره وهو يقول بوعيد : انا مش هقول انتي اللي هتقولي لما اوريكي الحيطه اللي بتتسندي عليها مايله ازاي !!

قبل أن تقول كلمه كان يستدير ويتجه الي الباب بخطوات غاضبه ولكنها عازمه علي إثبات ما قاله لها بغموض 

وقفت وصال تتطلع إليه بغيظ ليلتفت إليها وهو يقف لدي الباب قائلا : نامي يا وصال ومتقلقيش انا واقف تحت ومش هتحرك من هنا الا وانتي معايا 

اغتاظت بشده من ثقته ليضحك هادي علي صوت انغلاق الباب بتلك القوة التي ترجمت بها غضبها منه وهي تغلقه !

...........

....


لوت نجاه شفتيها تكبح غيرتها بينما عيناها لم تفارق النظر إلي بطن مروة المتفخه وهي تقول بعتاب زائف : مطمرتش فيكي العشرة ولا التربيه يا بنت اختي ...بقي كل  ده ومتجيش تسألي علي خالتك ولو مره 

قالت مروة برفق : اهي مشاغل وخالتي ام ياسين هي اللي صممت اجي ازورك واطمن عليكي عشان صله الرحم 

انتفضت مروة من مكانها وكذلك اتسعت عيون نجاه حينما خرجت شروق من الغرفه كالمدفع تسدد طلقات لسانها تجاه مروة : ايه يا اختي ..جايه تشمتي فيا ....أشارت إلي بطنها المنتفخه وهي تتابع بحمم غضبها : جايه توريني انك حملتي وانا البلد كلها بتجيب في سيرتي اني أطلقت عشان محملتش !

قامت مروة من مكانها ونظرت الي شروق بامتعاض هاتفه : انا مش هرد عليكي ....انتي حره تفكري زي ما تفكري وبيني وبينك ربنا العالم بنيتي اني جيت اسال علي خالتي حتي بعد كل اللي عملتوه 

توحشت نظرات نجاه تجاه الفتاه لتسالها باستنكار : واحنا عملنا ايه انتي كمان 

لوت مروة شفتيها ساخره وهي تاخذ حقيبتها وتتجه الي الباب : اهو كل واحد ادري بنفسه ...انا غلطانه اني جيت 

فركت شروق راسها بغضب ما أن خرجت مروة لتصيح بحنق : شوفتي بنت ال** جايه تشمت فيا !!

............

.....

اتجه هادي الي حارس العماره يضع في يده ورقه ماليه كبيرة وهو يسأله : الا قولي يا بلدينا ....الشقه هنا عامله كام ؟!

أخذ وعطي في الحديث مع الحارس الذي تابع بدهشه : هي الدكتورة ناويه تبيع الشقه 

قال هادي وهو يهز كتفه : ليك الحلاوة لو عرفت من اخو الدكتور إذا كانوا ناويين يبيعوا ولا لا 

بغباء مطلق سأل الحارس : طيب ما نسأل الدكتورة 

قال هادي بخبث : كلامنا مع الرجاله...هو انت مش تعرف طريق عمها 

اوما الحارس : رقم الباشمهندس مجدي معايا ...كان بيجي يطل علي الشقه طول ما الدكتور كان مسافر 

اوما هادي ونقد الحارس ورقه ماليه أخري : يبقي تكلمه وتقوله في مشتري بأي سعر هو عاوزه ....اشار له وتابع : خد رقم تليفوني وهستني منك الصبح خبر حلو عشان احلي بوقك بكام باكو ده غير عمولتك 

تهلل وجه الحارس الذي أخرج هاتفه الصغير من جيبه وسرعان ما دون رقم هادي الذي التوت شفتاه بالسخرية وهو يفتح باب سيارته ويدهل إليها : ال عمي موجود ....بكره تشوفي عمك هيبيعك بكام يا دكتورة ....غلبانه لسه مش فاهمه لغه القرش !!

صدق ولكن وصال رفضت أن تصدق لتنظر له بغيظ حينما نزلت صباحا ووجدته بالفعل جالس في سيارته علي الجانب الآخر للطريق لتحاول أن تتجاهله وتسير في طريقها ولكنه سرعان ما توقف امامها لترفع له عيونها الغاضبه والتي غطتها بنظارتها السوداء : عاوز ايه يا هادي ؟!

قال هادي بهدوء وابتسامه لم تعرف لها سبب : صباح الخير الاول يا دكتورة 

اشاحت بوجهها تبعد عيناها عن نظراته وهي تتبرطم : اهو صباح ....موقفني ليه ...لسه هتتكلم تاني في الموضوع اللي قفلناه 

قال هادي بهدوء شديد وهو يشير إلي سيارته : اهو هنتكلم كلمتين بس تعالي اركبي مش هنتكلم في الشارع 

نظرت له ساخره : انت تاني عاوزني اطمن ليك واركب معاك 

اوما هادي بثقه ؛ طبعا عشان انتي عارفه كويس اوي أني اخر واحد ممكن اأذيكي 

تعرف ومتاكده ولكنها لم تعترف لتتجاهله وهي تشير بيدها الي تاكسي قائله : عندي شغل ومش فاضيه !

انتفخت صدره بالغيظ وهو يتبرطم بينما يسرع الي سيارته يتبعها : دماغك حجر يا بنت الدكتور !

لم تصدق حرفيا أنه يعيد الماضي ويتحرك خلفها من هنا لهناك فهاهي حينما خرجت من المشفي وجدته امامها وهاهو يتبعها الي المنزل الذي توقف أسفله .....!

حك هادي ذقنه وابتسم بانتصار حينما عرف من الحارس ذلك الخبر الذي انتظره وهاهو امامها في الصباح مجددا 

: يوووه يا هادي ...مش كده !

قال هادي بهدوء له مغزي : هو كده يا دكتورة 

تعالي رنين هاتفها لتنظر له بحنق ثم تتجاهله وتجيب : أيوة يا عمي صباح الخير...... تمام بس انا عندي شغل 

موضوع ايه ....خلاص اوك لما اخلص شغل هكلم حضرتك

وقف هادي بهدوء مريب بانتظار أن تنهي مكالمتها ليقول لها متظاهرا بنبره بريئه : خير يا وصال ...عمك كويس 

نظرت له وصال بغيظ : مالكش دعوة 

ضحك هادي لتنظر وصال لضحكته بغيظ هاتفه : انت بتضحك علي ايه ؟!

قال هادي بثقه : اصلي عارف عمك عاوزك في موضوع ايه ؟!

رفعت حاجبها بانفعال : موضوع ايه ؟!

قال هادي ببرود وهو يتجه الي سيارته يدخل إليها : الورث طبعا !

بفضول شديد وجدت نفسها تتبعه وتسأله بحنق بينما لا تفهم شيء : ورث ايه !!

مال هادي يفتح لها باب السياره : اركبي وانا افهمك !

صفقت باب السياره بعنف بعد ان دخلت إليها والتفتت له : ورث ايه اللي بتتكلم عنه ؟! 

قال هادي ساخرا : عمك جاي يورث في ابوكي 

عقدت حاجبيها باستنكار : انت بتقول ايه ؟! 

قال هادي بهدوء : بقولك اللي هيحصل واللي بيثبت ليكي كلامي أن مالكيش ضهر هنا وانك لوحدك ....عمك اللي فاكره أنه هيقف معاكي اول واحد هيبيعك ويطمع فيكي 

مال للخلف ليجذب حقيبه من المقعد الخلفي يفتحها لتري وصال بها رزم ماليه فوق بعضها : واهو بكام الف جنيه هيطردك برا بيتك 

نظر هادي إلي ملامحها المستنكره ليقول وهو يخرج هاتفه من جيبه : شكلك مش مصدقاني...طيب هثبتلك 

اتصل بأحد الارقام وفتح مكبر الصوت ووضع الهاتف أمامه ....تشتت نظرات وصال التي تنتظر أن يجيب من يتحدث إليه بنفاذ صبر لتتجمع امامها الصورة التي يتحدث عنها لتتفاجيء بصوت عمها 

: الو 

حمحم هادي قائلا بنبره واثقه : انا المعلم هادي اللي عاوز يشتري الشقه 

ازدادت نظرات المفاجاه في عيناها حينما جاء رد عمها الذي قال بترحيب : اهلا يا معلم ...عزت كلمني وقالي أن في مشتري كويس لشقه اخويا الله يرحمه 

اوما هادي بابتسامه ماكره بينما عيناه تتطلع الي ملامح وصال التي توالت فوقها التعبيرات المختلفه من دهشه إلي عدم تصديق واخيرا الي غضب استعر بعيونها 

: انت عارف بس إجراءات شباك الوراثه وغيره هتاخد كام يوم 

لمعت عيون هادي ببريق الانتصار وهو يلقي في الحقيبه الموضوعه أمامه رزمه ماليه تلو الأخري بينما يتحدث في هاتفه : وانا فلوسي جاهزة ! هستني تليفونك ! 

مد هادي يداه يغلق الهاتف والتفت بكامل جسده تجاه وصال التي لا يدرك أنه اختار افشل طريق لاقناعها لتزيح للحظه الغضب المرتسم فوق وجهها وترفع حاجبها ساخره : حلوة اللعبه دي ....عاد الغضب ليكسو ملامحها بينما تتابع : طبعا من تأليفك وتنفيذك 

قال هادي دون مراوغه : بثبتلك أن ظنك في عمك غلط وان زيه زي اي حد قدام الفلوس مش هيفكر لا في صله دم ولا قرابه 

اومات وصال ورفعت إصبعين من أناملها أمام عيناه وهي تقول : ده الدرس التاني مش كده 

صمت هادي ومال برأسه ليحاول أن يخطب ودها بعد أن ظن أنه وصل إلي مبتغاه ليتفاجيء بها تقول بهدوء شديد : مش فارق وتعبت نفسك عشان تخطط لكل ده ....عادي جدا عيشت وهعيش من غير عمي ولا غيره ولو علي الفيلم ده هيخلص في ثانيه لأن عمي اصلا مالوش ورث عندي 

تنهدت وتابعت وهي تنظر إلي عيناه بتحدي : وعشان ترتاح اللي عملته ده معملش حاجه الا أنه زود عنادي 

وهقولها تاني لا ياهادي مش هروح البلد وهقولها تاني وعاشر متتدخلش في حياتي لأن مالكش فيها اي صفه !!!

تلاقت نظراتهم لتري تماوج الغضب بداخل عيناه والذي ترجمته حركه يداه العصبيه والتي اعتصرت المقود أمامه لتمد وصال يدها الي جوارها تفتح الباب وهي تلقي إليه نظره اخيره تتحداه به ثم تغادر صافقه الباب خلفها 

.........

....


عقدت وصال حاجبيها باستغراب أتقنت رسمه لدي مجيء عنها إليها  : ورث !! ورث ايه بابا معندوش ورث !!

اصلا معندوش الا الشقه دي وحتي العياده وعربيته بعتها عشان العلاج بتاعه 

قال عمها ببرود : ماهي الشقه دي الورث يا وصال 

نظرت إلي عمها باستنكار : عاوز تاخد مني بيت بابا ياعمي !! حضرتك محتاج يعني 

هتف مجدي ببرود مجددا :محتاج ولا مش محتاج ... شرع ربنا يا بنت اخويا 

اومات وصال بتعلثم مصطنع لتري وجه عمها الحقيقي الذي ربما لم تلتقيه الا في جفاء وعدم ود بينه وبين ابيها وحتي أثناء مرضه تظاهر بالانشغال والوحيد الذي كان يسأل عنه هو ماجد : أيوة بس ده اللي فاضل ليا من بابا واصلا متجبش فلوس ...مين هيشتري شقه قديمه زي دي  

قال محدي ببرود : عندي المشتري !

زمت وصال شفتيها ورفعت حاجبها : وحضرتك مفكرتش انا ممكن اروح فين لما تبيع الشقه 

قال مجدي بمراوغه : هشوفك مكان تاني ...أو ....أو ...تابع بتعلثم : أو حتي تيجي تعيشي معانا انا وولاد عمك ! 

التوت شفاه وصال بسخريه : ببساطه كده حضرتك رتبت كل حاجه 

زفر مجدي بضيق : وبعدين معاكي يا وصال ...قولتلك شرع ربنا 

اومات وصال ونظرت الي عمها للحظه بضعف مزيف بينما  تقول : طالما شرع ربنا ....مقدرش اقول حاجه 

بدأت ملامح مجدي تتهلل ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامته حينما استشرست ملامح وصال وهي تناظره بقوة وتتابع حديثها : حاجه واحده بس هقولها 

نظر إليها عمها لتقول بثبات : مالكش ورث عندي 

عقد مجدي حاجبيه باحتدام : انتي بتقولي ايه ؟!

اشاحت وصال وجهها وهتفت ببرود :اللي سمعته واللي جايز متوقعتوش لانك نسيت اخويا دياب 

اهتزت نظرات مجدي لينظر لها باستنكار : دياب 

اومات وصال والتفتت لتنظر الي عمها بشماته : طبعا هو اللي من حقه يورث مش حضرتك 

احتدت ملامح مي وهتف بعصبيه دون تفكير : وهو محتاج لشقه زي دي 

اومات وصال ببرود بينما تعيد نفس كلماته  : محتاج ولا مش محتاج ....ده شرع ربنا !

أغلقت خلف عمها الباب واستندت إليه تتنفس بضيق شديد .... نعم ساعدها أن تعيد حكمها علي الناس ولكن كالعاده طريقته خطأ ..!

بعقلانيه فكرت للحظه أن تتجاوز كل ما فعله ولا تهتم به وتصل الي قرار بالعقل وأن عليها بالفعل الا تبقي وحدها وهذا هو الصواب بعيدا عن حديث أخيها أو تصرفات هادي ...هذا هو الصواب الذي أخذت تفكر به وترسم خطوات لأخذ هذا القرار كالتفكير مثلا في نقل عملها ...!!

عملها وهذا كان شيء آخر يفكر هادي بالتلاعب به ليغلق امامها كل السبل الا طريق عودتها !!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم


اقتباس من الفصل القادم 

: فهمت يا قناوي هتعمل ايه ؟!

اوما الشاب قائلا : متقلقش يا معلم هادي ....هنقلب المستشفي ضلمه 

هز هادي رأسه وهو يرفع إصبعه بتحذير : لو شعره منها حد مسها هقطع رقبتك 

هز قناوي رأسه : متقلقش يا معلم هنفذ اللي قولته ليا بالحرف  

بساط السعاده


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

3 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !