اسيري ( التاسع والعشرون)

3


 الفصل السابق

لم تستطع النوم طوال هذه الليلة من فرط سعادتها... لتشعر وكأنها طفله في انتظار مجئ الغد بفارغ الصبر  اخيرا سيعيدها اليه وينتهي هذا الحزن الذي شعرت به في بعده عنها .... يعتب قلبها عليه في قسوته عليها ولكنها لم تدع العتاب يأخذ من تفكيرها وقررت أن تسامح وتنسي كل ما مضي والذي كان صعب علي كلاهما ... داعب النوم جفونها بصعوبه لتغفو ساعة واحدة وتستيقظ حالما شعرت بأشعة الشمس تتسلل من النافذة الزجاجية لتغادر الفراش سريعا تستعد للقاءه فقد اشتاقت له خلال تلك الساعات القليلة الماضية ... حملت طفلها وأخذت تقبله : حبيبي صباح الخير .... النهارده انا وبابي هنرجع لبعض تاني يا ايدو 

استبدلت لطفلها ملابسه ثم 

اختارت ملابسها التي سترتديها بكتب كتابهم هذا المساء ثم ارتدت تيشيرت قطني باللون الازرق فوق بنطال ابيض وصففت شعرها بعناية لتبدو فاتنة كعادتها

توجهت نحو غرفته لتجد سوسن تسير في الرواق  اتسعت ابتسامتها قائلة ; صباح الخير ياسوسن..

:صباح الخير يا مدام صبا 

سالتها صبا : هو رعد لسة نايم

: ايوة ...تحبي اجهز الفطار ...

نظرت لساعتها فوجدتها تجاوزت الثامنه لتقول: ماشي خدي إياد وانا هروح اصحيه عشان شغله 

تناولت منها الطفل بابتسامتها لتتوجهه صبا نحو غرفته... ترددت بضع لحظات ثم دخلت اليها

كان الفراش فارغ لتجده قد استيقظ ويبدو انه يستحم... استدارت لتغادر ليفتح الباب في نفس اللحظة ويخرج عاري الصدر ويلف خصره بالمنشفة ويجفف شعره وقد ثارت بعض خصلاته فوق جبينه العريض .. احمر وجهها وارتبكت حينما رأته هكذا فقد مر وقت طويل لم تراه بهذا الشكل... فيما انتبه لوجودها ليتجه نحوها وعيناه تتأملها باعجاب

قالت بنبرة ناعمة... صباح الخير

ابتسم لها قائلا : صباح الجمال

ضحت ضحكة خفيفة لتزيد افتتانه فيما قالت; انا قلت اصحكيك عشان متتاخرش لما سوسن قالتلي انك لسة نايم

لم يعي شيئا مما كانت تقول فقد كانت حواسه كلها مشغولة بتأملها بدأ من شعرها اللامع الذي انسدل علي ظهرها بخفة لذلك الثوب الذي حدد منحنيات جسدها بروعه لعيناها التي طالما أسرته... افاقته حينما شعر بها تستدير لتغادر.. ليوقفها محيطا خصرها بذراعيه ليصطدم ظهرها بصدره

فيما ابعد شعرها الي ناحية واحده من كتفها واقترب من رقبتها تلفحها أنفاسه الحارة.. صبا

تسمرت مكانها وقد انتابها شعور رائع لقربه منها فيما اكمل بهمس... وحشتيني

ادارها اليه برقه ليكمل فيما رفعت عيناها نحوه... انا هتجنن عليكي... وحشتيني اوي ياصبا...شهور وانا بعيد عنك كل لحظة بفكر فيكي.. انا بحبك اكتر من روحي... انتي روحي ياصبا

احاطت عنقه بذراعيها لتقول : وانا مقدرش اعيش من غيرك يارعد... انت حياتي وقلبي

شدد علي خصرها اكثر كأنه يحارب نفسه.. هل يشبع من رحيق شفتيها التي تغريه الاقتراب منها... لكنه ان لامس شفتيها فلن يستطيع التوقف الا واشبع روحه المشتاقه منها... اغمضت عيناها حينما همس وهو يمرر اصابعه برقه علي شفتيها... انا مش قادر استني اكتر من كدة.. عايزك في حضني دلوقتي..

ابعدت يده عنها بتنظر له بدلال واغواء قائلة :هانت ياحبيبي كلها كام ساعة... والماذون يجي

ضيق عيناه بغيظ واقترب منها يحيطها بجسده الضخم... هو انا مش قلتلك تختفي من قدامي بدل مااتهور

قالت ببراءه... الحق عليا خوفت تتأخر

قال محذرا :صبا قدامك ثانية تختفي من قدامي مشوفكيش الا تحت قدام المأذون 

انا هفقد سيطرتي..... ضحكت بخفه ليقول بتحذير:صبا انا مش بهزر... 

صوته أخبرها انه جاد... لا للعب معه الان...

تفهمت موقفه فأقترابها منه لهذه الدرجة ستجعله ينسي نفسه معها وبالطبع لايجوز ذلك ولكن بالرغم من تفهمها الا ان نظرة حزن قد لاحت في عيناها وطأطات راسها مغادره ليسرع نحوها مقبلها من حبينها قائلا : ده لمصلحتك... لو فضلتي ادامي اكتر من كدة مش هقدر ابعد... من امبارح وانا مش مسيطر علي نفسي 

رفعت راسها اليه وابتسمت برقه.. بحبك

نظر اليها بحب قائلا  : بموت فيكي

اسرعت تغادر الغرفة لينتهي من ارتداء ملابسه ويتوجهه لعمله لانهاء بعض الأعمال معتزما العودة باكرا لحضور زواج سلطان وكتب كتابه الذي لم يخبر به أحد ..فقد أراد جعله مفاجأه 

فبعد انتهاء كتب كتاب سلطان خرج الجميع لحديقة القصر حيث أقام رعد احتفالا بالخارج ودعي إليه رجاله للاحتفال بصديقهم....

كان جاسر وعمه علي وشك المغادرة ليقول...علي فين .؟

نظرا له بدهشة ..ليكمل مش ناويين تشهدوا علي كتب كتابي 

تسمرا مكانهما للحظة ليقول عمه بريبه ..علي مين ؟

أشار ناحية الباب حيث توقفت عيناه عليها حينما دخلت مرتدية ثوب رائع ليقول بانفاس مبهورة ..علي ام ابني 

قالها وهو يمد يده ليمسك يدها ويرفعها نحو شفتيه مقبلها برقه هامسا ... اخيرا 

ابتسمت له واتسعت ابتسامة فريد الذي تنهد براحة قائلا. .خير ماهتعمل يا بني ...هو ده اللي كان لازم يحصل من زمان ..الف مبروووك 

اومأ له قائلا. .الله يبارك في حضرتك 

اقترب منه جاسر واحتضنه بسعادة ..اخيرا عقلت 

بادله رعد الاحتضان وهو يقول : يلا بقي هنقضيها تهاني .. اقترب من اذنها هامسا: عاوز اتجوز 

خفضت عيناها بخجل قائلة : رعد بطل بقي 

....مرت اللحظات وهما ينظران لبعضهما الآخر ويرددان خلف المأذون وقلبهما تتسارع دقاته ..فهي تشعر بسعادة وكأنها اول مرة ستصبح زوجته وهو سعيد برؤيه تلك السعادة تتراقص بعيونها فهو لم يشعرها بسعادة الزواج بها اول مرة ليقرر تعويضها تلك المرة ...

انتهي المأذون بترديد الدعاء لهما ليبارك لهما جاسر وعمه ويبدء رجاله بإطلاق بعض الأعيرة النارية احتفالا به ..ليضمها إليه بسعادة ويقبل جبينها 

مرت ساعة وهما يحتفلون بالحديقه وهو ممسك بيدها لايفارقها لتقول له بعد وقت قليل :حبيبي انا هروح اطمن علي اياد عشان سبته كتير 

ربت علي يدها بحنان قائلا : اوك ياحبيتي

نظر إليها واكمل بعبث : ياريت تنيمي الولد وخليكي فوق استنيني .. انا شوية وهحصلك

:والحفلة بتاعه سلطان 

غمز لها بشقاوة : ساعة وهخلصها واطلعلك 

ابتسمت له ليبادلها الابتسام بعبث لتصعد الدرج وقلبها يتراقص من السعادة .. دخلت للغرفة التي خصصها رعد لطفلهما لتجد سوسن تضعه بفراشه وتهمس لها. ..نام يا مدام خلاص ...روحي سيادتك متقلقيش عليه 

طبعت قبله علي وجنته وغادرت لغرفتها لتقف مكانها تتطلع لتلك الورود المنثورة بكل مكان ...تقدمت ببطء تتأمل بسعادة تلك الباقة الحمراء الكبيرة من ورود الجوري التي وضعها علي تلك الطاولة وبجوارها علبه من القطيفة الزرقاء بها طقم من ذهبي يخطف الانفاس ....تلمسته مبهورة بسحرة. ..لقد فعل الكثير لاسعادها وجعل هذا اليوم مميز بالرغم من ان وجوده بجوارها أكثر من كافي ...

سارت بضع خطوات لغرفة الملابس مقررة استبدال ملابسها والاستعداد لاستقباله بينما قلبها يخفق باشتياق له.... توقفت مكانها وتراجعت خطوة اخري حينما لمحت ذلك المغلف الذي وضع علي الكمود بجوار الفراش  ...تناولته بلهفة متسائلة هل هي مفاجأة اخري من مفاجئات اليوم ...لتشهق بصدمه حينما وقعت عيناها علي محتواه  ..!!

اتسعت عيناها وازدادت حدة تنفسها لدي فتحها لذلك المغلف.... اتسعت عيناها بعد تصديق وهي تري تلك الصور ... انه رعد؟!... صور رعد في مواضع حميميه.. مع فتاه.. هزت راسها بعنف غير مصدقه لتنظر لصورة اخري.. مع فتاه اخري و اخري واخري 

نظرت الي الصور المتتابعة بانفاس منقطعه بينما تهوي دقات قلبها بانكسار وهي تري تلك الصور .... انه هو في غرفتهما... علي الفراش الذي جمعهما... نظرت بعيون دامعه لتاريخ الصور الرقمي المطبوع... انه خلال تلك الفترة التي كان يعاقبها بها... ولكن هل يتضمن العقاب خيانتها... وهي التي كانت تبكي يوميا لبعده عنها كان هو يلهو مع النساء ... نظرت للصور مجددا لتفكر بعقلانيه للحظه ... لا رعد لا يفعل بها ذلك انه يحبها ولا يستطيع كسر قلبها بتلك الطريقة... وتتساءل هل كان يحاول نسيانها..؟! 

حاول عقلها إيجاد مبرر له ولكن تلك الصورة الأخيرة والتي يرجع تاريخها لأقل من شهر... حينما كانت بالمشفي قضت علي اي تفكير عقلاني وبدأت نيران الغيرة تشتعل بقلبها ... بكت وهي تهز راسها بعدم تصديق.. ماهذا الكابوس لماذا لاتكمتل سعادتها لمرة؟

لقد كان يأتي لها يوميا في المستشفي ويبقي معها حتي المساء.. ليعود لخيانتها في الليل مع النساء ...!! 

تشوشت الرؤية لديها من كثرة الدموع التي انهمرت من عيناها.. ستواجهه الان بكل ما عرفته ... نعم ستنزل له وتواجهه... سارت بضع خطوات لتتكبل قدماها بعدها وهي تفكر في رد فعله .... ماذا لو اعترف لها؟ ماذا لو أخبرها انها لم تكن زوجته حينها ويحق له فعل مايشاء... هل ستصمت؟ هل ستعيش معه بعد ان انطبعت صوره مع سواها في ذاكرتها... نفضت عيناها بسرعه وكأن الأشباح تطاردها... نظرت للغرفة بكراهية.. لتمقت كل شئ بها... لقد دنس ذكرياتهما سويا في هذا الفراش.. 

سارت بخطي مرتعشة تجاه غرفه صغيرها... لتنظر اليها سوسن بدهشة من حالتها الباكية... صبا هانم.. انتي كويسة 

قالت بلهجه قاطعه... سبيني مع ابني وانزلي تحت 

قالت متعثرة.. طيب انا ضايقتك 

قالت بحدة :سوسن قلت مش عاوزة حد هنا انزلي تحت 

اسرعت تغادر الغرفة لتضم طفلها اليها وتطلق لدموعها العنان... لقد كسر قلبها مجددا... وهي من كانت تتلهف لعودتها اليها.. وهي من ذرفت الدموع من أجله... لوت فمها بتهكم مرير وهي تتذكر بروده معها وابتعاده كلما حاولت الاقتراب منه.. الان عرفت السبب.. فهو كان لايحتاج اليها فقد وجد من يشبع حاجاته اليها.... نعم انه يرغب بها لااكثر... لطالما حركته رغبته فيها وليس مشاعره.. انه لايعرف الحب... الحب لا يعني له شئ،.. تذكرت كل تلك المرات التي تلهف عليها لتملئ الدموع عيونها.. يبدو أن السعادة تأبي ان تكتمل معها... لطالما كان يخدعها.. ليشبع رغبته منها... 

انها تمتعه لااكثر لذا ابتعد عنها طوال تلك المدة فلم يكن بحاجة اليها... ولهذا اعادها اليه طالما هي في منزله فلما لايستغل وجودها لتمتع لياليه..؟ 

مسحت دموعها بظهر يدها لتقرر انها لن تسمح له باستغلالها مرة اخري... ستبتعد..!! 

هزت راسها موكدة... نعم ستبتعد عنه... ستاخذ طفلها وتتركه...فهو لا يستحق حبها 

دثرت طفلها جيدا بعد ان جمعت اشياءه في حقيبه صغيرة علقتها علي كتفها متحركة أسفل الدرج بحرص لاتريد منه رؤيتها ولحسن حظها ان الجميع كان بالخارج منشغل بالحفل الذي كان علي وشك الانتهاء لتبدء بعض السيارات في التحرك فتستغل الفرصة متجهه نحو سيارته بعد ان اخذت مفاتيحها من غرفته... وضعت طفلها بمقعده الخاص وبسرعه تحركت مع تلك السيارة المغادرة حتي لايلحظها الحارس والذي ترك البوابة مفتوحه ولم يدقق النظر لانشغاله بالحفل..... 


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

3 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !