حكايه عمر الفصل العاشر

2


 تابعت شهد بصوت مرح وضحكه لا تتوقف اخبار والدتها بمختطفات مرحه عما دار بينها وبين عمر ( كان نفسه في ساندويتشات ...ويقولي بانيه وكفيه ههههه )

توقفت يد منيرة عن تقطيع الخضار والتفتت إلي ابنتها بعيون حاده : وانتي شوفتي عمر بيه  فين ؟

قالت شهد بعفويه بينما تتابع تنشيف الاطباق واعادتها لمكانها : روحت له القسم اللي بيشتغل فيه 

عقدت منيرة حاجبيها بقوة واتجهت الي ابنتها تهتف بها باستنكار : روحتي له 

أومات شهد لتلكمها والدتها بكتفها وتجذبها بحده من ذراعها معنفه : وانتي تروحي له بتاع ايه ....بت انتي انتي ايه حكايتك معاه !

انزعجت ملامح شهد من كلام والدتها التي رددتها باستهجان : حكايه ايه ....ايه اللي بتقوليه ده يا ماما ؟

دفعتها منيرة بحنق في كتفها : بقول اللي انا شايفاه ....ايه يابت انتي ناويه علي ايه ...مالك وماله ؟ 

هتفت شهد بدفاع عن نفسها ومازالت نظرات الاستنكار تغلف ملامحها : ماليش ياماما بالطريقه اللي في دماغك ....

زجرتها والدتها بحنق : وهو ايه اللي في دماغي ياشهد ....شاب وحتي أهله عارفين أنه صايع وداير طول الوقت ورا البنات وانتي رايحه له برجلك يبقي ايه في دماغي 

احتدت ملامح شهد وجزت علي اسنانها بغضب لتهتف بدفاع عن عمر : قولتلك رايحه اطمن عليه ...عشان 

انا بحب عمر بيه زي اخويا وروحت اطمن عليه عشان أنا منستش وقفته جنبي طول الوقت 

ألقت بالمنشفه من يدها وخرجت بغضب متبرطمه : هو كل حاجه لازم تكون وحشه في دماغكم ...مفيش ابدا حساب للعشرة ولا العيش والملح 

التفتت الي والدتها وتابعت بعتاب قبل أن تغادر المطبخ : وعيب اوي تتكلمي عنه كده وافتكري أنه اطيب واحن واحد في البيت ده 

ضربت منيرة طرف الطاوله الرخاميه بيدها بينما بالرغم من تعنيف كلمات ابنتها لها إلا أن عقلها وقلبها الذي يخشي علي ابنتها كان إحساسه اقوي خاصه مع دفاع ابنتها الدائم عنه لتندفع خارج المطبخ بغضب .....اتجهت الي الاعلي ولكنها قبل أن تطرق باب غرفه زينه تراجعت ....أنها والدته وبالطبع ستدافع عنه لذا عادت للاسفل مجددا وبقيت متأهبه بانتظار عوده عاصم الذي ما أن عاد حتي اتجهت إليه بوجل : عاصم بيه ممكن اتكلم مع سيادتك كلمتين 

اوما عاصم : قولي يا منيرة 

خفضت منيرة صوتها وهي تهمس لعاصم بما حدث وتتابع : دي مهما كان عيله صغيرة يا عاصم بيه وانا خايفه عليها وخايفه تكون متعلقه بعمر بيه وتفكر كلامه وهزاره معاها علي أنه حاجه تانيه 

خفضت عيناها بخجل وفركت يدها وهي تتابع باعتذار : انا اسفه يا بيه بس انا ام وخايفه علي بنتي 

اوما عاصم بتفهم ليقول بهدوء : ماشي يا منيرة متقلقيش انا هكلم عمر مالوش دعوه بيها

هزت منيرة راسها بامتنان : شكرا ياعاصم بيه 

زم عاصم شفتيه بحنق ممزوج باليأس من تصرفات ابنه ....ما أخبرته به منيرة ليس به شيء اذا خمن أن هناك شيء خلف حديثها ربما لم تخبره به ولكن مؤكد هناك شيء دفعها لتتحدث معه بشيء كهذا. ....

منذ أن ترك المنزل وهو لا يجيب علي اتصالات والدته أو أخيه وفقط يكتفي بارسال رساله أنه بخير ولكن ما أن رأي رقم عاصم وجد يده تلقائيا تجيب بينما بداخله شيء خفي يحركه شيء ما دوما بداخله ويتجاهله وهو مكانه أبيه الخاصه بقلبه مهما ظهر للجميع العكس واولهم أبيه الذي بداخله نفس الشيء لهذا الصغير المتمرد الذي فقد صلته القريبه به في الطريق الصعب لتقويمه والذي ظنه الطريق السليم 

: بابا 

ابتلع عاصم ببطء بينما التاع قلبه شوقا الي مشاكسه الصغير الذي يملاء المنزل بالمرح ومع غيابه أصبح المنزل كئيب ....استجمع عاصم جمود نبرته وهو يقول : انت مش ناوي تعقل ياعمر 

استجمع عمر هو الآخر جموده بينما يقول باقتضاب ممزوج بسخريته ليس من أبيه ولكن من تلك الرغبه التي تداعب قلبه دوما وتخبره أنه بمكانه خاصه لدي أبيه ...تلك الرغبه التي خيلت له أن أبيه يتصل بيه اشتياقا له وطلبا منه أن يعود الي منزله الذي افتقده ....فهو بين السطور عكس ما يبدو عليه فهو كائن محب لجو الالفه بالمنزل يعشق وجوده بين عائلته ويعشق الطعام البيتي ولا يحب التواجد خارجه عكس ما يبدي دوما 

: ايه هو انا عملت مصيبه جديده وانا مش واخد بالي 

وكالعادة بضع كلمات ساخره تشعل فتيل الغضب والتحدي بين كلاهما فهاهو كعادته يستفز عاصم بنبرته التي تحمل تهكم خفي ليجز عاصم علي أسنانه ويقول بحنق : مالك ومال شهد ...ايه مش مكفيك الخمسين الف واحده اللي تعرفهم ووقفت معاك علي البت الغلبانه 

عقد عمر حاجبيه باستفهام ...ماذا فعل لشهد .. ؟!.

ليقول باستفهام : مالي ومالها .....انا معملتش ليها حاجه 

اوما عاصم وقد ظن ابنه يراوغه ليقول بجديه : ومش هتعمل ليها حاجه ....انا بحذرك ياعمر تفكر تقرب منها تاني ولو شوفتها برا البيت اياك حتي تكلمها ..فاهم !

سحب عمر نفس عميق ولم يزفره بل حبسه بصدره وهو يستمع لتحذير أبيه الي النهايه وعكس ما توقع عاصم لم يجادل أو يتناقش ليقول فقط باقتضاب : حاضر ....في أوامر تانيه 

داعب الندم قلب عاصم ولمن عمر لم يسمح له بالتراجع لينهي المكالمه وهو يقول ببرود كعادته : سيادتك تأمر يا عاصم باشا 

القي عاصم الهاتف بجواره وجذب ربطه عنقه بضيق بينما تملك منه اليأس وهو يري الجفاء بينه وبين صغيره يزداد كل يوم عن ما قبله ويري أن كل السبل بينهما تتقطع قبل أن تبدأ ....مجرد محادثه عاديه لابد انت تضيف الي علاقتهم المزيد من الجفاء والتوتر. .....

لم يكد يهديء حتي وجد العاصفه التاليه تهب بقدوم زينه التي لم تتمثل بينما تهتف به بغضب وانفعال : ممكن اعرف ابني هيرجع البيت امتي ؟!

هز عاصم كتفه بيأس بينما هي الأخري لا تفهم موقفه وقد يأس من التبرير : وهو انا طردته ....يرجع وقت ماهو عاوز 

هتفت زينه بغضب : انت اللي لازم ترجعه ....كلمه وخليه يرجع حتي لو بالعافيه.  ..... قبل أن يقول عاصم شيء كانت تتابع بالمزيد من اللوم والتقريع: انت السبب أنه يمشي وانت قدامي مجبر ترجعه

اتجه سيف ناحيتهم بينما تعالي صوت الجدال بينهما : في ايه يا ماما ؟

لم تقل زينه شيء لسيف بل التفتت بانفعال تجاه عاصم الذي قام من مكانه وكان علي وشك المغادره 

: لو عمر مرجعش البيت أنا هسيبه 

نظر لها عاصم بحده وعاد تجاهها بغضب اشعلته بجداره ليتدخل سيف : ايه الكلام ده يا ماما ....اهدي لو سمحتي 

اتجه ناحيه أبيه : بابا معلش ماما متقصدش هي بس متضايقه من اللي حصل 

رحب عاصم بتدخل سيف بينما لا يريد أن يتشعشع الجفاء بينه وبينها أكثر ليهز رأسه بصمت ويتجه الي غرفته بينما نظر سيف الي والدته بعتاب : ايه ياماما اللي جرالك ....انتي طول عمرك هاديه 

ليه بتكبري الموضوع وهو بابا ذنبه ايه 

وكما قالت جوري كان سيف يقول نفس الحديث : بابا مالوش ذنب في اللي بيحصل وهو في الاول والاخر خايف علي عمر ....سيبيهم يحلوا مشكلتهم مع بعض ياماما وبلاش تقفي في صف واحد منهم لأن محدش فيهم ضد التاني ....هما بس مختلفين ولازم واحد منهم. يعرف كده ويقرر يتنازل ويقبل اختلاف التاني .

.............

.....

ربتت فيفي علي كتف غرام : معلش يا حبيتي 

هتفت غرام ببكاء : وانا اعمل ايه بمعلش اهو العريس راح مني 

نظرت لها فيفي بجديه : وانتي كنتي يعني تعرفيه عشان تعيطي عليه 

هزت غرام راسها : لا بس كان عريس كويس ومتقدم ليا ....لحد امتي هفضل محلك سر ولا شغل ولا جواز ...انا زهقت وامي مش حاسه بيا وكل اللي علي لسانها اني بتدلع 

: معلش يا حبيتي امك برضه شقيانه طول الوقت وعشان كده شايفه انك بتتدلعي 

نظرت غرام الي فيفي بعتاب : طيب وانا مش زي اي بنت نفسي افرح ويكون ليا حياه 

نظرت إلي فيفي وتابعت ببراءه وعقل محدود يحكم بالمظهر : انا نفسي ابقي زيك يا فيفي ....نفسي يبقي ليا حياه لوحدي ..البس وأخرج واتفسح ...مش عاوزة افضل طول اليوم في البيت اخدم امي واخواتي 

وضعت عزه صينيه الحلويات والعصير من يدها بوسط الطاوله أمام غرام لتقول : والله عندك حق يا بنتي ....انا عارفه ام ايه دي اللي مش عاوزة تفرح ببنتها

تمصمصت بشفتيها وتابعت : وهو كان ايه عيبه العريس ولا عاوزة شاب صغير مش حيلته مليم يقرفك معاه 

تنهدت وتابعت : نهايته ...بطلي عياط انتي بس وخدي اشربي العصيرده وروقي دمك 

زفرت غرام وبكت كطفله : مش هروق يا طنط .....امي دي ولا كأنها عدوتي ....مسحت دموعها بطرف يدها وتابعت : اول امبارح لقيت شغل في مصنع هدوم ...اقف فيه علي العمال مشرفه ...مرضتش عشان الشغل بعيد وبيخلص متأخر 

تهكمت وتابعت بسخط : ال يعني هشتغل مديرة جنب البيت واروح واجي بميعاد 

تابعت بسخط أكثر كلمات والدتها ( انا مش عاوزاكي تتبهدلي زيي ولا عاجبك الشقي اللي انا فيه )

زفرت وتابعت : واهو لما جه العريس اللي يريحيني برضه رفضته 

نظرت إلي عزه وكأنها طوق النجاه بينما لم تكن أكثر من حيه تتخفي بصورة حبل النجاه : قوليلي يا طنط اعمل ايه ....قوليلي ؟

رفعت عزه حاجبها بتفكير قبل أن تتابع بخبث :  والله اللي زي امك دي ملهاش الا انك تحطيها قدام الأمر الواقع 

نظرت لها غرام باستفهام : ازاي 

نظرت لها عزه بمكر وتابعت : اقولك .. !

...........

....


( بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ) 

ختم المأذون كلماته بينما يعطي الدفتر لنديم يوقع علي قسيمه الزواج وتبعها رشدي الذي وضع توقيعه بابتسامه هادئه لتتهادي ابتسامه منتصره ارتسمت علي شفاه نديم بينما التوت شفاه صادق بالسخط وهو يوقع علي الوثيقه وهناك ريم التي اعتصرت القلم بين يدها وهي تضع توقيعها .....واخيرا كانت ابتسامه خبيثه ارتسمت علي شفاه سلمي التي اقتربت منهم وقالت بسعاده زائفه بينما تقول : مبروك يا ريمو 

رفعت هاتفها وهي تحيط كتفها بذراعها وتقربها من نديم : يلا ناخد صورة كتب الكتاب 

احتقن وجه ريم بالحنق لتنظر الي سلمي التي همست بها بوعيد : افرحي عشان اللي جاي عذاب 

.........

...

دار عمر حول نفسه بحنق وغضب طال لحظات قبل أن يكذب علي نفسه ويتظاهر بالبرود فلا شيء جديد يحدث ليجعله يتضايق من أبيه فما حدث العادي ....جلسه امتلئت بالضحك والنكات ظنها عمر ستجعله كالعاده يتجاوز غضبه ولكنه بعد ساعه شعر بالملل ....مالت أحدي الفتيات تجاهه : مالك يا موري مكشر ليه ؟

هز كتفه : ابدا ...انا بضحك اهو 

نظر له أحد أصدقاءه قائلا : شكلك زهقان زينا ياسيوفي ....احنا بكرة طالعين السخنه ايه رايك تيجي معانا 

تدخلت أحدي الفتيات بلهفه : اه ياعمر تعالي معانا ....هنغير جو يومين 

اوما عمر وهو يعتدل واقفا : ماشي هشوف واكلمكم 

نظرت له احدي الفتيات : انت رايح فين يا عمر ...لسه بدري 

هز رأسه قائلا : لا عاوز انام 

خرج من المكان وهو يشعر بالضيق  أكثر بينما بالرغم من كل الجموع حوله إلا أنه يشعر بالوحده والافتقاد لكل شيء .....تحرك بسيارته وهو يمسك هاتفه ليقلب بين الارقام ولكن ما أن اختار اسم سيف حتي تراجع عن الاتصال وكذلك فعل مع ايهم بالرغم أنه يشعر برغبه وحنين في الحديث معهم إلا أنه تراجع فلا يريد أن يشعر أحد بضعفه ليجد أنامله تلقائيا تطلب هذا الرقم .....ابتسامه هادئه تهادت الي شفتيه ما أن استمع لنفس النبره التي تنطق بها اسمه والذي بها حنين يكافيء حنينه لوجود أحد بقربه : عمر 

بالرغم من مرح نبرته إلا أنها حملت هدوء مستحدث عليه وكأنه كان يركض طويلا واخيرا يريد التوقف والشعور بالراحه :  اكلتي الملوخيه 

ضحكت برقه : اه وواقفه بغسل الاطباق 

نظر في ساعته ،: انتي بتتغدي متأخر كده 

هزت راسها وتابعت بعفويه : لا بس كالعاده تيته لازم تقعد ساعتين تزعق فيا لغايه ما اخلي عندي دم وأقوم اغسل الاطباق 

ضحك عمر : صعب اوي غسيل الاطباق 

تنهدت قائله بجديه : طبعا وانت هتعرف منين ما انت راجل .....ياعيني علينا احنا وكأن المواعين دي مكتوبه علينا 

ضحك عمر وانفلت لسانه :كأني بكلم شهد 

مجددا نطق اسمها لتسأله سيلا بفضول : انت قريب منها اوي كده 

عقد حاجبيه: مين ...شهد 

: اه 

هز رأسه : يعني يعتبرها أختي الصغيرة 

ضيقت وسيله حاجبيها بفضول : انا فاكره أن كان عندك اخت

اوما عمر : اه جوري ....اكبر مني في كل حاجه 

وضعت وسيله اخر طبق من يدها وأغلقت المياه وجذبت المنشفه لتبدا بتجفيف الاطباق وهي تسأله : يعني ايه 

قال عمر بفخر وهو يتحدث عن جوري : يعني شبر ونص بس دكتورة في الاقتصاد و  ceo  لشركه اوراق ماليه ....بنوته مفيش منها زي القمر شيك اوي وحلوة اوي وهاديه اوي وشاطره اوي 

ابتسمت وسيله تلقائيا وهي تحاول تخيل أخته التي يتحدث عنها بهذا الفخر : ماشاء الله ....من كلامك عنها خلتني نفسي اشوفها 

قال عمر بعفويه : قريب اعرفك عليها 

مجددا عاد ليسألها : ها بقي قوليلي الملوخيه كانت حلوة ....ضحك وتابع : طبعا بصرف النظر عن الاطباق 

أومات سيلا : كانت تحفه ...تيته كانت عملاها بمزاج 

اوما عمر : بالهنا والشفا

: طيب انت اتغديت ايه 

رفع حاجبه قائلا بعدم تذكر : ساندويتشات ....هزت كتفه وتابع : مكنتش فاضي واكلت وانا في الشغل 

: كان عندك شغل كتير 

: يعني 

نظر عمر الي هاتفه بعدم تصديق بينما مضت ساعه يتحدث بها معها دون أن يشعر كلاهما الا حينما انقطع الاتصال بعد مرور ساعه .....انتبه عمر أنه مازال واقف بسيارته في الطريق بينما يعاود الاتصال بها ليقول كلاهما بنفس اللحظه : تصدق محستش بالوقت 

ضحك كلاهما ليأخذ عمر دفه الحديث ويقول بجديه : انا فعلا محستش بالوقت ....تخيلي اني كل ده واقف في الشارع 

قالت وسيله بعدم تصديق : بتتكلم جد 

اوما لها ليدير سيارته ويتحرك بها تجاه الفندق حيث يقيم ومازال الحديث يتدفق بينهما بألفه غريبه ولكنها مريحه للغايه بنفس الوقت لتمر ساعه تلو الأخري حتي علي مضض قال لها : تصبحي علي خير 

أومات سيلا : وانت من أهله 

ضحك وقال قبل أن يختم حديثه : هبقي اكلمك الصبح تحكيلي اخبار العيش بالجبنه السايحه والبسطرمه ايه

ضحكت وسيله قائله بينما تخرج الطعام من الفرن : طيب ما تخليك معايا احكيلك وانا بأكل ...انا خلاص طلعته من الفرن 

بالطبع رحب ليمتد الحديث بينهما الي الفجر ولا يشعر ايهما بالملل من قريب أو من بعيد 

..........

..

عقد سيف حاجبيه ورفع رأسه تجاه ابنه مراد ينظر له بعدم فهم : ايه ؟

كرر مراد سؤاله بنفس العفويه: بسألك الواحد لما يحب يتخانق مع مراته يعمل ايه ؟

اغلق سيف الملف الذي أمامه والتفت بكامل جسده تجاه ابنه الذي لم يفهم شيء من سؤاله : مش فاهم !

قال مراد وهو يهز كتفه : يعني يابابا اتلكك بأيه عشان اتخانق معاها ....انت مثلا كنت بتتخانق مع ماما علي ايه ..؟

مازال سيف في ذهوله من السؤال ليقول وهو يهز رأسه : اعوذ بالله وهو حد يجري ورا النكد ...خناقه ايه اللي بتدور عليها استهدي بالله وفهمني 

فغر فاه سيف ببلاهه ونظر الي ابنه الذي 

اوما باقتناع : مفيش انا عاوز اتخانق وطالبه معايا خناقه وعمال اتلكك بس هي مش مدياني فرصه 

رفع سيف حاجبه باستنكار : انت بتتكلم جد ولا بتهزر 

هز مراد رأسه بجديه : بتكلم جد ....ضم قبضته تابع بانفعال : متغاظ وهطق منها ....عمال استفزها وهي ساكته 

هتف به سيف بعدم تصديق : وانت بتستفزها ليه يا ابني 

...حد يدور علي النكد 

نظر إلي ابنه وتابع باستفهام : طيب فهمني انتوا متخانقين

راوغ مراد في الحديث : العادي يا بابا 

سحب سيف نفس عميق قبل أن يقول بجديه محذرا : بصرف النظر اني مش عارف سبب اللي انتوا فيه بس خد بالك أن سكوت الست له معني كبير 

نظر إليه مراد باستفهام : معني ايه ؟

قال سيف وهو يهز كتفه : لما الست بتسكت بتكون زهقت ويأست .... طول ما هي بتحبك بتتخانق معاك ....إنما لما بتسكت بمعني اصح بتكون رمت طوبتك 

اهي بتعدي يومها من غير مشاكل وخلاص وبتشوف حاجه تانيه تشغلها ...باختصار مبقتش تهتم 

عقد مراد حاجبيه باستنكار : قصدك مبقتش تحبني ؟!

هز سيف رأسه : مش شرط انا بتكلم في العموم ......يعني في حالتك جوري في العادي هاديه ومش بتحب المشاكل وجايز عشان كده زي ما بتقول بتسكت وانتوا برضه بقالكم كذا سنه متجوزين فالسكوت احيانا مرحله بتمر علي المتجوزين ...يعني حاله خرس زوجي ....حاول تغير جو انت وهي بدل ما انتوا طول الوقت لوحدكم وزهقانين ...كده احسن بظل الخناق 

هتف مراد بحنق من بين أسنانه : ماهو انا زهقت من الملل ده وعشان كده عاوز طفل 

نظر له سيف بعتاب : انا مش هتكلم معاك في الموضوع ده ...انا وامك اتكلمنا معاك كتير وانت قفلت الباب وقولت انكم متفقين 

اوما مراد بوعيد وكأنه يحدث نفسه : وخلاص مبقتش عاوز الاتفاق ده 

نظر سيف الي حاله ابنه التي تصفها كلمتين بالعاميه ( لا علي حامي ولا علي بارد ) وبالفعل هذا هو مراد يتقلي علي الجانبين ولا يجد راحه ....صمتها وتقبلها لاستفزازه بدلا من أن يهدأ مما ظنت جوري جعلته يستشيط غضبا أكثر 

: مراد 

نظر مراد الي ابيه الذي قال بحياديه : انا اول واحد مش عاوز الاتفاق ده بس ده ميمنعش افكرك بحاجه 

اوما مراد الي ابيه : حاجه ايه ؟

تمهل سيف وهو يقول بجديه : أن أي اتفاق حتي لو انت مش راضي عنه إلا انك وافقت عليه وعشان كده لما تيجي ترجع في اتفاقك في اي حاجه يكون ده في عقلك .....انت بترحع في كلامك أو اتفاقك والطرف التاني من حقه ميقبلش 

اهتاج مراد بغضب : غصب عنها هتقبل 

زم سيف شفتيه قائلا بهدوء : انا مش بقول كده عشان تتعصب انا بفهمك ....رجعت في اتفاقك معاها مفيش مشكله بس مش تعمل مشكله ...لا بالعقل وبالسياسه وقبل اي حاجه بالحب .....موضوع غضب عنها والعربيه بتاعتك دي مش صح 

تنفس مراد بحنق وهو في طريق عودته للمنزل بينما كلمات أبيه التي حذف آخرها هي كل ما تردد بعقله ....صمتها يعني أنها لم تعد تحبه أو تهتم .. ! 

ازداد غضبه الداخلي حينما عاد للمنزل ووجد كالعاده الهدوء يعم ارجاءه ....

لم يري جو المنزل الهاديء المرتب الذي يبعث علي النفس الهدوء والراحة بينما اهتمت جوري بتهيئه الجو لتهدئه الأجواء بينهم فقبل أن يعود كانت قد جهزت الطعام الشهي ووضعت موسيقي خافته واشعلت اضاءه هادئه 

وجلست بانتظاره ولكنه لم يري كل هذا بل رأي أنها لا تهتم بشيء إلا الكتاب الذي بيدها ...تلك الأرقام التي أصبحت تخنقه وظنها تأخذ كل اهتمامها ....

اغلقت جوري الكتاب ووضعت تلك الأوراق التي كانت تكتب بها من أجل رساله الدكتوراه التي تعدها جانبا ما أن دخل الي المنزل لتقول له : ثواني والعشا يكون جاهز 

اوما بصمت بينما تمهلت جوري لحظه تدون بها اخر ملاحظه كانت بعقلها قبل أن تتجه لتجهز طاوله الطعام .....بغيرة واضحه نظر مراد الي يدها التي تدون بها تلك الكلمات بينما لم يلحظ سرعتها وهي تكتبها خشيه ان تنساها ولم يري شيء إلا أنها لم تعد تهتم به ليكور قبضته وبهيمنه واضحه كان يقول : جوري 

نظرت له وسرعان ماكانت تنطق : خلاص انا قايمه 

لم يمنحها قراره الذي نطق به الوقت وكأنها تاخرت عليه ساعات وليس بضع ثواني ليعاقبها أشد عقاب 

: من بكره مفيش شغل تاني 

سقط القلم من يدها ورفعت عيناها اليه بعد استيعاب لينهي مراد قراره بتكراره : من غير جدال .... انا مش عاوزك تشتغلي وعاوزك تتفرغي ليا انا والبيبي اللي جاي أن شاء الله ...ختم حديثه بكلمات مبطنه بالسخريه : وابقي خدي وقتك في مذاكرة الدكتوراه مش هيبقي وراكي حاجه ...اهو خديها في سنه ولا عشرة مش فارقه ....!

لو صرخت بكل ما بداخلها وانفجرت به هل تكون ملامه .....مهما يكن حديثه سواء محق أو لا إلا أن الضغط لا يولد شيء إلا الانفجار ....انفجار وشجار توقعه مراد ولكنه لم يجد شيء إلا نظرات عتاب في عيونها وكأنها تخبره أنها تفعل ما في وسعها وتتقبل منه كل شيء فلماذا يضغط باقصي قوته أكثر عليها ليتمادي رافض أن يكون بتلك الصورة وكأنه طفل مشاكس : لو عاوزة تتخانقي معنديش مشكله ولو عاوزة تشتكي لأهلك برضه معنديش مشكله ....اللي بطلبه حقي كجوزك ....حقي ومحدش هيقدر يجادل معايا فيه 

لاتعرف جوري حقا من اين لها كل ذلك الثبات والقدره علي التحمل بصمت بينما بعقل عملي حدثت نفسها بأطراف المعادله .... لن تقبل قراره وستثور سيكبر الأمر بينهما ويتدخل أطراف خارجيه لحل مشكلتهم .....مشكلتهم هما وليس الآخرين هم فقط من يعيشوا ويعرفون اسباب مشكلتهم فلماذا يتدخل الآخرين ....عقل كبير بالنسبه لسنها وكأنها اكتسبت خبرة لسنوات .....هل حل مشكلتهم أن تذهب لعائلتها ....هل لا تستطيع حل مشكلتها مع زوجها ....؟!

نفس عميق أخذته وهي تهديء من نفسها بينما تتحدث بمنتهي العقل مع نفسها ...انه غاضب ويتذرع الأسباب من أجل إفراغ شحنه غضبه لذا فلتتقبل ثورته وهو سيهديء لذا لم تغير شيء من خطتها للمساء ليتفاجيء مراد بها تدخل إليه وتقول بهدوء : العشا جاهز 

التفت لها بعدم تصديق ...هل تقبلت قراره ام أنها لم تعد تهتم بشيء لتلك الدرجه ....لقد مسح طموحها وخططتها للمستقبل بكلمه فلماذا هي صامته .....لم يفكر للحظه أنها تحبه لتلك الدرجه ....أن تفهمه وتلتمس لغضبه عذر لم يطلبه ...بالتأكيد لا يتخيل أن كل تفكيرها بأن لكل مشكله حل ومادامت مشكلتهم فهم سيحلونها سويا ...

بهروب من أن تستصغره بنظرها بأنها اعقل منه كان يقول بعناد : مش جعان 

اتجهت لتقف امامه وتقول بعتاب رقيق : هتفضل متخاصمين كتير 

ابتلع مراد لعابه ببطء بينما وضعت علامه عليه بهدوءها وصبرها لترفع جوري ذراعيها الناعمه وتحيط بهما عنقه بينما تقول : انت زعلان من موضوع البيبي وانا مقدره زعلك وعشان كده قابله اللي بتعمله ... كفايه خصام مشاكل يامراد 

...........

.....

عقد ايهم حاجبيه : في ايه يا هنا ....بسألك اختك فين ؟!

ابتلعت هنا قبل أن تستجمع شجاعتها قائله : راحت ال restaurant عشان هتعزف هناك النهارده 

أسرعت تركض الي غرفتها ما أن رأت وميض الغضب يشتعل بعيون ايهم وهو يتجه خارجا بينما صوته الجهوري يتعالي : فين الزفت ده ؟

قالت هنا بخوف العنوان وهي تقف خلف باب غرفتها ليندفع ايهم إليه بغضب ...كبرت ابنته وأصبحت تخالف قراراته بل وتفعل شيء كهذا من حلف ظهره ...

........

.....

نظر عمر بابتسامه مرحبا : عم صالح ....اهلا اتفضل 

قال صالح بحرج : انا متأسف يا ابني اني جيت من غير ميعاد ....بس كنت عاوز منك خدمه 

اوما عمر بترحيب : طبعا ..أامر ياعم صالح 

: ثراء بنتي خريجه فنون جميله...تابع أخباره برغبه ابنته في العمل ليقول عمر بتأكيد : بس كده حاضر ...هكلم سيف وطبعا هيشغلها 

قال صالح بامتنان : شكرا يا ابني ....انا اسف اني طلبت منك بس هي مش مبطله زن ونفسها تشتغل وانت عارف ازمه الشغل في البلد .

.........

....

تقلبت جوري في الفراش بكسل لتتهادي ابتسامه حالمه الي شفتيها بينما قضيت ليله ورديه مشتعله بالحب بينهما لتثني علي نفسها وقد استطاعت أن تقود مركب حياتهما بذكاء وحرص لتخرج به من العاصفه ....وتؤكد لنفسها أن مافعلته هو الصواب ...سيتشاجرون ويتدخل الأهل بينهما والكل يحمل ضغينه للآخر وفي النهايه سيصفو كلاهما بعد مرور الوقت شاءوا ام أبوا وتبقي الضغينه بين الأهل لذا بحكمه تعاملت مع غضبه ....نظرت إليه بينما خرج للتو من الاستحمام تسبقه رائحته العطره وابتسامه منتشيه مرتسمه علي شفتيه وهو يتجه إليها ليضع قبله علي كتفها العاري هامسا : صباح الورد والياسمين 

ابتسمت له وبادلته قبلته : صباح النور يا حبيبي 

نظرت له وقالت بدلال : نمت كويس 

ضحك مراد وهو رأسه قائلا بغزل : طبعا مش نايم وفي حضني مراتي الجميله 

ابتسمت له ليميل يقبل وجنتيها بينما يقول بغباء مطلق ومغزي : حبيتي اللي لو مفكره نفسها ذكيه بزياده وباللي بتعمله ده هرجع في قراري عن موضوع الشغل تبقي غلطانه ...!

استنكرت كل ملامح جوري لتلتفت إليه ببطء بينما كل ما فمهه من تصرفاتها معه أنها فقط تفعلها لتثنيه عن قراره ....!

........

...

قام عاصم بثقل من خلف مكتبه ليجلس علي الاريكه الجلديه ويمدد ساقه وببطء يرفع طرف بنطاله ...عقد حاجبيه بألم بينما يمرر يداه فوق ذلك الجرح الذي اصيب به قبل اسبوع وظن أنه لا شيء ولم يهتم به بالرغم من الالم الذي يشعر به ليري تلك الماده البيضاء تغلف كامل الجرح الذي كان بصورة سيئه للغايه ......شهقت تينا بينما وقعت عيناها علي هذا الجرح وهي تدخل قبل قليل بعفويه : اونكل عاصم سيف بيقول ....توقفت الكلمات بحلقها وشخقت بجزع وهي تري جرح عاصم الملتهب بشكل مخيف لتسرع إليه وقد نسيت كل شيء عن محادثه سيف لها قبل قليل يطلب منها أن تخبر أبيه بشيء : اونكل رجلك 

اسرع عاصم يجذب طرف بنطاله فوق جرحه وينظر الي تينا : تينا مفيش حاجه 

هزت راسها وسرعان ما جثت علي ركبتيها أمامه برجاء: اوتكل خليني اشوف الجرح ....ده غلط 

هز رأسه بقليل من العناد ولم تتوقف تينا عن الرجاء ليقول : بس اوعديني محدش يعرف حاجه 

أومات تينا بلهفه وسرعان ما تغيرت ملامح تينا وهي تتفحص هذا الجرح الذي عدم شفاءه وتدهور حالته تقودها الي الف استفهام ...!

..........

....

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم

اقتباسات من القادم ......

ابتسمت وسيله لعمر بعدم تصديق : انت جيت بجد 

اوما لها بمرح : هتغدوني ايه ؟!


خانته يده ليرفعها تجاه ابنته بصفعه لم تصدقها حلا بينما لاول مره يتطاول عليها ابيها ولكنها من بدأت بالتطاول ....! 


حكت عزه راسها وهي تنظر إلي ابنتها : بس دي مش سكه ايهم باشا 

قالت فيفي وهي تهز كتفها : وهو يكره ...انتي بس جربي ...!


صاح عاصم بغضب وهو يجذب ذراع زينه : انتي ازاي تروحي مكان زي ده ومن ورايا ....!!

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

2 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !