( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
خرجت وصال تجر ساقيها وتنكس راسها تتطلع الي الأرض بينما تلفحها نسمات الهواء البارده وهي تسير بخطوات مشتته بلا هدي ليدق قلب هادي بصدره وتنحره نظره الانكسار بعيونها ما أن توقف امامها !!
قبل أن ينطق هادي بكلمه كانت وصال تسحب نفس عميق وتزفره ببطء وتقول بوهن شديد امتزج بحزنها فقد استنزفت طاقتها ومشاعرها ولا تحتمل أن يزيد عليها شيء فما بها يكفيها : هادي لو سمحت انا اللي فيا مكفيني بجد ومش قادره اتكلم
زدات نبرتها الواهنه من تأنيبه لنفسه وندمه ليقول بتعاطف شديد : وانا مش هزود عليكي ...انا بس شوفتك ماشيه لحالك في الوقت المتأخر ده .... قاطعته وصال باندفاع ظنا منها أنه يلمح مجددا علي عملها لوقت متأخر : قولتلك يا هادي مش عاوزة اتكلم ...متأخر ولا بدري سيبني في حالي بقي ...
همت ان تتحرك ليسرع هادي يتوقف امامها ويقول برفق : انا مكملتش كلمتي يا بنت الناس ...كنت هقولك مهونتيش عليا وخوفت عليكي تمشي في الوقت ده لوحدك ....تعالي اوصلك
هزت وصال راسها بالرغم من الشعور الذي تملك منها بتلك اللحظه بالاحتياج ...الاحتياج لأن يكون بجوارها أحد تتحدث معه أو فقط تشعر بأنها ليست وحيده
كرر هادي رجاءه باستعطاف : عشان خاطري يا وصال بلاش تعاندي ....الوقت متأخر والدنيا برد...تعالي يا أمي والله هوصلك ومش هضايقك ولا حتي افتح بوقي بكلمه لو مش عاوزة تتكلمي !
تنهدت وصال ونظرت إليه ولم يبدر لذهنها سبب رجاءه المستميت ولا رفق نبرته أنها بسبب شعوره بالذنب تجاهها ...!
نظر إلي حزن ملامحها بتأثر شديد قبل ان يدير السياره ويتحرك بها ببطء ....أسندت وصال راسها الي النافذه المغلقه التي أبعدت عن جسدها بروده الجو حولها ليظل هادي يستمع إلي كل تنهيده ضائقه تخرج من صدرها وكأنها طعنه تزيد من ضراوة شعوره بالذنب
تنهد هو الآخر قبل أن يتجرأ ويسألها لعله يفهم سبب هذا الحزن الشديد ...نعم تسبب في مشكله بعملها ولكن اين المشكله ...فهي ليست بحاجه لأن تعمل أن عادت لتبقي مع أسرتها ....تفكيره لا يأخذه لأبعد من هذا لذا سألها
: مالك يا وصال ؟!
مجرد كلمتان منهم كلمه اسمها الذي نطقه بعذوبه لامست قلبها المفتقد للاحتواء والمشاعر ...ظنها لن تتحدث ولكنه وجدها تتنهد قبل أن تقول بحزن شديد : حصلت مشكله في الشغل !!
استمع لها باهتمام شديد وهي تحدثت باستفاضه لأنها كانت بحاجه لمن تتحدث معه كما اعتادت أن تفعل مع ابيها بينما شعورها بأنها ستعود الي اربع حيطان وحيده لا تجد من يستمع إليها شجعها أن تتحدث إليه
اكل الذنب قلبه لأنها شرحت الأمر بهذا الحزن لتختم حديثها بتخلي : جايز اكون خالفت القوانين بس دي حاله مينفعش فيها افكر في أي قانون ..... الطفل ده لو كان جراله حاجه ازاي كنت ممكن اسامح نفسي ....دكتور حازم عنده حق بس انا كمان من جوايا عندي حق ....مررت يدها بعنف بين خصلات شعرها وهي تتابع بعتاب لنفسها : كنت اعمل ايه يعني ...اسيب الولد يموت !
سحب هادي نفس عميق والتفت إليها قائلا بعد أن أنهت حديثها ليوقفها عن تأنيب نفسها : اللي حصل حصل وخلاص ....والدكتور ده يغور بالمستشفي بتاعته هو كان اشتراكي يعني ولا انتي محتاجه للشغل
نظرت وصال إليه وابتسمت ابتسامه باهته : بالبساطه دي ؟!
قال هادي برفق بينما يوقف السياره اسفل المنزل : هتصعبيها علي نفسك ليه ... مفيش داعي منه الشغل اللي يحرق دمك ده
زمت وصال شفتيها وقالت بأسي : بس مش دمي اللي اتحرق ياهادي.... مستقبلي كله هيتحرق
عقد حاجبيه لتتابع بحزن شديد : الله اعلم بنتيجه التحقيق هتكون ايه بس اكيد مش هتكون في صالحي بعد اللي حصل
التفت لها هادي باستفهام : تحقيق ؟!
هزت كتفها وتابعت بحزن : وانت فاكر ايه ...خناقه وخلاص ...لا طبعا المستشفي فتحت تحقيق ..قاطعها هادي بنفاذ صبر بينما لا يفهم ابعاد أمر كهذا وكل ما ظنه مجرد وقيعه تخيفها وتجعلها تترك عملها
: أيوة يعني فهميني تحقيق ايه ....؟! ممكن يضروكي
هزت كتفها قائله : معرفش
اندفعت الدماء الحاره بعروقه خوفا عليها لتخرج نبرته حاده وهو يسألها : يعني ايه متعرفيش ... محدش يقدر يأذيكي ....!! ازدادت عصبيه نبرته وهو يتابع : هو فين طريق الدكتور ده وانا ....قبل أن ينطق بتهديده المندفع كانت وصال تلتفت إليه باستنكار : ولما تعرف طريقه هتعمل له ايه ....؟!
قال هادي بانفعال : اعمل اللي اعمله ...المهم محدش يأذيكي
هزت وصال راسها وقالت بقليل من التوبيخ : مش هتعمل حاجه ولا هتتدخل اصلا ...وبعدين د حازم بيشوف شغله يعني مش مستقصدني مثلا عشان تفكر تفكيرك ده
اغتاظ لا ينكر من معالجتها للأمر بطريقتها المثاليه ليهتف بها بانفعال : يشوف شغله بعيد عنك .....و تفكيري ده هو اللي هيبعد الراجل ده عنك ويخرجك من مشكلتك
زفرت وصال بينما بالكاد هي تتمسك باعصابها وهاهو يزيد عليها بتفكيره المندفع لتهتف به بقله لياقه لم تقصدها : ادي انت قولت مشكلتي يعني انا اللي احلها وبطريقتي ...!
التفت لها باستنكار شديد هاتفا : يعني اطلع انا منها وانتي هتتصرفي مش كده
اومات وصال بإصرار : هو كده ....قبل أن يقول كلمه كانت وصال تفتح باب السياره وتنزل منها هاتفه بتأنيب لنفسها استمع إليه : انا غلطانه اني اتكلمت معاك وبدل ما اتكلم عن مشكلتي في شغلي بقيت بتكلم في خلاف ما بينا ...صفقت الباب خلفها بعنف وهي تتابع متبرطمه بخزلان : انت زي ما انت مش هتتغير ابدا ! ايدك سابقه عقلك !
لم يحتمل هادي لينزل من الجهه الأخري ويهتف بها بغضب : وانتي دماغك انشف من الحجر يا دكتورة !
رمقته وصال بنظره غاضبه واتجهت الي داخل المنزل دون أن تقول شيء ولكن بداخلها اشتعل غضب شديد وكأن السنوات لم تمضي وهي واقفه أمام صخره لا تتزحزح تتمثل في عقله !
ضرب هادي اطار السياره بقدمه بعنف متبرطما : في الاخر برضه انا اللي غلطان عشان خايف عليها !!
حقا صدقت مقوله ( هم يضحك وهم يبكي ) فهاهو لا يري أنه السبب في ما وصلت إليه ويري أنه خائف عليها وهي العنيده !!
: ايه يا بوي بتعمل ايه ؟!
كانت بالضبط وصال خطت خطوتين الي داخل المنزل حينما استمعت لصوته العالي يهدر لتتراجع وتشرأب برأسها خارج بوابه المنزل تستكشف مع من يتحدث
لتضيق عيناها التي نظرت ناحيته حيث اتجه الي أحد الباعه الذي يمتلك كشك صغير علي ناصيه الشارع يبيع به الخضروات والفاكهه
نظر هادي باستنكار الي ذلك الرجل الذي رأه يحمل صندق به توالف من الخضراوات والفاكهه التي لم يبيعها ويلقيها بصندوق القمامه
: ايه يا بوي اللي بتعمله ده ....حد يرمي نعمه ربنا كده !
تأفأف الرجل قائلا وهو يتطلع الي هادي : متباعوش يا بلدينا هحنطهم ماهو لازم ارميهم
نظر له هادي باستنكار : لا مش لازم ترميهم
رفع الرجل حاجبه متبرطما : امال اخد جنبهم صورة
استغربت وصال التي اخذتها قدماها ناحيته ووكزته بصوت خافت : بتعمل ايه ياهادي ...مالك ومال عم سعيد...ده كمان هتتخانق معاه !!
بحركه لطيفه جذب هادي ذراعها واوقفها خلفه بيننا يتابع حديثه مع الرجل قائلا : متاخدش صورة ...خد بيهم ثواب
اشار الي كميه الخضار والفاكهه التي ألقاها الرجل بالقمامه هاتفا بتوبيخ : عارف كام واحد بينام من غير عشا ولا كام واحده مش عارفه تجيب حته فاكهه لعيالها .... كنت بدل ما تسيبهم يضربوا تحطهم قدام الكشك البي ياخد منهم ياخد
تهكم الرجل : أتصدق بشغلي واكل عيشي وبلاش ابيع واشتري
نظر له هادي بسخط وهو يرمق بطرف عيناه تلك التسعيرة التي وضعها علي الخضراوات والفاكهه المرصوصه علي جانبي الكشك : لا... بيع واشتري بس بما يرضي الله ....بتبيع كيلو الطماطم بأربعين جنيه وهو مش مكلفك الربع بمكسبك ....ماهو لازم الحاجه تعفن عندك ومحدش يشتريها
انزعج الرجل من هادي ليهتف به : انت جاي تقطع في رزقي ....شوف المنطقه اللي انت فيها بعدين اتكلم ....ايه واقف في سوق العتبه عشان ابيع الطماطم بعشرة جنيه
ضيق هادي عيناه ونظر للرجل بسخط : لا اقعد جنب السبت واستني حد يشتري منك ياضلالي
نظر له الرجل بحنق : ليه طوله اللسان طيب يا بلدينا
هتف به هادي بانفعال : بلدياتك منين ....انا بلدي مفيهاش ناس زيك جايه علي لقمه الناس
جذبت وصال ذراعه بينما رأت أن الأمور ستحتدم بين الرجلين لتنظر له برجاء هامسه: هادي ...خلاص عشان خاطري
نظر هادي الي الرجل بسخط واستجاب ليد وصال التي سارت به بضع خطوات تنظر له بعتاب لانه افتعل مشكله دون داعي
: مالك وماله يبيع بعشرة ولا خمسين ؟!
رفع حاجبه وتلك المره اسكتها علي حق وهو يقول بعدم رضي : والناس تعمل ايه ....ايه يا دكتورة مش ربنا قال نبيع ونشتري ونتاجر بالعدل
حك ذقنه وتابع بوعيد : ورحمه ابويا من بكره لهكون فاتح محل هنا وابيع بما يرضي الله
افلتت ابتسامه من شفتيها بينما حيرها ذلك الرجل الذي جعل عيناها تلمع اعجاب بموقفه ولكنها أنكرت نظراتها وهي تقول بينما تشيح بوجهها : بس انت كده هتقطع عيشه
ضحك قائلا : قلبك حنين عليه اوي مع أنه ضلالي بيبيع بأضعاف التمن
أخفت ضحكتها وقالت وهي تتصنع الجديه : وانا اعرف منين التمن
خطفت قلبه بضحكتها الحلوة ليقول بمشاكسه : اسأليني ؟!
عشت علي شفتيها تمنع ابتسامتها لتقول وهي توليه ظهرها وتعود للمنزل : هبقي اسأل دياب !
...........
ألقت وصال حقيبتها علي الاريكه وارتمت فوقها تزفر بضيق شديد من نفسها التي مازالت تميل إليه ...!
وكأن عقلها ينقصه الانشغال بخلافها أو اتفاقها معه بدلا من التفكير في مشكلتها لتجد عقلها طوال الليل يدور في ذكرياتهم .... شخصيته صلبه ودوما ما تصطدم بصخره تفكيره وما يغيظها أكثر هو أنها دوما ما تجد داخلها حديث تريد أن تتحدثه معه ....( كان لازم أوقفه عند حده ...هو ماله ومالي اصلا ...!
بيتدخل في حياتي وعاوز يحميني ...ايه مثلا هيضرب المدير ....ايه التفكير ده ...! )
بغيظ مازال يسيطر عليها منذ الأمس وقفت تسكب لنفسها كوب من القهوة لتقع عيناها علي شاشه التلفاز الذي شغلته لتتونس بصوته بدلا من الصمت الذي يخيم علي المنزل ....جذبت فنجان قهوتها ومازالت عيناها تتابع تلك المشاجره اللطيفه التي تدور في أحداث هذا الكارتون ....لتيضق عيناها بغيظ وهي تري توم وجيري وبنفس اللحظه تفكر أنها نفس علاقتها به ...!
مجرد قط وفأر كل منهما يتشاجر مع الآخر ويختلف معه ولكنهم بالرغم من هذا لا يفترقون....!
جذبت ريموت التلفاز بغيظ واغلقته وهي تتبرطم : انت في كل مكان هتطلع ليا ....بطلي بقي تفكير فيه وركزي في شغلك !!
........
...
فتح دياب عيناه بصعوبه ووضع يده علي جبينه وهو يشعر بألم شديد في رأسه ...ابعد الغطاء من فوقه واتجه الي الاستحمام لعل تدفق المياه فوق رأسه تخفف من وطأه هذا الصداع الذي يشعر به .....خرج من الاستحمام لتسرع دنيا تقوم من الفراش وتتجه الي الخزانه قائله : صباح الفل يا دياب ...هجهزلك هدومك
سبقتها يداه وسحب جلباب فضفاض وضعه فوق جذعه لتتفاجيء دنيا به يعود الي الفراش
: هو انت هتنام تاني يا دياب ؟
اوما دياب قائلا بصوت واهن : دماغي وجعاني ...هنام ساعتين
هزت كتفها بعدم اهتمام واتجهت الي الاستحمام !
........
.......
نزلت وصال لتتجه الي المشفي وهي ترتب أفكارها وتتذكر كل ما حدث بالأمس لتقوله في التحقيق لتتشتت كل أفكارها حينما وقعت عيناها علي سيارته متوقفه بالاسفل وهو بداخلها يسند رأسه للخلف الي مسند المقعد الذي ارجعه للخلف وغرق في النوم ....حاولت أن تتجاهل وجوده ولكنها بعد أن سارت بضع خطوات عادت تجاهه وبغيظ طرقت بقبضه يدها علي النافذه المغلقه !
فتح هادي عيناه الناعسه يديرها تجاه النافذه وسرعان ما اعتدل وهو يضغط علي الزر بجواره ليفتح النافذه ....مازالت كما تركها بالأمس شعله غاضبه ألقت حمم نبرتها في وجهه وهي تهتف به : انت بتعمل ايه هنا ؟!
عكسها تماما قال بهدوء : قولتلك قبل سابق مش هسيبك لحالك !
رفعت حاجبها بغيظ فلماذا يهتم من الأساس : وانا قولتلك قبل كده برضه مالكش دعوه بيا !
حك عنقه الذي ألمه من نومته الغير مريحه ليقول ببرود استفزها : ليا دعوة يا وصال
انتفخ وجهها بالغيظ : نعم !!
اوما لها بثقه وهو ينزل من السياره : مش كل ما تشوفيني هتتخانقي معايا وتقولي ليا مالكش دعوة بيا .....ليا دعوة بيكي و قولتلك هو كده وخلاص !
زفرت بغيظ واستدارت لتغادر ليوقفها : استني ..رايحه فين ؟!
اغتاظت من نفسها لأنها اجابت أكثر مما اغتاظت منه لأنه سأل : هكون رايحه فين ...رايحه الشغل
رفع حاجبه بامتعاض : احنا مش خلصنا من الموضوع ده !
رفعت حاجبها هي الأخري هاتفه : موضوع ايه اللي خلصنا منه ...مش عندي تحقيق لازم أحضره
تعكرت ملامحه وهو يتذكر ليحك جبينه وتتغير نبرته الي الرفق بينما يقول : طيب تعالي هوصلك
هزت راسها ولكن قبل أن تعترض كان يهتف بهيمنه : كده كده انا جاي معاكي ومش هسيبك لوحدك يبقي تعالي معايا !
تنهد وقال وكأنها طفله يقنعها : واهو يا ستي بدل ما تلاقيني داخل اضرب الدكتور ده تعالي معايا وانا هستناكي برا !
أقنعها ام أنها أحبت الا تكون وحدها وان يكون هناك من يهتم بها لا أن يتدخل في الأمر ...فقط يبقي معها لتتشجع وتتقبل ما ستئول إليه الأمور !
جلس هادي خارج المشفي كما اوصته وهي تنزل : اوعدني انك مش هتدخل وهتستناني هنا
لمحت في عيناه الرفض لتقول برجاء : هادي لو سمحت انا مش ناقصه مشاكل ...خليني اركز في إللي هقوله !
حسنا فلينتظر ويري وان وجد الأمر ساء سيتدخل !
...........
.......
وضعت دنيا القليل من قلم الحمره علي وجنتها ودلكته لتحمر وجنتيها بعد ان مررت قلم الكحل الأسود داخل عيونها الواسعه لتلقي نظره راضيه الي نفسها في المرأه
قبل أن تتجه الي باب الغرفه تنزل إلي الأسفل ومازالت تاركه المنشفه ملفوفه فوق خصلات شعرها الرطبه !
وقفت تدندن أمام الموقد تتقن رسم السعاده علي ملامحها بتأهب لمجيء بهيه التي ستدخل الي المطبخ كما اعتادت لتعد الافطار....!
بالفعل دقائق وكانت بهيه تدخل الي المطبخ لتري دنيا واقفه أمام الموقد ترتدي عباءه حريريه مجسمه حول جسدها البض وتحيط راسها بالمنشفه وكأنها خرجت من الاستحمام للتو ....ابتلعت بهيه تكتم غيرتها حينما تمطأت دنيا بدلال تمثل الكسل وكأنها تخبرها بليلتها السابقه بين ذراعي زوجها ....تظاهرت دنيا بالمفاجأه حينما رأت بهيه لتعدل من وقفتها قائله بصوت متغنج : ابله بهيه ...صباح الخير !
الم تجعله هي بيدها يذهب لضرتها إذن لماذا تشعر بتلك الغيرة التي اتقنت دنيا اشعالها بحركاتها
تحاملت بهيه علي نفسها وهي ترسم الهدوء علي ملامحها : صباح النور يا دنيا
أشارت لها وهي تحاول أن تلعب دور الاخت كما اعتادت : نازله بالفوطه علي راسك ليه ..تبردي
قالت دنيا وهي ترص الاطباق علي الصينيه : لا مواخذه يا ابله بهيه اني نزلت كده بس دياب عاوز يفطر فوق فقزلت انزل بسرعه اجهز له الفطار
غص حلق بهيه وحاولت أن تفرغ غضبها وغيرتها بقبضه يدها التى تفركها بينما تسأل بصوت باهت : يفطر فوق ...ليه ..هو تعبان ؟!
ضحكت دنيا بمغزي وهي تتظاهر بالخجل : لا ابدا ...بس هو قالي هاتي ليا الفطار هنا
اومات بهيه بصمت ولكن بداخلها كان بركان لتقول دنيا وهي تحمل الصينيه وتتجه الي خارج المطبخ : معلش يا ابله بهيه ....ابقي فطري العيال علي ما أفطر انا ابوهم !
خبيثه تعمدت أن تكيد بهيه التي هزت راسها بصمت بينما اتجهت دنيا إلي الأعلي !
.......
.....
فتحت احسان عيناها بصعوبه ومجددا توسلت أن ينقذها أحد : ميه ....بوق ميه يا ابا هموت من العطش
مدت لسانها بلهاث شديد بينما وقف والدها يتطلع إليها بغل وهو يسكب المياه بجوارها حيث ربطها علي الأرض هاتفا : موتي ...!
رفعت احسان عيناها تجاه ابيها تتوسله بينما خارت قواها من الضرب لتشير الي الحبال التي قيد بها يدها وساقها : فكني ياابا ابوس ايدك ...هموت !
مجددا كررها عليوة بلا شفقه : موتي يا ملكومه !
ركلها بطرف قدمه وصاح بها بغضب : بقي بتعملي فيا كده ....بتقصري رقبتي قدام الخلق
هزت احسان راسها ببكاء وهي تضم ساقها الي جنبها الذي
المها من ركله ابيها : معملتش حاجه يا أبا ...كان نفسي بس في حته عيل ....ابوس رجلك فكني يا ابا
نظر لها عليوة باحتقار : هتفضلي مربوطه كده زي الكلبه لغايه ما اشوف هادي ناوي علي ايه
مال عليها يجذبها بعنف من خصلات شعرها وهو يتابع : وهيبقي اخر يوم في عمرك لو طلقك !
خرج من الغرفه واغلق الباب خلفه بالمفتاح لتتجه إليه صديقه برجاء : كده البت هتموت يا عليوة
هتف عليوه بقلب متحجر : تموت اهو وقتها هيبقي ليا عين اخد من هادي شهريتي اللي هتتقطع بسبب عملتها ....!
نظرت إليه صديقه : ماهو يا اخويا البت قالت إنها كان نفسها في حته عيل
لوي عليوة شفتيه بسخط هاتفا : تقول اللي تقوله المهم هو يقول ايه ....رايحه تسحر له ده قليل ما أن كان يقصف عمرها
اتجهت إليه صديقه برجاء : طيب فك البت وانا هاخدها لغايه الست حميده تبوس رجلها وتستسمحها ...عيله متفهمش
نظر لها عليوة بسخط : وهي هتسمعك ولا تدخلها بيتها تاني بعد عملتها اللي مش داخله دماغي .....مؤكد في أن وهعرفها بس اعرف اشوف هادي
قالت صديقه بتوجس : هو مش عاوز يقابلك
هز الرجل رأسه بسخط : كل ما اروح له الوكاله يقولوا مش موجود ...مؤكد مش عاوز يقابلني بعد عمله بنتك !
..........
....
فتح دياب عيناه بانزعاج بينما شعر بدنيا تمرر يدها علي ظهره وتميل عليه توقظه ليعتدل جالسا يهتف بها بتوبيخ : ..في ايه ؟! انا مش قولتلك عاوز انام ساعتين
قالت دنيا بدلال : صباح الفل يا دياب ....
أشارت دنيا إلي صينيه الافطار وتابعت برقه : جهزتلك الفطار يا سيد الناس ..يلا قوم أفطر وابقي نام تاني
هز دياب رأسه وقال باقتضاب بينما ينظر بدهشه الي الافطار الذي احضرته الي الفراش : مش عاوز ...سيبني انام ؟!
عاد ليجذب الغطاء فوقه ويغمض عيناه بينما يشعر بصداع ضاري يفتك برأسه لتنظر دنيا إلي ظهره الذي يوليه لها بغل وتتبرطم في سرها : اللهي تنام عليك حيطه واخلص منك ...لوت شفتيها وتابعت بحقد : عامل نفسك تعبان عشان بعدت عن العقربه ليله ...اللهي ما تصحي ووقتها اورث فيك ولا فاكرني قاعده ومتحمله كل ده ببلاش
لوت شفتيها ومدت يدها الي أحدي الفطائر الكبيرة الموضوعه في الصينيه لتقطعها وتبدأ بتغميسها في العسل والقشطه وهي تتبرطم ببرود بينها وبين نفسها : ان شالله ما اكلت ...ااكل انا
أنهت الافطار بهناء بينما تركت مهمه الاهتمام بالصغار لبهيه لتقوم الي المرأه تفك المنشفه من فوق شعرها وتصففه وتتزين ثم تحمل الصينيه الفارغه وتنزل بها الي الأسفل ...!
ابتسمت مهجه وهي تري بهيه تطعم الصغار بصبر ودلال لتخرج من بين شفتيها تلك الدعوة : الهي يجبر بخاطرك يا بهيه بعيل
ابتسمت لها بهيه بسماحه ورددت : يسمع منك ربنا يا امه !
داعبت الصغار مجددا ونظرت الي مهجه قائله : اعملك كوبايه شاي يا امه
هزت مهجه راسها قائله : ماشي تسلمي يا بتي ...
حملت أحد الصغار علي كتفها حينما تعلق بطرف عباءتها لتقول بضحك وهي تقوم : تعالي يا علي
حملت الصغير واتجهت الي المطبخ لتجد دنيا تنزل تتهادي بمشيتها ..حاولت تجاهلها والانشغال بما تفعله
ولكن دنيا تعمدت اغاظتها وهي تضع الصينيه الفارغه بينما تقول : دياب بالف هنا خلص الصينيه كلها
اومات بهيه بصمت للحظات قبل أن تنظر إلي طبق القشده الفارغ باستغراب فهي تعرف أن دياب لا يحبها
: دياب اكل قشطه
اومات دنيا بابتسامتها البارده : أكلتها له بأيدي
تظاهرت أنها اخطأت لتعض علي شفتيها وتقول باستدراك مزيف : حقك عليا يا ابله بهيه ...مش قصدي
انا بس قصدي أنه اكلها
زمت بهيه شفتيها وزجرت نفسها انها من سألت وتدخلت فيما لا يعنيها فسمعت ما لا يرضيها لتصب كوب الشاي لمهجه ولكن قبل أن تضع البراد من يدها التفتت الي دنيا تسألها : هو دياب فين ...اصب له شاي مع أمه مهجه
هزت دنيا راسها قائله : لا يا ابله بهيه ...أصله لساته نايم
استغربت بهيه ليخرج من شفتيها السؤال بتلقائية : نايم لغايه دلوقتي
كذبت دنيا وتظاهرت بالخجل وهي تقول : سهر بليل شويه فقالي عاوز ينام ساعتين !
غص حلق بهيه واكلت الغيرة قلبها وللمرة الثانيه تزجر نفسها انها تدخلت ولكن ماذا تفعل وقد شعرت بالقلق عليه فهو يستيقظ باكرا ولا ينام الا ان كان مريض !!
........
...
خرجت وصال بوجهه حزين يخبر هادي أن الأمر لم يسير علي مايرام ..... واضح جدا من ملامحها يفهم هذا ولكنه لا يفهم ابعاد الموضوع ....فقط اراد اخافتها لتترك العمل لا أن تتأذي ليسرع ناحيتها يسألها باهتمام :
ايه يا بنت الناس طمنيني ؟!.
حاولت وصال امساك دموعها فهي لم تعتاد الضعف لتقول باقتضاب : الحمد لله
هتف هادي بنفاذ صبر : الحمد لله علي كل حال بس قوليلي ايه اللي حصل
ابتلعت وصال رمقها ببطء وخفضت عيناها حتي لا يري الدموع التي لمعت بها وهي تقول بصوت حزين :
اتوقفت عن الشغل ..!
هل يفرح أن ما أراده قد تحقق ام يحزن لرؤيه هذا الحزن الذي تشعشع بملامحها لينظر إليها بينما تقول بحزن شديد تعاتب نفسها : ياريتني اخدت إجازة لغايه ما إجراءات النقل تخلص
نظر لها باستفهام لتهز راسها وتقول بابتسامه باهته : أيوة كنت هتنقل المستشفي اللي في البلد لولا اللي حصل
اتسعت عيناه بمفاجاه ليفتح فمه لعله يجد شيء يقوله لتخرج كلماته مشتته : كنتي هترجعي
هزت وصال راسها بحزن : مقدرتش اعيش لوحدي
كور هادي قبضته وتوهجت نيران الندم والتي حاول اطفاءها بعرض تعويض من وجهه نظره لعل نظره الحزن من عيناها تختفي ويحل محلها سعاده تماثل سعادته لأنها ستعود : شاوري انتي بس علي اي مستشفي ومكانك فيها موجود
كلماته جعلت الدمعه التي جاهدت لأمساكها تنساب من عيونها لتنخر خناجر الندم قلب هادي لانه السبب في حزنها ليزيد من جرعه العوض من وجهه نظره لعله لا يشعر بهذا الندم لانه من تسبب في فقدانها لعملها بينما لم يكن يحسب أنها ستحزن كل هذا الحزن وهي تقول بأسي : بالبساطه دي ...بقولك اتوقفت عن الشغل يا هادي
قال بلا تفكير : هفتح ليكي عياده كبيرة اوي بس بلاش الدموع اللي شايفها في عينك يا بنت الناس انا قلبي مش متحمل ....!
نظرت له وصال بابتسامه وهزت راسها بيأس من اندفاعه : انت زي ما انت مش هتتغير ! مش كل حاجه تتحل بالبساطه دي
التقت عيناه بعيناها لتقول بأسي وهي تهز كتفها : مينفعش ولا واشتغل حتي تحت بير السلم ...انا دكتورة مهمله وموقوفه عن مزاوله المهنه ...فهمت يا هادي !
وليته لم يفهم انه كان السبب بكل هذا ....ليلوم نفسه الف مره فقد كانت من تلقاء نفسها ستعود ولكنه تعجل وتسبب في كل هذا ....!
حاول هادي مواساتها لعل شعوره بوطأه الذنب تخف :
طيب بلاش الدموع دي يا وصال .... انا هتكلم مع مدير المستشفي اللي في البلد وهيشغلك
مررت وصال يدها علي وجهها متنهده ولم تقول شيء حتي لا تجرحه فهو مصمم ألا يفهم
: ساكته ليه يا بنت الناس ...بقولك هتشتغلي لو ده كل اللي مزعلك
نظر لها وتابع : انتي قولتي انك راجعه البلد ...يلا ارجعك وسيبي موضوع الشغل ده عليا .... مش هتلاحقي علي الشغل ...كل عيال البلد هيتعالجوا عنك غصب عنهم !
هزت وصال راسها وارتسمت ابتسامه علي شفتيها من بين حزنها لتنظر له وتقول بيأس : هتعالج الناس غصب عنهم
اوما هادي وقال بهيام : عشان عيونك اعمل اي حاجه ... روقي بقي ومتزعليش هو يعني حكم قراقوش اكيد ليها حل ...!
هزت وصال راسها وقالت برفق : شكرا على اللي بتقوله وعاوز تعمله بس افهم يا هادي أني موقوفه عن الشغل يعني اتحبس لو اشتغلت
قال هادي سريعا : ربنا ما يجيب حبس ....تنهد وتابع : طيب اعمل ايه عشان اعوضك
قالت وصال بعفويه اوجعت قلبه : وانت ذنبك ايه ؟!
الذنب كله ذنبه ولكنه لا يستطيع أن يقول شيء
ليصمت لحظه يفكر في شيء وهاهو يقول سريعا : عندك الواد ابن نشوي وعيال دياب اكشفي عليهم
التفتت وصال ايه باستفهام : عيال دياب ...؟! هي مش بهيه مخلفتش
اوما هادي وقال دون ترتيب : مخلف من مراته التانيه
اتسعت عيون وصال بمفاجاه بينما لاول مره تعرف شيء كهذا لتقول باستنكار شديد : دياب متجوز اتنين !!
اتسعت عيون هادي الذي وصلت أقدامه الي الأرض بعد أن كان يحلق في السماء متناسي الواقع حوله وفقط يري عالم هو وهي به وحدهم ليقول بتعلثم : يعني ....يعني قصدي متجوز عشان يخلف
امتعضت ملامح وصال بينما تتذكر لطف وطيبه بهيه : وبهيه عارفه ؟!
اوما هادي الذي كان كالفأر بالمصيده : اكيد
ضيقت وصال عيناها بانفعال : عارفه وساكته أنه متجوز عليها
قال هادي بتهرب كما هربت الدماء من عروقه بينما يري كل تلك الثورة في عيناها والتي يتخيل اضعافها أن عرفت أنه تزوج بثلاثه : ماهو عشان يخلف يعني وافقت
زمت وصال شفتيها بغيظ شديد : ازاي يعني كده .....يعني لو هو اللي كان مش بيخلف كانت تتجوز غيره
قال هادي باندفاع : كان قطع خبرها
التفتت له وصال بغيظ : اشمعني بقي هو يتجوز غيرها ...!
توجست نظرات هادي الذي لمح بدايه توحش نظرات وصال وكأنها استدركت شيء بينما تهز راسها وتزجر نفسها : انا اصلا بتكلم مع مين ...ماهو انت زيه ...كلكم نفس العينه ..
قال هادي بعدم فهم : وانا مالي بس يا بنت الناس ؟!
نظرت له بغيظ وانفلت لسانها بعتاب قبل أن توليه ظهرها وتنزل من السياره المتوقفه : ما انت كمان متجوز ورايح جاي ورايا ....!
هزت راسها بامتعاض من نفسها تتبرطم : ايه اللي انا بعمله ده ...لسه فاكره أنه متجوز ..غبيه !
: طلقتها !
توقفت وصال مكانها والتفتت إليه ليخفض هادي عيناه حتي لاتقرء كذبه بهما بينما يكرر كلمته : طلقتها يا وصال !
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم
رائعه وجميله فعلا فعلا كاتبه موهوبه الف الف الف شكر ليكي وتسلم ايديكي
ردحذفبرضوا هادى زى العسل وخفيف بغض النظر عن عمايله
ردحذفطلقها طبعا عشان يعرف يجري ورا وصال
ردحذفهادي ده مبيفركش غير في نفسه اناني زي معظم الرجاله
لا بق هادي ده مش طبيعي ابدان
ردحذفهادي دا عسل والله
ردحذف🌷🌷🌷🌷🌷🌷
ردحذف