اسيري ( الرابع والثلاثون )

10


 
جلست في الحديقة على الارجوحة الخشبية تتارجح ببطء وهي تحتضن طفلها شاردة... فمنذ تلك المواجهه بينهما منذ اسبوع وهي لم تلتقي به ازدادت الجفاء والابتعاد بينهما وهاهي بمنزل اختها منذ ذلك اليوم .... ربما لم ينفذ انفصالهم ويطلقها 

ولكنه تقريبا منفصل عنها... فهي منذ أن تركت المنزل وجاءت الي منزل اختها لم تراه ولم يحاول رؤيتها أو الحديث معها وهي لم تبدي اعتراض بل تابعت خطاها من أجل جرح كرامتها .... قلبها يؤلمها لهذا الفراق ولكن جرح كرامتها شديد ...لقد استنفذ كل فرصه أعطتها له وحتي تلك الفرصه الاخيره حينما انفجرت وأخبرته بكل ما بداخلها لم يستغلها بل اخذها ذريعه للفراق الذي أخذ قراره ولم يعد هناك شيء قادر علي أثناءه عنه 

عرفت من هنا اختها ان موعد افتتاح مشفاه قد اقترب لذا وهو وجاسر مشغولين دوما وكأن هذا السبب الزائف من وجهه نظر هنا يخفف عنها ولو قليلا تركه لها ... لتتذكر صدمتها حينما اخبرتها هنا بما فعله بسالي وزينات بعد ان عرف بتلك المؤامرة التي دارت من خلف ظهره ...عقدت هنا حاجبيها بتأثر وهي تري اختها بتلك الحاله الحزينه ككل يوم ....اتجهت ناحيتها قائله وهي تربت علي كتفها : صبا حبيتي يلا تعالي ادخلي الجو بقي بارد 

هزت صبا راسها قائله : لا انا كويسه ...

جلست هنا بجوارها وقالت بحنان : هيرجعلك 

هزت صبا راسها وقالت بنبره تعيسه : مش هيرجع ....خلاص هو واخد قراره ....هو عنده حق كل حاجه بينا اتكسرت ....هو خلاص مبقاش بيحبني .. انا هكلمه يعمل إجراءات الطلاق ...مبقاش له فايده 

قاطعتها هنا برفض :اوعي ياصبا... اوعي تجيبي سيرة الطلاق قدامه تاني.. الكلمة دي تنسيها خالص وخصوصا قدامه 

هزت صبا راسها وقالت بيأس :مفيش فايدة ماانا بقولك خلاص مش بيحبني وبيبعد عني 

قالت هنا بجديه :لا طبعا ... وهو لو مش بيحبك ماكان طلقك يومها زي المرة اللي فاتت... انتي بس جرحتيه كتير بصراحة ورعد مش بيسامح بسهوله.. هو ده كل الموضوع ...حاسس أنه مجروح وصعب عليه يعترف بكده 

نظرت لها صبا بعيون لمعت بها الدموع : وانا كمان مجروحه ...

أومات هنا قائله : عارفه يا صبا .... فتره البعد دي مهما كانت صعبه إلا أنها احسن علاج ليكم انتوا الاتنين 

..........

بالفعل هو علاج صعب مؤلم أرهق كيانه الذي لا يترك التفكير بها ولو لحظه ... اه من وجع تلك المراه التي يعشقها واااه من الاوجاع التي سببها لها .. اوجاع وجراح لا يستطيع معالجتها لذا ابتعد ...يعاقب نفسه ولا يعاقبها ....يعاقب نفسه التي طاقت إليها وجعلته يقترف كل هذا السوء بحقها من أجل أن تكون له ...!

جلس جاسر أمامه متنهدا بارهاق : كده كل حاجه خلصت واخدت التمام من سلطان ...يلا قوم خلينا نروح 

نظر جاسر إليه قائلا : لا روح انت انا لسه عندي شغل 

نظر إليه جاسر بينما يدرك أنه يغرق نفسه بالعمل حتي يتجاوز بعدها ليحمحم قائلا بقليل من المكر : اياد اكيد وحشك ...ايه رايك تيجي معايا تشوفه 

انتبه رعد إليه للحظه قبل أن يقاوم رؤيتها قائلا : لا 

نظر له جاسر قائلا : لا مش واحشك ولا لا مش جاي 

قال رعد بحنين : وحشني طبعا بس مش جاي 

عقد جاسر حاجبيه قائلا : ليه يارعد ...صمت لحظه ثم قال : ياأخي خليها عليك المره دي وصالحها ...دي والله حالتها صعب اوي 

هز رعد رأسه قائلا باقتضاب : مبقاش ينفع يا جاسر 

نظر له جاسر بحنق: ليه بس ...هو انت بتدور علي العذاب ...يارعد عادي جدا تختلفوا... مشكله وهتتحل انت بس أتنازل شويه ....نظر له وتابع في محاوله لإقناعه : طيب عشان ابنك 

........

حمل طفله وضمه إليه باشتياق جارف يستنشق رائحته التي امتزجت برائحتها ليدق قلبه بجنون ويشتعل بنيران الاشتياق ...رفع عيناه تجاه الاعلي ليلمحها وقد وقفت اعلي الدرج تتطلع إليه وكم من نيران اشتعلت بقلبها هي الأخري ....خفض عيناه سريعا وعاد ليحتضن ابنه مجددا ...اشتاق اليها والي طفله الصغير ولايريد الابتعاد عنهم ولكن بعد ساعه حان وقت رحيله ...

حملت هنا اياد منه ليقول لها بتمهل : قولي ليها اني هعدي بكرة اخد اياد يقضي معايا اليوم

أومات هنا بلا تردد ولكن صبا رفضت باندفاع : لا طبعا مش هياخد ابني 

قالت هنا بعقلانيه : وابنه هو كمان يا صبا ....حقه يشوفه 

قالت صبا برفض : خلاص شافه ولو عاوز يشوفه ييجي 

هزت هنا راسها قائله : مش حل ....صبا يا حبيتي بلاش عناد ....اه هو جرحك وانتي كمان جرحتيه دلوقتي بقي المهم انكم تتجاوزا المرحله الصعبه اللي مرت عليكم وتبدأو تتفاهموا مع بعض .... دورك ترجعيه ليكي تاني 

ودورك كمان تخليه يتغير عشانك ...هو دايما بيقول أنه عمل المستحيل عشانك ...يبقي هيتغير عشانك ....ده دورك يا صبا ...

..........

...

أدار رعد رأسه بمفاجاه حينما وجدها امامه هذا الصباح ...أثمرت كلمات اختها ولكنها لن تقدم مبادره ما لم تجد منه قبول فهي تدرك أنها أخطأت وهو عليه أن يدرك خطأه هو الآخر 

مفاجاه رؤيتها جعلت دقات قلبها تتقافز بين ضلوعه فوقف دقائق طويله لا يجد ما يقوله ولكن عيناه قالت الكثير ...كثير من الاعتذار والندم والأسف لما وصلوا إليه ...حمحمت حينما طال الصمت بينهما قائله : انت جبت اياد عشان يقضي اليوم معاك ... 

نظر إلي طفلهم القابع بين ذراعيها ثم نظر إليها وقد فضحت عيناه مدي اشتياقه لها ...انه صلب وعقلة يابس فالبرغم من انها متأكدة انه يحبها الا انه يعاند ..

حمل الصغير من بين يديها وضمه إليه باشتياق قائلا : وحشتني يا ايدو 

لتبتسم قائله بعفويه : انت كمان وحشته اوي 

اوما رعد بتعلثم قائلا : تعالي يا صبا ادخلي 

هزت راسها قائله : لا ...هرجع انا عند هنا وخليكم مع بعض ..

تردد قبل أن يحاول كسر صخره عناده ولكن كان الأوان قد فات حينما تحركت بالفعل من أمامه لتغادر ....لحظات مرت وهو واقف مكانه يستجمع شجاعته ليصر علي بقاءها ولكن قلبه لم يطاوعه مجددا ليتأمل بقاءها بعد أن تركته كل مره بنفس الخزلان ....

شعرت هي الأخري بالخزلان حينما لم يحاول أن يخطو اي خطوه تجاهها لتبعد اي شعور بالندم بداخلها وتخبر نفسها انها قد حاولت وعليها أن تمضي قدما .... بعد عده ساعات أخذ طفله إليها يعيده وهاهو مجددا لا ينطق بشيء لتستعر النيران بداخلها وتصر علي المضي قدما ...هو من اختار وقرر الانفصال .... شعرت بالحنين لهذا المكان الذي بقيت به تلك الأشهر حينما ابتعد عنها لتطلب من جاسر أن يأخذها الي المزرعه باليوم التالي لتبقي بضعه ايام ...

........

كان رعد جالس في مكتبه والغضب مشتعل بعيناه لينال مدحت المحامي الخاص به نصيب جيد من غضبه حينما ابلغه بتاخره في بعض الإجراءات الهامة ليدخل جاسر علي صوته الذي يصيح...:يعني اية..؟ 

;يا رعد باشا محصلش حاجة لده كله... الصبح الورق هيكون عند سيادتك 

تدخل جاسر حينما هم رعد بالصياح مرة اخري 

:روح  انت يااستاذ مدحت وانا هشوف الموضوع ده 

بعد انصراف مدحت جلس جاسر ناظر نحوه يدخن لشراهه ليقول:اية بس يارعد في أية؟.. الموضوع اكيد مش موضوع ورقة مخلصتش 

زفر بضيق : والنبي سبيني ياجاسر عشان انا قرفان ومش طايق نفسي 

:لية بس كدة... 

اشاح بوجهه قائلا : مفيش 

نظر إليه جاسر بمكر : لما انت هتتجنن كده امال بتعاند ليه 

صمت رعد بضع لحظات قبل أن يضع رأسه بين كفيه قائلا باعتراف : مش بعاند ...تنهد وتابع : خايف تبعد عني تاني .... نظر إلي جاسر بملامح تحمل الالم وهو يتابع : لو في حاجه قالتها صح في كل كلامها كان أن بقي عندي عقده ....هز رأسه وتابع : عقده من أنها تبعد عني ....صبا شبه السما كل ما أمد ايدي واقول خلاص وصلت ليها الاقي نفسي في سابع ارض وانا تعبت من الإحساس ده ومش عاوز احس بيه تاني عشان كده بقول لنفسي ابعد وبلاش اقرب تاني للنار دي عشان قلبي مبقاش متحمل ..

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم وتوقعاتكم .

............... اقتباس من الفصل القادم 


وضعت الزجاجة الفارغة من يدها لتحمله مجددا وتبدأ بالمشي به لينام.... تابعتها عيناه ليبتلع لعابه بصعوبه فلم يلحظ من قبل ما ترتديه... فقد ارتدت قميص من الساتان باللون القرمزي كشف عن ساقيها الممشوقتان وقد كشف عن عنقها ومقدمه صدرها... مسح وجهه بعصبيه وحاول أبعاد عينه لتعود مجددا للنظر نحوها وهي تسير حافيه ببطء امامه ذهابا وايابا تحمل الصغير.. وشعرها يهتز علي ظهرها. 

حدث نفسه بحنق... كله بسببك يا إياد....كان لازم تعيط يعني 

حمحم بصوت اجش وهو يقول : هو مش خلاص اكل... هاتيه بقي وروحي نامي 

نظرت نحوه ولم تنكر ان داخلها غضب من عناده فهو مازال يبعدها لتردد بداخلها..ماشي لمانشوف اخرتها يارعد 

اقتربت منه لتعطيه الطفل فلامست يداه ذراعيها ليشعر بالشراراة تسري بجسده ليأخذ الطفل بسرعه قائلا... انا هنيمه 

حمله ليستكين الي دقات قلبه وينام بهدوء فتنسحب خارجا... 

جلس علي الفراش يحاول التقاط انفاسة التي بعثرتها بقربها ليتعالي مجددا بكاء الطفل فور وضعه علي السرير... فحمله وظل يجوب به الغرفة ومع ذلك ظل يبكي... عادت الي الغرفة لينظر نحوها باستجداء: هو مش اكل.. بيعيط تاني لية 


الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

10 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. روعه يا رونا تسلم ايدك ❤️


    رعد لازم يتنازل شويه... صبا على الرغم من أنه جرحها و رد اللى عملته فيه إلا أنها اتنازلت شويه و بتحاول و دلوقتى جه دوره لازم يتنازل و يحاول هو كمان

    ردحذف
  2. فصل رائع جدا.. والله تسلم ايدك

    ردحذف
  3. صبا اتنازلت لازم رعد يتنازل

    ردحذف
  4. نزلي كمان فصل بليييزززز

    ردحذف
  5. نزلي تاني بليز

    ردحذف
  6. دايما مبدعه

    ردحذف
  7. لو سمحتي باقي الروايه وشكرا

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !