حكايه عمر الفصل السابع والاربعون جزء رابع

9

 



( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

هز عاصم رأسه سريعا بينما يقول بجديه : لاطبعا يا عبد الحميد ...رفع إصبعه أمام وجه محاميه وتابع : اياك تجيب سيره الموضوع ده قدام جوري 

نظر الرجل إليه وتابع بتبرير : انا قولت اعرض علي حضرتك كل الحلول قدامنا و قضيه الخلع اسرع واضمن من قضيه الطلاق 

هز عاصم رأسه وقال بنبره قاطعه : لا لا ...انا مش عاوز حاجه زي دي 

نظر عبد الحميد الي عاصم بتمعن ليفهم ما يريد عاصم قوله : يعني ....

قاطعه عاصم وهو يبادل محاميه النظرات : أيوة يا عبد الحميد اللي فهمته 

اوما الرجل ليقول بفطنه : يعني سيادتك مش عاوز الطلاق يتم بس من غير ما يبان انك تراجعت

اوما عاصم لتتسع عيون زينه وتلمع بالسعاده بعد أن كان الكمد يمليء نظراتها بينما جلست في أحد المقاعد بجانب الغرفه تتابع لقاء عاصم بمحاميه 

هز عبد الحميد رأسه وقال بتفكير: يبقي نأجل الجلسه احنا مره ومحامي سيف بيه مره 

حك عاصم عنقه ليتابع عبد الحميد : القصد خير للجميع وانا هعرض علي محامي سيف بيه البحيري الفكره وكأنها مني انا وطبعا هيرحب ومتقلقش عصام محامي صديق ليا وانا بثق فيه وهيقدر يوصل الكلام اللي احنا عاوزينه لسيف بيه بالضبط 

هز عاصم رأسه وابتسم ابتسامه خفيفه لمحاميه الذي لم يطيل في الأمر ليقوم وهو ينظر إلي عاصم باحترام زائد بينما في النهايه هو اب لايريد لابنته الا السعاده 

صافحه قائلا بتهذيب : هبلغ سيادتك بكل جديد 

اوما عاصم له واعتدل واقفا لينصرف الرجل وعلي الفور كانت زينه تقوم من مكانها وتركض تجاه عاصم بفرحه طفله صغيره وهي تهتف بينما تمسك بذراعي زوجها : بجد يا عاصم ....بجد يا حبيبي اللي سمعته 

اوما عاصم لها بابتسامه متردده بينما مازال لا يستعذب رجوعه في قراره ولكنه سار خلف قلبه أن كان الأمر يتعلق بسعاده ابنته : طبعا يا زينه هو انا عاوز ايه إلا أن بنتنا تكون مبسوطه وكل لما بشوفها دبلانه قلبي بيوجعني اوي 

تنهد وتابع باعتراف : انا كل اللي كنت عاوزة بموضوع قضيه الطلاق أن الحمار ده يتحرك 

زم شفتيه بغيظ وتابع : بس اقول ايه الواد جبله مش بيتحرك 

هز رأسه وتابع بمزيد من الغيظ : الغبي ده يقدر يخلص الموضوع ببوكيه ورد بس اقول ايه يارب حماااار 

ضحكت زينه قائله : عيب يا عاصم تشتمه كده 

هتف عاصم بغيظ : ده انا لو اطول اخنقه مش هتأخر ....بقي الجبله ده مش مقدر بنتي انا 

هزت زينه راسها وقالت بتبرير: لا طبعا يا حبيبي مش كده .....هو بس اللي حصل بينهم لخبطه وخصوصا صدامك معاه خلاه يحس أن الموضوع تحدي 

جلس عاصم الي مقعده قائلا : واهو انا خرجت منها لما اشوف هيعمل ايه ...

قالت زينه بثقه : هيصالحها انا متاكده 

هز عاصم رأسه قائلا : موت يا حمار ....بطريقته دي مش هيعملها 

نظر إلي زينه بتفكير وتابع : لازم نتدخل عشان كل يوم بيعدي جوري بتحس ان زعلها مش فارق معاه

رفع إصبعه أمام وجهها وتابع : المهم متحسش لا هي ولا هو أننا بنتدخل 

اوما وتابع : لازم يحس اننا لسه علي موقفنا وهو اللي يصالحها 

نظرت له زينه بغباء مطلق : ازاي بقي نتدخل وازاي هو اللي يصالحها 

..انا فكرت هتكلم سيف ونقعد كلنا نتكلم ونشوف حل 

هز عاصم رأسه : لا طبعا كده هيتمادي في غروره 

حك ذقنه وتابع بخبث : احنا نزقه من غير ما يحس 

اومات زينه قائله : انا معاك في أي حاجه تسعد بنتنا بس قولي نعمل ايه 

استند عاصم بمرفقه الي المكتب وقال بتفكير : عاوزين طريقه نخلي الجبله ده يتحرك 

ضحكت زينه قائله : بطل بقي يا عاصم تقول عليه كده 

شاركها عاصم الضحك قائلا : امال اقول عنه ايه غير كده ...ده مفيش احساس ...ثور هايج زي ابنك عمر 

ضحكت زينه من قلبها لتقول بحنين : وحشني عمر اوي 

بادلها عاصم الحنين قائلا : وانا كمان 

نظرت زينه إليه قائله بعتاب : طيب انت مش نفسك هو كمان يتجوز ويبقي عنده بيت ويستقر 

قال عاصم بلهفه واضحه : طبعا يا زينه ..متاخديش علي الكلام اللي بقوله قدامه ...انا بس عاوزه يكبر ويعقل 

تنهد وتابع : بطريقته واستهتاره دي هيتعب البنت اللي هيتجوزها معاه 

وافقته زينه قائله : عندك حق 

اشار لها قائلا : سيبك من عمر وخلينا نفكر نعمل ايه عشان ابن البحيري يتحرك 

قالت زينه سريعا : نخليه يغيير طبعا .... انا احاول اوصل لنور أن في عريس متقدم لجوري وطبعا هو مش هيسكت 

دي اكتر حاجه تخليه يتحرك 

هز عاصم رأسه بتفكير : لا لا يا زينه بلاش ....ده جحش وجايز يلخبط الدنيا اكتر

داعب القلم بين اصابعه وتابع بغيظ : اينعم انا مش طايقه بس كده احنا نبقي بنولع فيه زياده ...

نظرت له زينه بابتسامه : ده ايه العقل ده يا حبيبي 

غمز لها بشقاوة : طول عمري 

ضحكت برقه ليقوم عاصم من مكانه ويتجه إليها يأخذها اسفل ذراعه يحيط كتفها بينما يسير برفقتها للخارج : تعالي نتمشي ونفكر 

شاكسها بمرح وتابع : كان لازم يعني تجيبي ليا بنوته رقيقه كده ....كنتي جبتيها زي عمر 

ضحكت زينه وشاكسته : دلوقتي بقيت عاوز زي عمر 

رفع عاصم حاجبه وتنهد باعتراف : طيب اقولك علي سر يا زوزو ....عمر ده حته من قلبي بالرغم من كل مصايبه

ابتسمت زينه بسعه ليتابع عاصم : كأني واقف قدام نفسي في المرايه....فاكره لما كان بيقلدني في كل حاجه زمان 

اومات زينه بحنين لتغزو تلك الذكريات مخيلتهم وتنطلق ضحكه من زينه وهي تقول : كنت بقلق لما مسمعش له صوت واقول اكيد عمل مصيبه 

توقفت خطوات كلاهما بعد قالت تلك الجمله ليقول عاصم بتوجس : تفتكري هدوءه الفتره دي يكون عامل مصيبه ...!

هزت زينه راسها وضحكت قائله : لا يا عاصم مصيبه ايه بعد الشر ....ده حتي اتغير وهدي جدا 

اوما عاصم متنهدا بأمل : ياريت يكون كلامك صح 

....

.........

رمشت وسيله باهدابها بضع مرات دون إرادتها وهي تنظر إلي جانب وجهه بينما قبضت بيدها علي طرف الغطاء تتساءل عن رد فعله وليس عن فعلها الذي فعلته بإرادته حقيقيه منها ....فهي لاتريد علاقه بينهم بل تريد أن تأخذ وقتها حتي يصفو قلبها من ناحيته ...ابسط حق من حقوقها 

تراقصت الشياطين بعقله وأمام عيناه التي تركزت بها نظرات استنكار بعد أن استشعر منها النفور للمره الثانيه وكم كان ثقيلا هذا الشعور عليه 

اهتز بداخله وشعر بغضب شديد يغزو كيانه ... غضب يدفعه لتحطيم كل شيء أمامه ولكن بما أن قلبها هو ما سيكون بالوسط لأول مرة يحاول أن يسيطر علي غضبه بينما لا يريد كسر قلبها ...قام من جوارها سريعا وكأنه يهرب من تلك الشياطين التي تتراقص أمامه حتي لا يقدم علي شيء يندم عليه ليزداد شعور اخر بداخله وهو الخوف من الندم ....مشاعر كثيره امتزجت بداخله ولكن اي منهم لم يسيطر علي ذلك الشعور بالغضب الذي تملك منه وكما تشابكت مشاعره وأفكاره تشابكت مشاعر وافكار وسيله التي أخذ صدرها يعلو ويهبط بانفعال نابع من اليأس الذي أصابها بتلك اللحظه بينما لم تعد تدري شيء في علاقتها به ....تبحث عن سعاده واستقرار او علي الاقل لتعريف مكانتها عنده فلم تجد اجابه فقط حزن شديد ويأس لذا سحبت أقدامها للخارج واتجهت ناحيته لتجده جالس في أحد أركان البهو تحيط به هاله من دخان سيجارته التي لم تكد تنطفيء حتي يشعل غيرها ....جذبت أقدامها تجاهه لتتوقف علي بعد بضع خطوات منه ودون أي مقدمات يخرج صوتها متحشرج بينما تقول : عمر طلقني !

...............

.....

وكأنها ألقت قنبله لتتراجع بوجل دون إرادتها حينما التفت اليها عمر بنظرات حاده 

طالت كثيرا واخترقت أوصالها حتي شعرت بجفاف حلقها للمره الثانيه يحاول أن يسيطر علي غضبه

وينفثه بتلك الكلمه : ليه ؟!!!

وقفت وسيله مكانها وتحشرجت الكلمات والأسباب في فمها ليكون السبق لعمر الذي أعاد كلمته باحتدام أكثر وقد نفض عنه كل تمسكه باعصابه وهو يهتف بعنفوان : بسألك لييييه ردي عليا ؟!

مجددا نوبه غضب من نوباته لاحت أمام عيناها لتخونها أقدامها وتتحرك خطوتين للخلف بخوف لا ارادي تمكن منها ليقوم عمر من مكانه ويشجعه خوفها بأنه علي صواب في عصبيته ليتابع بعيون تطلق الشرر : ردي ليه ....ليه نطقتي كلمه زي دي ....ليه اكتر حاجه قولتلك بخاف منها عاوزة تعمليها ....لييييه عاوزة تبعدي عني ؟! 

اهتزت نظراتها حينما أطبقت قبضته علي ذراعيها 

وهزها بعصبية مفرطه : عملت ايه .... عملت ايه غير اني اتضايقت لما عرفت أن مراتي واخويا بيخططوا من ورايا ...مراتي اللي اكيد اشتكت مني وهو حب يبقي الراجل الهمام الشهم قدامها فقالها ربيه من اول وجديد وهي زي الغبيه نفذت بالحرف من غير ما تسأل نفسها انا استاهل كده ولا لا .....عملت ايييه ردي عليا اي راجل مكاني مش هيعمله لما يكتشف أن مراته شيفاه عاجز ولجأت لأخوه عشان هو يقدر يلاقي جدتها وجوزها لا ....انتفضت بوجل حينما صرخ باحتدام متابعا : عملت ايييه ردي ...؟!

ترك ذراعيها لتتراجع للخلف خطوه من أثر دفعته بينما يدور حول نفسه بانفعال : غلطت اني اتضايقت ولا اتعصبت عليكي ....كان لازم اكون بدم بارد واقولك برافو ولا اركع تحت رجلك اقولك موافق تلعبوا بيا 

استدار ناحيتها مجددا ونظر في عمق عيونها بشماته بينما يتابع : بلاش تقولي انا عملت ايه قوليلي هو عمل ليكي ايه ....؟!

هز كتفه وتابع باستخفاف : سيف عمل ليكي ايه ولا هو فين اصلا ....سيف كمل رحلته مع مراته وآخره عمل مكالمه تليفون يقولك انا جنبك لو البعبع عمر ضايقك .....صحححح ولا لا 

توالت التعبيرات علي وجهه وسيله التي وقفت أمامه بلا حراك لا يساعدها عقلها علي استحضار اي كلمه وكأن قاموس الكلمات اختفي من عقلها أمام اتهاماته والتي نجح في صوغها وتلاعب بعقلها ليكون هو المغدور وهي وحدها الجانيه...!

مجددا ارتسمت ابتسامه مستخفه علي شفتيه ولكن تلك المره امتزج بها القليل من المراره مهما حاول أن يخفيها بينما يتابع : زيك زيهم بقيتي تشوفي عمر ولا حاجه وسيف احسن منه في كل حاجه ....سيف يقدر عمر لا .. سيف عاقل عمر مستهتر ...سيف ...سيف ...سيف ...سيييف !!

هنا اخيرا نطقت شفتيها لتوقفه عن عقد تلك المقارنه التي تجرحه بقوة شعورها بنزيف قلبه : انت بتكره اخوك !!

توقفت شفاه عمر الذي كان مازال يهذي باسم أخيه ونظر إليها لتطول نظراته الي عيونها قبل أن يقول باعتراف وهو يهز رأسه : عمري ما كرهته ولا فكرت أكرهه أو اغير منه إلا دلوقتي !

اتسعت عيون وسيله حينما اندفع ناحيتها وعاد ليمسك ذراعها بقوة مزمجرا وهو يتابع اعترافه : عارفه ليه ؟!

نظرت إليه بخوف من هيئته وعصبيته ولكنها ارادت أن يكمل حديثه لتعرف شيء مما يدور بأعماقه المجهوله : عشان نظرتك ليا اتغيرت بسببه ....عشان الوحيده اللي حبيتها في حياتي وارتحت اني اكون جنبها بسببه عاوزة تبعد عني .....هكرهه بسببك يا وسيله 

هزت راسها وبدأت الدموع تشق طريقها عبر حلقها الجاف : هو معملش ....انتفض جسدها بين قبضته حينما صرخ بقوة رافض ان تكمل جملتها : متدافعيش عنه ......هزها بقوة وعاد كلماته بقوة اكبر : متدافعيش عنه ولا تشوفيه احسن مني ....انا اللي حبيتك وخوفت عليكي مش هو ....انا اللي جبت ليكي جدتك اللي برضه اتهمتيني اني السبب في بعدها عنك ! 

ترك ذراعها ونظر لها بعتاب قاسي وتابع : انا السبب عشان مسكت ايدك ومرضتش اسيبك واكون ندل لما عرفت باللي حصل بينا .... ....انا السبب عشان هي عاقبتك انك مسمعتيش كلامها ..

التوت شفتاه بسخريه مريرة : انا السبب عشان نفذت وعدي ليكي واتجوزتك غصب عن الكل ...انا السبب عشان اختارتيني زي ما انا اختارتك وسبت الدنيا عشانك 

واجهت عيناه عيونها الباكيه بينما يتابع بنفس العتاب القاسي : بسبب كلامه شوفتي كل حاجه عملتها عيوب 

....حتي جدتك اللي رفضت تقابلك حملتيني انا الذنب 

ختم حديثه بنظره عتاب اخيره بينما يتابع : ماشي يا سيلا لو عاوزة تبعدي عني انا مش هتمسك بيكي اكتر من كده ....

التقت عيونهم لتنظر له برجاء أن يتوقف عن سلخها كما تترجي قلبها أن يتوقف هو الآخر عن سلخ عقلها الضائع بهذا التشتت وقد ضاعت كل ثوابتها أمام قوه حجته مهما كانت واهيه في الواقع إلا أنه احسن تصديرها إليها ليكون الضحيه وهي الجلاد : انا معنديش مانع نتطلق بس عشان خاطر اللي بينا لازم افكر هتعملي ايه طالما جدتك مش قابله وجودك معاها ووالدتك كمان !

غرس خنجر كلماته بقوة في قلبها يذكرها بالاثبات أنه الوحيد الباقي لها وكما توجعت هي توجع هو لأيلامها ولكنه مضطر حتي لا تبتعد عنه ...!

.....

نظرت جوري إلي كل تلك التجهيزات التي قام بها والديها من أجل الاحتفال بعيد مولدها لتقول لوالدتها بصوت حزين : مامي انا قولتلك مش عاوزة احتفل 

ابتسمت زينه لها قائله برفق : ليه بس يا جوجو ....افرحي يا حبيتي وغيري جو شويه 

تنهدت جوري وقالت بما يخالف مشاعرها : انا كويسه يا مامي 

ابتسم عاصم لها بحنان وقال بوعد : وهتبقي كويسه اكتر يا حبيتي 

اشار الي جيبه وقال بحماس : مش عاوزة تشوفي هديتك 

رسمت ابتسامه فوق شفتيها حتي لا تضايق والدها وهي تهز راسها : جبت لي ايه ؟

قال عاصم بغمزه شقيه وهو يرفع لها ذلك المفتاح : احلي عربيه لاحلي جوجو 

احتضنت ابيها بحماس زائف بينما فقد كل شيء طعمه وتحول لمراره وهي تتذكر نفس الكلمه التي قالها مراد بعيد مولدها السابق وهو يقدم لها نفس الهديه 

نظرت زينه الي عاصم الذي لم يحرك عيناه عن الباب بينما ينتظر بكل لحظه نجاح خطته فهاهو فتح الباب لمراد بسبب أن يأتي إليها بود يوصل به ما انقطع بينهم ولكن يبدو أن مراد لم يفهم المغزي من ذلك الخبر الذي تعمد عاصم نشره مع صوره ابنته برفقته احتفالا بعيد مولدها 

: شكله مش هيجي ياعاصم 

أحاط عاصم كتفها بذراعه وقال بمرح يخفي به ضيقه : قولتلك جبله مصدقتنيش 

هزت راسها بقله حيله وهي تري الحزن بعيون ابنتها 

ليقول لها برفق : مش مشكله هنشوف حاجه تانيه ...تعالي نشوف جوري

علي الجانب الآخر مقارنه شرسه القت حده مرارتها بحلق مراد الذي كان يمسك هاتفه بيده يتطلع الي تلك الصورة ويقارن بينها وبين ذكري موعدها الفائت لتثور ثائرته ويسأل نفسه ماذا فعل وكالعاده لا يتمهل ليجيب بل يلقي عليها هي عبء الاجابه ....تهادت الابتسامه الي وجه عاصم بينما يقف خلف زجاج شرفه مكتبه يري تقدم سياره مراد الي الداخل بينما قبل لحظه ركضت زينه إليه مهلله تزف نجاح خطته في فتح باب جديد للوصال

لم تلبث ملامح عاصم في راحتها كثيرا لتتغير باللحظه التي رأي بها اندفاع مراد بتلك الخطوات والتي حاول تكذيب نفسه وهو يراها خطوات غاضبه ....وقفت جوري مكانها حينما تفاجأت به يدخل من الباب حاملا ذلك الصندوق بيده ....!

عتاب ام لوم ام اتهام لأول وهله لم تستطيع جوري تفسير نبرته بينما يتوقف امامها مباشرة قائلا : كل سنه وانتي طيبه 

مسح هيئتها بعيناه ليري شعرها مصفف بتمويجاته التي يعشقها ويري وجهها الجميل مزين بخفه بتلك المساحيق كما اعتاد ويري ثوبها الأنيق وكعب حذاءها العالي كما اعتاد رؤيتها دوما جميله تخلب الأنفاس وكم كانت هئيتها لعنه عليها بتلك اللحظه حينما فسرها بأنها تجاوزته وكأنه لم يكن وهاهي كما اعتادها...لم تبكي ولم يفقد وجهها اشراقته سهدا علي ابتعاده لم تكن مثله وقد حلقت عيناه بآثار السهر وطالت ذقنه وبهتت ملامحه ... لم تتأثر ولو قيد انمله بغيابه وكم كان مخطأ حينما نظر إلي الصورة الخارجيه ولكن هاهو يحكم بنظرته السطحيه بينما يلقي بهذا الصندوق اسفل قدمها وتحتد نبرته وهو يقول بعنفوان : جبتلك هديتك 

نظرت جوري ببطء الي ذلك الصندوق المفتوح والذي انحني مراد يفرغ محتوياته كما يفرغ جوفه المحترق بوجع البعاد : جيتي ورجعتي ليا كل حاجه بس نسيتي الحاجات دي 

نظرت إلي البومات الصور والاطارات التي تحمل بداخلها صور ذكرياتهم بينما امسكها بين يديه ورفعها امامها صارخا بوجع أخفاه خلف سخريته : سبتي ليا الحاجات دي ليه .... مش دي حياتك معايا في كل صورة ...مش دي ضحكتك وذكرياتنا مع بعض اللي كنت غبي وفاكرهم لحظات حلوة واكتشفت اني ماليش اي ذكري حلوة وان كل ده كذب وانتي شيفاني واحد اناني مغرور .....القي ما بيده ليصدر صوت تحطم اسفل قدمها .....أمسكت زينه بذراع عاصم الذي وقف بجوارها يتابع ما يحدث وهو يتمني عتاب بينهم ينهي ما حدث ولكن يبدو أن مراد كالعاده لا يحسن عتاب المحبين طالما مازال لا يري أنه اخطيء ولو بشيء واحد 

جذب المزيد والقي المزيد وهو لا يتوقف عن لومها: دي صور عيد ميلادك ...كنتي فرحانه زي دلوقتي وانا فكرتك فرحانه عشان احنا مع بعض بس اهو انتي برضه فرحانه وانتي بعيد عني ..... رفع جسده ووقف امامها بعد أن أفرغ كل محتويات الصندوق اسفل قدمها لتتحرك عيون جوري التي لمعت بالدموع فوق كل صورة تسترجع ذكرياتهم ولا تري شيء إلا مراره دمار حياتها وعكس مراد لا تفكر من منهم مخطيء فلا يهم شيء امام أن حياتهم سويا انتهت ...!

: انا اناني ومش بحس بيكي طيب ومين اللي عمل كده ....مين محسسنيش اني بغلط...مييين جاي بعد سنين يقولي اني كنت غلط في كل اللي فات ...مين فاقت فجاه وبتدفعني انا لوحدي الفاتورة .... احتدت نبرته ونظراته بينما يتابع بانفعال شديد : انتي اللي انانيه وبعتيني عشان فجاه اتغيرتي ومطلوب مني اقبل التغير ده ....انتي ياجوري السبب مش انااااا 

لم يعد يحتمل عاصم الوقوف أكثر ليندفع تجاههم 

وخلفه زينه بينما خالف عاصم توقعات الجميع وهم يتابعون الموقف واولهم جوري التي رفعت عيناها الباكيه إلي ابيها بوجل لتجد عاصم يمسك برفق بذراع مراد الذي كان صدره يعلو ويهبط بانفعال شديد يعبر عن انهياره الداخلي حتي ولو أخفق في التعبير عنه ظاهريا 

: تعالي معايا يا مراد وكفايه كده 

هز مراد رأسه وأشار إلي عاصم ظنا منه أنه سيهاجمه ويدافع عن ابنته : سيبني اقولها ....قاطعه عاصم بحزم و اشار الي زينه قائلا : خدي جوري اوضتها يا زينه دلوقتي 

تابع إمساكه بذراع مراد وقال وهو يقوده الي غرفه مكتبه : تعالي معايا 

انقاد مراد الي يد عاصم بينما شعر بكل شيء حوله قد انهار بقوة فلم يعد حديث بعد ما قاله ....

ادخله عاصم الي غرفه مكتبه وقال لشهد : هاتي كوبايه ميه بسرعه 

أسرعت شهد تحضر كوب الماء وعلي وجهها لاحت علامات الاستفهام فقد ظنت ان عاصم سيثور ولن ينتهي الأمر علي خير والان تراه هاديء ...وضعت كوب الماء أمام مراد وانصرفت بسرعه ليظل عاصم واقف يتطلع الي مراد الذي وضع وجهه بين يديه يحاول تمالك نفسه ولكن لم يكن من الصعب علي عاصم رؤيه انهياره الواضح والذي أخذ منه ميزاته وترك عيوب فعلته ليري أنه رجل يتمسك بابنته حد فقدان عقله 

استمع مراد الي تنهيده عاصم ليمرر يداه فوق وجهه بانفعال وهو يحاول اعداد نفسه لمواجهه عاصم الذي يجهل أن موقفه منه قد تغير ....

نظر مراد الي عاصم الذي سأله باقتضاب : هديت ؟!

نظر له مراد باحتدام : انا هادي 

لاحت ابتسامه علي طرف شفاه عاصم بينما يقول : واضح انك هادي فعلا 

ضيق مراد عيناه يتطلع الي عاصم الذي رأي هدوءه سخريه بينما يقول عاصم بجديه : ايه ياابني اللي بتعمله ده ....انت بتصلح ولا بتكسر زياده 

هز عاصم كتفه وضرب كفيه ببعضهما متابعا : انا بجد مش فاهم تفكيرك ....انت في ماتش لازم تجيب جون وخلاص عشان متبقاش خسرت 

تحركت يد مراد بعصبيه لتصطدم بكوب الماء ليطير من مكانه ويقع علي الأرض الرخاميه مصدر ضجيج قوي متبوع بتناثر شظايا الزجاج

تجاهل مراد انكسار الكوب ونظر الي عاصم باتهام وهو يعتدل واقفا : اهو الماتش اتحسب لصالحك وانت كسبت ياريت تكون مبسوط 

اندفع تجاه الباب بعد انهي جملته التي تركت عاصم واقف مكانه متسمرا لايستوعب انغلاق عقل ذلك الشاب بتلك الطريقه ...فهو حتي يجهل قراءه ما بين السطور ليتوقف مراد ما أن قال عاصم : استني !

التفت مراد إليه لينظر له عاصم بغيظ هاتفا : انت مش بتفهم ليييه....اشار الي الكوب المكسور : برضه غبي بتكسر وتدوس علي الي كسرته وتمشي من غير ما تقول اسف !

مجددا بلا تفكير اندفع مراد تجاه الزجاج المكسور وبلا رؤيه كان يمسك بالزجاج بيده يجمعه ليضرب عاصم جبينه بيده من فرط غباء تصرفات زوج ابنته الذي ينفذ المعني الحرفي للحديث ....بغيظ انحني عاصم ناحيته وامسك بيده ونفض عنها شظايا الزجاج التي جرحت راحه يده مزمجرا بغيظ شديد : يارب صبرني ..انا بقول ايه وانت بتعمل ايه 

لأول مره يري عاصم طفل صغير بعيون مراد الذي قال بعنفوان يخفي به ضعفه : بلم اللي كسرته ومتقلقش هجيب غيرها 

كور عاصم قبضته بغيظ وكان علي وشك الانقضاض علي مراد ليهتف به من بين أسنانه : قوم ياابن البحيري ...قوم ومتعليش ضغطي اكتر من كده 

شهد .....شهد 

أسرعت شهد تجاه عاصم ليهتف بها : هاتي حاجه اربط بيها ايد مراد بسرعه وتعالي نضفي الازاز ده 

نظر مراد الي عاصم بغباء مطلق بينما انحني أمامه يضمد جرح يده برفق وازدادت نظراته غباءا حينما اشار له عاصم : هات مفاتيح عربيتك 

نظر له مراد بعدم فهم ليتقدمه عاصم للخارج قائلا : هروحك لابوك مش هينفع تسوق وانت كده مش ناقصين مصيبه !

نظر عاصم بطرف عيناه تجاه مراد الذي لم يتوقف عن النظر إليه طوال الطريق ليساله : بتبص ليا كده ليه ؟!

قال مراد وهو يهز رأسه : انت بتعمل كده ليه ....صعبت عليك !

لا ينكر عاصم أنه أشفق عليه ولكنه لم يقل ذلك ليقول بمرح وقد ضاق كثيرا بهذا الحزن الذي مليء حياه ابنته بلا داعي : وهتصعب عليا ليه ياابن البحيري 

التفت له وتابع : اوعي تفكر أن موقفي ناحيتك اتغير عشان ايدك اتعورت ولا عشان اخدتك اوصلك ...لا انت هتفضل قدامي الراجل اللي زعل بنتي 

رفع عاصم حاجبه وتابع بمكر بينما يذكره بما يربطه بابنته : وانت قريب اوي هيجيلك ابن وهتعرف وقتها يعني ايه حد يزعله 

زاغت عيون مراد قليلا بينما تابع عاصم بنفس المكر : ياسلام بقي لو جت ليك بنت وتقف وقفتي بعد سنين وتشوف واحد بيجرجرها من دراعها قدامك ومش بس كده ده طلقها واكيد عمل حاجات كتير وبنتي خبتها عني عشان هبله وبتحبك

التفت الي مراد وواجهه متابعا : لما اشوف وقتها هتعمل ايه فيه ....هتبقي جنتل مان زيي وتاخده توصله ولا هتخنقه

هتف مراد لا إراديا : هخنقه 

ارتسمت ابتسامه بعيون عاصم بينما لاول مره يفهم زوج ابنته شيء ليتمهل بالسيارة وهو يدلف بها الي فناء منزل سيف البحيري وينظر الي مراد بمغزي : طيب كويس انك قولت ....انا هستني لما تهدي وهبقي اخنقك عشان زعلت بنتي 

رمش مراد بعيناه بقليل من الخجل لاظهار عاصم تلك الرأفه به بعد رؤيته انهياره ليهز عاصم رأسه قائلا : كان نفسي تفهم قصدي لما قولتلك كسرت ومشيت ....يا مراد انت وعمر ابني بتختاروا الطريق الصعب مع أن السهل قدامكم بس عشان متعترفوش بغلطكم ...!

نظر له وتابع بجديه : الحب ابسط من كده .... لو بس طيبت خاطرها وشوفت بجد انت زعلتها في ايه حتي لو جيت علي نفسك كان الوقت هيعدي وهي هتيجي علي نفسها عشانك ...!

......

... 

حاولت غرام أن تسيطر علي دقات قلبها وهي تستمع لصوت حلا التي قالت بصوت عالي : نونو بابي بيسألك عاوزة حاجه 

هزت هنا راسها لتعود حلا لحديثها مع ابيها علي الهاتف : لا يابابي ترجع بالسلامه 

أغلقت حلا الهاتف ونظرت الي غرام قائله : بابي راجع بكرة الصبح أن شاء الله 

اومات غرام وتظاهرت أنها مشغوله بطي الثياب بينما للتو انشغل عقلها باشياء اخري تزاحمت برأسها ...تعيد تنظيف المنزل ...تعد طعام شهي ...تفعل وتفعل ...اشياء كثيرة دفعت غرام لتتساءل عن سبب كل تلك الخطط والتجهيزات لعودته من أحدي سفريات عمله والتي دامت بضع ايام فقط وعلاقه غيابه بتلك الخفقات المتخبطه بداخل صدرها ...ماذا يعنيها بغيابه أو الاحري ماذا تغيير بعد أن كانت تخاف من وجوده فلماذا الان تفتقده ....احمرت وجنتيها وهي تترك الاجابه جانبا وتتجه لتفكر في ماذا سيكون رأيه بتلك الاطعمه التي أعدتها بعد أن سألت الفتيات عما يحبه لتمر الساعات بعد منتصف الليل وهي مازالت واقفه بالمطبخ تتحرك من هنا وهناك لتضع اخيرا تلك الصينيه بالفرن وتضبط المؤقت ثم تتجه الي غرفتها ....

...

.......

هز الطبيب رأسه والتفت الي مديحه قائلا : لا طبعا ....لو ضغطت الحاجه امتثال علي نفسها النتيجه هتكون عكسيه 

نظرت مديحه بتأثر لأختها التي لا تنفك تحاول الضغط علي نفسها تقاوم شلل جسدها ليتابع الطبيب برفق وهو ينظر لامتثال: اهدي يا حاجه والشفا هيجي في وقته ....احنا هنكمل جلسات العلاج الطبيعي وانا متاكد أنه هيجيب نتيجه بس ياريت متضغطيش علي نفسك 

......

..........

نظر عمر الي وسيله وتساءل هل استسلمت له أم أنها استسلمت لهذا النعاس الذي غلبها بعد تلك الليله التي ابتلعتها همومها ...موحشه تلك الكلمات التي جرحها بها ولكن وحشه قلبه بدونها أكثر لذا أخبر نفسه أنه اضطر لجرحها حتي لا ينجرح هو وبمنطق اناني بحت استحل هذا معللا أنه يحبها وسعادتها معه هو وحده ....مال برفق تجاهها ليطبع قبله طويله علي جبينها ويهمس لها : انتي الوحيده اللي نفسي اتغير عشانها !

تمني أن يغلب سوء طبعه وليت كل الجروح تنتهي بالتمني فهاهو لا يكتفي ....اعتدل واقفا ومليء عيناه بالنظر إليها للحظات قبل أن تنتقل عيناه ببطء الي هاتفها الموضوع بجوارها ليطيل النظر إليه وإليها ثم يعتذر بداخله مره اخري أنه مضطر أن يزيد من خناقه حولها وهو يدفع بطرف يداه كوب الماء الموضوع بجوار الهاتف الذي بنفس الحركه كان يطيح به أرضا ليسقط بجوار قدمه وفوقه يسقط كوب الماء مصدرا ضجيج قوي جعل وسيله تنتفض من نومها ....دعس عمر علي الهاتف بحذاءه وهو يقترب منها ويقول برفق خرج من قلبه حينما وجدها تهب منتفضه بخوف : متخافيش يا سيلا ... 

نظرت وسيله حولها للحظات تحاول استيعاب ماحدث لينحني عمر معتذرا وهو يمسك بالهاتف الذي انكسر وسقط فوقه الماء قائلا : من غير ما اقصد وقع ....وضعه بجوارها وتابع : هجيبلك غيره !

لم تستوعب أو تفكر وقتها بشيء فماذا أن انكسر الهاتف فليكفيها كسر قلبها لترفع عيناها تجاه عمر بثقل تتساءل كيف تغلب علي ما حدث بينهم بالأمس ويحدثها الان بهذا الرفق ....التقت نظراتها بنظراته ليستعيد عمر جموده بينما يتجه الي طاوله الزينه يلتقط من فوقها ساعته ويضعها بمعصمه بينما يقول دون أن ينظر إليها : انا عندي شغل ...جايز مرجعش النهارده 

تركها وغادر فقط ببساطه ...هكذا !

..........

....

قضمت غرام اضافرها وهزت راسها برفض بينما نظرت إلي انعكاس صورتها علي مراه الغرفه التي عادت إليها باليوم التالي لمغادره عفاف بينما لم يطلب منها البقاء بغرفته وتركها لراحتها...تلك المره ليس مجرد تغيير بل ركض خلف احلام ورديه ماثلت لون القميص الحريري الذي ارتدته ووقفت تتأمل جمالها لتمتد يدها تلقائيا الي شعرها تفك عقدته وتمرر بين خصلاته أناملها وعيناها تطوف بانعكاس صورتها تتساءل ماذا سيكون رد فعله .....وهنا هزت راسها برفض فقد شعرت أن أحلامها قد شطحت بعيدا لتضم فوق جسدها روبها الحريري سريعا وتتجه الي الخزانه تنتوي أن تبدل ثيابها وهي تنهر نفسها : ايه اللي بتفكري فيه ده يا غرام ....؟!

أسرعت تفتح الخزانه بايدي مرتعشه وهي ترفض مطاوعه خيالها لحياه ورديه فقط لأن معاملته معها بدأت تتغير ...رنين مؤقت الفرن أوقفها لتركض خارج الغرفه تجاه المطبخ وتسرع باطفاء الفرن ثم تخرج منه تلك الصينيه التي عبقت رائحتها المكان ....ابتسمت وهي تتطلع لنتاج عملها ولكن بنفس اللحظه انمحت ابتسامتها وتحولت الي صرخه مرعوبه حينما استدارت ووجدت ذلك الشيء الضخم خلفها....بخفه كان ايهم يسرع بوضع يداه علي فمها هامسا من بين أسنانه : هششش البنات هتصحي !

تهدجت انفاس غرام وتساءلت اين هي أو ماذا حدث أو من أين ظهر لتتوالي التعبيرات علي وجهها بينما تهز راسها وهي تنظر إليه بعيون مازالت مرعوبه ليرفع ايهم ببطء يداه من فوق شفتيها التي اكتست باحمر شفاه وردي ماثل ذلك القميص الحريري الذي أدركت بعد فوات الاوان أنها مازالت ترتديه حينما زحفت عيون ايهم إليها يتأملها ببطء وعيناه تصرخ بالتساوءل لتتعلثم غرام بينما تحول وجهها الي جمره ملتهبه بالخجل وهي تضم بايدي مرتعشه الروب حول خصرها النحيل : انا ...انا ...انا كنت ...كنت بجربه و..و...و الكفته ...الكفته والفرن 

كعادتها تقول كلمات كثيرة يربطها هو ليفهم مقصدها لتظل عيناه تتحرك فوقها من أعلي لاسفل لتكاد غرام تغرق خجلا من هذا الموقف الذي وضعت نفسها فيه فها هي كطفله صغيرة ترفع يدها تجاه تلك الماركه التي مازالت معلقه بظهر قماش القميص الحريري وكأنها تثبت براءه نيتها : كنت بجربه ... اصل ماما ..ماما كانت جايباه ليا وانا ..وانا قولت اجربه .....ماتت باقي الكلمات علي شفتيها التي بقيت مفتوحه قليلا حينما قال ايهم : حلو !

ظنت ان أذنها تخيلت تلك الكلمه ولكن ماذا عن نظرات عيناه التي عبرت عن نفس المعني ومازالت تخزن كل إرادته وتتجه الي تلك الهيئه الجذابه بعد إرهاق عمل طويل .....تعلثمت غرام بخجل شديد وحاولت أن تهرب من أمامه وهي تقول بشفاه مرتجفه : انت ...انت رجعت !

رفع ايهم حاجبه وارتسمت ابتسامه ماكره علي جانب شفتيه بينما استعذب رؤيه خجلها وارتباكها: لا لسه 

ابتلعت غرام وقبضت أكثر علي الروب بينما تقول بصدر يعلو ويهبط : قصدي ....قصدي حلا قالت بكره 

اوما قائلا : اه كنت راجع بكرة بس خلصت بدري 

هزت غرام راسها وهي تسأل نفسها لماذا لا تتحرك من مكانها وتركض الي غرفتها لتستدير بارتباك قائله وهي تتجه الي باب المطبخ : انا ...انا 

توقف ايهم امامها يمنع تقدمها تجاه الباب متساءلا بمكر : انتي ايه ؟!

قالت وهي مازالت تنظر إلي الأرض : هنام ....هروح انام 

هل يتركها ام يتابع تلك اللعبه التي نفضت عنه كل الإرهاق الذي كان يشعر به واستعذبها بينما لاشيء يقف بينه وبين تلك الخطوة التي قربتها كثيرا 

ليقول بتمهل وهو ينظر إلي رد فعلها : مش هتجهزي ليا العشا

رفعت غرام عيناها تجاهه ومجددا تتساءل هل خانتها اذناها ام أنه طلب منها شيء لتنفلت موافقتها من بين شفتيها التي ارتسمت فوقها تلك الابتسامه وكأنها حققت نصر ؛ اه ....اه هجهزه 

هز ايهم رأسه بابتسامه مماثله قائلا : هغير هدومي 

اومات له وهي تستدير تجاه الثلاجه تخرج منها الطعام لتتوقف يدها مكانها حينما اتتها نبرته العذبه : غرام 

رفعت عيناها إليه ليتابع ومازالت عيناه تتأملها : هاتيلي الاكل جوه لو سمحتي .

.........

....

تهلل وجه هدي بعد أن نال القلق منه وهي تتلفت حولها يمنيا ويسارا وتنظر في ساعتها حتي ظهر ذلك الخيال لتتهادي السعاده الي وجهها وسرعان ما تركض تجاه ذلك الخيال الذي بدأ يظهر شيئا فشيئا لهذا الشاب الذي ما أن وقعت عيناه عليها حتي تهادت الابتسامه الي وجهه هو الآخر ليسرع بخطواته تجاهها كما فعلت هي وهي تفتح له ذراعيها وتضمه لها بلهفه : اسر حبيبي ...وحشتني اوي !

.........

....

حاولت غرام موازنه خطواتها وهي تحمل صينيه الطعام وتتجه بها الي غرفته بينما تشعر بأن ساقيها أصبحت كالهلام وتلك الابتسامه الحالمه لاتفارق شفتيها وهي تتذكر نطقه لأسمها ونظراته إليها .... لمعت سماء أحلامها بالنجوم وهاهي مجددا تركض خلف هذا البريق وهي تصطدم بعضلات جسده السداسية بينما خرج لتوه من الاستحمام وارتدي شورت باللون الاسود وقف أمام المراه يجفف شعره

خفضت عيناها بخجل وهي تزجر قلبها الغر الذي افتتن بهذا الرجل وكم كان محقا بينما لم تري رجال قبله أو بعده لتقول برقه وهي تخفض عيناها  : العشا 

ترك ايهم المنشفه التي كان يجفف بها شعره من يده واتجه إلي الطاوله الزجاجيه الصغيرة حيث وضعت الطعام قائلا : شكرا 

اومات له واتجهت لتنصرف ليوقفها : رايحه فين ...مش هتاكلي معايا 

تدفقت الحراره بكامل جسدها بينما حديثه معها بتلك العذوبه لم تعد تحتمله لتغرق اكثر بارتباكها ويغرق ايهم أكثر بنوبه عدم استدعاؤه لعقله وانسياقه خلف هروب منشود من ضغط يومه متجسد أمامه بفتاه تحل له 

لم تقل شيء بل انقادت أقدامها تجاهه حينما اشار لها بأن تجلس بجواره ليزداد تدفق الدماء بعروقها وتتطلع إليه وكأنه بطل يخرج من أحدي الروايات الرومانسيه متناسيه تماما اي ماضي مر بينهم سواء قريب أو بعيد 

........

....


ضمت وسيله ذلك الوشاح الثقيل حول جسدها الذي ارتجف بفعل نسمات الهواء البارده حولها لتحرك كلتا يديها ببعضهما تستشعر الدفء وقد بقيت مكانها منذ مغادرته شارده تتذكر كل كلمه نطق بها ليضيق صدرها أكثر واكثر ....شعور جارف بالوحده والخواء غلف روحها ....شعور ثقيل لم تشعر به من قبل وهي في كنف حضن جدتها ....شعور موحش وهي وحدها والساعات تمر عليها وتتعاقب الأوقات ....أنها لاشيء بالنسبه لأحد 

لم تعد جدتها تريدها وقبلها والدتها نبذتها وهاهو عمر يعلنها لها أنه لايريدها ولكنه فقط يبقي عليها لأنها وحدها ليتملك اليأس بضراوة منها كما تملك الظلام من الكون حولها قبل أن تبدأ الشمس بنشر أشعتها علي استحياء تبعد ذلك الظلام شيئاً فشيئا ومعه يبتعد هذا الشاب عن ذراعي هدي التي كانت تضمه إليها لينظر لها بحب بينما تودعه نظراتها وقد اشتاقت له من آلان قبل أن يلوح لها ويغادر سريعا وهو يتلفت حوله ....ضمت هدي سترتها الثقيله حول جسدها وهي تغلق باب الحديقه الخلفي وتعود الي الداخل لتلمح ذلك الطيف وسرعان ما كانت تنطق 

: وسيله 

التفتت وسيله إلي جارتها هدي وبدأت ملامحها تتحرك قليلا وهي تقول : هدي 

مدت هدي يدها تجاه الاشجار تبعدها عن ذلك الممر بين الحديقتين وتتجه الي وسيله التي كانت بأمس الحاجه لحضن كالذي احتوتها به جارتها اللطيفه 

: عامله ايه يا وسيله ....انا كنت قلقانه عليكي 

نظرت إلي عيون وسيله الباكيه بقلق واهتز داخلها برفق الي تلك الفتاه التي دخلت قلبها منذ أول لقاء بينهم 

حاولت وسيله أن تتحدث أو تفرغ مكنونات صدرها ولكن غلبتها العبرات وخنقت الكلمات بداخلها لتربت هدي علي يدها بحنان وتحاول أن تهديء من نوبه بكاءها لبضع دقائق قبل أن يتعالي رنين هاتفها ....: تمام ...تعالي انا جاهزه 

أغلقت الهاتف ثم نظرت إلي وسيله وقالت لها برفق وهي تتأسف بشده : نفسي اقعد معاكي ونتكلم بس لازم ارجع القاهره 

اومات وسيله وهي تشعر بالانكسار أكثر بينما وحدتها 

جعلتها تحتاج لأي حضن يضمها ولو كان تلك الغريبه 

وضعت هدي بيد وسيله تلك العلبه قائله وهي تودعها علي استعجال : خدي الدوا ده هيخليكي تهدي ..! 

..........

....

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم


إرسال تعليق

9 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. منك لله يا عمر يابن ام عمر علي الي عمله في وسيله

    ردحذف
  2. انتي جميله اوي وكل رواياتك رائعه❤️

    ردحذف
  3. عمر دة غريب اوى وانانى اخيرا الغبى مراد بداء يفهم بس هو لية تغير ايهم

    ردحذف
  4. عاصم باشا ايه العقل ده كله اب بيحافظ على بنته بطريقته مراد لازم يهدى ويفكر بعقله شوية عمر وسيلة حكايتهم بتتعقد

    ردحذف
  5. جمالووووو رونى البارت تحفه 😍😍😍😍

    ردحذف
  6. غرام ♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️

    ردحذف
  7. ليه الأحداث ماشية ببطئ كده ف كل حاجة يعني مفيش حاجة ف الفصل دا حلوة غير موقف عاصم بس حتى مراد لسة غبي وعمر حدث ولا حرج واللي زاد كمان حالة التشتت اللي وسيلة فيها يعني انا مش فاهمة هي ساكتة ليه الموضوع بقى مستفز اوي يعني وايهم وغرام ايه المشكلة يعني لما يتكلموا سوا وهي تبطل التفكير الطفولي دا حاسة انك هتفضلي معلقة ليها المشقة تمام في هدف من حكايته بس يعني ربنا بيغفر ف ايه المشكلة انه يكون في فرصة تانية لغرام ولو مش مع ايهم طيب ورينا ع الاقل انها اتغيرت وبتبص لقدام وعاوزة تبقى احسن مش انها لسة زي ماهي ولو معاه اوك ورينا برده تغيو ف حياتهم بجد من كلام وتفهم وتعود واستيعاب اننا متجوزين بمعنى الكلام مش انه لما بصلها من غير غضب كانت نظرة رغبة يعني حتى حلال ربنا دا شكله هنا سخيف اوي مش عارفة اخرتها ايه بصراحة

    ردحذف
    الردود
    1. انتي شايفه الأحداث كده ولكني اراها منطقيه عشان ببساطه تبحثي عن نهايه موقف أو مشهد مش هيكون ابدا منطقي مع خلفيه الشخصيه اللي يبدو انك مش مهتمه بيها ....غرام مع شخصيتها هل هتكون فيها من اللياقه أنها تفهم وتروح تتكلم مع ايهم في شوارعها ولا ايهم بدماغه بس هيغير تفكيره ..مراد اللي سمع الكلام من ألف شخص فجاه بعد كلام عاصم هيتغير اين المنطقه ....اعتقد انك نفس الشخص اللي كل مره يترك نفس التعليق بتاع الروايه طولت والأحداث ممله وهنا لا اجد اي رد إلا أن الروايه هي نظره الكاتب والقاريء كل منهم يراه بنظراته سواء المحدوده أو العميقه ..وانا بعير عن روايتي بنظرتي ورغبتي في نشر شيء مختلف ليس الغرض منه تسارع الأحداث ولكن شرح مشاعر وافكار قد لاتكون من ذوقك أو فيها شيء لا يستوعبه بعض القراء ...اتشرفت بتعليقك

      حذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !