حكايه عمر الفصل الخمسون

10

 



الفصل السابق

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


ماذا ينكر ؟! ومن ماذا يتهرب ؟! 

هكذا ظل رأس عاصم يطن بالأسئلة فماذا ينكر بعد أن رأي بعيناه ولم يكتفي بما سمع ...رأي ابنه وبجواره فتاه وسيارته تدخل الي فناء المنزل ...!

رأي زينه وهي تذهب إليه ..فماذا ينكر بعد أن رأي بعيناه..!

من ماذا يهرب بينما عليه مواجهه الحقيقه بأن ابنه لم يترك شيء سيء الا وفعله ...!

حريق اهوج يلوح بعيناه كما تحترق تلك السيجاره بين أنامله وعبثا أن يخفف من وهجها شيء ليسحق تلك السيجارة بحنق أمامه في المنفضه الزجاجيه وتنفلت نبرته الغاضبه : هشاااام ...انا اصلا علي أخري وكلامك ده مش بيهديني ده بيستفزني اكتر 

انهي كلماته واعتدل واقفا وهو يتابع مزمجرا : انا اصلا غلطان أني جيت لك 

امسك هشام بيده يعيده لجلسته بينما يقول بمنطق : لو مش عارف ومتأكد انك محتاج تتكلم معايا مكنتش جيت ياعاصم ...اقعد واهدي

هتف عاصم بعصبيه شديده : اهدي ازاي ياهشام بعد اللي حكيته ليك ....ضرب الطاوله بقبضته وتابع بانفعال شديد : وانا اللي فاكر أمه عاقله وواثق في تربيتها له اهي في الاخر طلعت عارفه مصايبه وبتداري عليه ...!

رفض هشام شكلا وموضوعا اتهام عاصم لزينه ليقول بمنطق : ومش أمه برضه هي اللي ربت سيف وجوري ....ليه بتحط عليها لوحدها اللوم 

قال عاصم بعصبيه : عشان هي اللي دلعته وهي السبب في كل اللي وصل له ...كان لازم تقولي مش تداري عليه 

سحب هشام نفس عميق وزفره بضيق هاتفا بدفاع : وليه افترضت أنها متصرفتش معاه ياعاصم 

هز عاصم رأسه بحنق : مهما يكون تصرفها مش هيكون زي تصرفي ...كان لازم تقولي 

هتف هشام بنفاذ صبر : وادي انت عرفت ...هتتصرف ازاي بقي 

التقت نظرات عاصم الغاضبه بعيون هشام الذي تابع بهدوء : ياعاصم بقالي ساعه بقولك عصبيتك مش هتحل حاجه ...ابنك مش عيل هتضربه ولا تحبسه...ابنك راجل وعمل تصرف غلط لازم اول حاجه يعرفها أنه غلط وبعد كده تاخد معاه تصرف وتعاقبه 

تنهد وتابع : وبخصوص زينه لو هي دلعته زي ما بتقول فخليني احط الأمور في مكانها ...زينه بتعمل مع عمر نفس اللي كانت شهيرة الله يرحمها بتعمله معاك ....ابوك الله يرحمه كان يشد وهي ترخي ...هو ميسمعش هي تسمع .. ابوك ميفهكمش هي تحاول تفهمك 

حتي لو غلطت فهي كانت بتتصرف زي اي ام مش عاوزة ابنها يحس أنه منبوذ بسبب تصرفاته 

نظر عاصم الي تبرير هشام المنطقي ليهز رأسه بيأس : والنتيجه ايه .... عمل مصيبه ورا التانيه وفي الاخر انا الغلطان 

احتدمت نبرته وهو يتابع : ياأخي حد منكم يحط نفسه مكاني ويشوف هيقدر يتحمل مصايبه ولا لا ....اغمض عيناه وتابع بغصه حلق : ده لولا أني بلم وراه كل مصيبه يعملها كان زمان مستقبله ضاع من زمان 

ضربه هشام بتلك الجمله : ومين قال انك كنت بتعمل الصح لما تلم مصايبه 

عقد عاصم حاجبيه باستنكار ليهز هشام رأسه ويتابع : كونك تتحمل مسؤولية حل مشاكله ده اول حاجه ذرعا جواه الاستهتار .... زي اللي بيضرب ابنه عمال علي بطال في يوم من الايام الابن هيوصل لنقطه ماهو انا كده كده بتضرب يبقي علقه وهتعدي ووقتها بيفضل يعمل مشاكل وهو متأكد أن النهايه علقه ....عمر اتعود منك تشيل وراه كل مشاكله اللي هو مفيش مره قعدته مع نفسه وسألته عن سببها وكل همك انك تطلعه من المشكله وتتخانق معاه وخلصت علي كده ...عمر للاسف مش عارف هو غلط في ايه وكل اللي عارفه أنه مشكله بالنسبه ليكم 

اهتزت نظرات عاصم برفض أن يكون الملام: بقيت انا الغلطان 

هز هشام رأسه قائلا : مش لازم يكون حد غلطان ...ليه لازم عمر وليه لازم زينه ولا انت ....مش مهم مين الغلطان المهم نشوف ايه يصلح الغلط 

زفر عاصم بضيق هاتفا : هشام كفايه نصايح وكلام وقت لما تبقي في الموقف مش هيكون سهل كده زي ما بتقوله 

اوما هشام بعقلانيه : ماشي ياعاصم حتي لو زي ما بتقول انا مش حاسس بس متنكرش ان كلامي صح ...لما ترمي اللوم علي زينه ده مش هيحل حاجه 

تنهد وتابع بجديه : سيبه مره يتحمل نتيجه أفعاله ياعاصم مش كل مره يلاقي اللي ينضف وراه 

ضيق عاصم عيناه ونظر الي هشام بتفكير بينما ذهب تفكيره الي العقاب الذي يجب أن يناله ابنه ليصلح من نفسه ..!

.........

....

وقف انور بعيون كالصقر يراقب المكان للحظات قبل أن يومئ برأسه ليخرج ذلك الشاب بخطوات مسرعه انتهت أمام تلك السيارة السوداء المهيبه ليلتفت برأسه تجاه هدي التي وقفت لدي الباب ليرسل لها ابتسامه وسرعان ما يدخل الي السيارة التي دخل إليها انور وانطلق بها الي الخارج ليختفي لنصف ساعه ثم تعود السيارة مجددا لتتوقف امام الباب وينزل منها انور ويفتح الباب الخلفي لهدي التي ركبت وانطلق بها ....

قطبت هدي جبينها وهي تستمع الي انور الذي أخذ يخبرها بما حدث لتبقي فتره صامته بعد أن انتهي واول ما تنطق به : لف وارجع ياانور ...

نظر لها باستفهام لتتابع : لازم اطمن علي وسيله 

لاحت ملامح عدم الرضي علي ملامح انور الذي قال بتهذيب بدافع خوفه عليها : بس احنا لازم نرجع يا دكتورة 

اومات هدي وطمأنت نفسها بعد أن فهمت مغزي كلماته : متقلقش هطمن عليها بسرعه ونرجع 

هز رأسه قائلا باصرار علي رفضه : مفتكرش في داعي يادكتورة 

اصرت هدي قائله : معلش يا انور اسمع الكلام ولف وارجع ....تنهدت وتابعت : اطمن شافع لسه وقت علي ميعاد طيارته 

نظر لها بشك قائلا : بس الافضل نكون في الطريق دلوقتي

تنهد انور بعدم رضي وتابع : يادكتورة واضح أن جوزها بتاع مشاكل وانا بقول ياريت نكون بعيد احسن اسمك يجي في أي موضوع 

قالت هدي باصرار بينما لاول مره تتخلي عن حذرها : مش هقدر يا انور معرفش ليه بس حاسه انها جايز تكون محتاجه ليا 

متقلقش انا هطمن عليها هي ...انت بس اتاكد ان جوزها مش موجود 

.......

.....

مررت زينه يدها علي وجهها حينما وجدت هاتف عاصم ما يزال مغلق لتتصل بشافعي الذي اجاب علي الفور 

:شافعي انت مع عاصم بيه 

: أيوة 

قالت بقلق : طيب انتوا اتاخرتوا كده ليه ؟!

قال شافعي بهدوء : متقلقيش يا زينه هانم احنا اهو عدينا بوابه اسكندريه 

عقدت زينه حاجبها باستفهام : اسكندريه ؟! انتوا في اسكندريه ليه 

انتبه عاصم ما أن نطق شافعي بإسم زينه ليهتف به بصوت غاضب : اقفل الزفت ده 

قال شافعي قبل أن يجيب علي سؤال زينه : دي زينه هانم 

اشاح عاصم بوجهه وهتف بحنق : بقولك اقفل الزفت ده وركز في الطريق 

امتثل شافعي لأوامر عاصم ليغلق الهاتف سريعا ويعود للنظر في الطريق أمامه تاركا زينه في حيرتها التي سرعان ما عبرت عنها وهي تلحق بعاصم الذي دخل من الباب واسرع للاعلي لتتبعه سريعا وتدخل خلفه للغرفه

مد يده ليخلع سترته لتتوقف زينه خلفه تساعده وهي تقول برقه : مقولتليش ياحبيبي انك رايح اسكندريه 

التفت عاصم إليها ونظر في عيونها بجفاء هاتفا : وهو انتي كنتي قولتي ليا لما روحتي اسكندريه من ورايا ؟!!

تقابلت عيناهما لتري مقدار الغضب المتوهج بداخله والذي سرعان ما عبر عنه وهو يمسك ذراعها بقليل من القوة هاتفا بسخط : خبيتي عني ليه اللي عرفتيه عن عمر !

ابتلعت زينه بوجل بينما تعلثمت وهي تحاول أن تصوغ اجابه !

.......

....


بغضب شديد اخذ عمر يسدد الركلات لإطارات سيارته التي أوقفها بمنتصف الطريق الذي لم يستطيع إكماله وبنفس الوقت ينازع رغبته في العوده اليها ليخوض حربا ضاريه لأول مره يعيشها بتلك الوحشيه بين كرامته التي أبت وبشده العوده اليها بعد أن رفضته وبين قلبه الذي ينتفض بداخل ضلوعه رافض اي بعد بينهما لتكون إطارات السيارة هي ضحيه ذلك الغضب الذي حاول افراغه بركلها بيأس من صعوبه اتخاذ قرار ...! 

مررت وسيله يدها المرتجفه علي وجهها تمسح ذلك العرق البارد الذي شعرت به يغطي جبينها بينما تحاول بصعوبه التقاف أنفاسها ...تنفست بضع مرات وحاولت الإبقاء علي عيونها مفتوحه بينما كل لحظه تشعر بثقل شديد يدفعها لإغلاق عيناها والاستسلام لشعور الخدر الذي يسري بعروقها منذ ساعات ...مجددا أسرعت لتفرغ ما في معدتها التي لم يكن بها شيء من الأساس مما جعل جسدها بحاله شديده من الوهن 

أمسكت بكل قوتها بالإطار الرخامي لحوض الاستحمام حتي لا تقع وقد بدأت ساقيها تخونها وتلك الدوامات السوداء تلوح أمام عيناها تتمازج برؤيتها التي تشوشت ....أحاطت بطنها باحدي يداه بينما بيدها الأخري استندت الي الحائط لتخرج ولكن خطواتها الضعيفه بدت وكأنها لا تتحرك ....

شعور شديد بالوهن أصابها لاتدرك من حاله الحزن التي تعيش بها أم أنها مرضت لترتمي علي الفراش وتغمض عيناها في محاوله منها للتماسك ولكن تلك الرجفه والشعور بالبرد تملك منها وجعل حالتها تزداد سوءا ولم تعد تقوي علي الاحتمال لتبحث بعيون واهنه عن هاتفها اول ما فكرت به هو حاجتها إليه ...ستتصل به فهي تشعر أنها ليست بخير وتحتاج إليه ليكون بجوارها ....بصعوبه حاولت رفع جسدها الواهن ومازالت تبحث بعيناها عن هاتفها الذي رأته بعيون مشوشه علي الطاوله بجانب الغرفه لتحاول جر ساقيها ولكن بدت لها الخطوات لا نهائيه وهي تحاول التمسك ببقايا وعيها بينما لم تعد تحتمل الصمود أكثر ...كل خطوة كانت تأخذها الي عالم اخر وتفصلها عن عالمها ليمتزج ببقايا وعيها ذلك الصوت الذي ينادي باسمها وكأنه اتي من وادي سحيق 

: وسيله ....صوت ينادي اسمها تاره بصوت جدتها وتاره بصوت عمر وعيناها تدور بارجاء الغرفه او أن الغرفه هي ما أصبحت تدور حولها وهذا الصوت يناديها ويتعالي ليمتزج بطرقات خفيفه علي النافذه ولكن كل هذا لم يعد يصل إليها بل اخر ما شعرت به هو دوران الغرفه حولها بقوة ثم صمت سبقه صوت قوي لارتطامها بالأرض 

بقلق تابعت هدي مناداه اسمها والطرق علي النافذه الزجاجيه وهي تحاول النظر من خلفها ولكن الستاره الحريريه حجبت الرؤيه عنها لتعود لتطرق علي الزجاج 

بكل قوتها حينما وصل إليها صوت ذلك الارتطام .... لتلتاع هدي بقلق وبسرعه تتجه عائده الي تلك الفتحه بين الحديقتين تنادي بلهفه : انور ..انور 

اسرع الرجل إليها لتشير الي النافذه : اكسر الازاز ياانور 

نظر لها انور برفض وعدم رضي لتقول بقلق : 

في حاجه اكيد أنا سمعت صوت خبطه شديده 

قال برفض : يادكتورة مينفعش الي بتقوليه ده لو سمحتي يلا بينا 

هزت راسها برفض : لا ياانور مش همشي قبل ما اطمن عليها 

اوما لها قائلا علي مضض : طيب سيبيني اتصرف انا 

اومات هدي ليتركها انور ويتجه الي الخارج ...دار من حول المنزل ثم اتجه الي بوابه الحديقه الاماميه وهو يتلفت حوله قبل أن يجد أحدي النوافذ مفتوحه و منها سرعان ما كان يقفز للداخل وهو يتلفت حوله بحذر 

اتجه الي النور المفتوح بأحد الغرف ليمد يده الي مقبض الباب يفتحه ببطء وحذر شديد ....فتح الباب بعد أن تأكد من عدم وجود أي حركه لتتحرك عيناه في أرجاء الغرفه 

حتي وقعت علي تلك المتمدده أرضا .....

اسرع إليها ينظر بحذر وهو يدير وجهها ليري خط بسيط من الدماء علي شفتيها اثر ارتطامها بالأرض 

طرقات هدي الغير صبورة جعلته يترك وسيله مكانها علي الأرض ويسرع ليفتح النافذه لتتسع عيون هدي بهلع ما أن رأت وسيله ممده علي الأرض 

صاح انور بتحذير لهدي ما أن اقتربت منها : 

بلاش تلمسيها يادكتورة احنا مش عارفين حصل ليها ايه 

قالت هدي وهي ترفع راس وسيله برفق :

متخافش مغم عليها 

امسكت بيدها وحاولت فحص أنفاسها لتقول سريعا لانور 

: شيلها وهاتها علي المستشفي بسرعه ياانور 

عقد حاجبيه برفض يأس من إقناعها به 

لتقول باصرار : نبضها ضعيف اسمع الكلام ياانور 

.........

......

عقدت غرام حاجبيها حينما رأت ايهم يستبدل ملابسه ولم يخفي عليها أنه تحرك بعد وصول تلك الرساله الي هاتفه لتتابعه عيناها وهي بداخلها تريد أن تسأله الي اين يذهب ولكن ملامح وجهه لا تشجعها ....اتجهت إليه لتقول وهي تتصنع عدم الفضول ..: انت خارج ؟!.

القي إليها نظره متبوعه بصمته لتستدرك قائله بسرعه : انا يعني قصدي أجهزلك هدومك 

قال ايهم وهو يهز راسه بينما بالفعل قد جذب أحدي القمصان ووضعه فوق جذعه : لا 

اومات وتراجعت خطوه للخلف وعيناها بيأس تنظر إلي هذا الهاتف والفضول يقتلها لتعرف ماجعله يقرر الخروج سريعا هكذا لينفلت السؤال من بين شفتيها : هتتأخر 

مجددا نظرته اربكتها لتخفض عيناها وهي تستمتع الي نبرته المقتضبه : لا راجع علي طول 

اومات غرام ليجذب ايهم هاتفه ومفتاح سيارته ويتجه الي الخارج وتبقي غرام واقفه مكانها تتسأل عن ماكن ذهابه ....لتزفر دون إرادتها بينما كأي زوجه تغلبعدها فطرتها برغبتها لمعرفه كل شيء عن زوجها ولكن حينما يكون زوجها رجل كأيهم صامت هذا يجعل مهمتها مستحيله ..!

.......

...

نفخ عمر دخان الارجيله بهدوء مستطير ظاهري وزائف يعاكس تماما الغضب الملتهب بداخله والذي قرر أن يتجاهله بالتظاهر أنه بخير ويعيش حياته ولا يهتم لوجودها من عدمه مادامت لا تريده ...سعلت تلك الفتاه الجالسه بجواره ولوحت بيدها تزيح اثار الدخان الذي عبق المكان حولها بينما عيونها ذات الاهداب الطويله لا تترك انش بعمر ولا تتأمله بعيون راغبه لتمد يدها تجاه عضلات صدره الظاهره من فتحه قميصه تداعب سلسته الفضيه بينما تقول باغواء : شكلك زهقت يابيبي ما تيجي نكمل السهره عندي 

نفخ عمر القليل من الدخان بوجهها وهو يقول بعبث : هتضيعي ليا الزهق 

اومات الفتاه متشجعه بنظراته التي تطوف فوق جسدها الذي ظهر أغلبه من فستانها العاري لتهمس بدلال : هنسيك اسمك مش الزهق وبس 

ضحك عمر عاليا وكأنه يؤكد لنفسه بضحكته أنه سعيد ولا يهتم ليميل تجاه الفتاه ويمرر أنامله فوق شفتيها قائلا بوقاحه : هتعملي ليا ايه ؟!

لم تبعد الفتاه أنامله التي تتحرك فوق شفتيها المنتفخه بل قبلت أنامله وهمست باغواء بتلك الكلمات الوقحه بجرأه ليحاول عمر دفع نفسه دفعا للاستجابه والتفاعل مع تلك الفتاه ولكن كيف وكل ما يراه هو انعكاس صوره وسيله علي وجه تلك الفتاه التي لم تتوقف عن إثارته بينما مدت يدها بجراه تمررها فوق ساقه : يلا ومش هتندم !

: عمر ..قوم معايا !

رفع عمر عيناه تجاه تلك الكلمات التي خرجت من فم ايهم الذي وقف أمامه بملامح وجه ساخطه 

لتنظر الفتاه الي ايهم وتقول بنبرة رقيقه مرحبه: الداخليه منورة يا باشا 

نظر لها ايهم بسخط ثم اشار لها بعيناه أن تغادر ولمن الفتاه تجاهلت نظرته ومالت تجاه عمر حتي التصق جسدها البض بصدره بينما تقول بدلال بجوار أذنه : هستناك برا 

اوما عمر لها لتقوم بخطوات متمايله ويشير عمر بعيناه تجاه ايهم : اقعد ...واقف ليه ؟

نظر له ايهم بسخط وكرر كلماته : قوم معايا 

لم يقم بإرادته بل بجذبه يد ايهم لذراعه يوقفه ويسحبه لخارج ذلك الملهي ....نظر له عمر بحنق وهو يتوقف مكانه : ايه ياايهم ساحبني زي البهيمه وراك كده ليه ....ها عاوز ايه 

ترك ذراعه بعنف هاتفا بتوبيخ : انت اللي عاوز ايه من واحده زي دي 

رسم عمر اللامبالاة التي اعتادها بينما يقول بنبره لعوب : وهي اللي زي دي الواحد بيعوز منها ايه 

عقد ايهم حاجبيه ونظر الي عمر بسخط : بيعوز منها حاجه انت مش محتاج ليها عشان عندك مراتك تغنيك عن الحرام 

بقله لياقه وبسخريه جارحه ضحك عمر هاتفا : هوب هوب يا شيخ ايهم واحده واحده عليا احسن اصدق كلامك !

انتفخ وجه ايهم بالغضب بينما فهم مغزي كلمات عمر الذي تابع قاصدا جرحه : ايه يا باشا انت نسيت عزه وبناتها 

نظر له ايهم باحتقار وهتف هو الآخر ساخرا : لا منستش يا صاحبي بس هبقي افتكر المره اللي جايه اتكلم عن حياتي قدام مين عشان واضح اني كنت بتكلم مع عيل جاي يعايرني 

اشاح عمر بوجهه ساخطا علي نفسه بينما يحول غضبهوما لجرح الآخرين وليس اي آخرين بل اقرب الناس إليه ليسرع يمسك بذراع ايهم الذي القي إليه نظره محتقره ثم استدار ليغادر : استني يا ايهم ....نظر له ايهم بحنق لينظر له عمر باعتذار : مكنتش اقصد ....انا ....انا اصلا مش عارف بقول ايه 

هتف ايهم بسخط شديد : ولا عارف انت بتعمل ايه ..!

نظر إليه بحده وتابع : ايه اللي جابك مكان زي ده 

قال عمر وهو يشيح بوجهه : مخنوق 

صاح ايهم بعصبيه : تقوم تيجي تعمل الغلط 

هتف عمر باعتراف : مكنتش هعمل حاجه ...بضيع وقت 

نظر له ايهم بشك ليهز عمر رأسه ويتابع : بعمل اي حاجه تخليني مفكرش أنها مبقتش عاوزاني 

عقد ايهم حاجبيه باستفهام : وسيله ؟!

اوما عمر وقال بنبره أبدت اهتزازه الداخلي : مبقتش تحبني وعاوزة تبعد عني 

السؤال الطبيعي لم يكن أبدا عن وسيله بل عن عمر : عملت ليها ايه وصلها لكده ...ماهو مش هتبقي عاوزة تبعد عنك من فراغ 

نظر عمر الي ايهم بعتاب : يعني برضه انا الوحش 

اشاح ايهم بكافه هاتفا : مش فارقه وحش ولا حلو فارقه انت عملت ليها ايه وحش 

هز عمر رأسه بهروب : معملتش حاجه ...فجاه اتغيرت وعاوزة تتطلق

دون أن يقصد سخر ايهم : مش لما تبقي تتجوزها صح الاول !

نظر له عمر بحده ليهز ايهم رأسه باصرار علي ما نطق به : روح لها ياعمر وقولها هقول للكل علي جوازنا وبعدين ابقي اطلبي الطلاق 

عقد عمر حاجبيه بعدم فهم : ايه علاقه ده بده دلوقتي يا ايهم ....بقولك مش عاوزاني خلاص 

اوما ايهم قائلا : بس انت عاوزها يبقي اعمل الصح الاول وبعدين شوفها عاوزة ايه ....تنهد وتابع : اسمع كلامي وانا متاكد انها اول ما تقول لابوك هتطلع موضوع الطلاق ده من دماغها 

هتف عمر بيأس : انت هتعمل زي سيف ...عاوزين تطلعوني غلطان وخلاص ...بقولك قالت مش فارق أعلن جوازنا ولا لا ..قالت عاوزة تتطلق 

تفاجيء بأيهم يجذبه من ذراعه ويتجه به الي سيارته يوقفه امامها هاتفا : يبقي تروح لها وتتكلم معاها وتشوف السبب مش تيجي تترمي في حضن الزباله وتقول بضيع وقت ...نظر له بتقييم وتابع : انت بتضيعها من ايدك مش بتضيع وقت ..!

دفعه الي سيارته واغلق الباب ثم ضرب الباب بجواره بيده هاتفا : يلا اتحرك من هنا واياك اعرف انك جيت مكان زي ده تاني ...يلا !

..............

.....

نظر عاصم بحده الي زينه : يعني ايه اتصرفتي ...عملتي ايه ؟!

قالت بتعلثم : روحت للبنت عشان تبعد عن سكه ابني 

نظر عاصم لها بسخط هاتفا : بقي هو ده تصرفك ....البنت هي اللي تبعد عن سكته ولا كنتي تيجي تقولي ليا وانا اتصرف 

نكست زينه راسها بخزي وقالت بصراحه : خوفت من رد فعلك 

نظر لها عاصم ساخرا : تقومي تداري عليه وتخبي عليا 

نظرت له زينه باعتذار : مكنتش اقصد ياعاصم بس زي ما بقولك خوفت تتخانق معاه 

لوي عاصم شفتيه بسخريه مرددا : علي اساس اننا بنبطل خناق 

اومات زينه باسي : ماهو عشان كده انا خوفت ....اقتربت منه وأمسكت ذراعه برجاء : عشان خاطري ياعاصم بلاش تشد معاه ...هو غلطان وحقك تاخد منه موقف بس بلاش بطريقتك زي كل مره ....قاطعها عاصم وهو يسحب ذراعه من يدها وينظر لها بجفاء ثم يشيح بوجهه لتقترب زينه منه وتقول برجاء : عاصم متزعلش مني .... افهمني

قال عاصم باقتضاب دون أن ينظر إليها : سيبني لوحدي يا زينه 

هزت زينه راسها واعادت كلماتها : طيب انا غلطانه بس عشان خاطري بلاش تتخانق معاه ...تنهدت وهي تضع 

يدها علي قلبها الذي تعب من هذا الجفاء الدائم بين زوجها وابنها : انا تعبت ياعاصم ونفسيتي بقت زي الزفت من كتر الخناق بينك وبين عمر ....عمر راجل كبير وكل مره بيتجاوز عننا ويبعد وفكره الخصام والزعيق خلاص مبقتش تفرق معاه لازم نشوف طريقه تانيه ..

قاطعها عاصم بحزم : خلاص يا زينه انتهي الكلام 

نظرت له بعتاب لعصبيته عليها ليزفر عاصم ويقول بشرود : مش هتخانق ولا حاجه !

نظرت له برجاء : طيب ناوي علي ايه 

القي إليها عاصم نظره معاتبه : يهمك في ايه ...مش انتي خبيتي عليا يبقي متفكريش تسأليني عن أي حاجه !

.........

...

فتحت وسيله عيناها بعد أن استجابت لهذا الصوت الذي ينادي اسمها لتجد نفسها تنسحب من ذلك الحلم وصوت جدتها و عمر يبدأ بالابتعاد كما صورتهم التي بمخيلتها بدأت تبتعد .... لتقطب جبينها بقوة بينما تعتصر عيونها وهي تحاول فتحها لتعتاد هذا الضوء القوي حولها .... فتحت عيناها بصعوبه لتري هدي تنظر إليها بلهفه قائله : 

وسيله حمد الله علي السلامه ؟!

رمشت وسيله باهدابها وخرجت الكلمات من حلقها المتحشرج : ايه الي حصل ؟!

قالت هدي بحنان : متخافيش انتي كويسه 

شعرت وسيله بهذا الالم لترفع يدها تمررها فوق شفتيها المجروحه وهي تسأل مجددا : انا فين ...ايه اللي حصل ؟!

: في المستشفي 

هزت وسيله راسها وحاولت أن تعتدل جالسه : 

انا كنت في البيت 

قالت هدي وهي تساعدها علي الجلوس بينما ترفع يدها المعلق بها السيروم المغذي برفق : اغم عليكي وانا جبتك المستشفي ... 

رفعت وسيله عيناها تجاه هذا السيرم المعلق بيدها لتسألها هدي: اخر مره أكلتي امتي يا وسيله ....انتي جالك هبوط شديد ووقعتي ...الحمد لله اني فكرت اطمن عليكي والا الله اعلم كان ايه ممكن يحصلك 

لم تصل اغلب كلمات هدي الي وسيله التي كان راسها يطن بألم شديد ولكن ما أن دخل أحد الأطباء ووقف يتحدث مع هدي ببعض الكلمات الهامسه لتتجه هدي الي جوارها مجددا حتي تأهبت كل حواسها بعد أن فتحت هدي هذا المظروف المغلق وقرأت محتواه ثم ارتسمت علي شفتيها ابتسامه وهي تقول بثقه : 

توقعت كده برضه ....انتي حامل ياوسيله مبروك 

لم تستوعب وسيله للحظه ما نطقت به هدي وظنت أنها ما تزال غارقه بتلك الخيالات التي ملئت راسها 

لتنظر لها هدي باستفهام وتسألها بينما لم تري منها أي رد فعل سوي وجوم تستوعب به ما استمعت له : وسيله انتي كويسه ؟!

لم تعرف وسيله بماذا تجيب وهي لم تعد قادره علي التفكير بشكل صحيح طوال تلك الفتره حتي الايام الماضيه التي بدأت فيها تحاول استعاده تفكيرها جاء الان هذا الخبر ليقلب مجددا أفكارها ومشاعرها رأسا علي عقب فهي حتي لا تعرف بماذا عليها أن تشعر الأن 

اقتربت هدي منها ومررت يدها علي خصلات شعرها تبعدها خلف أذنها لتري ملامح وجهها الشاحبه لتسالها برفق : معلش حبيتي طبيعي تحسي انك لسه دايخه ... كام ساعه علي ما تفوقي والمحلول يعمل مفعول 

نظرت وسيله ببطء تجاه السيرم المعلق بذراعها لتمد يدها الأخري إليه وتحاول نزعه ...اوقفتها هدي سريعا: بتعملي ايه يا وسيله 

قالت وسيله بصوت متحشرج باهت : عاوزة اروح 

رفضت هدي قائله : مش هينفع ...انتي علي الاقل تفضلي النهارده هنا 

رفضت وسيله وأصرت لتنزع لها هدي السيرم من ذراعها برفق قائله : طيب اهدي حاضر وهروحك 

ترنحت وسيله وهي تعتدل واقفه لتساعدها هدي علي الوقوف وهي تسند كتفها لتبعد وسيله يدها عنها وتقول بشتات : شكرا ..تعبتك 

لم تفهم هدي شيء بينما بدت وسيله وكأنها في عالم اخر تترك لساقيها العنان وفقط تسير هائمه علي وجهها وبصعوبه استجابت لهدي التي اخذتها بسيارتها لتوصلها بينما كل ما تنطق به : عاوزة اكون لوحدي 

تركتها هدي بقلق لدي باب المنزل ولكن امام إصرارها لم تستطيع فعل شيء ...! 

...........

.....

رفعت غرام راسها من فوق الوساده حينما استشعرت عوده ايهم لتعتدل جالسه سريعا وتفتح الضوء بجوارها قائله : تجب اجهزلك حاجه تاكلها 

قال ايهم بصوت خافت وهو يخلع سترته : لا .. خليكي نايمه

وكيف تنام وذلك الفضول يقتلها لتنظر بعيون متطلعه الي باب الحمام الملحق بالغرفه وتطمئن أنه بالاستحمام وعلي الفور تركض تجاه سترته تمد يدها الي جيبه وتخرج هاتفه .....مررت يدها علي شاشته بتوتر بينما صوت دقات قلبها يتعالي ويكاد يصم أذنها ...ألقت نظره الي باب الحمام المغلق ثم عادت لتنظر الي شاشه الهاتف الذي انفتح سريعا ما أن مررت أناملها فوق شاشته 

لم تشعر بهذا الذي خرج قبل لحظات ووقف خلفها ينظر إلي ما تفعله الا حينما شعرت بتلك الأنفاس خلفها لتستدير سريعا تجاهه وتنطلق من بين شفتيها شهقه متفاجأه وكطفله صغيرة تنظر إليه وقد امسك بها بجرمها 

مد ايهم يداه الي هاتفه يأخذه من بين يدها وينظر لها باستفهام ليس بحاجه لنطقه لتقول غرام بتعلثم وهي تبعد خلف أذنها أحدي خصلات شعرها الذي رفعته للاعلي ذيل حصان : انا ...انا 

لا مفر من قول الحقيقه لتزم شفتيها قائله باعتراف : لما ..لما خرجت بعد ما جتلك مسج بصراحه كنت عاوزة اعرف في ايه 

رفع ايهم حاجبه وسألها بثبات لا تعرف كيف يستطيع أن يكون عليه لترفع عيناها إليه ماخوذه بسحر جاذبيته الطاغي بتلك الشخصيه : وعرفتي ؟

هزت راسها ليتحرك ذيل الحصان علي كتفها بخفه فيمنحها مظهر طفولي اثر خاصه بتلك البيجامه القطنيه ذات الشورت القصير التي ارتدتها وامتلئت بالرسوم الكارتونيه : شوفت الصورة 

نظر ايهم لها لتكمل لتجد الكلمات تخرج من بين شفتيها دون أن يبذل ادني مجهود فيكفي ثباته لجعلها تهتز 

: هو مين اللي في الصورة ده ؟!

كان ينتوي أن يغضب ويثور ولكن فضولها الطفولي جعله يكتفي بهز كتفه والنظر لها باستخفاف ... نظرت غرام إليه والتقفت أنفاسها حينما وجدته يتجه الي جانبه من الفراش دون أن يعنفها علي ما فعلته لتري اشاره خضراء تفتح لها الطريق لترضي فضولها وعلي الفور كانت تتجه الي جانبها من الفراش وتتزحزح ناحيته وتسأله بجرأه : انت مش بترد عليا ليه ...هو مين اللي في الصورة مع البنت دي .....ده صاحبك مش كده 

تنهد ايهم وقال باقتضاب : غرام بطلي اسئله متخصكيش ونامي 

افلتت زفره من صدرها دون أن تقصد بينما تقول بتذمر: مش عاوزة انام 

التفت اليها لتتراجع بظهرها سريعا للخلف بوجل منه حينما هتف من بين أسنانه بغضب مزيف حتي يسكتها : امال عاوزة ايه ؟

هزت كتفها وقالت متشجعه : عاوزة اتكلم معاك زي اي اتنين متجوزين 

اعتدل ايهم جالسا وهتف بقليل من الحده : عاوزة تتكلمي ولا بتفتشي ورايا 

رمشت باهدابها وقالت بقليل من الخجل : مقصدش. ... كان عندي فضول بس 

رفع حاجبه قائلا : ومسألتنيش ليه ؟! 

رفعت غرام حاجبها هي الأخري قائله باستنكار : ماهو انا لما بسألك علي حاجه انت مش بترد ....اصلا انا مش بعرف اطلع منك كلمتين علي بعض فقولت اعمل كده 

زم ايهم شفتيه بضيق وتراجع عن تعنيفها ويستدير متجها ناحيه الفراش قائلا : متبقيش تعملي كده تاني !

دخل لجانبه من الفراش وجذب فوقه الغطاء بينما بقيت غرام واقفه مكانها تشعر بالخجل من فعلتها وتري رده عليها وكأنها طفله صغيرة وبخها ابيها لتتجه الي جواره تخبر نفسها أن تكتفي بما حدث شاكره أن هذا كان فقط رد فعله ولكن بداخلها نمي شعور جديد وتساؤل بأنها لماذا تخشاه بينما هاهو لم يكن رد فعله مخيف كما تخيلت لذا فليس عليها إلا أن تحتل المزيد من تلك المساحه التي تخشي الاقتراب منها .....فتح ايهم عيناه حينما شعر بتلك اليدين تحيط به من ظهره بينما احتضنته غرام بجراه ووضعت راسها علي كتفه تتمتم بجوار أذنه بهمس خافت : متزعلش مني !!

ابتلع ايهم وبقي مكانه للحظه لا ينكر بها أنه استعذب ذلك الشعور الجديد بأن هناك من يحتضنه كحبيب يخشي غضبه اي أن كان ...!

ببطء استدار إليها لتقابل عيناه ملامح وجهها التي كانت مكسوه ببراءه محببه بتلك اللحظه وهي تتطلع إليه كقطه صغيرة مخطئه وتبرر بكلمات غير مهندمه أثارت بداخله فوضي : بصراحه غيرت عليك !!

رمش ايهم باهدابه بينما تدخل الي قاموس حياته كلمات وأفعال كان قد نساها منذ زمن ليردد وهو يحاول الا يبدي هفوه لتلك المشاعر الجديده كليا عليه : غيرتي ؟!

اومات غرام وبرعونه قلبها الغر كانت تفيض بما تشعر به وهي تهز راسها وتحنيها بخجل محبب : ااه ... مش انت جوزي ...يبقي لازم اغير عليك ! 

يشعر بلذه واستعذاب لكل ما يسمعه ويعيشه وكأن الزمن عاد به سنوات للوراء ولكن كل مشكلته أن الزمن حينما عاد به عاد بقطار أخطأ بمحطته فجعل لذه الوصول شائبه بخطأ الاختيار .... هبت رياح ذكريات كثيرة يتمني لو لا يفكر بها الآن بالذات وفقط يستجيب لتلك المشاعر ولكن صلابه عقله منعته ووقفت متضامنه مع رصانه فكره الذي يخبره أن زمن تلك المشاعر ولي وانتهي ...طالت نظراته إليها ولم تكن تدري شيء عن تفكيرة ليخفض عيناه الي يدها التي وضعتها فوق يده وهي تسأله : مالك بتبص ليا كده ليه ؟!

هرب ايهم من كل تفكيرة بالإجابة علي سؤالها قائلا : بلاش ابصلك 

هزت غرام راسها بخجل قائله : لا ...بص لي زي ما انت عاوز 

اوما ايهم وهو يميل تجاه شفتيها يطبع علي جانبها قبله رقيقه وكأنه يعتذر عن عدم استطاعته السيطرة علي صلابه عقله تجاهها بينما وضعها بمكان معين به وليس بتلك السهولة أن ينقلها الي مكان آخر كما تفعل هي وكأن ما مضي لم يكن وهي تعيش معه دور الزوجه بكل تفاصيله التي تشعر بها 

رفعت غرام وجهها إليه لتنفرج شفتيها قليلا وكأنها تدعوه لإسكات اي كلام أو تفكير والتهامها والاستمتاع بكل انش بها بعيدا عن هذا الواقع ليمد أنامله الي ذقنها يرفعه برقه ناحيه وجهه الذي مال به تجاهها ملتقطا شفتيها التي تركتها له غرام مغمضه عيناها وتلك الفراشات تحلق حول قلبها الغر الذي وقع بغرام الأربعيني !!

........

...

نظر عمر الي ابيه بجبين مقطب وباستنكار شديد كان يردد : قررت وهتختار !!

اوما عاصم لينظر الي ابنه وكل ملامحه تخبر عمر بمدي حزم كلماته ليضيق عمر عيناه وهو يحاول كبح تلك الثورة التي اندلعت بداخله من كلمات أبيه التي فكر ولو للحظه أنه لا يعنيها لذا فليهدا ليقول بتمهل : يعني حضرتك جايبني عشان تقولي انك قررت تجوزني وكمان هتختار ليا العروسه !

اوما عاصم ومازالت نظراته الحاده تتطلع الي عمر الذي افلتت سخريته بقله لياقه : وحضرتك مستني مني ايه ...انزل وشي للأرض واهز راسي واقولك موافق ***( أفلت هذا اللفظ النابي من بين شفتيه بخفوت ) 

ليضرب عاصم المكتب بقبضته مزمجرا : عمر ....اتكلم بأدب ..انا مش جايبك نتخانق انا جايبك نتكلم 

هز عمر رأسه بعنفوان: لا حضرتك جايبني عشان تبلغني قرارك مش عشان نتكلم 

قال عاصم باقتناع : وانا قراري صح !

لوي عمر شفتيه ساخرا : قرارك في انك تختار ليا اللي اتجوزها 

قال عاصم بحزم : قولتلك قبل كده عشان مش واثق في اختيارك ....قبل أن تحتدم الأمور لطف عاصم من حده نصل كلماته : انت لسه صغير ياعمر وانا عيشت كل اللي انت عايشه دلوقتي وعشان كده حالك هيتصلح لما يكون ليك بين وزوجه مسؤولين منك 

اوما عمر بينما بدأت الدماء تسري بعروقه وهاقد جاءت الفرصه لاخبار أبيه : اتفقنا علي اخر جزء وانا معاك ...انا عاوز استقر 

اوما عاصم بتشجيع : يبقي انت موافق علي قراري 

: بس مش موافق طبعا انك تختار ليا ....دي مش عروسه لعبه هتختارها ليا دي هتبقي شريكه حياتي 

نظر له عاصم بتوبيخ : حياتك ايه ....حياتك اللي متلخبطه ومفيش فيها إلا المشاكل ولا شغلك اللي يوم تروحه وعشره لا ...حياتك دي محتاجه سله زباله ترميها فيها وتبدأ من جديد 

احتدمت نبره عاصم أكثر وضيق عيناه ليدفعه لقول ما بداخله والاعتراف بخطأه وهو يتابع : ولو سبتك تختار هتختار واحده زباله من اللي تعرفهم والي آخرهم بنت رشدي اللي راحت ترسم علي صاحبك اللي برضه كان مستقبلك هيضيع بسببه 

كم كانت جارحه الحقيقه وعاصم يلقيها دفعه واحده في وجه عمر الذي سخنت الدماء بعروقه وسرعان ما كان يهتف بسخريه قصد بها جرح أبيه كما جرحه : وايه يعني لما اختار غلط ماهو حضرتك عملتها قبلي 

نظر له عاصم للحظه بعدم فهم ليتابع عمر ساخرا بشده : اعتقد انك كنت مختار بنت سفير ...وكانت اختيار غلط 

انصدمت ملامح عاصم من تذكير ابنه له بتلك الحقيقه التي نساها منذ زمن ولم يتخيل أن يكون ابنه علي علم بها ليبتسم عمر بتشفي بينما اخذ حق جرحه من أبيه الذي نظر له بعيون وقحه وتابع : علي ما افتكر تيته كانت قالت ليا أنها خلتك تبيع لها شركتك وانت مش في وعيك !!

....عض عمر علي شفتيه بحركه مسرحيه وتابع : هذا الشبل من ذاك الاسد يا بابا ....!

انهي عمر كلماته واتجه الي الباب بخطوات غاضبه يعد الخطوات ليخرج من الغرفه ومعها يخرج من ثوب البرود الذي ارتداه وكأنه درع واقي من كلمات أبيه الجارحه 

: عمر !

توقف عمر مكانه حينما ناداه أبيه بنبره حازمه بينما توقع ثوره أبيه القادمه ليتفاجيء بعاصم يقوم من خلف مكتبه ويتجه إليه ويقول بهدوء بصعوبه استطاع أن يتحدث به : لو فاكر اننا أعداء وانك بكلامك ده بتجرحني تبقي غلطان ...مش غلطان انك جرحتني ...لا غلطان انك فاكر اني عدوك ...

أمسك بكتفه وتابع : انت ابني ياعمر وزي ما انت قولت هذا الشبل من ذاك الاسد يبقي الأسد عارف كل اللي الشبل عايشه ومش عاوزه يكرر غلطاته

انقلبت موازين عمر للفته عاصم بينما كالعاده توقع ثوره وغضب ينتهي ببعد وقطيعه ليجده هدوء وباقي للحديث 

: حقي اعيش تجربتي 

اوما عاصم : وانا حقي اخاف عليك من نفسك ....اسمع كلامي ياعمر وخليني اختار ليك زوجه تصلح حالك زي ما انا حالي اتصلح علي ايد امك !

خرجت نبره عمر متحشرجه : عشان حبيتها اتغيرت عشانها !

نظر عاصم الي ابنه وقال بأسي : اللي زيك ميعرفش يعني ايه حب !....انت من لحظه واحده مترددتش انك تعاير ابوك بماضيه عشان كلامي معجبكش يبقي هتحب ازاي ؟! 

غص حلق عمر بينما صورته ستظل كما هي ولن تتغير 

ليهز رأسه وينظر لأبيه نظرته المليئه بالكبرياء الذي يمنعه من أن يعترف بخطأه أو يحاول تحسين صورته وكأنه في جبهه حرب سينتصر طالما بقي علي موقفه : عندك حق وبما اني مش بعرف احب يبقي ولا هحب اللي اختارها ولا اللي انت تختارها ليا ....نظر إلي أبيه بتحدي وتابع : حتي لو اخترت ليا بنت وزير أو سفير 

احتقن وجه عاصم لتلميح ابنه ليهتف بعنفوان : يعني ايه ؟!

قال عمر ببرود : يعني قرارك واختيارك للاسف احتفظ بيهم لاني مش عاوز اتجوز !

.........

...

خرج عمر من الغرفه وهو يبدأ بالإفراج عن ملامحه الغاضبه التي أخفاها خلف قناع بروده ولكنه لم يكد يفعل هذا حتي اصطدم بأخيه الذي وقف مطولا ينظر إليه بصمت ولكنه كان صمت بألف كلمه ... صمت يعاتبه به 

ليتظاهر عمر بعدم الفهم وهو يهتف بضيق : في ايه يا سيف انت كمان بتبص ليا كده ليه ؟!

نظر له سيف بسخط وكل ما نطق به هو سؤاله بنبره موبخه : مقولتهلهوش ليه ؟!

زفر عمر بقله لياقه هاتفا : انت بقيت بتتصنت كمان !

لم يبدي سيف اي اهتمام لاتهام أخيه الذي يريد به الهروب من المواجهه ليقول ببرود : رد علي سؤالي ؟!

دون إرادته خانته نبرته لتخرج غاضبه وساخطه وهو يعبر من جواره أخيه يتجاوزه : مبقتش فارقه هي مش عاوزاني !!

عقد سيف حاجبيه وتطلع الي أخيه الذي لم يمنحه الفرصه للتساؤل وسرعان ما كان يتجه الي الباب بخطوات غاضبه يركل بها الأرض ركلا .....شهقت شهد بفزع حينما ظهر عمر امامها بينما كانت للتو تدخل من الباب وهو يخرج لتتسع عيناها بصدمه حينما ازاحها عمر من أمامه صارخا بتوبيخ : يوووه ما توعي من قدامي ! 

قبل أن تقول شيء كانت تستمع الي سيل من تبرطمه الخافت وهو يتجه الي سيارته : قرف ..عيشه تقرف !

غص حلق شهد بينما يوم يلو الاخر لا يفوت فرصه دون التعامل معها بتلك الطريقه الجافه المشوبه بالاهانه 

التفتت الي سيف الذي شاهد ما حدث ليقول لها برفق : معلش يا شهد ....حقك عليا 

اومات شهد وهزت كتفها : ولا يهمك ياسيف بيه !

ابتسم سيف لها قائلا بمرح ليراضيها : ما خلاص بقي ياشوشو حصل خير 

.........

.....

لماذا الان ....؟!

سؤال كان لايفارق عقل وسيله التي لم تفارق الفراش منذ أن علمت بخبر حملها الذي أعادها لنفس الدائرة من شتات التفكير والتي كانت للتو تحاول الخروج منها والتفكير بصفاء لتعود مره ثانيه لنفس العتمه....!

حاولت أن تقاوم شعورها بالضيق وأن تبتعد عن التفكير حينما فجاه راودها شعور جديد .... شعور بالجوع !!

فجاه بعد أن كانت تقضي ايام بلا طعام الان شعرت بالجوع وكأنه تذكره لها بأنها لم تعد الوحيده التي تشعر بل هناك شيء جديد صغير ينمو بداخلها يشعر .... وضعت لقمه في فمها مستجيبه لهذا الشعور الذي دغدغ حواسها وأخذها بعيدا عن التفكير في حياتها أو في عمر بل شعرت ببزوغ شمس جديده تنشر نورها علي استحياء تجاه هذا المستقبل الذي أغمضت عيناها وحلمت به لتري طفل صغير يركض الي حضنها في حديقه واسعه وصوت ضحكاته يمليء المكان ....طالت تخيلاتها واصطحبتها معها الي شاطيء البحر الذي جلست أمامه باستمتاع وهي مغمضه عيناها مستجيبه لتلك التخيلات .... يقين وصل إليها بالرغم من العتمه التي تشعر بها الآن بأن المستقبل مشرق مع هذا الطفل دون أي تفكير في كيف سيكون فقط هذا اليقين هو ما جعلها تشعر بالراحه وهي تفتح عيناها تعود الي واقعها بينما بدأت تشعر بالبرد ...!

مجددا شعور جديد ....طبيعي أن يشعر الإنسان بالجوع والبرد وسواه من المشاعر ولكن بعد فتره طويله من الاكتئاب نفقد تلك المشاعر ونتحرك بأليه وهذا ما كان يحدث معها الايام الماضيه .

فرك سيف وجه وعاد مجددا ليضغط زر الجرس مرارا 

ليقف أمام البوابه للحظات يفكر هل اخذها عمر الي مكان آخر ...!!

هز رأسه وتذكر كلمات أخيه بأنها لم تعد تريده ليتجه الي سيارته ويتحرك بها وعيناه مليئه بالغضب الدفين من أخيه الذي يكسر ويبعثر كل ما حوله دون أي اعتبار لمن حوله لذا عليه أخذ تلك الخطوه ولكن هاهي خطوته بائت بالفشل حينما لم يجد بغيته المتمثله بوسيله .....!!

وضعت وسيله يدها في جيب بنطالها الخفيف وهي تسير عائده الي المنزل تحاول تدفئتها لتتراجع سريعا بوجل ما أن اقتربت تلك السيارة من الرصيف بجوارها 

قبل ان تقول شيء كان سيف ينزل سريعا من سيارته ووجهه مليء بتلك الابتسامه حينما رأها فجاه أمامه 

: وسيله....انتي كنتي فين ...انا كنت بدور عليكي ؟!

استغربت وسيله مجيء سيف ولم تسعفها الاجابه لتقول بتردد : انا ...انا كنت بتمشي شويه ...في حاجه 

اوما سيف وقال بلياقه : لا ابدا ...اسف اني سألت حاجات كتير ...الاول قوليلي عامله ايه 

قالت بود : الحمد لله 

اشار لها : تعالي عاوز اتكلم معاكي شويه 

ادخلها الي السيارة وركب بجوارها ليلاحظ علي الفور حركه يدها علي ذراعيها تحاول تدفئتها ما أن دخلت الي دفء السيارة ليسألها برفق : انتي بردانه 

اومات بابتسامه لم تخفي ملامح وجهها الباهته : يعني شويه ...ملبستش تقيل وانا نازله 

مال الي الخلف سريعا وهو يتذكر تلك الأكياس التي بها بعض مشتريات زوجته والتي تركتها بالأمس ونسي اخذها معه لها وكأنها وجدت لهذا الوقت .....جذب وشاح شتوي ثقيل من الفرو وأعطاه لوسيله بود : اتفضلي ...كويس أن تينا نسيت الحاجات دي هنا 

ترددت وسيله وهي تقول بحرج : لا مفيش داعي انا اصلا خلاص راجعه 

هز رأسه باصرار : ولو برضه ....البسيه يدفيكي 

ابتسم لها بينما تحيط كتفها بالوشاح الناعم الذي غلف جسدها بالدفء فورا وانطلق بها الي المنزل عائدا 

ليعم الصمت بينهم وسيف يرتب مقدمه لقراره الذي أخذه وجاء إليها لتنفيذه .....

هزت وسيله راسها مرارا وهي تردد برفض نطقه لسانها قبل أن ينطقه عقلها : لا... لا... انا مقدرش اعمل كده في عمر 

عقد سيف حاجبيه لرفضها الفوري ما أن أخبرها بأنه جاء لأخذها الي ابيه ليقول ما لايريد عمر قوله وينتهي هذا الأمر 

لتهز وسيله راسها مجددا وكأنها تسمع نفسها ما تنطق به لتقنعها : حتي لو زي ما بتقول ده الحل الوحيد ... مينفعش اعمل كده في عمر ..انا كده ابقي بغدر بيه 

نظر سيف إليها باستنكار لهذا الايثار الزائد لعمر عن نفسها : ليه يا وسيله ....فين الغدر ....انا بقولك هنعمل اللي المفروض هو يعمله 

اومات وسيله قائله بعقل مشتت : ادي انت قولت ...المفروض هو يعمله مش احنا !!

هتف سيف بحنق : وهو مش هيعمل كده طول ما انتي ساكته !

ابتلعت وسيله بينما اصابتها حقيقه كلمات سيف لتقول بخزي : عموما كده كده انا خلاص طلبت من عمر الانفصال 

ضيق سيف عيناه : وده الحل من وجهه نظرك ...تنفصلي عنه في السر زي ما اتجوزتوا في السر 

اشاحت بعيناها متهربه من نظرات سيف التي ملئها الاتهام بالتخازل لتخونها غصه حلقها وهي تقول بوجع : مكنتش اعرف انه في السر !!

اوجعته نبرتها ليقول باعتذار وهو يتوقف امامها : انا اسف يا وسيله ...صدقيني مش قصدي ...انا خايف عليكي وعارف اد ايه عمر ظلمك وعشان كده جاي اقف معاكي ضد الظلم ده ....تعالي معايا وانا هقول لبابا علي كل حاجه وهتدخلي بيتنا وعيلتنا وهتاخدي الاعتذار اللازم من بابا وماما عن تصرفات عمر ...وعمر لوحده اللي هيدفع تمن غلطته في حقهم وحقك 

نظر لها برجاء : اسمعي كلامي وخليه يواجهه عواقب تصرفاته لوحده مره في حياته 

تابع رجاءه وهو يتطلع اليها : ماما وبابا هيقبلوكي لانهم هيبقوا متأكدين انك ضحيه لتصرفات عمر الطايشه ولو حد هيتعاقب هيكون هو مش انتي !

رفعت يدها ببطء تجاه بطنها وهي تفكر للحظه بكلمات سيف التي توقيتها لم يكن انسب وكأنه ترتيب القدر .....حتي وان قررت الانفصال فإنها لا تنكر بأن رغبتها تلك تراجعت مع معرفه خبر حملها فهي ابدا لن تجعل طفلها يعيش نفس السيناريو المؤلم الذي عاشته ستدعه يشعر بوجود دفء الام والاب وليس وهي وحدها ....المزيد والمزيد من شتات التفكير علقت به وهي لا تعرف كيف تأخذ اي قرار الا هذا القرار الذي يتوافق تماما مع شخصيتها بأنها لا يمكن أن تفعل به شيء كهذا 

لينظر سيف لها باستنكار مرددا : لا ؟!

اومات وسيله واعادت كلماتها بأسي : مش هقدر يا سيف احطه في الموقف ده 

هتف سيف بعنفوان : بس هو قدر يحطك في مواقف اصعب 

غص حلقها لتشيح بعيناها التي بدأت الدموع تتجمع بها وهي تردد : برضه مش هقدر اغدر بيه 

احتقن وجه سيف بالغضب منها لصالحها ليمرر يداه علي وجهه مرارا يحاول أن يهديء بينما يقول : طيب بلاش تاخدي قرار دلوقتي ....فكري شويه 

اقترب منها خطوه وقال بجديه : يا وسيله عمر اخويا وانا عارفه اكتر من نفسه ... لازم نعمل كده والا عمره ما هيقول وهيفضل يتهرب ويتحجج ....كل يوم بيعدي الموضوع بيكون اصعب ...اسمعي كلامي وفكري وانا هستني ردك ..!

..........

.....

ابتلعت هدي بوجل وهي متمسكه بهدوء ملامحها الظاهري بينما تجيب علي سؤال زوجها المهيب : حطيت شويه نقط لتطوير المستشفي العام وكنت محتاجه اشوف الوضع بنفسي 

استجاب شافع لها وحصلت علي اهتمامه بتلك النقطه لتبعده عن سؤاله لسبب وجودها بالمشفي الموجوده بقريه الساحل لتتابع هدي وهي تدور بذكاء مصيغه اجابتها : شوفت وقيمت الوضع وتعبت جدا وكان اقرب مكان ليا فيلا الساحل ففكرت اروح ارتاح ساعه قبل ما نرجع 

ضحكت بخفه وتابعت وهي تتوقف خلف زوجها وتخلع سترته عن كتفه العريض : بس تيجي منين الراحه يا حبيبي ...اول ما وصلت كان فيه حادثه ووقتها طبعا الواجب ناداني ولقيت نفسي جوه المستشفى وبتابع الحاله !

استدار شافع لها قائلا باهتمام : حادثه 

حمحمت هدي وقالت سريعا : شاب كان هيغرق بس الحمد لله عدت علي خير ...انت طبعا عارف هناك الرعايه علي اعلي مستوي 

اوما لها شافع قائلا بمزاح : فرق بين المستشفي العام والمستشفي الخاص 

هزت هدي راسها بابتسامه مرتاحه : طبعا يا حبيبي وده كله هتشوفه في التقرير اللي عملته ليك 

اتجهت الي الخزانه لتعلق الجاكيت بينما تتابع : هيكون خلفيه كويسه جدا ليك في اجتماع مجلس الوزراء اللي جاي 

لم تصدق كيف انتهت وهربت من هذا السؤال لتتنفس اخيرا الصعداء ..... بقلق تحرك انور يمينا ويسارا ولم يهديء الا حينما لمح هدي تجلس في أحدي اركان الحديقه وعلي الفور كان يتجه إليها لينظر حوله قبل أن يسألها : ايه الاخبار يا دكتورة 

تنهدت هدي قائله : الحمد لله يا انور ...مشكش في حاجه 

اوما انور لها بارتياح لتتابع هدي بابتسامه هادئه : وكمان بقي عندي سبب اروح بيه فيلا الساحل من غير ما يشك !

نظر لها انور باستنكار : بس يا دكتورة كده خطر ...احنا لازم منروحش هناك تاني 

هزت راسها تطمئنه : متقلقش يا انور ...كل حاجه هتمشي زي ماهي ....المهم انا عاوزة اطمن علي وسيله !!

............

....

بدأ الوعي ينتشل وسيله من نومها الذي اضحي طريقتها للهروب من ضراوة التفكير في كل شيء فاحتضنت صغيرها بكلتا يديها وتركت العنان لاهدابها تهرب من حل شيء ولكن عمر لم يجد سبيل للهرب الا إليها كما اعتاد ليجد نفسه جالس علي ركبتيه بجوار فراشها يتأملها بصمت اخترقه صوت وهو يهذي : انا مقدرش اعيش من غيرك ......ليه بتعملي فيا كده ...لسه عاوزة تبعدي عني ...انا مقدرش اعيش من غيرك !!

(( قطبت وسيله جبينها بقوة وهي تخرج للحظات من شرودها الطويل علي تذكر تلك الكلمات لتعود عيناها الي ذلك الهاتف بيدها وتنظر الي صورته برفقه أخري ويغلي قلبها باحتراق جعل دموعها الحاره تنساب من عيونها بقهر وهي تهتف ( قدرت تعيش من غيري ) 

ومجددا أغمضت عيناها وعادت لذكرياتها ....! )) 

همساته وصلت إليها لتنتشلها من نومها فتبدأ بتحريك اهدابها وهي تستمع الي كلماته التي أضافت وجع جديد الي قلبها لتتخلخل اساسات تفكيرها مجددا وتبدأ بالاحساس بأنها الجانيه وهو الضحيه حينما فتحت عيناها والتقت بعيناه التي لمعت بها تلك الدموع الملتاعه بينما كان يهذي إليها بضعفه وعدم قدرته علي الابتعاد عنها لتنطق اسمه وتبعثر ما بقي من ثباته : عمر 

نظر إليها بعتاب هامسا : ليه عملتي فيا كده ...ليه عاوزة تبعدي عني !

تعلثمت ولم تخرج الكلمات من شفتيها التي اجتذبت نظراته ورأي اثر ذلك الجرح بها حينما وقعت وارتطمت بالأرض ليرفع أنامله ببطء ويمررها فوق ذلك الجرح الخشن متساءلا بقلق : ايه اللي حصل ؟

ترددت في أخباره لترتبك وهي تقول بينما تبعد شفتيها عن أنامله : اتخبطت 

تنهد بضيق من أبعادها لانامله عن شفتيها وسرعان ما استعاد جمود ملامحه وتحول عتابه الهامس الي اتهام وهو يقوم من جوارها هاتفا بعنفوان : واضح انك مبقتيش تحبيني وعاوزة تبعدي عني 

جزء من الجمله صحيح والآخر مخطيء به فهي ما تزال تحبه ولكنها تريد الابتعاد ليس عنه ولكن عن عتمه الحياه برفقته لتصمت ولا تستطيع الشرح ويأخذ عمر صمتها سلاح ضدها فتزداد رعونه غضبه وتزداد ضراوة عقده النبذ بداخله والتي فتكت به حينما جاءت منها ليسحب أقدامه ويتجه الي خارج الغرفه متمتم بخزلان : وانا الغبي اللي مش قادر يبعد عنك !!

تنهدت وسيله واوجعها قلبها عليه لتقوم خلفه وهي تحاول التفكير في كيفيه أخباره بأنها حامل دون أن يشعر أن هذا هو سبب تراجعها لأنها لن تتراجع هكذا بل ستتراجع لبدء حياه جديده علي اسسس صحيحه فقط من أجل هذا الطفل الذي لن تجعله يعيش ما عاشته هي ...!

تحرك عمر في البهو بخطوات غاضبه ذهابا وإيابا بينما غلبه اليأس في إعادتها إليه ....فرك وجهه بحنق لتقع عيناه علي هذا الفراء الموضوع علي جانب الاريكه

عقد حاجبيه وهو يرفعه بين أنامله لتتدلي منه تلك الماركه التي ماتزال معلقه به ...أنه وشاح من الفرو جديد ...كيف حصلت عليه !

كانت وسيله تتوقف خلفه بنفس لحظه استدارته ناحيتها وسؤاله : ايه ده ؟!

بدي التوتر علي ملامحها وهي تتساءل عن الوقيعه التي قد تحدث بينه وبين أخيه أن علم بسبب مجيئه إليها وعلي الفور سيري مجددا نظريه مؤامرة تحاك من خلف ظهره 

لتقول بتعلثم وهي تهز كتفها : شال اشتريته ... بتسأل ليه ؟!

نظر بعمق الي توتر نظراتها ليتساءل بداخله عن السبب 

ولكنه لم يسأل مجددا ليتركه مكانه هاتفا ببرود حاول رسمه امامها حتي لا يبدو ضعفه أكثر : عادي !

اومات وسيله ونظرت إليه قائله : عمر انت عاوز ايه ؟

ضيق عيناه باستنكار : انا عاوز ايه ولا انتي عاوزة ايه !!

اتجه إليها بخطوات غاضبه مزمجرا : عاوزة ايه ...عاوزة تبعدي عني ...خلاص فهمت لو ده اللي انتي عاوزاه

بتعب حقيقي تنهدت وسيله بيأس عن إيصال ما تفكر به ويراه الجميع الا هو لتصمت مجددا ويكون صدي صمتها هو ذلك الباب الذي صفقه خلفه وهو يغادر !!

.........

....

بقلق بدء يسري باوصالها نظرت غرام الي الساعه مجددا لتتجه تلك المره الي الشرفه وتنظر منها للاسفل وهي تتساءل عن سبب تأخر الفتيات في عودتهم ....ساعه كامله جعلت القلق ينشب في أوصالها وهي تتحرك من الشرفه الي الداخل والعكس حتي أصبحت لا تحتمل 

بحثت عن هاتفها لتزفر بضيق هاتفه : وقته تفصل شحن

بايدي متوترة بحثت عن الشاحن لتضعه به وتتجه مجددا الي الشرفه بينما مضت ساعه أخري ولم يعد لديها احتمال لهذا القلق لتحدث نفسها وهي تدور هنا وهناك لا تدرك ما العمل في موقف كهذا : أكلمه أقوله ايه طيب ....هيموت من القلق لو عرف أن البنات لسه مرجعتش

تنهدت بثقل وعادت لتحدث نفسها : بس انا لازم أقوله ...هو هيعرف يتصرف 

نظرت في ساعتها ومجددا اخذت تحدث نفسها : يمكن الطريق زحمه ...طيب استني شويه ولا اعمل ايه 

بقله حيله وجدت نفسها ترتدي إسدال الصلاه فوق ملابسها البيتيه وتتجه الي باب الشقه تعتزم النزول والوقوف اسفل العمارة وكأن وقوفها سيبدل شيء ولكنه كان شيء تحاول به طمأنه نفسها لتجذب المفتاح المعلق بجوار الباب وتفتحه متجه الي الخارج وهي تجذب الباب خلفها لتتوقف مكانها مع إصدار المصعد صوت يدل عن توقفه لتقف لحظات بترقب والقلق يعصف بملامحها التي بدأت الراحه والفرحة تتهادي إليها ما أن لمحت طيف هنا تخرج من المصعد وعلي الفور كانت تسرع إليها : هنا حبيتي اتاخرتوا ليه ...انا كنت هموت من القلق....ابتلعت باقي حديثها بينما تلي خروج هنا خروج حلا وهي تتأبط ذراع ابيها وتلك الفرحه العارمه مرتسمه علي وجهها 

لتقف غرام متسمرة مكانها ومشاعر كثيرة تغزو كيانها بتلك اللحظه ولكنها لم تفكر فيها وكانت الاولويه هي الرد علي سؤال ايهم الذي تطلع إليها باستفهام : في ايه ....انتي كنتي رايحه فين بالشكل ده ؟!

ابتلعت غرام وقالت بتفسير بينما تقودها خطواتهم الي الداخل مجددا : البنات اتاخرت عن ميعاد رجوعهم من المدرسه وانا قلقت عليهم وكنت نازله ادور عليهم !

باستنكار وثبات نظر ايهم إليها : نازله بالشكل ده !!

تدافعت المشاعر بداخلها بينما كل ما علق عليه هيئها وكل ما نطقت به حلا هو اعتذار من بين فرحه ملامحها : سوري ياروما ...اصل النهارده انا خلصت امتحانات وبابي عدي عليا انا وهنا اخدنا نتغدي برا ومجاش في دماغنا نقولك !! 

لاتعرف غرام سبب لتلك الدموع التي تجمعت بحلقها ولا سبب لصمتها وعدم عتابها لهم بأن كان علي أحد منهم اخبارها بدلا من تركها فريسه لهذا القلق لتنظر بصمت وهي تحاول جاهده الا تبدي دموعها أمامهم وخصوصا أما نظرات ايهم الثاقبه ناحيتها بينما للحظه شعر بالخجل من أنه لم يفكر باخبارها ولكنه سرعان ما تجاوزه بينما هتفت حلا بفرحه وهي تشير الي تلك العلبه بيدها : بصي بابي اشتري ليا ايييه ....تليفون جديد 

حاولت غرام رسم ابتسامه ولكنها لم تستطيع لتجد عيناها تنظر إليه بعتاب بينما تقول بصوت متحشرج : مفيش داعي اجهز الغدا مش كده 

اومات هنا وحلا بينما انشغلوا بفتح الهاتف لتأخذ غرام خطواتها وتتجه الي الغرفه وهي تتذكر كلمات حلا : مجاش في دماغنا نقولك 

لتسخر من نفسها ومن تكون ليهتم أحد باخبارها ....!

مدت يدها لتنزل وشاح الاسدال من فوق راسها لتنساب خصلات شعرها الاسود القاتم الذي بالكاد لامس كتفيها 

والتفتت تجاه ايهم الذي دخل الغرفه للتو وهو يخلع سترته وبتأهب انتظرت تعليقه علي طول شعرها الذي قصرته لتطول لحظات انتظارها والتي كانت ستكون لا نهائيه أن بقيت منتظره بينما فهمت أنه لم يلاحظ واقتنعت أيضا أنه لن يلاحظ كما لم يلاحظ أحدهم قبل دقائق وجودها لتتهادي ملامح الخزلان الي وجهها الذي اكتسي بملامح حزن انتبه ايهم إليها ولكنه لم يقول عنها شيء بل فضل أن يتعامل بتلقائية وهو يقول : جهزي ليا الغدا لو سمحتي 

نظرت إليه ودون إرادتها أفلتت منها نظره معاتبه: هو انتوا مش اتغديتوا برا 

هز ايهم كتفه وقال ببساطه : ااه بس الاكل معجبنيش ومكملتهوش

لم يكن عليها أن تكتفي بتلك القشرة بل كان عليها أن تلفت نظره الي ما ضايقها ولكن احساسها أنه لا يحق لها العتاب أو التساؤل منعها لذا بصمت اتجهت للمطبخ لتعد الطعام له ...دخلت الي غرفه الفتيات لتسألهم بوجوم : تحبوا تتغدوا مع باباكم 

هزت حلا راسها وبقيت مركزة عيناها في هاتفها الجديد لتقف غرام مكانها تتطلع الي الفتاه التي لم تتكبد عناء الرد واكتفت بهز راسها وعلي الفور كانت تنفلت نبرتها المعاتبه : مش قادره لحظه تردي عليا ياحلا ولا برضه مجاش في دماغك ؟!

نظرت الفتاه بخجل الي غرام قائله : لا طبعا ..قامت من مكانها سريعا واتجهت الي جوار غرام قائله باعتذار : سوري ياروما متزعليش ....انا بس التليفون مجنني 

اومات غرام وانسحبت من الغرفه لتنظر هنا إليها هاتفه : انتي قليله الذوق وزعلتيها علي فكره 

نظرت حلا الي اختها : وهي هتزعل من ايه ما انا قولت ليها سوري وخلاص .


.....

.......

نظر مراد بقلق الي جوري التي شعرت بقليل من التوعك قبل قليل وسرعان ما احضر لها الطبيب الذي أشار عليها بالراحه ليجلس مراد بجوارها علي الفراش يتطلع إليها باهتمام وقلق : حاسه انك احسن 

اومات جوري وهي تريح راسها للخلف : الحمد لله

دقائق وتعالي رنين جرس الباب ليقوم مراد قائلا : اكيد طنط زينه 

وبالفعل كانت زينه وعاصم سرعان ما يحضرون للاطمئنان علي جوري التي ابتسمت لأبيها وهو يميل عليها يقبل جبينها بحنان : سلامتك يا قلب ابوكي ...عامله ايه دلوقتي 

ابتسمت جوري له قائله: الحمد لله يابابي 

اشار عاصم الي مراد الذي عاد ليجلس بجوار جوري قائلا : قوم من هنا عشان اقعد جنبها 

نظر مراد الي عاصم باستنكار كطفل صغير قائلا : ما انا قاعد جنبها ياعمي 

زفر عاصم بصبر نافذ وهو يشير لمراد بحزم : وانا بقولك قوم من جنبها عشان اقعد انا 

نظرت جوري إلي مراد برجاء وهي تكتم ضحكتها علي مشاجرتهم ليقوم مراد علي مضض بينما تلطف زينه الأجواء وهي تقول : تعالي يامراد اقعد جنبي ياحبيبي 

جلس مراد بجوار زينه يتحدث معها ليميل عاصم علي جوري التي احاط كتفها بذراعيه بحنان ويهمس لها بخفوت : قوليلي بصراحه ...ابن البحيري زعلك 

هزت جوري راسها سريعا : لا يا بابي 

نظر لها عاصم بنظره ثاقبه يستشف صدقها بينما يعيد سؤاله : امال تعبتي من ايه ؟!

قالت جوري بصدق : عادي حسيت بشويه وجع في ضهري بس حرام معملش ليا اي حاجه 

ابتسمت وتابعت بخجل : بالعكس ده كويس جدا معايا 

نظر عاصم لها لتهز راسها وتتابع : واتصالحنا خلاص 

تنهد عاصم بارتياح وبقي لحظات قبل أن يقبل وجنه ابنته ويقوم من جوارها قائلا : تعالي يا سيدي اقعد جنبها 

ضحك مراد قائلا : خلاص ياعمي اتفضل خليك جنبها انت 

ضحك كلاهما لتقول زينه وهي تخرج هاتفها من حقيبتها : انا هكلم منيره تيجي تقعد معاكي كام يوم ياجوجو تاخد بالها من طلباتك وترتاحي انتي

هز مراد رأسه قائلا : لا ياطنط مفيش داعي ...ماما هتبعت البنت اللي بتشتغل عندها 

أصرت زينه قائله بلياقه : مفيش داعي يا حبيبي ...جوري واخده علي منيره 

اوما مراد ليقوم عاصم قائلا : خد بالك منها 

اوما مراد قائلا : متقلقش يا عمي في عنيا 

ربت عاصم علي كتفه وانصرف برفقه زينه التي حاولت التحدث معه بعد ذلك الجفاء الذي يعاملها به منذ ما حدث : عاصم 

اشار لها عاصم باقتضاب : زينه انا عندي صداع ومش عاوز اتكلم 

غص حلق زينه بانكسار وصمتت بينما ألقت إليه عيناها نظرات عتابها .

......

.......

قبل منتصف الليل بقليل ترددت شهد قبل أن تخطو تلك الخطوات تجاه عمر الذي منذ عودته وهو جالس يحرق سيجاره تلو الأخري وعقله يشتعل اشتعالا والبراكين تغلي بداخله ...حك رأسه وهو يتذكر جفاءها معه والاسوء قدرتها علي الابتعاد عنه لأول مره ....قطب جبينه مع ذلك الخاطر الذي عبث بعقله للحظه وهو يتذكر ذلك الوشاح الفرو وعلي الفور كان يطاوع شيطانه ويجذب ذلك الهاتف من جيبه ويطلب كشف حساب للبطاقه الائتمانيه التي تركها لها ...جلس لحظات وكأنه جالس فوق اللهب بينما ينتظر الرساله بكشف الحساب .....قطع تفكيره صوت شهد التي لم تأخذ حذرها من عصبيته ومجددا اقتربت منه وهي تهتف بتوبيخ لم يكن يحتمله ابدا بتلك اللحظه : لو عاصم بيه 

رجع وشافك بتشرب سجاير هيطين عيشتك 

كانت بالفعل النيران متوهجهه بداخله وهاهي جعلتها تنفجر في وجهها وهي تختار كلماتها بعشوائيه ضربته بقوة ليهب عمر من مكانه ويلقي نظرات غاضبه ساخطه تجاه شهد مزمجرا بصوت جهوري : وانتي مال اهلك ...ايييه ناقص انتي كمان تعلميني الادب ...امشي غتري من قدامي ومش عاوز اشوف وشك 

طفرت الدموع من عيون شهد التي ركضت الي الداخل بخطوات تسبقها بها دموعها ..!

زفر عمر بغضب شديد وعاد ليجلس ولكنه لم يحتمل ليركل المقعد بقدمه بعنف وهو يري تلك الرساله التي لا تفيد بشراء أو سحب أي أموال منذ يومان ...!!

اشتعل عقله اشتعالا وعصفت به الظنون وهو يفكر كيف حصلت إذن علي ذلك الفراء ....!!

.....

.......

دخلت شهد الي غرفتها تبكي لتشهق بفزع ما أن ظهر ماهر امامها ...ماهر 

ابتسم لها ذلك الشاب ولكن علي الفور تلاشت ابتسامته وهو يري دموعها ليقترب منها بقلق : مالك ياشهد 

هزت شهد راسها ومسحت دموعها : مفيش ...انت ايه اللي جابك هنا ودخلت هنا ازاي 

قال الشاب وهو يتطلع إليها بهيام : جيت اشوفك ودخلت من المطبخ زي المره اللي فاتت 

اقترب منها وهمس بينما يتطلع الي عيونها الباكيه: انتي مش قولتي امك هتبات برا النهارده 

اومات شهد بتوتر سري في أوصالها وهي تتطلع حولها : اااه بس ...بس انت لازم تمشي دلوقتي مينفعش تدخل كده 

هز الشاب رأسه وقال وهو يقترب من شهد : بقي اهون عليكي تطرديني كده 

هزت شهد راسها قائله : مش بتطردك بس لو حد شافك هتحصل ليا مشكله 

تابع الشاب اقترابه منها ليمد يداه الي وجنتيها الناعمه يمسح بقايا دموعها ويقول بحنان : لو حد ضايقك انا امحيه من علي وش الأرض 

اجتذب وعده المجازي قلبها الغر لترفع إليه عيناها البريئه تسأله : بجد ياماهر 

اوما لها بابتسامه تطوف بوجهها ثم تزحف تجاه جسدها البض : طبعا ياقلب ماهر ...!

ابتسمت شهد بخجل لتشعر بحراره جسد ماهر الذي اقترب منها خطوة فسرعان ما تتراجع الي الخلف بارتباك وترفع عيناها تجاهه لتري بها تلك النظرات ..!

.......

....

دار عمر حول نفسه تاره يحاول أن يسيطر علي غضبه والا يندفع خلف تلك الشياطين التي تتراقص بعقله وتعبث بأفكاره وتاره يترك العنان لها لتتراقص علي نيران 

غضبه ....زفر مرارا وتكرارا ليشعر بالصداع الضاري يكاد يفتك برأسه التي كانت علي وشك الانفجار ليظن أن كوب قهوة قد يبعد هذا الصداع 

نزل خطوات الدرج وهو ينادي بصوت غاضب : شهد ...شهد ...!!

شهقت شهد وسرعان ما ابعدت ذلك الليث من فوقها بينما كاد يلتهم برائتها وهو يتلبس ثوب الحملان بالمغازله والكلمات الرقيقه التي جعلتها تذوب أمامه .....اتسعت عيناها تحاول استيعاب ما كاد يحدث لولا نداء عمر الذي اقتربت خطواته متزامنه مع تعالي نداءه عليها : شهد !! بت يا شهد ! 

جذبت بسرعه بلوزتها القطنيه حول جسدها تحاول إغلاق ازرارها بيد مرتجفه وهي تتجه الي باب الغرفه بينما اسرع ماهر يتلفت حوله ليجد سبيل للهرب 

فتحت شهد الباب بينما بتوتر تطلعت الي ماهر الذي اختبيء باحدي جوانب الغرفه وعيناه تتطلع الي النافذه المفتوحه ليبدو توترها جليا علي وجهها بينما كان عمر يقول بغضب : هو انا مش بنادي عليكي ...!! 

تعلثمت شهد وهزت راسها بارتباك شديد بينما دقات قلبها تدوي بصخب بين ثنايا قلبها ليعقد عمر حاجبيه ولا تفوته ملاحظه هيئتها الغير مهندمه بالاضافه الي ارتباك ملامحها ليسألها بشك واضح : في ايه يابت ...مالك ؟!

تعلثمت شهد ودون أن تقصد خانتها عيناها تتطلع الي داخل الغرفه وكأنها تتطمئن أن ماهر مازال مختبيء : مالي ...ما انا ....ضيق عمر حاجبيه وسرعان ما هدرت الدماء في عروقه وهو يري ذلك الأثر علي عنقها والذي لا تفسير لوجوده الا شيء لا يمكن أن يخطر بباله أو يصدق أن تفعله تلك الصغيرة  ليدفع الباب الموارب بيده وهو يسألها بينما عيناه تتحرك بارجاء الغرفه : انطقي يابت في ايه 

قبل أن تفتح شهد فمها كان عمر يلمح ظهر ذلك الشاب وهو يقفز بلمح البصر خارج النافذه لتلتاع نظرات شهد وتضرب دقات قلبها بداخلها بقوة بينما دفعها عمر وسرعان ما قفز خلف ذلك الشاب الذي بسرعه البرق تبخر .....تراجعت شهد للخلف برعب حينما تقدم عمر منها وانفاسه تلهث بينما ركض خلف الشاب دون أن يلحقه لتصرخ شهد بألم ما أن هوي عمر علي وجهها بصفعه قويه جعلت العالم يدور من حولها وكادت تقع ولكن يد عمر التي أطبقت علي خصلات شعرها لم تسمح لها ليصرخ بصوت جهوري ؛ مييين ده يا بنت ال **

...........

.....


نفس عميق استنشقت وسيله به رائحه الازهار التي تناقلتها نسمات الهواء البارده لتغمض عيناها وتسحب نفس يلو الاخر بينما وجدت تلك الطاقه الايجابيه تتغلغل بداخلها وهي تتذكر حديث جارتهم التي ذهبت اليها وعرفت أن جدتها لم تبيع البيت بل انتقلت منه حتي يعاد بناءه ....ستعود الي بيتها برفقه جدتها قريبا ....غدا ستذهب الي جدتها ولو لزم الأمر ستبقي أمام الباب ليل نهار حتي تقابلها وستعتذر لها وستترك لها حريه ما تريد فعله ...ستخبرها بخبر حملها وستتراجع وتقف خلفها وتترك عمر لتتصرف جدتها معه ...لن تغدر به كما طلب منها سيف ولكنها لن تواجهه وحدها بل ستكون جدتها من ستخيره أما أن يصلح كل ما أفسده أو يتركها ووقتها ستكون برفقه طفلها الذي سينشيء في كنف جدتها كما نشأت ..... أدارت وجهها تجاه جانب الحديقه الخلفيه التي جلست بها ما أن تهادي إليها ذلك الصوت الرقيق لتتسع ابتسامتها : هدي 

ابتسمت هدي لها قائله : الحمد لله شكلك احسن من اخر مره شوفتك 

اومات وسيله واتجهت ناحيتها لتزيح هدي الأشجار من حول السياج الخشبي كما اعتادت وتفسح المجال لنفسها لتعبر ....وقفت مع وسيله تتساءل عن حالها باهتمام لتبادلها وسيله الحديث : ما تيجي نقعد 

هزت هدي راسها باعتذار وهي تشير الي مريول المطبخ الأنيق الذي ترتديه : سوري يا سيلا ...بجهز العشا بس وعد هخلص ونسهر سوا نتفرج علي النجوم ....ابتسمت وتابعت بتهنيده : انا النهارده هبات هنا 

اومات وسيله قائله بلياقه : اتفقنا ...مش هعطلك 

اومات لها هدي واتجهت الي حديقتها مجددا ومنها الي الداخل لتبتسم ما أن جاءها ذلك الاتصال من انور : وصلنا يا دكتورة 

اومات هدي قائله : تمام يا انور....انا سايبه الباب مفتوح !

.......

...

سقطت شهد علي الفراش خلفها بينما عمر يضربها صفعه تلو الأخري وينعتها بأبشع الألفاظ فلا يصدق أنها قد تفعل شيء كهذا .....عقد عاصم حاجبيه حينما تهادت إليه تلك الصرخات ليسرع وخلفه خطوات زينه وتينا التي نزلت الدرج ركضا وهي تتمسك بالدرابزون ....توقف عاصم مكانه وكادت عيناه تخرج من موضعها وهو يري ابنه يكاد يكون فوق تلك الفتاه التي كانت تصرخ لذا بدماء حاره وعيون تطلق الشهب انطلق تجاه ابنه يجذبه بعنف من فوق الفتاه .....كادت دقات قلب زينه تتوقف مكانها بينما شهقت تينا ووضعت يدها على فمها وتوقفت لدي الباب تتساءل مثل زينه عن تفسير لما رأوء بينما عاصم لم يكن بحاجه لتفسير وليس علي أحد أن يلومه بينما تراكمت تلك الافعال التي لا تنفي ابدا ان يفعل ابنه شيء كهذا ليردد بعيون غاضبه وهو يهز ابنه بينما يمسكه من تلابيبه : انت بتعمل ايه في اوضتها ...؟!

دفعه بغل وسرعان ما جذب الفتاه التي كانت ممده علي ظهرها يوقفها لتتلاحق شهقاتها الباكيه وتلتقي عيناها بعيون عمر تناجيه الا يقول شيء عنها ....

اهتزت نظراتها حينما سدد عاصم إليها نظراته الغاضبه من ابنه وليس منها بينما اكتفي بقراءه العنوان وخط تحته أن الفتاه هي الضحيه وابنه الجاني وكفي 

ليهتف بعنفوان : عملك ايه الحيوان ده !!

اتسعت عيون عمر التي ملئتها نظرات الاستنكار فكيف يفسر أو يخبر أبيه بما حدث ليزيح تلك التهمه عن كاهله 

أوقف عاصم شهد بجواره وهو يقول برفق : متخافيش يا شهد 

ارتجف جسد شهد حينما اندفع عاصم تجاه ابنه يعنفه : عملت ايه يا حيوان يا واطي ...انطق ايه اللي جابك اوضتها !!

زم عمر شفتيه بقوة وسدد نظراته الي شهد باحتقار شديد هاتفا : اسألها !!

بالطبع فسر عاصم تلك الكلمه أنها تحدي واعتراف بخطأه بينما أراد عمر منها أن تخبرهم بدناءه فعلتها 

نكست شهد راسها للأرض وهي تجمع ملابسها حول صدرها ليفسر عاصم فعلتها أنها خوف وسرعان ما يندفع بغضب تجاه ابنه الذي نطق واخيرا دفاعه : بابا انت تصدق اني اعمل حاجه زي دي !!

بعنفوان هز عاصم رأسه وااه من القشه التي قسمت ظهر البعير بينما يقول : اه اصدق !

اهتزت نظرات عمر ولم يعد للحديث بقيه بالنسبه له فلم يستمع أو يهتم لزينه التي هزت راسها بقوة رافضه تخيل أن ابنها يفعل شيء كهذا لتصرخ بشهد: اتكلمي ياشهد وقولي اللي حصل ....عمر عملك ايه ؟!

اكتفت  الفتاه بالبكاء ليصيح عاصم بغضب : واضحه مش محتاجه سؤال 

هزت زينه راسها برفض وامسكت ذراع عمر تترجاه أن ينطق : قول ياعمر ايه اللي حصل 

دفع عمر يد والدته بعيدا عنه واندفع خارج الغرفه والغضب الممزوج بكسره الخزلان يتراقص بداخل أوصاله ويريد أن يطلق صرخه قويه من داخله ولكنه كبحها رافض أن يبدي انهزامه ....أسرعت تينا خلف عمر تحاول اللحاق به ...عمر بلاش تمشي ....انا زي طنط مش مصدقه انك تعمل كده بس فهمنا ايه اللي حصل!

أبعدها عمر من أمامه وصاح بخيبه أمل ؛ مش هيفرق ...هو صدق !!

صرخت زينه بعنف : بس انا مش مصدقه 

اندفعت تجاه شهد تمسك ذراعها : انا مش مصدقه أن عمر يعمل كده .....عمر ياشهد ...عمر اللي مربيكي ...عمر اللي بيقف قدامنا عشانك يعمل كده ....مستحيل ...مستحيل 

نظر عاصم الي ثوره زوجته بخيبه أمل وهز رأسه بانكسار بينما لا تريد أن تري حقيقه ابنها ليجر أقدامه ويتجه الي خارج الغرفه بضع خطوات تسمرت بالأرض ما أن انطلق ذلك الاعتراف الخافت من بين شفتي شهد المرتجفه : عمر معملش ليا حاجه ...كان خايف عليا !!

عقد عاصم حاجبيه واستدار ببطء تجاه الفتاه التي انهارت باكيه تخبرهم بكل شيء ولكن بعد فوات الاوان .....!!

.......

..........

مررت وسيله يدها حول كتفيها بينما بدأت تشعر بالبرد لتقوم من مقعدها وتتجه بخطوات كسوله الي الداخل .....هرج وحركه في حديقه جارتها اجتذب انتباهها بينما كادت تغلق النافذه لتتفاجيء بصوت هدي المستغيث بخفوت : وسيله استني .

وقفت وسيله مكانها بينما دفعت هدي ذلك الشاب اليافع من الفتحه بين الحديقتين وهي تقول برجاء : خلي اسر عندك ابوس ايدك يا وسيله 

لم تفهم وسيله شيء لتقف متسمره مكانها ولكن رجاء هدي اللهيف تكرر بصورة جعلت دقات قلبها تتسارع وكأن القيامه ستقوم ؛ ابوس ايدك يا وسيله ادخلي وخلي اسر عندك ....ابوس ايدك ...هفهمك علي كل حاجه بعدين 

.......

........

بوجه ثابت لا يعكس مدي القلق الذي ينتشر بكل انش به كان انور يميل ليفتح باب السيارة الفارهة لذلك الرجل المهيب : شافع بيه ...حمد الله علي السلامه !

اوما الرجل قائلا بينما ينزل وهو يغلق زر سترته : الله يسلمك يا انور ....الدكتورة فين ؟

قال انور بينما يحاول ايجاد ما يعطل به خطوات الرجل : لسه واصله حالا عشان ترتاح بعد العمليه 

تقدمت خطوات الرجل بثبات ومع كل خطوه كان قلب انور يدق بقوة ولكن ليس بقوة دقات قلب هدي التي كانت تهدر بجنون وهي ترسم تلك الابتسامه مرحبه: ايه المفاجاه الحلوة دي يا شافع 

ابتسم لها بهدوء قائلا : قولت اعدي عليكي لما عرفت انك هنا 

قالت هدي وهي تخفي ارتباكها: عرفت منين ؟!

ابتسم بخفه قائلا : انور اخد مخالفه سرعه علي الطريق ووصلت ليا فعرفت انك هنا ...!!

........

....

بتوتر وخزي وتعلثم وقف الشاب اليافع بجوار الباب وهو يسأل وسيله : ممكن تشوفي في حد برا ولا لا 

لم تفهم وسيله شيء لتسأله : هو في ايه ...مالها هدي ..انا مش فاهمه حاجه 

نكس الشاب رأسه قائلا بتهرب : مفيش وقت ..هي هتبقي تفهمك ...فتح الباب ببطء ونظر من خلاله ليلمح تلك السياره الفارهه متوقفه أمام الباب الخارجي للفيلا المجاورة وبجوارها العديد من الحرس ليزفر وهو يعود الي الداخل يبحث بعيناه عن مخرج اخر 

قبل أن تسأل وسيله المزيد بينما يقتلها الفضول كانت خطوات الشاب تتجه الي المطبخ الذي يطل علي البهو فيري ذلك الباب منه ....!!

أدارت وسيله راسها ببطء تجاه الباب بينما استمعت لصوت دوران المفتاح به لتكاد دقات قلبها تتوقف وهي تدير راسها الي الجهه الأخري بينما كان الشاب اليافع تفصله خطوتين عن الخروج من هذا الباب ....لحظه واحده ...لحظه أخري تكرر بها نفس المشهد بينما عمر يدخل ورجل اخر يخرج لتتوقف خطوات عمر مكانها بذهول وعيناه مثبته علي تلك الواقفه امامه باتهام خطير كيف يصوغه لعقله الذي توقف عن العمل لينطق به لسانه .......!!


Back 

صرخه قويه انبثقت من صدر وسيله التي أفاقت من اغماءتها واول ما رأته كان وجه هدي لتندفع ناحيتها بصراخ تسألها : مين اسر ده ؟! !!


كلنا بنسأل مين اسر ....قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 




تابعة لقسم :

إرسال تعليق

10 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. وسيلة ح تسقط الجنين و عمر حيطلقها و حتدخل في حالة اكتئاب و تختفي دي صعبنا عليا الدنيا جيا عليها جامد

    ردحذف
    الردود
    1. وسيله هتخسر الجنين صعبانه عليا اووي

      حذف
  2. عمر هيضرب وسيلة والجنين هيموت صح عشان كده قالتله ي قاتل 🤙🙂

    ردحذف
  3. مؤلم وضع وسيله وعمر
    الفصل روعه

    ردحذف
  4. كدة كتير علي وسيله

    ردحذف
  5. مين هدي وقصتها ايه عشان نعرف أسر البارت روعه تسلم ايدك

    ردحذف
  6. هوا كدا اكيد القشه الي هتقسم ضهر البعير زي مابيقولو ودي نهايه الفلاش باك وسيله هتنزل البيبي

    ردحذف
  7. تحفة يا رونا شايفة ان سيف عندة حق

    ردحذف
  8. الفصل الجديد هينزل امته ؟؟

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !