قيد من دهب الفصل الخمسون

0

الفصل السابق

 الفصل الخمسون 


روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

لم تسمح له ماس بنطق المزيد لتزيح دموعها الغزيرة من عيونها وتهتف به صارخه : مش هنرجع 

نظرت له بوعيد مليء عيونها الباكيه : مفيش حاجه هترجع تاني ..... انت ضيعت كل حاجه وهتندم ....! 

لمعت دموع القهر والضياع بعيناه ليهز رأسه بانكسار لم تعهده به من قبل بينما يمسك بيدها قائلا باعتراف : انا ندمان مش لسه هندم ....نظر لها برجاء وتابع : اسمعيني عشان خاطري 

تهدجت انفاس ماس وسرعان ما سحبت يداها من يده وهي تبعد عيناها التي كانت تذرف الدموع بلا توقف بينما تقول : مبقاش ليك خاطر عندي ....ازدادت سخونه دموعها بينما مازال عقلها لا يستوعب أنه بتلك البساطه تخلي عنها وكسر قلبها بتلك الطريقه التي لم تتخيلها يوما لتمتليء نظراتها بعتاب طحن عظامه وهي تقول بشفاه مرتعشه تستغرب نطق تلك الكلمه التي تفوهت بها مرة واحده ولم يراجعها : انت طلقتني ....غدرت بيا ...بعتني

بعت كل اللي بينا ....ازدادت رجفه شفتيها بقهر وهي تهز راسها بعدم تصديق : هونت عليك وهان عليك كل اللي كان بينا 

افلتت دمعه من عيناه ليحتضنها بقوة بينما لم يعد قلبه يتحمل المزيد من قهرها الذي تسبب هو وحده به ويهتف برجاء اقرب الي التوسل : مهانش عليا ...غصب عني ...والله ماعارف انا عملت كده ازاي ....كلامك حسسني انك مبقتيش بتحبيني وخوفت افرض نفسي عليكي اكتر من كده ....قولتليلي اني السبب في حزنك ودمار حياتك ...قولتليلي انك مش مبسوطه معايا .... غص حلقه وتوقف عن ترديد المزيد من تلك الكلمات التي ستؤلمها أكثر مما ستؤلمه ليزيد من يداه حول جسدها المرتجف بشهقات بكاءها يتشبث بها ويرفض مقاومتها ومحاوله أبعاده عنها وهو يترجاها مجددا : سامحيني ....سامحيني ياماس ... امسك بوجهها الباكي بين يداه ونظر لها بنظرات ملتاعه بلهيب قلبه الذي يحترق ندما علي خطأه الغير مقصود وهو يتابع رجاءه ناظرا الي عيونها بانكسار خالف كل ثوابته : لو في حاجه واحده في الدنيا انتي متاكده منها هي حبي ليكي واني مقدرش اعيش من غيرك 

أبعدت ماس يداه عن وجهها واشاحت بعيونها عنه وهي تقول بخزلان : هتقدر زي ما قدرت تطلقني 

هز رأسه بيأس : مش هقدر ....عمري ما هقدر ..اصلا انا مش عارف انا عملت كده ازاي !! 

أزاحت ماس دموعها من عيونها بظهر يدها واستندت الي الحائط لتعتدل واقفه وهي تقول بأسي : لا انت عارف ....

التفتت إليه بينما ظل جاثي علي ركبتيه أرضا يتطلع إليها بمزيد من الانكسار والندم قائله بعتاب قاسي : خلاص مبقاش ينفع كلام ....انتهي ياجاسر 

اتجهت الي غرفتها ليسرع جاسر خلفها برفض أن تكون تلك النهايه مهما كانت السطور التي سبقتها في فصول روايتهم .....فهو سيكتب فصول جديده تمحي كل ماسبق ....كلما أبعدت الدموع من عيونها كلما انهمرت مجددا لتجذب ماس ملابسها وتسرع الي الحمام لارتدائها بينما لم يعد لها مكان بهذا المنزل ..... غسلت وجهها بالماء البارد تحاول ايقاف نزيف دموعها الحار بينما تحدث نفسها وتطبطب علي وجعها بأن تتحمل فهي قد وصلت إلي المحطه الاخيره بينما نزلت كلمه النهايه ومعها نزل الستار عن كل ما عاشته معه بحلوه ومره 

لتخبر نفسها بوعد كاذب بأنه لن يعد هناك وجع مجددا وهي تدرك أن الوجع سيفوق احتمالها ولكنها لن تترك نفسها ....يجب أن تتماسك وتغادر بعدها ستبكي مجددا ...ستبكي كثيرا حتي تفرغ دموعها من البكاء عليه ثم ستلتئم جراحها ...نعم تلك هي الحقيقه بكل حزن نحياه ....نبكي ونبكي ثم تبدأ الجروح بالاندمال مهما كانت عميقه وغائرة فلا يوجد جرح يظل الي الابد ! 

.........

...

لايعرف محمود كيف عاد الي منزل أخته بتلك السرعه وهو لا يتخيل حالتها بعد تلك الصدمه لتزداد سرعته أكثر وهو يدرك كم ستكون بحاجه اليه .....أوقف سيارته اسفل المنزل ونزل منها سريعا متجها الي الاعلي ....

.........

...

نظرت هويدا الي وجهه شريف ومالك لتسألهم بقلق : في ايه ؟!...ايه اللي حصل فجاه نزلتوا انتوا التلاته 

نظر شريف ومالك لبعضهم قبل أن يمسك شريف بذراع هويدا قائلا : تعالي معايا ياهويدا 

أخذ زوجته لغرفتهم ليخبرها بما حدث ليرتمي مالك علي الاريكه خلفه بانهزام بينما لايدري ما قد حدث واوصل بينهم الحال الي الانفصال بتلك الطريقه ومن داخله يتمني الا يكون لزوجته يد بما حدث ....!

........

...

خرجت ماس لتجد جاسر واقف امامها ....أبتعدت واتجهت لتجذب حقيبه يدها ولكنه توقف امامها برفض : ماس حبيبتي اسمعيني 

صمتت ولم تقل شيء بل اتجهت الي باب الغرفه ليسرع جاسر يتوقف امامها وبسرعه يغلق الباب بالمفتاح هاتفا بيأس : مش هسيبك تخرجي 

تمسكت ماس بثباتها الزائف وهي تذكر نفسها بأنه لم يعد هناك ما يقال بعد النهايه لترفع وجهها إليه قائله بقوة زائفه : افتح الباب ياجاسر 

هز رأسه بيأس ونظراته تترجاها : مش هسيبك ياماس ....انا بحبك 

اشاحت بوجهها وهي تربط حجر علي قلبها برفض لسماع اي شيء منه لتكرر كلماتها : لو سمحت افتح الباب 

هز رأسه واقترب منها ليحاول الامساك بيدها ولكنها ابتعدت للخلف صارخه ؛ متلمسنيش !

اوما لها : حاضر ....بس اسمعيني ...

هزت راسها ونظرت له بعتاب : مبقاش في حاجه تتقال بعد اللي علمته 

نظر لها بأسي : لا فيه ....فيه سبب للي عملته واللي انا والله ندمان عليه ومش مستوعب انا عملته ازاي 

تعالي رنين جرس الباب بتلك اللحظه ليتجاهله جاسر ويتابع رجاءه : ماسه .... حبيتي اللي مرينا بيه كسرنا احنا الاتنين وانا مش هنكر أن كان عندك حق في كل كلمه قولتيها ....كلامك وجعني وحسسني اد ايه انا مستاهلكيش ....فكرت أن دي الطريقه اللي اعوضك بيها عن التعاسه اللي سببتها ليكي 

احتقنت نظراتها بالغضب الممزوج بالقهر وهي تقول باستنكار : تعوضني بأنك تطلقني ؟!

نكس رأسه بخزي : انتي اللي طلبتي 

صرخت به ماس باندفاع : طلبتها مره ....مره واحده بس وانت نفذتها !

هتف برجاء وهو يهز رأسه : انا اسف ...اسف ياماس ...سامحيني وخلينا نرجع وا.....قاطعته بعصبية وهي تهز راسها بقوة : مفيش حاجه هترجع ....خلاص انتهي ....انتهي 

هز رأسه. : منتهاش .... انتي لسه كنتي بتقولي نفتح صفحه جديده .....انا هعملك كل اللي انتي عايزاه بس سامحيني 

ازداد احتقان نظراتها له وهي تتذكر كم كانت ساذجه ومتمسكه به لآخر رمق بينما هو كان بالفعل تخلي عنها لتقول بعنفوان : عمري ما هسامحك !

تعالي رنين الجرس بلا توقف وتبعته طرقات محمود الحاده فوق الباب بينما يرتجف قلبه بداخل ضلوعه قلقا علي أخته التي لا تجيب علي هاتفها 

بيأس نظر جاسر إليها بينما يدرك أنه مع فتح ذلك الباب سيكون خروجها من حياته ليقول برجاء يائس : هعمل المستحيل عشان تسامحيني 

لم تمنحه طرقات محمود المزيد من الوقت ليمد يداه بلا أراده يفتح الباب لتتجه ماس اليه سريعا قبل أن تتوقف خطواتها ويشتعل حريق بقلبها حينما امسك بيدها ينظر اليها برفض وانكسار أن تغادر ...برجاء الا تتركه ...بتوسل أن تسامحه ....بعتاب طفل لايقوي علي ترك والدته له ومعاقبته ذلك العقاب الشديد مهما اخطا .... بينما لسانه لا يمل من طلب غفران يعرف أنه أصبح درب من دروب المستحيل ولكنه لن ييأس : ماس ...متسبنيش ! 

جذبت يدها من يده وأحاطت قلبها بسياج صخري برفض أن يتأثر له لتسرع بخطواتها تجاه الباب بينما لم ييأس جاسر ولحق بها تتبعه أذيال انكساره الذي لم يخجل من إظهاره لاول مره بحياته أمام محمود الذي سرعان ما فتح ذراعيه لأخته يحتضنها بحنان دون قول شيء 

نظر جاسر الي محمود لتلتقي نظراته التي امتلئت خزي بنظرات محمود التي امتلئت عتاب غاضب 

: محمود انت الوحيد اللي ممكن تسمعني وتفهم موقفي 

ابقي محمود أخته بين ذراعيه بينما امتزجت نبرته المعاتبه مع عتاب نظراته وهو يقول : كنت فاهمك لغايه ساعه واحده بس ....هز رأسه بخزلان وتابع : للاسف اللي عملته مالوش اي تبرير ولا سبب 

انكسر وهو يطلب ويترجي كما لم يفعل من قبل : في سبب ....خليها تسمعني ....لو ليا خاطر او حتي ذكري واحده حلوة معاها هفكرها بيها ... ارجوك يامحمود خليها تستني وتسمعني .....نظر إليه بانهزام وهو يعترف بتلك الحقيقه المريرة : لو اخدتها معاك انت عارف انها مستحيل ترجعلي تاني ... !

لا ينكر محمود أن حاله جاسر وكلماته لامست قلبه فهو لم يراه بتلك الحاله من قبل ولكنه بالرغم من هذا قال بجمود وهو يشعر بعبرات أخته الساخنه التي انهمرت من عيونها التي اخفتها بصدر اخيها تبلل ملابسه : انت اللي ضيعتها من ايدك ! 


..........

....

استند صالح الي عكازة وخرج الي الحديقه ليجلس بها وهاتفه بيده يتصل بياسمين كل بضع دقائق يطمئن عليها لينظر في ساعته يترقب وصولها بعد أن أخبرته أنها في طريق عودتها .... نظرت مها إلي الحقيبه الصغيرة التي امسكتها بيدها قبل أن تهز راسها لنفسها وهي تاخذ قرارها لتخرج من الباب وتجتاز الدرجات الحجريه باتجاهه وهي تحمل تلك الحقيبه الصغيرة بيدها 

التفت صالح لها وسرعان ما تغيرت ملامح وجهه واشاح بنظره للجهه الأخري دون قول شيء لتبتلع مها فعلته كما ابتلعت الكثير دون أن تسال نفسها عن سبب قبولها لتلك المعامله من جانبه !

جلست في المقعد المقابل له لتستمع الي زفره صالح العاليه وايضا تبتلعها بما ينافي العقل والمنطق بقبول كل هذا علي كرامتها ومع ذلك قبلت وهي تقول ....صالح ممكن اتكلم معاك كلمتين ؟

التفت لها صالح بانفعال : خير يامها 

حمحمت ووضعت تلك الحقيبه أمامه قائله : ده اللي اقدر أقدمه مساعده في اللي بابا كان سبب فيه 

نظر صالح باستنكار الي تلك القطع الذهبيه التي ظهرت من الحقيبه الصغيرة ليقول باستهجان : ايه ده ؟!.

ابتلعت مها وهي تتوقع بعقل و افق ضيق أنها قد تغير نظرته لها أن كانت بجواره في محنته ولكنها لا تدري ان هذا تنازل اخر تقبله علي كرامتها ينافي المعقول بينما هو لايقبل بها من الأساس 

لتقول بتعلثم : ده دهبي اللي لحقت اخده قبل ما البنك يحجز علي البيت ... ...خدهم بيعهم و...قاطعها صالح بانفعال شديد بينما يستند الي عكازة ويعتدل واقفا وهو يزيح تلك الحقيبه من أمامه مزمجرا : انتي اتجننتي ...! ازاي متخيله اني ممكن اقبل حاجه زي دي 

انصدمت من رد فعله العنيف لتقول بتعلثم : صالح انا مقصدتش اي حاجه ...انا بس عاوزة اساعد في اللي عمله بابا ...حتي كمان الشبكه بتاعتك موجوده ودي حقك 

هتف صالح بغضب : مش عاوز كلمه كمان ....خدي حاجتك واياك مرة تانيه تفتحي معايا كلام في حاجه زي دي ....

تركها صالح واتجه الي الداخل بينما نكست مها راسها ومدت يدها تأخذ الحقيبه تعود للداخل ليزفر صالح بضيق من نفسه بينما شعر بأنه ظلمها ولكن دون إرادته هو مضطر ليعاملها علي هذا النحو حتي لا تتعلق بأمل زائف !

.......ما أن دخلت الي المنزل حتي سرعان ما اجهشت بالبكاء بينما تتخبط بتلك الطريقه ولم تعد تعرف ماذا تفعل بنفسها يوم بعد يوم وهي مصممه علي التمسك برجل يرفضها بكل طريقه ممكنه ..... حاول صالح أن يغالب ضيق نفسه ولكن حينما رآها تبكي لم يحتمل ليتجه إليها قائلا باعتذار : اسف يا مها اني كلمتك بالطريقه دي ....بس يعني تصرفك مالوش داعي 

ازاي متخيله اني ممكن اخد دهبك 

رفعت مها عيناها الباكيه إليه تقول بأسف : غصب عني ياصالح ....حاسه بالذنب بسبب اللي بابا عمله وملقتش طريقه تانيه 

تنهد صالح قائلا باعتراف وظن منه أن لا يد لها في ما فعله ابيها : انتي مالكيش ذنب ....وخلاص اللي حصل حصل 

ازداد بكاءها لتقول : انت كده بتزود احساسي بالذنب ....بعد اللي بابا عمله انتوا لسه واقفين جنبي 

حاول صالح إنهاء الموضوع ليقول باقتضاب : مفيش ذنب ولا حاجه وزي ما قولتلك انتي مالكيش ذنب في أي حاجه 

ما أن نظر إليها صالح حتي هتفت بصوت باكي : انا اسفه ياصالح ....انا اسفه علي كل اللي عملته زمان .....هزت راسها وازداد بكاءها بندم : ياريتني سمعت كلامك ونهيت الخطوبه زمان .....

انا وجودي في حياتك غلط ولازم أخرج منها. .... انا اسفه ....

اوما صالح بينما شعر بالشفقه عليها فهي بالنهاية فتاه وحيده بتلك الحياه ليقول باقتضاب : خلاص يامها ....

هزت راسها ببكاء : هو فعلا خلاص ...انا همشي وكفايه اوي اللي انتوا عملتوه معايا بعد اللي بابا عمله ....

أوقفها صالح قائلا بشهامه ليس أكثر : هتروحي فين ....خليكي زي ما بابا قال

رفعت عيناها إليه بأمل زائف كل مره يخدعها بريقه : يعني انت مش متضايق من وجودي ؟! 

اشاح صالح بوجهه وتنهد قائلا : طالما عارفه حدود وجودك مش هتضايق .....عاد لينظر إليها ويتابع بجديه : مها انا مش انسان وحش بس انا مضطر اتعامل معاكي كده عشان متعيشيش في وهم ....انا بحب ياسمين ومش عاوز غيرها في حياتي وانتي وجودك في حياتي عمل ليا مشاكل كتير وعشان كده كان لازم اتعامل معاكي بالطريقه دي ....بس لو طلعتي من دماغك أن في يوم من الايام هيكون بينا حاجه اعتبريني وقتها اخوكي وانا هقف جنبك صدقيني 

أخفت غصه حلقها بينما تساءلت لماذا تشعر بالجرح والحزن فما يقوله ليس بجديد وهو ما يجب أن تعتاده وتنفذه فيكفي ما فعلته بنفسها حتي الآن ....

نظر صالح لها : موافقه يا مها تعتبريني زي اخوكي و ننهي موضوع جوازنا ده .....

أومات مها بقلب مكسور : موافقه ياصالح ....شوف اللي يريحك واعمله

تنهد صالح قائلا : ده الصح يا مها مش اللي يريحني .... ده هيريحني ويريحك ....نظر لها وتابع بجديه : حقك تكوني مع انسان يقدرك ....انتي لسه صغيرة والحياه قدامك ... مفيش داعي تربطي حياتك بواحد زيي مفيش امل يبادلك احساسك 

أومات مها وهي تضغط علي شفتيها توقف بكاءها بينما هو محق بكل كلمه نطق بها فحتي أن فازت به فهي متاكده أنها لن تفوز بقلبه مهما فعلت لتقول : عندك حق 

تنهد صالح بارتياح ليقول بمسانده : انا مش عاوزك تشتغلي بالك باللي حصل....كل حاجه هتتحل أن شاء الله وانتي هتفضلي عايشه هنا لغايه ما ترتبي حياتك ولو احتاجتي اي حاجه هتلاقيني واقف جنبك 

ابتسمت مها من بين دموعها فهي لو فكرت بعقلانية ستجد أنها ربحت عائله تقف بجوارها بدلا من ربح زوج لا ينظر إليها ليتفاجيء صالح بها تلقي نفسها بحضنه وهي تقول بامتنان : شكرا ياصالح ...!


قبل قليل نزلت ياسمين من القطار لتلفحها هبات الهواء البارده بينما قررت أن تسير قليلا قبل العوده الي المنزل ... مازالت لا تستطيع التفكير او حتي ابعاد التفكير عن راسها فهي غارقه بالثبات في مكانها لا منها تستطيع الابتعاد ولا منها تستطيع البقاء مكانها .... لاتستطيع تركه بينما في صميم قلبها تلتمس له العذر علي ما فعله وايضا لم تعد تستطيع البقاء وتحمل هذا الوضع .... تمنت لو استطاعت الوصول لقرار ولكنها عادت كما ذهبت لتشعر بالاختناق أنها ماتزال مكانها ...لا تريد أن تضغط عليه وتتحدث معه برفضها لهذا الوضع فيكفي مايمر به هو وأبيه ....تنفست بضع مرات ووضعت يدها فوق بطنها بخوف اجتاح قلبها حينما شعرت بهذا الالم الطفيف لتزداد دقات قلبها وهي تتذكر ما أصاب ماس ....سريعا أشارت بيدها لتوقف سيارة اجره وهي تحاول أن تهديء من دقات قلبها خوفا علي طفلها ....نعم يجب أن تتوقف عن التفكير بأي شيء إلا طفلها ....يجب أن تحميه ولو من نفسها وتفكيرها ...ستعود الي المنزل وتبقي معه قليلا وتتحمل وكل شيء سينتهي ...! 

تفاجيء صالح بفعله مها وسرعان ما أبعدها عنه كمن أصيب بصاعقه مزمجرا بتوبيخ : ايه اللي بتعمليه ده ؟!

قالت مها بتعلثم وهي تتراجع خطوه للخلف : اسفه ياصالح مقصدتش ....انا بس ...صمتت مها وكذلك صالح حينما تفاجيء بياسمين أمامه ...! 

التي لم تكد تضع قدمها داخل المنزل حتي تفاجئت بمها تلقي نفسها بحضنه وقد كانت القشه التي كانت بحاجه اليها لتأخذ قرارها فكانت باللحظه التاليه تسرع بخطواتها خارج المنزل وخارج حياته برفض أن تتحمل مجددا وضع لا تقبله ولو من اجل اي شخص أو اي سبب ....! 

يااااسمين ....؟! 

.......

....

اوقف محمود سيارته اسفل المنزل والتفت الي ماس التي كانت دموعها تنهمر بصمت طوال الطريق بينما قلبها الخائن مازال يعاتبه علي فعلته ...... امسك محمود بيدها ورسم ابتسامه هادئه علي شفتيه قائلا بهدوء هي بحاجه اليه في ضجيج حزنها : خلينا نتفق أن طلوعك البيت دلوقتي مش هيكون سهل عليكي وان اكيد حاله ماما وبابا وحتي مالك مش هتساعدك ابدا انك تتخطي اللي حصل بالعكس هتزود حزنك وعشان كده انا عاوز اتكلم معاكي قبل ما نطلع ....

نظرت إليه ليتابع بحنان ممزوج بجديه كلماته : ماسه انا عارف انك مجروحه وان اللي حصل مش سهل عليكي بس ايه رايك تسمعي كلامي اللي هقوله دلوقتي وتحاولي تفكري فيه 

نظرت إلي أخيها لتجده يمد يداه الي وجنتيها ويمسح دموعها قائلا بحنان : اول حاجه امسحي الدموع دي وافتكري اننا جنبك وانك مش لوحدك .... وتاني حاجه واهم حاجه افتكري كويس اوي أن اللي حصل ده مش نهايه العالم وأن كلامي اللي قولته ليكي لسه زي ماهو ...كل حاجه هتتحل وهترجعوا احسن من الاول 

ما أن هزت ماس راسها برفض وعادت دموعها لتلمع بعيونها حتي امسك محمود بوجهها برفق وجعلها تنظر إليه ليهز رأسه مؤكدا : دلوقتي طبيعي يكون ده احساسك بس لما تهدي هتعرفي أن دي مش نهايه العالم ...ازعلي وعيطي واعملي كل اللي يريحك بس يكون جواكي دائما فاكره أن مش اي ازمه تقابلنا نهايه العالم ....بالعكس كل مره هتقابلك ازمه اكبر وقتها هتحسي أنها أكبر ازمه قابلتيها بس لما تمر هتعرفي أنها ازمه زيها زي غيرها ... نظر إلي عيونها التي عاتبته ليقول بتفهم : جايز تشوفي اني مش حاسس بيكي أو أن كلامي مالوش مجال دلوقتي وأنه مجرد كلام عشان أنا مش مكانك بس صدقيني ده الواقع لو كل واحد فينا اخد اي ازمه تمر بيه انها مش اخر ازمه ولا أشد ازمه هتعدي وهتخرجي منها اقوي 

هز رأسه وتابع : أيوة ياماس .....مهما تقولي ومهما يحصل بينكم انا واثق انكم هترجعوا لبعض ....ده الواقع ....جاسر غلط غلطه كبيرة اوي وانتي مش هتسامحيه عليها بسهوله بس في النهايه هتسامحيه

لمعت الدموع في عيونها وانفلتت الكلمات من شفتيها ما أن استمعت الي اسمه الذي هيج مشاعرها لتقول : جاسر.....زمت شفتيها بينما دون أن تقصد نطقت اسمه بدلا من اسم أخيها لتكره حبه لانه مازال مسيطر عليها لتهدر بغضب وهي تبعد عيناها عن عين أخيها الذي يري حقيقه ما سيحدث في يوم من الايام والتي يخبرها بها قلبها ولكنها ترفض الاستماع لأنها تخبر نفسها أنه قد فرط فيها بتلك السهولة لذا لن تبقي عليه 

: محمود متجيش سيرته تاني .... أنا بكرهه ومش عاوزة اسمع اسمه تاني 

اوما محمود موافقا : اكرهيه.... حقك.... وانا ومالك وبابا وحتي ماما اكيد كلنا هنكون مش طايقينه حاليا 

بس عشان خاطري متخليش تكون دي بس مشاعرك ....عبري عنها لغايه ما قلبك يصفي لوحده 

هزت راسها برفض : مش هصفي له ابدا ......غص حلقها وهي لا تتخيل أن يصفو قلبها بعد غدره بها لتهتف بكلمات متقطعه : هو ....هو ....ده طلقني باعني و غدر بيا 

قال محمود بموضوعيه : له أسبابه 

قاطعته برفض : ايه أسبابه ....مالوش سبب ولا مبرر 

قال محمود بعقلانية : له ياماس..... كل واحد فينا له عذر وسبب 

اشاحت بوجهها برفض : مش عاوزة اسمعه 

اوما محمود بحنان : ماشي ياحبيتي بلاش تفكري دلوقتي في أي حاجه غير انك ترتاحي ....سيبي كل التفكير لوقته ...المهم متزعليش 

بلهفه اسرع والدي ماس ومالك إليها ما أن دخلت برفقه محمود لتأخذها والدتها بحضنها فتعود دموع ماس للانهمار بحرارة ليتركها أهلها تفرج عن مكنونات قلبها حتي بدأت تهدأ فيسألها ابيها برفق : ايه اللي حصل ياحبيتي .....ايه اللي وصلكم لكده ؟!

هزت ماس راسها والدموع تخنق حلقها : محصلش ....اتخانقنا عادي ....ازدادت رجفه شفتيها بينما تتابع : قولته طلقني راح مطلقني ...

ربنا والدتها علي كتفها بينما تبادل شريف النظرات مع مالك بعدم فهم فأي شجار يصل بينهم الي انفصال لينفلت لسان مالك دون إرادته مدفوع بغضبه الشديد من جاسر : يعني ايه خناقه عاديه يقوم يطلقك.....مجنون ولا ايه ؟!.

زجره محمود بنظراته ليتدخل هاتفا وهو يمسك بكتف ماس : تعالي ياحبيتي ادخلي ارتاحي ونتكلم بعدين ....

نظر شريف الي مالك بتحذير وما أن دخلت ماس غرفتها وتبعتها والدتها حتي هتف به : انت بتهاجمها كده ليه ....؟! 

قال مالك وهو يزفر بضيق من صورة جاسر التي انصدم بها الصدمه تلو الأخري ..الاولي بطريقه معاملته لأخته والثانيه لانه عرف بماضيه معها والاخري بطلاقه لها 

: عاوز اعرف ايه اللي حصل يابابا ؟!

عاد محمود ليتنهد قائلا : وهي قالت اللي حصل علي فكره 

نظر له محمود بحنق : وهو اي واحده تطلب الطلاق يقوم يطلقها 

هز محمود كتفه : اللي حصل بقي ....وهو اصلا مش مستوعب هو عمل كده ازاي وكان هيموت وتسامحه

هتف مالك باحتدام : ده بعينه ....التفت الي ابيه وتابع : اسمع يابابا ....الراجل ده خلاص جاب آخره وانا من هنا ورايح اللي هقف قدامه ومالوش اي علاقه بيها 

نظر له شريف برفض لعصبيته التي لن تحل شيء بل ستزيد من تعقد الأمر : ايه الكلام ده يامالك ....غلط ياابني ...هنسمعه ونفهم ....هز مالك رأسه برفض : لا طبعا 

تدخل محمود : هو ايه اللي لا يا مالك ....لحظه شيطان ياأخي واكيد له أسبابه 

زفر مالك بضيق ورفض وفتح فمه باحتدام ليقاطعه محمود وهو يشير الي حاله أبيه : مالك مش وقته الكلام دلوقتي ....يلا روح بيتك وسيب الموضوع بابا يحله بطريقته 

زفر مالك وجذب مفاتيحه واتجه الي الباب بعدم رضي ليصفقه خلفه بغضب ....


امسك مالك هاتفه واتصل بمي قائلا باقتضاب : جهزي نفسك وانا هعدي عليكي اخدك ارجعك البيت ....اول ما اتصل بيكي انزلي علي طول 

قالت مي بتعلثم بينما لا تدري شيء عما حدث : انت مش هتطلع تسلم علي بابا وماما 

دون إرادته هتف مالك بانفعال : مالكيش دعوه بيا ونفذي اللي قولته 

اغلق الهاتف وقاد لمنزل أهل زوجته والغضب يعميه ولا يطيق مجرد رؤيه أو سماع اسم جاسر .....

  

نظرت مي الي هاتفها الذي تعالي رنينه برقم محمود الذي فكر أن يمهد الطريق لزوجه أخيه ويبرر عصبيته الواضحه.. 

: عامله ايه يامي ؟!.

: الحمد لله ....انت اخبارك ايه ؟!

قال محمود متنهدا : الحمد لله ...اسمعي يامي كنت بكلمك عشان اقولك حاجه ....

صمتت بقلق : خير يامحمود 

: ..انا بس كنت عاوز اقولك علي حاجه كده عشان متتخانقيش مع مالك ولا تاخدي عصبيته أنها منك 

نظرت مي باستفهام : في ايه يامحمود ....طنط كويسه 

؟!

اوما محمود وباقتضاب شديد قال : جاسر طلق ماس ....

انصدمت ملامح مي لتردد بلسان ثقيل : ايه ؟!

لم يدخل محمود في تفاصيل بينما تابع حديثه : المهم انا بكلمك عشان عارف أن الوضع ده جايز يأثر عليكم فياريت يامي تكون عاقله وتحتوي الموضوع الفتره دي علي الاقل لغايه ما الدنيا تهدي عشان خاطر ادم ..... يعني لو مالك قال كلمه ملهاش لازمه عن جاسر ياريت تفهمي أنه متضايق عشان ماس وتحاولي تهدي الدنيا كده ...وانا معاكي لو في اي حاجه كلميني علي طول 

أغلقت مي وهي ماتزال مصدومه بينما لا تستوعب ماسمعته .....خرجت بخطي بطيئه ليعتدل زيدان واقفا ليغادر غرفه المعيشه سريعا ما أن رآها تتجه إليهم ولكن كلماتها أوقفت خطواته : جاسر طلق ماس 

اتسعت عيون ماجده بهلع وهي تنتفض من مكانها : ايه ؟!.

نظر زيدان الي مي بصدمه : انتي بتقولي ايه ...امتي ده حصل وليه ...؟!!

هزت مي راسها وغص حلقها بينما تدري انها المتهمه مجددا في عيون الجميع : معرفش يابابا ....محمود مقالش اي حاجه

....

.........روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

اسرع صالح خلف ياسمين بالرغم من تألم قدمه التي تحامل عليها لترتفق ياسمين بحالته وتتوقف بعد أن انهكه محاوله اللحاق بها لتتوقف وتلتفت إليه : عاوز ايه ياصالح ؟!

نظر لها صالح برجاء : حبيتي ....انتي فهمتي غلط ...خليني افهمك 

هزت ياسمين راسها ببؤس : مش فارقه ياصالح ....لو سمحت خليني امشي وبلاش تيجي ورايا 

امسك صالح يدها برجاء : مقدرش ...ياسمين اللي شوفتيه ده فهمتيه غلط 

اخبرها بما حدث ليتابع برجاء : وحياتك عندي ده اللي حصل ولو مش مصدقاني هخليها تحكيلك

هزت ياسمين راسها ولمعت الدموع بعيونها : مش هسمع منها ولا من غيرها عشان الطبيعي انك تكون الإنسان اللي بثق فيه وبصدقه 

اوما صالح متشجعا بكلامها : وانا والله ما كذبت ولا عملت اي حاجه ...ده اللي حصل وخلاص اتفقنا هطلقها 

اشاحت ياسمين راسها وقالت بتعب : مش فارقه يا صالح . ..انا تعبت من الوضع ده ...تعبت ومش هقدر اتحمل اكتر من كده 

أحاط صالح بكتفها قائلا بحنان : عارف ياحبيتي ومقدر اللي انتي اتحملتيه عشاني. ...نظر إلي عيونها وتابع برجاء : بس وعد مني دي اخر حاجه ..... كلها كام يوم واطلقها ...ومش كام يوم لا بكره هطلقها واحنا هنرجع بيتنا وحياتنا 

نظرت له ياسمين بعتاب علي وعوده الزائفه بينما هي متاكده أنه لن يترك أبيه في ظل تلك الظروف ليستدرك صالح حينما فهم مغزي نظراتها : هعمل المستحيل عشان نرجع في اقرب وقت ....

هزت ياسمين راسها : مش هقدر ارجع البيت ده تاني ....مش هقدر وهي موجوده فيه 

نظر لها صالح برجاء الا ترهقه بشيء يعجز عنه ليتعلثم : بس يا حبيتي ده ...ده وضع مؤقت 

أصرت ياسمين لأول مرة علي شيء من أجل راحتها هي دون التفكير في غيرها : مهما يكون ....مش هقدر ولا هاجي علي نفسي .....

نكس صالح رأسه بقله حيله : انا عارف اني ماليش اطلب منك تتحملي اكتر من كده ...

رفضت ياسمين سماع صوت قلبها بتحمل المزيد من أجله 

: أنا مش قادره مش مش عاوزة ياصالح. ....افهمني 

رفع وجهه إليها قائلا بحنان : فاهمك يا حبيتي ومقدر ....

تمهل قليلا قبل أن يقول تلك الفكره التي خطرت برأسه : طيب عشان خاطري وخاطر ابننا ينفع بس تتحملي الليله دي ووعد مني بكره الصبح هكون جهزت بيت لينا لوحدنا وبكده هبقي جنب ابويا في الشغل وجنبك والبيت ده مش هدخله ابدا طالما هي فيه وحتي امي لما احب اشوفها هخليها تيجي عندنا 

هدأت دقات قلبها لحديثه لينظر صالح لعيونها بأمل ورجاء أن تقبل : كويس الحل ده ياحبيتي 

ترددت ياسمين قبل أن تقول : انت قولت هتطلقها 

اوما صالح سريعا : طبعا ياحبيتي ...امسك بيدها برفق : تعالي خلينا نرجع عشان ترتاحي وانا هنفذ كل اللي انتي عاوزاه 

..........

.....

رفع جاسر رأسه من بين يديه علي صوت تلك الطرقات الحاده علي الباب الذي اتجه بخطوات ثقيله لفتحه وسرعان ما كان زيدان يدخل من الباب بهجوم شديد يوبخ ابنه الذي لا يستوعب اي عقل اواخلاق لديه ليتصرف علي هذا النحو 

: انت ايه اللي هببته ده ....انت اتجننت ....بتطلق مراتك ....اييييه ..انتوا عاوزين تقضوا عليا انت واختك . ..ايه معندكوش ذره اخلاق ولا ضمير ...رايح تطلقها بعد كل الي شافته منك ....انت مجنون 

رفع زيدان يده بلحظه تهور أراد أن يصفعه بها ولكنه عاد ليضم يداه الي جواره ليقف جاسر أمامه ويقول بانهزام : اضرب يابابا .....انا استاهل ....اضرب انا عاوزة اضرب نفسي 

صرخ به زيدان بغضب شديد : ولما انت ندمان كده .....عملت كده ليه ...انطق ؟! 

فرك جاسر وجهه بينما لايدري ماذا يقول ليحاول تبرير نفسه ببضع كلمات ولكن زيدان لم يستمع لأي منها ليجذب يداه بحنق هاتفا : قوم معايا .....قوووم

نظر له جاسر : فين ؟!

هتف زيدان باحتدام ؛ هيكون فين ....هتصلح عملتك الزفت اللي هببتها 

قال جاسر بيأس ؛ حاولت مسمعتنيش 

زجرة زيدان بتوبيخ : تحاول مره والف وتتحمل منها كل اللي تعمله .....

رفع إصبعه في وجهه ابنه وتابع : انت دلوقتي هتيجي معايا للمأذون وتردها غيابي زي ما طلقتها وبعد كده هنطلع علي بيت اهلها تراضيها ولو حكمت تبوس أيدها عشان تسامحك ...فاهم ..!

.......

...ابتلعت مي بتوتر وهي تتطلع كل بضع دقائق الي مالك بتوجس من رد فعله علي ماحدث ولكن مالك التزم الصمت حتي لا يفعل شيء يندم عليه ...

أوقف سيارته اسفل المنزل قائلا وهو ينظر للجهه الأخري : انا عندي شغل اطلعي انتي وادم 

دون نقاش اخذت مي طفلها ونزلت من السيارة وقلبها ينتفض بين ضلوعها وما أن خطت الي داخل منزلها حتي اتصلت بوالدتها تطمئنها 

: معملش حاجه ياماما 

قالت ماجده : طيب وانتي اياك تتكلمي معاه في حاجه 

قالت مي بحزن : طيب وماس وجاسر كده خلاص ياماما 

زجرتها ماجده بغضب وتوبيخ : فارق معاكي ايه ....مش كل ده من تحت راس عمايلك 

حاولت مي الدفاع عن نفسها ولكن ماجده سرعان ما أغلقت الهاتف وظلت علي جلستها بكمد بينما لم تتخيل أن ينهار بيت ابنها بتلك الطريقه خاصه وهم لم يستوعبوا للتو فقدان طفلهم لتتنهد بحزن وهي تحدث نفسها : قلبي عليكي يا بنتي ....ابنك وبيتك راحوا  


............

....

نظرت فيروز الي مهران بطرف عيناها ليتمهل وهو يقترب منها وعلي شفتيه تلك الابتسامه العابثه بينما يداعب وجنتيها : ايه بقي ياست البنات هتفضلي مكشره كتير 

هزت كتفها وابعدت عيناها عنه لتجده يمد يداه إليها بتلك العلبه ....التفتت اليه قائله : ايه ده ...؟!

غمزت لها مهران بشقاوة وهو يعطيها علبه الهاتف الذي أحضره لها : احدث نوع وكمان معاه الساعه بتاعته 

كتمت فيروز ابتسامتها وتظاهرت بالجديه وهي تقول : وانت فاكر كده بتصالحني 

اوما مهران : حقك عليا يا ست البنات ....انا صالحتك واهو كمان براضيكي ....ميبقاش قلبك اسود 

التفتت له فيروز بجديه بينما تقول بمغزي : وهو الصلح عندك كده او هديه 

ضحك مهران قائلا : ماهو دماغ الرجاله كده .....منفهمش طريقه تانيه ...يا كده ....قالها وهو يغمز بوقاحه ويتابع : يا نجيب هديه 

أبعدت فيروز عنه وجهها الذي احمر من مغزي كلامه لتتظاهر بالجديه : لا طبعا مش صلح 

اقترب مهران منها وامسك بيدها قائلا : امال الصلح ازاي ؟!.

تعلثمت بينما بالفعل هو اعتذر بل وراضي قلبها أكثر من مره ليبتسم مهران قائلا : شوفتي بقي اني عملت اللي عليا .....نظر لها بطرف عيناه وتابع : مع انك زعلتيني برضه وقولتي كلام مالوش لازمه 

خجلت فيروز لتقول باعتذار : مكنتش اقصد 

اوما مهران قائلا : وانا كمان مكنتش اقصد 

داعب شعرها بحنان وتابع : خلاص بقي صافي يا لبن

قالت فيروز بمماطله : وانا اضمن منين انك مش هتكررها تاني 

ضحك مهران قائلا : الحاجه الوحيده اللي ليها ضمان هو التليفون اللي في ايدك ده يا ست البنات .....إنما بني ادم صعب اوي تضمني رد فعله بس وعد مني عمري ما هكررها وانا راضي ابدا 

جذبها إليه ليقبل راسها ويعيد كلماته : حقك عليا 

ابتسمت فيروز برضي بينما ستكون غير منصفه أو ممتنه لكون رجل مثله زوجها إن لم تعترف أنه رجل بمعني الكلمه وتتمسك بذله دون إرادته وتنسي كل أفعاله الحنونه معها لتقول برضي وهي تبتسم له : شكرا علي التليفون 

ابتسم لها وداعب شعرها بحنان : يعني صافي يا لبن 

أومات له : صافي يالبن 

مال تجاه شفتيها ليقبلها ولكنه لم يكد يقترب حتي تعالت الطرقات علي الباب ومن خلفها صوت تهاني : مهران .....اختك سحر بتولد 

تبرطم مهران بحنق : بقالها خمسين سنه حامل وحبكت تولد دلوقتي 

ضحكت فيروز بخفوت ليزجرها مهران : وبعدين عاد ... بتضحكي علي ايه ....شمتانه فيا 

هزت راسها ليميل يقبل طرف شفتيها : اياك تنامي ...هرجعلك علي طول 

نظرت له فيروز: ايه ده هو انا مش جايه معاك 

هز رأسه : لا ارتاحي انتي وبعدين اصلا مرات عمي مش هتخليكي تيجي عشان متخافيش من الولاده 

   ..........

....

قالت هويدا بحنان : شوفتي يا حبيتي اهو متحملش وجه وراكي علي طول يصالحك 

نظرت ماس الي والدتها باستنكار وغضب : يصالحني ....؟!

هو له عين يجي اصلا 

قالت هويدا بقلب ام لا تريد خراب منزل ابنتها : معلش يا حبيتي اسمعيه ..... هو قاعد برا مع ابوه وابوكي واخوكي نازلين فيه سلخ وهو ساكت ....ده شيطان دخل بينكم 

انتفضت ماس من مكانها لتتجه بغضب الي الخارج وتندفع ناحيته بغضب شديد حل محل حزنها الذي لن تسمح له برؤيته بعد أن جاء علي كرامتها بتلك الطريقه 

: انت ايه اللي جابك هنا ؟!......ليك تيجي ازاي بعد اللي عملته 

ازداد صراخها بينما وقف الجميع بصمت واولهم زيدان الذي نظر لجاسر بتحذير أن يقول شيء : انت مش طلقتني ...جاي ليه .....جاي ليه ....امشي ...اطلع برااا 

امشي 

اسرع شريف يوقف ابنته : ماس عيب كده ....

جذب محمود أخته للداخل بينما قال شريف باعتذار لزيدان : معلش يا زيدان ...هي متقصدش 

قال زيدان بتفهم : محصلش حاجه وحقها تعمل اكتر من كده ...

نظر إلي ابنه أن يتحدث ولكن صدمه رؤيته لها بتلك الحاله الكارهه الجمت لسانه ليظل صامت فيتدخل زيدان : جاسر غلطان ومستعد لأي ترضيه ليها ....هو ردها وجاي يطلب منها تسامحه وترجع معاه 

تعلثم شريف بحرج : مقدرش اخليها ترجع معاه ....نظر إلي جاسر بعتاب وتابع : هو مسمحش ليا أتدخل في سبب الطلاق وانا مقدرش أتدخل أن كانت ترضي ترجعله ولا لا ...! 

......

....

نزل زيدان برفقه جاسر وهو محتقن بالأسي والغضب الشديد من ابنه الذي جعل الأمور تصل إلي هذا الحد ليقول بغضب شديد ما أن ركب السيارة موبخا : عاجبك اللي عملته. ....واقف ساكت ومدافعتش عن نفسك ....لسه مغرور وشايف نفسك ومش عاوز تعترف بغلطك ....

انفجر جاسر بصوت غاضب : غلطان . .. قولت واترجيت الف مره وقولت غلطاااان ...ضرب مقدمه السيارة بقبضته وتابع بقهر شديد : قالتلي بكرهك ومش مبسوطه معاك ....قالتلي دمرت حياتها ....قالتلي اني سبب موت ابني اللي انا زيها قلبي محروق عليه أضعاف ....قالتلي ياريتها ماشافتني ....وقفت قدامي تقولي أنها مش لاقيه نفسها معايا ....ازداد صراخه بينما يتابع بيأس : كنت اعمل ايه .....اعمل ايه. ... غلطت بس هي كمان غلطانه !!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !