( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
توقفت وصال مكانها والتفتت إليه ليخفض هادي عيناه حتي لاتقرء كذبه بهما بينما يكرر كلمته : طلقتها يا وصال !
كذب نعم ولكنها كذبه خرجت من فمه دون أن يحسب لها حساب والان عليه أن يحسب الف حساب لنتائج تلك الكذبه التي خرجت من فمه ولا يستطيع الرجوع عنها !
وقفت وصال مكانها ثانيه او ربما اثنان تتطلع إليه ولأنه يكذب ظن أنها تتبين كذبه من صدقه ليحاول هادي أن يجد ثبات نظراته وهو يرفع عيناه ببطء لتواجه عيناها التي بدأت تتوهج بنظرات بلحظه تحولت للسخط بينما لم يجول بخاطرها ولو لحظه أنه يكذب بل ما كان يجول بخاطرها هو لماذا يخبرها بهذا الان لتلوي شفتيها بغيظ شديد تهتف به : وانا مالي !
اتجهت له بخطوات غاضبه لتتطلع الي عيناه بغضب شديد وتعيد كلماتها بصوت اعلي : هااا...انا مالي تطلق ولا تتجوز
ازدادت حده نبرته بينما تدفقت إليها ذكريات غدره بها : جاي تقولي ليه ...انت مين بالنسبه ليا عشان يفرق معايا جوازك من طلاقك ....انبثقت نظره احتقار من عيونها وهي تتابع اخر كلماتها : كنت وقفت قدامي كده زمان وقولت ليا انك اتجوزت ولا غدرت بيا وقتها انما جاي تقولي دلوقتي ليه ؟!
ألقت اخر كلماتها واندفعت تبتعد عنه بخطوات ساخطه ليسرع هادي خلفها يمسك ذراعها ليوقفها بعتاب : بتفتحي ليه في اللي فات يا وصال ....اتسعت عيناها بصدمه من قدرته علي معاتبتها وكأنها المخطئه بينما تابع هادي وهو يهز رأسه بإقرار : اه حصل وغدرت بيكي بس كان ايه اللي خلاني اعمل كده ....رفع إصبعه أمام وجهها وتابع : انتي ....انتي لما بعتيني واتخيلتي عني وسبتيني وسمعتي كلام ابوكي
اهتاجت اعصاب وصال لتهتف به بغضب : انت سامع نفسك. ...ابويا ...بتقول ابويا ...هو بقي اني اسمع كلام ابويا ذنب جاي تحاسبني عليه !
هدر بحنق : محاسبتكيش ...انتي اللي بتحسابيني وكأني لوحدي الغطان
نظرت له وصال بغضب ممزوج باليأس من اعاده نفس الحديث والمبررات لتقول بخزلان : ولا احاسبك ولا تحاسبني ....للمره الالف بقولك مالكش دعوه بيا يا هادي تاني ...ابعد عن طريقي
قبل أن تخطو مجددا لتبتعد كان يمسك بذراعها يوقفها وينظر إليها نظرات عصفت بها مشاعر الغضب المكتوم بداخله من حبه الذي أوصله لمرحله اليأس لتقرء الضعف في نبرته وهو يقول باعتراف : مقدرش يا وصال ...افهمي بقي مقدرش ابعد عنك !
ترك ذراعها وكور قبضته بحنق شديد وهتف بيأس : هو انا لو عارف ابعد ما كنت بعدت من سنين بدل ما انا مكوي بنارك وعايش وكأني مش عايش عشر سنين
أن كان في كل حديثه شيء من الحقيقه فهو حقيقه مشاعره تجاهها ...مشاعره التي احرقته واحرقتها باعترافه الذي تحمل داخلها اعتراف مماثل لها وهو أن ولا واحد منهم استطاع تجاوز الاخر بالرغم من مرور السنوات !
.........
....
نظرت مهجه الي بهيه باستغراب : دياب عمره ما نام لبعد الضهر
فاضت بهيه بشعورها الي حماتها قائله :عندك حق يا امه .... قلبي واكلني من القلق عليه وعاوزة اطمن عليه
نظرت لها مهجه باستنكار : وايه اللي مانعك ...ده بينك وبينه كام درجه سلم
تنهدت بهيه بثقل : ماهو يا امه دنيا قالت إنه كويس ونايم ...قاطعتها مهجه باستنكار أشد : لا تقول ولا تعيد
قومي فزي اطلعي اطمني علي جوزك
نظرت لها بهيه بتردد لتهتف بها مهجه بتوبيخ : قومي يا بت ....!
قامت بهيه من مكانها لتتجه الي الأعلي والتردد يسبقها ....نعم تقرء في عيون مهجه التوبيخ بأنها دوما ضعيفه تترك حقها في زوجها ولكنها ليست هكذا إنما هي لا تريد أن تكون سبب بمشكله له ....تعرف أنه سيدافع عنها دوما وهذا بالنسبه لها كافي لذا لا تريد أن تقحمه دوما في أي مشكله تتسبب في ابتعاده عن أطفاله !
تفكيرها بسيط ...يحبها وتحبه وهي تترجم حبها له بأن لا تكون سبب بمشكله تضايقه بل تكون سبب راحته !
.........
.....
وحدتها وحصاره لها صعب بقاءها وحيده بينما كلما بقيت وحدها افترستها أفكارها وعصفت بها مشاعر الحنين لهذا الحب الذي كلما رأها تعمد احياءه من أسفل انقاض السنوات لذا أسرعت بتنفيذ قرارها الذي اتخذته قبل أيام وهو الذهاب لعائلتها !
غص حلق وصال وهي تجلس بغرفه ابيها تتطلع الي ارجاءها قليلا قبل أن تغزو الدموع عيونها وهي تقول باعتذار : حقك عليا يا بابا بس انا مش قادره اعيش لوحدي .....تنهدت وتابعت : انا اتحرمت من ماما ومن دياب سنين و انت سبتني ودلوقتي شغلي راح افضل هنا ليه ....حقك عليا يا بابا بس انا محتاجه يكون حواليا عيله وناس عشان تعبت من الوحده !
مسحت دموعها وقامت تجاه حقيبتها الكبيرة التي جمعت بها اشياءها لترفع ذراعها وتجذبها فوق الارضيه وهي تغلق الانوار ومع كل ركن تغلق نوره يهفو قلبها الي ذكري كانت لها بهذا المنزل الذي لم تعد تحتمل العيش بين أركانه التي ضاقت عليها !
.............
.....
أغلقت حميده الهاتف ونظرت الي نشوي وهي تاكل نفسها من الغيظ : شايفه يا نشوي عمايل اخوكي
نظرت لها نشوي باستفهام : عمل ايه يا ماما
هتفت حميده بغيظ : يعني مش عارفه ...اهو بقاله ٣ ايام برا البيت ومعرفش عنه حاجه وكل ما اسأله انت فين ميرضاش يقول ....سايب حاله وماله وعمره ما عملها ...اكيد في أن
جهزت علي اسنانها بغيظ وتابعت : وكله كوم وموضوع البت احسان كوم تاني ....بقي بنت ال** تعمل كده وانا نايمه علي وداني ....تسحر لابني وتسرقني وانا ولا حاسه
هبت من مكانها وهتفت بغيظ شديد : بس انا مش هسكت !
اسرعت نشوي خلفها حينما وجدتها تجذب طرحتها الحريريه الكبيرة تحيط بها راسها وتتجه الي الباب : رايحه فين بي يا ماما !
قالت حميده بسخط : رايحه اشوف عملت ايه لابني بنت عليوه قلبت بيه حاله !
..........
...
أغمضت وصال عيناها وسحبت نفس عميق والتفتت الي هادي الذي ما أن خرجت من باب المنزل حتي وجدته امامها : وصال
التفتت له وهي تزفر : هو ايه في كلامي انك تبعد عني مفهمتهوش ؟!
نظر لها بانفعال هاتفا : وايه في كلامي انتي مفهمتهوش اني مقدرش ابعد عنك
هدرت وصال بغضب : لييه ....وليه دلوقتي ظهرت تاني ....ما انت بعدت سنين
هز رأسه قائلا بعتاب اعطي لنفسه الحق به بينما يراها الوحيده التي جعلته يتزوج ويعيش في شقاء طوال تلك السنوات وبما أنها سبب شقاءه إذن هي الوحيده التي عليها شفاءه : انتي اللي بعدتي مش انا
زمت وصال شفتيها بغضب : بعدت عشان انت اتجوزت
اوما باعتراف : حصل و غلطت وعيشت عشر سنين اندم علي الغلطه دي
يتلاعب علي اوتار مشاعرها التي الهبها الحنين بعد عتابه وكلماته ولكنها لم تستسلم لتشيح بوجهها عنه هاتفه بثبات مزيف : مش مشكلتي ...هزت كتفها وتابعت : تندم متندمش ...انت اخدت قرارك وانت حر
تنهد هادي بضيق ونظر لها : انتي بتعاندي ليه .... اعترفي انك غلطتي زي ما انا غلطت وعدت السنين وكل واحد اتكوي بنار البعد ودفع تمن غلطاته ليه بقي عاوزة تكملي علينا
امسك ذراعيها وجعلها تنظر في عيناه وهو يعيد اعترافه : يا وصال انا بحبك ومقدرش اعيش من غيرك .. كفايه بعد وكفايه سنين عمرنا اللي ضاعت ....هو ده الكلام اللي لازم تفهميه
ابتلعت وصال ببطء وابعدت يداه عن ذراعها ولم يسعفها عقلها ليجد رد كلماته فتجاوزته وسارت خطوه تسحب حقيبتها خلفها ليزفر هادي بضيق : طيب انتي رايحه فين دلوقتي !
لم تجيب عليه بل رفعت يدها تشير الي تاكسي سرعان ما توقف ونزل السائق يحمل حقيبتها ليتوقف هادي امامها : بتعملي ايه يا بنت الناس ....انا هوصلك البلد
هزت وصال راسها وفتحت باب السياره الاجره ودخلت إليها وهي تقول للسائق : محطه القطر يا اسطي
عنيده ولم يفلح في إثناء عنادها وهي تتوقف أمام شباك التذاكر تحجز تذكره القطار الذي جلست في انتظاره ....
: انتي ليه بتعاندي يا وصال ؟!
هتفت وصال به بانفعال : انت اللي بتعاند ومصمم تفضل ورايا في كل حته ومش مديني مساحه حتي اتنفس .....نظرت له بعتاب غاضب : انت فجاه بعد عشر سنين ظهرت في حياتي وجاي تعيد في اللي فات وكأن مفيش حاجه حصلت ... !
زم هادي شفتيه ونظر إليها برجاء : عشان العشر سنين كفايه اوي والعمر مبقاش فيه قد اللي راح عشان نضيعه واحنا بنتعاتب ...خليني اعوضك !
اربكها وشتت تفكيرها ومشاعرها بخضم كل ما تعيشه والذي يقتحمه ويزيد من شتاتها
لتجد اخيرا عقلها يسوق لها الرد الذي نطقته بجديه : عندك حق راح من عمرنا كتير بس برضه اللي بتعمله مش هيرجع اللي فات .... هادي اللي بتعمله ده في الوقت ده بالذات بيضغط عليا ...انا لسه عايشه حزن موت ابويا وحزن بعدي عن اهلي وحزن شغلي اللي راح وسط كل ده انت جاي بتقولي تعوضني عن اللي فات .... ايه التعويض من وجه نظرك
قال بجديه بلا تفكير : نتجوز !
اول ما ترجعي البلد انا هكلم الحاج دياب ونتجوز في اسرع وقت ونعوض اللي راح من عمرنا ... اطلبي مني التعويض اللي انتي عاوزاه
نظر إلي عيونها بعشق وتابع : ومن غير ما تطلبي انا هعيش عمري اعوضك عن كل لحظه بعدنا فيها عن بعض ...هعيشك سعاده تخليكي تنسي كل الحزن اللي فات وكنت أنا سبب فيه
نظرت وصال الي بساطه كلماته ولم تعلق عليها في حينها بينما صعبت نظراته عليها أن تخذل أحلامه التي ظنها ستتحقق بمجرد أن ينطقها
لتهز راسها بيأس رافضه أن تتبع قلبها الذي يريد أن يسحبها الي هذا الطريق الوردي الذي يرسمه امامها : هنرجع تاني نلف في نفس الدايره
عقد حاجبيه باستفهام : دايره ايه ؟!
انفلت لسانها بنقد واضح لما كان أول سبب في كل تلك النتائج : انك مستعجل كل حاجه ومش صابر ....رفعت اصبعها أمام وجهه وتابعت بجديه : وقبل ما تعيد نفس الكلام عن العمر اللي راح انا عارفه ايه اللي راح مني اكتر من عمري
فبلاش مزايدات وبلاش تضغط عليا وتحسسني اني لوحدي الغلطانه...انت اتجوزت واخترت حياه جديده بعيد عني إنما أنا لا ..انا معرفتش اعمل زيك يبقي اياك تقولي كفايه وتفكرني بالسنين اللي ضاعت
ورجوعي مش معناه انك تعلق نفسك بأمل اننا نعيد اللي فات ...انا راجعه لاهلي مش راجعه ليك !
كلامها العقلاني لايجد مقابل أمام مشاعره والتي سيطرت علي عقله وجعلته لا يري الا نهايه واحده للطريق الذي دخل إليه وهو الفوز بها لذا التراجع أو الاستماع لكلام العقل لم يكن سبيل أمامه ليتجاوز عن كل ما قالته ويقول بهدوء استفزها : طيب يا وصال مش هزايد ولا اعيد في اللي فات اللي انتي اكتر واحده حساه مش بس عارفاه دلوقتي خليني ارجعك لأهلك
اتسعت عيناها لاصراره أن لا يترك لها أي مساحع
لتنظر إليه بانفعال : علي اساس اني عيله مش هعرف ارجع لوحدي
اوما هادي بنفس الهدوء : هتفضلي في عنيا لسه العيله الصغيرة وقلبي مش هيرتاح الا لما بايدي اوصلك لبيت اهلك
هزت راسها وقالت متنهده : العيله كبرت ومش محتاجه وصي عليها وهعرف اروح لوحدي ...!
أن كان عنيد قيراط فهي عنيده اربعه وعشرون فلم يفلح في جعلها تتراجع وهي تخطو تجاه أحد المقاعد تجلس عليها بانتظار القطار !
جلس هادي بجوارها علي المقعد الخشبي ونظر الي صمتها الذي كانت بحاجه اليه وسط ضجيج مشاعرها والتي مازالت تسيطر عليها وتتمسك بتفكيرها العقلاني الذي يوقفها عن التجاوب مع إصراره العنيد !
لم يعد هناك ما يقال علي الاقل أمام صمتها ليجلس بجوارها بصمت لدقائق طويله يخبر نفسه أن يتمهل فهي علي الاقل عادت وهو نجح في تحقيق ما أراده
قطعت وصال الصمت بعد وقت طويل ظل جالس فيه بجوارها لتلتفت إليه وتنظر إليه تحاول أن تتحدث بصوت عالي عن ما تفكر به :
وبعدين يا هادي ؟
قال هادي بهدوء وقد فهم المعني العميق لسؤالها : بعدين دي في ايدك ياوصال ؟!
تقابلت عيونهم لتقرء نفس الكلمات التي رددها لسانه : في ايدك نفضل ندور في دايره العتاب أو ننسي ونكمل حكايتنا من مكان ما وقفنا ونرضي بالعوض!
تنهدت وصال وعادت لتصمت ليدغدغ مشاعرها وهو ينهي كلماته بإصرار : وفي الحالتين انسي اني ابعد عنك حتي لو فضلت وراكي سنين عشان ترضي وتسامحيني !
تقابلت عيونها للحظه أدركت وصال هشاشه ممانعتها أمام إصراره علي اخذها الي طريق السعاده الذي افترشه امامها ببساط مفروش بالحب و مطعم بالوعود
التفتت الي النداء الذي يعلن قرب انطلاق القطار لتهرب من عيونه وتقوم مسرعه تعلق حقيبتها علي ذراعها وتجذب حقيبتها الأخري وهي تنظر إليه قائله : سلام يا هادي
ابتسمت ابتسامه باهته علي طرف شفتيه تنم عن عجزه أمام عنادها وإصرارها : سلام مؤقتا يا وصال ... !
......
........
طرقت بهيه باب الغرفه بضع مرات فلم تلقي اجابه لتقف أمام الباب بتردد للحظات قبل أن تدير المقبض ببطء وتدخل الي الغرفه ...!
لمحت جسده الضخم ممدد بوسط الفراش علي الضوء الخافت الآتي من النافذه ذات الشيش الضخم والذي مازال مغلق ليحجب ضوء الشمس من الدخول الي الغرفه
اقتربت من الفراش ببطء وتطلعت الي ملامحه وهو نائم قبل أن تميل عليه وبحنان جارف تمد يدها الي جبينه تتحسسه لتري حرارته .....لم يكن جبينه يحترق ولا يترجم لهيب غضبه من نفسه قبل أن يكون منها لأنه في النهايه من نفذ وتزوج بأخري غيرها ....!
من بين وجع رأسه استعذب دياب تلك اللمسه الحنونه فوق جبينه ليتحرك جفناه براحه وهو يتقلب الي الجهه الأخري فاقتربت بهيه منه أكثر لتجلس بجواره علي طرف الفراش وتقول بصوت خافت : دياب ....دياب
فتح عيناه حينما تهادي صوتها إليه ليعقد حاجبيه بدهشه لرؤيتها : بهيه ...في ايه مالك ؟!
قالت بحنان ممزوج بالقلق بينما عيناها تطوف بملامح وجهه الشاحبه : انت اللي مالك يا اخويا ... تعبان ولا ايه ؟ انا قلقت عليك لما لقيتك نايم لحد الضهر
احب اهتمامها المعتاد منها ولكن عناده جعله يقول باقتضاب وهو يعتدل جالسا : ابدا انا كويس
هزت راسها وهي تتطلع الي ملامحه قائله : وشك دبلان
قال وعيناه تعاتبها لأنها من أبعدته عنها : دماغي بس وجعاني حبتين
قالت بهيه بقلق وهي تمد يدها الي جبينه بلهفه : فيك ايه ودماغك وجعاك ليه ؟ !
تنهد دياب وقال بنفس الاقتضاب : اهو وخلاص يا بهيه ولا هتحققي معايا وانا لسه مفتح عيني
قالت وهي تربت علي كتفه : مش قصدي انا بس قلقانه عليك
قال ساخرا بضيق من نفسه لأنه تحدث معها بتلك الطريقه : فارق معاكي اوي ؟!
نظرت له بهيه بعتاب فالعالم بأكمله لا يفرق معها بدونه لتقول بحنان وهي تمرر يدها علي كتفه : لو انت مش فارق معايا ايه في الدنيا يفرق
دق قلبه بين ضلوعه ونظر الي عيونها بعتاب : كلام يا بهيه
اشاح بوجهه بغضب كالاطفال : لو كنت فارق معاكي مكنتيش هتسبيني لواحده تانيه
غص حلق بهيه وتوجع قلبها من عتابه لتقول بتبرير: غصب عني ....عقد حاجبيه والتفت لها بامتعاض لتهز راسها وتتابع : ربنا امرك تعدل وانا من حبي فيك خايفه عليك
زم شفتيه بحنق وهو يزيح الغطاء من فوقه ويقوم هاتفا بسخط : حتي لو .... مفيش واحده مكانك هتعمل كده ...نظر إلي عيناها باتهام وتابع : كنت هشوف في عينك غيرتك وكنتي هتحسسيني اني فارق معاكي وقلبك بيتكوي لما بكون مع غيرك مش انتي اللي تقولي ليا روح لها
خفضت عيناها للأرض وارادت أن تخبره أنها تشعر بكل هذا ولكنها لا تتحدث عنه ليستفز صمتها دياب الذي لوي شفتيه بحنق متبرطما : وانا مستني ايه ...حرب تقوم مثلا !!
اتجه الي الحمام لتسرع بهيه خلفه وهي لا تحتمل أن يكون غاضب منها : متزعلش مني ...انا بعمل كل ده عشانك
ضيق عيناه ونظر لها بحنق : بتعملي ايه ؟
خفضت بهيه عيناها تخشي أن تتحدث بوجع قلبها حتي لا يأخذ جانبها ويبتعد عن دنيا وبالتبعيه أطفاله سيبتعدون عنه ليزفر دياب ويخطو بحنق فأسرعت خلفه : رايح فين ؟!
هتف دياب بغيظ من بين أسنانه : رايح احط دماغي تحت الميه بدل ما تنفجر
اتجه الي الحمام لتقف بهيه مكانها بضع دقائق تهتف : وانا اعمل ايه ...لو اشتكيت يبقي بضيق عليك دنيتك
تنهدت بأسي وقررت أن تصمت وتتحمل غضبه الذي لا تدرك أن أغلبه من نفسه وليس منها لانها ترضي ورضاها يضايقه
تتلفت بهيه حولها لتجهز له ملابسه ولكنها ما أن خطت تجاه الخزانه حتي تذكرت أنها ليس بغرفتها التي أسرعت إليها تحضر له ملابس نظيفه ومنشفه دون أن تفكر بفتح خزانه غرفه دنيا وتجهز ملابس له ...عادت الي الغرفه التي بدأت بترتيبها وفتح النافذه كما تفعل بغرفتها فهي تعرف أنه يحب ضوء الشمس يدخل الي الغرفه التي تغلق دنيا نوافذها دوما ...جهزت له ملابسه علي طرف الفراش
كما اعتاد منها واسرعت مجددا لغرفتها لتحضر له دواء لعلاج صداع رأسه وعادت تنتظره
....فرك دياب وجهه مرارا اسفل المياه ومجددا يلوم نفسه بأنه ظلمها وهي تظلم نفسها أكثر بتعاملها الحنون معه وتقبل كل شيء عكسه بينما لا يقبل منها أن تفرط في حقها به ... مد دياب يداه ليأخذ منشفه ولكنه لم يجد أي منشفه ليزفر بضيق ويخرج والمياه تقطر من رأسه بغزاره .....ما أن خرج حتي وجد بهيه تتجه إليه بالمنشفه النظيفه التي احضرتها له لتقع عيناه علي ملابسه التي جهزتها ومجددا يداعب الضيق قلبه فهي منذ أول يوم تهتم بكل تفاصيله بينما الأخري لاتعرف عنه شيء ولا تهتم به ولكنها أصبحت ام أطفاله ...!
.........
....
من ذراع الي اخر بضيق اخذت دنيا تحمل مصطفي الذي يبكي وهي تزجره : بكفياك عياط بقي دماغي وجعتني
ازداد بكاء الصغير لتحاول أن تضعه علي أرض الحديقه كما تركت أخيه الصغير يلهو ولكن الطفل تمسك بها لتحمله وهي تتبرطم : اخرس بقي
دخلت الي المنزل وهي تحمل الصغير بضيق لتتجه الي مهجه الجالسه بوسط البهو تسألها : فين ابله بهيه يا امه ..الواد مصطفي مش مبطل عياط وهي اللي بتعرف تسكته
لوت مهجه شفتيها وقالت بتأنيب : وانتي متعرفيش ليه ..مش امه أنتي عاد ...مدت يدها الي الصغير قائله : هاتيه...تلاقيه جعان ...روحي جهزي له اكله
ناولته لحماتها وهي تتلفت حولها مجددا : ابله بهيه فين ...في المطبخ
نظرة لها مهجه بعين قويه قائله : لا طلعت تصحي دياب
غلت الدماء بعروق دنيا ولكن امام نظره مهجه المحذره ابتلعت لسانها وهي تكتفي بهز راسها
احتضنت مهجه حفيدها الذي بدء يهديء بكاءه لتقول لدنيا التي وقفت وعيناها معلقه بالاعلي : هتفضلي واقفه ...روحي هاتي الاكل للواد
اومات دنيا وعلي مضض اتجهت الي المطبخ ولكن ما هي إلا لحظات وكانت تخرج علي أطراف أصابعها وتركض للاعلي...!
..........
....
عقد دياب الكبير حاجبيه باستفهام يسأل أحد صبيانه : وهادي كان فين لما المزاد رسي علي خمسين
قال الصبي : المعلم هادي محضرش المزاد وولاد السني فتحوا المزاد علي كيفهم
عقد دياب الكبير حاجبيه وهتف بالصبي بحنق : طيب غور و ابعت ليا عبد الحميد السني
تلفت دياب حوله ونظر في ساعته بينما لم يأتي دياب لأول مره باكرا كما اعتاد .....أخرج هاتفه من جيبه ينتوي الاتصال به أو بهادي ولكن أتاه صوت أحد رجاله من الخلف : الحق يا حاج
هب دياب من مقعده هاتفا : في ايه يا واد يا عيسي
قال الرجل وهو يلتقف أنفاسه : المحول بتاع التلاجات الشرقيه ولع والكهرباء فصلت بقالها ساعتين .... هنعمل ايه يا حاج في الخزين
ضيق دياب حاجبيه وهو يسأل باستنكار بينما ظن أن حفيده يتابع باقي الأعمال وهذا ما عطله عن المجيء الي الوكاله : والمعلم دياب فين.... هو مش هناك ؟!
هز عيسي رأسه : لا يا معلم
زم دياب شفتيه بحنق هاتفا بسخط : وهادي فين هو كمان معداش يشوف التلاجات
هز عيسي رأسه قائلا : معرفش يا معلم بس بقالي كام يوم مش بشوفه والمعلم دياب هو اللي بيطل كل يوم علي التلاجات ويتابعها
تنهد دياب بغضب هاتفا بينما حاول الاتصال بهادي ووجد هاتفه مغلق : طيب غور اقلب الدنيا عليه ....روح شوفه في البيت وارجع قولي عملت ايه
رمش عيسي بعيناه ووقف بتردد : طيب والمحصول
زمجر دياب بحنق : هتصرف انا ...اخفي من وشي
..........
.....
انتهي دياب من توجيه رجاله بنقل المحصول الذي لم يفسد الي تلاجه حفظ أخري وتركهم يصلحون العطل ليتجه الي المنزل بخطوات ساخطه ووجه لا ينذر بالخير جعل مهجه تهب من مكانها ما أن دخل ابيها الي المنزل ينادي بصوت جهوري : ديااااب
: في ايه يا ابا ؟!
صاح دياب بغضب : فين دياب ؟!
قالت مهجه بخوف من غضب ابيها الواضح علي ملامحه : في حاجه حصلت يا ابويا
زجرها دياب بغضب : هتردي سؤالي بسوال بقولك دياب فين
قالت مهجه بشفاه متعلثمه : دياب...دياب نايم
اهتاجت اعصاب دياب ليصيح بابنته بتوبيخ : نايم وحالنا ومالنا بيضيع ...!
: شكله تعبان يا ابويا ....فهمني اللي حصل ؟!
اتجه دياب بخطوات غاضبه الي الدرج هاتفا بسخط : وانا لسه هفهمك .....!
.........
...
ثقلت انفاس دياب حينما اقتربت بهيه منه تجفف شعره وجسده برفق بالمنشفه لترتفع يداه منساقه لاشتياقه لها ويحيط خصرها بذراعيه....تسارعت انفاس بهيه حينما وجدت جسدها محاط بذراعيه لتلفح أنفاسها الناعمه صدره العاري وببطء ترفع عيناها تجاهه ليذوب بنظراتها وهو يقول بعتاب : مهما تعملي مبقدرش ابعد عنك ولا ازعل منك يا غاليه
ابتسمت له وعيناها تعاتبه علي استحياء هامسع : وانت دنيتي كلها يا دياب
قال بعتاب بينما تتلكأ نظراته فوق شفتيها : كلام يا بهيه
هزت راسها وفتحت فمها لتخبره بما تشعر به ويمنعها من أشعاره بتلك الغيره التي يبحث عنها ولكنها بنفس اللحظه كانت تنتفض من بين ذراعيه ما أن فتحت دنيا الباب ووقفت تتطلع إليهم باستنكار ....لم تتحرك شعره من دياب واكتفي بأن رمقها بنظره غاضبه : داخله كده ليه ؟!
انفلت لسان دنيا بغيره واضحه : داخله اوضتي ولا نسيت يا سيد الرجاله !
زفر دياب ولا ينكر أن رؤيته لغيره دنيا التي تشعل حرب لمجرد رؤيته بجوار بهيه اغاظه من بهيه التي وقفت مرتبكه وكأنها ممسوكه بجرم ما ...!
تجاهل دياب دنيا ونظراتها والتفت الي بهيه التي تمنت لو تنشق الأرض وتبلعها من الخجل وكأنها لم تكن مع زوجها لتسرع يدها المرتجفه تجاه طاوله الزينه تسحب الدواء الذي احضرته وتمد يدها الي دياب قائله : جبتلك الدوا عشان وجع راسك ..خد يا اخويا
رمقها دياب بنظره حانقه بطرف عيناه لتكرارها تلك الكلمه متبرطما : قولتلك انا جوزك مش اخوكي فاهمه
نظرت بهيه الي الأرض بارتباك من نظراته وكأنها ممسوكه بالجرم بعد دخول دنيا ورؤيتها لها بغرفتها لتهز راسها بصمت اغاظ دياب أكثر .... ليلتفت الي دنيا الواقفه بعيون كالصقر تنظر إليهم ..: روحي اعملي ليا فطار ولا هاخد الدوا علي الريق
ارتبكت دنيا بينما رفعت بهيه عيناها إليها وقد كشفت كذبتها بأنه لم يفطر لتقول بهيه باعتذار : حقك عليا يا دياب ...انا فكرتك فطرت
اشاح بوجهه يزجر دنيا التي مازالت واقفه مكانها : واقفه ليه ...اتحركي
اومات دنيا ولكن قبل أن تتحرك كانت بهيه تسبقها وهي تقول : هنزل انا اجهزلك الفطار
امسك دياب بيدها يوقفها هاتفا بغيظ من بين أسنانه : قولت هي
خرجت دنيا من الغرفه تغلي من الغضب بينما تركتهم وحدهم ....التفت دياب الي بهيه وضيق عيناه يحاصرها بنظراته : واقفه بعيد ليه.....
قالت بهيه وهي ترفع وجهها الذي توهج بحمره الخجل : ابدا ....أشارت إلي الباب قائله : انا ..انا هروح اشوف أمه مهجه لو عاوزة حاجه
رفع دياب حاجبه بحنق من رغبتها بالهروب ليمد يداه الي ملابسه يجذب منها قطعه يضعها فوق صدره العاري وهو يمنعها من المغادره : لو أمه عاوزة حاجه هتنادي عليكي
اشار الي ازرار الصديري التي مازالت مفتوحه تكشف عن صدره العريض وتابع : قربي اقفلي الزراير !
توقفت بهيه أمام دياب تغلق له ازرار الصديري الذي ارتداه لترتجف يدها بينما داعبت أنفاسه الساخنه بشرتها وهو يميل تجاهها وعيناه لا تفارق النظر إلي خجلها : وشك احمر كده ليه
قالت بهيه بتعلثم : ابدا
مد يداه اسفل ذقنها يرفع وجهها إليه لتعض علي شفتيها فتزداد حركه أنفاسه الساخنه التي اقتربت من وجهها بينما لمع المكر بنظراته وهو يحاصرها : ابدا ايه ...وشك احمر اهو ....ازداد خبث نظراته وهو يتابع : شوفتي أن كل اللي كنتي بتقوليه كلام وبس... لو فعلا بتحبيني كنتي انتي اللي هتغيري مش هي وكنتي انتي اللي هتقربي مش تجري بعيد وكأنك مع واحد غريب
هزت بهيه راسها وقالت بدفاع عن نفسها : متقولش كده يا دياب ....انا ...انا
زجرها بنفاذ صبر : انتي ايه .....ساكته ليه ؟!
قالت بهيه بأسي : انا متعودتش اكيد غيري واللي مرضاهوش علي نفسي أرضاه عليها ازاي ...كفايه اني عارفه أن قلبك مفيهوش غيري
نظر لها بغيظ بالرغم من أن كلماتها كانت كفيله بتهدئته ولكنه فهم شيء آخر ليهتف باستنكار : يعني ضمناني يا بنت الناس وعشان كده بتقولي لف براحتك في الاخر بترجع ليا
هزت راسها واسرعت تفتح فمها لتصحح ما فهمه ولكن الوقت لم يسعفها بينما تعالي صوت دياب الكبير
خرج دياب من الغرفه مسرعا وهو يضع فوق جسده جلبابه الفضفاض ليساله : في ايه يا جدي
تبرطم دياب الكبير بحنق : في انك عامل عريس ونايم للضهر
اسرعت بهيه تبرر قبل أن ينطق ديال : أصله يا جدي ...قاطعها جدها بغضب : قولتلك قبل سابق متتكلميش قدام الرجاله وهي بتتكلم
اشتعلت نظرات دياب بالغضب : جدي وانا قولتلك قبل سابق متكلمهاش كده
اسرعت مهجه تتدخل : جدك مش قصده .....تعالي يا بهيه
اومات بهيه وقالت باعتذار حتي لا ينشب خلاف بين جدها وبين زوجها : حقك عليا يا جدي. ... استدارت تجاه دياب وقالت برفق وعيناها تترجاه : جدي مش قصده يزعلني ....هو بس تلاقيه قلق عليك
زفر دياب والتفت الي جده الذي نظر إليه ساخرا : بدل ما انت واقف قدامي تدافع عن حفيدتي كنت تقف قدام ولاد السني اللي باعوا علي كيفهم ولا كنت تقف علي مالنا لما التلاجات عطلت
عقد دياب حاجبيه ونظر الي جده باستفهام : ايه اللي حصل ؟!
تبرطم دياب الكبير بغضب : انت لسه هتسأل... قدامي نشوف في ايه !
...........
.....
أدارت وصال راسها بمفاجاه حينما وجدت هادي يجلس الي جوارها بعد أن ركبت القطار : انت بتعمل ايه ؟!
قال هادي وهو يعطيها ما اشتراه من ماء و عصير : راجع معاكي بالقطر...خدي اشربي عشان الطريق طويل
هتفت وصال وهي تعيد له الماء والعصير: مش عاوزة حاجه واتفضل بقي روح بعربيتك
هز رأسه واراح ظهره للخلف الي المقعد قائلا : إذا كنتي عنيده قيراط أنا العناد متفصل ليا اربعه وعشرين قيراط
ضيقت عيناها بغيظ : يعني ايه ؟!.
قال ببرود : يعني رجلي علي رجلك ...مش هسيبك ترجعي لحالك وافضل عقلي شاتت مني وأنا قلقان عليكي ...اهو بدل ما يقعد جنبك حد غريب انا قاعد
أدارت وصال وجهها تجاه النافذه متبرطمه : مفيش فايده ومش هعرف اخلص منك
قال هادي بابتسامه ماكره : كويس انك عرفتي كده
التفتت له بغيظ : طيب لو سمحت بقي متتكلمش معايا وخصوصا في اللي فات واعتبر نفسك غريب عشان أنا عاوزة اسافر في هدوء
أراح ظهره أكثر الي الخلف وتنهد بارتياح
: عز الطلب ...اصلا انا اسمي هادي !
قالت وصال بحزم : يبقي خليك اسم علي مسمي
......
...
وضعت قدورة المزيد من البخور الذي جعل حميده تسعل قليلا قبل أن تقول بلهفه : ها يا ست الشيخه قوليلي
قالت قدورة وهي تتقمص الدور أمام حميده التي أتت إليها بقدمها : سحر كبير معمول لابنك عشان ميبقاش له وريث ..!
هتفت حميده بقلب لهيف : بعد الشر عنه
قالت قدورة : الشر واقف في طريق ابنك في أنه يكون له اللي يشيل اسمه
هتفت حميده بقلب مرتجف بين ضلوعها : مين ...مين اللي عمل لابني العمل ده ....صكت اسنانها وتابعت بغيظ : لو البت احسان انا هاكلها بسناني
قالت قدورة وهي تهز راسها : احسان كانت جايه تفك العمل ..نظرت لها حميده باستنكار : يعني مش احسان
هزت قدورة راسها ووضعت المزيد من البخور : لا ...دي مراته الأولانيه
استنكرت ملامح حميده لتتابع قدورة : ربطته عن الخلفه قبل ما تموت
انزعجت كل ملامح حميده التي قالت بلهفه : والحل ....اعملي حاجه ياست الشيخه ..انا عاوزة اشوق لابني حته عيل
ضحكت قدروة بخبث وهي تقول : بس ده عمل شديد وبيحتاج فلوس كتير
قالت حميده بلهفه : هديكي كل اللي انتي عاوزاه بس فكي العمل لابني
قالت قدورة وهي تتقن دورها : مش هاخدهم ليا ...دي طلبات حارس العمل
اومات حميده لتخرج من صدرها بعض المال الذي تحمله وتضعه بين يد قدورة : خدي دول وبكره هشيع ليكي آللي انتي عاوزاه
خرجت حميده لتتبعها نظرات قدورة المنتصره...أسرعت إليها تلك المراه التي وقفت تتواري خلف أحد الأبواب حتي مغادره حميده : انتي محرمتيش ياقدوره ...مش خايفه من هادي بعد اللي عمله فيكي لما عرف أن احسان بتيجي ليكي
ضحكت قدورة بثقه : وانا اللي جبت امه ولا هي اللي جت برجلها
ازدادت ضحكتها مكرا وهي تتابع : كده البت وحماتها بقوا في أيدي اللي هتتملي فلوس منهم ولسه لما اشككها أن حد عامل عمل لبنتها هتبقي زي الخاتم في صباعي ..!
........
....
طال الطريق وكل منهم يحاول أن يتمسك بالصمت ولكن هادي لم يستطع الصمت أكثر ليستدير إليها ويتطلع الي هذا الكتاب الذي وضعته بين يدها تتطلع الي صفحاته : لساكي بتذاكري
هزت وصال راسها وأغلقت الكتاب قائله : لا ... ده كتاب عن الاطفال بقراه
تنهد قائلا ليفتح معها اي حديث بدل من الصمت : وبيقول ايه الكتاب ده
وجدت نفسها تلقائيا تتحدث معه عما يدور عنه الكتاب لتختم حديثها بينما يتجلي الحزن بنبرتها : كنت هطبق الموضوع ده علي قسم الاطفال في المستشفي بس خلاص بقي
انزعج من حزن نبرتها ليقول : وخلاص ليه ....هما الخسرانين
ابتسمت ساخره : انا اللي اتوقفت عن شغلي مش هما
تنهد بضيق نابع من احساسه بالذنب ليستدير إليها قائلا : الا قوليلي يا وصال ماهيتك كام علي كده ؟
نظرت له وصال وهي ترفع حاجبها : ايه ماهيه دي ....؟!.
قال ضاحكا : قصدي بتاخدي كام
نظرت له بقليل من الغيظ وقد فهمت مغزي سؤاله : هيفرق في ايه باخد كام ....ال salary مش كل حاجه في الشغل
ضحك وهو يعقد حاجبيه : ايه اللي قولتيه ده ياكتورة
هتفت به بغيظ : قصدي المرتب مش كل حاجه وبطل ضحك مش بقول نكته انا بتكلم جد ...مش كل حاجه الفلوس يا ....معلم
اوما لها وهو يوقف ضحكته : وماله بس برضه بتاخدي كام ... اهو عرفي الجاهل اللي زيي الدكتورة اللي زيك بتاخد كام ...بنتكلم يا بنت الناس قولي قولي
هزت راسها بصمت لينظر لها هادي ويحثها أن تتحدث : الطريق لسه طويل ياوصال خلينا نتكلم ونقصره
نظرت له ورفعت حاجبها : نتكلم في ايه !!
قال وهو يهز كتفه : في اي حاجه ...سألتك سؤال ردي عليه
رفعت اصبعها أمام وجهه : بس مش هترجع تتكلم في اي حاجه تخص اللي فات
اوما لها وقال بمكر : ها بقي ...بتاخدي كام
هتفت بضيق وهي تشيح بوجهها برقم مرتبها الذي كما توقعت سيسخر منه وبالفعل كان هادي يرفع حاجبه باستفهام : ودي يوميه ولا شهريه ولا البتاع السالري اللي قولتي عليه
انتفخ وجه وصال بالغيظ : اسمه salary يعني مرتب
حك هادي ذقنه وقال بمشاكسه : ولو الماهيه نطقتيها بالانجليزي هتزيد يعني ....
ده الكام الف دول ماهيه الصبيان اللي شغالين عندي في اسبوع واحد مش شهريه دكتورة تليق بيها
التفتت له بغيظ : قولتلك المرتب مش كل حاجه
اوما لها : معلوم بس الفلوس علي قد التعب ..احنا بنقولها كده ولما يبقي الصبي بياخد اكتر من الدكتور يبقي في حاجه غلط ..حك ذقنه وتابع بتأثر زائف : تصدقي صعبتي عليا يا دكتورة
زمت وصال شفتيها بحنق وهتفت به بتوبيخ : جايز الدكتور ولا المدرس مرتبهم صغير بس بيأدوا رساله وبعدين برضه انا بشتغل في مستشفي حكومي يعني لو اشتغلت في خاص ولا فتحت عياده اكيد هكسب كتير يعني مصعبش عليك
مال ناحيتها لتتراجع وصال بظهرها ما أن اقترب وجهه من وجهها لتلمح العبث في نظراته وهو يقول : يعني لو اشتغلتي دكتورة في مستشفي خاص هتكسبي فلوس كتير وبرضه هتبقي بتعملي شغلك اللي مقهورة عليه
اومات وصال دون أن تفهم المغزي وراء كلماته لتبتسم عيناه بمكر بينما يتابع : طيب ما ايه رايك اكون انا العيان وانتي الدكتورة الخصوصي بتاعتي وتاخدي مني عنيا مش بس كام الف
بغيظ شديد لكمته وصال في صدره لينفجر هادي ضاحكا بينما توبخه وصال : تصدق اني غلطانه عشان اتكلمت معاك وصدقت انك مش هترجع تتكلم تاني في نفس الموضوع
تابع هادي ضحكته وهو يقول بثقه : الحاجه الوحيده اللي لازم تصدقيها اني مش هبطل كلام غير وانتي ليا !!
هتفت وصال من بين اسنانها بحنق : عشم ابليس في الجنه
قال هادي بمشاكسه بينما عيناه تطوف بملامح وجهها الغاضب : من جهه جنه فهي جنه وبأمر الله هدخلها
انتفخت وجنه وصال بالغيظ وادارت وجهها تجاه النافذه وهي تتبرطم بغيظ من هذا الإصرار الذي يزداد ولا يقل !
............
...
أوقف دياب الكبير حفيده بنبره أمره بينما اندفع دياب الي الباب : رايح علي فين يا دياب ؟
قال دياب بانفعال : رايح اشوف حالنا يا حاج
نظر له دياب الكبير بتوبيخ : وانا كنت لسه هستني تشوف ...خلاص انا خلصت كل حاجه
فرك دياب وجهه بحنق شديد من ضغط جده عليه لينفلت لسانه بامتعاض : ولما هو خلاص يا جدي جاي تبكت فيا ليه ؟!
قال دياب الكبير بحزم وهو يدق الأرض بعصاه : عشان انت دراعي اليمين ومينفعش تغلط
لم تستطيع بهيه أن تصمت أكثر لتتجه ناحيه جدها تناجيه بنظراتها أن يهدأ ولا يضايق دياب أكثر وهي تقول : يا جدي غصب عنه كان بعافيه
التفت دياب الي بهيه بحده رافض دفاعها عنه لتتحرك عيون دياب الكبير بنفس اللحظه تجاه حفيده ويسأل بنبره يشوبها القلق : مالك يا دياب
رفع دياب رأسه باعتداد ورفض أن يقرء القلق في عيون أو نبره جده : مفيش يا حاج ...بعد اذنك هشوف اللي ورايا
أوقفه دياب مجددا : شوف صحتك الاول ...انا خلصت كل حاجه
اسرعت دنيا تتدخل في المشهد وتقول : تسلم يا جدي ...انا هاخد دياب يرتاح بعد ما يفطر ....ده محطش لقمه في بوقه
زمت بهيه شفتيها ونظرت الي دنيا باستنكار بينما فضحت كذبتها بنفسها لتتهرب دنيا من نظرات بهيه الغاضبه وتقترب من دياب الذي أوقفها مكانها بنظراته الحاده قبل أن يستدير ويتجه الي الباب بخطوات حانقه!
........
...
قبل أن تمد وصال يدها الي حقيبتها كانت يده تسبقها وتحملها عنها ....خلاص شكرا يا هادي سيب الشنطه وانا هشوف تاكسي
قبل أن تكمل جملتها كان يوقف هو أحدي السيارات الاجره ويضع حقيبتها بالخلف ثم يفتح لها الباب لتتفاجيء به يدخل الي جوارها
نظرت له باستنكار : برضه
اوما لها وأشار إلي السائق أن ينطلق ....تنهدت بضيق وكان علي لسانها كلماتها الحانقه بأنه لم يتغير لتقع عيناها بينما جلس بالقرب منها علي تلك الشعيرات البيضاء التي تخللت بعض خصلات شعره الاسود الحالك علي استحياء ....طافت عيناها ببطء تتأمل جانب وجهه المنحوت ومجددا تري بعض الشعيرات الرماديه تتخلل لحيته الكثيفه لتنفلت من صدرها تنهيده وتقول بحنين لم تقصده : اتغيرت يا هادي
التفت لها لتتقابل أعينهم عن قرب فأسرعت وصال تخفض عيناها بينما علي استحياء يشعر كل منهم بقرب انفاس الاخر فتتوهج المشاعر التي ظنوا أن جذوتها خبت قبل سنوات عبرت عنها نبرته بينما يقول بحنين جارف : عشر سنين مش قليل يا وصال
تنهدت هي الأخري وهزت راسها ليبتسم هادي ويسألها حينما خفضت عيناها وقد ظنها تتحدث عن هيئته : قصدك اني مبقتش البس جلابيه
هزت وصال راسها بينما لم تفكر بأن هذا مقصدها لتقول وهي ترفع اصبعها وتشير الي جانب شعره : توء ...شعرك ابيض !
ضحك هادي بهدوء وهز كتفه : قولتلك عشر سنين مش شويه ....عدي العمر والأربعين قربت عليها
شعرت بثقل كلماتها لتقول باعتذار : مش قصدي ...انا بس ... يعني استغربت لما شوفت كام شعره بيضا في شعرك
ابتسم لها وتجرأت يداه بعفويه ليلمس خصلات شعرها : بس انتي لسه شعرك اسود ليل زي اخر مره شوفتك
ارتبكت وصال من غزله ولمسته فسرعان ما أخفت ارتباك مشاعرها وهي تضرب طرف يداه وتهتف به : اوعي ايدك واياك تعمل كده تاني
ضحك هادي وهز رأسه ليختطف نظراتها بجرأه نظراته وهو يقول بصوت هامس : حاضر بس يكون في علمك هعمل كده لما اتجوزك !
اندفعت الحمره الي وجه وصال التي سرعان ما أبعدت عيناها عن مرمي نظراته تستعجل انتهاء الطريق حتي تهرب من حصاره لها ..!
....
.......
عقد دياب حاجبيه حينما لمح توقف تلك السياره الاجره أمام المنزل الذي كان يخرج منه للتو ليضيق عيناه يتبين من بداخلها وسرعان ما لمح هادي ينزل ومن خلفه وصال التي وقفت مكانها تتطلع إليه للحظه بعتاب ولكن سرعان ما غلبتها ابتسامتها التي ابتسمتها له باشتياق انتظرت أن يبادله لها وهاهو ينطق اسمها بحراره : وصال
اومات وصال له وقالت بابتسامه حلوة : انا جيت يا دياب ...!
زغرودة عاليه انطلقت من لسان بهيه التي كانت تتبع دياب وسرعان ما تهلل وجهها حينما رأت وصول وصال لتسرع إليها بترحيب : نورتي البيت والدنيا كلها ...يا الف حمد الله علي السلامه
احتضنتها بفرحه غامره وهي تنادي بصوت عالي : أمه مهجه .....أمه مهجه .... الدكتورة وصال جت
اسرع هادي يحاسب السائق بعد أن أنزل حقيبه وصال لتتقابل عيناه بعيون دياب الذي ابعد أخته قليلا عن حضنه وسألها باستنكار : ايه اللي جاب ابن الغزولي معاكي ؟!
قبل أن تجيب وصال كانت والدتها تخرج بخطي راكضه ومن خلفها دياب الكبير والجميع يهلل ويرحب بعودتها بينما نظرات دياب تكاد تفتك بهادي ...!
: مردتيش يا وصال عليا.....تدخل هادي بجراه قائلا : مرضتش اسيبها تعاود لحالها وجبتها لغايه البيت
هتف دياب بحنق : وانت مالك ومالها ....داخل البلد بيها ليه ..تخصك في ايه ؟!
هجوم ضاري شنه دياب بغيره علي أخته ليتدخل دياب الكبير قائلا : هادي متكلم عليها يا دياب وانت عارف
زفر دياب بضيق : ولو يا جدي ...برضه ازاي يجي معاها قدام الناس كده
تدخلت وصال تقول بهدوء : محصلش حاجه يا دياب ...نظرت إلي هادي وتابعت لتخفف من حده الموقف : زيه زي غريب راكب معايا
قال هادي بغيظ : تسلمي يا بنت الناس ...اشار الي دياب وتابع بهدوء : اهي قالتلك زي اي غريب ....يا ابو مصطفي اعتبرني السواق
هتف دياب الكبير بهم : وبعدهالكم يا رجاله واقفين تناطحوا في بعض زي الديوك ليه
هنا تدخلت بهيه وهي تجذب يد وصال : تعالي يا دكتورة ارتاحي من تراب السكه وسيبيهم يناقروا في بعض
دخلت وصال برفقه والدتها و بهيه التي لم تتوقف عن الترحيب بها ..!
رفع دياب إصبعه أمام وجه هادي وقال بتحذير : مش هعيد اللي قولته قبل سابق يا هادي ....متقربش ناحيه اختي
هتف دياب الكبير بامتعاض مدافعا عن هادي الذي نفذ وعده واعاد حفيدته :قولتلك متكلم عليها يا دياب
هتف دياب بانفعال : لما تبقي توافق الاول ياجدي ..!
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم
أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك