اسيري ( الخامس والثلاثون )

6


الفصل السابق

 تنهد جاسر مطولا وهو يحاول اختيار كلماته بعد أن أفاض له رعد بمكنونات صدره ليقول اخيرا : مفيش حاجه اقدر اقولها غير انك بتحبها وهي كمان بتحبك وكل اللي بيحصل بينكم حاجات لسه باقيه من اللي حصل زمان وكانت جايز متحصلش لو هي صارحتك بكل اللي حصل وانت كنت صارحتها بخوفك أن اللي حصل زمان يتكرر 

صمت رعد ونظر في الفراغ أمامه فكلمه يا ليت لم يعد لها محل الان .....اعتدل واقفا وهو يقول : خلاص ياجاسر مبقاش ينفع ...انا كل اللي فارق معايا ابني 

نظر إليه جاسر بعدم اقتناع ولكنه لم يرد الدخول في جدل مع عقل صديقه العنيد ليقول بقليل من المكر : ابنك اكيد هيتأثر باللي بيحصل بينك وبين أمه ......وبالفعل هذا ما فكرت به صبا وهي جالسه في حديقه المزرعه وبين ذراعيها طفلها الصغير تفكر فيه وماقد يؤثر عليه من سوء علاقتها بأبيه ولكن ماذا تفعل ...لقد قدمت خطوة وهو لم يبادر ....أيضا تحدثت إليه بكل ما بداخلها وهو حتي لم يتكبد عناء احتواءها لتفكر في ماهيه علاقتهما وان كانت علاقه سامه كما تسمع ....علاقه بدأت بحب لا تنكره من طرفه وبداخلها حملت نفس المشاعر له أيضا ولكن كل الدروب التي جمعتهم كانت متعرجه خرجت بهم الي علاقه لم تعد تستطيع تفسيرها ....هو يجرحها وهي يبدو أنها تفعل المثل دون أن تدري ماهو خطأها بينما لخص رعد هذا الخطأ في حديثه مع جاسر الذي كان لابد أن يكون لها هي في خوفه من أن تتركه مجددا ....تلك العقده التي تولدت بداخله بعد أن وضع حبها هدف أمامه تعب كثيرا للوصول إليه لذا لم يعد يخشى شيء قدر فقدانه دون أن يدري أن الوصول إلي الهدف مهما كانت صعوبته لاتوازي صعوبه الحفاظ عليه وهو يقبض علي هدفه بقوة ولايدري أن قبضته هي ما تخنقه ولا تحتفظ به مثل ما يظن ....حملت صغيرها  واتجهت به الي داخل الاسطبل 

لتبتسم وهي تتطلع الي المهر الصغير لتنظر الي طفلها الذي تحمله علي ذراعها قائله بلطف : ايه رايك في رعد يا ايدو ...

اخذت تهدهد الصغير وتلاعبه وتمرر يدها بحنان علي ظهر المهره لوقت طويل بعدها عادت الي المنزل لتتفاجيء برعد جالس بالداخل ...

نطقت بأسمه بمفاجأه : رعد 

التفت اليها وكان لقاء عيناه بعيونها بعد أيام من الاشتياق لتمر لحظات طويله وكل منهما فقط يتطلع الي الاخر وقد تولت عيونهما الحديث بعد أن عجز لسانهما عنه ....حاول أن يستعيد نفسه التي ضاعت أمام نظراتها ولكن عبثا لتمر دقائق أخري علي كلاهما بصمت وتعود عيناها لتشتبك بعيناه بعتاب وصل إلي قلبه الذي لم يرد شيء إلا الاكتفاء من هذا العذاب .....أاسرته وهو أمام نظراتها الان يرحب بأن يكون اسيرها ...!

حمحم قائلا : جاسر قالي انك هنا قصدي اياد يعني كنت بسأل عنه 

لا يكتفي ابدا من جرحها ولو بالكلمات بينما تقرء مابين السطور بأنه يريد التأكيد بأنه جاء فقط لرؤيه ابنه وهذا ما لا تخبرها به عيناه لتنظر له صبا بثبات وقد يأست من أثناء ثباته لتقول بهدوء : كويس انك جيت انا كنت هكلمك عشان عاوزة اتكلم معاك 

نظر لها باهتمام وبرقت تلك اللمعه بعيناه والتي نفذت الي قلبها بينما تأمل أن تفتح له ولو بارقه أمل صغيرة مجددا وتعطيه فرصه وهو سوف يغتنمها بينما بدأت صخره عناده تتزحزح ولكنه مازال يريد منها هي المبادره حتي يشعر أنها تريده كما يريدها وكم هو ذكر مغرور احمق لايدرك أن الانثي لاتعطي الفرصه مرتين ...

قال بنبره ناعمه : اتكلمي 

نظرت إلي طفلها الذي بدأ يغفو بين ذراعيها : هاخد اياد ينام وبعدين انزل نتكلم 

اوما لها وتقدم ناحيتها خطوه قائلا : هاتيه اخده في حضني شويه قبل ما ينام 

هزت راسها ومدت له ذراعيها بالطفل لتشتعل شرارة بجسده حينما لامست يداه ذراعها وهو يأخذ طفله منها ... اهتاج صدره بمشاعره ناحيتها والتي ناقضت كل كلمه نطق بها عن ابتعاد وجفاء فقلبه يهفو الي قربها وصفاءها ومسح كل ما حدث بينهما فقط فلتعطيه اشاره للبدء وهو تلك المره سيتقدم وقد شحذ حبها كل قواه مجددا بعد أن انهكه الخزلان و اخزته أفعاله معها بحيث لم يكن لديه القدره في النظر إلي عيونها بعد ما تقبلته منه تحت مسمي عقاب نال منه قبل أن ينال منها ....!

.........

...

جلس بالاسفل في انتظارها وعقله لايتوقف عن ترتيب تلك الكلمات التي يجب أن تبدأ باعتذاره عن كل ما بدر منه تجاهها ثم يأتي دور وعود لن يخلفها بالاحتواء والتفهم والصراحة....سوف يعطيها يده لتتمسك بها ويبدأون كل شيء من جديد علي أساس سليم ....هز رأسه وهو يوافق عقله علي كل ما قاله وقلبه بالتأكيد تتراقص دقاته شغفا وتوقا لصفحه صافيه جديده بينهم تستحق أن تكون في قصه حبهما لا أن تكون تلك الكلمه التي نطق بها عن النهايه .

نزلت صبا بخطوات متردده وهي الأخري كانت ترتب تلك الكلمات والتي عكسه تمام لا يقبلها قلبها ولكن عقلها يري أنه الصواب 

التفت لها ما أن نزلت لتري في عيناه تلك النظرات التي بدت وكأنها سماء صافيه بعد عاصفه طويله ليقول بنبره هادئه : اياد نام 

هزت راسها وهي تبحث عن ثباتها لتنطق ما تريد به ليقول رعد بابتسامه هادئه : تعالي اقعدي ولا تحبي نقعد في الجنينه نتكلم 

هزت راسها قائله : اي مكان 

بينما نظراته ونعومه نبرته لا تساعدها علي النطق  وقد بدأت تسأل نفسها ماذا تغير ....لقد كان قاسي صلب مما كان سيجعل مهمتها اسهل من عيناه التي تعطيها هذا الأمل 

اخيرا بدأت تتحدث ولكنها اختارت النظر إلي يديها التي كورتها فوق ساقها : رعد انا موافقه علي كلامك ....انت عندك حق احنا لازم ننفصل 

وكأنها سددت صفعه قويه لكل آماله لتهتز نظراته ومعها تهتز دقات قلبها وهي تري تلك النظرات التي امتلئت بخيبه الامل لتخفض عيناها سريعا وهي تحاول التشبث ببقايا ثباتها وتتابع : احنا لازم نفكر في مصلحه اياد قبل اي حاجه ....وده اللي انا فكرت فيه ومحتاجين نتفق عليه 

فركت يدها وتابعت : رعد انا ...قصدي انت عارف أن انا معنديش مكان اعيش فيه ولا ليا دخل اقدر اصرف منه علي اياد واكيد مش هعيش عند هنا طول عمري ... عشان كده ...غص حلقها وهي تتابع : عشان كده انا لو سمحت هعيش هنا في المزرعه واكيد هحاول ابدء حياه جديده ...جايز اشوف ليا شغل و.....قام رعد من مكانه فجاه لترفع صبا عيناها إليه بينما لايصدق أنها بالفعل فكرت في الابتعاد وهزمته نظراتها وكلماتها وهي تخبره أنها بلا حيله بل وتطلب منه شيء هو حقها بالأساس ليقول بانفعال : ايه اللي بتقوليه ده ياصبا ...

اه من نطق اسمها بعد كل هذا الاشتياق ليستعذب لسانه نطقها ويرددها مجددا ولكن بنبره حملت حنان جارف : صبا 

نظرت إليه ليقول بصوت معذب : انتي وابني مسؤولين مني 

غص حلقها ورفضت أن تسير خلف امل يخلف لها الم : مش هبقي مسؤله منك لما تطلقني 

انهزمت حصونه أمام تقبلها لقراره القاسي الذي نطق به سابقا وانحفر بقلبها ليقول بأسي : موافقه اطلقك ؟!

هنا فاض قلبها بالألم لتوليه ظهرها وهي تتمسك بدموعها خلف اهدابها قائله بصوت متحشرج : انت اخدت قرارك 

ارتجف جسدها حينما امسك بكتفها وادارها إليه ليتطلع في عيونها قائلا بأسف : كنت مجروح منك ....انتي كل مره بتسيبي ليا جرح اكبر من اللي قبله وانا مبقاش عندي استعداد اتجرح تاني منك 

مجددا عتاب ومجددا وعود ومجددا دائرة لن تنتهي إلا بعذاب مماثل لتقول بصوت متوجع : وانا

كنت ومازالت مجروحه منك يا رعد ....لو سمحت بلاش نتعاتب ونوجع بعض تاني عشان زي ما انت مبقاش عندك استعداد تتجرح مني انا كمان مبقاش عندي استعداد اتجرح منك .... احنا مش بنعمل حاجه الا اننا نجرح بعض عشان كده انت عندك حق في اننا لازم نبعد وكل واحد فينا يبدأ حياه جديده .

ضيق عيناه هاتفا باستنكار : حياه جديده 

أومات له واولته ظهرها : ده كان قرارك من الاول 

..........

عقد رعد حاجبيه بقوة وتلك الكلمه تتردد في أذنه بلا توقف : حياه جديده ....حياه جديده بعيده عنه 

هز رأسه واعتدل واقفا بينما ظل مكانه لوقت طويل بعد تلك الكلمات التي نطقت بها وتركته لتصعد وابي قلبه قبل جسده أن يتحرك من مكانه .... لقد أغلقت كل الابواب بوجهه وأخذت كلماته التي قالها بلسانه مفتاح لغلق اقفال تلك الأبواب بلا رجعه ....اضاعها من يده وهو يتغني بغرور زائف دون أن يدرك أن جرح الانثي لا تداويه الا الأفعال ......تنهد وفرك خصلات شعره ليقوم من مكانه ويقطع الغرفه ذهابا وإيابا وهو يزجر نفسه بكل اللغات أن مابينهما هو مجرد بضع درجات  فليذهب إليها ويعتذر لها ويتوقف عن العناد .....يدرك جيدا أن ما قالته قبل قليل هو رد فعل علي جرحه لها وعليه أن يتقبله منها ولكن مع كل خطوة يخطوها تضيع شجاعته وهو يسأل نفسه أن اقترب وطلب حبها مجددا هل ستقبل ام ستدعه يغادر وهو يجر أذيال الخيبه في أثره .....

.........


توقف امام باب غرفتها بتردد للحظات قبل ان يقررت استجماع شجاعته ويدير قبضه الباب ويدخل... نظرت صبا إليه بدهشه بينما كانت قد استلقت علي الفراش بجوار طفلها تلاعبه ظنا منها أنه غادر بعد حديثهم 

... نظرت إليه باستفهام : انت لسه هنا

هز رأسه دون نطق شيء بينما عيناه تركزت فوقها هي وطفله يسأل نفسه أن كان سيضيعهم من يده 

نظرت الي صمته باستفهام مجددا : في حاجه يارعد 

تعلثم ولم تسعفه الكلمات... لا بس كنت عاوزة اشوف إياد 

هزت راسها قائلا : تمام  

عادت لملاعبة الصغير الذي تعالت ضحكاته..لتحمله وتقوم به تجاهه تعطيه له قائله : انا هنزل اجهز له رضعته ....خليك معاه 

حمل الطفل منها وابتلع لعابه ببطء وعيناه تناجيها أن تتوقف عن معاملته بتلك الطريقه التي تحمل لطف كونه فقط اب لطفلها تابعتها عيناه وهي تتحرك تجاه باب الغرفه بحب واشتياق يود لو يجذبها الي ذراعيه وينهي كل هذا العذاب وينسوا كل ماحدث... خرجت منه تنهيدة عميقة لتصل الي مسامعها لتنظر نحوه متسائله.. في اية؟ 

هز رأسه لتتابع طريقها إلي الأسفل وكل نظراته وتصرفاته التي تغيرت تقلب كيانها .... بحنق وضعت علبه اللبن فوق الطاوله الرخاميه وهي تتبرطم ( برضه مش عاوز تتكلم ....فاكر اني مش فاهمه انك اتغيرت وحسين اد ايه جرحتني .....ازدادت نبرتها حنق وهي تتابع : جاي بعد ايه تتغير ....اييييه اللي بتعمله ده دلوقتي ....لا ياصبا اوعي ترجعي في كلامك .... اوعي يصعب عليكي أنه بيتعذب عشان هو يستاهل العذاب ده ...في ايده ينهي كل ده بس هو بيعاند ) 

اخذت قرارها وانتهي ....غفي طفلها علي ذراعها بعد ان انهي طعامه لتميل ببطء وتضعه في وسط الفراش بينما

ظل رعد واقف مكانه يتابعها في كل ما تفعله ...لتنظر نحوه  متسائله. : انت هتمشي دلوقتي ... يعني قصدي ...لو عاوز تمشي 

هز رأسه قائلا : لا مش همشي 

تفاجات ليتابع رعد وشجاعته تخونه باخبارها أنه لن يبتعد عنها ليتخذ من طفله مبرر لبقاءه : قصدي يعني هفضل هنا .. بقالي كذا يوم مش بشوف اياد ووحشني  

لا تنكر أنها شعرت بالغيظ منه لعدم تحدثه بصراحه عن كل ما تراه في عيناه .... وان تحدثت عن الصراحه فلتصارح نفسها هي الأخري بأن كل حديثها عن الابتعاد هو كذب وان كان يريدها فهي تريده ولا تريد الابتعاد عنه ولكنها تستحق منه اعتذار مصحوب بالندم والوعود ببدايه جديده لذا فلتتغير قواعد اللعبه من الآن ....! 

لتقول بهدوء : ده بيتك اكيد تقدر تفضل فيه زي ما تحب 

اغتاظ من حديثها الهاديء بينما عجز عن إيجاد مدخل لعودتهما ليقول وهو يهز رأسه : كل اللي املكه بتاعك انتي وابني ياصبا بلاش الحساسيه الزايده ...انتي في بيتك وانا اللي ضيف ياريت تقبليه .

التقت نظراتهما مجددا لتخفضها صبا علي الفور وتهز راسها بصمت ....اشار الي اياد قائلا : يضايقك لو أخذته ينام جنبي النهارده 

هزت راسها قائله : لا خالص ....بس بلاش تشيله عشان ميصحاش ...تراجعت بضع خطوات : تعالي نام جنبه وانا هروح انام في اي اوضه تانيه 

نظر لها كطفل صغير يترجي والدته أن تبقي وقرأت صبا رجاءه ولكنها تريد منه اعتراف وسماع لكل ما تراه في عيناه ....اتجه الي الفراش وتمدد بجوار ابنه لتستجمع صبا شجاعتها وتقترب ناحيته لتطبع قبله علي راس الصغير. 

توقفت أنفاسه في تلك اللحظة التي اقتربت بها وقد اخترقت رائحه شعرها التي يعشقها أنفه.. اغمض عيناه بقوة ليسيطر علي نفسه ولايظهر اي تأثر لاقترابها منه علي هذا النحو... فهي ربما تفسر ابتعاده عنها برود منه وليتها محقه بأنه لم يعد يحبها لما تعذب هكذا.... هو يهرب من اقترابها ويهرب من ضعفه امامها فقلبه يهفو اليها يريد وبشدة ضمها اليه  ووضع حد لعذابهما ومحو كل مابينها من اوجاع واساءه ولولا عقله العنيد الذي  رفض تماما اي محاولة لتدخل قلبه لما كان يصارع الان ..... ظن انه اختار الحل الاوسط وهو يخبرها بأنه سيبتعد ليرضي قلبه بعدم بعدها عنه ويرضي عقله بثباته علي موقفه وعدم الاقتراب منها وظن أنها لن توافق علي هذا ليتفاجيء بها توافق علي بعدهم ويبقي هو وسط صراع كرامته في اخبارها أنه لا يريد الابتعاد عنها 

اخفت صبا الابتسامة الماكره التي ارتسمت علي شفتيها حينما شعرت بارتباك مشاعره وهي تقترب منه أثناء تقبيل صغيرها وملامسه خصلات شعرها لذقنه لتبتعد تجاه الخزانه تسحب منها ملابسها مغادرة الي غرفه اخري  لتستند علي الباب تاركة العنان لسعادتها فكما أخبرت نفسها انه يحبها ولن يبتعد عنها  .... 

تنهد رعد بعنف في محاوله للسيطرة علي اعصابة بعد مغادرتها يحدث نفسه :  لو اعرف بس بتعملي فيا اية؟ 

زم شفتيه بغيظ من تلك الفتاه التي طالما أثارت جنونه.. مهما فعلت قادرة علي السيطره عليه بنظره من عيونها 

رفع اليه صغيره الذي فتح عيناه ليضعه رعد فوق صدره يداعبه وهو يرفعه صعودا ونزولا بذراعيه القويتن... عاجبك اللي ابوك في ده ياسي إياد... اهي عشان تبوس سيادتك اتعذب انا 

ضحك الطفل وكأنه يفهم عليه... ليرفع حاجبه... عاجبك صح... ماشي تعلالي بقي 

اخذ يدغدغ الصغير الذي كان يضحك ولكن فجاه تحولت ضحكاته لبكاء .... عقد رعد حاجبيه ونظر الي الصغير : مالك يا حبيبي 

وكأنه سيفهم ليحاول أن يحتضنه يداعبه ولكن بلا جدوى ...خرج من الغرفه تجاه الغرفه المجاورة ليستمع الي صوت المياه فيعرف أنها بالاستحمام .....ظل واقف مكانه يحاول تهدئه بكاء الصغير لحظات ولكن حينما لم يتوقف لم يجد بد من الطرق علي الباب .....اخيرا اخذت صبا دوش طويل دون أن تسرع بينما اطمأنت أن ابنها مع أبيه ولم تتوقع عجز رعد عن التعامل معه لتعقد حاجبيها وتخرج راسها من كابينه الاستحمام حينما استمعت لتلك الطرقات ....اخذت منشفه كبيرة وأحاطت بها جسدها وخرجت مسرعه تفتح الباب ليتجمد رعد مكانه وتسري الكهرباء بجسده لرؤيتها بتلك الهيئه....خصلات شعرها المموجه تقطر فوقها قطرات المياه وتنساب فوق جسدها المكتنز الذي أحاطته بتلك المنشفه التي أمسكت بطرفها بينما عيونها تسال بقلق عما حدث : في ايه ؟

استعاد رعد ثباته بينما خلبت عقله رؤيتها ليقول بتعلثم : مش عارف بيعيط ليه ؟

رفعت حاجبها بغيظ لم تنكره منه : مش عارف ... امال عارف ايه 

رفع حاجبه من هجومها عليه والذي كان له معني خفي ليهز كتفه : أخده للدكتور طيب 

هزت راسها قائله : هاته 

حملت طفلها وعلي الفور عرفت أنه بحاجه لتغيير حفاضته لتقول لرعد : عاوز يغير ....تعرف تغير له علي ما البس هدومي 

ضيقت عيناها لتلك النظره الرافضه التي ارتسمت بعيناه : لا بلاش 

نظرت له بغيظ : ليه بلاش مش ده ابنك ؟

اوما لها قائلا: اه بس مش هغيرله 

نظرت له بغيظ وتبرطمت : امال فالحين بس تخلفوا اتسعت عيناه من حنقها الواضح منه ولكن قبل أن يقول كلمه كانت تشير له : يلا اطلع وخلاص انا هغيرله 

قال بود : طيب خليني اساعدك 

هزت راسها وقالت بانفعال : مش عاوزة منك حاجه سيبه واطلع برا 

تحرك من امامها دون جدال بينما زفرت صبا بضيق من غضبها بتلك الطريقه التي لا تستطيع تفسيرها ...نعم غاضبه منه ولكنه لم يفعل شيء خاطيء فهو سألها أن يساعدها ....حاولت تجاهل شعورها بالضيق من نفسها وهي تتابع استبدال ملابس طفلها لترتدي ملابسها هي الأخري وتأخذ الصغير بحضنها تهدهده 

ليزداد شعورها بالضيق حينما وجدته يطرق الباب ويدخل إليها قائلا بود وحنان : انا جهزت ساندويتشات عشانك

نظرت له ليدخل ويضع الطبق علي الطاوله بينما يدرك أنه أخطأ ولكن الا تعطيه فرصه ....قالت بخفوت وغيظها منه يزداد لانه يفعل كل شيء بتلك الطريقه بعد أن أفسد كل شيء سابقا : شكرا 

هز رأسه ونظر إليها قائلا بهدوء : انا مقصدتش اضايقك اني مغيرتش لاياد ....بس مبعرفش 

زمت شفتيها وقالت بحرج : انا اللي مقصدتش اتعصب ...انا بس جايز مرهقه 

هز رأسه قائلا : بكره هكلم سوسن تيجي تساعدك 

هزت راسها قائله : لا مفيش داعي ....انا لازم اعتمد علي نفسي ...مش كل الامهات بيكون عندهم حد يساعدهم 

نظر لها وانفلت لسانه : جايز بس اكيد بيكون الاب جنبها وبيساعدها 

التقت نظرات كلاهما وقد ارهقه عتاب نظراتها التي سرعان ما ابعدتها عن عيناه وقلبها يشعر بالاسي 

....نظر إلي اياد الذي غفي علي ذراعيها قائلا : لو نام خليني اخده وارتاحي انتي شويه 

............

...

بعد ساعه او ربما أكثر لم يكد النعاس يداعب عيون رعد حتي فتح عينه بتثاقل علي بكاء طفله.. ليظل بضع لحظات غير مستوعب أين هو؟ ولا ماذا يحدث... ليتعالي بكاء الطفل فيفتح عيناه علي اخرهما مبعدا النوم عن جفنيه ويحمله ناظرا آلية بعدم فهم ليتململ الصغير بين يديه باكيا بشده... حاول ضمه اليه وقد قطب جبينه بعدم فهم....!! فالساعة تجاوزت الثانية عشر فلماذا يسيتقيظ طفل مثله ...؟! 

ليقول وهو يحمله : يابني مالك بس بتعيط ليه ماانا شايلك اهو... وبعدين دي جزاتي اني جيت انام جنبك يوم تصحيني دلوقتي ....اهدي بقي 

رفعه إليه ليري انهار من الدموع تنساب من عيناه الجميله فيلتاع قائلا وهو يتحرك بطفله ذهابا وإيابا : ليه كل العياط ده ....عاوز ايه ...تلعب شويه طيب ....قولي اعملك ايه بس اوعي تقول عاوز ماما عشان لو روحت ليها دلوقتي هتتعصب تاني 

افلتت ضحكتها الساحرة حينما وجدته يحدث طفله بهذه الطريقة .... التفت اليها ليجدها واقفة لدي باب الغرفة ويبدو انها استيقظت من بكاء الصغير... بينما هي لم تنام من الاساس وبقيت تفكر في عناد هذا الرجل الذي ركع امامها سابقا والان يتواري خلف مبرر ليبقي معها 

اقتربت منه ومدت يدها لتأخذ الطفل وهي تقول : انت بتكلمه؟ 

فرك عنقه بيده مبررا.. يعني هو اية اللي مصحيه دلوقتي؟ 

هزت كتفها : اكيد جعان... وانت فاكرهم زينا بيناموا طول الليل 

رفع حاجبة يستنكر غباءه فهو طفل بالتاكيد يستقيظ ليلا 

قالت وهي تضم طفلها اليها : ممكن تنزل  تجهزله اللبن بتاعه؟ 

قال وهو يتجه الي الباب  : اه... بس بيتعمل ازاي؟ 

: هتلاقي علبه اللبن .... شرحت له كيفيه تحضير اللبن ليغيب للحظات ثم  يعود  حاملا للببرونه.... لتتناولها منه فتجدها ساخنه جدا لتقول باستنكار : ايه ده دي سخنه اوي 

هز كتفيه قائلا بيأس : انتي قولتي اجربة علي أيدي ولو استحملته يبقي تمام وانا استحملته 

ضحكت قائله : ده انت حمال اسية بقي... دي بتغلي مش سخنه بس 

مدت يدها بالطفل قائله : خده بقي لغاية ماانزل ابرده وارجع

كانت لحظات من الجحيم والطفل لايتوقف عن البكاء ورعد ينظر اليه بغيظ... يابني بس بقي بطل عياط صوتك بيرج البيت كله... بتعيط ليه رد عليا 

عادت لتأخذ منه الصغير ولاتستطيع منع نفسها من الضحك لينظر اليها بغيظ.. ممكن افهم اية اللي بيضحكك كدة 

جلست لتبدا باطعام الصغير وهي تقول:ابدا.. شكلك تحفه وانت عامل عقلك بعقله....مش انت قولت عاوز تنام جنبه ...اهو ده العادي بتاعه كل يوم 

نظر لها وقد شعر بمقدار ما يفقتده بوجوده كأب بجوارهم ليفرك خصلات شعره قائلا : هو بيعمل معاكي كده كل يوم 

هزت راسها ليسألها : وانتي بتنامي ازاي 

هزت كتفها : مش بنام الا نص ساعه بالكتير كل شويه 

فرك عنقه ليضحك هو الاخر قائلا... انا عرفت انتي بقيتي عصبيه ليه 

رفعت حاجبها بينما قال بمشاكسه :  كفاية السارينه اللي بيشغلها في نص الليل لازم تبقي عصبيه ومش طيقاني 

ضيقت عيناها باستفهام : وانا مش هبقي طايقاك ليه 

قال بعبث محبب : مش انا اللي خلفته 

احمرت وجنتيها وخفضت عيناها قائله بتوبيخ : بطل قله ادب 

كتم رعد ضحكته التي ملئت قلبه وهو يري الود ياخذ طريقه بينهما 

وضعت صبا الزجاجة الفارغة من يدها لتحمله مجددا وتبدأ بالمشي به لينام.... تابعتها عيناه ليبتلع لعابه بصعوبه فلم يلحظ من قبل ما ترتديه... فقد ارتدت قميص من الساتان باللون القرمزي كشف عن ساقيها الممشوقتان وقد كشف عن عنقها ومقدمه صدرها... مسح وجهه بعصبيه وحاول أبعاد عيناه عنها لتخونه إرادته وتعود عيناه مجددا للنظر نحوها وهي تسير حافيه القدمين ببطء امامه ذهابا وايابا تحمل الصغير.. وشعرها يهتز علي ظهرها. 

حدث نفسه بحنق... كله بسببك يا إياد....كان لازم تعيط يعني 

حمحم بصوت اجش وهو يقول : هو مش خلاص اكل... هاتيه بقي وروحي نامي 

نظرت نحوه ولم تنكر ان داخلها غضب من عناده فهو مازال يبعدها لتردد بداخلها..ماشي لمانشوف اخرتها يارعد 

اقتربت منه لتعطيه الطفل فلامست يداه ذراعيها ليشعر بالشراراة تسري بجسده ليأخذ الطفل بسرعه قائلا... انا هنيمه 

حمله ليستكين الي دقات قلبه وينام بهدوء فتنسحب خارجا... 

جلس علي الفراش يحاول التقاط انفاسة التي بعثرتها بقربها ليتعالي مجددا بكاء الطفل فور وضعه علي السرير... فحمله وظل يجوب به الغرفة ومع ذلك ظل يبكي... عادت الي الغرفة لينظر نحوها باستجداء: هو مش اكل.. بيعيط تاني لية 

حملته ليصمت الصغير عن البكاء فينظر له بحنق ويقول له بغيظ : .. ده انت قاصد بقي 

قالت ضاحكه وهي تراه يحدث طفله وكأنه شخص راشد : بتقول حاجة 

هز راسه فيبدو انها سمعت غمغمته : لا بس ماانا كنت شايلة.. مسكتش غير معاكي 

هزت كتفها قائله : تلاقيه حس انك حطيته علي السرير. 

تثاءب وهو يقول : وفيها اية لما احطه وانا هفضل واقف بيه طول الليل 

همست له بينما بدء الطفل يغفو : هما الأطفال كدة بيحبوا يحسوا انك جنبهم .. 

نظر نحو الطفل الذي عاد للنوم ليقول... هاتيه بقي اهو نام خلاص 

ماان مدت يدها له به حتي بكي الصغير مرة اخري... ليقول بمكر وهو يتظاهر بالاستسلام : الأحسن تنامي جنبه 

نظرت إليه ليقول ببراءه مزيفه : بدل ما كل شويه يصحي ويعيط ....

قال وهو يذهب للجهه الاخري من السرير ومازال يتظاهر بالبراءه : انا هفضل جنبكم يعني عشان لو احتجتي اعملك الببرونه تاني 

أومات وهي تجاريه في مكره لتجلس علي طرف الفراش وعلي ذراعها طفلها وباليد الأخري تحاول تعديل الوساده خلفها فيسرع رعد يميل عليها يعدلها له وليته لم يفعل بينما وجد نفسه أمام تلك الفاتنة ....امتزجت أنفاسهم بينما لم يكد يفصل بينهم بضع انشات ....اهتزت نظرات عيناه التي امتلئت بالاشتياق تجاهها وكأن هناك خيط خفي يجذبه إليها ليجد عيناه تتلكأ فوق شفتيها التي كاد يلامسها لولا أنها تهربت منه قائله بأنفاس مبعثره : 

نام بقي قبل مايصحي يعيط تاني 

تمددت علي الفراش وهي محتضنه صغيرها الذي غفا علي الفور.... فيما أغلق رعد عيناه بقوه مجبرا نفسه علي النوم فهو يعرف ان استسلم لتفكيره لن تمر الليلة علي خير... ليستلم سريعا لسلطان النوم فهو مرهق كثيرا تلك الأيام... 

وماهي الا ساعات قليلة ليستيقظ إياد مجددا باكي ولكنه شعر بها سرعان مااستيقظت وحملته الي صدرها فلم يفتح عيناه حينما شعر بها ترضع الصغير الذي هدا ونام مرة اخري ليشعر بها تستلقي بجواره مرة اخري ولكن تلك المرة نامت أقرب لتضع راسها بعفويه علي ذراعه ولايفصلهما شئ سوي الصغير المستقر علي ذراعه بينهما..... 

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

6 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. تسلم ايدك يا رونا ❤️

    بس ايه العند دا كله رعد عنيد جدا .. بس بصراحه مش خساره فى طيبه قلبه اللى صبا بتعمله فيه 😂

    ردحذف
  2. رائع جداً جداً

    ردحذف
  3. فصل رائع وممتع

    ردحذف
  4. البارت روعه تسلم ايديكي

    ردحذف
  5. رعد ده عنده عقده فعلا من حبه لصبا مع كميه عند تضيع اي تفاهم. وصبا مهما ان كانت أفعال رعد معاها فهي انسانه متهوره ومتسرعه وبتحب الهروب من المشاكل. الحل في مشكلتهم هو الصراحه مع وعود غليظه بالحفاظ على علاقتهم وتنقيتها من رواسب الماضي. شابو يا رونا

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !