جبل الجليد... › السادس
ابتسمت حور باستهزاء مرير وهي تنظر للسماء عبر النافذة الزجاجية بعينين هائجتين كالبحر بدموعها التي تحارب حتي تنهمر.. فهاهي العروس قد جاءت لزيارة عائلتها التي استقبلتها بالاحضان...والمثير للسخرية ان أخيها جالس معهم.......!
فهد من ظنت انه سيحرق الدنيا من أجل إعادتها جالس مع من اختطفها..! وتزوج اخته التي تشع بالسعاده معه بينما تركها هي في قبضه سليم...
انها تريد أن تصرخ من الألم الذي يعتصر قلبها فهو جالس مع من خطفها ودمر حياتها كما فعل والدها من قبل وكان شيئا لم يكن .. ضحكت بسخرية ولما لا وهو قد أخذ ابنتهم مقابلها...!
ايحق له أو لوالدها المجيء اليها بحجة انهم اشتاقوا لها ويريدون الاطمئنان عليها... ماذا يتوقعون..؟ ان تبتسم وتخبرهم انها بخير...؟ وكيف تكون بخير وهي في قبضه مخطتفها.. هل يحق لوالدها تقديمها قربان لانهاء عداوة السنين بينه وبين أخيه.. كيف يتركها مع كل هذا الحزن والخوف وحدها.. حتي ادم... ذلك الذي اعتبرته يستحق حياتها القادمه.. سيتزوج بعد بضعه ايام من ابنه عمتها عاليه دون أن يابه لها..! انها تكرههم... تكرههم جميعا
أسندت حور كتفها الي النافذة وهي تسترسل بتأمل السماء دون أن تبكي... فقط دموعها عالقه باهدابها ترفض النزول.. ولماذا تبكي علي من خذلوها بتلك الطريقة.. ؟
وصل اليها صوت ضحكاتهم من الأسفل لتقبض علي يدها بألم وتعدهم كلهم أن سيبكون لاحقا فهي ستنتقم لنفسها من الجميع.. كل من خذلها واستغلها ليجعلها تري الدنيا سوداء بتلك الطريقة....!
: برضه مش عاوزة تنزلي؟
لم تهتم حور بالرد علي سؤال سليم الذي وقف بجوارها يتأمل ذلك الغضب المشتل بعيناها ولكنه حينما إدارها اليه ببعض القوة لم تتحكم في اعصابها لتقول بحدة : مش عاوزة اقابل حد ولا اشوف حد
تنهد سليم مطولا ثم قال :مينفعش تفضلي على طول قاعدة لوحدك وحابسة نفسك في الاوضة
التفتت اليه وقالت بشراسة : انا بكرهكم كلكم ومش عاوزة حتي اتنفس نفس الهوا اللي بتتنفسوه فهمت بقي لية حابسة نفسي
خالف توقعاتها فقد ظنته سيثور عليها فقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء معه خلال الفترة الأخيرة لتجده يمرر يده علي ذراعيها برفق وهو يقول بانزعاج :لية كل الكره ده ياحور؟
قالت بمرارة : بسبب اللي عملته فيا واللي هما سكتوا عليه... انا مش بس بكرهكم انا بكره نفسي كمان.. انا طول عمري لعبه في أيديكم محدش فكر يحس بيا ولا بمشاعري.. تتجوزي ادم ماشي... تتجوزي سليم ماشي.. انا ي
نظر اليها بضع لحظات وكان علي وشك التحدث قبل ان يلتفت لصوت تلك الطرقات التي تبعها صوت فهد...
التفتت لتري أخيها واقف لدي باب الغرفة ينظر نحوها باشتياق كبير لم يتوقع الا ان تبادله اياة وتظل واقفة مكانها بجمود دون أن تركض لاحضانه كما اعتادت...
تحرك سليم مغادرا دون التحدث لفهد الذي نظر بأسي لحور وهي تشيح بوجهها بعيدا
تحرك تجاهها ليقول ببطء : مش هتسلمي عليا ياحور
اقترب منها يحاول ضمها اليها لتبعده وهي تقول بعصبيه : جاي لية.. وبأي حق بعد ما اتخليت عني...
تجاهل عصبيتها وشدها لحضنه وهي يشعر بالحزن العميق بداخلها والذي هم بالتاكيد السبب فيه... لم تبادله حور عناقه وايضا لم تبعده عنها ولكنها ظلت واقفة مكانها بجمود ليقول أخيها بصدق ; انا اسف ياحور علي كل اللي حصل... بس مكنش في أيدينا حاجة نعملها
هزت راسها بعدم اكتراث فأسفه لن يفيدها بشئ الان ليطبع فهد قبله حانية علي جبينها قائلا ; حبيتي ياحور قدري موقف بابا انتي عارفة هو بيحبك اد اية.. واستحاله ياذيكي بس غصب عنه وعني...مكنش،عندنا اي حل تاني بعد ماكان خلاص كتب كتابة عليكي.. .. انا اتجوزت فرح عشان احميكي ويبقي اخته في أيدي زي مانتي بقيتي في ايده
نظرت له بتهكم فعن اي تضحية يتحدث لتقول بسخرية. : بابا بيحبني... وانت اتجوزتها عشاني... وآدم هيتجوز عشاني كمان...
صمتت لحظة ثم اكملت بغضب مرير : كلكوا اتخليتوا عني....هي دي الحقيقة اللي اعرفها
طفرت دموع القهر من عيونها ليقترب منها فهد يحاول ضمها اليها لتبعد يده وتكمل بألم : محدش فيكوا دافع عني وهو بياخدني قدام عنيكم.. حتي الحقير ادم اول واحد سابني وجري يتجوز .... محدش فيكوا فكر يسأل انا عاملة اية وانا عايشة مع اللي خطفني.. وللأسف سليم الندل اللي خطفني طلع ارجل منكم كلكوا علي الاقل وقف قصادكوا وصمم انه ياخدني
غص حلق فهد وهو يري تلك الألم التي تتحملها ليقول بأسي :انا مش هلومك ياحور عندك حق في كل اللي قلتيه.. بس علي الاقل سامحي بابا .. ده بيتعذب وتعبان جدا بعد اللي حصل.. عشان خاطري سامحيه... انتي روحه ياحور
تنهدت مطولا دون قول شئ ليربت فهد علي كتفيها قائلا : سليم مش وحش ياحور... مع الوقت يمكن تشكري الظروف اللي خلت كل ده يحصل عشان.... خلي بالك من نفسك
دخل سليم للغرفة ليجدها ماتزال جالسة شارده ساهمه منذ أن نزل فهد من غرفتها وهو لايري امامه ليتساءل عن الذي دار بينهما لتبقي هي بتلك الحالة الحزينه وتتخلي عن شراستها جالسة بهذا الهدوء...
احست بيده تتمرر علي شعرها لترفع راسها ناظره اليه ببرود ثلجي اعتاده منها وانتوي ان يذيبه وقالت بحدة: نعم ياسليم بيه
:اية اللي مضايقك بالطريقة دي
قالت بنفور : ملكش دعوة بيا
تطلع اليها سليم يريدها ان تعود لشراستها لا ان تستلم لهذا الحزن الذي يغلف روحها ليقول بتملك ; لا ليا دعوة ياحور.. كل حاجة تخصك ياحور تهمني
مدت يدها ووضعتها علي جانب صدره الأيسر حيث قلبه الذي ينبض بهدوء لتقول باستهزاء: هو الحجر اللي جوة ده بيحس اصلا عشان تقول انك مهتم بيا
وضع يده علي يدها الراقده فوق صدره وضغط عليها وهو يتطلع الي غابات عيونها الخضراء قائلا بهمس : الحجر ده دق علي ايدك.. ياحور
انهي كلماته بين شفتيها وقد انحني نحوها يقبلها بشغف غير ناويا التوقف تلك المرة قبل ان يجعلها تشعر بمدي قربها منه الذي تغلغل بداخله دون ارداته خلال الأيام الماضيه.. فلم يعد امامه حل آخر اجعلها تتقبل واقع ماحدث سوي ان تري نفسها بين يدية واصبحت ملكه دامغا كل خليه بجسدها بختمه .. ليقسم بأنه سيحتل قلبها ويجعله ملكه ويذيب جبل الجليد الذي تضعه في طريقهما
طوال الطريق كان فهد واجم لايعي شئ مما حوله فكلمات حور تتردد في اذنه وتأبي التوقف فهو بنظرها نذل تخلي عنها ليتنهد مطولا غير منتبهه لفرح التي تتابع تعبيرات وجهه بحزن شديد....
نظر اليه عدنان بلهفه.. اية يافهد طمني اختك عاملة اية .. ؟
اومأ له بالابتسامة مزيفة : كويسة اوي يابابا.. وقريب هتيجي تزورك
نظر له عدنان بشك فهو يري مايحاول يخفيه عنه فحوريته الصغيرة عنيدة ولن تغفر بتلك السهولة...
دخل فهد للغرفة ليجد فرح جالسة علي طرف الفراش تنظر اليه بحزن لم يستطع تفسيره ليجلس بجوارها يريد أن يضمها اليه ليرتاح بين احضانها من ألم قلبه ليجدها تبتعد عنه...!!
قطب جبينه ناظرا اليها بتساءل عن سبب ابتعادها وهي من اقتربت من قلبه خلال تلك الأسابيع القليلة ليصبح لايرتاح الا بقربها..
نظر الي الدموع التي هددت بالنزول من عيونها ليقول : فرح حبيبتي في أية؟
هتفت بحدة وهي تبعد يده عنها : متقولش حبيتي... انت كداب
: فرح انا... قاطعته هاتفه بغضب : انت اية... انت مش اتجوزتني عشان تنتقم من سليم لو اذي اختك..
عبست ملامحه لتنظر اليه بمرارة وهي تقول: انا سمعتك وعرفت كل حاجة... وانا اللي افتكرت انك حبتني زي ماحبيتك ونسيت كل حاجة فاتت
حاول ضمها اليه وهي يقول : فرح انا فعلا حبيتك و نسيت..
ابعدت يده عنها بعنفوان هادرة : كداب... لو كنت نسيت مكنتش قلتلها كدة... انا بكرهك يافهد.. بكرهك وبكرة سليم وبكركهم كلكم... انتوا انانين مش بتفكروا غير في نفسكوا وبس إنما أنا وحور وسما واي بنت منفرقش معاكوا في حاجة...حياتنا ومشاعرنا لعبه في ايديكم
انا دلوقتي حسيت بالقهر اللي حور حست بيه وانتوا بتلعبوا بمصيرها وحياتها.... زي مانت عملت فيا لما اتجوزتني بس عشان تنتقم لاختك
حاول التحدث : فرح انتي فاهمه غلط انا مكنتش اقصد
نظرت اليه لحظة ثم قالت : وأية الصح بقي... ياتري يافهد بيه لو سليم ضايق اختك ... هتعمل فيا انا اية....
صمت ولم يجيب لتنظر له باسي وتتركه راكضه للحمام تختفي خلف الباب تاركة لدموعها العنان فهو حطم قلبها حينما جعل حياتها معه معلقه بحياة أخيها مع اخته.... كما فعل سليم بحور فكلاهما ظالم بلاهواده..
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
تم
ردحذف