اختطفها ولكن الفصل الواحد والعشرون

0


 الفصل السابق

عادت حور برفقه سليم في المساء بنفس هادئه عكس ما ذهبت ليلاحظ سليم ملامح وجهها الهادئه حينما عاد ليصطحبها من منزل عائلتها .... السلام عليكم

ابتسم لها وهو يميل ليفتح لها باب السيارة مجيبا عليها : وعليكم السلام 

لم ينطلق بالسيارة ما أن ركبت بل تمهل وهو يتطلع إليها بينما بالفعل اشتاق اليها طوال اليوم ليسألها باهتمام : عامله ايه ؟

هزت كتفها وقالت بنبره ناعمه : الحمد لله 

اوما لها وانطلق بها في طريق عودتهم الي المنزل الذي دلف من بوابته الحديديه الضخمه ثم أوقف سيارته بمكانها ولكن قبل أن تفتح حور الباب كان سليم يمد يداه الي المقعد الخلفي ويمسك بكيس ورقي انيق ويعطيه لها قائلا : دي شويه حاجات جبتها عشانك 

ارتبكت حور لحظه قبل ان تمد يدها الي هذا الكيس الذي لم تفتحه بينما لم تعرف ماذا تقول أو تفعل بينما دق قلبها لتلك اللفته منه لتنظر اليه قائله : شكرا 

ابتسم سليم لها وجذب شيء آخر من الخلف والتفت ليعطيه لها قائلا : الطماطم اللي بتحبيها

ارتسمت ابتسامه هادئه علي شفتيها لتأخذ منه العلبه قائله : شكرا 

اوما سليم لها بابتسامه لينزل من جهته ويتجه إليها ليمد لها ذراعه لتستند إليه وبيده الأخري يمسك منها الاشياء التي أحضرها لها ....نظرت حور إليه والي عفويه تعامله معها وبداخلها اطمأنت وإرادت هي الأخري أن تتعامل معه بنفس العفويه لذا لم تتردد 

ومدت يدها ووضعتها فوق ذراعه قائله : انا حاسه اني بقيت احسن واقدر امشي لوحدي 

اوما لها وهو يخطو برفقتها السلالم الرخاميه المؤديه للمنزل : وماله برضه اسندي عليا لغايه ما تخفي خالص 

اختطف منها ابتسامه أخري بينما تشجع قلبها في الاعلان عن خفقاته وهي تصعد بجواره 

مد يداه الي جيبه يخرج سلسله مفاتيحه ولكنه لم يكد يضعها بالباب حتي انفتح الباب أمامه وطلت منه وفاء .... اختفت الابتسامه من فوق شفاه حور حينما نظرت لها تلك المرأه بنظره غاضبه اعتادت عليها منها ومازالت تثير بداخلها تلك المشاعر المتبادلة بالكراهية 

نظر سليم الي والدته وقال بهدوء : السلام عليكم

لوت وفاء شفتيها وقالت بامتعاض : وعليكم السلام.... اتاخرت كده ليه ياسليم 

بالتأكيد ليس طفل تحاسبه والدته علي التأخير لذا كان حديثها مدخل لشيء آخر لم ينتبه له سليم علي الفور وهو يقول بهدوء : علي ما خلصت شغلي يا امي ..

دخل بضع خطوات هو وحور وهاهي وفاء تكشف عن مغزي حديثها بينما تقول بسخط واضح : والست مراتك كل ده في بيت اهلها ....مرجعتش ليه مع اختك من بدري 

امتزجت نبرتها بالتهكم وهي تتابع : ايه خايفه نأكلها ...!!

تغيرت ملامح وجهه سليم الذي وجهه نظره حاده الي والدته ناقضت نظرته الهادئه الي حور التي ربت بخفه علي يدها قائلا: اسبقيني ياحور وانا دقيقه وطالع وراكي 

لم تنتظر حور بل اتجهت الي الدرج وبداخلها الف رفض وتمرد ارادت به أن تغادر هذا المنزل ولكن شيء خفي جعلها تصمت وتتجه الي الدرج الذي ما أن وصلت إلي نهايته حتي استمعت الي نبره سليم التي حملت انفعاله بينما يقول لوالدته بعتاب : امي انتي بتتكلمي معاها كده ليه ؟!

هتفت وفاء بحنق : وعاوزني اكلم ازاي بنت عدنان 

احتقن وجه سليم بالغضب كما اندفعت الدماء الحاره بعروق حور التي عادت خطوة مقرره أن تنزل وتترك منزل تلك المراه ولكنها تراجعت لتدخل الي تلك الغرفه وعقلها يغلي غليان ......نظرت وفاء الي سليم الذي جاءها رده بينما قال بعنفوان : اسمها حور مش بنت عدنان .... اميييي لو سمحتي اتكلمي واتعاملي معاها كويس 

قبل أن تقول وفاء شيء رفع إصبعه بوجهه والدته وتابع بتحذير : لو ضايقتيها تاني يا امي انا هاخدها ونعيش في بيت تاني 

لم ينتظر لسماع تعقيب من والدته بل اتجه الي الدرج بخطوات غاضبه حيث سبقته حور بخطواتها الي تلك الغرفه التي ما أن خطت بداخلها حتي عادوها ضيق نفسها ....لا تعرف هل بسبب عدوان نظرات وفاء لها أم بسبب تلك الذكريات التي عاشتها بين جدرانها 

اشتعل وجهه وفاء بالغضب الذي ازداد بتحذير سليم لها بترك المنزل لتدور حول نفسها بغضب قبل أن تتجه الي الاعلي في أثر سليم ...

.........

دفعت حور بخصلات شعرها الي الخلف بعصبية بينما تبخرت طمأنينه نفسها التي حصلت عليها هذا الصباح برفقته وهج وفرح وجاءت والدته تنثر مجددا العدوان والغضب امامها لتتهدج انفاس حور وهي تشعر أنها ستظل بدائره الانتقام ولن تخرج منها بينما حماتها هي الأخري تحملها ذنب لم تقترفه وكم ضاقت بتحمل ذنوب آخرين ولم يعد لديها أي قدره للمزيد ...

دخل سليم الي الغرفه بعد أن تنهد مطولا ليبعد ملامح الغضب عن وجهه وهو يدخل إليها بهدوء ....من وقفتها وحركتها ادرك أنها عادت لتغضب من جديد ليقول برفق : حور 

التفتت له بملامح مشدوده هاتفه بصوت غاضب : لو سمحت قول لها ملهاش دعوه بيا خالص ...انا مجتش جنبها وهي كمان متجيش جنبي والا همشي من البيت ده 

اغمض عيناه لحظة يتحكم باعصابه التي ضغطت عليها لاقصي الحدود بأخر كلمات نطقت بها مهدده وكم يكره التهديد 

رفع حاجبه ناظرا اليها للحظة بينما يداه تعبث بتفاحة ادم خاصته ليقول بهدوء لا تنكر أنه فاجئها : من غير ما تطلبي ياحور انا كلمتها أنها متضايقكيش تاني ومفيش داعي تهدديني عشان أنا مش بحب الأسلوب ده ...حقك محدش يدوس ليكي علي طرف وحقك ده من غير ما تطلبيه انا مسؤل اجيبهولك 

تجمدت عيناها عليه تنظر اليه وهو يتحدث بهذا الهدوء العقلاني... لم يتعصب لم يدافع لم يتطاول فقط تحدث بهدوء وعبر عما ضايقه من كلماتها ..؟!

المفترض أن تهدئها كلماته ولكن علي العكس كان صدرها يغلي وكأنها بحاجه للغضب بعد أن شعرت للحظه أنها ستدفع ثمن تلك العدواة مجددا 

لتندفع بهجوم ليس له محل : انت بتاخدني علي قد عقلي...؟!

كان عقله يغلي كمراجل وهي تناطحه وتتحدث معه بتلك الحدة بالرغم من هدوءه الذي لاتعرف كم يجاهد للتحدث به ولكنه يشجع نفسه علي الاستمرار بأنه قارب علي منتصف الطريق ولايريد العودة لنقطة البداية ليتدخل قلبه المشفق عليها وهي امامه بهذا التخبط والقهر والحساسية لأي كلمه او موقف يلتمس لها الاعذار..

ليأخذ نفس عميق ثم قال وهو يتجه ليجلس ويشير لها أن تجلس  : لا طبعا مش بفكر في كدة خالص....تعالي اقعدي وكملي كلامك 

هزت راسها ودفعت بخصلات شعرها الكثيفه مجددا الي الخلف وهي  تتابع باندفاع  : يعني انت عاوز تقنعني انك شايف موقفي مع مامتك صح 

قال بهدوء : هو ولا صح ولا غلط... هو طبيعي لأي حد مكانك

قلصت المسافة بين حاجبيها باستفهام ليقول برفق: حور انا مقدر اوي انك فجأه لقيتي نفسك بين ناس متعرفيش عنهم حاجة وفي نفس الوقت مضطرة تتعاملي معاهم..... كل اللي حواليكي فجأه ظهروا في حياتك اكيد مش هتوقع انك تقبليهم فجأه وتتعاملي معاهم كويس .. واولهم امي اللي واخده منك كمان موقف 

بدأت كلماته تأتي بثمارها حينما تعلقت عيناها به علي اتساعهما غير مصدقه انه يقول هذا الكلام الذي يعيد ترتيب أفكارها المتخبطه ....نظر نحو غابات عيونها القاتمه التي اغرقته بطياتها بينما سرت قشعريرة بجسدها حينما وضع يداه فوق يدها وهو يتحدث بتلك النبره الحنونه لتحاول سحب يدها ولكنه تمسك بها واقترب

اكثر وهو يقول : انا مش هقولك تاني انسي اللي حصل .... انا هقولك حاولي... حاولي تقبلي كل اللي مر عليكي.... حاولي تقبلينا في حياتك... فارس اخوكي بيحبك اسمعيه يمكن تقدري موقفه لانه اكيد مقصدش انك تدفعي تمن غلطته.... فرح ووهج ممكن يكونوا قريبين منك جدا بس انتي اديهم فرصه.... عمي انا عارف انك لسة زعلانه منه بس ساكته عشان حالته اتاكدي انه عمرة ماقصد يأذيكي ... فهد...! فهد اكتر واحد لازم تخليه جنبك زي ماكان طول عمره جنبك لانه فعلا يستاهل......ده مش بس اخ ده سند ... داعب المرح ملامحه بينما يتابع : منكرش أن من جوايا بغير منه أنه اكتر واحد انتي بتحبيه 

كانت عيناها متعلقه بعيناه تستمع لكلامه الذي لامس عقلها وقلبها لدرجة استغربها هو فهو لم يرتب لهذا الحديث مسبقا ولم يفكر به من قبل....لذا لامس قلبها 

اقترب منها اكثر ليقول بصوت مرح حينما وجدها بهذا الوجوم: امي...دي بقي حماتك....! 

واللي اعرفة ان الحمي دي بتبقي كدة قدر .... عشان كدة اعملوا في بعض اللي انتوا عاوزينه بس اعرفي ان انا في ضهرك وعمري ماهخلي حد يضايقك لو بكلمه....

انه يمزح... والان بعد كل هذا الكلام الجاد !

كيف يمكنه ان يكون بهذا الاحتواء والتفهم وكانه يقرأ كل مايدور بخلدها... زمت شفتيها لتجده يقترب منها اكثر قائلا بخفوت : بابا بقي... ده يابخته من اول يوم ودخل قلبك معرفش علي اية.... ؟.... تجرأت يداه وداعبت شعرها بحنان واقترب اكثر ليصبح صوته هامسا وهو يقول:اما انا بقي.... فأنا اكتر واحد بيحبك وسط كل دول....

انتفضت من مكانها مصدومة من اعترافه الذي لم تتوقعه لتتسع عيناها بشدة وتتعالي دقات قلبها بشدة..... فيما سليم لم يكن حالة بأفضل منها وان جاهد لإخفاء ارتجافه قلبه الذي اعترف بحبها للتو والذي لم يتوقع ان يتسرع هكذا ... لقد كانت مشاعره في اوج صدقها ليندفع قلبه بتلك الطريقة ... ينظر لتعبيرات وجهها ويشعر بمقدار غباءه لتسرعه فيما يري ذلك الارتباك الجلي علي وجهها.. ربما كان يجب أن ينتظر الوقت المناسب ولكن ماحدث قد حدث....

كانت ماتزال تنظر له باتساع عيونها حينما شعرت بحراره جسده وهو يضع تلك القبله الناعمه علي وجنتها قائلا : حاولي ياحور... ادينا كلنا فرصه ومش هتندمي...

ارتجف كل انش بداخلها وكذلك فعل سليم بينما استعذب قلبه وكيانه قربها الذي يتمناه وداعب قلبه الامل أنه قارب علي الوصول إلي تلك المتمرده التي أرهقت قلبه وافترشت بداخله مكان لم يصل إليه أحد سابقا ...قبل أن يفعل أو يقول شيء كانت تعالي تلك الطرقات علي باب الغرفه ليقوم سليم من جوارها وهي ترحب بابتعاده بينما تحاول سريعا السيطرة علي ذلك الصخب المتعالي بين ضلوعها 

عقد سليم حاجبيه حينما وجدها وفاء وتأهب لموقف معادي منها ولكنه تفاجيء بها تقول بنبره هادئه : عاوزك دقيقه ياسليم 

اوما سليم وخرج بضع خطوات خارج الغرفه 

لتبتلع وفاء ببطء قبل أن تقول وهي تهرب بعيناها منه : حقك عليا متزعلش 

نظر لها رافعا حاجبه فليس من طبع والدته التراجع لترفع وفاء وجهها إليه وتقول سريعا : ماهو انا اتعصبت ياسليم ....انتوا كلكم سيبتوني في البيت لوحدي طول اليوم زي العود الناشف ... مراتك بدل ما تملي عليا البيت طول اليوم قاعده لوحدها واختك كل يوم والتاني عند أهل جوزها ...لازم اتضايق

داعبت الابتسامه ملامح سليم لتقول وفاء برجاء : اوعي مره تانيه تقول انك هتسيب البيت ....أمسكت بذراعه وقالت بحنين : انت وحيدي ياسليم ومنايا اشوف ولادك مالين عليا البيت ...حقك عليا 

اوما سليم وربت علي كتفها : محصلش حاجه يا امي

نظرت له : يعني مش زعلان مني 

هو رأسه : مش زعلان بس لو ليا غلاوة عندك متزعليش حور تاني ....كفايه ياامي اللي شافته 

دي عيله صغيرة اتحبست سنين واول ما طلعت للدنيا كانت الليله اللي خطفتها فيها من وسط أهلها 

....

.......

تهدجت انفاس سعاد التي جذبت انتباه جميع المسافرين وصوتها لا يتوقف عن النداء علي ابنتها ....مني ..مني ! اقفي يا بنتي 

تجاهلت مني نداء والدتها بقلب جاحد لتطأ قدماها اول درجه معدنيه من سلم القطار وهي تدير وجهها عن منظر والدتها التي تركض ناحيتها بقلب لهيف بينما لم يستطيع أحد أن يدير وجهه مثلها عن مشهد تلك المرأة التي تركض بأقدام حافيه تجاه القطار .... 

رفعت مني وجهها حينما تفاجأت بهذا الرجل الضخم يطل عليها بينما اجتذبه مثل جميع المسافرين مشهد سعاد ....بملامح مستنكرة كان يقول بسخط: مش سامعه امك بتنادم عليكي يا بت 

نظرت له مني بحده وهتفت بقله لياقه أو تربيه وهي تحاول تجاوزه  : مالكش دعوه ...

كف قوي جعل الدوائر السوداء تحيط بعيونها كان هو رد هذا الرجل علي تلك الفتاه قليله الحياء لتتسع عيون مني بصدمه وترفع وجهها تجاهه وهي تضع يدها علي اثر لطمه الرجل لوجهها ولكن قبل أن تنطق كلمه كانت الاصوات حولها تتعالي باستنكار وسخط ...انتي بنتها ....اخص عليكي بت ....ازاي تسيبي امك تجري وراكي كده ...أما بت قليله الربايه بصحيح ....اصوات وكلمات كلها كانت تتوجه ناحيه مني بسخط واستهجان لجحودها الواضح ..... تعثرت اقدام سعاد التي خارت قوتها ونفذت أنفاسها لتكاد تقع لولا ايدي أحد المسافرين التي امتدت إليها ومنعت دون سقوطها لترفع وجهها الذي امتزجت فوقه دموعها مع سخم الطريق والعرق تجاه هذا الرجل لتقول بعويل وهي تشير الي القطار...بنتي ...بنتي ...!

بنفس اللحظه كان الرجل الضخم ذو الشهامه يدفع يمني خارج القطار لتسقط علي الأرض ويشير إليها بسخط وبنبره أمره : روحي بوسي رجل امك ....بنت قليله الحياء.

ظلت مني علي جلستها فوق رصيف محطه القطار تتطلع بعيون امتلئت بالحقد والغل تجاه الرجل الذي جذب جلبابه وعاد الي القطار ومازالت عيناه ترمقها بنظراته الساخطه ....استعادت سعاد أنفاسها وهي تري ابنتها التي تمزقت ما بين الركض إليها واحتضانها بقلب الام ام بالانقضاض عليها بعنفوان خوف الام الفطري من نشذوذ أبناءها ...!

....

........ 

انهي سليم حديثه الهاديء مع والدته وعاد الي الغرفه بينما يسأل نفسه من اين اتي له كل هذا الهدوء والصبر لتقع عيناه علي تلك المتمرده التي افترشت الارضيه مكانا لها وكعادتها تهرب وتتسرب كالماء من بين يديه كلما ظن أنه قارب علي الارتواء .....

استمعت حور الي صوت خطواته وبعدها الي صوت تلك التنهيده العميقه التي انبجست من صدره لتكمل اغماض عيونها واتمني لو تستطيع ايضا اغماض تلك الدقات التي تدق بين جنبات صدرها وقد استمعت الي كلماته مع والدته ليتسرب إليها ذلك الشعور بالأمان والذي لم تشعر به للمره الاولي برفقه هذا الرجل الذي اعترف للتو بحبها وايضا لم تكن المره الأولي ولكن بكل مره يزداد عمق شعورها بتلك الكلمه التي لم تكن لها معني في قاموس كلمات حياتها البسيطه لتستغرق في اسئله بلا نهايه واولهم لماذا كانت ستتزوج من ادم بكل رضي لم تقارب منه بزواجها من سليم بالرغم من أنها لم تكن تعرف ادم كما لم تعرف سليم .... وعلي الفور كانت الاجابه واضحه وضوح الشمس بأن الوضع مختلف وليست معضلتها بالشخص وانما بالاحداث التي مرت بها ...زواجها من ابن عمها كان شيء مقبول ورضيت به كخلاص من سجنها أما اختطفاها وصدمتها بكل ماحدث وتخلي عائلتها عنها هو ما ذرع بداخلها كل تلك المشاعر الثائرة والنافره وجعلت الحقد يتشعشع بكيانها تجاه الجميع بينما شعرت بأنها مجرد اضحيه لذنوب لم تقترفها.....افلتت من صدرها تنهيده تنم عن مقدار حيرتها وسط تشابك أفكارها بينما عادت لتسأل أن كانت ماتزال تحقد علي أخويها وأبيها وسليم والجميع ام أن نيران ذلك الحقد بدأت تهدأ وفقط جذوة صغيرة اشتعلت من جديد بسبب ماحدث من وفاء قبل قليل وهنا بدأت جفونها تتهاوي وهي تتذكر كلماته ودفاعه عنها والأهم من كل هذا إقراره بذنبه في حقها بأنه اختطفها...!


............

...

في الصباح التالي 

دخلت راوية غرفة سميحه ابنتها التي كانت جالسة بالشرفة تتصفح تحدي المجلات بملل : ماتيجي نروح لخالتك شوية ياسميحة

اغلقت سميحه المجله فهاهي والدتها قد بدأت تخطط من جديد لتقول بنبره قاطعه  : لا ياماما

جلست راوية قائلة : لية بس دي بتقولي انك وحشتيها اوي..

قالت سميحه بمكر : ماما.. بقولك اية اللي في دماغك ده تشيليه خالص

قالت باستنكار : وهو اية اللي في دماغي؟

: اللي انتي عارفاه... سليم انا شيلته من دماغي من زمان وعمري ماهفكر فيه

قالت راوية بحماس : اذا كان عشان موضوع جوازه ده ما انتي عارفة اتجوزها ازاي ...... قاطعتها بحزم : لا ياماما انا شيلته من دماغي عشان عمره مافكر فيا ولااعتبرني اكتر من اخته..

: ياعبيطة وهو كان يعرف اللي اتجوزها ولاشافها قبل كدة ده كله ثار مش اكتر وخالتك بلسانها قالت إنها عمرها ما هتسيب بنت عدنان تتهني ولازم هتجوزه التانيه ومظنش سليم هيلاقي احسن منك 

هزت سميحه راسها برفض : لا يا ماما انا مش هتجوز بالطريقه دي ده اولا وثانيا ياريت تقولي لخالتي تسيب البنت في حالها وكفايه اللي جرالها ..

نظرت راوية لابنتها بغيظ قائلة : انا غلطانه اني جيت واتكلمك معاكي..

........

..........

بكمد فتحت سعاد عيونها التي تركت من كثره البكاء لتقف بقوي منهكه تعد لابنها إفطاره وهي تغلي بداخلها بقهر لأنها صمتت طوال الليل خوفا من بطش ابنها بأخته أن عرف ما فعلته لذا عادت برفقتها وتركتها تدخل الي غرفتها بصمت وتحذير أن تكرر فعلتها حتي لا تخبر أخيها 

دخل حمدي الي والدته قائلا برفق : ايه يا اما انتي مروحتيش ليه بيت عدنان بيه 

قالت سعاد وهي تنقي حلقها المتحشرج : قولت اعملك الفطار الاول 

ابتسم حمدي لها قائلا : تسلم ايدك يا اما 

نظر تجاه غرفه أخته قائلا : هي البت مني مزعلاكي في حاجه ؟!

هزت سعاد راسها سريعا : ليه يا ابني بتقول كده ؟

قال حمدي وهو يهز كتفه : ابدا حسيتك زعلانه امبارح 

هزت راسها وربتت علي كتف ابنها : لا يا ابني 

اوما لها قائلا : ماشي يا اما بس لو في حاجه مضياكي منها قوليلي وانا اكسر دماغها 

تناول بضع لقيمات قبل أن يقول مجددا : كلمتيها في موضوع حسين

عقدت سعاد حاجبيها للحظه تتذكر هذا الرجل ليتابع حمدي وهو يرتشف من كوب الشاي الساخن : بصراحه الواد ميتعيبش وشاريها وكلمني عليها تاني 

نظرت له سعاد باهتمام ؛ يعني لسه عاوز يتجوزها 

اوما حمدي : امال ايه .... الواد جاهز وأبوه مجهز له اوضه كبيرة في بيتهم ..ما انتي عارفه بيت الحاج منصور واهو انتي شايفه ليها جهازها هي بس تقول اه وانا ربنا يعيني واجيب ليها الفرش الناقص ونسترها ايه رايك يا اما 

لمعت عيون سعاد وقد وهبها القدر الفرصه لتطمئن علي ابنتها من شرور نفسها وتزوجها ...!

...........

....

جلست حور التي استيقظت قبل قليل لترفع طرف عباءتها المنزليه عن ساقها وتمرر يدها فوقها بضع مرات تتحسسها لتجد أن الطبيبه محقه والألم زال ...اعتدلت واقفه لتطا فوق قدمها بحذر قبل أن تتحامل عليها وبالفعل تسير بضع خطوات وتبتسم أنها لم تعد تشعر بأي الم .....وقعت عيناها علي سليم الذي كان ما يزال نائما لتقترب منه بضع خطوات وعيناها المتطلعه تنظر اليه والي ملامحه الهادئه أثناء نومه كما أصبح طبعه هادئ والذي الفته به مؤخرا لتزم شفتيها وتهز راسها بينما تتساءل هل بالفعل يحبها لذا أصبح بهذا الهدوء والصبر الذي يخالف طبيعته التي رأتها حينما يفقد أعصابه ....شعرت به يتحرك لتسرع بخطواتها تجاه الخزانه تتظاهر بإخراج ملابس لها ....تمطأ سليم وفتح عيناه والتي أدارها في أرجاء الغرفه وهو يعتدل جالسا ....نظر إليها بينما اولته ظهرها وانشغلت بإخراج ملابسها لتسمع صوته الناعس يقول بهدوء : صباح الخير ياحور 

خرجت نبرتها ناعمه وهي تقول دون ان تنظر إليه : صباح النور 

قام سليم من الفراش لتشعر حور بخطواته تتجه خلفها ولكن قبل أن تتحرك كان يتوقف خلفها مباشره. ... سرت رجفه خفيفه علي طول ظهرها ما أن شعرت بوقوفه خلفها لتستدير سريعا وليتها لم تفعل فقد وجدت نفسها أمام صدره مباشرة ...ابتلعت حور بوجل بينما واجهت عيناها عضلات صدره لترفع وجهها إليه وعلي الفور كانت ترتجف مجددا ما أن تقابلت عيونها بنظراته التي اشعت شغف واعجاب أفصح عنه وهو يمد يداه الي خصلات شعرها ذات اللون الاسود الحالك يتلمسها ويقول برفق : صحيتي من بدري 

هزت حور راسها وخفضت عيناها بخجل من نفسها حينما شعرت باستعذاب مداعبه يداه لخصلات شعرها 

ابتسم سليم لرؤيه تجاوبها مع قربه لتتجرا يداه وتخطة تجاه وجنتها الناعمه يمررها برفق عليها وهو يقول : اجهزي عشان هاخدك مشوار 

تشاغلت حور بالتساؤل الي اين سياخذها عن يداه التي بعثرت مشاعرها بتلك اللمسات الخفيفه علي جانب وجنتيها : رايحين فين ؟!

ابتسم سليم لها قائلا : اكيد مش هقولك 

عقدت جبينها ورفعت إليه عيونها التي ارتبكت ما أن تفاجات به يميل تجاه وجنتها ويضع عليها قبله ناعمه جعلت كل الدماء تتحرك بجنون في عروقها .....ليتركها سليم وسط نوبه خجلها وهو يخطو تجاه الحمام قائلا : يلا متتاخريش

...........

....

عقدت مني حاجبيها بانزعاج حينما شعرت بتلك الوكزه القويه من طرف اصابع سعاد في كتفها لتوقظها ..... فتحت عيونها التي استغربت سعاد كيف استطاعت اغلاقهم والنوم بعد ما فعلته بها وهي التي لم تذق طعم النوم لتدرك أن ابنتها بالفعل جاحده لا تملك قلب ولكنها بكل الاحوال ابنتها وهي المسؤوله عن تقويمها 

قالت مني بقله تهذيب وهي تزفر: خير 

تفاجأت بملامح والدتها تستشرس وهي تنقض عليها وتلوين ذراعها بقوة خلف ظهرها مزمجرة: بقي اسمعي يا بت انتي .....انا اللي خلصك من ايدي امبارح هو وجود اخوكي بس دلوقتي خلاص مشي وانا هاكلك بسناني لو فتحتي بوقك بكلمه واحده ولا اعترضتي علي اللي هقوله ...

استنكرت كل ملامح مني لتهب من مكانها مزمجره بغضب ما أن أخبرتها والدتها بموافقتها علي زواجها من حسين: نعم ....لا ده انا اموت نفسي احسن ليا من اني اتجوز المقشف ده 

اندفعت سعاد ناحيتها تمسك خصلات شعرها بقوة وتهزها بعنف وهي تقول بغضب من بين اسنانها : اعمليها وريحيني .....نظرت مني بصدمه الي والدتها لتشدد سعاد من قبضتها علي شعر مني وتتابع بغضب ووعيد : اسمعي يا بت انتي أنا مش هستني لما تجيبي ليا العار انا واخوكي .....انتي هتتجوزي حسين وهو اللي كتر خيره أنه هياخد واحده زيك لابسه توب مش توبها 

تركت يدها بعنف لتترنح مني للخلف وتسقط علي الفراش المهتريء خلفها ومازالت نظرات الذهول في عيونها تجاه والدتها التي جذبت حقيبتها وافرغت محتوياتها لتأخذ بطاقتها وتلك الاموال البسيطه التي كانت بحوزتها ثم تندفع الي حقيبتها وتمزق كل ما بها من ملابس مزمجرة : ابقي وريني هتطلعي برا البيت ازاي 

انتهت سعاد لتخرج وتغلق باب الغرفه عليها ثم تجذب عباءتها تضعها فوقها وتتجه الي منزل عدنان بعد أن أغلقت الباب بهذا القفل الكبير .

..........

.....

التفتت حور بدهشه الي سليم الذي طال به الطريق وهو يأخذها خارج البلده ويتوقف بها أمام ذلك المبني الكبير ذو الطابقين والذي اكتست واجهته بالزجاج 

كان يدرك أنها لن تفهم علي الفور ولكنها حتما ستحب ما رتبه لينزل من جانبه ويتجه إليها لتنزل وهو يمد لها ذراعه لتضع به يدها وقد فعلت وهي مجددا تخطو خارج قوقعتها لأماكن لم تذهب إليها من قبل ....دخل من تلك البوابه الزجاجيه برفقتها لتتحرك عيناها يمينا ويسارا تجاه ذلك المحل الضخم الذي امتليء بالاثاث ذو الاذواق المختلفه .....قبل أن تسأل كان يلتفت إليها موضحا : انتي قولتي مش حابه الاوضه فقولت نغيرها .....اختاري الفرش اللي يعجبك 

نظرت له للحظه بعدم فهم ليتابع وهو يشير إلي الاثاث بكل جانب : افرشي الاوضه كلها علي ذوقك ومش بس كده ...هنروح نجيب ستائر ومفارش وكل الحاجات اللي انتي عاوزاها ولو عاوزة نغير الدهان نغيره ...المهم تكوني مبسوطه 

بالفعل لا تنكر أنها شعرت بالسعاده ليس لتغيير فقط اثاث الغرفه ولكن لبدايه تغير حياتها بينما يشاركها بكل شيء برفق وحنان واحتواء وقبل كل هذا صبر ...... بعد أن تحركا في المحل قليلا وعرض عليها العمال بضع غرف مختلفه اندمجت حور وبدأت تختار هي وسليم ترك لها كل شيء تنتقيه علي ذوقها كما يعجبها .....انتهت من الاختيار وجلس سليم يدفع ثمن المشتريات ليقول الرجل وهو يصافحه : بكره قبل الضهر كل العفش يوصل يا سليم بيه 

اوما سليم : شكرا يا حاج 

اخذها وخرجوا ليتوجه بها الي محلات أخري لتنتقي ستائر جديده وثطع للديكور ومفروشات جعلتها تشعر بالفعل أنها عروس بينما طالما سمعت عن الجهاز ولكنها لم تعيش اختياره وقد تولت سعاد ترتيب كل شيء لها لعدم معرفتها هي بشيء ولكن الآن تشعر بشيء مختلف وهي تختارما تريده ويعجبها ..... أشارت إلي تلك الساعه الكريستاليه والتفتت الي سليم الذي كان سعيد كأب يقوم بشراء كل ما تريده ابنته : حلوة دي ؟!

اوما لها قائلا بغزل : حلوة عشان اختارتيها 

احمرت وجنتيها لتقول بخجل : شكرا 

ابتسم لها وتابع شراء كل ما تريده لتبتسم حور والبائعه تخرج لها ذلك مفرش حريري باللون الابيض ومزين بحبات اللولوء لتقول لها :  ايه رايك في ده ياعروسه

وبالفعل شعرت بأنها عروس بينما تحرك الجميع معها لدي عودتها واخبار سليم بأن يساعدوها لإفراغ الغرفه ......حزمت معها وهج اخر حقيبه لتضعها بوسط الغرفه بجوار باقي الحقائب وتجلس وهي تتنهد بارهاق بجوار حور التي تعبت للغايه منذ الصباح ولكنه كان تعب مريح لها لتقول وهج : كده كله تمام فاضل بس الصبح يبقي سليم يخلي واحد من الرجاله يفك السرير والدولاب وينزلهم تحت قبل ما الاوضه الجديده توصل 

أومات حور لها لتعتدل وهج واقفه وهي تقول : انا هقوم اخد دوش وانتي كمان ارتاحي ....

ابتسمت حور لها قائله : شكرا 

قبلت وهج وجنتيها : علي ايه ...انا اختك 

خرجت وهج لتتمطأ حور بارهاق وتتمدد علي الفراش خلفها وتغرق بالنوم ولازالت تلك الابتسامه الهادئه مرتسمع علي شفتيها وهي تتذكر تفاصيل ذلك اليوم وبداخلها حماس للغد لتري نتيجه اختيارها ....أنها بالفعل تشعر بانها عروس ...!

ومن قال إنها ليست هكذا بينما افترشت خصلات شعرها الأسود الكثيف الوساده وقد نامت كحوريه فاتنه جذبت دقات قلب سليم الذي عاد ليلا ووجدها نائمه ليقف بجوارها يتأملها للحظات قبل ان يداعب النوم جفونه فتجذبه فتنتها التي لبي نداءها وسرعان ما كان يغفو بجوارها ...!


.......قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم


اقتباس من القادم 

بحقد قالت مني : انتي هبله اوي ياحور .... ايه يعني غير عفش الاوضه  ....كده خلاص رضيتي ونسيتي اللي عمله فيكي 

تغيرت ملامح حور لتبتسم مني بداخلها بشماته وهي تري وقع كلماتها علي حور التي ازداد حقدها عليها بعد أن حولت كل أحلامها من نيل صيد صعب المنال كفهد لتضع عيونها علي صيد آخر بإمكانها اصطياده بينما تلك الحمقاء حور تفتح لها كل الابواب وتسير وفقا لما ترسمه لها ...! 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !