المتملك والشرسه ( الفصل الثالث عشر)

4


 
فور نطقها بموافقتها امتلئ وجهه عاصم بابتسامه واسعه فبرغم من وضعه لخطة بديلة في حال رفضها او عنادها الا انه سعد كثيرا حينما وجدها توافق بملئ ارادتها فهذا معناه انها مستعده ولو بنسبه بسيطة لمسامحته... نظر اليها بضع لحظات بعدها قال : طالما اتفقنا يبقي عشان نفضل مع بعض دائما هتشتغلي معايا 

عقدت حاجبها باستفهام : وهشتغل اية معاك 

هز كتفه قائلا : هيكون ايه يازينه ...اي شغل تحبيه ...الشركه عندك اختاري الشغل اللي يعجبك 

تنهدت تحاول إخفاء اشتياقها وحماسها للعودة للعمل بدل الجلوس حبيسة تلك الغرفة ولكنها لاتريد ان تعود للانقياد له بدون رأي لتقول : انا هشوف اي شركة تانية

رفع حاجبه يحاول ظبط اعصابة التي تحاول استفزازها ليقول بلهجة قاطعه.. انتي عارفة ردي طبعا... 

عضت علي شفتيها قائلة ; بس هشتغل زي زي اي حد مش عشان جوزي هت.... كان قد اقترب منها لتبتلع كلماتها حينما رفعت اليه عيناها وهو يقول : ها.. اية؟ اية يازينه؟ هو لازم تعانديني وخلاص 

هزت راسها لتبتعد عنه سريعا في اتجاه السرير لتنام وبداخها حماس للغد. 


التزم عاصم بجانبه من الاتفاق فلم يحاول فرض نفسه عليها او لمسها بأي طريقة فقد نام بعيدا عنها كما ارادت حينما حاول ضمها اليه قائلا ; هخدك في حضني بس 

لتهز راسها رفضا وتتشتت نظراتها وتفرك يدها فهي لم تعد تأمنه وكلما اقترب منها تعود اليها ذكريات تلك الليلة المشؤمه فقد حفرت بداخلها خوف مبرر منه... نظر ليدها التي تفركها بعصبيه لتقع عيناه علي معصمها والذي به اثار تقيده لها ليتأكله شعور قاتل بالذنب ويشمئز من حقارته معها حينما تذكر فعلته ليتفهم موقفها علي الفور ويقول برفق شديد دون النظر لعيناها حتي لاتري مدي احتقاره لنفسه...براحتك يازينه... انا هبعد ومش هضايقك 

سحبت نفسها لطرف الفراش لتنكمش علي نفسها متألمه من ذلك الشعور الذي رأته بعيناه تجاه نفسه... لتجد قلبها يشفق عليه فهو لايستحق ذلك الجفاء منها حتي وان أخطأ..!! اغمضت عيناها تحاول الخروج من دوامه أفكارها المتناقضه فجزء منها يري خطأه فادح لايغتفر... وجزء اخر يراه قد عوقب كفاية وادرك خطأه واعتذر فيكيفه عذابا فهي بالرغم من كل شئ تحبه وقلبها يتمزق لرؤيته يتعذب علي يدها... 

غرقت في النوم سريعا حتي لاتستسلم لتفكيرها المضني.. . علي الجانب الاخر 

كان عاصم يوليها ظهره ولكن كل حواسه كانت متأهبه لاقل حركة منها ليدرك اخيرا من انتظام أنفاسها انها قد نامت ليستدير اليها... تامل ببطء ملامحها الجميلة الهادئة ليمد يده برفق يرفع احد خصلات شعرها التي انسدلت علي جبينها ويتنهد بألم كلما تذكر انه قد جرحها بتلك الطريقة..... 

اقترب منها بهدوء شديد وجذبها لاحضانه ليقبل اعلي راسها بحنان جارف ليغمض عيناه متاملا انها ستسامحه بالتاكيد... عليه فقط أن ينسيها تلك القسوة التي بدرت منه. 


في الصباح استيقظت زينه تشعر بحماس لتجد نفسها نائمة بين ذراعيه وراسها يتوسد صدره لتبتعد سريعا وهي تعقد حاجبيها بتركيز فهي تتذكر جيدا انها حاولت الحفاظ علي مسافه بينهم.... استيقظ هو فور تململها بين ذراعيه ولكنه ظل متظاهر بالنوم حينما وجدها تبتعد سريعا عنه فهي مازالت غير متقبله اقترابه.. 

تحركت قبله لأخذ حمام لتستعد لأول يوم لها بالعمل فيما تحرك بعدها ليبدء يومه المشحون... 

توقفت امام الجزء الخاص بملابسها في تلك الخزانة الضخمه التي تعادل حجم غرفه.. تنظر لذلك الكم الهائل من الملابس التي احضرها لها ولم ترتدي منها الا القليل لتتوقف امام تلك البدلات النسائية الانيقة باختلاف ألوانها واقمشتها الناعمه لتنتقي واحده سوداء ببنطال من الجينز الفاتح وبلوزة حريريه بيضاء 

كان قد خرج لتوه من الحمام حينما التفت اليها يطالعها باعجاب قائلا : اية الجمال ده ياروحي 

ابتسمت له قائلة.. شكرا.. 

أدارت عيناها بعيد عنه لتشغل نفسها بوضع اشياؤها في حقيبتها الانيقة لتجده توجهه لارتداء ملابسه ليطل عليها بعد قليل بهالته الخلابه كما اعتاد.. فقد بدا وسيما اسرا ببدلته الرمادية وربطة عنقه الحريريه من نفس اللون وتحتها قميص باللون الاسود لتسبقه رائحه عطره الذي تعشقه... تقدمها بضع خطوات لينزل الدرج وهو يقول لنعمات : الفطار جاهز؟ 

: ايوة يابيه وشهيرة هانم مستنيه سيادتك في الجنينه 

خرجا سويا لتأخذ نفسا عميقا قبل مواجهه فيروزتاها الكارهتان 

لاح الضيق علي وجهه شهيرة حينما راتها تتقدم بجانبه وهو يقول : صباح الخير يا ماما 

: صباح الخير ياعاصم.. 

تنحنحت زينه وهي تقول ; صباح الخير ياطنط

اومات لها باقتضاب كعادتها ;صباح الخير 

تناولوا الافطار لتكتفي زينه بالقهوة فقد فقدت شهيتها بسبب نظرات تلك المرأه التي تكرهها منذ أن راتها ولاتعرف سبب لهذا.. 

هتف عاصم باعتراض: لازم تاكلي حاجة

علي مضض تناولت بضع لقيمات لتتوقف بعدها تقول : انا جاهزة 

نظرت اليه شهيرة باستفهام ليقول : احنا رايحين الشركة.... سلام ياماما 

لم تخفي صدمتها والتي بالطبع لاحت علي وجهها ليسرع عاصم بسحب يد زينه تجاه السيارة 


بعد فتره توقفت السيارة أمام مبني الشركة المكون من عدة طوابق طوابق نوافذها جميعها من الزجاج العاكس... نظرت تجاه عاصم الذي امسك بيدها يسير بها الي الداخل بجبين عابس وملامح شديدة الجدية..! 

توترت وهي تري تبدل ملامحه ليظهر بصورة مدير لاترغب بالعمل قربه.... تراجعت عن الفكرة المرحبه بالعمل فهي لاتحب العمل تحت ضغط ولذلك كانت تحب العمل مع هشام فقد كان صديق اكثر من مدير لكل العاملين لديه..... تأخرت عنه بضع خطوات لتجد يده تحثها علي إكمال سيرها وسط النظرات المسلطة عليها مابين معجب ومستنكر وحاقد حتى وصلا الي الطابق الاخير حيث يوجد مكتبه... وقفت سكرتيرته الخاصة ماان رأته يدلف من الباب لتحيه : صباح الخير ياعاصم بيه 

رد دون النظر اليها فيما تابع الطريق لمكتبه:صباح الخير ياداليا.. ابعتيلي شريف كمان عشر دقايق.. 

: حاضر يافندم.. 

دخلت الي مكتبه لتتنفس بضيق وتوتر لينظر اليها : مالك يازينه حاجة ضايقتك 

: لا... بس متوترة شوية حاسة ان الناس كلها بتبصلي 

ضحك ممازحا :ماهو لازم يبصولك.. مش مرات عاصم السيوفي 

نظرت اليه وقطبت جبينها: مغرور اوي 

ضحك بصخب ليغمز لها : ومبقاش مغرور لية... رفع يدها تجاه شفتيه يقبلها برفق جعلها تتراجع عن سحب يدها وهو يقول:مش متجوز احلي باشمهندسة في الدنيا 

افلتت ابتسامتها ليغرق في صفاء انهار عيونها العسلية التي استعادت لمعتها وشغفها... تنهد مطولا وهو يفكر بأن قطته الشرسة لاترغب بتقيديها لذا فور تنفيذ رغبتها بالعمل استعادت شغفها... 

سمعت طرقات خفيفة علي الباب.. ليجلس عاصم خلف مكتبه الانيق فيما جلست زينه في احد المقاعد المقابله له ليسمح للطارق بالدخول.. دخل رجل في الخمسينات حياه عاصم باقتضاب ليقول بعمليه شديدة : الباشمهندسه زينه.. مراتي.. هتبقي من النهاردة المسؤلة عن قسم التصميمات معاك وفي ايدها كل الصلاحيات .. 

اومأ له قائلا : طبعا يافندم... شرفتينا ياهانم

نظر نحوها عاصم ليقول : اتفضلي مع شريف ولو في اي حاجة انا موجود 

اومات له لتسير مع ذلك الرجل الذي قادها تجاه مكتبها لتباشر عملها الذي تعشقه... 

بقلم رونا فؤاد 

دخلت سهيلة الشركة بغطرستها المعتادة 

لتنظر لداليا سكرتيرة عاصم بتعالي وهي تقول: عاصم موجود... بلغيه اني عاوزة اقابله

لاحت الصدمه علي وجهه داليا التي لم تتوقع حضور سهيلة طليقته خاصة في وجود زوجته الاخري....! فستحدث مواجهه لامحاله 

وبالفعل هذا ماانتوته سهيلة حينما عرفت من شهيرة التي هاتفتها هذا الصباح لتخبرها بغيظ انه اصطحب زينه للشركة لتعمل معه 

رفعت داليا سماعه الهاتف بتأفف فحالها كحال جميع العاملون لدي عاصم يكرهون تعاملها معهم بتعالي وغطرسة... :عاصم بيه... مدام سهيلة عاوزة تقابل حضرتك 

قال عاصم باقتضاب.. دخليها 

اسند عاصم ظهره لخلف مقعده الوثير وقد تحفزت كل حواسة بالضيق لمقابلتها خاصة وانه لايريد اي مواجهه بينها وبين زينه ليرجع لنقطه الصفر معها بعد ان تقدم في كسب ودها.. .. دلفت وهي تتهادي بثوبها الوردي القصير والذي التصق بجسدها الرشيق.. وقد تركت شعرها الاسود يتهادي علي كتفيها.. جميلة بل فاتنة كعادتها. قالت بنره ناعمه وهي تمد يدها ناحيته :ازيك ياعاصم 

بالكاد لامس يدها وأشار لها لتجلس دون قول شئ مما اربكها قليلا فليس هذا الاستقبال الذي توقعته منه خاصة بعد عمله بحملها... 

قال ببرود : خير ياسهيلة 

وضعت ساق فوق الاخري واستندت بمرفقها للمكتب وهي تقول : طبعا طنط بلغتك اني حامل.. 

هز راسه ومازال محتفظ ببرودة لتنظر اليه قائلة : عشان كدة انا جيتلك وحبيت اقولك حاجة 

نظر اليها دون ابداء اي تعبير : سامعك 

: انت طبعا فاكر اني اخدت منك الشركة طمعانه فيك 

تجهمت ملامحه لدي ذكرها هذا الأمر لتكمل:

وده طبعا مش صح... يومها انت اللي كتبهتالي بمزاجك 

لوي شفتيه بتهكم فربما كان مخمور ولكنه مازال يتذكر انها من دفعته لفعل هذا... عموما انا جاية اثبتلك حسن نيتي.. وارجعلك الشركة 

لم تتغير ملامح ليقول بتهكم: وده من امتي.؟ 

نظرت له بدلال لتكمل بنبرة ناعمه.. انت ابو ابني وانا مستعده اعمل حاجة ترضيك وانا وقتها خليتك تكتب شركتك باسمي عشان تفضل معايا ومتبعدش عني بعد ما كل الناس حذروني انك ملول وممكن تسيبيني.. فكرت كدة هضمنك 

ظل صامت ينظر اليها يستفهم اي لعبه تحيكها حوله ليجدها تميل تجاهه قائلة برقة : انت مش فرحان بحملي ياعاصم.. انا تخيلت ان الخبر ده هيفرحك جدا ويخليك تنسى سوء التفاهم اللي حصل بينا

تركت مقعدها وسارت بخطي بطيئه تجاه مقعده لتقف علي بعد خطوات منه ومازالت محتفظة برقتها وهي تردف: مش طول عمرك نفسك يكون ليك ابن 

داعب القلم بين اصابعه ومرر نظره عليها لحظة بعدها قال بازدراء فاجئها : طبعا... بس مش منك 

اعتدلت في وقفتها شاعرة بالاهانه ولكنها سريعا ماابتلعتها لتقترب منه أكثر وتميل تجاهه في محاولة منها لاغواءه... انا عارفة انك زعلت لما عرفت بخروجي من وراك.. بس كنت طايشة ومش فاهمه انك بتغير عليا وفاكره انك عاوز تحبسني في البيت وخلاص .. بس دلوقتى انا اتغيرت ياعاصم... ومستعده اتغير اكتر عشانك... كان مايزال جالسا في مقعده وهي تقرب منه أكثر حتي اصبح لا يفصلها عنه سوي خطوتين لتكمل بنعومه... عاصم انت لما بعدت عني انا كنت هموت نفسي لولا عرفت بموضوع حملي.. عرفت وقتها ان ربنا مش عاوز اننا نفترق.... ابتسمت بداخلها حينما رأته لايمانع قربها لتتجرء وتقترب خطوة اخري وتهمس فيما مالت تجاهه... وحشتني ياعاصم...انا مستعده انسي كل حاجة وارجعلك تاني 

مدت يدها لتلمس يده لتجده يسحبها بعنف ويعتدل واقفا يهدر بحدة : متحلميش...!! 

تفاجأت برد فعله بعد ان توقعت انه بدأ يلين لتجده ينظر تجاهها باشمئزاز وهو يقول:الولد 

ده انا مش عايزة.. عشان منك 

اقترب تجاهها ليقول وهو مازال يرمقها بنظرة ازدراء: ابني هجيبه من مراتي.. زينه.. 

زمت شفتيها بحقد لتقول : يعني سيادتك سايبني وانا حامل في ابنك عشان خاطر الهانم الجديدة اللي معرفش لفت عليك ازاي بين يوم وليله

قال بتحذير شرس : لما تتكلمي عن مراتي تتكلمي باحترام..انتي فاهمة 

قالت بضعف مزيف تحاول استعطافه: انت بتعمل كدة في ام ابنك

قال ببرود : قلتلك مش عاوزه

قالت بصدمه : يعني اية... انت مش عاوز ابنك

قال بعدم اكتراث: اه 

قالت بحقد : بس انا بقي عاوزاه

هز كتفه ببرود : مش فارق معايا... 

تناولت حقيبتها وغادرت والغل يتصاعد من عيونها... فحتي ذلك الرباط الذي توقعته سيربطه بها مجددا لايريده.... 


التف بمقعده تجاه نافذة مكتبه الضخمه ليشرد في النيل الواسع الممتد امامه... يفكر هل فعلا قصد ماقاله بعدم رغبته في هذا الطفل.. لا انه بالفعل يريد بل يتمني ان يكون له طفل.. لكن ليس من سهيلة.. من زينه.. نعم انها الحقيقة... فهو وقع أسير لحبها منذ أن رأها ربما اعتقد الأمر في البداية لايتعدي كونه رغبه بامتلاكها ليجد انها من امتلكت قلبه وعقله.. 

فكر مجددا بأنه غير قادر علي اقتراف هذا الذنب... تنهد بضيق ليشعر بقدر كبير من الغم... يجب أن يصل لحل مناسب لتلك المسأله.. 


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 


الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

4 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !