قيد من دهب الفصل الثامن والاربعون

0

الفصل السابق


 الفصل الثامن والاربعون


روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

فتح جاسر عيناه وبهدوء شديد حرك رأسه تجاه ماس التي بقيت بحضنه طوال تلك الساعات التي مضت عليهم بتلك الليله الكئيبه وقد انهكها البكاء ونامت كما انهكه وجع قلبه عليها وعلي طفلهم الذي مازالت تحتضن ملابسه بين ذراعيها .... برفق شديد مد يداه الي تلك الملابس يبعدها من بين يديها ثم تحرك ليحملها برفق ويعتدل واقفا يكبح الم جسده من بقاءه طوال الليل علي الارضيه الصلبه فلم تتحرك أو تقل شيء بل بقيت تبكي بلا توقف ولم تفلح محاولته لتهدئتها ليبقيها بين ذراعيه تبكي وتفرغ مكنونات صدرها المحترق ....شعرت ماس به حينما حملها لتفتح عيونها المتورمه واول ما قابلته هو وجهه بينما يميل بها ليضعها فوق فراشها 

حاولت نطق شيء ولكن وكأنها نسيت ابجديات الحروف فلم تستطيع نطق شيء وهو بالرغم من أنه يفهم ما تشعر به إلا أنه عاجز عن اختيار كلمه يعبر بها عن شعوره بوجعها ... قبل أن تنساب تلك الدمعه من عيونها كانت يداه تتحرك تجاه وجهها يمسح بها اثار دموع الليله الماضيه ويزيل بها أي دموع قادمه بينما يقول بنبره راجيه : ماسه كفايه عياط 

نظرت له تلك المره ليستقبل نظرات عيونها باشتياق وحنان جارف ويحتفظ بنظراتها في مرمي نظراته لعلها تقرأ بعيناه كل ما يريد قوله ويعجز عن التعبير عنه بالكلمات فهو طفل مشاكس اعتاد الدلال والتفهم من والدته وهاهو أخذ عقاب شديد علي أفعاله فينتظر منها المسامحه ولكن هاهي تحرمه مجددا من نظرات عيونهم بينما خفضت ماس عيونها ونظرت الي فراغ يدها بعد أن أخذ تلك الملابس منها ليسحب جاسر نفس عميق ويجلس بجوارها ويحيط كتفها بذراعه رافض أن يشعر برفضها لاقترابه الذي حتي ولو لم تظهره جسديا إلا أن قلبها أوضحه له ولكنه تجاهل ذلك الشعور وصمم علي الاقتراب ليزيد من ذراعه حول كتفها ويضع راسها علي صدره ويستند بذقنه فوق راسها 

ظلوا علي حالتهم طويلا والصمت يحيط بهم حتي شعر بانفاسها تنتظم .....مرر بحنان يداه علي خصلات شعرها وظهرها ثم يرفع ذقنها برفق لتنظر اليه وهو يسألها بعتاب : ليه فضلتي لوحدك ومكلمتيش مامتك ؟!

عادت لتخفض وجهها ولكنه لم يترك عيناها تبتعد ليرفع وجهها إليه مجددا ويحتفظ بلمسه أنامله فوق ذقنها حتي لا تهرب بعيناها منه 

: مش عاوزة اقول لحد ؟!

غامت عيناه بالحزن وهو يواجهها بالواقع : بس هما لازم يعرفوا 

غص حلق ماس وهي تقول بانكسار : مش هقدر دلوقتي ..... انفلتت الرجاء من شفتيها وقد نظرت هي له بعيون عادت لتغيم بالدموع : بلاش تقولهم دلوقتي .... بلاش تخليني اتكلم ولا اسمع حاجه عن الموضوع ده دلوقتي ....مش هقدر... لو بتحبني متقولش حاجه 

اوما سريعا وامسك بوجهها بين يديه واغرقها بالقبلات الحانيه وهو يهتف بقلب ملتاع لوجعها : بحبك طبعا ....حاضر ...حاضر هعمل كل اللي يريحك بس انتي خليكي كده ....متسكتيش تاني ..اتكلمي وقولي كل اللي جواكي ...انا حاسس بيكي وعارف والله انك مجروحه وهستحمل منك اي حاجه بس حاولي تخرجي من الحاله دي ....ربنا كريم وهيعوضنا ....أن شاء الله قريب اوي ربنا هيكرمنا تاني 

بدأت كلماته تثمر لتقاوم ماس ما تشعر به من وجع والم وظلام وتتلمس طريقها للنور بكلماته فتردد بيقين ارتاحت له : ان شاء الله

ابتسم جاسر وقبل راسها قبله طويله ثم رفع وجهها وهو يمسك بذقنها ومال تجاه شفتيها ولكنها أبعدت وجهها ليتوقف جاسر بمنتصف الطريق ويتقبل رفضها بالرغم من الغصاصه التي أصابت قلبه بتلك اللحظه .

دون إرادتها كرهت جرحها له فهي تحبه ولكن قلبها مجروح منه .... ككل خلاف بينهم ترغب بوضع نقطه والبدء من جديد كما تشعر الان خاصه وهو يكون بتلك الحاله من الحنان والحب الذي يغرقها به ولكن عقلها لا يرحمها ومازال يعج بالذكريات التي يذكرها أنها ليست مجرد ذكريات بل واقع حياتهم وأن لاشيء سيتغير ... ربما وقتيا يتغير ولكن لاشيء سيتغير جذريا. ... عقلها لا يتوقف عن الحديث الذي تريد قوله له ولكن شفتيها لا تساعدها وتصمت وقلبها لايريد شيء إلا الارتياح والشعور بالحنان والاحتواء لوجعه وجراحه .....ككل مره وقعت صريعه متمزقه بين شتات عقلها وقلبها ....اقصت عقلها وسارت خلف قلبها ومشاعرها طوال الفتره الماضيه وهاهي النتيجه والان أن سارت خلف عقلها سيتألم قلبها لأنها ستجرح قلبه بكلماتها ..... مثاليه أن اعترفت أنها تكره جرحه ووجعه ولا تحتمله ابدا بالرغم من كل الجراح التي تحملها قلبها منه 

ماذا تفعل ؟! طال وجومها وصمتها بينما عاد عقلها شيئا فشيئا يقوم من اسفل انقاضه ويمزقها بأفكاره وكلماته 

رفعت وجهها الي جاسر الذي لم يبعد عيناه عن النظر إليها لتنظر الي عيناه علها تتلمس الطريق الصحيح 

احتضنت عيناه عيونها بنظرات مطوله قبل أن ترتسم تلك الابتسامه الهادئه علي شفتيه وهو يقول بقليل من المرح : انا عاوز اعترفلك بحاجه ياماسه 

نظرت له وهزت راسها ليهز رأسه ويزم شفتيه : انا تقريبا بوظت الair fryer ....ازدادت ابتسامته بينما يتابع اعترافه بوعده : بس متقلقيش هجيبلك واحده تانيه 

داعب شعرها بمرح حينما لمح ابتسامتها وهو يسألها : هي بقت بكام دلوقتي ؟!

بعفويه رددت ماس التي أخرجها سياق حديثه الي طريق آخر بعيدا عن التحدث بما يمرون به عرف أن عليهم تجاوزه والابتعاد : ٤٠٠٠ 

رفع حاجبه وقال بمرح وهو مازال يداعب خصلات شعرها بأصابعه : لا حيث كده انا اكلم خالي عزيز يجيب لينا واحده وهو راجع 

رفعت ماس حاجبيها وقد استحق بجداره أن ينال ابتسامتها بعد أن أستخدم اخيرا قدراته كضابط علي تحويل مجري الحديث بينهم ليغاير جو الكأبه التي خيمت عليهم : خالك بتاع القميص 

ضحك جاسر بصخب وهز رأسه : اه هو 

زمت ماس شفتيها برفض أن تشاركه الضحك ولكنه أصر ليميل عليها بمشاكسه وهو يأخذ يدها بين يداه يضعها علي صدره قائلا : طيب ما تقطعي القميص ده كمان عشان اطلب منه قميص مع ال air fryer 

ضغطت ماس علي شفتيها تكتم ضحكتها فهل هي ساذجة ليمضي كل شيء بمجرد كلمات حنونه ومداعبه شقيه منه ....سحبت يدها من اسفل يداه ووكزته بصدره تبعده عنها بينما تقول بحنق محبب : اوعي كده 

هز رأسه وكال عليها قائلا بسماجه : مش هوعي الا لما تضحكي ... اشار الي وجهها : بصي واضح اهو عاوزة تضحكي بس مش راضيه. ... 

ضمها إليه وعاد ليهمس من جديد بتلك الكلمات ( اضحكيلي ياماسه ) وسرعان ما تعود لتتذكر تلك الكلمات التي مرت عليها يوم زفافهم ...... قلبها المحترق 

يريد أن يصارع كل هذا الحزن لترحب بتلك الذكريات الجميله بينهم لعلها تمسح قسوة الذكريات السيئه التي انحفرت بعقلها وقلبها الذي يريد أن يتنفس ويخفق له من جديد ....

............

....

تهللت ملامح جاسر بينما يهتف : انت بتتكلم جد يامهران 

اوما مهران قائلا بينما استطاع اخيرا أن يتنفس الصعداء بعد تلك الليله العصيبه : الحمد لله ياجاسر ....الدكتور قال إنه بيتحسن 

قال جاسر بلهفه : يعني شوفته ؟!

: لسه في العنايه بس حالته كويسه 

تنهد جاسر قائلا : الحمد لله ....معلش يا مهران انا مقدرتش اجي ..تنهد وتابع : غصب عني مقدرتش اسيب ماس في الحاله دي لوحدها بس كلها يومين تتحسن وهرجع علي طول 

: ترجع بالسلامه 

: بس انت تبقي تطمني علي طول 

اغلق الهاتف واتجه سريعا الي الغرفه تسبقه ابتسامته فلم يجد ماس التي دخلت الي تلك الغرفه مجددا ليسرع جاسر خلفها .....ماس 

تماسكت وهي تلتفت إليه بينما أعادت تلك الملابس الي مكانها لينظر لها بحنان ممزوج بالشفقه علي حالتها وهي تحاول التماسك : حبيتي جيتي هنا ليه ؟!

ابتلعت غصه حلقها وهزت كتفها دون قول شيء 

ليتجه جاسر إليها ويربت علي كتفها وياخذها الي خارج الغرفه بينما يقول برفق : الحمد لله علي كل حال ....

أومات له ليمرر يداه برفق علي وجنتها قائلا بابتسامه : صالح بقي احسن 

ابتسمت له بوهن : بجد 

هز رأسه : اه لسه مكلم مهران 

نظرت له قائله : لو عاوز تروح تزوره وتتطمن عليه ...روح انا بقيت كويسه 

هز رأسه قائلا : مش هسيبك لوحدك تاني 

قالت بإصرار : والله بقيت كويسه 

اوما لها : معلش ....برضه مش هسيبك 

ساد الصمت قليلا ليستجمع جاسر شجاعته وهو يقول بينما يفرك يداه بثقل : ماس . ... احنا لازم نقولهم 

دون إرادتها انفلتت زفره ثقيله من صدرها وهي تقول بنبره قاطعه : قولتلك مش عاوزة اتكلم دلوقتي في الموضوع ده 

قبل أن يقول شيء كانت تقوم من جواره وتعود الي غرفتها ليتنهد جاسر ويفرك وجهه بيأس ..... يشعر بما تعانيه ويحاول إخراجها من حاله الحزن التي تملكت منها بضراوة ولكنها مازالت منغلقه علي نفسها فلايدري ماذا يفعل ولكنه بكل الاحوال لن يضايقها ويفرض عليها موقف لن تحتمله لذا سيمتثل لرغبتها ولن يتحدث الي أهله أو أهلها بخصوص هذا الأمر ......تعالي رنين هاتفه ليجده رقم والدته الذي رن بإلحاح بضع مرات .....

اجاب جاسر علي هاتفه لتتغير ملامح وجهه علي الفور بضيق شديد حينما أتاه صوت مي تعاتبه : كده برضه ياجاسر مردتش عليا الا لما كلمتك من تليفون ماما 

هتف جاسر بضيق ....لايريد سماع صوتها ناهيك عن عتاب منها : عاوزة ايه يامي ؟! 

غص حلق مي لتقول : انت واخد مني موقف ليه ياجاسر و بتكلمني بالطريقه دي وكأنك مش طايقني 

سحبت نفس عميق ثم تابعت بدفاع عن نفسها : عملت ايه انا عشان تاخد مني موقف ... كل ده عشان خوفت عليك و مخبتش عنك اللي عرفته 

غامت عيون جاسر بتلك الذكري لتتابع مي بصوت متأثر لكونها دوما المكروهه وسط الجميع مع انها لم تفعل شيء سيء ....أنها فقط أخبرته بما اخفته عنه زوجته !!

والكارثه حقا لا تكمن في ارتكاب الأخطاء بل تكمن في اقتناعنا بمبررات زائفة لفعلها واقتناعنا اننا لم نفعل شيء خاطيء وهنا تتوقف الأقلام وتتوقف الكلمات عن نطق شيء مادام الإنسان بداخله لايعترف بخطاه إذن فأي كلام ليس أكثر من مهاترات تستنزف الروح والعقل 

: انا غلطانه اني قولت حاجه ...كنت سكتت 

انفلتت أعصاب جاسر التي لا تحتمل اي شيء كما انفلتت شفتاه بينما يزجرها بضيق : عاوزة ايه ...بتتصلي بيا ليه ؟!

اجتاحت الدموع عيون مي لتقول بعتاب ظنت أن لها حق به لتقول بنبره ضعيفه : مش عاوزة حاجه ياجاسر ....انا بس كنت بكلمك اطمن عليك واشوفك مش بترد عليا ليه ...انت اخويا الوحيد 

كور جاسر قبضته بضيق شديد ليحاول أن يسحب نفس عميق الي داخل صدره الضائق وهو يقول : ماشي يامي

انفلتت شفتيها بشكواها لتقول بصوت منكسر : انا مسافره ...

عقد جاسر حاجبيه دون قول شيء لتتابع مي : مالك اتنقل ومصمم اسافر معاه ....

فرك جاسر وجهه بينما تابع استماعه بصمت لكلمات مي التي تابعت بأسي : يرضيك يا جاسر يبعدني انا وادم عن بيتنا وحياتنا وعن ماما وبابا ..... كلمه ياجاسر يسافر لوحده وانا استناه 

رفع جاسر رأسه من بين يده قائلا : وانا مالي ؟!

انصدمت مي مما نطق به لتقول بوجل : ايه ؟!

هتف جاسر من بين أسنانه : اللي سمعتيه يا مي ....انا ماليش دعوه ومش هتدخل بينك وبين جوزك ....عندك بابا خليه يكلمه 

انفلتت الدموع من عيون مي بينما خذلها أخيها لاول مره بعد أن ظنته الوحيد الذي سيقف أمام زوجها الذي خيرها بالسفر أو الانفصال 

: كده برضه ياجاسر .... بتتخلي عني 

قال جاسر بثبات : بابا يتدخل احسن ...تدخلي هيزود المشكله 

قالت مي بهجوم من بين دموعها : كل ده عشان ماس .....طبعا هو يتحمق ويولع الدنيا عشان أخته وانت تسيبني .... وتلاقيها اصلا فرحانه في اللي حصلي 

قاطعها صوت جاسر الحانق : بس ..اسكتي ومتجبيش سيرتها في كل كلمه تقوليها 

احتدت نبرته وتابع بهجوم شديد يفرغ به ضغطه : عملتلك ايه عشان كل شويه تجيبي سيرتها ...ها 

زفر بضيق شديد ليزداد الحقد بقلب مي من دفاع الجميع عنها ليعمي تفكيرها وتنفلت كلماتها المهاجمه : كل ده بسبب عمايلها ....اخوها قاصد يبعدني عن اهلي زي ما انت بعدتها ....بيجيب حقها وخصوصا أنه عرف اللي كان بينكم زمان ...!!

ظلت مي ممسكه بالهاتف الذي انقطع صوت جاسر من خلاله بعد ما نطقت تلك الكلمات التي قالتها بدون تفكير لتنتفض من مكانها علي صوت ماجده التي انصدمت ملامحها بعد أن استمعت لتلك الكلمات التي نطقت بها ابنتها لتقول بعدم استيعاب وهي تنظر إلي ابنتها بعيون متسعه : 

انتي قولتي ايه ؟! 

ابتلعت مي بصعوبه وهي تلتفت الي والدتها التي تسمرت أقدامها مكانها من الصدمه لتقولبتعلثم : ماما ... .قاطعتها ماجده بهياج شديد : ماما اييييييه ....؟!! 

اقتربت منها تزجرها بعدم تصديق : انتي ايه اللي قولتيه لاخوكي ده .......ده حصل فعلا ولا بتقولي اي كلام ....

توترت كل ملامح مي ولم تجد اجابه لتزجرها ماجده بعدم تصديق : انتي اللي قولتي لمالك ؟! 

قالت مي بتعلثم : ماهو ....م....قاطعتها ماجده بصياح : 

ماهو ايه ...ماهو ايه ....؟! وكزتها بكتفها وهي تتابع بعدم تصديق :: حد يعمل عملتك .....

انتي غبيه .....ايييييه اللي عملتيه ده ؟!

قالت مي برجاء وهي تتلفت حولها : ماما وطي صوتك بابا هيسمع 

هتفت ماجده بعصبيه من تصرفات ابنتها الطائشه : وانتي خايفه من ابوكي ومش خايفه من جوزك ولا من اخوكي .....انتي مجنونه 

قالت مي بتبرير بينما كعادتها تفعل المصيبه سريعا وتندم علي مهل : ياماما ماهو لساني فلت غصب عني يوم الخناقه ....قلبي اتحرق من ماس وكنت عاوزة انتقم منها 

قالت ماجده بعصبيه : فلت ايه ....!! 

انتي كنتي قاصده ......قاصده تولعي حريقه ياغبيه ..... ولعتي نار بين اخوكي وجوزك 

ماس هيحصلها ايه ماهو اتجوزها خلاص .....وتنتقمي منها في ايه ....دي لولا كلامها أن صاحب جاسر هو اللي قاله كان زمانك متطلقه . . 

ضربت ماجده علي ساقيها بيدها وهي تتخيل ما قد يحدث لتهتف بمي بعصبيه ممزوجه بالقهر : وقعتي بين الصحاب منك لله .....منك لله علي اللي عملتيه 

هزت راسها وتابعت : وانا بقول جوزك واخوكي ايه اللي حصلهم اتاري من كلامك .....منك لله ...اقول عليكي ايه ؟!

اشاحت مي بوجهها تحاول الهروب من نتيجه أفعالها : هو كل حاجه انا 

زجرتها ماجده بغضب : اخرسي .....انتي لسه هتتكلمي

حاولت مي امساك كتف والدتها برجاء : ماما اسمعيني 

أبعدت ماجده يد مي بغضب : اوعي كده وامشي من وشي .....امشي مش عاوزة اشوفك 

......لمعت الدموع في عيون مي تقول بعتاب : بتطرديني ياماما 

زفرت ماجده بغضب : اه عشان مش عاوزة اشوف وشك 

لتنظر لها وتسأل وهي تفرك وجهها : اخوكي عمل ايه لما قولتي كده 

هزت مي كتفها بتوتر : مقالش حاجه ... قفل التليفون 

قالت ماجده وهي تضرب صدرها بيدها : ياريت تيجي علي كده وبس ......ياريت تيجي علي كده وبس 

: في ايه ؟!

التفت مي بتوتر الي زيدان الذي وقف علي باب الغرفه لتنظر الي والدتها برجاء وهي تقول لأبيها :: مفيش 

نظر زيدان إليهم بريبه ليضع ادم الذي كان يحمله أرضا 

وينظر الي ماجده قائلا : ماجده في ايه 

هتفت ماجده وهي تتهرب من نظراته : مفيش يازيدان مش عاجبني انها مش عاوزة تسافر مع جوزها واتخانقنا انا وهي  

تهربت وهي تتجه الي باب الغرفه : انا هقوم اشوف اللي ورايا 

اوما زيدان ليقول لمي بهدوء : تعالي يامي عاوزك في كلمتين 

اتجهت خلفه ابيها بتوتر بالغ : نعم يابابا 

اشار لها زيدان برفق ؛ اقعدي 

جلست مي تنظر لأبيها بترقب ليقول زيدان بحنان :: ايه اللي مضايقك انك تسافري مع جوزك 

قالت بتعلثم وهي تحاول السيطرة علي خوفها مما قد يحدث بعد ما قالته لجاسر : ماهو هسيب حياتي هنا 

قال زيدنن بهدوء : حياتك مع عيلتك مش كده ولا ايه 

أومات مي ليكمل زيدان بعقلانية : جوزك طيب وابن حلال وكل مدي ما بيكبر في نظري باللي بيعمله .....واحد غيرة مكنش صبر عليكي وعلي تصرفاتك الطايشه 

أومات مي تجاري ابيها بينما عقلها كان بكلمات والدتها التي كانت كناقوس خطر دق براسها بعد فوات الاوان لتعترف أنها غبيه للغايه بعد ما فعلته ....صمت مالك ولكنه سرعان ما كان يسدد لها عقابها والان جاسر صمت أيضا فهل سيكون لها عقاب .... ؟! 

.......

فرك جاسر وجهه بانفعال شديد بينما اخذ يكور قبضته ويعض عليها بغضب شديد يكبحه بداخله حتي لا تشعر ماس بشيء ..... !

اعتدل واقفا وهو يحاول تنظيم أنفاسه الغاضبه بينما يتجه الي ماس .....

حاول السيطرة علي غضبه وهو ينقي نبرته قائلا : ماسه حبيتي  

رفعت وجهها إليه ليتجه الي جوارها قائلا برفق شديد : 

ماسه معلش ممكن اسيبك ساعه واحده بس

أومات قائله : انا كويسه متقلقش 

ابتسم لها بحنان قائلا : مش هتأخر .... هروح بس المديريه اخلص حاجه وارجع علي طول 

أومات له بصمت ليمد يداه الي ريموت التلفاز قائلا : اتفرجي علي فيلم ولا حاجه تتسلي بيها 

أومات له ليتنهد جاسر وهو يتطلع الي حالتها التي تمزق قلبه الذي لا يطاوعه علي تركها ولكنه يجب أن ينهي هذا الحريق المشتعل بداخله ..... قام من جوارها واتجه الي جانب الغرفه ليحضر لها ذلك الحاسوب الذي مازال بعلبته حتي اليوم ليضعه امامها قائلا وهو يمرر يداه علي خصلات شعرها : انتي لسه مفتحتهوش ..... اتسلي شويه علي ما ارجع 

أومات له ليبتسم لها برجاء وهو يتابع : 

ماس خدي بالك من نفسك 

هزت راسها : انا كويسه 

نظر لها وتابع برجاء أكثر : لو ليا خاطر صغير عندك متعيطيش لوحدك 

أومات له ليقبل جبينها وينصرف ......وما أن وضع قدمه بسيارته حتي ترك العنان مجددا لغضبه ليضغط علي دواسه الوقود بسرعه يقطع الطريق وعيناه بدأت تنزاح تلك الغيامه من فوقها وهو يرتب الأحداث برأسه ......

..........

...روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

عقد زيدان حاجبيه وهو يستمع لتلك الطرقات الصاخبه علي الباب ليسرع بانهاء صلاته قبل أن يتجه الي الخارج 

بينما أسرعت ماجده تجاه الباب تفتحه لتجد جاسر امامها ولكن قبل أن تستقبله بلهفه كان يهتف بصوت جهوري وهو يدلف الي الداخل كالمجنون صائحا : هي فين ....هي فييين ؟! 

قبل أن يسأل مره اخري كان يجد مراده المتمثل في مي أمامه التي انتفضت من مكانها ما أن اتجه جاسر إليها بخطوات غاضبه افزعتها كما افزعها صوته الذي صرخ بها وهو يقبض علي ذراعها مزمجرا : انتي عاوزة ايه ....عاوزة اييييه باللي عملتيه ؟!

قالت مي بتعلثم ورجاء ؛ جاسر والله غصب عني ... مقصدتش هو اللي ...

قاطعها جاسر صارخا : ....هو اللي ايه ...؟! هو اللي ايه بالضبط فهميني ؟! ...قولتيله ايه 

قولتي ايه عنها ؟! 

هزت راسها بخوف : مقولتش انا ...قاطعها جاسر مجددا بصوت جهوري : اخرسي ....انا مش عاوز اسمع صوتك .....مش طايقك انتي شيطان مش بني ادمه .....

حاولت ماجده أن تحول بينهم وهي تعطي لابنها كل الحق فيما يفعله ولكن زيدان كان قد خرج مسرعا يهتف : في ايه ؟! 

....تفاجيء بوجود جاسر ليعقد حاجبه : جاسر في ايه ؟!

هتف جاسر بغضب شديد بينما لم يعد يحتمل الصمت أكثر لينفجر بنبره بالرغم من شدتها إلا أنها حملت انكساره : في أن ابني ضاع بسببها 

انصعقت ملامح الجميع بينما يحاولون تبين صحه كلامه ولكن غضبه المتوهج لا يعطيهم فرصه للتساؤل 

شهقت ماجده بهلع وهزت راسها بهستريا : جاسر انت بتقول ايه ؟!

وضعت مي يدها علي فمها بينما تجمدت ملامحها من الصدمه وهي تهز راسها : انت ...انت بتقول ايه ....

نظر لها جاسر باتهام شديد وهو يهتف بها : بقولك اللي حصل ...ابني مات ..ابني مات بسببك 

هزت مي راسها وطفرت الدموع من عيونها بينما لم تتخيل أن تكون سبب في شيء كهذا : لا لا انا معملتش حاجه 

صرخ بها جاسر بانفجار : اخرسي اخرسي ومتنطقيش كلمه 

حاول زيدان التمسك باعصابه ليمسك بذراع جاسر يوقفه : جاسر اهدي وفهمني ياابني ايه اللي حصل ؟! 

بكت ماجده بقلب منفطر وهي تترجاه : قولي ياابني ايه الي حصل ؟! 

دار جاسر حول نفسه بهياج وضياع وهو يهتف وكأنه يحدث نفسه : اللي حصل .....اللي حصل أن اللي قاله مالك صح .....حصل واختي اتصنت علي مراتي وأخوها .....حصل وجت وحكتلي وانا زي الغبي سبت عصبيتي تمشيني 

تغضنت نبرته بالندم وهو يتابع : انا السبب .....انا اللي كنت سبب موت ابني ....اشار الي مي باتهام : كل ده حصل بسببها ...ابني راح بسببها 

قالت ماجده ببكاء حار وهي لا تستوعب تلك الصدمه كما حال زيدان الذي تلجم لسانه : جاسر ....لم تحتمل أن تكمل جملتها بينما نكس زيدان رأسه بخزي وهو يردد : لاحول ولا قوة الا بالله 

هزت مي راسها وقالت بدفاع عن نفسها : لا ياجاسر .....انا 

قاطعها جاسر صارخا : اسكتي خالص .....انتي لسه هتكذبي 

انحني جاسر بغضب تجاه هاتف مي الملقي علي الطاوله ليرتجف قلب مي بينما يفتش جاسر به وهو يعرف عن ماذا يبحث تحديدا وبلحظه كان يرفع الهاتف أمامهم بينما انسابت كلمات ماس والتي استمع سابقا لجزء منها فقط لينحر الندم قلبه بضراوة للحظات وهو يستمع إلي باقي حديثها قبل أن يفرغ ولو قيد أنامله من غضبه بهاتف مي الذي ألقاه بالحائط ليسقط أشلاء 

صارخا : انا غبي ......صدقتها ......صدقتها .....

اندفع الي مي التي تجمدت أقدامها بالأرض بينما يدفعها جاسر بغضب من نفسه أكثر من أخته : كله منك ....بسبب كلامك وكدبك 

كرهتها ومكنتش قادر ابصلها قالتلي اسمعني مسمعتش 

قسيت عليها و سبتها لوحدها وهي بتقولي تعبانه 

مكنتش راجل واخدتني الكرامه وانا زعلان من كلامها عليا اللي هو اصلا صح .....حتي لو مدافعتش عني هي مقالتش حاجه غلط. . ..... كنت بستقوي عليها بصوتي وعصبيتي....كان ممكن اسامحها في أنها خبت عليا مشكلتها بس بسببك وبسبب كلامك مقدرتش ابصلها 

وكرهتها وقسيت عليها .......كله بسببك 

ترجته ماجده وهي تبعده عن مي التي كانت ترتجف من شهقات بكاءها : جاسر اهدي ياابني وغلاوتي عندك اهدي 

هيجرالك حاجه 

هتف جاسر بانكسار وهو يترك مي ويدور حول نفسه : يجرالي ايه اكتر من اللي جرالي 

نظرت له ماجده بقلب منفطر وهي تسأله بلسان ثقيل : ماس ...ماس كويسه ؟! 

نظر إلي والدته بعتاب : انتي ايه رايك ....واحده في حالتها هتكون كويسه ؟! 

هزت ماجده راسها بكمد بينما بحث زيدان عن كلمه ينطقها ولكنه لم يجد وهو يري أفعال ابنته الشنعاء التي جعلت مصيبه كتلك تحل فوق رؤوسهم .....

بينما حاولت مي الدفاع عن نفسها ببكاء شديد : جاسر والله انا مكنتش متخيله الموضوع يوصل لكده 

زمجر بها جاسر : اخرسي 

أمسكت ماجده بكتف ابنها تحاول تهدئته : اهدي ياجاسر 

ابعد جاسر يد والدته عنه واتجه الي مي ليرفع إصبعه في وجهها بوعيد : من للحظه دي لا انتي اختي ولا اعرفك مش عاوز اشوف وشك تاني ومالكيش اي علاقه بمراتي لو قربتي منها من قريب أو من بعيد مش هقولك هعمل فيكي ايه ....لو فتحي بوقك ونطقتي بكلمه عن اللي حصل لها لاخوها مش هرحمك 

لم يستطيع السيطره علي غضبه أكثر ليمسك ذراعها بغضب ويتابع بوعيد : انا قولتلها تخاف مني وهي ملهاش ذنب دلوقتي بقي انتي اللي تخافي مني..... عشان لو فكرتي تاذيها تاني قسما بالله هخرب بيتك زي ما خربتي بيتي .....فاهمه 

اندفع من الباب لتحاول ماجده اللحاق به ولكن زيدان أوقفها مكانك لتنظر له برجاء : زيدان خليني ألحقه 

هتف بها زيدان بغضب : اسكتي .....مش وقت كلام حسابي معاكي ومع بنتك اللي معرفتيش تربيتها بعدين ....تركها واسرع خلف جاسر يناديه : 

جاسر ....

لم يتوقف جاسر الذي اسرع الي سيارته ليلحق به زيدان ويركب بجواره وسرعان ما كان جاسر ينطلق بسرعه غاشمه تركه زيدان يقود بها لعله يفرغ ولو جزء من غضبه ليجده يتوقف تلقائيا بعد قليل ويلتفت الي ابيه بانهزام قائلا : اعمل ايه يابابا .....ظلمتها .....ظلمتها كتير اوي 

مكانتش تستاهل مني كده ....اعييش ازاي وانا عارف اني السبب في موت ابني ....

ربت زيدان علي كتف ابنه الذي تابع بقهر : انا مؤذي واذيتها بس غصب عني بحبها ومتحملتش تشوفني كده 

.....قلبي محروق يا بابا عليها وعلي اللي حصلها وحصل لابني بسببي .....والله الغيرة عميتني ومقصدتش يحصل ليها كل ده ....انا بحبها ومقدرش اعيش من غيرها .....خوفت تبعد عني والغيرة حركتني ....مقدرش اقولها أن اختي السبب ....مقدرش احكيلها انا عملت كده ليه .....مش عارف اعمل ايه يابابا .....؟! 

ضم زيدان ابنه إليه وربت علي كتفه هاتفا : هتعدي يا جاسر ... ياما الحياه الزوجيه بتمر بأزمات والحب هيخليكم تتجاوزوها مع بعض ....ماس طيبه وبتحبك وانت بتحبها وهتعرف ازاي تداوي جرحها 

نظر جاسر لابيه : تفتكر هقدر ؟!

اوما زيدان بثقه : هتقدر أن شاء الله .....

عوضها ياابني. .... عوضها عن كل اللي حصل ...! 

......


وهذا ما ظل جاسر يحاول فعله طوال الأيام الماضيه .... يحاول تعويضها برفق وحنان عن كل ما عاشته لعله يخفف من ندمه علي أفعاله معها ..... شهر مضي وربما أكثر بكل الاحوال لم تعد ماس تحسب الأيام التي مرت ككل شيء مضي ليس لأنها تجاوزته بل لأن بكل الاحوال الزمن يمضي ولا يتوقف ليمنحنا فرصه لمداوة جروحنا أو اوجعانا .....احيانا يكون مرور الزمن ميزة بينما كل يوم يمضي يقل ويخف الوجع الذي نظنه وقتها لن يمضي واحيانا يكون مرور الزمن موجع أكثر بينما نختنق بذكريات وندم علي ما مر من العمر ولم نفعل ما علينا بالشكل الصحيح ولكنه بكل الاحوال يمضي كما مضت تلك الأيام علي ماس التي كانت تحاول بالفعل تجاوز ماحدث .....وضعت نقطه ولم تعد إليها بل حاولت أن تسير الي الامام دون النظر خلفها مهما تكالبت عليها الذكريات التي ستعيدها الي تلك الأفكار .....قررت أن تمسك بيد جاسر الذي مدها لها بكل الحب والاحتواء وتتجاوز ولكن عميقا بداخل قلبها كان هناك ذلك الفراغ الذي ماثله امتلاء بداخل عقلها ....عقلها الذي رفض أن يمضي كل ما مضي دون مراجعه .....لم تتحدث معه بشيء مما مضي وهو لم يحاول فتح الحديث امتثال لرغبتها وايضا لانه باختصار لا يجد دفاع عن نفسه .... حاول بقدر جهده أن يعوضها لعل حبه وحنانه يشفع له عندها بكل ما اقترفه من آثام نتجت فقط من تهور وطبع متملك منه ..... يشعر ولا ينكر بأنها مازالت تحمل بقلبها عتاب قاسي له حتي ولو لم تنطقه بلسانها ومهما حاول أو أظهرت هي أن كل شيء مضي ظل ذلك الشعور مسيطر عليه كما هو مسيطر عليها في مشاعرها التي لا تستطيع تزيفها .....فهي بجواره ولكنه يشعر بها بعيده ووحيده مهما اقترب .... لم تعد تتحدث كثيرا ولم تعد تشاركه بشيء ولم يكن هذا عن قصد ولكن وكأنها عفت عن الحديث أو المشاركه وتقبلت أن تسير حياتها دون تدخل منها ....لم تعد تقترب منه ولو لم يفعل هو تبقي بعيده ..... ايام تتهرب من تواجده بقربها بالنوم وايام أخري بالبقاء مع ياسمين وفيروز الذين لم يتركوا بعضهم طوال تلك الايام .... لم تتهرب منه وحده وكانت تتهرب من الجميع بعائلتها فلم تذهب لزيارتهم مره طوال تلك الايام وامتثل جاسر لرغبتها وتعللت هي بكل الحجج فتاره تخبرهم أنها ستقضي الإجازة برفقه جاسر في أي مكان وتاره تخبرهم أنها ستكون برفقه أصدقائها وتاره وتاره....كلما أراد أحدهم المجيء إليها ازدرعت الحجج والاعذار .... وجاسر يري ولا يعارض ويتركها لراحتها بينما وقف عاجزا عن إيجاد علاج لما تمر به والذي تلخص في انفجار تعبر به عن كل مشاعرها ولكنها حتي الآن لم تنفجره فبقي بداخلها مدفون عميقا ولكنه يوجج مضجعها وتهرب من اي تفكير بحجه أن ماحدث قد حدث ... كانت تلك طريقتها في تجاوز ماحدث والتي كانت نوع داخلي من الهروب كما حال ياسمين التي هربت هي الأخري من مواجهه لم يكن لها وقت مناسب بينما قضي صالح تلك الأيام الطويله بالعلاج .....ذلك اليوم كل ما قاله رافت 

Flash back 

: استني يا بنتي 

التفتت الي رافت الذي قال بوهن : مينفعش تسيبي صالح في اللي هو فيه 

فتحت فمها لتتحدث : لازم اخرج من حياته 

اوما رافت قائلا بينما ينازع شعوره بالذنب تجاه تلك الفتاه التي تقبلت ما حدث بصمت يطحن العظام طوال ذلك الشهر : هو محتاجلك مينفعش تسيبيه دلوقتي 

Back

وبالفعل قلبها لم يطاوعها علي تركه بمحنه مرضه وبقيت معه وهي تفعل منا فعلت ماس ...تهربت من المواجهه ولم تعطيه فرصه لشرح أو تبرير فكلما أراد صالح التحدث كانت لا تغير اجابتها : المهم صحتك دلوقتي 

لتمضي تلك الأيام بينهم بصمت اقتنته كما فعلت ماس 

فكل منهما أغلقت علي جروحها برغبه مؤقته منها كما فعلت ياسمين التي انتظرت الوقت المناسب أو كما فعلت ماس بتجاهل جروحها والتظاهر انها بخير .

والكل مننا له طريقته في عبور الايام ....عماد بقي مع مكرم وهو يهرب من ماضيه 

زياد يهرب من صورتها التي تفارق خياله بالانغماس في حياته الطائشه 

مي تتهرب من شعورها الجارف بالذنب الذي وازي شعورها المقيت بالنبذ من كل من حولها وهي تحاول دفن نفسها بحياتها التي اقتصرت على طفلها بينما ابتعد عنهم الجميع واولهم زوجها الذي يشاركها حياه بارده وكل منهم في طرف .... ولاول مره لم تجد في نفسها القوة علي الاقتراب منه بينما صورتها البشعه في عيون نفسها لا تفارقها ولأول مرة تعترف انها تستحق ما تعيشه من نبذ من كل من حولها ..... لاحظ مالك عدم طلبها طوال ذلك الشهر زيارة أهلها بل بسكون كانت تخبره أنها لا تستطيع السفر لظروف حملها وهو بالرغم من علاقته البارده معها إلا أنه كان حريص علي عرض زيارتها لأهلها كل إجازة له وهي من كانت تعتذر ليلاحظ سكونها ووجومها بينما حتي اتصال هاتفي بينها وبين ابيها أو أخيها أو والدتها لا يراها تفعله ليشعر أن هناك شيء خاطيء ولكنه ثابر ولم يسألها وهي الأخري مالت للصمت ولكن صمتها كان بسبب علو صوت الذنب بداخلها كلما شعرت بحركه جنينها الذي انحرمت زوجه أخيها من نفس الشعور بسببها ....حاولت كثيرا الاعتذار عن نفسها مع نفسها بأنها لم تكن تتخيل أن يصل الأمر الي هذا ولكن عبثا فهي مذنبه .....مذنبه وتستحق باعتراف لأول مرة تعترف به لنفسها !

لتحيا بعقده ذنب لن يمنحها أحد الفرصه به لطلب الغفران .....!

..........

....

بهدوء وصمت اتجهت ماس الي الشرفه بعد أن أخذت كول من القهوة التي اعتنقت شربها دوما عكس ما كانت تفعل لتأخذ كتبها وتجلس تتطلع الي هاتفها الذي يضيء باسم ريم صديقتها التي لم تمل ولم تكل من الاتصال بها وتاره ماس تجيب وعشرات المرات تعتذر وتتعلل بالانشغال فهي لم تفتح جراحها أو تتحدث بها مع أحد بينما بداخلها تدرك أنها ستنهار أن تحدثت لذا أثرت الصمت ..... تناول جاسر قهوته وهو يرتب تلك الملفات التي غرق بها طوال اليومان الماضيان في عمل روتيني مقيت ينهي به خدمته بالصعيد بينما بداخله يصبر نفسه أنه سيسعدها بخبر عودتهم الي منزلهم واخيرا ليتنهد بتأمل أن عودتهم ربما تعيد إليها اشراقتها خاصه وأنه قرر مساندتها بعملها وعدم الوقوف بطريق عودتها الي عملها لعل شغفها بالحياه يعود 

رفع عيناه تجاه العسكري الذي دخل مسرعا الي مكتبه : جاسر باشا في اخباريه مستعجله ....خناقه كبيرة بالسلاح 

اوما جاسر وقام سريعا وهو يرتدي سترته الجلديه ويضع سلاحه بخصره بينما يصدر أوامره الي العسكري بتجهيز قوه للتوجه الي مكان المشاجره ...

..........

....

بصعوبه استند صالح الي هذا العكاز الحديدي وهو يعتدل واقفا ويسير ببطء تجاه باب الغرفه التي يبقي بها وحده ليلا منذ عودته من المشفي بينما جهزت له والدته غرفه بالطابق السفلي لانه لا يستطيع الصعود وياسمين تهربت من البقاء بجواره ليلا وبقيت بالاعلي بالرغم من أنها لم تتركه لحظه وحرصت علي تناوله ادويته و الاهتمام 

بكل ما يخصه وهاهو اليوم يستطيع الوقوف علي قدمه ولو بمساعده العكاز ليتجه الي الدرج ودقات قلبه تسبقه اشتياقا لها ....لم يعد يحتمل ابتعادها. ....سيعتذر لها الآلاف المرات لتسامحه ...لن ييأس من طلب الغفران 

انها جوهرة ثمينه لايستكيع التفريط بها ولا بقلبها النقي الذي عكره كثيرا بجرحه لها ....

فتح باب غرفتها بهدوء واتجه ناحيه فراشها حيث نامت ليظل واقف مكانه يتطلع الي ملامحها باشتياق كبير فلم يشعر بمرور الوقت ولا بألم ساقه التي لم تشفي بعد 

...........

...

بصوت جهوري وانفعال قلما كانت تراه فيروز بمهران كان يهتف متبرطما ما أن أتاه هذا الاتصال : ملعون دي ارض .....اقفل انا جاي 

: مهران في ايه ؟!

لم يستمع إلي سؤالها بينما كان يسرع لأخذ عباءته وينصرف بخطوات غاضبه تارك فيروز لحيرتها في معرفه سبب غضبه 

........

...

نزل جاسر من سيارته مسرعا تجاه تلك المشاجره الحاميه التي تناثرت بها الإصابات وتعالي بها الصراخ وارتفعت بها الأيدي مهدده بالاسلحه ليسحب سلاحه الناري وسرعان ما يطلق طلقتان بالهواء لتفريق الناس الذي توقفوا مكانهم سريعا ما أن تعالت الطلقات الناريه وتبعها صورت صفاره سيارة الشرطه التي لحقت بجاسر الذي وقف يتبين ما يحدث ليتفاجيء بهولاء الحرس ذوي الاجسام الضخمه يسددون سلاحهم تجاه أحد الرجال الذي قيد امراه غريبه وهدد بقتلها بينما وضع سلاحه برأسها 

زمجر جاسر بلهجه أمره : كله ينزل سلاحه 

انصاع الحارسين سريعا بينما هدد الرجل بيأس : هخلص عليها ....دي طردتنا من شغلنا 

زمجر جاسر به بنفس لحظه رفع تلك المراه وجهها تجاه جاسر الذي اتسعت عيونها بعدم تصديق لرؤيته بعد تلك السنوات : بقولك نزل سلاحك وسيبها .....

حاول الرجل المماطله لحظه ولكن سرعان ما كانت طلقه أخري تنطلق من سلاح جاسر كافيه بتراجعه ليلقي سلاحه ويترك المراه التي أخذت تتنفس برعب منا عاشته تلك اللحظات .....

اشار جاسر الي العساكر بأخذ الجميع الي القسم بينما اتجه الي تلك المراه التي اسرع الحراس يساعدوها علي الوقوف ليقول بدهشه : سلمي ! 

تنفست المراه وهي تهز راسها بأنفاس لاهثه : كانوا هيموتوني يا جاسر ....

التفت جاسر تجاه مهران الذي وصل خلفه سريعا ليهدر بالرجال : ايه اللي حصل ؟!

بدأ أحدهم بالشرح : الست دي جت بالرجاله اللي معاها تخلي الأرض اللي بتقول أن فاروق باعها ليها 

نظر جاسر ومهران لبعضهم لتوضح سلمي : جوزي الله يرحمه عبدالله العصافيري اشتري الأرض وانا بقالي شهور بحاول اخدها وفاروق ده كل شويه يماطل وفي الاخر قالب منك للعمال 

زمجر مهران بها : اشتريتي امتي وباع امتي 

ركزت سلمي نظراتها علي جاسر توضح له : انا معايا كل الاوراق في العربيه 

اوما جاسر قائلا : هنفتح محضر ونشوف 

نظرت له بتوجس : محضر 

اوما جاسر : اكيد .....لو حاسه انك احسن اتفضلي معايا 

ياسلمي نخلص الموضوع 

هزت راسها وابتلعت بوجل : بس انا معملتش حاجه ....هما اتهجموا عليا 

هز جاسر رأسه : هنثبت كل ده ....

..........

....

نظرت ياسمين الي صالح الذي تفاجئت بوجوده : صالح ! انت طلعت ازاي ورجلك 

قاطعها صالح بنبره هادئه وهو يتجه الي جوارها : انا اسف 

تهربت وهي تغادر الفراش : صالح مش وقت كلام 

تنهد صالح بثقل : امال امتي وقته ....ياسمين انتي من وقت اللي حصل ومش مدياني فرصه اتكلم معاكي 

هزت كتفها وهربت بعيناها من عيناه : ميعاد الدوا بتاعك قرب .... تعالي ارجع اوضتك و....

امسك بيدها وقاطعها : ياسمين اسمعيني 

صمتت ولكنها هزت راسها : مش عاوزة اسمع حاجه 

رفعت عيناها إليه وتابعت : انا اللي هتكلم المره ده 

نظر لها : اتكلمي وقولي اللي انتي عاوزاه ...حقك 

استجمعت ياسمين شجاعتها لتنطق بقرارها الذي اجلته للوقت المناسب 

: صالح انا استنيت انك تتحسن عشان امشي وانا مطمنه عليك 

عقد حاجبيه باستنكار : تمشي !

أومات ياسمين وعادت لتخزلها نظرات عيونها التي ابعدتها عن نظرات عيناه الملتاعه :انا لازم أخرج من حياتك ! 

.........

....

ضحك مهران قائلا : صدفه ياجاسر 

اوما جاسر : اه طبعا صدفه ....اصلا من سنين معرفش عنها حاجه 

شرد قليلا وهو يتذكر تلك الفتاه التي عرفها بوقت من الاوقات والتي لم تشبه تلك المراه التي أصبحت عليها ليقول : بس اتغيرت اوي ..... كانت غير كده خالص 

رفع حاجبه وتابع : اتجوزت رجل اعمال وورثت منه ثروة كبيرة 

زفر مهران قائلا : ابن ال ...فاروق باع الأرض 

كده جاب آخره معايا 

هز جاسر رأسه : بسببه كان ناس كتير هتموت 

اوما مهران مزمجرا : انا اللي غلطان اني كتبتله الأرض دي ....بس ملحوقه 

........

....

: صالح ....صالح 

تعالي صوت ليليان القلق تبحث عن صالح الذي لم تجده بغرفته ليقاطع صوتها حديثه مع ياسمين أو ربما يمهله بعض الوقت حتي يرجعها عن قرارها الذي اتخذته بتركه 

: انا هنا ياامي 

اتجهت إليه بقلق : انت كويس 

اوما لتنظر الي ياسمين : صباح الخير يا بنتي 

أومات ياسمين لخالتها : صباح النور يا طنط 

: يلا انا جهزت الفطار .....بنفس اللحظه دخل رافت قائلا باقتضاب : صباح الخير 

اتجه الي صالح ليسنده وينزله الدرج لتجلس ياسمين علي طرف الفراش بكمد وعيناها معلقه علي الخزانه التي حان الوقت لافراغها والابتعاد لترفع راسها علي صوت الجرس الذي تعالي ومعه تعالت تلك الأصوات 

كان للتو صالح يضع ساقه علي اخر الدرج حينما فتحت ليليان الباب وسرعان ما دخلت منه مها الباكيه ترتمي بين ذراعي رافت : الحقني يا عمي. ...البنك حجز علي البيت وطردوني منه .....انا مبقاش ليا حد غيرك 

أغمضت ياسمين التي وقفت اعلي الدرج عيناها لحظه بينما لم يعد هناك مفر من رحيلها وهذا الذي أدركه صالح وهو يرفع عيناه تجاه ياسمين التي انسحبت الذكي غرفتها وعرف أنها اتخذت قرارها بتركه ولكنه لم يسمح لها ليتحامل علي ساقه ويصعد إليها .....نظر إلي حقيبتها التي كانت تجمع بها ملابسها : ياسمين 

قالت دون أن تنظر له : لو سمحت ياصالح تطلقني انا مبقاش ليا وجود في حياتك ....اصلا انا مكنش ينفع اكون في حياتك بأي شكل من الأشكال 

هز صالح رأسه : انا حياتي من غيرك ولا حاجه 

أغلقت الحقيبه ووضعتها أرضا : بالعكس حياتك فيها حاجات كتير احسن مني ...انت مجاش ليك من ورايا الا المشاكل ...احنا لازم ننفصل

هز صالح رأسه وسرعان ما أدار المفتاح بالباب يوصده هاتفا : مش هسيبك تبعدي عني ...ياسمين انا بحبك 

.......

.....

ابتسم جاسر الذي خرج لتوه من الاستحمام ووقف يصفف خصلات شعره ويتطلع من خلال المراه الي ماس التي أنهت صلاتها وقامت تخلع رداء الصلاه وهي تجيب عليه : تقبل الله يا حبيتي 

: منا وإياكم 

اتجه إليها ليجلس بجوارها علي طرف الفراش ويبتسم لها مداعب وجنتيها برقه : عندي ليكي خبر حلو 

نظرت له بصمت تحمله كما تحمل تلك الأيام ليقول بحماس : احنا راجعين بيتنا بكره 

نظرت له لحظه بعدم تصديق قبل أن تتسارع دقات قلبها ظنه جاسر حماس وسعاده وهي تظاهرت بهذا ولمن بداخلها كان خوف وتوتر من اللقاء .....لقاء بالجميع ولقاء بجروحها التي ستنفتح من جديد مع سؤال ومواساه عما حدث بينما لم يعرف احد به حتي الآن 

مال جاسر تجاه وجنتيها يقبلها واشتياقه لها يزداد مع يداه التي أحاطت بها وقربتها الي صدره الجائش بحبها ..اول اقتراب بينهم بعد ما حدث وكم كان بحب واشتياق بالغ يعبر به في كل قبله ولمسه بينما ماس كانت تصارع هي الأخري شتات أفكارها ومشاعرها التي تمزقت ما بين اشتياق وحب له وما بين عتاب وانفجار مكتوم بداخلها ..... التقت شفتاه بشفتيها بعد طول جفاء وابتعاد ليتذوقها جاسر بلهفه وحب شديد عبر به بهمسات مشتاقه ألهبت حواسها : وحشتيني ياماسه .....وحشتيني اوي 

أغمضت عيناها تحاول مجاراه مشاعرها الطبيعيه تجاهه فهي تحبه بكل الاحوال واشتياقها له طبيعي ولكن ظل ذلك الفراغ بقلبها يشتت مشاعرها بصخب نجح جاسر لوقت طويل باقصاءه عنها وهو يهمس لها بحب وغزل وحنان عن مشاعره ... لم ترفض قربه ولم تبعده بل تركت نفسها بين ذراعيه لعلها تنسي وجعها بين اكناف حضنه الذي ضمها إليه وهو ينشر قبلاته الشغوفه علي عنقها ويستنشق رائحتها التي اشتاق لها كثيرا 

تمهل وهو لا يتوقف عن احتضانها وتقبيلها مع شعوره أنها مفتقده البقاء بحضنه ليحتضنها كثيرا ويضمها إليه أكثر بينما أغمضت ماس عيونها ووضعت راسها بعنقه تستنشق رائحته وتوقظ بها مشاعرها تجاهه ....أنه حبيبها مهما فعل ....تغير وناله وما نالها من عقاب فلماذا لا تصفح ؟!

وهنا كانت النقطه الفاصله فليست المشكله بعدم رغبتها بالصفح بل بعدم استطاعتها الصفح مهما تظاهرت بهذا فمازال هناك جزء دفين بقلبها جريح ويأبي الصفح ....!


روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


بغضب شديد اجتاز مهران الردهه دون أن يتوقف لتلتفت اليه فيروز التي كانت جالسه بالاسفل تنتظره ثم تسرع لتتبعه 

دخلت خلفه وقبل أن تغلق الباب كانت تسأل مهران بفضول حانق قتلها طوال الساعات الماضيه بينما حاولت تكذيب نفسها بأن الأمر لا يخص تلك الأرض !

: ارض ايه اللي فيها المشكله ؟!

فهم مهران مغزي سؤالها الذي لم يكن له أي وقت مناسب وهو بتلك الحاله الغاضبه ابدا ليقول باقتضاب وهو يتهرب من الدخول معها في توابع سؤالها : متشغليش بالك 

انفلت لسان فيروز التي بدي توترها وتأهبها واضح في وقفتها : مهران رد علي سؤالي 

سدد مهران لها نظرة محذره من أسلوبها المندفع قائلا : ولو مردتش 

رفعت فيروز وجهها تجاهه باندفاع اخر : يبقي بتهرب 

اتسعت عيون مهران بغضب ليتجه خطوه ناحيتها ويقبض علي ذراعها هاتفا من بين أسنانه : اهرب من ايه ؟!

تجاهلت فيروز الم ذراعها بينما كل ما كانت تشعر به هو غليان الدماء بعروقها وهي تفكر أنه خدعها طوال تلك المده : تهرب من كذبك عليا 

لم يكن بحاجه لشيء يزيد من غضبه المشتعل اساسا ليهتف بها وهو يترك ذراعها ويحاول التمسك ببقايا أعصابه : خدي بالك من كلامك يا فيروز ...انا ماسك نفسي بالعافيه 

احسنلك اقفلي كلام في الموضوع ده دلوقتي عشان متزعليش مني 

لم تأخذ فيروز تحذيره علي محمل الجد بينما الغضب أعمي عيونها التي كانت بالفعل عمياء عن خداعه لها وهو اعطي لعمها الأرض بالفعل دون أن يخبرها وخدعها طوال تلك الفتره 

لتنظر له بتأهب وبجراه تقف أمامه مهدده : مفيش حاجه هتتقفل ....ولا عاوز تسكتني زي ما سكتني طول الفتره اللي فاتت وانت اديته الأرض ومكنتش راجل اد كلمتك معاي.....لم تكمل كلمتها بينما اخرستها تلك الصفعه التي هوت علي وجهها من يده التي ضمها مهران الي جانبه بغضب شديد من أنه لم يستطيع السيطره علي غضبه ولكن عن أي سيطره يتحدث بينما ألقت إليه تلك الكلمات القادره علي فك عقال اي أعصاب 

وضعت فيروز يدها علي وجهها للحظه تستوعب صدمه أنه قد رفع يداه عليها قبل أن تنهمر الدموع من عيونها التي أرسلت له عتاب شديد زاغت عيونه منه وهو يندفع خارج الغرفه صافقا الباب خلفه بغضب ...

......

........

هتفت ياسمين :صالح افتح الباب 

وقف صالح أمام الباب وهو يجاهد الم ساقه هاتفا : مش هسيبك تبعدي عني يا ياسمين 

هتفت ياسمين بكمد : مبقاش ينفع ياصالح ...لو سمحت خلينا ننهي اللي بينا بتفاهم 

هز راسه برفض : مستحيل ....ياسمين اصلا انتي ازاي تفكري كده 

نظرت له بيقين : عشان ده الصح واللي المفروض يحصل ... بأي حال من الأحوال مينفعش نكمل مع بعض 

اوما صالح لها بتفهم : ياسمين انا عارف انك زعلانه مني وحقك بس كمان حقي تسمعيني 

اشاحت ياسمين عيونها عنه هاتفه بقهر : عرفت ياصالح انت اتجوزتها ليه وعشان كده بقولك لازم ننفصل 

نظر لها صالح باستنكار بينما عرفت سبب زواجه بتلك الفتاه : يعني ايه ؟!

قالت ياسمين باعتراف : انت اتحملت حاجات كتير بسببي  

تنهدت وتابعت وهي تنظر إليه : صالح انا واخده القرار ده ومش هرجع فيه بس كنت مستنيه انك تتحسن 

نظر لها بعدم تصديق : للدرجه دي عاوزة تبعدي عني 

خفضت ياسمين عيونها قائله : كفايه اللي حصلك بسببي 

امسك صالح بكتفها وقال برجاء : ياسمين متعذبنيش اكتر من كده .....انا غلطت في حقك بس الظروف كانت اقوي مني بس ده ميعفينيش من الذنب اللي عملته في حقك 

غص حلق ياسمين هاتفه : الظروف دي ظروفي انا ..... 

انا هفضل حياتي كلها ادفع تمن ماضي امي وأبويا وانت دفعت التمن ده معايا وكفايه عليك اوي كده 

نظر لها صالح برفق وهو يهز رأسه :لا يا حبيتي انتي اتظلمتي مننا كلنا وانا اول اللي ظلموكي بس انا بحبك والله بحبك ومقدرش اعيش من غيرك .....ازدادت نبرته رجاء وهو يتابع : انا بحبك يا ياسمين ....ومفيش كلام اقدر اعتذر بيه عن غلطتي 

هربت ياسمين بعيونها من رجاءه الذي اخترق قلبها ليتابع صالح : متبعديش عني يا ياسمين ... بعدك والموت واحد 

حاولت ياسمين التمسك بموقفها بينما تهرب بعيونها من عيناه : مش هقدر ياصالح ..... 

جذبها صالح اليه وسرعان ما انقض علي شفتيها بقبله عاصفه بعد أن هتف باستماته : وانا مقدرش اعيش من غيرك 

...........

..

تغيرت ملامح مهران الذي عاد إلي الغرفه بعد أن حاسب نفسه علي خطأه بحقها مهما كان تبريره أنها من دفعته ليجد فيروز تضع وشاح راسها حول وجهها الباكي 

نظر إليها وقد ارتدت ملابسها ليسألها بحاجب مرفوع : انتي رايحه فين ؟!

مسحت فيروز دموعها من فوق وجهها ولم تقل شيء بل جذبت حقيبه يدها واتجهت الي الباب ليوقفها مهران الذي توقف امامها مزمجرا بصبر نافذ : وبعدين معاكي يا بنت الناس ....ليه مصممه تطلعي الوحش اللي جوايا 

نظرت له فيروز بعتاب امتزج بهجومها الحاد : انا ولا هطلع من جواك وحش ولا حلو ....انا ماشيه 

سارت خطوه مبتعده ولكنها وجدت يد مهران تمسك بذراعها بقوة لينه يوقفها بينما يسألها بتحذير : ماشية رايحه فين ؟!

انفلتت أعصاب فيروز لتقول بقهر ودموع بينما لم تتخيل بيوم أن يضربها : ماشيه في داهيه ولا عاوزني اقعد معاك بعد ما مديت ايدك عليا 

احتقن وجهه مهران الذي زفر الهواء من صدره وجذبها من ذراعها الذي يمسكه بيده ليوقفها أمامه ويرفع وجهها الذي اكتسي بالحمرة والدموع : ماشي يا فيروز عندك حق انا غلطت لما مديت ايدي عليكي بس انتي مغلطتيش لما قولتي عليا اني مش راجل 

هزت فيروز راسها ببكاء : انا مقولتش كده 

نظرت لها مهران بحنان بينما شعر بالضيق من نفسه لأنه ضربها : امال قولتي ايه ؟!

مسحت فيروز دموعها بظهر يدها قائله : قولت انك مكنتش اد كلمتك اللي انت اديتهالي في موضوع الأرض ده 

تنهد مهران بضيق قائلا : اهو اللي حصل يافيروز ...وقتها الحاج كان ادي كلمه لفاروق وانا مينفعش اكسر كلام ابويا 

انفلتت الكلمات من شفاه فيروز بعتاب : إنما تقدر تكسر 

قلبي انا 

دون أرادته داعبت ابتسامه حانيه شفتيه ليحيطها بذراعه وهو يهتف بها بحنان : سلامه قلبك 

حاولت فيروز ابعاد ذراعيه من حولها : اوعي كده ....

هز رأسه وتابع احتضانها ولكنها لم تستسلم لتبعد ذراعيه عنها مزمجره : مش هتضحك عليا تاني 

رفع حاجبه : انا بضحك عليكي 

أومات بعناد وهي تحيط صدرها بذراعيها : أيوة زي ما ضحكت عليا في موضوع الأرض 

هتف بدفاع عن نفسه : قولتلك علي اللي حصل وقتها وعوضتك بتمن الأرض 

هتفت فيروز بعنفوان : انت عارف كويس اوي أن انا مش فارق معايا الفلوس وانا اصلا مطلبتش منك اي فلوس وكل اللي طلبته كان الأرض وانت عارف كويس اوي ليه 

تراجع مهران قائلا باعتذار مبطن : مقصدتش يا بنت الناس ... انا عارف انك مش بتتكلمي في فلوس 

تنهد وتابع : الأرض دي شوؤم مش جاي من وراها الا المشاكل 

نظرت له بينما يخبرها باقتضاب عن المشكله الأخيرة 

لتهز فيروز راسها بغضب : مكانش كل ده هيحصل لو مكنتش اديته الأرض ..... عمي ده ظالم ومفتري وغدار إذا كان اكل حق ابويا تفتكر كان هيلتزم بكلمته معاك 

احتقن وجهه مهران بينما كل كلمه نطقت بها كانت محقه بها ولكنه رجل في النهايه وله حدود في الاعتراف بخطأه وكانت كلمات فيروز التاليه تعفيه من الاعتراف بخطاه لتنظر له بجراه قائله : عموما انا مش هتدخل في شغلك تاني وده اعتذاري عن الكلمه اللي خرجت مني من غير ما اقصدها بس اعرف كويس اوي اني مش مسمحاك انك مديت ايدك عليا 

.........

.....

تمهل جاسر بالسيارة بينما يتوقف أمام ذلك المطعم ويلتفت الي ماس قائلا : تحبي ندخل نتعشي ولا نطلب وناخد الاكل معانا البيت ...انتي بتحبي الفراخ من هنا 

قالت ماس باقتضاب : براحتك انا ماليش نفس

هز رأسه بتساؤل : ليه ياماسه ...انتي ماكلتيش حاجه من بدري 

هزت كتفها : عادي مش جعانه 

هز جاسر رأسه قائلا بإصرار : معلش تعالي علي نفسك وكلي اي حاجه ...انتي خسيتي اوي الفتره دي 

حاول تجاذب أطراف الحديث معها طوال جلستهم علي الطعام ولكن كل اجابتها كانت مقتضبة ولكن جاسر تابع الحديث ولم يتركها لصمتها : مسألتنيش يعني ياحبيتي 

انا رجعت ازاي لشغلي ؟!

أراد مشاركتها كما اعتاد منها ولكنه لم يتوقع ردها الحاد لتقول ماس وهي تنظر إلي عيناه بعتاب قاسي وهي تهز كتفها متعمده البرود : عادي.... انت مشاركتنيش سبب نقلك فطبيعي مسألكش سبب رجوعك

تجمدت نظرات جاسر علي عيونها للحظه قبل أن يدرك الحقيقه التي تجاهلها أو ربما لم يحسب حسابها من البدايه وهي أن بداخلها ما تزال لم تصفي له ابدا وهاهي ستبدأ بمعركه خفيه تجرحه بها كلما أتت لها الفرصه 

ليسود الصمت بينهما حتي عودتهم الي المنزل 

تركها تسبقه بينما اخذ يحمل الحقائب ويصعد بها وكلماتها تطحن عظامه ...فهي محقه ولكنه لم يعتاد منها علي هذا ....اعتاد أن تنسي وتسامح وينتهي ولكن هاهي تحمل في قلبها عتاب منه لايعرف مقداره وكل ما عليه هو انتظار عقابه .....

لم تفكر ماس بشيء ولم تسمح لقلبها بمعاتبتها فهي لم تخطيء بشيء ....كلامها مجرد رد فعل بسيط علي أفعاله فلماذا تشعر بالذنب ؟!

لماذا دوما نضع اللوم علي أنفسنا في رد فعل بينما من قام بالفعل لا يتلقي اي لوم من نفسه .....دخلت الي الفراش واولته ظهرها لتنفلت تنهيده من صدر جاسر الضائق بينما بالفعل عجز عن اختراق هذا الجدار الذي تشيده حولها في وجهه ولا تسمح له بأي فرصه ليقول برفق وهو يديرها إليه : ماسه حبيتي انا بحاول نرجع زي زمان وانتي مش مدياني أي فرصه ...

امسك بذقنها ليجعلها تنظر إليه بينما يقول بعتاب : انتي مبقتيش تحبيني زي الاول ياماس 

عمرك ما كنتي قاسيه عليا اوي كده ...عمرك ما كنتي في حضني من غير ما تحسي بيا ....عمرك ما كنتي بعيد عني اوي كده 

غص حلقها بينما توافقت كلماته مع شعورها بالذنب لأنها مازالت لم تسامحه وهو يفعل معها كل هذا ويسير بكل السبل لينال صفحها ولكنها اعترفت أنها لا تستطيع وليس لا تريد لتلمع الدموع بعيونها دون ارداتها وهي تعترف : 

مش عارفه ارجع زي زمان 

نظر لها بحنان وهو يمسح دموعها : حاولي .... اللي حصل ده أراده ربنا وملناش يد فيه .... انا زعلتك وعارف ده كويس بس اللي حصل كان غصب عني وعمري ما تخيلت يوصل بينا لكده .....تنهد بضيق بينما جاش صدره باحساسه بالذنب ليتهرب منه بينما يمسك وجهها بين يديه وينظر الي عيونها : ماسه انا وانتي اتخانقنا كتير اوي قبل كده وانتي اتحملتي مني كتير مش هنكر 

بس انا عمري ما فكرت ااذيكي بزعلي منك ...كل اللي عملته اني اخدت جنب لغايه مااهدي وعمري ما تخيلت اني اكون سبب في حاجه وحشه تحصلك 

.....جذبها ليقبل راسها ويقول برفق وهو يربت علي ظهرها : متزعليش مني وانسي كل اللي حصل وخلينا نبدا صفحه جديده 

........

...

صفحه جديده ام عوده لاستكمال مسيرة الحياه التي لا تتوقف ....لم تعد تعرف ماس بينما شيء بداخلها تمسك بكلماته وكأنها طوق نجاه من وجع جروحها يشد من عزيمتها لتخرج من ظلمه انكسارها وتعود لتقف ولكن شيء آخر كان مازال بداخلها متعلق بالماضي ويضيء بانذار بالخطأ أن تجاوزته وارتضت بكلمات منه مازالت لم تواجهه تلك الكلمات التي بكل مره تعجز عن قولها بعد أن عادتها الآلاف المرات بداخلها بانتظار المواجهه التي لا تعلم الي متي ستؤجلها بهروبها متعلله أنها لا تستطيع الان ولاتجد بنفسها القدره عليها ..... تنازعت ما بين قضبين متنافرين أحدهما يجذبها إليه ويعدها بأنوار مشرقه ويخبرها بأن مامضي قد مضي وانتهي الي زوال والآخر يجذبها إليه أيضا ويعدها بظلام ستعود إليه مره اخري مع اول خلاف بينهم لتقف بالوسط بضياع لا تعرف أين تضع قدمها بالرغم من أنها بأفعالها كانت تسير باتجاه البدايه الجديده ولكن عقلها ظل متوقف رافض بدايه جديده علي أنقاض لم تزال بعد !!

مر اليوم التالي ثقيل للغايه عليها بينما واجهت قهر ودموع والدتها ومواساه ابيها واخيها محمود وانضمت لهم ماجده بينما زيدان لم يحتمل رؤيه ما اقترفته ابنته من آثام بحق تلك الفتاه فلم يحضر ولم يستطيع رؤيه وجع ماس التي حاولت اخفاءه بجداره وهي ترسم الرضي وتقبل ما حدث ولكنها لم تدرك مقدار ضغطها علي نفسها والذي اضافته لكل ما تحملته سابقا من جبل فوق ظهرها المتألم من ثقل ما تحمله .....قلبها وعقلها وجسدها يصرخون طالبين الانفجار بوجعها وهي مازالت تتظاهر بالقوة التي حطمت كل ما بداخلها حتي أصبحت خواء ....! 


........

بكت مها وهي تهز راسها : معرفش اي حاجه ياعمي 

انا لقيت البنك بيحجز علي كل حاجه وبيقولي أنهم أدوا بابا اكتر من مهله ودي كانت اخر فرصه 

فرك رافت وجهه بضيق وهو يدور حول نفسه بينما مازال لم يستوعب ما عرفه عن إفلاس رياض بل ومقدار الديون المتراكمة عليه ليقول بعدم فهم : يعني يابنتي متعرفيش 

......ابوكي لآخر وقت مقالش حاجه عن خسارته 

احتدت نبرته وهو يفكر كم كان غبي بينما يتلاعب به ذلك الرجل : ده حتي فلوس المحصول كلها كانت معاه وقالي اننا كسبنا أضعاف وأنه داخل بيهم مشروع التلاجات وعشان كده مأخدتش منه الاتنين مليون جنيه وقولت اسيبه يشغلهم زي ما قال 

ضرب يده ببعضهم بيأس : يعني ايه خسر كل حاجه ؟! 

هزت مها راسها ببكاء بينما أدركت أن مخرجها الوحيد من هذا المأزق أن تكون ضحيه كالجميع لتقول : معرفش يا عمي ....انا حتي هدومي معرفش اخذ منها حاجه عشان البنك قال لازم يحصر كل الممتلكات 

زفر رافت قائلا باقتضاب وهو يخرج هاتفه يتصل بالمحامي : طيب يا بنتي اهدي وانا هشوف ايه الموضوع 

اكيد في حاجه غلط 


..........

...

تنهدت ياسمين قائله بعد أن أبعدت صالح عنها : انا مش هقدر ياصالح اعيش في الوضع ده ....نظرت له بعتاب : انت مستوعب اللي انا عايشاه طول الفترة اللي فاتت ....انت اتجوزت عليا ياصالح وكذبت وخبيت عني 

قال صالح برجاء : والله دي مش اكتر من ورقه كنت مضطر ليها 

قالت بانفعال : ورقه خبيتها عليا .....حطتني في موقف مقدرش اتكلم فيه ولا افتح بوقي وانت عامل كل ده عشاني .....قلبي مكسور منك ومش قادره حتي الومك ....حاسس باللي انا فيه  

امسك بيدها قائلا وهو يهز راسه : حاسس يا حبيتي .....والله حاسس وعارف 

نظر إلي عيونها برجاء وتابع : ياسمين انتي وقفتي جنبي ومتخلتيش عني وسامحتيني كتير....عشان خاطري خليكي جنبي ومتبعديش عني....وعد مني كام يوم اقف علي رجلي واحنا هنرجع بيتنا ومها انا هطلقها 

تابع رجاءه لتتنهد ياسمين بثقل وتصمت وهي لا تدري ان كانت تفعل الصواب ام الخطأ ببقاءها معه بعد غلطه كالتي ارتكبها ...! 

.........

....

رفع مهران حاجبه قائلا : وده ايه بقي ؟!

قالت فيروز وهي تضع الوساده والغطاء علي الاريكه : هيكون ايه ....اكيد مش هنام جنبك بعد اللي عملته 

نظر لها مهران باستنكار : وبعدين في جر الشكل بتاعك ده يا بنت الناس .....خلاص قولتي كلمه ملهاش عازه وانا ضربتك وطيبت خاطرك بعدها يبقي لازمته ايه اللي بتعمليه 

أحاطت فيروز صدرها بذراعها هاتفه : لا والله ...بالبساطه دي ...علي اساس أن معنديش كرامه 

تنهد مهران بضيق : وهو انا اللي معنديش كرامه اقبل كلمتك الماسخه واسكت 

هتفت فيروز بانفعال : مسكتش وضربتني 

نظر لها مهران برفق ومد يده اليها : حقك عليا تعالي 

اتجهت إليه وتوقفت أمامه دون أن تمسك بيده : نعم 

ابتسم وسرعان ما جذبها إليه ليطبق علي شفتيها بشفتيه هامسا باعتذار جديد ...

..........

....

نظرت مي في ساعتها بينما ككل يوم الوقت يمضي ببطء مميت وهي وحدها بتلك البلده التي انتقل مالك إليها والتي بالرغم من أنها تعج حولها إلا أنها وحيده ....طوال تلك الايام لم يتصل بها أحد من عائلتها وهي لم تجرؤ علي الاتصال بأحد لتتنهد بألم وقد اشتاقت كثيرا لوالدتها وأبيها واخيها الذي كلما تذكرت وجعه وهو يخبرهم عن فقدان طفله كلما شعرت بالألم يغزو جسدها وتضع يدها علي بطنها بخوف شديد أن يصاب جنينيها بسوء عقاب لها علي فعلتها التي جعلتها تدرك مقدار بشاعتها .....فعلتها كثيرا ولم تكن تهتم ولكن تلك المره كانت العواقب وخيمه لذا شعرت بالندم .... كانت تري أن ماس هي سبب مشاكلها وان حياتها ستكون أفضل أن رأي الجميع حقيقتها بينما لم تري حقيقه نفسها بدلا من حقيقه ماس التي علي استحياء كانت تموت لتعرف حالتها ولكنها لا تجروؤ علي الاتصال بينما لا تعرف أن كانت ماس عرفت بأنها السبب ام لا ..... مالك كما هو يعاملها باقتضاب وهي لا تجروء علي الاقتراب منه ولكنها متاكده أنه مازال لايعرف شيء ما دام بهذا السكون .... راودها هذا الشعور بالضعف لتدرك أنها لم تأكل شيء من الصباح ولكنها لم تهتم فليس لها شهيه ....نظرت إلي طفلها الذي غفي علي ساقها لتعتدل واقفه وتحمله الي الداخل ولكن سرعان ما دارت الأرض من حولها ....تمسكت بطفلها جيدا بايدي واهنه ولكنها ارتعبت أن يقع من يدها لتحاول السير بضع خطوات قبل أن تجثو علي ركبتيها ومازالت تحتفظ بطفلها بحضنها وقاربت علي وضعه أرضا حتي لايقع ولكنها سرعان ما التفتت الي مالك الذي فتح الباب لتناديه بصوت واهن ...مالك 

اسرع مالك حينما رأها بتلك الحاله في الممر المؤدي الي الغرف ....انحني ناحيتها بقلق شديد وعيناه تتطلع بهلع الي طفله : ماله ادم ؟!

قالت بوهن : كويس ...نايم ...انا دوخت وخوفت يقع مني 

اوما مالك وسرعان ما حمل الطفل من بين ذراعيها بيده واخذه الي غرفته لتمدد مي ساقيها بوهن شديد وتسند راسها الي الحائط خلفها وتغمض عيونها والألم الشديد يجتاح قلبها بينما تفكر ان كل ما اهتم له هو ابنه ....لا تلومه فهو حاول كثيرا معها ولابد أنه قد كرهها الان ....حاولت أن تضغط علي نفسها وتستند بيدها الي الأرض لتقوم ولكنها تفاجئت بيد مالك تمتد إليها بعد أن وضع طفله في فراشه ....نظرت له بينما لم يتمهل لحظه وسرعان ما كان يحملها ويدخل بها الي غرفتها التي قضت بها تلك الأيام وحيده ....وضعها برفق ونظر إليها قائلا : حاسه بأيه ....اخدك المستشفي 

هزت راسها قائله : كنت دايخه شويه بس بقيت احسن 

نظر لها : اكلتي ؟!

هزت راسها بصمت ليتجه مالك الي المطبخ وسرعان ما يقطع بعض الفاكهه ويحضر كوب عصير ويعود اليها قائلا : يلا كلي ....مينفعش متاكليش علشان البيبي

غص حلقها بالدموع التي سرعان ما انهمرت من عيونها بينما تري كم هو رجل بمعني الكلمه وأنها لا تستحقه خاصه أن عرف بما فعلته وتسببت به 

نظر مالك الي دموعها بقلق : انتي تعبانه ....قومي اخدك المستشفي احسن 

هزت راسها وازداد انهمار دموعها بينما تقول بصوت متحشرج : لا ...بس ..بس انت مسبتنيش وانا تعبانه 

زم مالك شفتيه ووضع حجر علي قلبه الذي مازال يحبها قائلا باقتضاب وهو يقوم من جوارها : مينفعش اسيبك ....انتي ام ولادي ....انا برا لو عاوزة حاجه نادي عليا 

خرج وتركها لتشهق مي ببكاءها من كلماته التي قصد بها أن لا شيء سيتغير بينهم ....

زفر مالك بضيق وهو يتجه الي الشرفه يدخن ويحرق سجائرة كما يحترق ....يحبها نعم ولكنه لا يستطيع تجاوز أفعالها ....ليست بريئه ابدا مهما قالت ....ليست نفس الفتاه التي أحبها وتزوجها ....أنها أخري لا يستطيع الاعتراف لنفسه أنه مازال يحبها ...

..........

..


نظرت مها بتوجس الي رافت الذي عاد للتو من لدي المحامي والذي أخبره بالوضع الذي أخفاه رياض ببراعه 

لتقول بخوف : وصلت لحاجه ياعمي 

ارتمي رأفت علي الاريكه قائلا : مفيش حاجه غلط .... رياض كان مديون للبنك ومش البنك بس .....زم شفتيه وتابع وهو يهز رأسه : استغفلني طول الوقت ده وانا كنت مصدقه 

نظرت له مها باعتذار : والله يا عمي ما كنت اعرف حاجه ابدا ....بكت بشده بينما لاتعرف مخرج إلا أن تكذب وتخبره أن لا علم لديها : انا مش عارفه بابا أزاي يعمل كده .....

تنهد رافت بصمت ليسحب نفسه ويتجه الي غرفته بكمد بينما وضع كل ثقته بهذا الرجل الذي غدر به ...لحظات وقام من مكانه ليتجه الي خارج الغرفه ليري صالح ولكنه رأي مها تتجه الي الباب وليليان خلفها توقفها : رايحه فين يا بنتي !!

: همشي يا طنط ... اقعد ازاي بعد اللي بابا عمله 

نظر لها رأفت لتنظر له باعتذار : انا اسفه ياعمي 

اشار رافت لها : اقعدي يا مها ....هتروحي فين يا بنتي ؟!

هزت راسها بانكسار بسبب ما فعله ابيها : مش هينفع يا عمي ....بعد اللي بابا عمله 

قال رافت وهو يهز رأسه بخزلان : وانتي ذنبك ايه ....؟! خديها يا ليليان علي اوضه من الاوض وانا هطلع اشوف صالح 

أومات ليليان ليصعد رافت الي غرفه ابنه ....فتحت ياسمين له الباب لينظر إليها باعتذار لم ينطق به : مساء الخير 

قالت ياسمين وهي تتراجع ليدخل : مساء النور ياعمي 

نظر إلي صالح قائلا : عامل ايه ياابني ؟!

قال صالح : الحمد لله 

اتجهت ياسمين الي باب الغرفه لتتركهم وحدهم

لتنزل الي ليليان التي أخبرتها بما حدث كما فعل رافت 

لينظر الي صالح وهو يرفض الاعتراف بخطاه الذي لا يعرفه فهو اب بكل الاحوال وكل ما كان يشغله هو 

مصلحته : اهو طلع رياض زي عماد مفيش فرق بينهم 

زفر صالح قائلا : مش فارقه ...المهم انا لازم انهي المهزله دي وأطلق مها 

اوما رافت قائلا : ماشي ياصالح ....تمهل وهو يتابع : بس مش دلوقتي 

عقد صالح حاجبيه باستنكار : يعني ايه ؟!

هز رافت كتفه : يعني زي ما اتفقنا ...كام شهر وتطلقها قبل أن يفتح صالح فمه كان رافت يقول برجاء ممزوج بكبرياء : مينفعش ياابني تصغرنا قدام الناس وتطلقها في الظروف دي ...عارف كل اللي هتقوله 

بس ده ظرف مؤقت 

هتف صالح باحتدام : مش مشكلتي ....مينفعش اخليها علي ذمتي بعد ما ياسمين عرفت ...انت كده بتطلب مني المستحيل 

قال رافت برجاء وهو يتراجع عن كبريائه : عشان خاطري ياابني ...كفايه اللي انا فيه ....مينفعش دلوقتي 

سمعتي في السوق هتتهز وخصوصا بعد اللي رياض عمله ...سيبني بس شهر ولا اتنين علي الاقل اضبط حالي وبعد كده اعمل اللي يريحك 

.........

... 

عادت ياسمين بعد خروج رافت بينما لم تكن بحاجه الي فطنه لتدرك ما عليها تحمله من هذا الوضع خصوصا بعد ما عرفت من ليليان عن وضع مها التي فرضت الظروف بقاءها معهم .....فتح صالح فمه لتتهرب ياسمين من الحديث معه وهي تقول : انا هخرج شويه 

عقد حاجبيه : دلوقتي 

أومات ياسمين بينما سرعان ما كانت ترتدي ملابسها : مخنوقه ومحتاجه اشم هوا 

لم يمانع ولا يستطيع الضغط عليها لتخرج ياسمين وهي تعرف وجهتها بينما كانت بحاجه لشراء ذلك الاختبار الذي كان ظرف اخر فرضته عليها الظروف ..... فهي تشك بأنها حامل ! 

........

....روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


استيقظت ماس في الصباح علي قبلات جاسر الذي تحملت ضغطا إضافيا وهي تشعر بالذنب تجاهه لأنها توهمه أنها بالفعل تجاوزت ما حدث أو علي الاقل أنها تحاول التجاوز بينما بداخلها لا شيء تغير من جذوره بل مجرد تغير ظاهري فوق الحطام ....فقط تشعر بفراغ أخفت خلفه وجعها وقهرها منه الذي امتزج باللوم والعتاب لنفسها لأنها من تخازلت عن طبيعتها وارتضت أن تكون تابع في العلن له ولشخصيته بينما سرا وفي الخفاء كانت دوما تناضل وترفض وتلك هي المشكله والخطا الذي واجهت نفسها به .....( أنها من البدايه من ارتضت بعدم رضي )....ربما تبدو للوهلة الاولي كلمات غير منمقه ولكنها الحقيقه .....كانت ترتضي التنازلات بالفعل وتقدمها ولكن من داخلها لم تكن راضيه عن نفسها وهذا هو الخطأ وليس الخطأ بتقديم تنازلات لحياتنا أو لاحباءنا ولكن الخطأ هو أن تكون تلك التنازلات عن عدم رضي ووقتها ستكون قيد خفي علي مشاعرنا التي وبأول خزلان ستثور رافضه التنازل الذي قدمته بينما أن كانت قدمته عن رضي تام وقناعه لم تكن ستشعر أنها خانت نفسها ومبادئها .....مجددا غرقت في دوامه أفكارها وعيونها تنظر إلي عيناه بفراغ عجز عن فهمه ليبدأ يراود قلبه شعور بالتعب من العجز بينما يحاول ولا يصل الي نتيجه وفضيله المثابرة ليست من طباعه ....

داعب شعرها بحنان قائلا. : مالك يا حبيتي ...سرحانه في ايه ؟!.

هزت كتفها دون قول شيء ليتعالي رنين جرس الباب 

تركها جاسر واتجه ليفتح الباب ليجد سمير قائلا وهو يمد يده بتلك الاظرف : حمد الله على السلامه يا جاسر باشا .....الحاجات اللي سيادتك طلبتها ودي الجوابات اللي وصلت لسيادتك طول الفتره اللي فاتت 

اوما جاسر وأخذهم منه قائلا : متشكر يا سمير 

غادر الرجل ليضع جاسر تلك الاظرف بعدم اهتمام علي الطاوله بجوار الباب ثم يعود الي المطبخ ليضع به ما اشتراه ليجد ماس التي ابتسم حينما رآها وقفت تعد الأفطار .....اتجه ليقف خلفها ويحيط خصرها بذراعه ويدفن رأسه بعنقها : تسلم ايدك مقدما 

حاولت مجاراته في مشاعره لتقول : بالهنا والشفا ....علي ما تلبس اكون اخدت الفطار برا 

اوما لها وقبل طرف شفتيها واتجه ليرتدي ملابسه متأملا أن كل شيء بدأ بالانصلاح وقد كان بينما تلك المره بالفعل قررت محاربه نفسها والنهوض من هذا الانكسار فلابد أن تتابع حياتها مهما حدث لتحمل الاطباق وتبدأ بوضعهم علي طاوله السفره التي كانت ككل شيء حولها امتليء بالغبار لتقرر أن تقضي يومها بالتنضيف بعد انصراف جاسر .....

وهاهي قررت أن تبدأ لتمسك بتلك الاظرف تنظر بها لتري المهم وتضعه جانبا والغير مهم تلقيه بسله المهملات ليجتذب نظرها ذلك الخطاب الذي فتحته بترقب وهي بنسبه كبيرة تدرك ماهو بداخله ولكنها لم تكن تتخيل أن الأمر مؤلم بتلك الطريقه وهي تقرا تلك الأسطر التي تنهي مسيرتها العمليه بالبنك ....!! 

Dear misses mass ... unfortunately...

لم تحتمل قراءه المزيد لتشعر بالغصه تراود حلقها وشعور جارف الانهزام يجتاحها بينما ضاع منها كل شيء !!

...........

....

غادر جاسر وبقيت هي تحاول الهروب بحجه البدايه الجديده ولكنها لم تستطيع أكثر لتجلس بانهزام وتدع لدموعها العنان تبكي ضياع كل شيء منها ..... قد تكون مبالغه منها ولكنها كانت مشاعرها بتلك اللحظه وقد الهب خطاب فصلها من عملها مراره الفقد بداخلها ....

بعد قليل مسحت دموعها حينما تعالي رنين جرس الباب لتتجه إليه ....ابتسمت ماجده قائله : صباح الخير يا ماس 

أومات ماس وهي تفسح لها المحال لتدخل : صباح النور يا طنط 

دخلت ماجده تحمل الكثير من الأشياء لتتجه ماس لمساعدتها ولكن ماجده رفضت قائله : لا ياحبيتي متتعبيش نفسك ...انا هدخلهم المطبخ 

تبعتها ماس قائله : تعبتي نفسك ليه يا طنط ....عندنا كل حاجه 

أومات ماجده قائله : عارفه يا حبيتي ....بس انا قولت انتوا لسه راجعين اساعدك شويه. .... انا كلمت البنت وزمانها جايه عشان تنضف البيت وانا هعملك كام طبخه عشان متقفيش كتير وانتي لسه تعبانه 

لم تعرف ماس سبب لذلك الحنان المفاجيء من طرف حماتها الا شعورها بالشفقه عليها لتقول بتظاهر واضح بالقوه : انا كويسه متتعبيش نفسك يا طنط 

هزت كتفها وتابعت : اصلا اللي حصل حصل من فتره وانا بقيت كويسه 

غص حلق ماجده وهي تراها بتلك الحاله بينما حتي لا ترثو نفسها لتربت علي كتفها بحنان نبع من داخلها : معلش يا بنتي ....ربنا هيعوضكم خير أن شاء

أومات ماس وتهربت من تلك الكلمات التي كانت كافيه بألهاب مشاعرها أكثر لتتجه الي تلك الأشياء التي احضرتها ماجده تبدأ بافراغها وسرعان ما كانت ماجده تنضم إليها وبعد لحظات كان يتعالي رنين جرس الباب لتتجه ماس لتفتح .....

نظرت إليها تلك الفتاه التي حملت طفل رضيع علي كتفها قائله : شقه حضره الضابط جاسر 

أتاها صوت ماجده من خلف ماس قائله : تعالي يا مني ....

افسحت ماس المكان لتدخل تلك الفتاه التي ربما لم تتجاوز العشرون من عمرها وقد ارتدت جلباب فضفاض ووضعت وشاح فوق راسها بأهمال بينما خلعت حذاءها البالي جانبا ودخلت لتتجه الي ماجده التي قالت : تعالي يامني ....

اتجهت إليها الفتاه لتقول ماجده وهي تنظر إلي الطفل الرضيع : ولدتي امتي ... امك مقالتش ليا ؟!

ابتسمت الفتاه بسماحه وهي تشير الي الطفل : اهو من شهر يا ست ماجده ....جبت يوسف 

ابتسمت ماجده وحملت منها الطفل : بسم الله ماشاء الله ....ربنا يحميه 

تبسمت الفتاه لتقول ماجده : طيب يا بنتي هتعرفي تشتغلي وهو معاكي .....ملهاش حق أمك تنزلك وانتي لسه والده انا قولتلها تبعت ليا اي حد 

هزت الفتاه راسها سريعا قائله : متقلقيش ياست ماجده والله هعمل كل حاجه زي الفل .... لولا امي في البلد كنت سبته عندها 

أومات ماجده : ماشي ....يلا شوفي مدام ماس هتقولك تعملي ايه 

التفتت الفتاه الي ماس قائله بحماس : اتفضلي يا مدام

وقفت ماس مكانها للحظات بينما هيئه الفتاه الصغيرة التي تتحمل شقاء من أجل حفنه من الأموال ضايقتها لتقول : مفيش حاجه تتعمل ....وجهت حديثها الي ماجده : مفيش داعي ياطنط ....اصلا ابنها محتاج لها خليها تروح 

نظرت لها الفتاه بعيون تترجاها الا تقطع عيشها من أجل مجئيها ومعها الطفل لتتدخل ماجده قائله وهي تربت علي كتف ماس : هي جت خلاص يا ماس ....خليها تشوف شغلها وتعالي نخلص احنا اللي ورانا في المطبخ 

أومات ماس علي مضض لتدخل الفتاه الي غرفتها قائله : حطي البيبي علي السرير 

هزت الفتاه راسها : لا لا ....هحطه علي الأرض ....انا متعوده متقلقيش

نظرت لها ماس باندهاش ليس لاعتياد الفتاه ولكن لاعتياد الناس عدم الرحمه والرفق بامثالها ....نعم عملها أن تقوم بالتنضيف والعمل الشاق ولكن ليس من طبيعه النفس البشريه أن تستعبدها والا تعاملها كالبشر 

حملت ماس منها الطفل الصغير ووضعته بوسط الفراش الوثير قائله : خدي بالك منه ومتشغليش بالك بالتنضيف

هزت الفتاه راسها بابتسامه متحمسه بينما سرعان ما خلعت جلبابها وبقيت بجلباب اخر بالي وأحاطت شعرها بالوشاح وبدأت بالتنضيف لتعود ماس الي حماتها التي وقفت تعد الطعام وتتجاذب معها أطراف الحديث لعلها توصل ماهو مقطوع بينهم من البدايه لتتذكر كلمات زيدان حينما سألها لماذا لا تعامل كل حماه زوجه ابنها وكأنها ابنتها فالبفعل كان الأمر مريح وافضل من النزاع والشجار الذي يولد حقد يعكر صفاء القلوب 

ابتسمت ماجده وهي تشير الي ماس بالملعقة قائله : دوقي بقي يا حبيتي الملوخيه بالارانب وقولي ليا ايه رايك 

ابتسمت ماس لها قائله : تسلم ايدك 

أومات ماجده وتابعت حديثها بحماس : مش ببالغ بس انا احسن واحده تعمل الملوخيه بالارانب ...حتي اسألي جاسر وعمك زيدان 

اتسعت ابتسامتها وتابعت : حتي مالك بيحبها من ايدي 

ابتسمت ماس لها بتهذيب لتستدرك ماجده قائله : بس اكيد ماما طبعا اكلها احلي 

أدركت ماس ما تريد قوله حماتها والتي مازالت تدهشها بتصرفاتها علي هذا النحو 

تنهدت ماجده وقد غام وقلبها بالحنين لابنتها وحفيدها لتقول : ادم وحشني اوي ....بقالي اكتر من شهر مشفتهوش 

أومات ماس قائله : فعلا وانا كمان وحشني 

أبعدت ماجده هذا الشعور عن قلبها وهي تتذكر فعله ابنتها لتقول باقتضاب : ربما يجيبهم بالسلامه 

ساد الصمت لبضع دقائق انهكمت بهم ماجده بإكمال الطعام ثم التفتت الي ماس التي شردت وجلست واضعه يدها علي خدها لتتجه ماجده إليها وتربت علي كتفها بحنان قائله : انا مش عاوزاكي تزعلي ابدا يا بنتي ... ستات كتير بتسقط وربما بيكرمهم بعدها علي طول وبكرة تقولي طنط ماجده قالت 

غص حلق ماس لتهز راسها بفراغ وسرعان ما تتهرب من هذا الحديث قائله : هروح اشوف مني عملت ايه 

أومات ماجده لتتجه ماس الي تلك الغرفه التي كانت مني قد انتهت منها واتجهت الي غرفه أخري وانهكمت بالعمل بها بينما تركت الرضيع يبكي 

: مني 

أسرعت الفتاه تجاه ماس التي كانت تحمل الطفل تحاول اسكاته قائله باعتذار وهي تجفف يدها بملابسها : حقك عليا يا مدام .... هاتيه

هزت ماس راسها قائله : سايباه لوحده ليه ....حرام بقاله كتير بيعيط 

قالت الفتاه وهي تضع تلك اللهايه بفم الطفل : هيسكت اهو ....متشغليش بالك كلها ساعه واكون خلصت 

تنهدت ماس بضيق قائله : شوفي ابنك اهم من الشغل 

نظرت لها الفتاه وهي تهز الطفل ليصمت : هيسكت .....وضعته علي جانب الاريكه واتجهت لتكمل باقي عملها لتوقفها ماس : يا بنتي شوفي ابنك ...جعان اكيد

نظرت لها الفتاه بيأس بينما اعتادت علي الشقاء برضي : هرضعه بس اخلص اللي ورايا 

فركت ماس وجهها بأعصاب تالفه بينما رؤيه الفتاه وصراع لقمه العيش ضايقها لتقول : تعالي يا مني وسيبي اللي في ايدك دلوقتي ورضعي ابنك 

تركتها بالغرفه واتجهت الي الغرفه الأخري لتفتح الخزانه ودون ان تنظر كانت تجمع كل تلك الملابس التي احضرها جاسر لمولودهم لتضعها بأحد الاكياس وتعود الي الفتاه التي انتهت من اطعام طفلها وكانت علي وشك وضعه علي الاريكه لتتابع عملها لتجد ماس تشير لها بتلك الاكياس قائله وهي تتجه الي أحد الادرج تخرج منها مبلغ مالي قائله : خدي دول يامني ويلا روحي 

انصدمت ملامح الفتاه التي قالت بتوسل بينما ظنتها تطردها لضيقها من الطفل : ليه بس يا مدام والله هخلص كل حاجه ويوسف خلاص هينام مش هقصر في حاجه والله 

هزت ماس راسها برفق وربتت علي كتف الفتاه قائله : لا يا حبيتي انتي مش مقصره ......الدنيا هي اللي مقصره معاكي ....يلا خدي دول وروحي بيتك 

نظرت لها الفتاه لتبتسم ماس لها وتربت علي كتفها : اسمعي الكلام ...ولو عاوزة حاجه كلميني علي طول ...خدي رقمي من طنط ماجده 

أومات الفتاه وسرعان ما ارتدت ملابسها واتجهت للخارج بينما أسرعت ماس تغسل وجهها بالماء حتي لا تبكي فقد تعبت من البكاء وأصبحت حساسه لأي ظلم تراه حتي وان كان هذا الظلم واقعا وليس ظلم الا من وجهه نظرها هي فقط بينما فتاه مثلها بدلا من أن تنعم بالتعليم الائق وتعيش سنها تشقي وتتعب وتحمل ما لا يحتمله أحد 

....

عقدت ماجده حاجبيها حينما توقفت مني امامها تشير الي الملابس التي اعطتها ماس لها والي النقود قائله : المدام ادتني دول وقالت امشي

: ليه يا مني ....انتي خلصتي شغلك ؟!

قبل أن تجيب الفتاه كانت ماس تقول من خلفها : اه يا طنط خلاص ....يلا يا مني روحي 

نظرت ماجده بدهشه الي ماس قائله : خلاص ايه ...لسه في شغل كتير وراها في البيت 

انفلتت الكلمات الحاده من شفاه ماس دون أن تقصد ولكنها مضغوطه : افتكر يا طنط أن ده بيتي وانا شايفه أنها كفايه عليها كده 

أسرعت الفتاه تغادر بينما ابتلعت ماجده احراج ماس لها بتلك الطريقه و رؤيه تلك الملابس مع الفتاه جعلها تشعر بأنها اخطئت من البدايه بجعل ماس تري الطفل في وقت كهذا 

لتقول متنهده : حقك عليا يا بنتي ....انا مقصدتش حاجه الا اني اساعدك 

أومات ماس بتجاوز : محصلش حاجه .... هي اصلا حرام تشتغل ومعاها بيبي محتاج لها 

قالت ماجده : عندك حق بس ابنها محتاج للفلوس كمان وعشان كدة لازم تشتغل 

أومات ماس لتقول ماجده وهي تنهي ما بدأته باسرع وقت وتتجه للمغادره : لو عاوزة حاجه قوليلي 

هزت ماس راسها بصمت لتغادر ماجده وتجلس ماس بكمد ويضاف الي تانيب ضميرها تانيب جديد بينما لم تعتاد معامله أحد علي هذا النحو ولكنها دون إرادتها أصبحت حاده بهذا الشكل .....

........

....

ترددت ماجده قبل أن تتصل بجاسر ولكنها بكل الاحوال اتصلت ليقول جاسر بقلق حينما وجد حديث والدته متعلثم وهي تحاول الشرح له : في ايه يا ماما ؟! 

قالت ماجده بتعلثم : والله ورحمه امي ما اقصد حاجه في اللي هقوله ....أخبرته بما حدث لتنهي كلماتها سريعا حتي لا يخطيء جاسر بتفسيرها أنها تشكي له من تصرف ماس : انا حاسه بيها ومقدره ومش زعلانه ....انا بس قلقانه عليها وقولت اقولك عشان متسبهاش لوحدها 

تنهدت وافلت لسانها بالندم : مش دي ماس اللي اعرفها ابدا .... قلبي واجعني عليها وواجعني اكتر وانا عارفه أن اختك السبب .....لو قدرت تروح لها روح عشان متقعدش لوحدها 

تنهد جاسر بضيق قائلا : ماشي يا ماما .... سلام ومتزعليش منها اكيد متقصدش 

قالت ماجده بسماحه : عارفه يا حبيبي 

......

اغلق جاسر الهاتف ووضع وجهه بين كفيه بينما بالفعل وصل لاقصي مراحل العجز في فهمها فقد ظن أنها تحسنت هذا الصباح ....

.........

... 

قامت ياسمين من جوار صالح في الصباح وهي تجيب علي هاتفها : الو 

جاءها صوت مكرم الذي قال باعتذار : ياسمين هانم انا مكرم ....اشف اني بتصل بحضرتك 

قالت سريعا وهي تنظر إلي صالح النائم : لحظه معايا 

اوما مكرم وانتظر لتقوم ياسمين وتتجه الي الأسفل لتجيب علي مكرم : أيوة يا مكرم ...في حاجه ؟!

: انا بطمنك علي عماد بيه ....هو كويس ومعايا متقلقيش عليه 

عقدت حاجبيها باستفهام : معاك ....هو خرج من المستشفي ؟!

اوما مكرم وأخذ يخبرها بما حدث طوال هذا الشهر الذي بقيت به بجوار صالح ولم تعرف شيء عن ابيها وكل ما كانت تستطيع فعله هو خطف بضع ساعات تتطمئن فيهم علي أخيها بالمصحه وتعود مجددا الي صالح

تنهدت قائله : انا مش عارفه اقولك ايه يا مكرم ؟!.

ابتسم مكرم قائلا : متقوليش اي حاجه ..... اهتمي بحياتك ومتقلقيش ...عماد بيه زي الفل ولولا أنه حاسس بالذنب منك كان هو اللي اتصل 

أومات ياسمين قائله : شكرا يا مكرم .....ممكن تبعت ليا العنوان عشان ابقي اجي اطمن عليه 

اوما قائلا : حاضر بس ياريت متتعبيش نفسك ....أنا بنفسي هجيبه لحد عندك لما تكوني عاوزه تشوفيه 

...

.عقد صالح حاجبيه بألم وهو يعتدل جالسا بصعوبه بينما شعر بالم شديد اسفل فخده الأيسر الذي خاض به عده عمليات جراحيه ....ياسمين 

لم يجد اجابه الأ من مها التي تفاجيء بها تدخل الي الغرفه وتحمل صينيه عليها الافطار الذي أسرعت باعداده ما أن رأت ياسمين مشغوله بمكالمتها الهاتفيه 

لتتجه إليه قائله بابتسامه هادئه : صباح الخير ياصالح 

وضعت الأفطار الي جواره قائله : ياسمين بتتكلم في التليفون قولت اطلعلك الفطار 

اشاح صالح برأسه قائلا : مش جعان ....نادي علي ياسمين 

احمر وجهه مها التي قالت بحرج : حاضر ...انا بس كنت عاوزة اقولك حاجه 

نظر لها صالح ببرود : خير 

تعلثمت وهي تقول : مفيش داعي تتعامل معايا كده ....انا عارفه انا ايه في حياتك ..انا بس كنت عاوزه اشكرك انت وعمي علي وقفتكم جنبي 

اوما صالح بصمت لتدخل ياسمين التي تغيرت ملامحها وهي تري مها وسرعان ما تري صينيه الأفطار 

التفتت مها إليها ولكنها لم تقل شيء واتجهت الي الخارج 

لتنظر ياسمين الي صالح لحظه قبل أن تقول بانفعال : ممكن افهم ايه ؟!

قال صالح بتعلثم : كانت لسه بتقول انها فاهمه مكانها وأننا بس واقفين جنبها مش اكتر 

زفرت ياسمين بانفعال : مش مشكلتي كانت بتقول ايه. .....ازداد انفعالها النابع من معرفتها بحملها في ظروف كتلك : مشكلتي كلها اعرف امتي هتنهي الوضع السخيف ده 

قال صالح سريعا وهو يخفي تلك المهله التي طلبها منه أبيه : قريب يا حبيتي ...انتي بس اهدي 

انفلتت أعصابها لتزيح تلك الصينيه من جواره والتي تناثرت الاطباق من فوقها بكل مكان بالغرفه مصدره ضجيج قوي : مش ههدي ياصالح ....

نظر صالح بعيون مصدومه الي انفعالها الذي كعادتها تصمد طويلا ثم تنفجر بالنهاية 

: ياسمين محصلش حاجه واحنا اتفقنا 

صاحت ياسمين بصوت عالي وصل للاسفل كما وصل صوت التحطم لتسرع ليليان إليهم ولكن رافت أوقفها 

: متفقناش ياصالح .....متفقناش اتحمل كده ......كفايه اوي اللي اتحملته منك 

تحامل صالح علي ساقه وهو يستند الي عكازه ليتجه إليها قائلا برفق ورجاء : حقك عليا يا حبيتي ... اتحمليني شويه كمان بس 

أبعدت يداه من حولها بغضب وانفلت لسانها : انا حامل يا صالح 

تجمدت ملامحه للحظه قبل أن ينظر إليها بعدم تصديق لم تمنحه ياسمين وقت طويل لينطق بمشاعره وكانت سرعان ما تصرخ به : عارف يعني ايه حامل. ....يعني حالا تختار انا ولا هي 

قال صالح سريعا وهو يحاول جذبها إليه : انتي طبعا يا حبيتي ....اصلا مفيش مجال للمقارنة ....ياسمين براحه عليا وقوليلي ...انتي بجد حامل 

أومات ياسمين وهي تتنفس بضع مرات لتهدأ : أيوة 

أحاطها بذراع واحده بينما استند بيده الأخري الي عكازة : مبروك يا حبيتي ....اهدي ...اهدي العصبيه غلط عليكي 

أبعدت ياسمين يده عنها بحنق بينما سأمت من ضعف قلبها أمامه .... تراجع صالح خطوه للخلف حينما ابعدته ياسمين عنها وكاد يتعثر لتسرع بهلع تسنده وهي تنطق بالف اعتذار حينما انفلتت منه اهه متألمه : صالح انا اسفه 

قال وهو يستعيد وقفته : ولا يهمك يا حبيتي ....

اسندته ليجلس علي طرف الفراش ولكنه امسك بذراعها يجلسها بجواره قائلا : اهدي يا حبيتي .....حقك عليا انا اسف علي كل اللي انتي عايشاه بسببي ..بس وعد مني كل ده هينتهي قريب اوي ....

.....

...


عاد جاسر الي المنزل بعقل مرهق من كثره التفكير بيأس لما عليه فعله ....

كانت ماس جالسه بغرفه المعيشه تتطلع الي هاتفها وهي حقا لاتري شيء به بل تقنع نفسها بالانشغال عن تفكيرها ومشاعرها السلبيه التي أثرت علي مزاجها بتلك الحده

: السلام عليكم

قالت باقتضاب : وعليكم السلام

جلس بجوارها يداعب وجنتيها بحنان قائلا : مالك يا حبيتي شكلك متضايقه ...حاجه حصلت ضايقتك ؟!

انفلت لسانها بحده : مالي .... ما تتكلم علي طول وتقول 

أن مامتك قالتلك 

اتسعت عيون جاسر واحتقن وجهه من أسلوبها ومغزي حديثها ولكنه لم يجد رد كما لم يجد بنفسه القدره علي التحمل ولكنه ثابر وتحمل ليقوم من جوارها بصمت ويتجه الي الغرفه وهو يتنفس بضيق جاهد الا يخرجه امامها وهو يصبر نفسه بأن عليه تحملها ....!

بعد أن أخذ دوش طويل يهديء به أعصابه خرج وهو يحاول تناسي ماحدث .... كما قالت والدته لابد أن موقف رؤيتها للطفل اثر علي أعصابها فليتحملها قليلا كما تحملته ....اجاب علي هاتفه 

: جاسر ...انا سلمي ...اسفه اخدت رقمك من طنط جويدان جارتنا فاكرها 

اوما جاسر بعدم تركيز : خير يا سلمي في حاجه 

تعلثمت سلمي بحرج من رده الجاف ولكنها تابعت : 

اسفه لو ازعجتك بس هو موضوع الأرض كنت عاوزة اعرف منك وصلنا لايه ....بصراحه مش عاوزة اروح هناك تاني ويتكرر اللي حصل والمحامي قالي أنه قابل الضابط اللي مكانك وبلغه أن لازم قوه من تنفيذ الأحكام تنزل معايا وانا بستلم الأرض وفي نفس الوقت المحامي خوفني من الموضوع ده لان العمال مش هيسكتوا وبنسبه كبيرة هيحاولوا ينتقموا وممكن يحرقوا الأرض 

انا مش عارفه اعمل ايه 

تنهد جاسر بذهن مشتت فلا يريد الدخول بتفاصيل لا تعنيه فيكفي ماهو به ....: مش عارف بصراحه يا سلمي ....

قالت سلمي سريعا : انا اصلا كنت بفكر ابيع الأرض بس حاليا لو بعتها وعليها مشاكل هخسر كتير ....

قال جاسر وهو يحك ذقنه : طيب اديني مهله وانا هشوفلك حل ...

اغلق الهاتف واتصل بمهران لتستمع ماس الي حديثه الذي روي فضولها عن تلك الفتاه التي يحدثها 

: شوف يامهران هتحل الموضوع ده ازاي ؟!

: هشتري انا الأرض ....شوفها عاوزة كام وانا هشتري

زفر جاسر قائلا : ولا اشوفها ولا تشوفني ... مهران انا علي أخري ومش فايق ...شوف انت معاها .. اقعد مع المحامي بتاعها واتفقوا 

: ماشي ابعت رقم المحامي 

: هبعتلك رقمها اللي كلمتني منه

: لا ياجاسر ميصحش اكلمها وهي متعرفتيش 

: انت هتكلمها في شغل يامهران ....وبعدين زي ما شوفتها ست ناجحه وبتدير ثروة جوزها يعني عارفه كويس انت بتكلمها ليه 

هزت ماس ساقها بعصبيه شديده بينما كرهت ما تحولت إليه ولكنها لاتدري من الأساس ماذا تفعل 

انهي جاسر مكالمته واتجه إليها وهو يحاول مجددا وصل كل ماتقطعه بينهم ليقول بنبره هادئه وهو يجلس بجوارها 

: ماسه مش هتتغدي .... 

هزت راسها وهي تعتدل واقفه : ماليش نفس ....هجهزلك الغدا 

امسك بيدها يوقفها : لا خلاص مش هأكل من غيرك تعالي ارتاحي 

هزت راسها قائله : هدخل انام 

نظر جاسر لها بدهشه : هتنامي دلوقتي 

هزت كتفها ومجددا اندفعت بعصبيه : عندك مانع 

احتقن وجهه جاسر بقوة وانفلتت زفره ضائقه من صدره : ماس انتي مش ملاحظه اسلوبك في الكلام معايا عامل ازاي 

رفضت أن تعترف بخطأها لتقول باحتدام : لو اسلوبي مش عاجبك متتكلمش معايا ....

اسرع جاسر خلفها قبل أن تغادر الغرفه ليمسك بذراعها يوقفها هاتفا بحنق من بين أسنانه : ايه اللي جرالك .....ايييه ياماس اللي جرالك ...من أمتي وانتي كده 

نظرت له وسرعان ما اختنقت بدموعها ولكنها ابت أن تبكي لتقول بقوة زائفه : ابدا كل اللي جرالي ان ابني مات واترفدت من شغلي وبقيت تحت امر سيادتك ....نظرت له بغضب وتابعت بسخريه : عرفت ايه اللي جرالي !؟

اغمض جاسر عيناه وسحب نفس عميق بينما أدرك ما تعانيه وتفرغ به شحنات غضبها والتي ازدادت وتوقفت بعنق الزجاجه طويلا وحان وقت الانفجار لتهتف به بمزيد من السخريه : سكتت ليه ....كلامي غلط 

نظر لها جاسر باحتدام وهو يحاول الا يندفع بغضب : تصرفاتك هي اللي غلط .... ايه ياماس بتفحتي في القديم ليه مش اتفقنا نبدا صفحه جديده  

نظرت له بتهكم القي مرارته بداخلها : اه طبعا وليه لا .... هدوس علي الزرار وأبدا صفحه جديده ....ازدادت نظراتها غضبا وهي تتابع بمغزي مبطن بينما تمسك بذلك الخطاب الذي التقطته من فوق الطاوله والذي به كلمات فصلها من عملها لعدم التزامها والذي كان بمثابه نقطه سوداء في حياتها العمليه التي حتي لم تنعم بتقدير ولو بسيط عن ما بذلته بها من جهد وترفعه بوجهه 

: وخصوصا أن البدايه علي مزاج سيادتك .... 

اهتزت نظرات جاسر بينما تابعت بعتاب شديد : ايه رايك في البدايه .....مش ده اللي كنت عاوزة من الاول 

اهو انا بقيت فاشله زي ما انت عاوز

اتسعت عيناه بصدمه من حديثها عنه وكأنه تعمد كل هذا لتتابع ماس بسخريه مريرة : لسه حالا كنت بتتكلم علي ست ناجحه ونسيت انك حولتني لست فاشله تابعه ليك ....واحده جبانه خافت تقولك علي مكالمه عاديه بينها وبين مديرها أو زميلها عشان غيره سيادتك مع انك عادي جدا كنت بتكلم واحده الله اعلم كانت ايه علاقتك بيها ....انفجرت وانتهي ولم يعد هناك شيء يوقفها 

لتتابع : استحليت لنفسك تعمل كل حاجه وانا حرمت عليا كل حاجه لدرجه انا مبقتش افرق بين الصح والغلط .... أجبرتني اتخلي عن نفسي وانت متخلتش عن حاجه واحده بس عشاني ... 

ودلوقتي واقف قدامي وساكت مش عشاني لا عشانك ....عشان عارف انك غلطان 

كان وجهه جاسر ساحه من التعبيرات بينما تتلاحق اتهاماتها إليه بقسوة اعجزته عن النطق 

لتتجه ماس اليه وتتوقف أمامه وتنظر له بحقد لأول مرة تشعر به تجاهه وهي تعترف : انا اللي غلطانه من الاول اني سمحت لك تعمل فيا كده وسكتت ..... انت اناني ومش شايف حد غير نفسك ....حبك اللي بتقوله ليا حب اناني مش بتفكر بيه تسعدني .....انت خلتني تعيسه .....انا مش مبسوطه معاك ....طلقني ياجاسر !

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !