قيد من دهب الفصل التاسع والأربعون

0


 الفصل السابق

التاسع والأربعون


روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


هزت مها راسها بأسف وهي تنظر إلي رافت الذي جلس خلف مكتبه بوجوم واضعا رأسه بين يديه بعد ذهاب المحامي الذي كان يخبرهم بمقدار الديون التي تركها رياض خلفه والتي اتنقلت الي رافت بتبعيه عملهم سويا 

لتقول بصوت متعلثم : انا مش عارفه اقول لحضرتك ايه ياعمي .....نظرت له بطرف عيناها وتابعت بكذب : مش متخيله بابا ازاي يعمل كده 

فرك رافت صدره بقليل من الضيق الذي بدأ يراود أنفاسه وهو يفكر كيف استطاع صديقه خداعه بتلك الطريقه وهو من كان يثق به ثقه عمياء 

عقدت مها حاجبيها قائله بقلق وهي تري ملامح رافت الضائقه : مالك ياعمي ...حضرتك تعبان ؟!

هز رافت رأسه واعتدل واقفا ليغادر ولكن بنفس اللحظه اهتزت خطواته لتهرع مها إليه تمسك بيده وهي تنادي بصوت عالي علي ليليان وصالح : الحقيني ياطنط ....الحقني ياصالح 

استند رافت الي يديها قائلا : انا كويس يا بنتي 

صممت مها وعادت تنادي بصوت اعلي لتهرع ليليان إليهم بقلق بينما أسندت ياسمين صالح الذي لم تساعده خطواته علي الإسراع ليدخل الي الغرفه بقلق حينما وجد والدته تساعد والده بارتشاف القليل من الماء : ايه اللي حصل ....مالك يا بابا ؟!

هز رافت رأسه بينما بدأ العرق البارد يتصبب علي جبينه وهو يقول بصوت واهن : انا كويس 

هز صالح رأسه وسرعان ما التفت الي ياسمين ؛ ياسمين اطلبي دكتور عوني بسرعه .....هتلاقي رقمه علي تليفوني 

أومات ياسمين واسرعت تحضر هاتف صالح وتطلب رقم الطبيب .....نظر صالح الي مها التي بدأت تذرف الدموع التي اضطرت إليها حتي لا يراها الجميع مشاركه لأبيها بالجرم : انا مش عارفه بابا أزاي يعمل كده .... المحامي قال إنه كان واخد قروض كتيرة بضمان الأرض و التلاجات عشان كان عنده خسائر كتيره اوي ومخبيها 

زم صالح شفتيه بإشارة منه لها أن تصمت لينظر الي ابيه قائلا : اهدي يا بابا وكل حاجه هتتحل أن شاء الله

قال رافت بخزلان : تتحل ازاي ..... أنا مش بس خسرت فلوسي ....كمان التلاجات كلها البنك حجز عليها 

أسرعت ياسمين تدخل بقلق : الدكتور جاي علي طول 

اوما صالح والتفت الي ابيه قائلا : هتتحل يابابا ....دي مش اول ازمه تقابلنا ...أن شاء الله انا هقعد مع البنك وهشوف حل ....المهم صحتك دلوقتي 

امسك يد ابيه وحاول أن يتحامل علي نفسه وهو يقول : تعالي ارتاح في اوضتك لغايه ما الدكتور يوصل 

قالت مها وهي تتدخل سريعا : انا هسنده يا صالح ....خليك مش هتقدر عشان رجلك 

تدخلت ليليان : انا هسندك يا رافت 

تحامل رأفت علي نفسه لتحاول ياسمين المساعده ولكن صالح قال سريعا وهو يمسك بكتفها : لا يا حبيتي بلاش انتي عشان ضهرك 

لم يترك جملته ناقصه ليلتفت الي والدته ووالده ويتابع : ياسمين حامل 

تهلل وجهه ليليان ولم يستطع رافت اخفاء الفرحه من فوق ملامحه وهو يتطلع الي ياسمين التي ارتبكت 

بينما جاهدت مها أن تخفي ملامح وجهها المصدومه وتتنفس سريعا بينما قال رافت : بجد ياابني

اوما صالح بابتسامه لتجد ياسمين نفسها بين ذراعي ليليان تبارك لها : مبروك يابنتي ...الف مبروك 

أومات ياسمين بخجل : شكرا ياطنط 

قال رافت وهو يربت علي كتف ابنه : مبروك ياابني 

رفع عيناه الي ياسمين وتابع : مبروك يا بنتي 

أومات ياسمين له لتحمحم مها وترسم ابتسامه علي وجهها وهي تقول : مبروك 

...........

....

قالت تهاني بتأفأف وهي تتابع سيرها بينما بسمه لا تتوقف عن الحديث : خلاص خلصنا يابسمه 

نظرت بسمه لوالدتها قائله : يعني خلاص مش زعلانه مني بسبب موضوع الدراسه 

هزت تهاني راسها بينما اجتذب نظرها تلك الجالسه بأحد اركان الحديقه والتي كانت فيروز بينما بقيت جالسه تضع يدها علي خدها بصمت ورأسها لا يتوقف عن التفكير 

اتجهت تهاني إليها وتبعتها بسمه 

لتقول تهاني : ايه اللي مقعدك هنا في نص الليل كده ؟!

تنهدت فيروز قائله : زهقانه قولت اقعد افكر مع نفسي 

رفعت تهاني حاجبها ولم تستطيع منع تعليقها الذي أخفت به فضولها بنبره ساخره : وبتتنيلي تفكري في ايه دلوقتي وسايبه جوزك لوحده ؟!

ضيقت فيروز عيناها الي تهاني قائله باستنكار مرح : اتنيل ؟!!

وكزت بسمه والدتها التي لم تصمت وتابعت : اه تتنيلي ...ايه مش عاجبك 

هزت فيروز راسها ضاحكه : اه مش عاجبني ...احترميني شويه ...

افلتت ضحكه تهاني وهي تجلس في المقعد المقابل لها وسرعان ما أخفت ضحكتها وهي تقول : وهو ايه عدم الاحترام فيها ... ماهي بسمه قدامك زي الشحطه وطول النهار مفيش علي لساني الا تتنيلي وتهببي وعمرها ما اعترضت 

ضيقت فيروز عيناها وشاكست تهاني قائله : افهم من كده انك بقيتي تعتبريني زي بسمه 

افلتت ضحكه بسمه علي فطنه فيروز وسرعه ردها الذي لجم لسان تهاني للحظات قبل أن تزفر وهي تتصنع الجديه : سيبي بقي المهم واقعدي قولي زي بسمه ولا مش زيها 

ضحكت فيروز من قلبها : انا مش عارفه ليه مصممه متعترفيش انك طيبه وبقيتي بتحبيني 

رفعت تهاني حاجبها. : وهو انا في القسم عشان اعترف ....احتدت نبرتها وهي توكز فيروز متابعه : بطلي ضحك وقولي في ايه ....اتخانقتي مع مهران 

أومات فيروز واجتاح الحزن وجهها سريعا بينما تقول : ضربني بالقلم 

شهقت بسمه قائله : ازاي يعمل كده ؟!

وكزتها تهاني بحنق : وانتي مالك انتي ....؟! اسكتي خالص ومتتدخليش 

صمتت بسمه علي مضض لتلتفت تهاني الي فيروز وتسالها : وهو عمل كده من الباب للطاق ؟! 

صمتت فيروز قليلا قبل أن تفيض بمكنونات صدرها 

وما أن أنهت حديثها وهي تقول : هو بصراحه انا استفزيته وهو صالحني علي طول بس مش عارفه انا اللي عملته صح ولا غلط بأني سكتت وقبلت كده علي كرامتي 

هتفت بسمه برفض واندفاع : لا طبعا انتي ازاي تسكتي 

علي حاجه زي دي .... انتي لازم تاخدي موقف .... قاطعت تهاني كلام بسمه بحنق تعنفها : اخرسي انتي ...

رفعت بسمه حاجبها : الله ياماما مش بقولها رأيي 

قالت تهاني بتوبيخ : وانتي ايه اللي حشرك اصلا ....قومي من هنا وحطي لسانك في بوقك 

تدخلت فيروز قائله : هي مقالتش حاجه غلط ...اصلا انا قاعده متضايقه وعماله اقول لنفسي ازاي اسكت وأنه لو سكتت مره هسكت الف مره 

رفعت تهاني حاجبها باستنكار : هو انتي بتغني وبتردي علي نفسك يا بنتي ....مش قولتي انك استفزتيه 

أومات فيروز : أيوة بس مش يضربني 

قالت تهاني بمسايرة : امال كان يعمل ايه .....يقولك اه انا مش راجل وعندك حق 

هزت فيروز راسها بحيره : مقولتش كده ....بس كان يتفاهم معايا ويتكلم براحه 

لوت تهاني شفتيها : وهو انتي كنتي اتكلمتي براحه ولا انتي اللي بدل المره الف تتكلمي في نفس الموضوع اللي حذرك منه 

هتفت فيروز بدفاع عن نفسها : وهو مش من حقي اتكلم 

قالت تهاني وهي تهز راسها: حقك بس لما يكون وقته .....تنهدت وتابعت : اسمعي يا بنتي انا لو كانت بسمه ولا سحر مكانك كنت هقول نفس الكلام لها ..... صوني نفسك بلسانك وافعالك عشان هو كمان يصونك ....لما تحترمي جوزك هيحترمك وانا مع طول عشرتي لمهران اعرف انه هادي وبيعرف يقول ايه ويعمل ايه وكونه عمل كده معناه انك استفزتيه جامد 

قالت فيروز باستنكار : يقوم يضربني ؟! 

هزت تهاني راسها : غلطان بس علي قولك صالحك وطيب خاطرك 

هزت فيروز راسها بحيره : يعني اسكت 

افلت لسان بسمه باندفاع : لا طبعا متسكتيش 

التفتت لها تهاني بحنق : تعمل ايه ؟! ....تضربه هي كمان !!

اندفعت بسمه مجددا : انا لو مكانها هعملها 

وكزتها تهاني بغضب هاتفه : تضربي جوزك يا متربيه ....قومي من هنا 

زفرت بسمه وهتفت ؛ خلاص هسكت 

هزت تهاني راسها : أيوة اخرسي خالص .....ال تضربيه ال ....بلاش قله ادب ...يلا قومي اعملي لينا شاي 

قامت بسمه علي مضض بينما عادت تهاني لتنظر الي فيروز وتتابع : متسمعيش كلام قليله الربايه دي ..... الست ست والراجل راجل ولو الراجل غلط عمرك ما تعملي زيه ابدا 

قالت فيروز بحيره : امال اعمل ايه ؟!

قالت تهاني : زي ما عملتي بالضبط ..... تحسسيه بغلطته ...بشرط ...انك تبقي عارفه انها مش مقصوده منه ولا قاصد يهينك بيها وقتها يكون في تصرف تاني ...إنما لو زي ما انتي قولتي هقولك أنه بني ادم مش ملاك وكلنا وقت الشيطان ياما بنعمل ....راجل غيره كان عمل اكتر من كده وكمان لو شكيتي لاهلك كانوا عملوا فيكي اكتر .....الادب ادب والبنت لازم تكون بتحترم جوزها طالما زي ما قولتلك مش قاصد .... لو روحتي لامك هتقولك نفس كلامي ...عاتبيه وخدي حقك منه بالادب إنما مش بطوله اللسان زي ما الهبله دي بتقول ....

ويا بنتي هو اشتري خاطرك وصالحك ومرضاش انك تسيبي البيت 

تنهدت وتابعت : ولو كان سابك تمشي كنتي هتروحي فين ....عند عمك ؟! 

هزت راسها وتابعت : جوزك عززك وطيب خاطرك علي غلطته ومرضيش يسيبك تمشي من بيتك  

زمت فيروز شفتيها وصمتت لتتابع تهاني وهي تربت علي يدها : اوعي تزعلي نفسك وتفضلي تبكتي فيها انك بقلب طيب سامحتيه عشان انتي من جواكي عارفه أنه مش قاصد ..... الدنيا بين الاتنين كده ....لازم تتحملوا بعض مش تقفوا لبعض علي الواحده ...

انتي ميزان نفسك لو عارفه أنه مقصدش وانك غاليه عنده يبقي تعديها إنما لو عارفه أنه قاصد يهينك متسكتيش وانا من اللي قولتليه شايفه أن الغلط منكم انتم الاتنين وهو بسرعه لم الموضوع ....

سحبت نفس عميق وزفرته ببطء وهي تتابع : شوفتي ايه من الدنيا ولا من ظلم الرجاله عشان تقولي كده ....

أنا من يوم ما اتجوزت ابو بسمه وهو مكنش علي لسانه الا الاهانه وطوله الايد وانا كنت بسكت .....بس مش زيك بسكت عشان كان بيراضيني ولا يطيب خاطري ولا حتي عشان كنت راضيه بقله الكرامه ....لا كنت بسكت عشان

انا مكنش ليا أهل يدافعوا عني قدام ابن العمده .....مكانش قدامي الا اني اسكت ويابنتي ده مش ضعف ولا ذل لما يكون اللي قدامك اقوي منك لا ده كلام اي حد يقوله لو مش مكانك إنما لو مكاني يقولي كنت هروح فين ...ارجع بيت اهلي اللي كانوا هيرموني برا أو يعيشوني في ذل اكبر انا وبنتي اللي كانت لسه لحمه حمرا .....فكرت وقولت اسكت طالما الظروف اقوي مني 

وكان الحاج عمران الوحيد اللي بيدافع عني وتعدي الايام ويتجوز عليا الخدامه ووقتها مقدرتش اسكت واخدت بنتي وقولت لا الا كرامتي ....اهلي قالولي ولا انتي اول ولا اخر واحده جوزها يتجوز عليها وطالما مكفيكي انتي وبنتك ترجعي بيتك .....رفضت واخدت بنتي وفضلت الف بيها في الشوارع وانا بقول لنفسي اهون عليا اعيش في الشارع ولا اني ارجع .....بس تعرفي يا بنتي 

نظرت لها فيروز بتأثر لتتابع تهاني : وقتها وبعد ما كانت الجلاله وخداني لقيت نفسي غلبانه اوي وكل الكلام ده سهل بس التنفيذ صعب .....صعب اترمي انا وبنتي في الشارع ....صعب اقف في وش ظروف اقوي مني ....صعب كمان ارضي بالذل ونظرات أهل البلد ليا اني سكتت ورضيت ....بصيت لبنتي وفكرت اعمل زي ما بسمع وارفع عليه قضيه بس ارفعها بأيه وازاي وانا في الشارع ومحدش واقف جنبي وقتها بقي فكرت أن فعلا الكلام سهل واخدت بنتي ورجعت ....رجعت وانا بقول لنفسى لو كان عندي أهل يقفوا جنبي مكنتش رجعتله من اول يوم مد أيده عليا ....رجعت وانا بصبر نفسي واقول أن لكل واحد ظروفه اللي لازم يفكر فيها ويحسبها مش كل الظروف زي بعضها وان الكلام سهل عشان اللي أيده في الميه مش زي اللي أيده في النار ... مرجعتش عشان معنديش كرامه ولا عشان رضيت ....بس وطيت للريح لغايه ما تعدي عشان لو وقفت قدامها كنت هتكسر وقولت لنفسي أن مش عيب اني ارضي بوضع مؤقت لغايه ما ابقي قادره اقف علي رجليا .... وفعلا رجعت وانا بفكر في اليوم اللي هغلب فيه ضعفي وقله حيلتي قدامه 

بعد ما مكنتش بطلب منه حاجه بقيت بطلب كل حقوقي زيي زي الخدامه اللي اتجوزها عليا .... عملت ليا قرش 

وضهر 

سألتها فيروز بلهفه : وعملتي ايه ...وقفتي قدامه ؟!

هزت تهاني راسها وارتسمت ابتسامه ساخره علي شفتيها وهي تقول : مات 

افلتت ضحكه فيروز دون إرادتها : قتلتيه ؟!

وكزتها تهاني بحنق : بت انتي !

ربنا فيروز علي كتفها : بهزر ...مش قصدي ...بس اول مره اعرف انك عيشتي ايام صعبه كده 

تنهدت تهاني قائله : اهي كلها ايام وبتعدي وزي ما فيها الوحش فيها الحلو .....ربنا عوضني بالحاج عمران اللي بالرغم من شده طبعه إلا أنه عمره ما ظلمني 

قالت فيروز بلهفه : اتجوزتيه ازاي ؟!

قالت تهاني بابتسامه : كانت الحاجه ام مهران تعيشي انتي من سنين ولما ابو بسمه مات هو كمان زي عوايدنا قالوا هو أولي بيا وببنت اخوه .....نظرت إلي فيروز وتابعت بشرود وابتسامه هادئه : مكدبش عليكي وقتها خوفت اللي حصل مع اخوه يحصل تاني بس كانت اول حاجه طمني فيها الحاج هي دي وقالي عمره ما هيظلمني ابدا وقالي لو برضه مش عاوزة اتجوزه أنه مش هيغصب عليا وهيقف في ضهري انا وبنتي 

غمزت لها فيروز : شكل الحاج عمران كان بيحبك اوي يا توتو

وكزتها تهاني بتوبيخ وهي تخفي خجلها : اتحشمي يا بنت حب ايه وكلام فارغ ايه .....توتو في عينك كمان 

ضحكت فيروز : طيب اقولك ايه 

لوت تهاني شفتيها تخفي ضحكتها : قولي يا طنط يااختي زي ما بتقولي 

أومات فيروز وقالت بحماس : طيب كملي بقي 

رفعت تهاني حاجبيها باستنكار : اكمل ايه وهي حدوته .....وبعدين انتي مش كنتي شايله الهم من شويه ...خلاص بقيتي عاوزة تسمعي حواديت 

أومات فيروز : بصراحه حكايتك حلوة اوي 

ضحكت تهاني بسماحه : اهو كل واحد وله حكايه. .. نظرت لها وتابعت بمغزي : زي حكايتك مع مهران ....اهو كنتي غريبه وشوفي بقيتي فين وبين يوم وليله لقينلاكي في وسطنا 

تنهدت فيروز وشردت قليلا تتذكر لقائهم لتقول باعتراف : عندك حق 

أومات تهاني وهي تربت علي يدها : قومي يا بتي نامي وبكفايه تفكير ..... البني ادم ميزان نفسه وهو وحده يعرف يقرر إذا كان اللي عمله صح ولا غلط ولا تاخدي بكلامي ولا بكلام غيري ....لو انتي من جواكي عارفه ومقدره أنه مش قاصد يبقي عين العقل انك سامحتيه 

ولو من جواكي عارفه أنه قاصد اهانه اياك تسكتي ولا ترضيها ولو كررها تاني اقفي قصاده وانا في ضهرك 

تنهدت فيروز وابتسمت لتهاني وسرعان ما قامت من مكانها واحتضنتها لتبتسم تهاني للحظات وتربت علي كتفها : ربنا يهدي سرك 

زدات فيروز من احتضان تهاني قائله : انتي فعلا بقيتي بتحبيني 

زجرتها تهاني وهي تبعدها عن حضنها : يا بوي عليكي بت ....انا عارفه مهران متحملك ازاي 

أسرعت فيروز للداخل وهي تغمز لتهاني بشقاوة : زي ما الحاج عمران متحملك 

توعدتها تهاني بنظراتها ولكن سرعان ما ركضت فيروز الي الداخل لتشهق بهلع حينما اصطدمت بهذا الشيء الصلب .....اسرع مهران يمسك بها قبل أن تقع ليقول بقلق شديد : انتي كويسه ؟!

أومات فيروز وهي تلتقف أنفاسها : اه ....انت ....انت صحيت امتي ؟!

رفع مهران حاجبه : انتي اللي كنتي فين وبتجري كده ليه ؟!

هزت كتفها قائله : ابدا كنت قاعده مع طنط تهاني شويه 

نظر لها بعدم فهم : قاعده مع مين ؟!

هزت راسها : طنط تهاني 

عقد حاجبيه باستفهام : ليه ؟!

كادت ان تخبره ولكنها تراجعت سريعا لتقول ببرود متعمد : عادي 

نظر لها بعدم فهم : عادي ايه .....مالك يا فيروز فهميني يا بنت الناس 

ترددت فيروز ولكنها سرعان ما اخذت قرارها لتقول بهدوء : ماليش ... أنا طالعه انام 

لحق مهران بها ليدخل خلفها قائلا: فيروز في ايه!

التفتت له قائله وهي ترسم خطه بناء علي كلام تهاني : مفيش .... وبعدين بطل تسألني كل شويه مالي وانت عارف كويس مالي 

رفع حاجبه بعدم فهم : عارف ؟!!

أومات فيروز : اه عارف ....ولا فاكر خلصت كده ...لا انا مش ناسيه ولا صافيه ليك انك ضربتني 

نظر لها مهران بغباء مطلق بينما كاد لسانه أن ينفلت وهو يريد تذكيرها أنها قبل ساعات كانت بين ذراعيه وظن أن الأمر انتهي لتضيق فيروز عيناها بمكر بينما تدللت وهي تدرك جيدا أن صدره سيتسع لدلالها الان ويتحملها لتقول : مهما تعمل برضه لغايه ما قلبي يصفالك مش هسامحك 

.........

عقد صالح حاجبيه باستنكار : عاوزة تسبيني يا ياسمين ؟!

هزت ياسمين كتفها بينما اكتست كل ملامحها بهذا الحزن الذي كتب الا يبارحها : انا مقولتش كده .....قولت هسافر يومين اطمن علي عبد الرحمن وأشوف بابا كمان 

أبعدت عيناها عن عيناه وهي تتابع : هما يومين 

هتف صالح بامتعاض : يومين هتبعدي عني فيهم 

هزت راسها بإصرار بينما هي بالفعل بحاجه للابتعاد ولو قليلا حتي لا يضغط عليها أكثر بقاءها بهذا الوضع الذي أصبح مفروض عليها ببقاء زوجته الأخري معهم بنفس المنزل : معلش ياصالح ....محتاجه اطمن علي عبد الرحمن 

اوما صالح قائلا : وانا معنديش اعتراض ياحبيتي ...انا بقولك استني بس كام يوم اكون قدرت اتحرك احسن من كده وانا هاخدك ونسافر ....تعلثم وهو يتابع بوعد زائف في ظل تلك الظروف : احنا حتي هنرجع بيتنا مش بس هنسافر يومين 

نظرت إليه بعتاب فهمه وهي تقول : هتسيب والدك وهو تعبان ....هزت راسها وتابعت : مفتكرش ياصالح هينفع ....لو سمحت سيبني اسافر انا 

هز رأسه : مش هكون مطمن عليكي لو سافرتي لوحدك وخصوصا انك حامل ...هز رأسه مجددا برفض : لا لا يا ياسمين استحاله اسيبك تسافري لوحدك 

زفرت ياسمين بضيق : صالح لو سمحت ....مش هيحصل حاجه 

نظر لها صالح بوجوم لتطرق والدته الباب وتدخل مقاطعه حديثهم : معلش ياصالح ... ابوك عاوزك 

اوما صالح لتخرج ليليان بينما تقول ياسمين : انا هجهز شنطتي و اشوف مواعيد القطر 

...........

...

التفتت مي الي مالك الذي أوقف سيارته اسفل منزل عائلتها قائلا : لو حابه تقعدي كام يوم مع مامتك مفيش مشكله .... هطلعلك عندهم وابقي كلميني وقت ما تكوني عاوزة ترجعي البيت 

أومات مي بملامح باهته بينما لم تستطيع الرفض تلك المره ومالك يأخذها ويعودون في إجازة حيث طال سفرهم دون العوده بإجازة وحدث مالك نفسه بأن لابد وأنها افتقدت عائلتها وأنها بحاجه لتكون والدتها بجوارها ظنا منه أن حالتها الساكنه بسبب تعبها من الحمل بينما لايدري أنها تتحطم كل يوم أكثر بينما يعاملها بتلك الطريقه التي لا تستحقها وتموت من الخوف الآلاف المرات كلما فكرت أنه سيعرف أنها السبب فيما أصاب أخته .... !!

لقد عرف منذ يومان بفقدان أخته لجنينيها حينما أخبرته والدته ولم يحتمل أكثر ليقرر أخذ إجازة لمده اسبوع والعوده ....

بأيدي مرتعشه فتحت مي باب السيارة وهي تفكر كيف سيكون استقبال والدتها ووالدها لها ...؟!  

لم يشتاقوا إليها مؤكد والاكيد أنهم لن يستقبلوها 

نظرت إلي مالك الذي نزل خلفها ليحمل طفله من الخلف وبيده الأخري يأخذ حقيبتها الصغيرة ويسير الي داخل المنزل ليرتجف قلب مي .... لو لم يكن سيصعد معها لكانت انتظرت حتي مغادرته ثم غادرت الي منزلها ولكنه هاهو سيصعد معها لذا هي مضطرة للصعود الي منزل عائلتها ...!

اختطف مالك نظره الي ملامحها الممتقعه بينما يضغط زر المصعد ليقول بجيبن مقطب : انتي كويسه ؟.

أومات مي بصوت متحشرج : اه كويسه 

ماذا فعلت بنفسها لتصل إلي تلك الحاله من الخزي فهي ليست منبوذه من كل من حولها فقط بل منبوذه من نفسها فكم تشعر أنها وضيعه كلما رأت تعامل زوجها معها بتلك الطريقه المتحضرة حتي في غضبه منها ...كانت دوما تغار من ماس وتظن جاسر يحبها أكثر مما يفعل مالك ولكنها لم تكن تري نعمه وجود زوج حسن الأخلاق بكل شيء كزوجها بجوارها .....كلما تذكرت انهيار جاسر واعترافه أنه كان السبب بفقدان ماس طفلها تتخيل بأسي ما عاشته تلك المسكينه و اوصلها لدرجه فقدان جنينها ...تألم قلبها بشفقه علي ماس كثيرا حتي أنها أصبحت تعجز عن النوم وهي تري أنها السبب بموت هذا الطفل وانكسار فرحه والدته به ...وليس ماس فقط هي من خسرت بل أخيها الذي خسر طفله وأمها وأبيها خسروا حفيدهم والعائله باكلمها تعيش حاله من الحزن بسبب ما حدث وماحدث كانت لها اليد العليا به ...أنها كما قال جاسر شيطان ! 

اعجزتها الصور والتخيلات عما عاشته ماس بسببها ....تمنت كثيرا لو لم تكن بهذا الخبث وتلك الدناءه وهي تقتطع جزء من حديثها وتشحن أخيها عليها بتلك الطريقه الوضيعه وبالفعل سالت نفسها نفس السؤال الآلاف المرات ....ماذا ستستفيد ؟!.نعم ماهو وجه

استفادتها من ذلك الاذي الذي قدمته الي ماس او الي أخيها او حتي للجميع واولهم نفسها التي سيلازمها هذا الذنب !


.........

....روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

صرخت ماس به بقهر :أيوة انا مش مبسوطه معاك ياجاسر .....نظر لها ليري حقد في نبرتها التي خرجت قويه من بين دموعها المكتوبه بداخلها بينما تواجهه بعيونها  

جرحت رجولته بقوة بكلماتها ليبتلع جاسر غصه حلقه بصعوبه وهو يحاول السيطره علي قوته وثباته امامها بينما يري امراه تحارب للانفصال عنه 

اهتزت نظراتها بينما كانت مثله لا تصدق انها نطقت بتلك الكلمه ولكنها كانت تنطقها بعتاب وخزلان منه ليس أكثر ... فهو خزل قلبها وحبها وكانت له اليد العليا في انهيار كل ما بينهما ...كانت موجوعه ومجروحه تصرخ وتأن بوجعها له ....وقد كان انهيارها التالي اكبر دليل لتندفع تجاهه بقهر وتصرخ به : انت ساكت ليه ....ساكت ليه ..اتكلم انطق ...اعترف انك انت السبب في كل اللي حصل لنا ...انت اللي دمرت اللي بينا .....

فضلت تضغط وتدوس عليا لغايه ما بقيت مش انا 

أنا مش لاقيه نفسي معاك ..حاولت كتير وجيت علي نفسي كتير عشان ارضيك 

وياريتك رضيت ......انت زي ما انت اناني وكمان كنت بتزود في انانيتك وانت مش عامل حساب لمشاعري ولا لعقلي و لغيتني من غير ما تفكر ده هيعمل فيا ايه ....

امتلئت عيونها دموع وهي تنظر له بعتاب قاسي وتتابع فتح الجرح يلو الاخر : عمرك ما فكرت انا سكتت ليه ومقولتش ليك عن المشكله اللي كانت عندي مع اني كان المفروض اجري عليك.....سكت عشان تعبت من المشاكل معاك وانا عارفه وقتها انك كنت هتوجعني ومش هيكون علي لسانك الا كلام اني السبب واني عنيده وان كل ده بسبب شغلي ....انت حقك تعمل كل حاجه وانا لا 

انت تزعل عشان شغلك اللي بسببه حياتنا كلها اتدمرت وانا ماليش أي حق .... عاملتني زي المتهمه مع اني معملتش حاجه ومع ذلك انا رضيت اني اكون متهمه وسكتت وقبلت .... مصعبتش عليك وسبتني لوحدي وانا حامل وحملتني فوق طاقتي .... ازدادت حده نبرتها وهي تتابع : انت ندمت بعد ما البيبي راح بس ندمك معملش ليا حاجه ولا هيعمل .......

بدأت نبرتها تهدأ من الصراخ لتتحول الي اسي شديد وقهر وهي تؤنب نفسها بدلا من تأنيبه : ندمك مش هيرجع اللي راح مني ....كل حاجه راحت مني ...ابني ونفسي.... وشغلي.... وحتي اللي ما بينا كمان راح عشان أنا كل ما ببصلك بفتكر اني انا السبب لاني انا اللي اتخليت عن نفسي ....انا اللي رضيت بحبك المشروط بتحكماتك .....رفعت عيناها إليه وتابعت بعتاب شديد :  

انت عمرك ما حبيتني 

وانا ياريتني ما حبيتك ولا شوفتك اصلا .... 

أخرج من حياتي مش عاوزة اشوفك تاني 

قالت كلماتها و سبقتها دموعها وهي تركض الي غرفتها وبعنفوان كانت تجذب تلك الحقيبه لتلقي بها ملابسها بعشوائيه وصوتها الباكي يتعالي بينما تحدث أخيها الذي لم يفهم شيء من بكاءها : 

اهدي ياماس ايه اللي حصل ؟! 

هتفت من بين دموعها بصوت وصل إليه : تعالي يامحمود خدني من هنا 

اسرع جاسر خلفها خطوة ولكنه لم يكملها 

ليتوقف عن اللحاق بها ويجلس علي الاريكه بكمد ....ماذا يقول بعد كل ما قالته ...؟!.

لم يعد هناك أي حديث يقال 

انهار كل شيء وانتهي كما قالت وبيده لا ينكر ولكن من اين له أن يعرف انها كانت تعاني بتلك الطريقه إن لم تكن تتحدث ......

ايمكن أنه كان اعمي بتلك الطريقه ؟! 

والان هي طلبت الانفصال نعم .... هي من فتحت هذا الباب !

ولكنه كان أول من يمر منه !!

......

......

كادت مي تبكي وهي تري جمود ابيها معها وسرعان مغادرته ما أن غادر مالك وتركها بينما امتلئت نظرات ماجده بالعتاب لها قبل أن تبكي وتعيد نفس العتاب علي ابنتها التي اشتاقت لها وسرعان ما فتحت لها ذراعيها لتبكي مي هي الأخري وتقول بندم : والله ما كنت اعرف ان ده ممكن يحصل. ....ماما أما بموت من تأنيب الضمير وكش عارفه انام وانا السبب في موت ابن اخويا وقهرته .....قوليلي اعمل ايه ...؟! اقول لمالك علي كل حاجه .....اروح لماس واعترف لها واطلب منها تسامحني 

وضعت وجهها الباكي بين يديها وتابعت بانهيار وبكاء : قوليلي اعمل ايه ؟!


..........

....

أسرعت هويدا تحتضن مالك باشتياق وهي تتلفت حولها : ادم ومي فين ؟!

قال مالك وهي يسلم علي أبيه وأخيه : معلش يا ماما 

...اخدتهم عند مامتها عشان اكيد وحشتها وبكرة أن شاء الله اجيبهم تشوفيهم 

أومات هويدا بسماحه : وماله ياابني ...حقها ...

هز مالك رأسه ليقول بضيق : المهم طمنوني ماس عامله ايه ....؟!

جلس طالما برفقه أبيه ووالدته قليلا بينما دخل محمود ليجيب علي ماس وسرعان ما كان يرتدي ملابسه ويتجه الي خارج الغرفه ليساله شريف : انت رايح فين ؟!

تعلثم محمود ولكن قبل أن يجيب كان رنين هاتف شريف يتعالي .....: اهلا ياجاسر ياابني ....عامل ايه وماس عامله ايه ؟!

سحب جاسر نفس بينما باقتضاب طلب من شريف مقابلته بهذا المكان الذي استغرب وجوده به .... !

اغلق شريف الهاتف بعدم فهم ليسأله مالك : في ايه يا بابا ؟!

ماس كويسه ؟!

اوما شريف قائلا : اه ...جاسر بيقول عاوزني في موضوع ضروري 

عقد مالك حاجبيه بقلق ليتدخل محمود قائلا ببساطه : متقلقش يابابا ...ماسه كلمتني وشكلهم متخانقين ...انا هروح اطمن عليها وانت روح شوف جاسر عاوز ايه 

عقد شريف حاجبيه بقلق شديد وهو يشير الي محمود ام يخفض صوته حتي لا تسمع هويدا التي وقفت بالمطبخ تعد الطعام لمالك : كلمتك ....في ايه ؟!

قال محمود ببساطه : زي ما بقولك ....طالما جاسر كمان كلمك يبقوا متخانقين ...انا هنزل اروح اشوفها واهديها وانت كمان شوف جاسر

اعتدل مالك واقفا ليقول لابيه : انا جاي معاك 

هز شريف رأسه بينما ما زالت حساسيه الموقف مشتعله بين مالك وجاسر : لا بلاش انت 

قال مالك بإصرار : انا جاي يا بابا من غير نقاش لو سمحت 

............

....

لم يتحدث مع أبيها بشيء وقد اتخذ بالفعل قرار الانفصال كما أخبر نفسه أنه ينفذ طلبها بعد أن رأي كم هو دمر حياتها وكم اصبحت تكرهه 

ليحاول ابيها فهم شيء من هذا القرار المفاجيء منه بتطليق ابنته والذي وقع عليه كالصاعقه : جاسر ايه اللي حصل ؟! 

هز جاسر كتفه قائلا باقتضاب :انا بنفذ طلبها 

هتف مالك باحتدام : أيوة ياجاسر حتي لو طلبت ياأخي تقوم انت حالا تنفذ 

اشاح جاسر بوجهه دون قول شيء ليحتقن وجهه مالك قائلا باتهام من صمته : واضح انك واخد قرارك 

حاول أبيه نطق شيء ليوقفه مالك قائلا بغضب : 

: خلاص يابابا احنا مش هنتحايل عليه .....عاوزة يخرب بيته وشايف أنها بقت تقيله عليه براحته 

ابتلع جاسر غضب مالك وكلماته الموبخه وتابع إجراءات الطلاق وهو لا يسمع أو يري شيء إلا كلماتها .....

خرج جاسر من مكتب المأذون بعد انصراف مالك وأبيه ليتجه الي سيارته بخطوات زائغه وهو يواجهه مافعله بأنه طلقها بالفعل ....! 

.........

...

قالت ماس ببكاء حار : أنا لا يمكن اعيش معاه يوم تاني ....خدني من هنا يا محمود 

ربت محمود علي كتفها قائلا بحنان : اهدي بس ياحبيتي وقوليلي ايه اللي حصل 

احتضن محمود ماس التي أخذت تهذي وهي تخبره بكل ماحدث بكلمات متقطعه ليربت علي كتفها بعد ان انتهت : اهدي ياحبيتي 

هزت ماس راسها وهي تكفف دموعها بينما هدا بركانها الثائر كثيرا بعد ما أفرغت كل تلك الحمم من داخلها وبقي ذلك الشعور بالذنب تجاه جاسر الذي لقي كل كلماتها بصمت ارق قلبها بينما نظراته لم تفارق عيونها وهو ينظر لها كطفل عاقبته والدته اسوء عقاب بالرغم منه أنه اعتاد حنانها وتدليلها : أنا مش عارفه انا عملت ايه ......انا قولتله الكلمات ده كله ومع اني عارفه أنه يستاهله بس ليه قلبي واجعني 

قال محمود بهدوء : عشان بتحبيه 

عادت ماس لتبكي : وفايدته ايه الحب لما بنجرح بعض كده 

تنهد محمود وقال بعقلانية : يا ماس يا حبيتي....انتي معاكي حق في كل كلمه قولتيلها وهو مقدر ده وعشان كده سكت ......اللي حصل بينكم شيء عادي جدا واسمع عنه بيحصل كتير اول الجواز ....اتنين لسه بيفهموا بعض متكبريش الموضوع وخلينا نتكلم بالراحه ...... نظرت إلي أخيها الذي تابع : أنا معاكي أن جاسر غلطان اوي كمان بس انتي كمان غلطانه لانك سكتي وحملتي نفسك فوق طاقتها لغايه ما حصل اللي حصل ......ياماس متجيش علي نفسك لأي سبب طالما مش قادره ......نظر إليها بحنان وتابع : 

عارفه لو انتي من جواكي كنتي مقتنعه كنت هقولك تمام إنما اول ما تحسي أن أي قرار أو تصرف هيجي علي نفسك يبقي بلاش تعمليه .....انتي دلوقتي هديتي وهو سمع كل الكلام اللي كان جواكي بمعني اصح العاصفه خلصت وبعدها هيجي الهدوء اللي انتوا محتاجينه .... خلاص بعد كدة هتتفاهموا مع بعض واللي حصل مش هيتكرر 

ابتسم لها بحنان وتابع : مع اني مكنتش اتمني تكون خسارتكم بالشكل ده بس جايز دي الخسارة اللي كان لازم تمروا بيها عشان تتعلموا انتوا الاتنين الدرس ....ودائما الوجع والخسارة بتقربنا من بعض وانا واثق أن جاسر مش هيكرر غلطاته معاكي

ابتسم لها وتابع : ياستي كلها ساعه ويرجع تلاقيه واخدك في حضنه وبيعتذرلك وانتي كمان هتصاليحه علي كلامك معاه 

نظرت له بشك ليهز رأسه : أيوة يا حبيتي ....خدي الأمور ببساطه ..الحياه مش حرب انتوا الاتنين شركاه في الحياه ولازم مرة نكسب ومره نخسر المهم منكررش اخطاءنا وطالما الحب موجود يبقي كل حاجه هتعدي 

هزت ماس راسها بأسي : تفتكر حاجه ممكن تتصلح ؟!

اوما محمود بثقه : طبعا يا حبيتي ....رفع ذقنها إليه وتابع : دي ولا اول ولا اخر خناقه ....هتعدي طالما زي ما قولتلك الحب موجود 

قالت ماس بينما عادت الدموع لتلمع بعيونها من جديد : انا بحبه وعارفه أنه بيحبني بس ليه الحب ده بقي قيد علي حياتنا .... أنا مبقتش لاقيه نفسي 

: عشان انتي اللي ضيعتي نفسك وسط زحمه حياتكم ومشاكلها ..... حبيتي انتي لو في حاجه كانت مضيقاكي من جاسر كان لازم تتكلمي فيها مش تخليها في قلبك 

هزت راسها بأسي : حاولت وهو مسمعنيش 

اوما لها : بس ده كان في الاخر يا ماس .....انا حاسس بيكي وعارف أن موضوع الشغل اثر علي حياتكم وقلب عناد وعشان كده بدل ما كنتي تسكتي كنتي اختاري وقت مناسب وفهميه انك محتاجه تشتغلي وغير. كده كنتي حاولتي تتنقلي أو تاخدي إجازة أو اي حل 

: مكنش في حل 

قال محمود باستسلام : يبقي دي أراده ربنا ومكانتش نهايه العالم ياماس .... 

أومات له : قولت لنفسي كده 

نظر لها بحنان وهو يسألها : طيب خبيتي ليه عليه انك كنتي بتكلمي مديرك 

: خوفت من رد فعله ومكنتش عاوزة مشاكل بينا 

: لو كنتي صارحتيه مكنش الموضوع هيكبر اوي كده لان مكنش في سبب انك تخبي

هزت راسها : عندك حق 

ابتسم لها : يبقي كل اللي بينكم كان الغلط منكم انتوا الاتنين .....جاسر غلطان جدا أنه خلاكي تخافي منه ودي اول حاجه لازم يعترف بيها ....وافتكر بعد اللي حصل بينكم هو هيعترف بكده 

..........

....

حديث أخيها بلسم جروحها كثيرا بينما كانت بحاجه للحديث بهدوء كما فعل أخيها الذي قبلها وهو يسألها قبل أن يغادر : يعني امشي وانا مطمن ولا تحبي تيجي يومين عندنا تريحي اعصابك 

هزت راسها بابتسامه هادئه : لا انا هفضل هنا وهتكلم مع جاسر وهنحل المشكله بينا 

ابتسم لها وودعها لتجلس ماس تتنفس براحه بينما بدأت جروحها بالاندمال بعد ما كشفت عنها ووضعت يدها علي سببها ولكنها لم تكن تدري الجرح العميق الذي بانتظارها 

.........

...

ابتسم مكرم لياسمين وهو يشير لها : اتفضلي يا ياسمين هانم 

هزت ياسمين راسها بابتسامه هادئه : هانم ايه بقي يامكرم ماخلاص 

ضحك مكرم وخانته عيناه يتطلع إليها بانبهار وكأنها قطعه ثمينه : هانم وهتفضلي طول عمرك هانم 

ابتسمت ياسمين ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها حينما خرج عماد من أحد الغرف لتلتقي عيناه بعيونها التي عاتبته طويلا علي ما وصلوا إليه ....

حمحم مكرم قائلا : انا هسيبكم براحتكم وهموم موجود تحت 

نظرت ياسمين الي عماد وهي تبحث عن شيء تقوله تخفي به كلمات قلبها أنه مهما فعل فهو ابيها ورؤيته بتلك الحاله توجع قلبها لتقول باقتضاب : عامل ايه دلوقتي ؟!.

نظر لها عماد بخزي وانكسار قائلا : مش عاوزة تكملي جملتك وتقولي بابا ....نكس رأسه وتابع باعتراف : عارف اني مستاهلش الكلمه دي ....بس نفسي اسمعها منك 

لمعت الدموع بعيون ياسمين ليتابع عماد برجاء : صدقيني انا اتغيرت يا ياسمين وهحاول اصلح كل اللي حصل .....صدقيني المره دي يا بنتي واديني فرصه !

..........

.....

جلس مالك بالسيارة بجوار شريف بوجهه مكفهر الملامح ولكنه تحامل علي نفسه بينما يقول لابيه : متزعلش يا بابا ...هو الخسران ...

هز شريف رأسه بأسي : مش فارقه مين خسران ومين كسبان .....غص حلقه وتابع بانكسار : اختك اتطلقت يا مالك 

ربت مالك علي كتف أبيه وقال بيقين : ربنا هيعوضها أنه ظلمها 

تنهد شريف قائلا : يارب 

اوما مالك قائلا : هكلم محمود اشوفهم وصلوا لفين ...اكيد وصلوا في البيت عشان نرتب هنقولها ازاي 

اوما شريف وأسند رأسه علي يده ليتصل مالك مرارا وتكرارا بمحمود الذي لم يجيب علي هاتفه الا بعد فتره ليقول مالك مزمجرا : انت مش بترد ليه ؟!

قال محمود بصوت مرح : معلش يا برنس كنت بشرب لاتيه وسايب التليفون في العربيه 

عقد مالك حاجبيه باستنكار : بتشرب لاتيه ....اختك فين ؟!

قال محمود ببساطه : في بيتها 

قال مالك بغباء : بيتها ازاي ....انت مجبتهاش معاك 

هز محمود رأسه قائلا بهدوء : لا ..

صاح به مالك بغضب : لا ايه يا بني ادم انت ...ازاي تسيبها هناك 

قال محمود بعدم فهم : في ايه يا مالك بتزعق ليه .....روحت اتكلمت معاها وهي هديت وقالت هتحل مشكلتها مع جاسر وخلاص قالت ليا اروح 

زم مالك شفتيه بحنق هاتفا : تحل ايه معاه. .... ده طلقها !

تجمدت ملامح محمود بعدم استيعاب : انت بتقول ايه ؟!!

........

...

قالت ياسمين بامتنان لمكرم بعد أن انتهت من حديثها مع ابيها : متشكره اوي يامكرم علي اللي عملته مع بابا 

ابتسم لها بهدوء : علي ايه ....انا مش عاوزك تشيلي هم اي حاجه وانا موجود 

أومات له بامتنان : متشكرة اوي 

تركته واتجهت لتستقل القطار عائده بينما تتمني أن يصدق ابيها بوعده تلك المره فهي قد تعبت من الخزلان من كل من حولها .....

.........

....

فتح جاسر الباب ودخل بخطئ بطيئه مهزومه ليعقد حاجبيه وهو يراها تتقدم ناحيته بينما ظنها بالفعل قد تركت المنزل ليسأل نفسه بضياع ....

هل ما حدث كان مجرد كابوس وانتهي ..؟! 

اتجهت ماس ناحيته بهدوء قائله بينما ماتزال عيونها منتفخه من آثار البكاء بالرغم من ابتسامتها التي زينت وجهها وهي تقول : جاسر خلينا نتكلم مع بعض 

انا عارفه اني قولت كلام كتير وده كان جوايا مش هنكره 

أمسكت بيده وتابعت : انت قولت نفتح صفحه جديده وانا دلوقتي بقولك نفتح بس نوعد بعض اننا منكررش اللي حصل 

ضياع شديد غلف كل ملامح جاسر الذي أصبح لسانه ثقيل ولا يستطيع نطق شيء لترفع ماس عيونها تجاه عيناه التي بهتت نظراتها .... جاسر انت ساكت ليه ..؟! 

زعلان مني عشان الكلام اللي قولته ؟! 

هز رأسه وغص حلقه بقوة بينما الندم ينحر قلبه بينما اضاعها من يده باندفاعه ليقول بثقل وهو يعترف : انتي

عندك حق في كل كلمه قولتيها 

نظرت ماس الي ملامحه الباهته : امال ساكت ليه ؟! 

تنهدت وتابعت وهي تتذكر كلام أخيها الصحيح لتبدأ مجددا معه ويتداركون أخطاء الماضي لتقول بهدوء : احنا هنتكلم ونقول كل اللي جوانا .... جاسر انا بحبك ومن كتر حبي فيك قلبي واجعني وعشان كده قولت كل الكلام ده .... أنا غلطت في حاجات وانت غلطت في حاجات بس احنا مع بعض هنصلح كل اللي حصل بينا .....ارتسمت ابتسامه علي شفتيها خالفت الحزن الذي داهم قلبها بينما تقول بأمل : هنصلح كل اللي بينا وحتي كمان هنجيب بيبي تاني 

داهمت الغصه قلبه بقوة بينما يقول بلسان ثقيل : ماس انا طلقتك !! 

تجمدت ماس مكانها ونظرت له بعدم استيعاب لما نطق به : ايه ؟! 

نكس جاسر رأسه بخزي وهو يحاول تبرير فعلته الشنعاء بكلمات ضائعه لا تعفيه من الخطأ : انتي طلبتي ؟! 

غامت عيون ماس التي انشطر قلبها شظايا بالدموع الغائرة وهي تقول بعتاب : وانت ماصدقت 

خفض جاسر عيناه لا يستطيع النظر إلي عتاب عيونها لتندفع ماس بدموع مقهورة : بسهوله كده اتخليت عني ....!

حاول نطق شيء لعله يستطيع اصلاح خطأه : ماس 

قاطعته ماس بصراخ بينما مازالت لا تستوعب أنه بتلك البساطه تركها : بسسسس متنطقش اسمي تاني .....

انت طلقتني .....طلقتني بالبساطه دي بعتني .....

كرامتك وجعتك من كلامي وانا مكنش عندي كرامه ولغايه اخر وقت متمسكه بيك وبقولك نبدا صفحه جديده 

انهارت بنوبه بكاء ولم تستطيع نطق اي كلمه أخري لتجثو علي الأرض وتضع وجهها بين يديها وتبكي بقهر وهي تردد ؛ انت طلقتني 

ظلت تردد نفس الكلمه مررا وتكرار ليسرع جاسر بقلب متمزق يجثو بجوارها ويحاول ضمها إليه وهو يغدق راسها بالقبلات هاتفا بندم ؛ ماس ....انا اسف . أنا مش عارف انا عملت كده ازاي ....احنا هنرجع لبعض وننسي كل اللي حصل انا اسف يا حبيتي .....انا مستاهلش واحده زيك ..... بس انا بحبك. ...والله بحبك ....انتي عندك حق خلينا ننسي كل اللي فات ونبدا .....أبعدته ماس عنها وصرخت به ببكاء : مش هنبدا ....احنا انتهينا ...كل اللي بينا خلاص انتهي 

نظرت له بعيون ملئها الاتهام : انتهي بايدك انت ... 

حاول أن يتحدث بينما تعتذر عيناه الآلاف المرات : انا اسف ....والله ماعارف انا عملت كده ازاي .....احنا هنرجع لبعض 

  لم تسمح له ماس بنطق المزيد لتزيح دموعها الغزيرة من عيونها وتهتف به صارخه : مش هنرجع 

نظرت له بوعيد مليء عيونها الباكيه : مفيش حاجه هترجع تاني ..... انت ضيعت كل حاجه وهتندم ....! 


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !