اسيري ( الثاني والثلاثون)

1


 الفصل السابق
خفضت عيناها بألم فهو رجل قاسي يتعمد اذلالها واهانتها تحت مسمي الحب ....غص حلقها بقوة وهي تفكر في معني كلمه حب بالنسبه له إن كان بتلك القسوة معها ...

شعر رعد بحزنها الذي يمزق قلبه قبل قلبها ولكن عقله لم يكن ليتراجع عما انتواه... تنهد بقوة ناظرا اليها وهو يقول باقتضاب بينما يبعد عيناه عن النظر إليها : قومي يلا.. اجهزي عشان هتخرجي معايا

قالت دون النظر اليه : مش عاوزة اروح معاك في حته

انحني نحوها قائلا بتحذير : بلاش تخليني اتعصب قلت قومي يبقي تقومي 

غادرت الفراش وهي تلف جسدها المتألم بالغطاء لتسير بخطي بطيئة للحمام... ظل يتابعها بنظره حتي اغلقت الباب ليضرب الحائط بقبضته بغضب وعنف... هل هو سعيد بنفسه وهو يستقوي عليها بتلك الطريقة... ؟ اغمض عيناه بحنق فكم يكره ان يكون حقيرا .. وخاصة معها 

ليعلو صوت عقله بأنها من تدفعه لتلك التصرفات... وان كانت دوما تراه سئ فلما يحاول تحسين صورته له..! 

عنيد للغايه ولايري اي حق لها في ما فعلته ...اختلطت كل الامور وباتت عقده الماضي تطارده كلما شعر ببعدها عنه.... ظل في صراعه القائم بين قلبه وعقله ليرتفع صوت كرامته فوق الجميع والتي أبت ان يتراجع فيجب ان يثبت لها انه ليس لعبتها بعد الان  

كانت قد خرجت وارتدت ملابسها التي حرصت ان تكون بأكمام طويلة لتغطي اثار تلك العلامات علي ذراعها .... واحاطت عنقها بوشاح حريري لتخفي اثاره التي امتدت علي طول عنقها... تناولت حقيبتها الانيقة ونظرت اليه حيث كان جالسا بشرود علي الاريكة في انتظارها لتقول باقتضاب  : انا جاهزة 

رمقها بنظرة مطوله وكأنه يعاينها ليتنهد ببطء ويعتدل واقفا ليخرج من الغرفة وهي خلفه 

اتجه نحو غرفة طفلهما لتقوم سوسن فور رؤيتهما.. صباح الخير ياسوسن 

قالتها لترد سوسن. صباح الخير ياهانم 

نظر اليها رعد سائلا.. إياد عامل اية؟ 

قالت سوسن مؤكدة: كويس اوي ياباشا 

احتضنته صبا بعد ان أعطاه لها وهو يقول لسوسن : كلها يومين وهجيبله مربيه تاخد بالها منه ... وانتي تبقي تشرفي عليها 

قالت بطاعة : اللي تشوفه ياباشا 

نظر اليها مشيرا لها ليغادرو فقالت بغصه حلق بينما يخبرها أن هناك مربيه سوف تحل محلها : انزل انت انا هأكل إياد وهحصلك 

.. ضمت طفلها اليها تطعمه ثم ناولته لسوسن وهي تقول: خلي بالك منه.. 

;متقلقيش عليه ياهانم 

نزلت وتلك الفكره المخيفه بأبعاده لطفلها عنها تجتاح كيانها وتسطر بعقلها تلك الكلمات ( لا تتسرع وتنتظر لتري نهايه غضبه بعدها سيأتي وقت الحديث عن كل ما حدث بينهم ولكن المهم الان ألا تستفزه حتي لا يبعد عنها طفلها في ظل غضبه الغاشم ) 

كان جالسا في الحديقة يتناول قهوته حينما نزلت ليقول : اقعدي افطري 

جلست تتناول افطارها ببطء لتساله اخيرا:احنا رايحين فين 

لم يجبها بل ظل يدخن سيجارته دون النظر اليها... انطلق بالسيارة متجاهلها تماما مما زاد من حنقها وتساؤلها لأين يصحبها..... 

توقف امام المشفي لتزداد دهشتها للحظات حتي تذكرت بأن لديها موعد لمراجعه طبيبها اليوم... لم تنكر تلك المشاعر التي انتابتها بتشوش لتذكره موعدها مع الطبيب والذي يعني انه مازال يهتم بها والتي تنافي كل أفعاله بحقها .... انتهي الطبيب من فحصها ليعود للجلوس الي مكتبه فيما ساعدتها الممرضه لهندمه ملابسها 

سمعت صوته يسأل : اية يامراد طمني؟ 

: لا كله تمام.... مفيش اي اثار للدوا ده والحمد لله اننا لحقناها في الوقت المناسب 

كانت قد عادت إليهم لتنظر نحوه بعدم فهم ولكنه تجاهلها ليقول مراد ; عموما انا هكتب شوية فيتامينات  لان واضح جدا انها لسة تعبانه 

قال رعد بجمود : وبخصوص الموضوع التاني اللي كلمتك عليه يامراد 

عدل الطبيب من وضع نظارته وهو يقول : اه طبعا انا كتبت نوع كويس جدا مالوش اي اثار علي المدي الطويل... يعني اي وقت حبيتوا ترجعوا عن القرار ده بمجرد ما المدام تبطل الحبوب هيحصل حمل ان شاء الله 

رفعت عيناها نحوه بصدمه وعدم تصديق بينما تسارعت أنفاسها.. انه لايريدها ان تحمل منه..!! 

شعر بنظراتها الغاضبه نحوه ليتجاهلها تماما وهو يقول فيما توقف مصافحا الطبيب وتناول منه الروشته: متشكر يامراد 

: علي اية يارعد باشا... انت تؤمر 

وضع الروشته بجيب سترته ليخرج من الغرفة وهي تتبعه لاتري امامها شيئا من خليط المشاعر الذي انتابها.... حزن قاتل فكم هو مؤلم انه لايريدها ان تحمل منه وكانه لايريد لشيئا ان يربطه بها... وغضب منه فأن كان يكرهها لهذا الحد فلما لايتركها ....  حاولت التنفس لتخفي تلك الدموع التي هددت بالانهمار... وشعورها بأنه يطردها من حياته بتلك الطريقة يقتلها 


دخلا الي المصعد لينظر اليها بجانب عيناه وترتسم علي شفتيه ابتسامة نشوة غريبة... فهو سعيد برؤيتها حزينه علي هذا النحو ليعلو صوت قلبه... لم تتقبل وكدنا نصل للهدف..!! 


بعد فترة علي الطريق وجدته يأخذها بطريق اخر غير المنزل لتقول: انت واخدني علي فين؟ 

قال وهو ينظر لساعته الانيقة : علي الشركة... عندي اجتماع مهم ومفيش وقت ارجعك علي البيت 

ياله من حقير... صرخ عقلها لتقول بحدة : انت ناسي اني سايبه ابني ... نزلني وانا هاخد تاكسي 

نظر نحوها ليقول بلهجة قاطعه ; مش هنتاخر 


قامت ندي سكرتيرته مسرعه نحو حينما دخل الي مكتبه وهي تقول مؤكدة : كل حاجة جاهزة 

القي بسترته علي احد المقاعد ورفع أكمام قميصة فاتحا حاسوبة وهو يقول; خدي الملفات دي وانا جي وراكي..... خلي حد يجي يشوف الهانم تشرب اية 

اومات له بطاعة وغادرت لينظر نحوها قائلا:واقفة كدة لية.. اقعدي 

جلست في احد المقاعد ليعود للنظر في  حاسوبه عدة دقائق بعدها يتوقف ويغادر دون قول شئ،.... شعرت بالملل وهي لأكثر من ساعة متساءلة عما آخره 

بعد لحظات تعالي رنين هاتفه الذي يبدو وانه قد نساه علي مكتبه 

توجهت نحو المكتب بتردد... ليعنفها عقلها وهي تتساءل عمن يتصل به.. فلماذا تهتم؟ 

ولكن فضولها دفعها لننظر نحو الهاتف... الذي تعالي رنينه مجددا 

نرمين الصباغ.... ضغطت علي شفتيها ولم تنكر عصبيتها من تلك التي ظلت تتصل مجددا... نرمين...! 

ان هاتفه يعمل ببصمه الإصبع مما منع فضولها من تصفحة بالطبع ليقاتل عقلها بأنها لايجب ان تهتم او تغار فيما انتحب قلبها فهو حبيبها وبالتاكيد تغار عليه..! 

وضعت الهاتف من يدها بتوتر حينما دخل للمكتب ويبدو انه لاحظ ولكنه قرر ان يتظاهر بالعكس 

امسك بعدة ملفات من احد الإدراج ليوقع عليها مستدعي ندي... خدي انا مضيت العقود وديهم لمستر نبيل 

: حاضر يافندم

القي القلم من يده وهو يقول: في حاجة مهمه تاني النهاردة 

;حضرتك هتقابل المتقدمين للوظيفة... هما وصلوا من شوية 

; فيهم حد ينفع ولاهنضيع وقت 

... :اعتقد فيهم واحدة واخدة دكتوراة من لندن وهي مناسبة جدا... وكمان في دكتور برضه عامل دراسات كتير 

:طيب بلغي جاسر يقابلهم وانا هبقي اشوف السي في بتاعهم 

: تؤمر بحاجة تانية.. 

:ابعتلي قهوة وحباية صداع 

خرجت ندي ليسند ظهره للخلف ويبدأ بتدليك مقدمه رأسه  

نظرت نحوه بقلق فيبدو مرهق ولكنها ظلت صامته تتظاهر بالنظر نحو النافذه الزجاجية الضخمه ... بعد قليل عادت ندي تحمل القهوة بنفسها.... وتعطيه الدواء فتقترب نحوه لتجده تلقائيا يبتعد عنها دون أن يري نظرات صبا الثاقبة التي تتطلع اليه 

هل فعلا حاولت الاقتراب منه في حضورها...؟ تلك الحقيرة تستغفلها... 

ضغطت علي يدها بغضب لتقول وهي تتجهه نحوه قائله :  سيبي الدوا واطلعي 

اندهش من تحدثها بتلك النبرة مع ندي التي نظرت نحوه ليشير لها مؤكد علي كلام صبا 

التي اقتربت منه فور خروجها لتتناول حبه الدواء وتقرب اناملها من شفتيه ليفتحها وعيناه معلقة بها لايفهمها... هل تهتم؟! 

وضعت كوب الماء من يدها بعد ان جعلته يرتشف منه القليل لتعود جالسة في المقعد المقابل له وهي في ضياع تام من تلك المشاعر ...تكره كل طباعه وقسوته وبنفس الوقت تغار عليه وتشعر بالقلق لرؤيتها المه ....أنه حقا يمزقها ولا تدري أنه يتمزق مثلها .. انهي قهوته ليبدو احسن حالا

فيعود للنظر في الأوراق امامه لتتطلع نحوه متأمله ملامح وجهه الهادئ... والوسيم كم تعشقه وتتمني لو ان كل شئ بينهما كما كان لتعود بذاكرتها لذلك اليوم حينما اصطحبها معه للعمل.... لتنظر نحو تلك الاريكة شاردة.... ليتعالي مجددا رنين هاتفه الذي نظر اليه بعدم اهتمام ليلقيه مجددا علي مكتبه.. وينظر نحوها فقد كانت شاردة وابتسامة خفيفة مرتسمه علي شفتيها فتساءل هل تتذكر ذلك اليوم...؟! انه لم ينساه فكلما دخل لمكتبه يتذكرها ويتذكر تلك الأيام السعيدة سويا... 

مرت نصف ساعة ليعتدل واقفا وهو يقول :يلا 

تلك المرة لم يتحدث بشدة بل بنرة رقيقة نوعا ما لتخرج من المكتب ناظرة لتلك الفتاه شزرا لتخفض الفتاه نظرها بارتباك فيبدو ان مشاعرها المعجبه تجاهه قد فضحتها... ولكنها استعادت السيطرة علي نفسها فهي منذ أن عملت لديه وهي لاتستطيع إخراجه من عقلها من تلك التي تستطيع الاتعجب برجل مثله.. ولكنها تعلم جيدا بأن لااامل لها لذا تحتفظ باعجابها سرا فهي لاتريد فقدان عملها ولكن اليوم قادتها مشاعرها لتسئ التصرف... ولحسن حظها انه لم ينتبه فقد ظن انها اقتربت منه دون قصد ليبعد عنها بتهذيب... ولكن زوجته لاحظت هل ستغار وتجعله يطردها... حسنا لتنتظر! 

عادا سويا للمنزل لتصعد لطفلها بينما استبدل ملابسه ونزل لمكتبه يعمل حتي وقت متأخر فلم يتناول معها العشاء. 

قالت سوسن ; هاتي الولد ياهانم واتفضلي انتي ارتاحي 

كانت بالفعل تشعر بالارهاق لتعود لغرفتها تاخذ دوش ساخن وترتدي ملابسها لتندثر بالاغطية طالبه النوم... استدارت لتجد علب الدواء موضوعه علي الكمود بجوارها.. اعتدلت جالسة تنظر اليهم... يبدو أنه ارسل أحدا لإحضار ادويتها. 

اعادتهم بغضب حينما رأت انه احضر ذلك الدواء ايضا... في تلك اللحظة دخل رعد الي الغرفة ليلمحها تعيد الأدوية الي جوارها فظن انها تناولتها 

ليقول ببرود : اخدتي الدوا 

لم تجب عليه بل اشاحت بوجهها بعيدا لتوليه ظهرها وتغلق النور الصغير بجوارها  حينما استلقي الي جوارها... 

كتمت أنفاسها حينما شعرت به يقترب منها ويلصق صدره بظهرها ليمرر يده برفق علي ذراعها مزيحا  شعرها ببطء بعيدا عن كتفها ليقترب منها يقبله برقه ولطف افتقدته منه لتظل مكانها بلا حراك فيما طبع قبله اخري هادئة علي جانب عنقها ثم اخري علي اعلي ظهرها وهو يديرها ببطء تجاهه

اندهشت لتبدل حالته... نظرت لعيناه لتجد ذلك الغضب اختفي ولكنها ايضا لم تجد حبه ولهفته عليها... مما جعلها تفيق من سحر تلك اللحظة.. 

... اقترب من شفاها ببطء لتهز راسها للجانبين ممانعه بضعف وهي تقول بعتاب ;انت مش عاوزني احمل منك... بتقربلي لية 

تجاهل كلماتها وهو يهمس : ششسس مش عاوز اتخانق 

اقترب مجددا من شفتيها مقبلها برقه لتتذوق طعم قبلته التي تعشقها بكل هدؤها دون أن تبادله اياها . كان ناعما معها.ليحثها علي عدم التشاجر معه... وهذا ماحدث حين اذعنت له ليقبلها مجددا وقد بدأت دقات قلبه تتعالي لتشعر بها حينما استلقي فوقها دافنا راسه في عنقها يوزع قبلاته الشغوفه عليه... كان لطيفا ورقيقا معها فاستسلمت له ظنا منها انه سامحها ليبتعد عنها بعد فترة لابأس بها....  

لتدفن وجهها في الوسادة تبكي بحزن فكم كانت مخطأة والأمر لايتعدي رغبته ايضا.. ربما عاملها برقة ولكن بدون حب هذا هو ماهي متأكدة منه... نعم 

فهي تذوقت كيف يكون حبه واشتياقه لها وماحدث منذ قليل لايتعدي كونه رغبه اشبعهها وانتهي ليوليها ظهره.... 


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

1 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !