الفصل السابق
للأسف الجنين مفيش فيه نبض.. لازم ينزل
تلجم لسانه ولم يستطيع النطق .. فالصدمات اقوي من احتماله
ردد بلسان ثقيل ;مات
:للأسف.... الجنين ميت من امبارح
اوجعه قلبه بقوة فقد مات ابنه بسبب صدمتها في ابيها
ربت الطبيب علي كتف حمزة حينما رأي امتقاع وجهه المصدوم ليقول برفق
: معلش يافندم.... قدر الله وما شاء فعل... بس حاليا المدام لازم تدخل عمليات عشان كدة خطر عليها
اومأ حمزة له بنبره مبحوحة : اعمل اللازم يادكتور....
........
.. جلس امام غرفة العمليات بعزيمه مكسورة ووضع راسه بين يداه وشعور أليم بالذنب ينخر بقلبه... هو السبب..؟ هو من جعلها تتعرض لتلك الصدمه في ابيها.. هو من كسرها وحطم قلبها بتلك الطريقه القاسيه ليتوقف نبض الجنين ببطنها.... كان قاسي وأراد ان يكشف دناءه وخيانه هشام امام ابنته ولم يقدر ان بداخلها روح بريئة لن تحتمل تلك الصدمه.... اغمض عيناه بألم شديد فقد نالت تلك الفتاه علي يداه الكثير.... اجتاح ذلك الألم أعماق قلبه بقوة وصورتها لاتفارق خياله...
تلك التي كانت تتحداه بعيون شرسة كسر نظرات عيونها بحقيقه ابيها الذي كانت تدافع عنها بهذا الكبرياء العالي... وضع يداه علي حلقه لعله يستطيع منع الشعور بتلك الغصه المؤلمه بينما يفكر بأثامه تجاه تلك الفتاه التي تغلغلت بداخله لايعرف كيف ولا متي ولا حتي لماذا... لايعرف شئ سوي انه لن يكون سبب بعد اليوم في اي حزن او ألم لها....!
..........
بعد ساعه كانت قد خرجت من غرفة العمليات ليقف بجوار فراشها يطالعها بنظرات مليئة بالندم والاسف وقد اجتاح الشحوب ملامحها المتألمه بينما لاتزال تحت تأثير المخدر... .... سحب المقعد ووضعه بجوار فراشها وجلس عليه ومد احدي يداه يضعها فوق يداها التي تعلقت بها تلك الحقنه المغذية بينما مد يداه الاخري تجاه وجهها يبعد خصلات شعرها لينظر مليا لملامحها.... الهذه الدرجة هي هشة أسفل كل تلك القوة والشرسة التي تتظاهر بها... الهذا الدرجة ليست اكثر من فتاه صغيرة تحلت بجرأه مزيفه في مواجهه ظلمه لها....! لماذا ادخلها في انتقام لا ذنب لها به... ؟لماذا اذاها بتلك الطريقه وهو قد جرب الاذي والظلم....!
لايعرف لماذا بتلك اللحظة داهمت صورة والدته خياله.... لقد كانت امه امرأه جميلة لم تفارق صورة ابتسامتها الحلوة خياله بالرغم من الالم الذي عاشت بهذه الحرب مع عائلتها سنوات لتبعدها عن والده.... والده الذي تحمل الألم والمرض ليثبت لهم انه ليس بطامع ابدا باموالهم.... تلك الأموال اللعينه التي جعلت امرأه كانت تنام بين ذراعيه تغدر به وتطعنه بظهره....
لااحد سيشعر لماذا هو محترق بتلك الدرجة علي تلك الأموال التي دفع والده عمره ثمن لها....! لقد مات ابيه علي مكتبه امام عيناه بعد نوبه قلبيه حادة داهمته وأخبره الطبيب انها لم تكن الاولي وانه حذره كثيرا ولكن ابيه كان مصمم علي ان يثبت لعبد الحميد البدراوي انه ليس طامع ولا مستغل... لم يكن يطمع سوي بحب امرأته التي عاشت منبوذه منهم...! لمعت الدموع بعيناه بينما تذكر تلك الليله التي وقف وحده يأخذ عزاء والده بينما لم يكن اكثر من شاب في مقتبل العمر يبلغ العشرون ربيعا... تركه والده ووالدته قبله وحيدا... انكسر ظهره من تلك الدنيا الظالمة التي غدرت به ... انكسر ظهرة من خيانه هشام اكثر من خيانه ابنته لسنوات عشرة لم يصونها .... انكسر ظهره وهو يخسر كل مابناه ابيه وحارب من أجله بلحظة وثق فيها بزوجته.... انكسر ظهره وهو يكسر تلك الوحيدة التي لامست قلبه... انكسر ظهره
من التظاهر بالقوة بينما هو لايريد سوي الإجهاش بالبكاء ندما والما.....
خرج صوته متحشرجا بينما يطبع قبله طويلة علي جبينها هامسا : اسف...!
...........
...
نظرت هدي الي هشام الذي عاد وهو يجر أقدامه بخزلان ووهن : مالك ياهشام....
ارتمي علي المقعد دون قول شئ لتساله هدي مجددا : انت كنت فين...هشام رد عليا
هنعمل اية دلوقتي.. سيرين ضاعت كدة خلاص.... المجرم ده مش عاوز يسيبها بعد كل اللي عمله فيها
انت لازم تتصرف ياهشام وترجع بنتي... ...
خرجت الكلمات من فمه ثقيله ليقر بذنبه الذي صعق هدي لتصيح به ببكاء ; يعني انت السبب في اللي حصل لبنتي......
.. انت السبب في كل اللي هي فيه
اومأ لها لتصيح به بانهيار : حرام عليك..... ليييه عملت كده.... لية حرام عليك...... انا مش،هسامحك ابدا.. منك لله ضيعت بنتي عشان طمعك... منك لله
.............
...
تركها حمزة بينما لاتزال لم تستفيق بعد وذهب لشراء ملابس لها
ولكن ماان عاد الي المشفي حتي قطب جبينه بقلق ماان اسرعت تلك الممرضة ناحيته ليسالها لقلق ; فاقت
قائلة بتعلثم ; المدام فاقت بس...
قال بقلق شديد وهو يتجه الي غرفتها : مالها...؟
هزت كتفها : منهارة من ساعه ماعرفت ان الجنين مات....
اسرع بخطاه الي غرفتها ليري الدموع الغزيرة تكسو قسمات وجهها الجميل.....
نظر اليها بنظرات ضائعه تماثل ضياعها بالرغم من انه حاول التماسك امامها لتزداد دموعها انهمارا وتبكي بحرقة كما لم تبكي من قبل... فكم هو محترق قلبها حينما استفاقت وعرفت انها فقدت جنينها... ذلك الجنين الذي كانت ستقتله لم تكن تعرف ان وجع فقدانه مؤلم بتلك الطريقه.... ماذا فعلت لينالها كل هذا... لماذا حينما تعلقت بهذا الطفل يذهب منها....لماذا بعد ان تقبلت وجودة ولمست العذر لحمزة بعد ان عرفت حقيقه غدر ابيها به...... انه لم يحتمل ذلك الحزن الذي سكن وجدانها ولا الانكسار الذي شعرت به حينما عرفت حقيقه والدها...
اقترب حمزة منها ومال ناحيتها فتلاقت عيونها بعيناه ليري بها انكسار وحزن لم يراها به سابقا.... قال بنبره حنونه : بتعيطي لية دلوقتي انتي مش مكنتيش عاوزاة
ازداد انهمار دموعها لتحرق وجنتيها فلم يكن كلامه به لوم اوتأنيب بل كان حنان يتساءل به عن سبب بكاءها بينما بالفعل كانت تريد أن تتخلص من هذا الطفل ... قالت بنبره مختنقه بحمم دموعها المنهمرة بلاتوقف ; مش هتفهم...... عمرك ماهتفمهني ولاتحس باللي انا حاسة بيه...
كنت فاكرة اني مش عايزاه بس.. بس ده ابني....
.. ابني... اللي ربنا عاقبني واخده مني ...! انهارت بوجع وقهر ولم يعد بإمكانها الصمود فهذا الجنين ضحيه بريئة دفع الثمن بلااي ذنب.... لقد كان ضحيه لهم هما الاثنين دون أن يدركا ذلك....!
بلحظة كان يجذبها اليه ويحتضنها بقوة لتنهار روحها المقهورة بين ذراعيه تبكي بوجع والم وقهر ام فقدت جنينها .... ارتعش قلبه بينما هي راقده فوق دقاته ليستمع الي بكاءها بصمت هزم رجولته بينما الذنب القاتل ينحره بلا رحمه.... كانت يداه تربت علي ظهرها بحنان وكأنها ابنته الصغيرة.... جزء من روحه يتمني لو بإمكانه سحب كل وجعها وحزنها من داخلها لداخله لعله يجد سبيل يرحمه من ألم الضمير القاتل...... بعد دقائق طويلة بدأ بكاءها يهدأ قليلا ليربت حمزة بحنان علي كتفها بينما يرفع وجهها الباكي اليه ويهمس بكلمه واحدة ليت باستطاعتها مسح كل الذنوب التي اقترفها بحقها : اسف...
لم تتخيل ابدا في يوم من الايام ان تكون داخل احضانه بارادتها بل وتبكي وهو من يواسيها بهذا الحنان... ماكان بحسبانها ابدا ان تتحول كل تلك الكراهية التي كانت تحملها له لتلك المشاعر التي لاتفهمها.... لم تتخيل ان تتحول عواطفها من قمه النفور الي التوق والقبول... ماذا فعل بها هذا الرجل.. لماذا يثير تلك العاصفه بداخلها... لماذا تراه ظالم ومظلوم. لماذا يتمزق قلبها من أجله بينما يهمس لها بأسفه وذنبه وهي تري هذا الوجع بعيناه....... لماذا تتوجع من اجل هذا الظلم الذي ناله دون ادني ذنب من ابيها واختها .... اتلك عاقبه من وثق بزوجته وابيها... كان يصارع الموت وهي تضع الخطط مع ابيها لنهب ثروته.... لماذا فجأه انمحت من ذاكرتها صفعاته واهاناته وظلمه لها وبقي في ذاكرتها كلماته فقط...! كلماته لها تلك الليله....نظراته وترحيبه بالسكين التي غرستها بصدره...!
تمزقه مابين رغبته بالثقة بها ومابين عدم الثقة بعد ماحدث له.... كلمات ابيها وهو يعترف بغدره به.... سجنه شهور طويلة بلا ذنب.... كلمات جدة وجلده له بلاذعتها...! دوامات متعاليه تتقاذف تفكيرها بلاهواده... ماتلك المشاعر التي تشعر بها تجاهه ... لماذا تبكي علي صدره في محنتها...؟!
لماذا تشعر بهذا الوجع لفقدان ذلك الخيط الذي كان يجمعها به حتي ولو كان جاء بتلك الطريقه القاسيه... ؟! لم تكن يوما خياليه ولكنها تؤمن بالحب..؟! الحب الذي يجتاح الكيان بلا سبب وبلا وقت وبلا تفسير
وهذا الرجل بالرغم من كل ما فعله وحدث بينهما الا انه الرجل الوحيد الذي تشعر تجاهه بتلك المشاعر دون إرادتها.... فقد انتزع جزء من قلبها بالقوة كما انتزعها من منزلها بالقوة وكما انتزع زواجه بها بالقوة....بعيدا عن كل هذا تري فيه حنان ورفق ووجع جعله كالاعمي لايري امامه... فهو يحمل شئ عاصف قوي يجتاح قلبها..... نيران ملتهبه تعصف بها كما النيران المتعاليه بعيناه.. تلك النيران التي تخبرها ان لا أمل في اي شئ بينهما ابدا...!
بينما هي بين ذراعيه كان قلبه يتعرض لغزو يجتاحة ويزلزل كيانه وارادته بأن تلك الفتاه هزت عرش قلبه ومشاعره ولن تتراجع عن احتلال كل خليه من خلاياه بالرغم من مقاومته الضارية... اقنع نفسه الآلاف المرات انها فقط تعرضت للظلم من جانبه لذلك لا يحتمل دموعها واكتفي بهذا التبرير لرغبته بادخالها الي داخل ضلوعه وامتصاص كل الألم من جوانبها....
......هدات شهقاتها لترفع راسها بعيدا عن صدره وتمد يداها المرتجفه تمسح دموعها ولكن يداه كانت اسرع لتشعر بأنامله الخشنه تمسح دموعها من فوق خدها الناعم بينما يقول برفق : اهدي... ششش خلاص متعيطيش... اهدي
هزت راسها دون قول شئ لتدخل الطبيبه بعد قليل تتفحصها قائلة بهدوء : حمد الله علي سلامتك
هزت سيرين رأسها ولم يخرج صوتها من حنجرتها... لتنهي الطبيبه فحصها وتخرج حيث انتظر حمزة بالخارج
ليسالها : حالتها اية.. ؟
قالت الطبيب : يعني احسن...بس محتاجة راحة تامه الفترة اللي جاية وطبعا نراعي حالتها النفسيه
اوما لها لتدون بضع أدوية وتكمل : بس اهم حاجة الأدوية دي هتستمر عليها اسبوعين مع الراحة تامه
: تقدر تخرج امتي؟
: بعد المحلول مايخلص لو حبيتوا ممكن تخرج....طالما هتهتموا بيها في البيت....
كانت طوال الطريق صامته لا تتحدث وكيف تتحدث او حتي تنظر اليه وهي تري كم هي ضئيله امام فعله ابيها ....!
كل بضع دقائق كان حمزة يختطف نظرة ناحيتها ليجدها تسند راسها علي زجاج السيارة دون قول شئ....
سألها برفق ; انتي كويسة
هزت راسها وعادت لتنظر في الفراغ
بعد قليل أوقف حمزة السيارة أسفل المنزل لتتفاجيء به يلف الناحية الاخري ويحملها....
ويصعد بها للمنزل.... اضطرت ان تضع يداها حول عنقه بينما كانت خطواته تسير بها ليضعها برفق فوق الفراش.....
نظر الي وجهها الشاحب لحظة بينما اقترب منها قائلا بحنان : حمد الله علي سلامتك
اومات له وقلبها يتقافز من مكانه بينما تابع باهتمام ; علي ماتغيري هدومك هكون جهزتلك حاجة تاكليها عشان ترتاحي زي مالدكتورة قالت
خرج لتسيل دموعها مجددا بصمت قاتل فهو يهتم بها بالرغم من فعله ابيها....... كم قلبها مجروح متوجع..... بدلت ملابسها واندثرت بالاغطيه تتكور علي نفسها تخفي وجهها الباكي بالوساده
دخل حمزة بعد قليل يحمل صينيه عليها ساندويتشات جهزها لها وفاكهه ليجدها متوقعه علي نفسها ومغمضه عيناها
وضع بجوارها الطعام علي الكمود وقال بهدوء ;... سيرين يلا قومي عشان تاكلي
لم تجيب عليه ليستمع لبكاءها الصامت الذي يوجع قلبه
: سيرين
قالت بصوت مختنق وهي تغمض عيونها : مش عاوزة حاجة
فقط كانت تلك الكلمات التي سمعها منها كلما حاول أن يجعلها تأكل او تستيقظ..... ففي اليوم التالي ايضا ظلت كما هي دون أن تنطق او تتحدث فقط نائمة .....
شعرت به اكثر من مرة خلال الليل يطمئن عليها ليجتاح الألم قلبها اكثر كلما اهتم بها بالرغم من فعله ابيها....
.........
....
نظرت سيدرا الي والدتها قائلة بخفوت : انا قلتلك الف مرة مش هشتغل معاه
: لية بس ياسيدرا
هتفت بحدة من بين اسنانها : انتي عارفة كويس اوي ليه....ولا فاكراني هبله برياله جمال ده هيضحك عليا...
نظرت الي والدتها وتهكمت بنفسها فهي تعرف جيدا طمع زوج والدتها...
:متنسيش ياسيدرا ان جمال السبب في العز ده كله
تهكمت سيدرا : نعم ...!
قالت نادية بحقد : اية تنكري ان هو اللي عرفك طريق حمزة السيوفي.... ولا انه اللي دبرلك الحادثة.... قاطعتها سيدرا ; طيب بس.. بس انتي هتفضحينا
هزت نادية راسها : لا ياحبيتي انا بس بفكرك انه ساعدك
قالت بسخط : ماهو خد نصيبه
ولا هو طمع وخلاص
: لا ياحبيبتي هو عاوز مصلحتنا.... الملايين اللي حطاها في البنك بأفكار جمال هتبقي اكتر بكتير
لوت سيدرا شفتيها بسخط وحدثت نفسها انه قد ان الأوان لتضع نهاية لوالدتها وزوجها....! انها قد حصلت علي ماارادت منهم وانتهي دورهم....!
...............
.....
في اليوم التالي
فتح حمزة عيناه علي رنين هاتفه حيث غفي علي الاريكة وهو جالس
:ايوة يازين
: اية يا حمزة فينك... من امبارح مش عارف اوصلك
هز حمزة راسه وهو بفرك وجهه : مفيش انا في البيت
: بيت ايه.... انت نسيت اننا النهاردة رايحين المصنع عشان نشوف الماكينات بعد ما اتركبت
هز راسه : لا مش هينفع.. أجله يازين
سأله زين بدهشة : لية؟
: عادي يازين وبطل زن
; لا طبعا مش، هبطل زن.... وبعدين اية اللي عادي وأهم من شغلك
حمحم حمزة قائلا : مفيش يازين..... سيرين بس تعبانه شوية ولازم افضل جنبها.
فتح زين فاهه لحظة قبل ان يقول بخبث : سيرين.. ؟!
: بطل سخافه...
: انا قلت حاجة..... انا بس مستغرب.... انتوا رجعتوا لبعض
قال حمزة باقتضاب : بعدين يازين هفهمك
.... المهم دلوقتي اجل كل حاجة يومين كدة لغاية ماحالتها تتحسن واقدر اسيبها لوحدها...
ضحك زين بمكر ; اسبوع ياسيدي مش يومين
....
في مساء اليوم كان قد فقد صبره من صمتها ومن حالتها السيئة التي بقيت عليها منذ الامس فهي لاتغادر الفراش وكلما دخل اليها يجد الطعام كما هو لا تلمسه....تركها لعلها تهديء ولكن طال الأمر وستضر نفسها ليقرر انه لن يتركها لأكثر من هذا سيجعلها تنطق
دخل الغرفة وفتح الانوار قائلا ; سيرين يلا قومي عشان تأكلي.... ومتقوليش مش عاوزة انا سايبك من امبارح براحتك
بس النهاردة هتاكلي يعني هتاكلي
ظلت مغمضه عيناها وتوليه ظهرها لتشعر به يضع الطعام علي طرف الفراش بجوارها ويميل ناحيتها يمسك بكتفها... قومي يلا
هزت راسها وابعدت الصينيه قائلة : مش، عاوزة
هز راسه باصرار : مفيش حاجة اسمها مش عاوزة.... لازم تاكلي.... انا طلبتك اكل هيعجبك اوي
رفع حاجبه قائلا بنبره مرحة : شوربة زعانف السمك
نظرت اليه بطرف عيونها الخضراء الجميلة ليشفق علي انكسارها ليتابع بمرح بينما يفتح علي الطعام : بصي بقي دي شكلها انبهار.... والمطعم نصحني بيها....
نظر اليها بينما لم يعهد صمتها بتلك الطريقة وتابع : قالولي لو سيرين شربتها هتنطق علي طول... قرب يداه بالملعقه الي فمها قائلا :
يلا جربي كدة
ابعدت يداه ليزفر ويضع المعلقه بالصينيه قائلا : لا بصي بقي انا خلقي ضيق وانتي عارفة..... هتفضلي ساكته هخليكي تنطقي بأي طريقه ....
جلس علي طرف الفراش بجوارها ونظر اليها قائلا بمشاكسه : وبعدين ده انا سايب شغلي وقاعد معاكي وانا معملتهاش مع أي حد...
غمز لها قائلا : شكلك اثرتي فيا ....!!
نظر اليها بينما هددت دموعها بالانهمار ليشاكسها قائلا :وبعدين انا مش واخد عليكي كدة... هيبه لسانك هتروح قدامي لو فضلتي ساكته كدة ...
ابتسم لها ابتسامته الحلوة لتري لأول مرة صفاء عيناه العسيله بينما نظر اليها واكمل : انا اخدت علي طولة لسانك..... يلا بقي قولي اي حاجة....
غص حلقها بقوة فهي لم تتوقع منه أن يكون بهذا العطف والشفقة بها
هز راسه بقله حيله ليزفر قائلا : طيب افتحي بوقك وانا هأكلك يلا ياستي
فرك حمزة ذقنه وهو يطالعها بمكر بينما قال :يعني مصممه تفضلي ساكته ...
اقترب منها وقال ليستفزها :... تعرفي ان شفايفك وهي مقفوله كدة مش حلوة....
مال ناحيتها اكثر وهمس بمكر ; بس برضه مغريه...!
وبما انك ساكته كده انا ممكن استغل الفرصة و ابوسك مثلا
ماان اقتربت شفتاه من شفتيها حتي دفعته قائلة ;اوعي ياحيوان...
ضحك عليا وهو يقول ... اخيرا نطقتي....!
نظرت اليه بغيظ ليربت علي خصلات شعرها بحنان ويقرب الطعام منها قائلا :
يلا بقي كلي....
امسك بالملعقه وقربها من فمها لتفتح فمها وتتناول الطعام من يده.... ابتسم برضي حتي وان تناولت بضع لقيمات فهي افضل من لاشئ كما أنه استطاع جعلها تخرج من ذلك الاكتئاب الذي سيطر عليها
طفرت الدموع من عيونها فجأه وقد اوجعها اهتمامه فهي الان كانت بحاجة لينتقم منهاا ويعذبها حتي لاتشعر كم هي وعائلتها بتلك الحقارة بينما هو يهتم بها بذلك الحنان الذي هي بأمس الحاجة له
تنهد قائلا برفق وهو لايعلم كيف يطبطب علي جروحها ; طيب انتي بتعيطي ليه دلوقتي
تابعت بكاءها دون قول شئ ليسالها بتأثر ;... زعلانه عشان البيبي
هزت راسها وازدادت دموعها انهمارا ليشاكسها بمرح اضطر له حتي لاتستسلم لتلك الموجه الحزينه :نجيب واحد تاني ياستي ولاتزعلي
انتفض من مكانه حينما قذفته بكوب الماء ليضحك عاليا بصوته بصوته الرجولي بينما يقول وهو يبعد قميصه المبتل عن صدره ;
يامجنونه....
نظرت اليه بغيظ : اطلع برا ياحيوان
تابع ضحكه بينما يتبرطم : ال وانا اللي كنت خايف عليكي... لسانك زي ماهو أطول منك...
خرج من الغرفة لتغمض سيرين عيونها تسترجع كل ماحدث بينهما قبل قليل... اعليه ان يكون بهذا الرفق والحنان بهذا الوقت.... هزت راسها بأسي... نعم فهو يشفق عليها بالتاكيد...!
...............
......
طرق حمزة باب غرفتها فلم يستمع لاجابه منها ليدخل فيجد صوت المياة... خرج وتركها تستحم ليتعالي رنين جرس الباب ليتفاجيء حمزة بهدي امامه...
;لو سمحت انا عاوزة اشوف بنتي
قال حمزة بدون تفكير ; لا
امتعضت هدي : لا.... يعني اية ؟
قال حمزة بحدة : يعني لا... بنتك كانت في المستشفي ..... بسبب صدمتها اللي عرفت بيها ان ابوها حرامي ابني مات في بطنها....
انهمرت الدموع من عيون هدي : بنتي.... بنتي حصلها كل ده
اومأ لها قائلا ; اه.... وحاليا هي مش هتستحمل اي كلام في حاجة تفكرها باللي حصل....
هتفت هدي بوجع والم :
سامحيني ياسيرين كان لازم افهم ان الحيه دي سممت دماغه... انتي اللي دفعتي التمن سامحيني يابنتي.....
تعاطف مع والدتها فيبدو ان سيرين ورثت الطيبة عن والدتها ليقول بتهذيب : لو بتحبيها بجد سيبيها... كدة احسن لها.... وجودك هيضرها... اول ماتتحسن هخليكي تشوفيها
هزت هدي راسها بانكسار لتردد وهي تغادر
: خد بالك منها
....... أغلق الباب وعاد ليطمئن انها ماتزال بالاستحمام ليتسمر مكانه حينما كانت تخرج من الحمام وترتدي ثوب الاستحمام الخاص به بينما تناثرت خصلات شعرها المبلله حول وجهها... بلع لعابه وهو يقول بتعلثم بينما عيناه تتلكأ فوق كل انش بها.. اناا.. انا كنت بطمن عليكي..
خرج سريعا وقد انحفرت صورتها براسه كما بداخله فكم هي جميلة تلك الفتاه....!!
.................
...
في الصباح التالي باكرا كان قد استيقظ ليرتدي ملابسه ويذهب لغرفتها ليطمئن عليها.... كانت غارقة بالنوم ليتجرأ ويضع قبله علي جبينها وينظر اليها قليلا بينما يرتب خصلات شعرها حول وجهها..(طلعتيلي منين)
....................
...
تنهد حمزة براحة بينما يري مصنعه يشق طريقه للنور.... ربت زين علي كتفه : مبروك ياحمزة...
ابتسم حمزة بسعاده لأول مرة منذ وقت طويل قائلا : الحمد لله يازين.... الحمد لله
نظر طارق بتوجس لحمزة قبل ان يقترب... حمزة.. ؟
نظر اليه حمزة بجبين مقطب ليوكزة زين بكتفه هامسا بخفوت : خلاص بقي ياحمزة
اومأ له حمزة ليتوقف طارق امامه يشرح له تطورات العمل.... اخيرا قال حمزة ;كدة نقدر نبدأ شغل امتي
قال طارق بحماس : خلال أيام...المواد الخام وصلت امبارح و انا دربت عشر مهندسين علي المكن الجديد وهما هيدربوا العمال...
نظر الي زين : حيث كدة عاوز نبدأ بأسرع وقت.... اسحب من الشركة اكفأ الناس هناك وعينهم هنا...
اومأ له زين لينظر حمزة بساعته ولايعلم لماذا شعر بالقلق عليها.... زفر بضيق فحتي لايستطيع سماع صوتها فلايوجد معها هاتف...
دخل عزيز اليه قائلا ; حمزة بيه... اتفضل دي الأوراق اللي طلبتها.... وقع عليها عشان شاكر يعمل العقود
اومأ له ليقول عزيز بحماس : في موضوع كمان عاوز اكلمك فيه
انتبه له حمزة ليقول :
شوف ياحمزة بيه انا وصلت لمحاسب اجنبي كبير اوي متخصص في الأمور الخاصة بتهريب الاموال... انا اتكلمت معاه وهو مستني من سيادتك الورق والمستندات وبنسبه كبيرة هيوصل لمكان البنك اللي حولت له الفلوس ومنه هتوصل لطريقها
اومأ له حمزة : تمام يا عزيز... حددلي معاه ميعاد بعد بكرة
..................
.....
كان حمزة يفتح الباب من الخارج بنفس اللحظة التي كانت سيرين تفتح بها من الداخل
قطب جبينه باستفهام ; رايحة فين؟
قالت دون أن تنظر اليه : ماشية
رفع حاجبه مرددا ; ماشيه... يعني اية ؟
هزت راسها وقالت بانكسار ; شكرا علي
كل اللي عملته معايا... انا بقيت كويسة ولازم امشي
قال باستنكار ;،! تروحي فين ان شاء الله
غص حلقها بينما اقرت بالحقيقه : خلاص السبب اللي كان مخلينا مع بعض راح
عقد حاجبيه باستفهام رافض : وطبعا عاوزاني اطلقك...
صمتت ولم تقل شئ ليقترب منها ويتوقف امامها قائلا : متفكريش تاني في الموضوع ده ...! احنا خلاص طريقنا بقي واحد.... طلاق مش هطلق ومشيان مش هتمشي خلاص طريقنا بقي واحد ياسيرين
أقبلي الحقيقة دي
قالت بنبره جريحة : لية ؟...الببيي خلاص راح... قاطعها بعنف : قلتلك قبل كدة انا السبب في كل اللي حصلك وانا هتحمل نتيجه اللي عملته..... بوجود البيبي او لا
انتي اتظلمتي مني وانا مش هعيش بتأنيب الضمير ده.. لازم اكفر عن اللي عملته
نظرت بعيناه وقد لمعت الدموع بعيونها بينما تقول : مش محتاجة شفقه منك
: ومين جاب سيرة الشفقة.... ..
سحب نفس عميق وتابع : سيرين خلاص بعد كل اللي حصل مينفعش ننفصل
: لية... ؟؛ انت مش مجبر
هز راسه قائلا : ومين قال اني مجبر....
.... انتي بقيتي خلاص مراتي... انا عملت كدة بكامل ارادتي وبالنسبه ليا خلاص جوازنا بقي امر واقع مينفعش نغيره...
غص حلقها بالدموع : و اللي بابا عمل.... قاطعها بأشارة من يده : مش عاوز كلام في اللي فات....
: عمرك ماهتنسي اللي فات ولاانا هنساه .... نظرت اليه وقالت بكذب ; انت بتكرهني وانا بكرهك
هز راسه قائلا ; حاليا انا مش حاسس ولا بكره ولا بحب انا عاوز أقف علي رجلي واجمع نفسي وانسي كل اللي فات
وانتي كمان لازم تنسي.... اعتبرينا اتنين القدر وقعهم في طريق بعض وبقي طريقهم واحد
لمعت الدموع بعيونها : احنا مفيش بينا اي طريق.... انا عدوتك عمرك ماهتشوفني غير كدة.. ذنب ابويا هيفضل قدام عنيك
تنهد قائلا : انا مش،شايفك عدوتي ولا حاجة... انا مش،شايف اي حاجة ولاقادر اشوف
من كتر النار اللي حواليا....
هزت راسها قائلة بألم ; النار دي ابويا السبب فيها
تنهد مطولا ونظر اليها قائلا : اسمعي ياسيرين... خلاص الموضوع مش لعبه... انتي مراتي وشايله اسمي مفيش، حاجة اسمها تمشي وتسيبي بيتي...... ومبدئيا انسي ان انا اسيب مراتي تعيش في بيت هشام...... نظر اليها وتابع... ولو فاكرة اني برضه هسمح انك تعيشي مع مامتك عند خالتك.... وابن خالتك تبقي بتحملي
زجرته بنظراتها الغاضبه : لو سمحت...!
نظر اليها ورافع حاجبه : انتي عارفة اية بيعصبني الاحسن متعمليهوش...
نظرت اليه واحتقن وجهها بالغضب : ولااعصبك ولا تعصبني.... احنا لازم نتطلق
امسك ذراعها بقليل من الحزم وهو يقول : بصي بقي انا جبت أخرى قلت طلاق مش هطلق
.... نزعت ذراعها من يده هاتفه : وانا كمان جبت اخري ومش محتاجة شفقه منك... انت قلت قبل كدة اننا خالصين يبقي طلقني
زفر بنفاذ صبر : اسمعي بقي اللي هقوله وبطلي كلام.... هو
انا مش خطفتك واجبرتك علي الجواز مني اومأت له لينظر لعيونها ويتابع : وكمان خليتك مراتي بالعافيه
رشقته بنظراتها الحانقه ليداعب وجنتها المنتفخة بابتسامه باردة يستفزها بها
يبقي اكيد هجبرك برضه تفضلي معايا....يلا بقي يامراتي ياحلوة مش عاوز اسمع منك الكلام ده تاني ... ويلا ادخلي جوه ولا تحبي اشيلك
ابعدت يداه عن وجهها بحدة :ابعد ايدك
وملكش دعوة بيا
ضحك قائلا : وانتي شايفاني لازق فيكي... انا بس عاوز اريحك
زجرته بنظرات غاضبه : انا مرتاحة...
غمز لها ; وده اللي انا عاوزة
زفرت بغيظ لترفع اصبعها بوجهه : هفضل بس ملكش دعوة بيا... وكمان هرجع شغلي
رفع حاجبه ; والهانم بتشتغل ايه
نظرت اليه بتعالي : في السفارة
نظر اليها بابتسامه لتحمحم.... ايوة في الأرشيف
ضحك وداعب خصلات شعرها باستفزاز .
تمام سبيني افكر في موضوع الشغل ده
نظرت اليه : وتفكر ليه.... انا مش مسجونه هنا وحقي اشتغل
: وانا كمان حقي أوافق او لا
فتحت فمها لتتحدث ليقول بخبث : انا غلطان اني شربتك شوربة زعانف السمك دي..... كنتي ساكته احسن
تركها ودخل الي غرفته وابتسامه مرتسمه علي شفتيه لا ينكرها لبقاءها... وهي لم تستطيع منه ابتسامتها فهو لم يدعها تغادر....
................
....
توقف عبد الحميد وابنه شريف مع نبيله التي أصرت علي المجيء لحمزة.....
تفاجيء حمزة بمجيئهم ليظل واقف بضع دقائق دون قول شئ لتقول نبيله : هتسيبنا علي الباب ياولدي
هز راسه وتراجع للخلف لتدخل نبيله ومعها جده وخاله...
قال عبد الحميد بهدوء : حمزة. ياولدي... انا جايلك النهاردة وعاوز ننهي الجفا اللي بينا
نظر اليه حمزة بتهكم الان فقط أراد هذا
ليقول بسخريه : بعد اية ...
تدخل شريف قائلا : اللي حصل حصل ياحمزة... وياما بيحصل بين الأهل
بكت نبيله بحرقه : الله يلعن الفلوس اللي خلتني ابعد عن بنتي
غص حلق حمزة ليقول عبد الحميد بسخط :انا مغلطتش وحدي ياحمزة..... ابوك غلط لما اخد بنتي مني غصب عني
: كان بيحبها
:وانا اعرف منين انه مكانش طمعان فيها..
تنهد عبد الحميد واردف يتذكر قائلا :
ابوك كان مهندس صغير لساته متخرج جه البلد عندينا لما عينته الحكومه..... واحنا كنا من أكبر عيلات البلد...
كنت اعرف منين انه مكانش حاطط عينه علي أرضها وفلوسها لما أتقدم لها... ومش،بس كدة ده اتجوزها غصب عني
... ايييه ياولدي كنت عاوزني اخده بالحضن
قال حمزة باتهام : لا تدمره وتقفله في كل شغل يحاول يعمله.... تكسره وتحرق مخازنه... تتفق مع أعدائه عليه لغاية ما مات
زم عبد الحميد شفتيه وحاول الدفاع عن نفسه : ابوك دماغه كانت يابسه... قلتله بالذوق كتير بعد موت امك يسيبك ليا صمم ورفض... الشيطان لعب بيا وفكرت لو فلس هيضطر يسيبك
زجرته نبيله بحدة لتقوم من مكانها وتجلس بجوار حمزة تمسك وجهه بين يداها قائلة برجاء : كفاية ياحمزة...... كفاية ياابن الغاليه
قبلت جبينه وكل جزء بوجهه بحنان برجاء :ورحمه امك سامح وانسي..... انا نفسي تكون في حضني قبل مااموت.
قال باقتضاب وهو يحاول ان يخفي دقات قلبه : بعد الشر عليكي
قام عبد الحميد من مكانه وانحني متخلي عن جبروته وكبرياءه : سامحني ياولدي
.......... تسللت سيرين عائده لفراشها بعد ان استمعت لتلك المحادثة والتي اخبرتها المزيد عن هذا الإنسان المختبيء بداخله.... لقد نالت منه الدنيا كثيرا....
...........
....
اقتربت خطواته لتتظاهر بالنوم بينما دخل اليها يناديها بصوت هاديء ; سيرين
اعتدلت جالسه تنظر اليه ليقول :
جدتي برا وعاوزة تطمن عليك
نظرت اليه بمشاكسه ; وهي عاوزة تعمل فيا زي جدك
ابتسم قائلا ; لا هي... غيره وبعدين الوم الراجل لية اذا كنت انا مش بقع
د معاكي خمس دقايق وببقي عاوز اقتلك ده زين ذات نفسه اشتكي من لسانك
تهكمت قائلة : علي اساس انه ملاك..
ضحك قائلا : لا وانتي ماشاء الله
نظرت اليه بغضب ليقول : ممكن بقي تبقي مهذبة وتخلي لسانك الحلو جوة بوقك.... وتقفلي شفايفك الحلوة دي بدل مااقفلها انا
...قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك