الفصل الثالث والعشرون
(روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
شددت فيروز من وضع ذلك الوشاح الاسود السميك حول وجهها بينما تتلفت كل لحظه والاخري تنظر باتجاه وصول القطار ثم تعود تنظر إلي رصيف المحطه الذي كانت عليه حركه خفيفه بمثل هذا الوقت الذي كان يمر عليها ببطء شديد بينما لم تفارق عيناها النظر الي ساعتها لتجد الدقائق وكأنها لا تتحرك ....رجفه خفيفه سرت باوصالها حينما داعب تفكيرها علي استحياء ماسيحدث لتهز راسها برفض لأي تفكير. أو توقع قد يخزل من عزيمتها وتلهيى نفسها بمراقبة الطريق دون السماح لأي أفكار أن تجذبها إليها فهي بالنهاية تدافع عن نفسها ضد سطوة كل من حولها سواء عمها الذي قدمها قربان مقابل اطماعه وكذلك والدتها التي لا تمانع بتقديمها قربان أيضا ولكن في سبيل مستقبل إخوتها ومستقبلها الذي تراه من وجهه نظرها حياه رغيده برفقه رجل هو الآخر لم يتردد في اخذها قربان لعداوة لا شأن لها بها سوي أنها اقدمت عليها من أجل الدفاع عن نفسها .... لا احد فكر بها والكل فكر بمصلحته فلماذا عليها التفكير بهم وعدم التفكير بمصلحتها .... زواج كهذا لن تقبله اي فتاه فلماذا عليها هي قبوله هل يتوقعون منها أن ترقص فرحا لمجرد زواج من رجل غني .... لا لن تفعلها فلم يكن طموحها أن تعيش حياتها بارتياح بعرق غيرها كل ما إرادته هو بناء مستقبلها الذي هو حقها المشروع .....تريد أن تنجح وان تكون هي وان شاء القدر وتزوجت لا يكون بتلك الطريقه .....أبعدت اي ذنب من نفسها يتوقع الآخرين أن تشعر به بينما لم يشعر أحد بأي ذنب تجاهها أو تجاه ما تشعر به أو شعرت به حينما عرفت مقدار ضألتها أمام هذا الرجل وعائلته
لم تعتاد أن تعيش وهي مطأطأة راسها وليس عليها أن تفعلها وتكون تلك الفتاه التي تتضرع حمدا لانه تزوجها ليس عليها أن تري نظرات الاستقلال بها في عيون الجميع وليس عليها سماع الهمهمات بأنه تزوج من هي دون مستواه فهي ليست كذلك ....اعتادت أن تكون راضيه للغايه بحياتها بالرغم من بساطتها وكل قناعتها ورضاها ذهب اداراج الريح حينما وطأت قدمها تلك البلده لقد تشتت في صراع الحفاظ علي شخصيتها أمام كل ما تمر به ولم يشعر أحد بصراعها بينما الكل مشغول بصراعه الشخصي فلماذا تهتم الان ....دفنت يديها بين ثنايا ذراعيها لعلها تشعر بالدفء بينما ضراوة البرد تزداد حولها وتنبع من داخلها لما هي مقدمه عليه فهي بالنهاية فتاه لاتعرف ما قد ينتظرها في عالم ستذهب له وحيده بقرارها ....ليس هذا المجتمع من قد يقف بجوار فتاه مثلها تريد أن تبدأ حياتها ولكنها بكل الاحوال ستحاول. ...ستحاول كما علمها ابيها وستسير علي نهج ما رباها عليه فليس عليها ترك كل ما نشأت عليه والانسياق خلف مفاهيمهم التي لا تناسبها .... حركت أهدابها الكثيفه حتي تمنع تلك الدموع التي بدأت تشق طريقها عبر حلقها من الانسياب فوق خدها وسجنتها خلف اهدابها وانحنت برأسها تتطلع الي الارضيه الاسمنيته وهي تسحب نفس مطولا تقنع نفسها إنها فعلت الصواب ولم تؤذي أحد حتي هذا الرجل هي تركت له كل شيء منحه لها ومسحت هذا الفيديو منذ حينها إذن فهي أيضا لم تضره بشيء ولن تفعل فهو بكل الاحوال دخل حياتها وخرج دون أن يؤديها بل وقف بجوارها وهي ليست بناكرة للجميل لذا فليبقي الأمر مجرد دين في رقبتها برد جميله أن جمعهم القدر مرة أخري مع انها تشك أن تلتقي طرقهم مرة أخري .... خيال ضخم انعكس من خلال انوار محطه القطار الصفراء وكان يقترب تجاهها وبدأ يتجلي علي الأرض التي نكست فيروز نظرها فوقها ليزداد شعورها بالبرد مع تقدم هذا الخيال تجاهها لترفع راسها ببطء ومعها تلتقي عيونها بعيناه التي انذرت بشرور العالم أجمع .....
انتفضت كل دماء فيروز من عروقها حينما وجدت مهران يقف أمامها .... !!
............
.....
جذبت ياسمين معطفها ووضعته فوق التيشيرت القطني الذي ترتديه وجذبت مفتاح الغرفه واتجهت الي المصعد لتنزل بعد أن تلقت اتصال من استقبال الفندق يخبرها أن هناك شخص بالبهو يريد مقابلتها ...تقدمت بضع خطوات ومع كل خطوة كانت ظنونها تتأكد بأن هذا الشخص هو صالح الذي تبينته جالس بمقهي الفندق يوليها ظهره .....ارتشف صالح القليل من قهوته ثم أعاد الفنجان الي الطاوله وهو شارد في الفراغ أمامه بينما حركه الجميع حوله ذكرته تماما بما وصلت له حياته فالكل يمضي هنا وهناك وهو ثابت بمكانه ..... يلمح كثيرا في عيون من حوله ويهتمون لأمره بأنه سلبي وهو ليس بحاجه ليعرف هذا فهو يدرك بالفعل انه تحول الي رجل سلبي بعد ما حدث ولكن ما لا يدركه هو السبب بينما كل يوم يتحول الي كتله من اللامبالاة والسلبية لكل شيء حوله يسير ويعيش وهو فاقد الشغف ..... غرس بعقله الكثير من سهام تأنيبه وجلده لذاته بأنه ليس اول ولا اخر رجل يفشل بحبه وعليه المضي قدما ولكنه لم يجد ما يجعله يمضي ..... واقف من حيث تركته وقد يكون طفل وليس رجل بالغ أن اعترف أنه حتي الآن مازال بصدمه أنها غدرت به وفضلت نفسها وحياتها المترفه عليه لتعترف أنه من جعلها تسرق ابيها وحتي لم تلتفت إليه .....أولاها ظهره وحاول السير ولكنه ظل واقف مكانه ولم يتحرك بشيء إلا حينما ظهرت بحياته مرة أخري وهاهو بنفس الموقف امام غدرها ....ولكن تلك المره لن يمضي قدما الا بعد أن ينزل بها جروح داميه كالتي جرحته بها ليخبر نفسه أنه آفاق من صدمتها وأدرك مقدار سذاجته ..... كان في صراع دامي مع نفسه ولكنه لن يصارع وحده فعليها أن تصارع هي الأخري بينما تري في عيناه للمرة الأخيرة نظرات الاحتقار بينما أدرك ورأي حقيقتها وهاهي أمامه .....اعتدل صالح واقفا والتفت ناحيتها ما أن بدأت رائحتها تغزو كيانه .... وقفت ياسمين أمامه وكما أدرك أنه اللقاء الأخير وقرر ترك ذكري داميه لها كانت هي الأخري تدرك أنه اخر لقاء وقررت أن تترك له هي الأخري ذكري ولكنها ستكون ذكري ندمه علي كل ما اقترفه بحقها من اثام ....
بدأت هي تلك المره بالحديث بينما مازالت تحتمي بجدار تلك القوة التي اكتسبتها بالساعات الماضيه من كلمات ماس بأنه عليها أن تكون قويه ولا تنتظر من أحد إنقاذها أو حتي تصحيح رؤيته لها فليراها كما يريد
: صالح. ... ايه في اتهام جديد ؟!!
باغتته بنبرتها وسؤالها الذي بالرغم من قوة مضمونه وكأنها تقف علي أرض صلبه إلا أنه رأي نظرات عتاب في عيونها ....عتاب قوي لايدرك من اين اتت لها القوة لتشعر به وكأن لها الحق في عتاب أو لوم !!!
أخرج نصل حاد من كلماته وغرسه بها : انتي عندك حاجه جديده تدافعي بيها عن نفسك
ابتلعت ياسمين سمومه ورفعت راسها بكبرياء فلن تترجي منه السماح لتهز راسها قائله : عندي ....نظر لها صالح للحظه يريد فيها سماع ما يبرد نيران قلبه لتسكب ياسمين بنزين فوق نيران قلبه بكلماتها : عندي ياصالح بس انا مش مضطره ادافع عن نفسي طالما انت شايفني كدة ....
استهجنت ملامحه ردها الذي اهتز وهو يسمع ثبات كلماتها وهي تتابع بينما نظرات العتاب واللوم تتشعشع في عيونها : انا مش هقولك اي حاجه غير انك في يوم من الايام هتعرف الحقيقه وهتندم .....لمعت الدموع بعيونها وخانتها دون إرادتها ولكنها تابعت بقوة بالرغم من دموعها : هتندم اوي وافتكر كلامي ده لما تيجي تطلب مني اسامحك .....! !
............
....
نظرت بسمه بغل الي والدتها التي كانت تكاد تحلق فوق السحاب وتلك السعاده الجارفه مرتسمه علي وجهها وهي تطلق الزغاريد وكأنها بالفعل سعيده بزواجه. . .... وقد كانت تهاني بالفعل سعيده ولكن ليس بزواجه بل بنجاح خطتها .... قامت من بين النساء وهي تكبح دموعها واتجهت راكضه الي غرفتها لتلحق بها تهاني بعد قليل ...دخلت وأغلقت الباب خلفها واسرعت تجاه ابنتها التي دفنت وجهها في الوساده تبكي : بتعيطي ليه يا بسمه
التفتت بسمه بعيون باكيه الي والدتها تعاتبها : عاوزاني افرح زيك وهو بيتجوز غيري
ضحكت تهاني بقوة لتنفجر بسمه باكيه ظنا منها أن والدتها تسخر منها ولكن تهاني سرعان ما جذبتها الي حضنها قائله : بس ياعبيطه وبطلي عياط. ..مين قال إنه هيتجوز غيرك ....
قالت بسمه ببكاء : امال هو بيعمل ايه ...ده فرحه بكره
قالت تهاني بخبث : فرحه بكره اه بس علي مين ...؟!
قطبت بسمه جبينها باستفهام لتهمس لها تهاني بما علمته عن هروب العروس لتتسع عيون بسمه بعدم تصديق : هربت ...؟! انتي متأكدة ياماما ؟!
أومات تهاني بثقه : طبعا .....مررت يدها علي وجهه ابنتها تمسح دموعها : طبعا بعد ما البت هربت عمران مش هيرضي ابدا بالفضحيه واول واحده هتكون قدامه يجوزها لمهران هي انتي
لمعت عيون بسمه التي برقت ضحكتها من بين دموعها بعدم تصديق : يتجوزني انا
أومات تهاني بثقه : طبعا امال هيطلع قدام الناس يقول العروسه هربت ....لا هيقول أنه اختار بنت اخوه يجوزها لابنه
دق قلب بسمه بقوة بينما انسابت وراء ذلك الحلم الجميل الذي أخذت تهاني تزينه لها لتختم كلماتها وهي تربت علي كتفها :
دلوقتي انتي تمسحي دموعك دي و تنزلي تقعدي معانا تحت وتتفرجي علي عمك وهو بيكتب كتابك علي مهران
........
........
بركان غضب متفجر بداخله انعكس بنظرات عيناه ولكن وجهه كان بارد صارم بينما يمد يداه ناحيتها يجذبها كدميه يسحبها خلفه من فوق رصيف القطار .....حاولت فيروز مقاومه يده وسحب ذراعها ولكنه هدر بها بكلمات مقتضبه يكظم بها غضبه : امشي معايا وانتي ساكته يا بنت الناس
تحرك جاسر ذهابا وإيابا أمام السيارة التي أوقفها خارج محطه القطار وعيناه معلقه علي البوابه يخبر نفسه أن مهران سيتحلي بأكبر قدر من ضبط النفس أمام الناس فهو عهد صديقه هاديء حسن التصرف بالرغم من أن هروب عروسه منه كافي بإشعال النيران في الجليد فما بالك برجل بطبع مهران ...... نظر في ساعته بينما لم يمر إلا دقائق ولكنه شعر بأنها وقت طويل حتي لمح مهران يخرج وهو ممسك بذراع فيروز التي همدت مقاومتها وللحظه أعلنت استسلامها أمام انتصاره في إفشال كل ما طمحت له بعد أن تيقنت بمعادله بسيطه أنها خاسره في كل الأحوال فإن قاومته الان فمن سيتصدي له ...لا عم ولا ام ولا حتي غريب قادر علي الوقوف أمامه لذا كان خيارها في تلك المعادله استسلام بكبرياء بدلا من مقاومه ذليله بينما تقف أمامه بمفردها ....
......دفعها مهران بقوة داخل السيارة لتسري غصه بحلقها وهي لاتشعر نفسها أكثر من ذبيحه تساق من يد الي أخري ....
اتجه مهران الي باب السيارة الامامي ليوقفه جاسر وهو يري وجهه كتله ناريه خلف قناعه الجليدي : هسوق انا
اوما مهران وجلس بجوار جاسر الذي قاد وهو يحاول التمهل قدر الامكان بينما لايدري رد فعل مهران الذي أن انفجر كان افضل من هذا الصمت الذي يكظم به تلك النيران داخله وكأنها قنبله مؤقوته ....
.........
....
فركت ماس يدها بقلق بينما تتحرك ذهابا وإيابا وعيناها معلقه بالطريق المظلم بينما صرير اصوات صرصور الليل فقط هي ما تسمعه بهذا الهدوء الذي ساد قبل قليل حينما بدء الناس بالانصراف بعد انتهاء ليله الحنه بمنزل مهران
ليدب القلق في أوصالها .....الي اين ذهب فجاه وماذا حدث ....؟!
تعالت دقات قلبها وهي تلمح ضوء تلك السيارة قادم من نهايه الطريق الغير ممهد لتضيق عيناها تحاول تبين أن كانت سيارة جاسر ام لا لترتاح أنفاسها قليلا حينما اقتربت السيارة باتجاه البوابه وتوقفت امامها لتجد جاسر ينزل منها ...أسرعت ناحيته : جاسر في ايه ؟!
قال جاسر باقتضاب وهو يقودها للداخل : مفيش انتي طالعه برا ليه في الوقت ده ..يلا ادخلي وانا جاي وراكي
هزت راسها وظلت واقفه وهي تقول : قلقت عليك ....ايه اللي حصل ...؟!
أدارت راسها الي باب السيارة الآخر الذي انفتح ونزل منه مهران وصفقه خلفه بقوة ليحاول جاسر إدخالها مجددا : يلا ياماس ادخلي وانا جاي وراكي
استغربت من إصراره بينما لم يمهله مهران الوقت وسرعان ما فتح باب السيارة الخلفي وأنحني ليجذب تلك الفتاه من ذراعها بقوة مزمجرا : انزلي
توقفت ماس مكانها وهي تنظر إلي ما يفعله مهران لتنظر الي جاسر باستفهام بينما جاسر زفر واتجه الي مهران هامسا بتشديد ....قولنا ايه ؟!
لم يكن مهران بحال تسمح له بسماع شيء ليجذب فيروز بقوة خارج السيارة ويدفع بها الي تجاه البوابه ....
أستنكرت ماس ما يفعله مهران لتنفلت منها كلمات الاعتراض : انت بتعمل ايه ؟!
نظر لها مهران لحظه بينما قال جاسر بحزم : ماس لو سمحتي اتفضلي ادخلي جوه
هزت ماس راسها برفض واتجهت مباشرة الي تلك الفتاه التي يجذبها مهران خلفه قائله : اوعي كدة سيبها ...انت ازاي تمسكها كدة اصلا
نظر مهران الي جاسر ليبعد زوجته بينما الشرر يتطاير من عيناه ليحيط جاسر بكتف ماس ويشدد علي كلماته : ماس اسمعي الكلام ويلا ادخلي
هزت راسها : لا ... هو في ايه اصلا ياجاسر ...صاحبك ماسك البنت ليه كدة
زفر جاسر من عناد زوجته
: ماس ....دي فيروز خطيبه مهران ولو سمحتي متتدخليش بينهم ويلا
خطي مهران خطوة وجذب فيروز التي انساقت بعيون دامعه الي يداه ولكنها تفاجات بيد أخري تمسك بذراعها ولم تكن إلا ماس التي وقفت أمامه قائله : سيبها يامهران لو سمحت
....نظر مهران إليها باستنكار لتنظر ماس الي جاسر ومهران بجساره قائله : اسفه اني بتدخل بس مينفعش اشوفك بتعاملها كدة واسكت
انفلتت الكلمات من شفته مهران : تستاهل كل اللي يجرالها
أومات ماس بمحايده بينما لاتريد أن تضع جاسر بموقف حرج ولكن دموع فيروز المتحجرة بعيونها لامست قلبها ولم تستطيع الصمت لتقول : حتي لو غلطت ....في طرق كتير تتعامل بيها معاها احسن من كدة ....
نظرت له برجاء : لو سمحت يامهران ....سيبها
نظرت إلي جاسر وامسكت ذراعه برجاء متابعه : لو سمحت خده يهدي وانا هاخد فيروز وبعدين يبقي يحل مشكلته معاها .....
انفجر مهران بحنق شديد وهو يبعد ذراعه عن يد جاسر ويجذب ذراع فيروز بقوة مجددا : انا معنديش مشاكل معاها ....حدود علمي أنها في بيت اهلها زي اي عروسه ليله حنتها بس بنت الناس المحترمه ليها رأي تاني ولا شوفه تانيه ياعالم
احتقن وجهه فيروز بغضب : اخرس ومتقولش عني كدة ....
خطي جاسر سريعا تجاه مهران الذي استشاط غضبا منا نطقت به ليزمجر بها بحده وهو يجذبها من ذراعها ناظرا لها بنظرات مخيفه: انتي اللي تخرسي ومسمعش صوتك والا قسما بالله ادفنك مكانك و اخلص من فضيحتك
فتحت فيروز فمها لتدافع عن نفسها ولكنها اختنقت بالعبرات الساخنه من اتهامه المشين لها
ليقف جاسر أمام مهران مدافعا عنها : اهدي يامهران وبلاش الكلام ده ...ميصحش
نظر مهران الي جاسر بعتاب : كلامي ميصحش وعملتها تصح يا اابن الناس ....؟! فضحت امها وعيلتها وانا وعيلتي وقبل كل ده فضحت نفسها وكمان تقولي ميصحش
ساد الصمت لحظه بينما لخص مهران وجعه وقهره من فعلتها بتلك الكلمات التي لا يستطيع أحد لومه عليها .....نظر له جاسر وهز رأسه محاولا التبرير : أيوة ميصحش يا مهران ...انت عندك حق في كلامك بس كمان انت تفهم في الأصول وعارف أن كلامك معاها هنا مينفعش .... خدها واتكلم معاها جوه احسن وافهم سبب اللي عملته
زمجر مهران بغضب : وهي عندها كلام تقوله كمان يابوي ...
افلتت العبرات من عيون فيروز التي وقفت مكانها وكأنها أصيبت بالشلل فاين كلامها ودفاعها عن نفسها لماذا تقف صامته وتترك مهمه الدفاع عن نفسها يتولاها هذا الرجل الغريب وتلك الفتاه ......
أستغلت ماس هذا الهدوء تلاحظي لتمسك بذراع فيروز تحاول سحبها من يد مهران القويه وهي تقول : معلش يامهران لو سمحت سيبها .... هي هتقولك علي سبب هروبها بس مينفعش تقولها الكلام ده .....هاخدها معايا تهدي شويه وبعدين تقولك علي كل حاجه ....
نظرت ماس إلي جاسر ترجوه أن يحاول تهدئه صديقه ليمسك جاسر بكتفه : تعالي يامهران عشر دقائق تسلم علي الناس ونرجع تفهم منها كل حاجه
زفره حارة انطلقت من صدر مهران المحترق ولكنه انساق الي يد جاسر الذي جذبه إليه هامسا : تعالي يامهران ....
وقد كان بالفعل بحاجه الي من يأخذه بعيدا عنها حتي لا يفتك بها بينما شعر بالضيق من نفسه لرؤيه دموعها فلماذا تبكي وهي من فعلت فعلتها الشنعاء .....
دخلت فيروز برفقه ماس الي منزل الضيوف لتجلسها علي أول مقعد قابلته ثم تلتفت حولها تبحث عن المطبخ لتدخل إليه تحضر لها كوب من الماء ولدي عودتها كانت فيروز قد تركت لنفسها العنان لتبكي بقوة لأول مرة ....
.........
...
يندم ....؟! هو من يندم ؟!
كيف اتتها القوة لتقول هذا . .... كادت تلك الكلمه تصيبه بالجنون طوال طريق عودته .....من منهم عليه الندم ؟! هي أم هو ...؟!
........(روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
...
وقفت مي بالمطبخ تعد الغداء بينما تصل إليها اصوات ضحكات ابنها الذي يلاعبه مالك بالخارج لتزفر بضيق بينما تتذكر رؤيه أخيها يحتضن ماس بهذا الشغف في مطبخ والدتها بالأمس ونيران من الغيرة تجتاح قلبها بتلك اللحظه بينما لاتجد مثل هذا الشغف في عيون زوجها تجاهها .....بحنق كانت تنادي عليه ..مالك ؟!
احاط مالك ابنه الصغير بذراعيه يدغدغه وهو يجيب نداءها : نعم يا مي
: تعالي عاوزاك لحظه
قال مالك وهو يستمر في دغدغه ابنه : عاوزة ايه يا حبيتي .....بلعب مع ادم
زفرت مي بخنق وقذفت المنشفه التي بيدها علي الطاوله وخرجت له بخطي حانقه : وهو ابنك أهم مني
اعتدل مالك جالسا ينظر إلي نبرتها الحاده في وجود ابنهم ليقطب جبينه باستهجان لتصرفها : في ايه يامي مالك ؟!
هتفت مي بغيظ : في ان انا مش الخدامه بتاعتك ....واقفه اجهز الاكل وسيادتك ولا علي بالك وعمال تلعب مع ابنك
احتقن وجهه مالك بالغضب بينما حذرها كثيرا من الشجار أمام طفلهم ليضع مالك أرضا ويجذبها من ذراعها ويدخل بها الي الغرفه هاتفا بغضب شديد : انتي اتجننتي ...؟! كام مرة أحذرك من صوتك قدام الولد وكام مرة هسكت علي تعليه صوتك قدامي .....مي الزمي حدودك واعرفي أن لصبري حدود
نظر لها بغضب بينما تلجم لسان مي وهو يتابع بحنق شديد : خدامه ايه اللي بتتكلمي عنها مش انا قولتلك ترتاحي ونطلب اكل من برا عشان نقعد كلنا مع بعض ...وابني اللي بلعب معاه ده بقالي يومين في زفت شغل ومشفتهوش ....اييييه قصرت في ايه عشان تقلي ادبك بالطريقه دي ....انا زهقت والمرة اللي جايه فعلا مش هضمن رد فعلي
دفعها للخلف وخرج صافقا الباب خلفه ليجذب هاتفه ومفاتيح سيارته من فوق الطاوله ولكن بكاء طفله جعله يتوقف ويستدير إليه ...بابا
مال مالك تجاه ابنه وحمله بحضنه يهدهده بينما يتنهد بضيق شديد من تصرفاتها ...نظر إلي باب الغرفه مرارا فهي حتي لم تخرج خلفه لينظر الي ابنه بشفقه فهو سيخرج ليهدا ولكنه سيكسر قلب طفله أن تركه وحده لذا دخل الي غرفه ابنه وجذب له جاكيت وضعه فوق ملابسه ثم حمله وخرج ..... خرجت مي مسرعه حينما استمعت الي صوت انغلاق باب الشقه لتسرع تتقفد ابنها بقلب لهيف ولكنها رأت مالك يأخذه برفقته من الشرفه. ..عادت الي الداخل وسرعان ما اتصلت بوالدتها تبكي وتخبرها بما حدث ...
........
......
بدأت شهقات فيروز تهدأ بعد أن فرغت شحنات الحزن التي كبحتها داخلها طويلا لتمد ماس يدها نحوها بمنديل قائله بسماحه : هديتي ؟!
أومات فيروز ورفعت عيناها التي تحولت إلي كتله ملتهبه من الاحمرار لتقول بامتنان : شكرا
هزت ماس كتفها بابتسامه هادئه : علي ايه ...المهم انك بقيتي احسن
أومات فيروز لتبادل ماس الابتسامه قائله : انا عرفاكي
هزت ماس راسها بابتسامه : انا مرات جاسر صاحب مهران
هزت فيروز راسها بالنفي قائله : لا .... انا اعرفك من مكان تاني ...انتي مش فكراني
قطبت ماس جبينها باستفهام لتوميء فيروز: شوفتك في حفله ماش بابا في البنك
جالت ماس بذاكرتها قليلا بينما تابعت فيروز مساعدتها ليجتاح الحنين قلبها وهي تنطق اسم والدها : انا بنت عم زيد لو تفتكريه ......
أومات ماس سريعا فكيف تنسي هذا الرجل الطيب : عم زيد ....طبعا فاكراه ....هو عامل ايه ؟!
نكست فيروز راسها وعادت الدموع سريعا لتشق حلقها وهي تقول بصوت متقطع : الله يرحمه
تأثرت ملامح ماس كثيرا بينما تقول باعتذار : اسفه مكنتش اعرف ...البقاء لله
هزت فيروز راسها : ونعم بالله...
تركتها ماس لحظات لتهدأ لتعود فيروز ترفع راسها تجاه ماس قائله بشيء من الإعجاب : اكيد انتي مش فكراني بس انا فكراكي كويس ...... كنتي بتتعاملي مع بابا كويس اوي ومهتمه بيه وعملتي له الحفله
أومات ماس بابتسامه وهي تتذكر ابتسامته الحلوة التي دوما ما استقبلها بها كل صباح
...........
.....
فرك مهران وجهه بعصبيه وهو يتحرك ذهابا وإيابا بينما ظل جاسر صامتا تاركا له المساحه ..... نظر مهران تجاه باب المنزل حيث بقي هو وجاسر بتلك الحديقه الصغيرة الملحقه بهذا المنزل الذي يفصله ممر صغير عن باقي المنزل ....
قال جاسر بهدوء : مش تروح تسلم علي الناس قبل ما يمشوا يامهران
هز مهران رأسه بضيق : مش فايق لحد
تنهد جاسر قائلا : واحده واحده يامهران ... خدها بالسياسة
انفعل مهران بغضب : سياسه ايه ...ده انا هشرب من دمها
كور قبضته بحنق : لولا وقفتك انت ومراتك لها كنت قسمتها نصين ....انا تهرب مني وتفضحني ...!!
قال جاسر بقليل من التفهم : اكيد متقصدش ...افهم منها الاول يامهران
نظر مهران لجاسر باستنكار لهذا العقل والهدوء الذي لايعهده به ليقول جاسر بجديه : انا قولتلك قبل كدة اتكلم معاها وقرب منها وانت مشيت بدماغك علي اساس انها هتقبل وخلاص وده غلط .....مهران انا مش عاوز اقولك ان اللي عملته معاها حق فيه لانه غلط ايه ....مرر جاسر يداه علي وجهه وهو يحاول تهدئه الأمور : يااخي دي واحده فاهمه انك اخدتها تخليص حق ومتجوزها غصب عاوزها تعمل ايه ...دي مراتي اللي واثقه ومتاكده اني بحبها وبموت فيها لما غصبت عليها تسيب الشغل مشغله اسطوانه نكد وعامله عليا ثورة مابالك بواحده متعرفش حاجه عنك ...لازم تثور لكرامتها
تغيرت ملامح وجهه مهران بينما لامس كلام جاسر عقله ليتابع جاسر وهو يرفع إصبعه أمام وجهه مهران : كل ده مكانش هيحصل لو فهمتها انها عجبتك وأنها جوازه عاديه مش غصب ...
زفر مهران واشاح بوجهه متمتما : برضه ميديهاش الحق أنها تهرب ....
اوما جاسر : معاك .... بس برضه متقعدش تقول كلام مالوش لازمه ليها وتجرح كرامتها
يكره مهران أن يكون كلام جاسر صحيح ولكن بداخله اقتنع حتي لو لم يكون هذا ماهو بادي علي ملامحه
التفت مهران الي عزيزة التي كانت تتسلل بخطوات حذره من بوابه المنزل الجانبيه وهي تتلفت حولها خوفا ان يراها احد لتقع عيناها علي مهران فتسرع إليه بلهفه : ايه ياابني عملت ايه ..لقيتها ؟!
اوما مهران دون قول شيء لتنظر عزيزة له برجاء : اوعي تكون عملت فيها حاجه ....دي لسه عيله وملهاش عقل تميز بيه ....اعذرها ياابني من كتر قسوة عمها مبقتش عارفه هي بتعمل ايه
قال مهران باقتضاب : خلاص ياست عزيزة ...
قالت عزيزة بلهفه : طيب هي فين خليني أحدها ونرجع قبل ما حد ياخد باله
هدرت الدماء بعروق مهران برفض أن تغادر قبل أن يعرف سبب فعلتها منها لا من الغرباء الذين يبررون موقفها
ليتدخل جاسر قائلا بخفوت : الست عزيزة عندها حق يامهران .....يلا خدها ورجعهم البيت قبل ماحد ياخد باله
نظر له مهران برفض ليمسك جاسر بكتفه: اسمع الكلام يامهران ....
........
...
لم تكن حكايه فيروز بأقل تأثيرا من حكايه ياسمين فكل واحده من تلك الفتيات تعيش مأساه في الدفاع عن حقها في حياه ومستقبل وترفض أن تكون سلعه مصيرها بيد آخرين .....حقا المغالاه في التفوه بحقوق المراه علي تلك المنصات لاشيء مقابل رؤيه معاناه تلك الفتيات في الواقع والتي ظنتها ماس ليست أكثر من دراما تراها أو تقرأها وليست موجوده علي أرض الواقع
نظرت فيروز الي ماس التي قالت بتشجيع : انا لو مكانك كنت هعمل كدة وكنت ههرب
بكت فيروز بقهر : وبعد ما هربت اهو رجعني تاني ويا عالم هيعمل فيا ايه
قالت ماس بجديه : مش هيعمل فيكي حاجه لو قولتي له أسبابك .....متوقع منك ايه و هو واحد متعرفيهوش واتجوزك مقابل ارض او تهديد وعداوة ....
قالت فيروز بتشتت : نظراتهم كلهم ليا أنه كتير اوي علي واحده بنت راحل غلبان زي ابويا واني لازم اشكر ربنا
انسابت الدموع من عيونها وتابعت : كلهم شايفين أنه راجل غني وهيتجوز واحده زيي ومحدش عارف أنه اصلا تاجر سلاح وماخفي كان اعظم
ضيقت عيناها وتابعت : هو جايز موضوع السلاح ده مش مضبوط لأن اللي اعرفه ان مهران ده راجل كويس جدا بس في كل الأحوال هو هددك وانتي لازم تستغلي النقطه دي
نظرت لها فيروز لتبدأ ماس تتحدث معها بفكر منظم كما فعلت مع ياسمين فهي تري الموضوع من الخارج لذا حكمها افضل كثيرا : انتي لازم تواجهيه بكلامك ده وتفهميه انك مش معزه اشتراها من السوق وهتقبل تأكل وتشرب وتسكت لا انتي انسانه وليمي رأي وشخصيه ....
صمتت حينما حمحم جاسر مناديا عليها بينما رفع عيناه للاعلي بملل ما أن استمع لآخر كلمات زوجته ...ليتبرطم بينه وبين نفسه ....( ماصدقت دخلت في حقوق المراه ....استر يارب)
خرجت له ماس من الغرفه ليقول : ماس لو سمحتي نادي فيروز
قالت ماس بتحفز : لو فاكر أنه هيأذيها انا هقف له ...قاطعها جاسر بغيظ : وتقفي له ليه ....ماس انا سمعتك وانتي عماله تشحنيها ضده
رفعت ماس حاجبيها ببراءه : انا
اوما لها بغيظ : أيوة ...بس مش وقته ..خليها تطلع عشان ترجع بيتها
نظرت له ماس بتوجس : يعني مش هيأذيها
هز جاسر رأسه : لا ياست المناضله
.....
.....
قال مالك بضيق :انا زهقت يا ماما ...و بفكر أطلقها
اتسعت عيون هويدا برفض : لا ياابني انت بتقول ايه ..... نظرت إلي طفله الذي نام علي ذراعيها : وابنك ...مينفعش يا مالك وبعدين ياابني كل بيت وفيه مشاكل ميكونش الطلاق حلها ...استهدي بالله
........
...
ما أن أدخلت عزيزة فيروز الي غرفتها حتي انقضت وداد عليها بكلتا يديها تضربها وتصرخ فيها بغل : ياخسارة تربيتي فيكي ....بقي دي جزاه صبري عليكم .....عاوزة تفضحيني وتفضحي اخواتك ...
حالت عزيزة بين وداد وبين فيروز التي وضعتها خلف ظهرها ونظرت الي وداد بتوبيخ : ايه اللي بتعمليه ده يا وداد ....؟!
هتفت وداد بقهر : بطفي ناري من عملتها ...... كان ذنب إخوتها ايه يعيشوا بعارها
انفجرت فيروز في والدتها : انا معملتش حاجه غلط ...انا دافعت عن نفسي قدام ظلمكم
اهتاجت وداد بغضب : ظلم ...!! واحده زيك اتفتحت ليها طاقه القدر جايه تقول ظلم ......كفااايه بقي تعملي نفسك ضحيه واشكري ربنا علي النعمه اللي انتي فيها
عاوزة تهربي وتشتغلي بملاليم وتشوفي المرار والذل لما عيالك يحتاجوا حاجه ومتعرفيش تجيبيهالهم .....عاوزة تعيشي في بلد من غير أهل والناس كلها تفكرك بنت حرام ...عادت لتحاول أن تنقض عليها مجددا : عاوزة ايه فهميني .....
ابعدتها عزيزة عنها ودفعتها خارج الغرفه : بس بقي كفايه يا وداد مش. وقت كلامك ده .....انزلي شوفي الناس ومالكيش دعوه بيها
نظرت وداد الي ابنتها بسخط قائله : فعلا انا من دلوقتي ماليش دعوة بيها وتعتبر نفسها من غير ام
أغلقت عزيزة الباب خلف وداد ونظرت الي فيروز التي جلست في مكانها علي طرف الفراش تبكي متوقعه المزيد والمزيد من التأنيب والقاء التهم فلن يضع أحد نفسه مكانها ولن يشعر بها أحد ....
خالفت عزيزة توقعاتها حينما جذبتها إليها دون مقدمات ووضعتها يصدرها تحتضنها بحنان وتربت علي كتفها
: اهدي يا بنتي .....
بعد قليل أبعدت فيروز برفق عن حضنها قائله : ادخلي خدي دوش وغيري هدومك وانا شويه وهرجعلك نتكلم مع بعض
..........
....
عقدت تهاني حاجبيها بتوجس حينما وجدت مهران يعود للمنزل لتتجه إليه توقفه اسفل الدرج : خير يامهران كان في ايه .....؟!
نظر لها مهران باقتضاب : مفيش
أصرت تهاني علي سؤالها : مفيش ازاي . .... هي مش عزيزة اللي كانت واقفه معاك
احتقن وجهه مهران قائلا بنبره قاطعه : وبعدين يا مرات عمي يخصك في ايه انت واقف مع مين
تركها تغلي بغيظها واتجه الي الاعلي لتزم تهاني شفتيها بضيق وهي تحاول تخمين ما حدث ولكن وجهه مهران المتجهم يخبرها أن ما تريده حدث ....
فكرت قليلا لتجد لها سبيل أن ذهبت الي ماس ربما تعرف منها شيء لذا دخلت الي المطبخ وجعلت الخادمه تجهز الطعام لتأخذه لجاسر وزوجته
..........
.....
تأهلت ملامح رأفت ما أن دخل صالح الي المنزل ليعتدل واقفا ويتجه إليه : كنت فين ؟!
نظر صالح الي ابيه هاتفا بسخط : كنت مكان ما كنت يابابا
وضعت ليليان يدها علي فمها حينما نطق صالح بتلك الكلمات التي اشعلت النيران بنظرات رافت : انت ازاي تتجرأ ترد عليا كدة ...هي دي تربيتي ليك
تنهد صالح قائلا بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس : مقصدش يابابا بس انا مش صغير عشان حضرتك كل شويه تسألني السؤال ده
رفع رأفت عيناه باستنكار : حلو اوي ..طالما انت مش صغير يبقي تتعامل زي الرجاله وتبطل مشوايرك اللي معرفش عنها حاجه وتشوف شغلك ومستقبلك
تنهد صالح قائلا باقتضاب : حاضر يابابا ...اي اوامر تانيه
صمت رافت لحظه ليتحرك صالح تجاه غرفته ولكن أوقفه صوت رافت الذي قال : اخدت قرار في موضوع جوازك ..؟!
التفت صالح لأبيه قائلا بنبره حازمه : قراري قولته لحضرتك
اغتلت ملامح رأفت الذي كان متوقع عناد ابنه ليهتف بعناد أشد : واظنك انت كمان عارف قراري ....لو متجوزتش مها لا انت ابني ولا اعرفك
نظر صالح لأبيه بحنق وهز رأسه وهو يدخل الي غرفته
: اللي تشوفه حضرتك
اهتاج رافت واتجه خلف ابنه لتسرع ليليان ناحيته توقفه بتوسل : ابوس ايدك يا رافت سيبه دلوقتي ....عشان خاطري ...سيبه وانا هتكلم معاه
............
......
زفرت تهاني قائله بنفاذ صبر : بت يا ذكيه خلصتي اكل الضيوف
أومات الفتاه سريعا وهي تضع الاطباق فوق تلك الصينيه الكبيرة : حالا اهو يا ست تهاني
دخلت سحر خلف تهاني قائله : ماما ....عمتي بتدور عليكي
قالت تهاني بعدم اكتراث : بعدين يا سحر
نظرت لها سحر قائله : دي عاوزاكي ضروري .....
قالت ذكيه : اتفضلي انتي ياست تهاني وانا هروح اوصل الاكل للضيوف
قالت تهاني تزجرها : خلصي انتي وانا هاخد الاكل
تدخلت سحر سريعا قائله : انا هروح مع ذكيه نوصل الامل وروحي انتي ياماما شوفي عمتي
زفرت تهاني علي مضض بينما ضاعت فرصتها أن تعرف شيء ولكنها تأملت أن تكون تحت زوجها تريدها في نفس الأمر .... فربما تريد اخبارها بمعرفتها بهروب العروس
........
...
ابتسامه ماكرة ارتسمت علي شفاه جاسر. الذي دخل الي المنزل بعد يوم طويل ....ماسه ...
نادي عليها وهو ينظر حوله يبحث عن الغرفه التي تبقي بها بهذا المنزل ...
أعاد النداء بمرح يشاكسها : انتي فين يا نصيرة حقوق المراه
اغتاظت ماس منه فلم تجيب عليه ليدخل جاسر الي الغرفه ويجدها واقفه أمام الحقيبه تخرج منها ملابسها ....توقف خلفها وأحاط خصرها بذراعه ...مش بنادي عليكي ...
التفتت له بغيظ : اسمها بتريق عليكي مش بنادي عليكي
ضحك وداعب وجنتيها المنتفخه : انا يا ماسه ....ده انا سبتك ثواني مع البنت رجعت لقيتك مشغله الاسطوانه بتاعه ليكي راي وشخصيه
قالت ماس باحتدام : امال اقولها اسمعي كلامه وانتي مالكيش رأيي
ضحك جاسر قائلا : لا بس يا حبيتي قولي كلمه حلوة
قالت وهي تهز كتفها : اكيد قولت بس انت سمعت اللي علي مزاجك
نظر لها جاسر بإعجاب بينما لا تتوقف يوما عن أثارته بشخصيتها الفريده فهو حتي وان كان يعترض علي أفعالها إلا أن بداخله تروقه كثيرا فهي لا تشبه أحد وما أعجبه هو دفاعها عن الفتاه والذي شجعه ليدافع عنها هو الآخر ويهدا صديقه ليصل به الي هدوء نسبي بدلا من أن يندفع مهران بما لا يحمد عقباه
نظر في عيونها بافتتنان واضح بينما يسألها : وقولتي ايه بقي ؟!
نظرت له ماس قائله : دافعت عنه في موضوع السلاح .....هو مهران تاجر سلاح
ضحك جاسر عاليا : تاجر سلاح ....جبتي منين الكلام ده
قالت ماس : فيروز حكت ليا علي كل حاجه ....انت عارف دي مين اصلا
نظر لها باستفهام لتخبره ....: يعني تعرفيها
هزت راسها : لا ...هي مرة اتقابلنا فيها بس كنت اعرف باباها اللي يرحمه كان راجل طيب ....
نظرت له واستجابت ليداه التي تحيط بخصرها يقربها منه بينما تقول بدلال : جاسر بليز خلي صاحبك ميضايقهاش ....دي بنت طيبه اوي
ذاب جاسر من دلالها ليقرب وجهه منها قائلا بأنفاس ملتهبه : ده انا عشان شويه الدلع دول هخليه ينزل ليها اعتذار رسمي علي هروبها منه
رفعت ماس حاجبيها بغيظ ظنا منها أنه يسخر منها لتخلص نفسها من ذراعيه ...انت رخم اوعي كدة ..
.....امسك جاسر بذراعها سريعا : خدي بس تعالي هنا
انساقت ماس الي جذبه لها ليقربها جاسر منه ويسألها بينما عيناه تقابل عيونها : سيبك من صاحبي خلينا في نفسنا ....نظر في عيونها قائلا
: كنتي قلقانه عليا ؟!
أومات دون تفكير : اكيد
أحاط خصرها بذراعيه وقربها إليه أكثر لتشعر ماس بدقات قلبها تزداد من اقترابه بينما مال جاسر ناحيتها وقرب وجهه من وجهها وعيناه تتطلع الي عيونها باشتياق بينما يهمس بجوار أذنها : افهم من كدة اننا اتصالحنا ؟!!!
لامست أنفاسها المتسارعه وجهه بينما تحاول ماس الا تتأثر بقربه بينما تخونها كل إرادتها وتنساق الي قربه الذي اشتاقت له بعد طول جفاء ....
لتهز راسها متهربه منه : لا ...
حاولت تحرير نفسها من بين ذراعيه ولكنه لم يدعها بينما
ابتسامه خبيثه ارتسمت علي طرف شفتاه وهو يدرك كيف تجاهد لمقاومته ليردد بنبره ماكره ::يعني هنفضل متخاصمين !!؟
أومات وهي تحاول فك حصار ذراعيه من حولها : انت اللي بدأت
رفع حاجبه : يعني مكنتيش قلقانه عليا من شويه ؟!
أومات دون تفكير : اه كنت قلقانه عليك بس ده مالوش علاقه بخصامنا
قال جاسر بمكر : ولما انتي مخصماني بتقلقي عليا ليه ؟!
رفعت ماس عيناها إليه و أجابت بعفويتها المحببه لقلبه
: لازم اقلق عليك .... ... انت جوزي ....ومش بس جوزي....انت حبيبي والراجل اللي فضلت احبه ٣ سنين
هل خرج قلبه من موضعه الان بينما تقول له تلك الكلمات ...؟!
لمعت عيناه بالحب تجاهها بينما اختصرت ما بقلبها ببضع كلمات عفويه ضربت قلبه مباشرة ....
هزت ماس كتفها وتابعت : اكيد هقلق هو انا لاقياك في كيس شيبسي مثلا ولا كسبتك في عرض !!!
هل ضاع سحر اللحظه بعد ما نطقت به اخيرا ....
ضحك جاسر عاليا علي ما نطقت به بينما يخبر نفسه مرارا وتكرارا أنها أنثاه التي يعشقها بكل حالاتها ....فمن سواها قادره علي أن تكون بتلك الجديه والعفويه والمرح والدلال .....
حوط وجهها بيده بحنان قائلا : بحبك ياماسه ومقدرش اتخيل حياتي من غيرك
افلتت ابتسامتها الراضيه لتنظر له بدلال : وانا كمان بحبك مع أن طبعك صعب
نظر لها ببراءة : انا ...
أومات له وفتحت فمها لتتحدث ولكن تعالت تلك الطرقات علي الباب . .....
اتجه جاسر الي الباب ليفتحه لتتسع عيناه حينما أشارت سحر للفتاه قائله : ادخلي ياذكيه دخلي الاكل
دخلت ذكيه لترفع سحر وجهها إليه بابتسامه قائله : ازيك ياجاسر ........عاش مين شافك
اوما جاسر وهو يخفض عيناه عنها سريعا بحرج : اهلا
نظرت له سحر تتفحص ملامحه بينما اشاح جاسر بعيناه عنها وتراجع بضع خطوات للخلف لتقول سحر مجددا : مبروك عرفت انك اتجوزت
هز رأسه دون قول شيء لتخرج ذكيه قائله : تأمر بحاجه تانيه يا بيه
هز جاسر رأسه باقتضاب : متشكر
نظرت له سحر قائله : ابقي خلينا نشوفك
ظل جاسر صامت بينما وضعت سحر يدها علي بطنها قائله بضوت رقيق : قريب هيشرف جاسر الصغير ...ابقي خلينا نشوفك في السبوع .. .... !!
احتقن وجهه جاسر من تلك الفتاه التي لايجروء علي الرد عليها لأنها اخت صديقه لتتابع سحر بصوت خافت : انا نويت اسميه علي اسمك
زفر جاسر وتراجع للخلف واغلق الباب ليستدير فتتسع عيناه حينما وجد ماس أمامه ....!!
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
.
أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك