الفصل الثامن والاربعون بساط السعاده

0


 


( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

نظرت وصال الي هادي باتهام : واللي انت بتعمله ده ايه ؟! 

واجهته بعيون امتلئت غضب وحقد تخفي به عتابها الذي تغلغل بنبرتها التي خرجت متحشرجه بالدموع : بتعاقبني عشان مش قابله كذبك عليا 

خفض هادي عيناه للأرض وهز رأسه وقال بغصه حلق بينما تشعشع الخجل بملامحه : مش بعاقبك يا وصال 

هتفت به بغضب : امال جايبني هنا ليه ؟! غاصبني افضل في البيت ده ليييه ؟

ازدادت الغصه بحلق هادي الذي قال بمراره : فكرك انتي لوحدك اللي مغصوبه تفضلي هنا ! 

تحشرج صوته بينما يتابع : انا كمان مغصوب واكتر منك ولا فكرك سهل عليا اقعد مع امي اللي غدرت بيا ...انا اكتر واحد مش طايق اقعد هنا 

رفعت وصال عيناها إليه وهتفت ساخره :  طيب انا وانت مقعدني غصب عني انت ايه اللي غاصبك !

قال هادي بقناعه مريرة : ازاي ادور ضهري تاني كلكم بعد ما امنتكم وانتوا خنتوا ثقتي ....ثقلت أنفاسه بينما يتابع : امي احسان ونشوي وحتي ....تمهل قبل أن يختم حديثه : انتي !

اتسعت عيون وصال وهتفت باستنكار بينما لا يستوعب عقلها كيف بلحظه قلب الطاوله وتحول الي الضحيه : 

انا !! انا خونت ثقتك امال انت عملت ايه 

هز هادي رأسه وتنهد بحراره هاتفا : 

مش قصدي انك زيهم ...نظر إلي وجهها وتابع :  انتي خلفتي وعدك معايا بعد اتفاقنا 

انفجرت وصال بحنق شديد : مكانش اتفاقنا تشتريني من جدي ولا الاقيك عند احسان ...غص حلقها بينما تضغط حروفها وهي تنهي جملتها : في اوضتها 

هز رأسه وقال سريعا بينما يرفض أن تتوجع بنار الغيره ولو لحظه: محصلش حاجه ....والله يا وصال ما في اي حاجه ....يومها ...أخبرها بما حدث يومها لتوقفه وصال بحنق : ميهمنيش اللي بتقوله ....مش عاوزة اسمع تبريرات 

نظر لها هادي بعتاب : امال عاوزة ايه 

اشاحت وصال بوجهها هاتفه بإصرار لا يتزحزح : عاوزة امشي من هنا 

صمت هادي ولم يعقب لتنظر له وصال بغضب هاتفه : ساكت ليه ....؟!  رد ! 

قال هادي بصبر : قولت واتفقنا ....امسك بذراعها برفق وتابع برجاء متأملا  : 

خلينا نرجع بيتنا وانا هعوضك عن كل اللي عملته 

كذبتي اللي كنت خايف منها عرفتيها وعرفتي أنه غصب عني ...غلطت لما مقولتش وغلطه جرت غلطه بس انا عملت كده من خوفي انك تبعدي عني ....نظر إلي عيونها وتابع بمزيد من الرجاء : 

بايدك تديني فرصه وتصلحي اللي بينا ....بيتنا يستاهل أنه ميتهدش 

هزت وصال راسها وسحبت ذراعها من يداه بعنف هاتفه : 

لا ميستاهلش

هز هادي راسه وقال بإصرار : يستاهل يا وصال ...بيتنا و اللي بينا يستاهل ....اللي بينا كبير ...سنين حب 

هل الان يتذكر ما بينهم ويعاتبها عتاب المحبين الذي رفضته وصال وهي تنظر إلي عيناه هاتفه بغضب : ضيعت كل اللي بينا باللي عملته 

قال بقلب متوجع لا يأمل إلا الصفح : غصب عني ....!

زمت وصال شفتيها ونظرت إليه بينما لا يستحي أن ينظر لها بهذا الرجاء : طيب اول كذبه غصب عنك .... اتفاقك مع جدي ودياب كمان غصب عنك ...لما تدفع تمن سكوتهم غصب عنك 

قال هادي مدافع عن نفسه : انا قولت ليهم ....هز رأسه وتابع : مش هكذب واقولك روحت بنيه بريئه ..لا انا روحت عشان يقفوا معايا لما تعرفي كنت عاوز اضمنهم في صفي 

احتقن وجهها بالغضب لتزجره :  وبعدين 

قال هادي وهو يخفض عيناه للأرض : جدك اللي طلب 

هل من أنه ينقذ نفسه هكذا لتزجره بغضب : وانت وافقت ! 

اوما هادي قائلا :  حصل بس أشيل ذنبي مش ذنب غيري ...جدك اللي طلب وانا وافقت عشان بحبك 

هتفت به وصال بغضب شديد بينما مهما قال لن ينقذ نفسه من براثنها : انت عارف أنه طماع وقصدت توافق عشان تضمن سكوته ...! هو باع وانت اشتريت 

هز هادي راسه قائلا :  مقصدتش تبقي كده ...نظر إليها وقال برفق : عندك حق تشوفيها كده بس انتي عارفه اني اشتريكي بروحي مش بشويه فلوس وجدك ميقصدش يبيعيك هو كان برضه بيفكر يضمن حقوقك 

رفعت وصال حاجبها وقالت ساخره : ولما انتوا نيتكوا صافيه اوي كده مقولتش ليا ليه ...زمت شفتيها وتابعت بسخط شديد : ليييه مجتش اتكلمت وقولت 

قال هادي بخزي وهو لا يجروء علي النظر إليها : 

كل يوم كذبتي كانت بتكبير وأيامي معاكي بتحلي اكتر ... طمعت افضل في الحلو ده ومفيش حاجه تعكر سعادتي معاكي 

قبل أن تقول شيء كان يرفع عيناه إليها ولا يمل ابدا من تكرار سببه : يا وصال انا غلطان عشان كذبت عليكي بس والله عشان بحبك 

نظرت له وصال بخزلان هاتفه : 

ضيعت ثقتي فيك وفيكم كلكم .....رفعت إليه عيناها بينما خانتها نبرته التي  تحشرجت بالدموع : مستني مني اعمل ايه ...اسامح !

سرعان ما أزاحت تلك الدمعه من علي بوابه اهدابها وتابعت بإصرار وهي تنظر إلي عيناه : 

بتحلم !!

عمري ما هسامح حد فيكم !

زمت شفتيها وتابعت : بابا كان عنده حق لما بعدني عنكم ! 

طأطأ هادي رأسه بينما انهكه طول الطريق الذي كل محادثه بينهم يقطعه بأمل وفي النهايه يجده مسدود ليقول بنبره خاويه : والحل 

هزت كتفها قائله : ملهاش حل ....طلقني ! 

هز راسه برفض ؛ قولتلك الف مره مش هعملها 

قالت وصال بنفس الرفض : وانا قولتلك الف مره هتطلقني وهمشي من هنا 

انفلتت اعصابه ليصيح بانفعال : تروحي فين .... !!

امسك بكتفها وتابع بلوعه : لو قولتي كلمه واحده منك وانا عارف ان كلمتك عهد فورا هاخدك بيت أهلك ...هز رأسه حينما راس رفضها :  بلاش اهلك ارجعي بيتك والست ام دياب تقعد معاكي تراعيكي ....أخرج هاتفه من جيبه وتابع : انا دياب عشان تطمنني امك عليكي زمانها هتموت من قلقها ....حاولت وصال جذب الهاتف من يده وهي تقول سريعا : اياك !

نظر لها هادي بدهشه : 

مش عاوزة تطمنني امك !

اشاحت بوجهها وسخرت بمراره : عاوزهم يعرفوا مكاني عشان يرجعوني ليك بالعافيه 

هز رأسه وقال بجديه : 

لا ....ورحمه ابويا مكانش نيتي الا أنهم يتطمنوا عليكي محدش هيجبرك علي حاجه ...اخوكي وعدك وانا بوعدك عمري ما اجبرك علي حاجه 

قالت وصال بخزلان : مبقتش اثق في كلامك 

غص حلقها وتابعت : ولا بقيت اثق فيهم كمان 

عقد حاجبيه متسائلا باستنكار : يعني بتعاقبيهم ببعدك وقاصده ميعرفوش عنك حاجه 

لم تقل شيء ولكنه محق ليسخر هادي بمراره : 

وعاوزاني بعد كلامك اسيبك تطلعي من هنا !

هز رأسه وتابع بجديه : لا يا وصال ..انا اول مره عرفت اجيبك من بيت ابوكي وتاني مره ربنا ساقني وعرفت مكانك بس بعد كلامك ده يا عالم اعرف طريقك ولا لا ....نظر لها وتابع بإصرار : وعشان كده 

هتفضلي قدام عيني ولو عاوزة نجمه من السما اجببهالك لغايه عندك ....يوم اتنين عشره الف لغايه ما تهدي وتفكري بعقلك ....

حطي قدامي شروطك وانا هنفذها... ارجعي بيتك  وحتي متكلمنيش ولا تكلمي أهلك بس تبقي في بيتك وعارفين طريقك .... بس كده انا ماليش الا طلب واحد وهو انك تبقي في بيتك أو بيت أهلك 

عشان ابقي مرتاح ومطمن

تركته وصال يتحدث حتي انتهي لتنظر له باستخفاف ساخره بقصد : اهو بقي راحتك دي انا معنديش حاجه اعملها الا اني اقلقها ....تغيرت نبرتها للوعيد وهي تتابع : اي حاجه توجعك هعملها ....عقدت يدها حول صدرها ونظرت له بتحدي وهي تتابع : انت متعرفنيش لسه يا هادي ولا تعرف انا اقدر اعمل ايه .....ولو فاكر يوم اتنين هنسي تبقي غلطان انا مسيري هخرج من هنا ومش هتطلق منك في قعده لا ده انا هرفع عليك قضيه وهعيش في المكان اللي انا عاوزاة انا وابني .....تركزت نظرات الوعيد بعينها بينما تضغط علي كلماتها : ابني أو بنتي اللي كل يوم يعدي هحكيلهم فيه اد ايه ابوهم كداب وهخليهم يكرهوك ده لو اصلا عرفت طريقهم ... واسألني انا معني انك تعيش حياه زي دي بس دي جزاتك عشان اللي عملته ....لاحت ملامح الالم علي وجهه ولكنه تقبل كل ما تقوله فهو مجرد كلمات تفرغ بها غضبها الذي ليس له نهايه ...كل ما تقوله تقوله من وجعها فليس عليها عتاب أو لوم ...لا يتخيل أن تجعل طفلها تعيس وهي من ذاقت مراره تلك التعاسه ..هي فقط تهدد وتندد لتختم حديثها الذي استمع له بصمت : وانت اي حاجه تبعدني عنك يااهلا بيها 

نظر لها وهز رأسه بموافقه :  يعني هتبدأي الحرب ...نظرت له بتحدي ليتابع بابتسامه هادئه : يبقي عاوزة صحه عشان تقفي قصادي ...كلي عشان صحتك !

اغتاظت من هدوءه لتدفعه بصدره هاتفه : 

ميخصكش واطلع برااا

........


مالت سمر لتلتقط بضع حبات من الطماطم التي افترشتها أحدي النساء لتضعها فوق الميزان ....انتظرت أن تكيل المراه لتلتفت الي تلك التي وقفت الي جوارها وأخذت تنقي من الخضار هي الأخري والتي ما أن لمحتها حتي قالت : ام عبد الله ...ازيك يااختي عامله ايه ؟!

ابتسمت سمر بهدوء قائله : الحمد لله يا ست شكريه انتي عامله ايه ؟

قالت شكريه وهي تربت علي كتفها: الحمد لله...تطلعت الي وجه سمر الذي مازال يحمل القليل من آثار ندوب جروحها وتابعت : انتي عامله ايه دلوقتي يااختي ...قبل أن تجيب سمر كانت شكريه تتابع وهي تلوي شفتيها : منها لله اختك !

تغيرت ملامح سمر وبدأ قلبها يهدر بسرعه حينما داعبت تلك الذكري السيئه عقلها ....تابعت شكريه وهي تمصمص شفتيها : بقي في اخوات كده ...!! تعمل فيكي كده وليه ؟! 

ازدادت قطبه جبين سمر التي تذكرت وصمه اختها لها بالباطل لتحاول أن تغادر قائله للبائعه : يلا يا ام احمد خليني امشي 

نظرت لها شكريه قائله : علي فين ما احنا واقفين ....تنهدت وتابعت : انا قولت الدنيا اتقل خيرها لما سمعت ...بقي اخت تعمل في اختها كده عشان الفلوس 

عقدت سمر حاجبيها وسرعان ما فتحت فمها لتدافع عن نفسها ولكن شكريه تابعت : وهي ناقصه فلوس عشان الورث تقوم تعمل فيكي كده 

اهتزت نظرات سمر باستفهام : ورث ايه ؟!

قالت شكريه : حته القيراط بتاع امك الله يرحمها 

لم تفهم سمر لوهله وارادات أن تتحدث ولكن ماذا تقول : مين قالك الكلام ده ؟!

قالت شكريه وهي تميل علي سمر  : انا سامعه الكلام من الست وداد نفسها ....لوت شفتيها وتابعت : يلا منها لله اختك واهي اخدت جزاتها 

رفعت البائعه الكيس لسمر قائله : خدي يا ام عبد الله 

اخدت سمر الكيس بملامح مشتته بينما داعبت طرف شفتيها ابتسامه علي استحياء وهي تري البائعه تشارك بالحديث : الفلوس تغير النفوس يا شكريه يااختي بس سمر غلبانه وبنت حلال ربنا نجدها 

سارت سمر وتركت النساء تتحدث بصدر رحب بينما حديثهم به إنهاء تلك الوصمه التي سبق وانتشرت عنها لتجد قدمها تأخذها خطوات وخطوات وتتوقف لدي مدخل الوكاله بتردد انهته وهي تتحرك الي حيث وكاله المعلم ياسين 

رفعت وداد راسها تجاه ذلك الصوت الهاديء الذي خرج من سمر بينما تقول: السلام عليكم ياابله وداد 

خشيت للحظه حينما وجدت صمت من جانب وداد وسرعان ما زجرت نفسها بندم أنها جاءت لتتفاجيء بوداد تقوم من خلف المكتب وتسرع ناحيتها بترحاب كبير لم تتوقعه خاصه بعد أرخ موقف بينهم : يا اهلا يا اهلا الوكاله نورت ...ده ايه الخطوة العزيزة دي 

رمشت سمر باهدابها الكثيفه للحظه تستوعب ذلك الاستقبال الحار من وداد التي اخذتها بحضنها لتجد سمر متجمده مكانها لذا رفعت عيناها إليها وقالت برفق تغلغل به الاعتذار : لساتك زعلانه مني يا سمر ...ضمتها إليها مجددا وتابعت : حقك عليا متزعليش 

هزت سمر راسها وقالت بحياء : مقدرش ازعل منك يا ابله وداد ...حمحمت وتابعت : انا جيت اشكرك 

خفضت عيناها بخجل وتابعت : علي اللي قولتيه لشكريه عني 

ربتت وداد علي كتفها برفق قائله باعتذار : انا اللي واجب عليا اتأسف ليكي ....مكنتش اقصد وغصب عني صدقت كلام ال** ده بس اهو أنا اتعلمت الدرس 

هزت سمر راسها وقالت بابتسامه بينما تتذكر ما فعله ياسين بشهامه : حصل خير يا ابله وداد 

قالت وداد بتأمل وهي تنظر إلي سمر ذات الجمال الهاديء : يعني مش زعلانه مني 

هزت سمر راسها والتفتت لتغادر قائله : مش هعطلك بالاذن ياابله ود.....ضاعت باقي كلماتها وشهقت بهلع بينما انزلقت أحدي قدميها عن تلك الدرجه الحجريه وكادت تقع لولا ذلك الجدار الصلب الذي تلقفها بين ذراعيه ...!

استعادت سمر اتزانها ووضعت كلتا قدميها علي الأرض ولكن قلبها كان يحلق الي السماء دافع بحمره الخجل الي وجنتيها حينما وجدت نفسها تستند الي صدر ياسين الذي لم تكد الابتسامه تغزو ملامحه حينما اقترب ورأها بداخل وكالته مع أخته حتي هلعت ملامحه واسرع يمسك بها قبل أن تقع .....دق قلبها بجنون بينما استشعرت دقات قلبه القويه اسفل يدها التي استندت الي صدره بعفويه 

بخجل شديد أبعدت يدها وتراجعت خطوه للخلف وهي تقول بتعلثم : انا ...انا ....كان ياسين الاسرع في السيطره علي مشاعره بينما ابتسم بترحيب : انتي منورة الوكاله ياأم عبد الله 

ابتسمت سمر وخفضت عيناها بخجل بينما لاول مره تستشعر تلك المشاعر التي جعلت قلبها الذي تحول لأرض قاحله ارهقتها جفاف المشاعر والحنان : تشكر يا معلم 

مال ياسين ناحيتها وهمس بمشاكسه : تاني معلم 

ضمت سمر شفتيها بخجل لتبتسم وداد الواقفه تتابع مايحدث والتي سرعان ما قالت : انا هروح اشوف المعلم اشرف ...اقعدي يا سمر شويه يااختي وهبعت الواد سوكه بكوبايه لمون عشان الخضه اللي اتخضتيها

هزت سمر راسها وقالت بخجل : لا لا مفيش داعي يا ابله وداد انا كنت ماشيه 

نظرت إلي ياسين وقبل أن يستفهم كانت تتابع : انا جيت اشكر ابله وداد علي اللي عملته معايا 

ابتسم ياسين برضي لأخته التي قالت : متقوليش كده ياسمر انا بصلح غلطتي 

اومات سمر واستدارت لتغادر ليوقفها ياسين قائلا : مش ناسيه حاجه يا ام عبد الله 

نظرت سمر له باستفهام ليبتسم بمكر بينما يتابع : مش في ميعاد بيني وبين عبد الله ولا مش عاوزيني اجي اشرب عندكم شاي 

خفضت سمر عيناها بخجل لتقول وداد سريعا : لا شاي ايه ده احنا هنشرب شربات بإذن الله 

ضمت سمر شفتيها التي انفرجت بالابتسامه الخجوله لتربت وداد علي كتفها : النهارده بعد المغرب هنيجي عندكم يا سمر 

اومات سمر بخجل واسرعت لتغادر ولكن ياسين أوقفها وهو يشير لأخته : بينا يا وداد نوصل سمر البيت 

قالت سمر بخجل بينما أسرعت وداد تلتقط شالها الصوفي وتضعه حول كتفها : مفيش داعي يا معلم 

هز راسها بإصرار لتاخذها وداد ويسبقون ياسين ببضع خطوات تتجاذب معها أطراف الحديث ..!

........

....

وضعت مهجه طرف الغطاء علي الصغار الذين ناموا بينما لم يغمض لها جفن وقد ارهقها السهد لتخرج من صدرها تنهيده حاره تحمل الم قلبها ....قامت من جوار الصغار وخرجت من الغرفه وقلبها مثقل بالهموم التي لم يعد يحتمل ابقاءها بداخله 

لتجد نفسها باندفاع تفتح باب غرفه ابيها الذي هي من نومه ونظر الي ابنته باستفهام : في ايه يا مهجه ؟

قالت مهجه بقلب متوجع وعيون امتلئت حقد : في انك نايم يا ابويا ....غص حلقها وتابعت بوجع : جايلك نفس تنام وتاكل وتشتغل ولا كأن بنتي ضايعه مني ...!

عقد دياب الكبير حاجبيه باستنكار : بنتك اللي ضيعت نفسها يا مهجه ...انتي جايه تحاسبيني 

اومات مهجه بجراه مدفوعه بغضبها من نفسها الضعيفه اولا ثم من سطوه ابيها : أيوة يا ابويا ...بنتي ضيعت نفسها بسببكم ... كلكم غدرتوا بيها ويا عالم عملت في نفسها ايه 

انهمرت الدموع من عيونها بينما تتابع بقهر : انا قلبي بيقولي اني مش هشوف بنتي تاني ....بنتي راحت مني 

بالرغم من غضبه الا ان بكاء مهجه مزق نياط قلبه ليقوم دياب الكبير من فراشه ويتجه لابنته التي جثت علي ركبتيها تبكي بقهر جعل شهقاتها تتعالي ليربت علي كتفها : بزياده يا مهجه تعملي في نفسك كده 

قالت مهجه بقلب ملتاع : اعمل ايه يا ابويا وانا قلبي والع نار علي بنتي 

قال دياب الكبير بأمل : اخوها راح يدور عليها 

هزت مهجه راسها وقامت وهي تستند الي الحائط : انا رايحه ادور علي بنتي 

نظر لها دياب الكبير باستنكار : تدوري عليها فين بس ؟

قالت مهجه ببكاء : هخبط علي باب باب في البلد ...هشيل حجر الأرض وادرو عليها 

امسك دياب بكتفها وقال برفق : وفكرك انا معملتش كده ...بنتك ملهاش اثر 

لطمت مهجه وجهها هاتفه ببكاء : يبقي حصل لها حاجه 

غامت ملامح دياب الكبير بالألم لتنظر له مهجه بقهر هاتفه : انا مش هسامحك ابدا ياابويا لو بنتي حصل لها حاجه ..انت السبب ..انت السبب

نظر لها دياب الكبير باستنكار وهتف بسخط : انا الي قولتلها تطفش

هزت مهجه راسها وقالت بقهر واتهام : انت خليت ميبقاش ليها مكان تروح له .... انت اللي بيعتها وقبضت التمن كنت مستني منها ايه يا ابويا 

رفعت إليه عيناها الباكيه وتابعت باتهام شديد : كان لازم تطفش طالما أهلها باعوها ولا مستني منها تشترينا 

اندفعت إليها الذكريات لتتابع بجراه لم تجدها في نفسها من قبل لتخرج ما دفنته بقلبها سنوات طويله : انت السبب في فرقتنا انا وأبوها ....انت آللي مقولتش ليا حافظي علي بيتك عشان مهاب مش زي هادي معاه يدفع تمن سكوتك ...انت اللي ناطحت مهاب في جوازتها وكبرتها في دماغ هادي وخليته يناطحه لولا كده كان جايز ابوها سمع منه ...انت اللي خليتها تحس انها بيعه وشروه لما خدت تمن سكوتك عن كذبه هادي .... انت يا ابويا .. انت السبب 

خرجت من الغرفه وهي تتابع بقهر : حقك عليا يا بتي ..حقك عليا ...معرفتش اخليكي تكبري بين ابوكي وامك ..حقك عليا اني عمري ما عرفت اجيب لك حقك 

وقف دياب الكبير بوجه مكفهر بينما صوت مهجه يتردد في أذنه وينغرس بقلبه وكأنه سهام حاده !

.......

.......

: هادي !

تجاهل هادي حميده التي اقتربت حيث جلس في أحد المقاعد بالحديقه ....مجددا نادت اسمه وهي تقف أمامه : هتفضل مخاصم امك يا هادي .

اشاح هادي بوجهه هاتفا : انا عاوز اقعد لوحدي 

قالت حميده بسخط : يعني كل الي قولته ولا سمعت منه كلمه ...قولتلك عملت كده عشان خايفه عليك 

ازدادت نبرتها سخط بينما تتابع : بص لحالك وشوف انت عامل ازاي .....البت عامله ليك عمل المحبه عشان تعلقك بيها 

هب هادي من مكانه والقي نظره ساخطه الي والدته التي مازالت تعيش بتلك الاوهام ليتركها ويندفع الي الداخل !

.........

...

هزت وصال ساقها بعصبيه تاره وقامت تقطع الغرفه ذهابا وإيابا تاره أخري ...تغرس يدها بخصلات شعرها بغيظ ....تكور قبضها ...تركل الباب ..تضرب النافذه ..تتجاهل الالم الذي تشعر به يزداد وتقاوم شعور الغثيان وتتطلع الي الدواء برفض ونفور كما حال ذلك الطعام الذي لم ييأس من إحضاره لها ....اخيرا تهاوت علي الاريكه بارهاق وشعورها بالجوع يفتك بها كما حال احساسها بالغثيان لتدفع بكل تلك الأحاسيس بغضب بعيدا عنها وتغمض عيناها وتستسلم للنوم ....بهدوء اغلق هادي الباب خلفه حينما رآها نائمه ليتجه ناحيتها وهو يتحرك بهدوء شديد ....وضع من يده الفاكهه التي تحبها القشطه ثم بقي واقف يتطلع إليها بعد أن وضع فوقها الغطاء ....عنيده لم تتناول شيء وهو يخشي عليها ...! بقي يفكر ماذا يفعل ...كلما تحدث معها ثارت أكثر 

ولا يستطيع تركها .....هل تقبل أن أخذها لمنزل ابيها وبقي معها ...مساومه فكر أن يعرضها عليها ولكنه ليس بحل فهو ترك عمله وبقي في المنزل ولا يستطيع أن يفعل هذا طويلا لذا لن يعرض عرض كهذا ...! 

فكر أن يخبر عائلتها ولكن أن فعلها ستعاند أكثر 

أنه بخانه اليأس ولا يدري ماذا يفعل !

مضي الليل وحميده جالسه تغلي من الغيظ وهي تري ابنها بتلك الحاله فقط من أجل تلك !

وهاهو الصباح اتي ولم تشعر به وصال التي اغلق هادي الستائر السميكه حتي لا يدخل الضوء وتركها تنام بينما لم يطرق النوم جفونه ...!

أحاط خصره بالمنشفه وأمسك بأخري يجفف بها خصلات شعره وخرج بعقل شارد سرعان ما انتبه حينما وجد احسان تقف بوسط الغرفه وسرعان ما اتجهت إليه بخطوات متغنجه بينما افتتنت بتقاسيم جسده الذي مازالت قطرات المياه عالقه فوقه !

خرج صوتها هامس تنادي اسمه باغواء : هادي 

زم هادي شفتيه وهدر بها قبل أن تأتي بخطوه أخري : ايه اللي دخلك هنا ...انا مش حذرتك !

ضحكت احسان بدلال وقالت بينما ببطء تمد يدها الي ازرار عباءتها تفتح الواحد يلو الاخر لتظهر مفاتنها بسخاء من ذلك القميص الاسود القصير الذي أبرز منحنيات جسدها البض والذي يثير اعتي الرجال لتلقيها من فوق كتفها وهي تقول باغواء بينما تقترب منه 

: الضرورات تبيح المحظورات وانا خلاص مش قادره وعاوزاك يا هادي 

احتقن وجه هادي بالغضب وزجرها : ايه يابت اللي بتقوليه ده ...احترمي نفسك وبزياده مسخره 

هتفت احسان ببجاحه : مسخره عشان بطلب حقي من جوزي 

دفع هادي بعباءتها  عليها والتي انحني وجذبها من علي الأرض هاتفا :  مش جوزك واللي بتقوليه مسخره وقله حياء 

هزت احسان راسها هاتفه : لا انا لسه مراتك وتقدر تردني وانا حامل وطالبه جوزي ايه قله الحياء في كده ولا عاوزني ادور علي كل شعري مع واحد يشوف طلباتي 

امسك هادي بخصلات شعرها بغضب : اخرسي يا عديمه الربايه.... ده انا كنت اشرب من دمك 

ابتسمت احسان بالرغم من احساسها بالألم بينما يكاد يقتلع شعرها من جذوره : طول عمرك دمك حامي ....وضعت يدها علي صدره وتابعت بصوت مغوي : بحبك يا هادي وعاوزاك ...وحشتني اوي .....متقلقش مش هتكلم ولا اقول كلمه ...انا خدامتك خليني ابسطك ساعه وكل ما تعوزني هتلاقيني تحت رجلك ....!

ظلت تتلاعب بالكلمات والنظرات : هبسطك من غير ما الدكتورة تعرف والله ما هقول كلمه 

أبعدها هادي بغضب كما ابعد ذلك الشيطان الذي أخذ يوسوس له بحجه حاجته للراحه التي يستحقها ولكن عبثا أن ينال منه : اخر مره هحذرك تكرري عملتك دي ....ربنا فرض عليكي عدتك لغايه ما تولدي لولا كده كنت قولتلك غوري واتجوزي طالما ...** سخر بلفظ نابي 

من هنا لغايه ما تولدي اياك تكرري قله الحياء دي وبعد ما تولدي غوري في ستين داهيه اتجوزي بس انا متحلميش هقرب منك في يوم من الايام !

: حالا من نسيت حضني اللي كنت بنسيك فيه الدنيا ومكنتش بتقولي لا علي حاجه ....عملالك عمل 

زجرخا هادي باحتقار : الاعمال دي اختصاصك انتي يلا غوري من قدامي 

.........

...

خفضت احسان عيناها بينما تغلق ازرار عباءتها وهي تخرج من غرفه هادي ووجهها محتقن بالغيظ ..شهقت بهلع بينما كادت تصطدم بحميده التي زجرتها : ما تفتحي يا بت عليوة 

لوت احسان شفتيها هاتفه : ماخدتش بالي يا امه 

تمعنت حميده النظر في هيئه احسان وللتو فهمت لتمسك ذراعها بعنف هاتفه : انتي كنتي في اوضه هادي ليه يابت انتي ؟!.

رسمت احسان علي طرف شفتيها ابتسامه ماكره بينما تتشدق بدلال وهي تتابع اغلاق ازرار عباءتها ببطء : واحده وفي اوضه جوزها هتكون بتعمل ايه 

لوت حميده شفتيها بينما اندفع الغيظ الي ملامحها وهي تدير راسها تجاه باب غرفه هادي بعدم تصديق مزمجره : انتي بتقولي ايه يابت ....هو مش مطلقك؟!

قالت احسان بكيد وبرود : كنت بنضف الاوضه يا امه ...انتي فهمتي ايه !

اغتاظت حميده ونظرت في أثر احسان التي قالت : بالاذن يا امه هنزل اعجن شويه فطير احسن نفسي رايحه له 

زمت حميده شفتيها بحنق وسرعان ما اندفعت الي غرفه هادي تقتحمها وهي تهتف بغضب : انت رديت بنت عليوة !

زفر هادي بضيق ولم يجيب ليتجه الي المرأه يلتقط ساعته ويضعها بمعصمه لتتجه حميده خلفه وتزجره بغضب : رد عليا يا هادي ..انا امك 

لم يقل هادي شيء وتابع تجاهل حميده التي صكت اسنانها وهتفت بغيظ شديد : ماهو اسمع بقي انا كل اللي عملته عملته عشانك وانا اكتر واحده خايفه عليك لا بت مهجه ولا بت عليوة واحده منهم تنفعك 

نظر إليها بطرف عيناه وتابع تجاهلها لتتجه إليه بسخط متابعه : ده اخر قولي واعرف اني لو سمعت ولا عرفت انك رديت بت عليوة انا اللي هقول لبت مهجه واهي بجمله زعلك مني وابقي خلصت منهم هما الاتنين 

بالرغم من صمته الا أن صدره كان يغلي من الغضب بينما تتابع حميده بهمينه : بت عليوة ديتها تولد واخد منها العيل وترمي لها قرشين وتغور وبت مهجه كده كده مش جايبه واطي يبقي تغور هي الأخري ووقتها امك اللي هتنقي ليك عروسه تليق بيك وتربي عيالك الاتنين ... ايه قولك !

تواجهت نظراته بنظرات والدته التي بقيت تنظر إليه بتحدي كسرته نبره هادي التي خرجت محمله بغضبه الدفين : اول واخر قولي اياك تتدخلي في حياتي 

نظرت له حميده بعيون متسعه ليكرر هادي كلماته بتشديد : اياك تتدخلي في حياتي ...!

تركها وخرج صافق الباب خلفه بعنف لتزم حميده شفتيها وتفكر أنه بكل الحالات غاضب منها لذا لن تتراجع عما انتوته !

....

تأملت احسان خصرها الممتليء بينما انتفخت بطنها قليلا لتعلو نظراتها وتهبط تتأمل انعكاس صورتها بالمرأه للحظات قبل أن تطلق خصلات شعرها التي طالت الي خصرها بانسيابية وسرعان ما كانت تهتف بغيظ : ماسك في بت مهجه اوي كده ليه ....امال لو كانت حلوة زيي 

تنهدت وعشمت نفسها بالأمل : معلش ...طوله البال تبلغ الامل ...مسيرك ترجع تترمي في حضني لما اخلص من البت دي 

ضحكت بشماته وتابعت : اهي مسيرها تغور !

..........

.....


نظر هادي الي تلك الصبيه التي وقفت علي بعد عده أمتار تمرر يدها علي ربطه الايشارب المزين بالورود الذي عقدته فوق راسها ليشير لها : خدي يابت تعالي 

تفاجيء هادي بالصبيه تهتف به دون أن تتقدم خطوه : انا مش بت يا معلم ليا اسم 

زفر هادي هاتفا : واسمك ايه ؟!

قالت الفتاه بابتسامه : فله يا معلم 

عقد هادي حاجبيه متسائلا : عشري قالي اسمك فوقيه ولا مش انتي ؟! 

لوت الفتاه شفتيها وزفرت بضيق متبرطمه : ماهو انت عارف اسمي بتسأل ليه بقي 

قطب هادي جبينه وسألها بينما لم يسمع ما قالته بصوت خافت : بتقولي ايه ؟!

قالت الفتاه وهي تعقد حاجبيها : بقولك اه يا معلم فوقيه 

نظر لها هادي باستفهام : امال فله ده ايه ؟!

قالت الفتاه بابتسامه شقيه : ده اسم الدلع 

اوما هادي للصبيه الشابه وأشار لها أن تتقدم : طيب قربي وقوليلي ...ها بتعرفي تشتغلي في البيت وبتعرفي تعملي اكل 

اومات الفتاه بثقه : اومال يا معلم ده انا اسمي فله عشان أنا فله ونفسي في الطبيخ مش هقولك عليه ....تشدقت بمزيد من الثقه وهي تتابع : بكره تدوق وتحكم بنفسك 

اوما هادي بنفاذ صبر : طيب يا فله ...عارفه انا بعتلك ليه ؟!

اومات الفتاه بفطنه قائله : أيوة يا معلم .. لأجل ما اخدم الدكتورة 

عقد حاجبيه باستفهام لتتابع الفتاه : معلوم ماهو انا ابويا مش بيبعتني لأي حد ولما عشري جه لابويا وقاله انك عاوزني معلوم عاوزني اخدم الدكتورة 

أسدل هادي جفونه بينما تتحدث الفتاه بلا توقف : وانا اعرف الدكتورة ...معلوم ماهو اصل انا روحت عندها مع مرات اخويا كنا بنكشف علي الواد حمدي الصغير ...اصل يا معلم الواد يومها .....اشار لها هادي أن تصمت : خلاص بزياده 

ابتعلت الفتاه رمقها وهزت كتفها : حاضر انا كنت هقولك الواد تعب والدكتورة كتبت له علاج انما ايه ...زفر هادي هاتفا : قولت بزياده يا بت 

تفاجيء بالفتاه تزفر بجرأه : وانا قولتلك مش بت يا معلم ...قولي فله 

اوما هادي بصدر منتفخ : ماشي يا فله ....المهم انا بقي عاوزك تاخدي بالك من الدكتورة ...مش عاوزك تفارقيها واي حاجه تحصل تبلغيني بيها علي طول 

عقدت الفتاه حاجبيها الكثفين وهزت راسها هاتفه باستنكار : لا يا معلم ...انا اخدم اه إنما اتجسس علي حد واقول واعيد لا ..لا مواخذه انا مش بتاعه لت وعجن 

لوي هادي شفتيه وهتف بها : وهو انا قولتلك يا بت ...قصدي يا فله اتجسسي انا بقولك عينك عليها وتاخدي بالك منها ولو تعبت ولا اي حاجه تكلميني 

اومات الفتاه قائله : ااه...إذا كان كده ماشي 

هز هادي رأسه ليتابع وهو يرفع إصبعه : انتي هنا عشان الدكتورة وبس وكلامك معايا انا وبس....اي حد تاني يكلمك مترديش فاهمه 

اومات الفتاه ليشير هادي ناحيه المطبخ قائلا : يلا ادخلي شوفي المطبخ واعرفي مكان كل حاجه ولما تجهزي الاكل تعالي نادي عليا انا برا في الجنينه 

هزت الفتاه راسها وانطلقت الي المطبخ ليبقي هادي جالس مكانه بينما سرعان ما كانت احسان تهرع الي غرفه حميده تهمس لها بأمر تلك الفتاه التي استرقت السمع وعرفت سبب مجيئها وهاهي مواجهه أخري بينه وبين والدته التي نزلت له بوجه غاضب: انا من أمتي بدخل بيتي حد غريب ...عندك اتنين نسوان كل واحده منهم تخدمك .....ايييه علي رأسها ريشه ورايح تجيب ليها خدامه ...!

قام هادي من مكانه واتجه ليقف أمام والدته هاتفا من بين أسنانه : انا محدش يراجعني في اللي بعمله ومالكيش صالح لا بوصال ولا بفله ماشي يا امه !

...........

.....

مالت احسان علي حميده تهمس لها : ايه يا امه هتسكتي ....البت الدكتورة دي عامل ليها الف حساب انتي لازم تعملي حاجه !

التفتت لها حميده بحنق ووكزتها بكتفها : كله منك يا مقصوفه الرقبه 

توجعت احسان واخدت تدلك كتفها : اه يا امه وهو انا كنت عملت ايه 

نظرت لها حميده بغيظ : مش انتي اللي فتشتي سري وقولتي علي قدورة وخلتيه مش سامع ليا كلمه ...! زفرت وتابعت : اهو كنت روحت لقدورة تشوف حل في علقه بت مهجه دي 

ضيقت حميده عيناها ونظرت الي احسان وتابعت : انتي تعرفي طريقها يابت 

هزت احسان راسها بتوتر : وانا اعرف منين ؟

نظرت لها حميده رافعه حاجبها : يابت عليا انا 

قالت احسان بكذب : معرفش يا امه 

زفرت حميده بغيظ هاتفه : طيب يا نن عين امك اهو اشربي بقي ..كنتي خايفه ارميكي انا برا اهو باين أن بت مهجه هي اللي هتعملها 

نظرت لها احسان واهتزت نظراتها لتتابع حميده بكيد : امال ...ده باشاره منها تقوله ارميها برا يرميكي وانتي واللي في بطنك كمان ولا فكرك هو فارق له العيل اللي منك طالما جايله عيل من الدكتورة ! 

..........

....

حركت وصال جفناها الثقيلان وللحظه دارت عيناها بسقف الغرفه تستوعب اين هي لتندفع إليها تلك الذكريات وسرعان ما يضيق صدرها ....اعتدلت جالسه لتلتفت بفزع لذلك الصوت الذي بالرغم من هدوء نبرته إلا أنها لم تتوقع أن يكون أحد معها بالغرفه : ياصباح الفل والورد والياسمين 

نظرت وصال بدهشه الي تلك الصبيه التي تحركت تجاه ستائر الغرفه تفتحها وهي تتابع : لازمن بتسألي انا مين ....التفتت الي وصال التي بقيت تنظر إليها بجبين مقطب لتتابع : أنا فله ....المعلم هادي جابني عشان اخدمك 

مجرد سماعها لاسمه جعل وجهها يحمر من الغيظ ويندفع الغضب الي نظراتها كما حال الكلمات التي كادت تخرج من فمها لتطرد الفتاه والتي لم تعطي لها فرصه بينما بلحظه كانت تجلس بجوار وصال وهي تضع علي ساقها صينيه الأفطار التي عبقت رائحه الطعام فوقها الغرفه وملئت انف تلك التي لم تتناول شيء وكادت تموت جوعاً 

: انا مش هقولك انا شاطره ولا انا مفيش اكل في طعامه اكلي انا هسمع منك تسلم ايدك يا فله 

لم تمهل وصال اي فرصه وسرعان ما كانت تضع بفمها قطعه من الفطير الساخن الذي حضرته 

بقيت اللقمه بين شفاه وصال للحظه ولكن غلبها الجوع فبدأت تمضغها وتلك الفتاه ذات الوجه الصبوح تضع لقمه تلو الأخري وتتحدث بلا توقف : مؤكد مش هتفتكريني ...انا جيت مع مرات اخويا نكشف علي الواد الصغير اصل امه كانت بتأكله والأكل عمله مغص بس ايه بقي تسلم ايدك يا دكتورة بعد الدوا اللي الواد اخده بقي زي الفل .... اول ما ابويا عرف من عشري ان المعلم عاوزني اخدمك قالي روحي يا فله علي طول ...ماهو انا ابويا مش بيرضي يخليني اخدم عند اي حد ...انتي وشوقك بقي عاوزاني افضل معاكي ليل نهار ولا اروح اخر النهار زي ما يعجبك بس تبقي تديني يوم اجازه اروح أطل علي امي ...اصل امي ست كبيره في السن ومرات اخويا مش بتخدمها الا بطلوع الروح ... اهو بقي نقول ايه ...امي بتقول معلش عشان العيل الصغير اللي على أيدها بس انا ميعجبنيش الكلام ده وقولت امي انا أولي بيها بس اهي الظروف حكمت والقرشين اللي هاخدهم اساعد ابويا في جهازي يبقي مش أولي مرات اخويا تخدم امي شويه ..بس اوعي تقولي عني حربايه لا ده انا قلبي ابيض وامي ست طيبه ومش بترضي تعمل مشاكل بس انا بقولها برضه لازم تشد شويه علي مرات اخويا ماهو برضه أيدها بأيدينا في البيت ولا ايه يا دكتورة ؟!

اخيرا توقفت عن الحديث لتنظر الي وصال التي كانت تستمع الي الفتاه وكأنها وجدت بتلك المشاهد التي تحكيها هروب من التفكير بالواقع الذي تعيشه : مالك يا دكتورة ...ساكته ليه ...لازم هتقولي عني حربايه ؟!

ابتسمت وصال وهزت راسها : انتي مش مدياني فرصه اتكلم 

ضحكت الفتاه التي تسللت بعفويتها الي قلب وصال لتضع لقمه أخري بفم وصال ولكن وصال أوقفتها قائله : كفايه يا فله 

قالت الفتاه برجاء : طيب شويه الحليب دول 

ابتسمت وسرعان ما دخلت في حديث آخر : المعلم قالي انك حامل والحامل لازم لها غذي ....مرات اخويا لما كانت حامل كانت امي تحلب البقره وتدخل عليها بسطل اللبن تشربها ربعه معلوم ماهو لازم تتغذي وانا كنت احمر لها يجي عشر دحيات بالسمنه وتاكلهم إنما بصي انتي أكلتك دي متنفعش 

مررت وصال يدها علي وجهها وقالت برفق : الحمد لله شبعت يا فله 

هزت الفتاه راسها : لا شبعتي ايه ...ده انتي بتاكلي لاتنين ....ده مرات اخويا ....اوقفتها وصال قبل أن تدخلها بحديث اخر : كفايه يا فله شبعت والله 

اومات الفتاه علي مضض وقامت قائله : يلا بقي قومي اتسبحي ...انا جهزت ليكي الحمام 

ابتسمت وصال متسائله : جهزتيه ازاي 

قالت الفتاه بابتسامه : حطيت لك الفوط النضيفه وعلقت هدومك وكمان دفيت ليكي الميه 

.....

......

لمعت عيون هادي بالرضي بينما بقي بعيدا عنها هذا الصباح وانتظر الاخبار من فله التي وضعت أمامه القهوة قائله : الدكتورة بتتسبح

قال بلهفه : اكلت 

اومات فله : أيوة يا معلم ....لقمتين 

تنهد هادي بارتياح وابتسم لفله قائلا وهو يضع يده بجيبه ويخرج منه بضع ورقات ماليه يضعهم بيدها : انا مبسوط منك يا فله ..خدي دول 

قالت فله بامتنان : من يد معدمهاش يا معلم ...تشكر 

اوما هادي قائلا : يلا روحي وخليكي مع الدكتورة 

اومات فله وتحركت ليوقفها بمشاكسه : فله 

التفتت إليه ليتابع : متوجعيش رأسها برغيك

قالت الفتاه باستنكار : انا رغايه يا معلم ...ده انا ابويا بيقولي مش بسمع ليكي حس ...ومرات اخويا ...اشار لها هادي قبل أن تتابع : بزياده يا فله 

..........

...

نظرت بهيه الي دياب بتأثر بينما جلس ينكس رأسه ويضعها بين كفيه يحمل هموم العالم فوق كتفه الذي وضعت يدها عليه وقالت برفق : ياريت بأيدي اخد همك يا دياب 

نظر لها دياب بامتنان وتنهد بصمت لتقول بهيه وهي لا تجد ما يقال بهذا الموقف : مسيرنا نعثر فيها يااخويا ....هي بس واخده علي خاطرها شويه بس كام يوم وهترجع أصلها هتروح فين 

قال دياب بيأس : ماهو ده اللي واجعني يا بهيه ...هتروح فين ؟!

ملهاش حته تروح فيها !

..........

....

امسك هادي هاتفه وما إن هم بمحادثه دياب حتي تراجع .....بين نارين ولا يعرف ماذا يفعل ..؟!

كل تصرف يفعله ينقلب عليه حتي اصبح يخشي أن يفعل أي شيء ...أن أخبر أهلها ستثور وهو بالكاد تنفس حينما هدأت حتي أنه يخشي أن يقترب منها واكتفي بالاطمئنان عليها من فله!

جالس بتأهب علي ذلك المقعد بالبهو يمنع سواء والدته أو احسان من الاقتراب ناحيتها ولكن هل سيبقي حارس لتلك الغرفه ابدا .....!

..........

...

تحركت حميده ذهابا وإيابا بغيظ وهاهي تنزل الي هادي وهتف بغضب : لا ماهو مش هتجيب بنت مهجه وتحبسني في قلب بيتي وقاعد زي الحارس 

نظر لها هادي بسخط : وبعدهالك يا امه في جر شكلي انا علي أخري 

هتفت حميده بغيظ : وانا كمان 

قال هادي من بين أسنانه : يبقي اقصري الشر يا امه ..البيت واسع مجتش علي الحته اللي هي فيها 

نظرت له حميده متشدقه : وانا مقولتش أنها قاعده فوق دماغي ...انا بقولك تقعد بس زيها زي احسان مش تقعد هانم وواحده تخدم عليها ! 

........

....

: مالك يا دكتورة ؟!

التفتت وصال التي جلست خلف النافذه عيناها تتطلع الي بوابه المنزل الحديديه البعيده بنهايه الحديقه والحسره تمليء حلقها 

اتجهت فله لتجلس بجوارها هامسه: تكونيش زعلانه من الست حميده 

تابعت فله متبرطمه : اني قالت عنها ست شديده وانا مش قصدي انقل الكلام بس من شويه سمعتها نازله تقطيم في المعلم عشان جابني اخدمك 

ضحكت ساخره : لهو فاكره انتي زي مرات اخويا بتاعه خدمه لا ده انتي دكتورة وحقك المعلم يجيبلك اللي يخدمك 

ابتسمت وتابعت : بس المعلم باين بيعزك اوي يا دكتورة ...رفعت عيناها للاعلي وتابعت متنهده : يارب يرزقني بواحد زيه كده يسد عين الشمس 

غامت عيون وصال بالحزن بينما لايدري أحد عما تعيشه لتنظر لها فله بتأثر : مالك يا دكتورة ؟

قالت وصال وهي تهز راسها : مفيش يا فله ؟

اومات الفتاه وساد الصمت الذي كان يخفي أسفله بركان غضبها والذي لم يقل ولكنها فقط فكرت أن تتحكم به ....ستخرج من هنا !

التفتت الي فله بتساؤل بينما بدأت تستعيد هدوء تفكيرها : هو فين ؟!

قالت فله باستفهام : المعلم هادي ؟

اومات وصال لتقول فله : ياقاعد برا في الصاله الكبيرة يا قاعد في الجنينه اهو علي الحال ده من الصبح 

عقدت وصال حاجبيها باستفهام : مخرجش 

هزت فله راسها لتزم وصال شفتيها بحنق فهو لم يخرج ولا يطمأن لتركها لذا يجب أن توهمه أنها تقبلت بقاءها هنا ليخفف من حذره ووقتها ستسرع في الخروج ....ضاق صدرها في اللحظه التي فكرت بأنها أن غادرت الي اين ستذهب وللحظه فكرت أنه ربما محق في هذا الشيء ....دياب وعدها أنه سيقف معها ولكن من اين لها الثقه وأنه فقط لم يقل هذا لاحساسه بالذنب كما حال هادي بينما كل واحد منهم كان يفعل المستحيل وقد ظنته حبا ولكنها اكتشفت أنه فقط خوفا من انكشاف كذبهم ! 

هزت راسها ترفض أن تستسلم لهذا التفكير بأنه محق ...ستذهب الي نيران جهنم ولا أن تبقي معه !

ستعود الي منزل ابيها وتعود الي عملها ....غص حلقها وهي تتذكر ماجد ... ألم يفكر لحظه أن يدافع عنها ...لقد اتت نشوي خلفها وابن عمها لم يفعلها ....لو كان أخبر عائلتها لوجدت أخيها هنا ولكن موقفه واضح 

غص حلقها بقوة بينما رأت نفسها وحيده ولا احد ليكون بجوارها سوي نفسها ...مالت تتطلع الي بطنها وتفكر بأن هذا الجنين هو كل ما لديها لذا أن كان هادي محق بشيء فهو أن عليها أن تكون قويه لتقف أمام الجميع وليس أمامه وحده !

نظرت إلي فله التي ربما لم تأتي مصادفه ومؤكد هناك سبب في مجيئها فربما هي تلك المساعده التي بعثها الله لها لتسألها : حميده كانت بتقول ايه ؟

أخبرتها فله ليعمل عقل وصال بدهاء ... ستغضب حميده والتي ستصب غضبها علي هادي حتي لا ينعم براحه أو هدوء ! 

لذا قامت من مكانها وخرجت من الغرفه ....التفت هادي بدهشه حينما وجدها تخرج من الغرفه بهدوء وسرعان ما كان يسألها بلهفه : عاوزة حاجه يا وصال ؟!.

تجاهلته وصال عن عمد لتنظر لها حميده بغيظ وسرعان ما تندفع هاتفه بسخط : ما تردي يا دكتورة علي جوزك ولا هو مش مالي عينك 

احتقن وجه هادي بينما قالت وصال ببرود قاصده : عيني مش شايفه حد منكم اصلا !

مرر هادي يداه علي وجهه يحاول بصعوبه الامساك باعصابه فهي تتمادي ووالدته لا تتواني عن حرق اعصابه : عاجبك كده يا هادي.....ايه هتسكت لها ؟!

زفرت وصال ببرود واتجهت الي الباب الزجاجي الكبير ليتجاهل هادي تأنيب والدته ويتجه ليقف أمام وصال : رايحه فين ؟!

قالت ببرود وهي تعقد يدها حول صدرها : طالعه اقعد في الجنينه ...في مانع ؟!

نظر لها بشك بينما هدوءها كان اخطر من ثورتها ولكنه لن يغضبها لذا مد يداه الي جيبه ووضع المفتاح بالباب قائلا : اتفضلي 

خرجت وهي تخفي نظرات الانتصار بعيناها فليس وحده من يستطيع التخطيط ....كلاهما يدرك أن الاخر متأهب وكلاهما يتظاهر بالتصديق !

: فله .....يا بت يا فله 

أسرعت فله تخرج من الغرفه : نعم يا معلم 

اشار لها ؛ روحي ورا الدكتورة 

اومات وقبل أن تسير قالت : حاضر يا معلم بس قولتلك بلاش منها بت دي 

رفعت حميدن حاجبها بسخط حينما اوما هادي ؛طيب يلا روحي 

: انت كمان البت الخدامه هتمشي كلامها عليك !

زفرت بغضب هاتفه : لا ده انا هيجري ليا حاجه ... ! 

............

...

تمدد هادي علي تلك الاريكه الخشبيه بالحديقه ونظر الي السماء التي تراصت بها النجوم وبعثت الهدوء علي صدره كما حال هذا اليوم الذي مضي بهدوء ووصال تتظاهر بالتقبل وهو يتظاهر أنه مصدق حتي أنه مليء قلبه بالأمل من كثره ما أراد التصديق !

...........

....

قامت بهيه بهدوء من جوار دياب الذي لم يغفي الا قبيل الفجر لتدخل الي الحمام وهي تعتصر عيناها بينما تشعر بألم شديد يكاد يمزق بطنها ....حاولت ابتلاع وجعها بينما اعتادت الا تشكو وكيف وهو بتلك الحاله ...!.

مجرد ساعه غلبه بها النعاس ولكنه سرعان ما استيقظ ليجلس علي الفراش ويتنهد بمراره بينما ضاقت به السبل ولم يعد يدري أين يذهب ليبحث عنها !

التفت تجاه باب  الحمام الملحق بغرفه الفندق حينما استشعر غياب بهيه ليقوم ويطرق الباب مناديا : بهيه 

ألقت بهيه الكثير من الماء البارد علي وجهها تحاول أن تتماسك : أيوة يا دياب 

قال بقلق : انتي كويسه ؟!

قالت سريعا وهي تخفي المها : أيوة يا اخويا 

خرجت تجفف وجهها الشاحب بالمنشفه ليسالها بقلق : انتي كويسه ؟!

اومات له بابتسامه هادئه : انت اللي عامل ايه ؟!

قال دياب بخزي : اهو عايش يا بهيه 

قالت بهيه برفق : خلي املك في ربنا كبير يا دياب 

اوما لها قائلا : ونعم بالله !

.........

....

نظر دياب الكبير الي عشري هاتفا بسخط : هو ايه اللي متعرفش يا عشري ....معلمك فينه بقاله يومين 

قال عشري وهو يهز كتفه : معرفش يا معلم ...بكلمه بيقولي مشغول 

هتف دياب الكبير بسخط : مشغول بأيه واحنا حالنا واقف ... اجري روح شوفه وقوله أني عاوزة ضروري 

اسرع الصبي يغادر ليزم دياب الكبير شفتيه بسخط بينما تأثرت الأعمال كثيرا بغياب هادي ودياب 

.........

....

اوما هادي وهو يغلق الهاتف : طيب يا عشري اقفل 

جلس بحيره يفكر هل يستغل ذلك الهدوء ويخرج ليري عمله ام يبقي !

ليلقي الي فله تعليماته ويخرج بعد أن اطمأن أن الابواب مغلقه ..... ابتسمت وصال لنفسها بانتصار فهاهو انخدع بهدوءها وقد علمت من فله أنه غادر ..!

...........


...

لم تكن وصال وحدها من ابتسمت لخروجه بل كانت احسان التي بقيت اليومان الفائتان تفكر في تلك الخطه بعد كلمات حميده ...يجب أن تتخلص من حمل وصال !

تلفتت حولها وسريعا ما فتحت أحدي ابواب خزانه المطبخ الكبيرة وأخرجت منها زجاجه الزيت واخفتها خلف ظهرها وتسللت الي الحديقه وسرعان ما سكبتها علي الدرجات الرخاميه التي خطت من نهايتها بحذر وعادت للداخل وغسلت يدها بينما لمعت نظرات الحقد بنظراتها ....سرعان ما ستخرج الي الحديقه ولن تنجو من الانزلاق !!

: احساااام بت يا احسان !

أسرعت احسان الي حميده لتتوتر كل ملامحها حينما وجدت حميده تقف أمام الباب وتشير الي الأرض 

قالت بتعلثم : نعم يا امه !

أشارت حميده ذات النظرات الثاقبه والتي لمحت لمعان الزيت علي الأرض الرخاميه تحت اشعه الشمس : ايه ده ؟!.

قالت احسان بتوتر : م ...م ..معرفش يا امه 

زجرتها حميده بسخط : انتي منضفتيش النهارده 

قالت احسان وهي تهز راسها : لا يا امه ده انا ماسحه البيت كله ....تنفست وتابعت : تلاقي المزغوده الجديده وقعت حاجه علي الأرض 

هتفت حميده بسخط : بسرعه روحي هاتي ميه ونضفي الأرض 

زمت احسان شفتيها بسخط وتلكأت قدر استطاعتها وهي تمليء دلو الماء الذي حملته بعد نداء حميده الغاضب منها : انتي يابت 

رفعت احسان راسها تجاه حميده التي أتت خلفها هاتفه بتوبيخ : كل من بتجيبي شويه ميه !

زفرت احسان من بين اسنانها : اهو علي طول يا امه 

تلكأت أكثر بينما لمحت من خلف ظهر حميده وصال تخرج من غرفتها وهاهي مجرد خطوات وستصل إلي بغيتها ...!

........

...

هتف دياب الكبير بسخط : يعني ايه يا هادي ؟!

قال هادي بتخلي : يعني مش فارقلي يا معلم 

نظر له دياب الكبير باحتدام : وهو انت لحالك اللي مهموم مانو كلنا شايلين الطين ....نقوم نسيب حالنا ومالنا 

قال هادي دون الدخول في جدال : اعمل اللي تشوفه يا معلم انا مفييش فيا دماغ افكر في شغل اليومين دول 

........


......

التفتت وصال باستنكار الي حميده التي أمسكت بذراعها مسرعه توقفها : اوعي ايدك 

نظرت لها حميده بحنق مزمجره : والله لولا حفيدي اللي في بطنك لكنت سبتك تقعي تتكسر رقبتك 

نظرت وصال ببطء الي الأرض وابتلعت بينما تنظر لها حميده بغضب ثم تصيح تفرغ غضبها بإحسان بينما لم يجروء أحد علي التحدث معها كما تفعل وصال  : يلا يابت همي ونضفي 

تراجعت وصال الي غرفتها بغضب من أن يكون لحميده اي معروف معها بينما جلست حميده تزفر بغضب وإحسان بلا مبالاه تسكب الماء والغيظ يجعل الدماء تغلي بعروقها ويعميها عن الشرك الذي نسجته لتقع هي فيه فما هي إلا لحظات وكانت صرختها تتعالي بينما انزلقت أحدي قدميها من علي الدرج .....هبت حميده من مكانها مسرعه وكذلك فعلت وصال ليهرعون تجاه صرخه احسان 

والتي غطت علي صرخه فله !

قبل لحظات انزلقت أحدي قدمي احسان من علي الدرج فأسرعت فله تمسك بها ولقله وزنها وقعت هي بينما ألقت احسان بكامل جسدها عليها لتخفف من وطأ سقطتها 

أسرعت وصال تنحني تساعد الاثنان دون تفكير لتجد نفسها تسند احسان وتحيط ذراعها فوق كتفها تسندها الي الداخل دون أن تراها غريمتها بل مجرد مصابه تحتاج للمساعده .....اااه يا رجلي يا امه ...كان هذا بكاء فله التي التوت ساقيها بينما تساعدها حميده التي أخذت تصرخ وتولول : الواد يا احسان ....الواد 

مددت وصال احسان علي الفراش واسرعت بلهفه تسألها : حاسه بوجع ...اتخبطتي فين ....وقعتي علي ضهرك ولا رجلك بس اللي بتوجعك 

أحاطت حميده ساق فله برباط بينما تقول : ما خلاص يابت ..رجلك زي الفل بزياده عياط 

قالت فله ببكاء طفولي : بتوجعني اوي 

ربتت حميده علي كتفها قائله : معلش شويه وتطيب 

نظرت لها فله وانفلت لسانها : ما انتي طيبه اهو ...امال بيقولوا عليكي...نظرت لها حميده بسخط : بيقولوا ايه 

قالت فله بعفويه : امي بتقول انك شديده ...بس عارفه بقي مرات اخويا ...قبل أن تتابع كانت حميده تزجرها : انتي لسه هتطقي حنك معايا انا قايمه اشوف البت احسان 

تنبهت احسان وسرعان ما قالت بكذب تخفي وجعها ما أن سالتها وصال : انتي حامل في الشهر الكام 

أبعدت يدها عن بطنها قائله : انا كويسه ! 

لاحظت تغير نظرات وصال وسرعان ما قالت باستدراك : متتعبيش نفسك انا كويسه !

قالت وصال بينما لفت نظرها حجم بطن احسان : خليني اشوفك ...اه أنا مش دكتورة نسا بس مؤقتا علي ما تروحي لدكتور لو حاسه بوجع قوليلي 

ابتلعت احسان قائله : لا مفيش وجع 

اومات وصال ومجداا سالتها : انتي في الشهر الكام ؟!

قالت احسان بكذب : السادس. .. .قصدي الخامس ....مش بعد 

نظرت لها وصال باستنكار : مش بتروحي لدكتور تتابعي 

قالت احسان بكذب وهي تضغط علي نفسها وتجلس: لا ازاي معلوم بروح للدكتورة في الوحده 

قالت وصال باستفهام بينما لم تعد تري احسان الا حاله: وقالت لك ايه ....قصدي في حاجه لفتت نظرها 

قالت احسان بتعلثم : حاجه ايه ...انا زي الفل والواد زي الفل !

قالت وصال بفطنه : هو ولد  ... كنتي من يومين بتقولي متعرفيش 

قالت احسان بينما تحاول أن تطمأن نفسها بأن وصال لم تشك بشيء وبالفعل وصال لم تشك بشيء إلا فقط أنه لفت نظرها أن حجم بطن احسان لا يتناسب مع فتره حملها وكأنها فقط بشهرها الثالث ربما أو اقل وهذا شيء ملفت للنظر يمر بفحص الجنين والاطمئنان أنه ينمو بشكل مناسب فقط !

اندهشت حميده حينما دخلت ووجدت وصال تنحني تجاه احسان تفحصها لتقول معلقه : ده ايه اللي لم الشامي علي المغربي .. اللي يشوفك من يومين وانتي ماليه البيت صريخ ميشوفكيش وانتي بتداوي ضرتك 

احتقن وجه وصال بالغضب والتفتت الي حميده هاتفه بكبرياء: انا ماليش ضره !

تركتهم واندفعت خارج الغرفه بينما نفضت عنها ثوب الطبيبه وعاد قلبها يتوهج بنيران الغيره !

........

...

التفت هادي تجاه والدته التي ما أن دخل من الباب حتي هتفت معلقه : بيقولوا جوز الاتنين ياقادر يا فاجر وانت باينك الاتنين يا ابني 

عقد هادي حاجبيه لتنظر له حميده ضاحكه ببرود : كنت بدرت شويه وشوفت بت مهجه وهي بتمرض بت عليوة ....فالحه بس قدامك متحطش واطي واهي من شويه كانت زي السمنه علي العسل مع التانيه إنما معاك ممرره عيشتك 

لم يفهم هادي شيء ليندفع الي غرفه وصال بقلق : ايه اللي حصل يا وصال ؟!

اشاحت وصال بوجهها تجاه النافذه وهتفت ساخره : جاي جري عندي ليه ....المفروض تطلع تطمن علي التانيه !

ازدادت نبرتها سخريه بينما تقول باستدراك : لا ده انا التانيه وهي الأولي 

زم هادي شفتيه بغيظ : احنا مش في حصه حساب .. بسألك في ايه!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم 


إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !