حكايه عمر الفصل السادس والخمسون

6


 ( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

سحب عاصم نفس عميق ورفع عيناه تجاه عمر وهو يحاول التحلي بضبط النفس اللازم للتعامل مع ابنه .... هذا الرجل الذي بالرغم من تجاوزه السابعه والعشرون عاما إلا أنه مازال طفل في كل تصرفاته 

ليسأله أبيه بمغزي : انت واثق من قرارك ؟!

هز عمر كتفه وغرس الشوكه بطبقه ورفعها الي فمه ناظرا الي زينه التي كانت تتابع كل حركه من ابنها لتقول وقد فهمت مغزي حديث عاصم : يعني يا عمر يا حبيبي بابا يقصد 

اشار لها عاصم أن تصمت قائلا بحزم : قصدي واضح يازينه ....التفت الي ابنه وتابع : انت واثق من القرار ده ؟ 

اوما عمر له وهو يتابع تناول طعامه بتلذذ قائلا : اه ...انت عندك مشكله اني اتجوز 

هز عاصم رأسه قائلا : اكيد لا.... بس عندي مشكله انك اولا تكون اخترت صح المره دي 

نظر سيف الي ملامح وجه أخيه بعد ما نطق به أبيه بينما لمح في كلماته عن ماحدث في الماضي من تلك الفتاه ليجد ملامح عمر مرتخيه وكأن أبيه لم يقل شيء ليتابع عاصم : وثاني حاجه يا عمر انك تكون واخد القرار عن اقتناع وعندك استعداد يكون ليك بيت واولاد مسؤول عنهم 

القي عمر تلك الدعابه البارده والتي لا محل لها وسط جديه حديث أبيه : وانت كنت كده ياعصوم لما جيت تتجوز القمر دي 

انتفخت وجنه عاصم بالحنق بينما مدت زينه يدها فوق يده ليهدا بينما نظر سيف الاخ الاكبر الي عمر بتحذير ليغمز له عمر قائلا ببرود : قولت ايه غلط ....انا بهزر ياسيفو

مسح فمه بالمنديل واعتدل واقفا وتابع : بس كالعاده قلبتوها نكد ....

نظر تجاه زوجه اخيه قائلا بنفس المرح ولكن بصوت خافت : جوزك هيبقي نكدي كده لما يكبر 

ابتسمت له تينا 

ليقوم عمر ويغادر الطاوله بجهد تقول زينه لسيف : قوم وراه معلش يا سيف 

اوما سيف وقام لتلتفت زينه الي عاصم قائله بعتاب 

: في ايه يا عاصم ؟ انت رجعت تتعامل معاه كده ليه ؟! 

هتف عاصم بحنق : انا اللي في ايه يا زينه ولا ابنك اللي مفيش فايده فيه 

لوي شفتيه وتابع متبرطما بسخط ( مستهتر وهيفضل طول عمره مستهتر )

كانت تلك الكلمات كلمات عمر الذي كان يرددها وهو واقف خارج غرفه السفره بالتزامن مع ترديد عاصم لها ليضحك ببرود لأخيه سيف قائلا : حفظت الاسطوانه.... مش بيجدد عاصم ده 

زجره سيف بحنق : هو انت متعرفش تتكلم جد ابدا 

هز عمر رأسه قائلا : ما انا بتكلم جد .... ابوك الاسطوانه دي بيسمعهالي طول عمري وبقولك حفظتها ايه اللي مش جد في اللي بقوله 

قال سيف بحنق : انك رجعت تاني لتصرفات العيال بعد ما كنت بدأت تعقل وتتغير ....نظر له سيف بمغزي وتابع من نفس النقطه التي يتوقفون عندها دوما ومهما فعل أخيه لجعله لا يتطرق لهذا السؤال لا يستطيع ان يصمت : ايه اللي حصل ياعمر ....حصل ايه بينك وبينها 

قال عمر ببرود يخفي به اهتزاز نظراته من تلك الكلمات التي تأخذه لوعد ساذج قطعه علي نفسه وهو يركض خلف احلام واهيه : واتغير ليه انا كده كويس 

نظر له سيف بجديه : لا مش كويس ياعمر ....وانت عارف كده ...اقترب من أخيه وتابع بجديه : ياعمر احنا كلنا عاوزين مصلحتك 

عقد عمر حاجبيه ليلح سيف علي السؤال الذي لم يتوقف عنه طوال الأشهر الماضيه : ايه اللي حصل ورجعك تاني لعمر القديم 

اهتزت نظرات عمر للحظه ولكنه عاد يرتدي قناع البرود 

ضاحكا : خليني جديد وعالموضه 

نظر له سيف بحنق : عمر انا بتكلم جد المره دي 

: وانا كمان 

هز رأسه : لا مش بتتكلم جد .... ايه اللي حصل بينكم ؟! وهي فين دلوقتي ؟! رد عليا ياعمر 

تهرب عمر كعادته ليقول وهو ينظر إلي ساعته الانيقه : 

بقولك ايه انت اخرتني انا ماشي 

أوقفه أخيه : رايح فين ؟

قال وهو يهز كتفه ويتجه الي سيارته : عادي هسهر مع ايهم شويه 

: عمر 

التفت سيف الي أخيه واوقفه يسأله للمره المليون : طيب بلاش اعرف اللي حصل بينكم .... فهمني ازاي هتتجوز ...ليه فجاه قررت تعمل كده ؟

تغير نظراته أكدت ظنون أخيه التي مهما حاول عمر اخفاءها ببراعه إلا أنه متأكد أن هناك شيء حدث بينه وبين وسيله التي كانت نقطه فارقه في حياته وقد بدأ يتغير من أجلها والان عاد إلي ماكان عليه قبلها بل واسوء واسوء فكل يوم يراه أخيه بصورة اسوء وكأنه يتعمد أن يكون هكذا عنادا بماذا لا يعرف ....تحلي عمر بقناع البرود قائلا بلا مبالاه وهو يدير سيارته : هتجوز زي ما اي راجل بيتجوز ....غمز وتابع بشقاوة : هبقي اخد منك نصايح متقلقش 

نعم اضفي المرح علي كلماته التي ختم بها حديثه مع أخيه ولكن المرارة بنظراته لم تختفي بينما تأكدت ظنون أخيه الذي فقط بحاجه لأول طرف من الخيط وهو الوصول لتلك الفتاه التي وكأن الأرض انشقت وبلعتها ...! 

امسك سيف بهاتفه يتحدث مع أحد رجاله : وصلت لحاجه ؟

جاءه صوت الرجل باعتذار : مفيش جديد يا سيف بيه .....اختفت ومفيش ليها اثر. 

اغلق الهاتف وتلك الكلمه تتردد في أذنه كما حدث طوال تلك الأشهر التي حاول البحث عنها 

أنه لابد أن يعرف ما حدث بينها وبين أخيه .....لقد كان علي وشك أن يتغير ولكن هناك شيء حدث قبل سته اشهر جعله يتقهقر وليس فقط يعود خطوات للوراء بعد أن كاد يصبح انسان آخر جميعهم يتمنونه وهاهو يعود لنقطه الصفر .....ماذا حدث سؤال لا يتوقف عن التردد في أذنه ! 

........

ركب عمر سيارته الفارهة وانطلق بها لعل صوت أزيز محركها الممتزج بصوت الهواء المرتطم بسرعه السيارة يغطي علي صوت أفكاره المتعالية ....اين ذهبت وماذا حدث لها .....ضغط المكابح بقوة كما ضغط مكابح عقله ...زجر نفسه صارخا بصوت عالي لن يسأل عنها ولايهتم الي اي جحيم ذهبت من الأساس ...لماذا يهتم ومنذ متي يهتم ؟! أنها لا شيء ... حشرة دعسها بقدمه وتابع طريقه .... أعاد تشغيل سيارته وأطلق العنان لسرعتها وهو يزيد من صوت تلك الأغاني الصاخبه التي تتعالي منها ....ليتابع طريقه وهو يؤكد لنفسه أنه لا يهتم ولن يفعل ابدا ....أنه فقط يفعل ما يريد وهو يريد تجاوز الماضي وهاهي فتاه اخري تلوح في الأفق .....فتاه لا تشبهها ولا تشبه غيرها ممن عرفهم ....هكذا اقنع نفسه أنه تلك المره احسن الاختيار بالرغم من أن داخله لا يخبره بهذا ...شعوره بأنها كانت الوحيده التي اخترقت كل جدران قلبه وعقله وحياته يشعره بالعجز ويدفعه أن يعاند أكثر واكثر وكأنه بهذا العناد سيثبت أنه علي صواب فهي لا تستحق .....

بينما علي الجانب الآخر كانت وسيله تفكر بيأس وخزلان 

الم يسأل عما حدث لها ...؟! الم يهتم بالأساس ؟!

لتهز راسها وتمليء المرارة حلقها وهي تؤكد لنفسها أنه بالفعل لا يهتم ولن يفعل فلماذا تعذب نفسها 

و تحترق وقلبها يتمزق من أجل رجل لم يلتفت لها بعد أن دعسها ..... ضمت وسيله قبضتها فوق صدرها وعيناها تتحرك فوق صورته برفقه أخري لتتغلغل المراره بحلقها وهي تحدث نفسها بأسي 

ليتها لم تقابله ابدا ...ليتها لم تفعل 

تهدجت انفاسها وسرعان ما شقت الدموع طريقها الي حلقها وهي تتطلع بعيون غشيتها الدموع الي تلك الصور والتي حرص انور علي التقاطها جميعا لعمر وهو جالس مع ثراء بينما كلمات هدي لا تتوقف عن سلخها بسياط قسوتها 

: كنتي فاكره اني ضدك لما قولتلك انسيه ....اهو الدليل قدامك بيقولك انا نسيتك وانتي اصلا ولا حاجه في حياتي .....عمر قدامك اهو مع واحده تانيه هيتجوزها قدام الكل مش في السر زيك 

لم تكن تدري بنيه عمر في الزواج من ثراء ولكنها اضافه لن تضر لذا قصدت الاجهاز علي قلب وسيله الذي لم يكد يستجمع قواه 

: شوفتي بعينك يا وسيله وصدقتي ...!!

التقت عيون وسيله بعيون هدي التي تنتظر ايماءه من راسها وقرار ينطق به لسانها بأنها ستبدأ من جديد وتبدأ هي ترتاح بعد عناء خوفها الضاري من انكشاف سرها 

شعرت وسيله بمراره تغلف حلقها وعيناها تنظر إلي تلك الصورة ...صورته مع أخري ....أنه تابع حياته وكأنها لم تكن فيها لم يتوجع ولم يتوقف لحظه واحده بعد كل ما فعلت بها ظلم وقهر تابع بينما وقفت هي مكانها وانكسرت ساقيها بحيث لا تستطيع الوقوف مره اخري .....الان فقط كادت تقف ولكن وكأنه لا يريدها أن تقوم مره اخري فهاهو يظهر في حياتها مجددا بكل سوءه وشره يخبرها أنها الوحيده الخاسره 

.....توترت ملامح هدي بينما 

رجفه قويه انتابت جسد وسيله بأكلمه اثر تعالي شهقاتها الباكيه بينما وصلت لذلك اليوم بذكرياتها ويالها من ذكري ....اقشعر كامل بدنها وشعرت بالألم ينهش في جلدها الذي أخذت تحكه بقوة بينما تتابع الذكريات مجددا الي عقلها وتتدفق كالسيول بينما مازال ملامحها تحمل هذا الالم ...كيف لم تري وجهه الحقيقي 

كيف خدعها بهذا القناع ....كيف كانت بتلك السذاجه 

لم تسأل المزيد عن نفسها بينما بمنتهي القهر تحولت اسئلتها الي هذا السؤال ....كيف قسي عليها بتلك الطريقه ...؟! أسرعت هدي تمسك بيد وسيله تحاول إيقافها عن حك جسدها ولكن وسيله لم تكن تشعر باظافرها وهي تساخ جلدها بينما الالم بداخلها أكبر ليس الم خيانته ولكن الم خساره كل شيء من اجل لا شيء خسرت جدتها وحياتها وهو لم يخسر شيء 

انتبهت علي تلك الصرخه التي انبثقت من شفاه هدي وهي تكبل يدها كفااايه 

نظرت إليها بينما تقول بسخط كفايه تعملي في نفسك كده غشلنه ....كفايه بقي فوقي 

التقت نظراتهم مجددا وتلك المره بالفعل تفقات علي أنها يجب أن تتوقف عن جلد ذاتها واتاخذ حقها 

توعدت وسيله الجميع وهي اخيرا ترأف بوجعها وتطبطب علي جروحها الغائره ...ستنتقم من الجميع بلا استثناء 

لتنظر الي هدي وتتمتم : عاوزة انتقم منه ؟!

عقدت هدي حاجبيها باستفهام بينما لم تصل إليها همهمه وسيله : ايه !!

نظرت لها وسيله بعيون ملئها الاصرار : عاوزة انتقم منه علي كل اللي عمله فيا 

لم يكن هذا ما انتظرت هدي سماعه لتقول بتعلثم : ابدأي حياتك بعيد عنه ...هجيبلك بيت جديد وشغل وهخليكي اقوي من الاول عشان تنسي كل اللي فات 

هل بتلك السهولة تنسي كما فعل. ..... نشبت النيران بكل ملامحها بينما تهدد بقهر  : اخد حقي الاول 

لم تجادل هدي بينما قبضت وسيله بقوة علي أصابعها وهي تتذكر كل ما عاشته بسببه بينما تتوهج عيناها بالاحمرار وهي تتابع : هيخسر كل حاجه زي ما انا خسرت ..!!

نظرت لها هدي بيأس صارخه : يا بنتي انتي ليه مصممه 

تفكري فيه ..كان فكر فيكي ولا حتي اهتم حصل ليكي ايه وهو سايبك بين الحياه والموت ...سالتي نفسك لو اليوم ده انور سابك له كان عمل فيكي ايه ....سالتي نفسك ابنك ذنبه ايه.....

كانت كلماتها قاسيه تنزل فوق اسماعها وكأنها سياط لترفع وسيله يدها فوق أذنها تغطيها وهي تصرخ بها : كفااااتيه بقي ...كفايه بقي ....انتي ايه ؟! 

نظرت لها بعيونها التي تنزف دموع حاره بغزاره : كل اللي بتقوليه ده بتقوليه عشان مصلحتك مش عشاني 

اتسعت عيون هدي بهلع : انا يا وسيله ؟!

اومات وسيله بصراخ : أيوة انتي ....انتي زيك زيه انانيه ومش بتفكري الا في مصلحتك ...مصلحتك اني اسكت ومفضحش سرك .... 

دفعتها وسيله ونزلت تركض من السيارة لتسرع تحاول اللحاق بها ولكن المطر الغزير الذي ينهمر جعلها تتوقف بعد بضع خطوات لتعود سريعا الي سيارتها المتوقفة وتقودها وهي تسرع في أثر وسيله 

..............

.....

وضع عاصم رأسه بين يديه بينما نهض الجميع من علي الطاوله ليبقي وحده ينازع عجزه عن ترويض طباع ابنه 

رفع رأسه متفاجيء حينما شعر بتلك اليد توضع علي كتفه لتنظر له زينه برفق قائله : معلش يا عاصم 

تنهد عاصم بأسي : تنفع بأيه معلش ؟

هزت كتفها توافقه لأول مره : عندك حق ...متنفعش 

تنهدت وتابعت باصرار بدء ينشب بداخلها : احنا مش هنسيب ابننا ....مع بعض هنصلح حاله 

قال عاصم بيأس : طول ماهو شايف اني عدوه مش هيتصلح

تنهدت زينه قائله : هنقرب منه ونحاول يا عاصم 

..........

....

وكانت اول خطوه تأخذها زينه بعد أن كانت طويلا في موضع المشاهد في حياه أسرتها .... 

: ثراء 

اومات ثراء وهي تجيب علي هاتفها : أيوة مين ؟!

: انا زينه ...والده عمر السيوفي 

تهللت ملامح ثراء وسرعان ما كانت نبره صوتها تتحول إلي الرقه وهي تقول : اهلا يا طنط ..اخبارك ايه ؟!

قالت زينه باقتضاب : كويسه .... انا كنت عاوزة اتعرف عليكي ...مناسب بعد ساعه اكون عندك في البيت ؟!

تعلثمت ثراء وهي تتطلع حولها الي بيتها البسيط الذي كرهته فجاه لتقول : طبعا انا كمان نفسي اتعرف علي حضرتك ....طيب حضرتك فين اقابلك ونتكلم 

قطعت عليها زينه توجيهاتها وهي تقول : هجيلك البيت عشان كمان اتعرف علي العيله ...زمت شفتيها وتابعت من بين اسنانها : اللي المفروض هتناسب ابني 

لم تجد ثراء بد وهي تقول : طبعا ....طبعا ..تنوري يا طنط 

أغلقت زينه وأشارت الي شافعي أن يأخذها الي حيث العنوان الذي أخذته من نيهال بينما سريعا ما قفزت ثراء من مكانها وهي تتلفت حولها تفكر ماذا ستفعل ...تختار ملابس انيقه وتجهز نفسها ام تحاول ترتيب المنزل ام تشتري الحلوي ....: ماما ...ماما 

دخلت بسرعه الي دلال التي كانت واقفه بالمطبخ تعد الطعام لتقول : ماما ....سيبي اللي في ايدك وتعالي غيري هدومك وكمان نضفي البيت بسرعه وهاتي حلويات ..واخواتي غيري هدومهم ....دارت حول نفسها وهي تتابع : الحق اشتري ليهم هدوم جديده ولا ايه 

عقدت دلال حاجبيها بعدم فهم : في ايه يا بنتي فهميني ....ليه كل ده !!

قالت ثراء بحيره : ام عمر جايه عندنا تتعرف علينا ...انا مش قولت ليكم أنه عاوز يخطبني 

اومات دلال بترحيب : تنور وابوكي قالي بس انا ...قاطعتها ثراء بشماته : انتي كنتي فاكره بكذب 

هزت دلال راسها : لا يا بنتي بس انتي سمعتي كلام ابوكي لما قال لازم يكون الكلام رسمي 

هتفت ثراء وهي تلوي شفتيها : واهو بقي رسمي ....لوحت بيدها بقرف : ايه الريحه دي .....اتجهت الي النافذه تفتحتها وتتابع : حبكت تطبخي ملوخيه وريحه التقليه تبقي ماليه البيت 

رفعت دلال حاجبها باستنكار : ومالها الملوخيه...ايه المحروس مش بياكل ملوخيه في بيتهم 

نظرت لها ثراء باستعلاء : بياكل من ايد الخدامين مش بيشم ريحتها اللي ماليه الخرابه اللي عايشين فيها 

احتقن وجه دلال بالغضب : بقي بيتنا خرابه دلوقتي 

طبطبت علي كتف ثراء بحنق وتابعت : بلاش تستعلي علي عيشتك يا بنتي اللي مخلفتهاش 

نظرت لها ثراء بتعالي وزمت شفتيها بحنق: وهي دي عيشه ...بكره تشوفي العيشه اللي هعيشها 

اومات دلال ساخره : قولي أن شاء الله

نظرت لها ثراء بحنق وهتفت بها : هنقف بقي نتكلم ولا نشوف هنعمل ايه 

قالت دلال وهي تتابع تقليب الطعام : هنعمل ايه هنستقبل الضيفه زي اي ضيف 

نظرت لها ثراء بحنق هاتفه : زي اي ضيف ايه ....جذبتها من يدها وهي تغلق الموقد بحنق : تعالي معايا 

دخلت الي غرفتها وأخرجت حقيبتها هاتفه وهي تخرج بعض الأموال منها : خدي دول وانزلي بسرعه هاتي هاتي هدوم جديده لأخواتي وكمان حاجه ليكي

نفضت دلال يدها عن الأموال بحنق ونظرت الي ثراء بتوبيخ : ايه يا ثراء وهو احنا قاعدين من غير هدوم مستنين صدقتك ....خدي فلوسك ومتنسيش اننا عايشين كلنا في عز ابوكي 

نظرت لها ثراء بحنق لتتابع دلال متبرطمه : الا ما شوفنا منك مليم قبل كده جايه دلوقتي تقوليلي خدي 

نظرت لها بغضب وتابعت : قبل ما تفكري في كل ده ...روحي كلمي ابوكي وقوليله واستأذني منه 

التقت نظراتهم بغضب لتغادر دلال وهي تتابع ساخره : اخواتك مش قاعدين عريانين والراجل لو شاريكي مش هيبص لهدومك ولا هدوم إخواتك 

زفرت ثراء بغضب وتجاهلت توبيخ دلال وبسرعه اتجهت الي خزانتها تنتقي منها شيء مناسب ترتديه وهي تتصل باحدي محلات الحلوي تطلب منها تورته فاخره

......

تقلبت غرام بألم بينما تشعر بوجع شديد في كامل أنحاء جسدها ليستمع ايهم الي تأوهاتها فليلتفت إليها ويترك ربطه عنقه التي وقف يعقدها علي النور الخافت حتي لا يوقظها : مالك يا غرام 

انتبهت غرام الي صوته لتفتح عيناها وسرعان ما تهب جالسه بفزع تسأله : هي الساعه كام ؟!

قال برفق : تسعه ...خليكي نايمه 

هزت راسها وقامت من الفراش : لا انا ازاي نمت كل ده ....هجهزلك الفطار 

هز رأسه بينما نظرت إليه وقد ارتدي ملابسه : لا خلاص هفطر اي حاجه لما انزل ...كملي نومك باين انك تعبانه من هده شغل البيت ....نظر لها برفق وتابع : ارتاحي والبنات اصلا نايمين وعندهم إجازة 

هزت راسها باصرار وقامت تعد له الافطار بينما تصلبت عضلات ظهرها لتضع يدها عليه متألمه ولكنها أخفت سريعا المها وهي تضع الافطار أمامه 

وكذلك فعلت وهي تتابع روتين يومها دون أن تبدي لأحد المها فكانت تجهز الغداء وكالعاده الفتيات كل منهما لا تقوم من مكانها الا حينما يهتف بهم ايهم : قوموا ساعدوها 

قامت الفتيات بسرعه وحينما انتهوا اتجهوا ليجلسوا بجوار أبيهم تنظر كل منهم للاخري أن تبدأ الحديث 

لتقول حلا : بابي 

نظر لها ايهم : خير شايفك انتي واختك بتبصوا لبعض 

ترددت حلا ولكنها اقتربت منه تقول بتدليل : بصراحه انا وهنا عاوزين نطلب منك طلب 

قال ايهم وهو ينظر في هاتفه : خير 

تولت هنا دفه الحديث : احنا عاوزين نسافر مع صحابنا رحله المدرسه 

بهدوء شديد هز ايهم رأسه برفض : لا 

نظرت له حلا وهنا بجبين مقطب : ليه يا بابي ....دول كام يوم بليز يا بابي 

نظروا الي غرام تحاول إقناعه : كلميه ياغرام يوافق 

تعلثمت غرام التي كل ما شغل بالها هو كيف تخفف من وجع ظهرها : هو له وجه نظر انا مقدرش أتدخل 

نظر لها ايهم بطرف عيناه بينما اعجب بتصرفها ولم تعجب به الفتيات الذين تابعوا الإلحاح علي أبيهم 

ليقول اخيرا : هفكر

قفزت الفتيات بفرحه بينما معني التفكير أن هناك امل في الموافقه 

..........

.....


دخلت ثراء الي غرفه زوجه ابيها بينما جلست تمشط شعر ابنتها وتنظر لها لتنظر لهم ثراء بتقييم : ايه القرف ده ....ضفيره ايه اللي بتعمليها ليها 

جزت دلال علي أسنانها بينما طفح الكيل لتقول لابنتها : قومي يا سهي اقعدي مع اخواتك وزي ما اتفقنا نبقي مؤدبين قدام الضيوف 

اومات الفتاه بابتسامه هادئه وغادرت لتتخلي دلال عن هدوءها وتتجه الي ثراء : في ايه بقي ....اسمعي انا ساكته علي قله ادبك بس متزوديهاش ...ايت هتستعري مننا ولا بقت الضفيره كخه ...ما كل البنات بتعمل ضفاير ولا مبقاش في حاجه عجباكي

نظرت لها ثراء بكيد : اه مفيش حاجه عجباني ...وهانت كلها كام يوم واسيب القرف ده كله

نظرت لها دلال بغيظ ولكنها صمتت حينما تعالي رنين جرس الباب لتركض ثراء تفتحه 

: اهلا ...اهلا ...اتفضلي يا طنط 

رحبت بزينه وافسحت لها المجال لتدخل وعيناها تتفحصها بينما كل ما رأته هو ذلك الخاتم الثمين الذي ارتدته زينه لتعقد سريعا مقارنه من وجه نظرها خاسره بين زوجه ابيها التي ترتدي عباءه بيته وبين زوجه عاصم السيوفي التي ترتدي ثياب باهظه ولم تكن تدري ان زينه عيد الأخري تقيمها ولكن بمنظور اخر 

خرجت دلال ترحب بزينه التي وضعت علبه الشيكولاته الثمينه التي تحملها علي الطاوله :اهلا ...اهلا ...البيت نور 

قالت زينه بتهذيب : منور بيكم 

زمت ثراء شفتيها وهي مازالت تتطلع الي زوجه ابيها وبساطه حديثها بينما تقول : ثراء أه مش بنتي اللي خلفتها بس بنتي اللي اي ام تتمناها ...بنت مهذبه وجميله وطول عمري مسمعش صوتها 

كانت تتحدث عنها بالخير ولكن ثراء كانت تراها تتحدث وكأنها خادمه لدي زينه التي قالت وهي تنظر إلي ثراء : واضح ...انا حبيت اجي اتعرف عليكم لما عمر كلم والده أنه عاوز يخطبها 

اومات دلال قائله : حقك وصالح لما ثراء كلمته قال إنه هيسأل عن عمر 

زمت ثراء شفتيها بحنق شديد بينما قالت زينه بتقبل لما قالته دلال : حقه طبعا وحق كل اب 

قامت ثراء وأشارت إلي زوجه ابيها : بعد اذن حضرتك يا طنط ...ماما عاوزاكي 

قامت دلال لتتفاجيء بثراء تتجرء وتوكزها بجنبها قائله بسخط من بين أسنانها : ايه اللي بتقوليه ده ...يسأل عن مين ...انتي مش شايفه نفسك جنبها ده احنا شحاتين 

نظرت لها دلال بحنق : اتكلمي عن نفسك انتي شحاته إنما احنا الحمد لله مستورين ولو انتي شايفه نفسك شحاته هو وعيلته هيشوفوكي كده مهما لبستي 

قاطع حديثهم صوت مفتاح الباب لتتسع عيون ثراء : ده بابا 

نظرت لها دلال باستفهام : انتي مكلمتهوش 

هزت ثراء راسها واسرعت تجاه ابيها الذي نظر تجاه ضوء غرفت الصالون باستفهام : هو احنا عندنا ضيوف 

تفاجيء بثراء تسحبه من يده وتهمس من بين اسنانها : اه ...دي مامه عمر جايه تتعرف علينا ... 

نظر لها صالح بدهشه : مقولتيش ليه ؟!

قالت ثراء من بين اسنانها : مش وقته ....تعالي يابابا غير هدومك 

نظر لها صالح بدهشه : مالها هدومي !!

قالت ثراء بحنق : مش حلوة ...هتقابل الست كده ...وبعدين انت اصلا روحت ليه الشغل مش قولتلك مينفعش تاني تشتغل عندهم سواق وانا هتجوز ابنهم

وقفت دلال بعيون متحسره تتطلع الي تلك التي كبرتها والان تكبرت عليهم ليستجمع صالح غصه حلقه وهو يساير ابنته : ولما اقعد من الشغل اصرف علي البيت وأخواتك منين 

زمت ثراء شفتيها بحنق ؛ هبقي أديك انا فلوس 

اتسعت عيون صالح بصدمه : هتصرفي عليا !

امين ذراع ابنته بحنق وهتف بها بصوت خافت ووعيد : والله لولا الست في بيتنا كان ليا معاكي تصرف تاني ....الولد جه يتقدم ليكي وابوكي سواق مش هنخفي شغلتي الشريفه اللي كبرتك بيها ...أمشي من قدامي 

كورت زينه قبضتها بينما استمعت الي تلك الهمهمات ولم تخطيء نظره عاصم في الفتاه ....قالت ثراء بابتسامه زائفه : مبروك علي البيبي 

اومات زينه لها والتي بحرج جلست قليلا مع صالح ودلال الذين كانوا فقط سبب بقاءها في المنزل بينما رأت اختيار ابنها 

قال صالح بحرج : ثراء فاتحتني في أن عمر بيه حابب يخطبها 

اومات زينه لتقول وهي تتجاوز تلك التفاصيل : واتكلم معايا وانا حبيت اتعرف عليكم ...حمحمت وتابعت : بس طبعا الكلام مش معايا وهيكون مع أبوه بعد ما عمر ياخد قراره النهائي 

اوما صالح قائلا : طبعا يا مدام ....لازم رأي عاصم بيه وراي سيادتك طبعا 

اومات زينه واعتدلت واقفه لتقول لصالح : ممكن اتكلم مع ثراء كلمتين 

اوما الرجل لتترك ثراء زينه تسبقها بخطواتها بينما سرعان ما 

زمت شفتيها بحنق وهتفت بأبيها بقله لياقه تزجره من بين اسنانها : ايه بيه دي ...مش هتنسي انك سواق ابدا 

اتسعت عيون صالح بصدمه من حديث ابنته ليحاول الا يبدي صدمته بها والتي باغتته فخرس لسانه ...

اتجهت ثراء خلف زينه التي توقفت لدي درجات السلم ونظرت لها متسائله : عاوزة ترتبطي بعمر ليه يا بنتي 

نظرت لها ثراء بعدم فهم لتتابع زينه بجديه : السؤال صعب ؟!

هزت ثراء راسها قائله : مش فاهمه ...؟!

قالت زينه دون مراوغه : انا سمعت كلامك مع والدك وبصراحه قرب كتير الصورة اللي سيف رسمهالي عنك 

احتقن وجه ثراء ورفعت حاجبها بتأهب : قالك ايه ؟!

قالت زينه متنهده : مش مهم قال ايه ...المهم انا شوفت وسمعت ايه.  ... شوفت بنت حابه تنسي عيلتها وأصلها وتبقي واحده تانيه 

نظرت ثراء إلي زينه بجرأه لم تتوقعها بينما تقول بمغزي : ما حضرتك بقيتي واحده تانيه لما عاصم بيه اتجوزك 

لم تغضب زينه من مغزي كلمات الفتاه التي أخبرتها عن ماهيتها لتنظر لها باستخفاف وتتركها وتنزل الدرج وهي تري أن ابنها يضع يده في جحر الثعبان ولا يدري أنه سيلدغه 

...........

....

اتجهت زينه بعزم تجاه غرفه عاصم لتفتح الباب ودون أي مقدمات تهتف بعاصم : عاصم انا معاك ومش موافقه عمر يتجوز البنت دي 

التفت سيف الي والدته التي تابعت بعزم : كلنا هنقف قدامه نمنعه أنه يدمر نفسه اكتر 

اوما سيف وهو من داخله يعتزم ألا يترك أخاه لنفسه المضلله ..!

........


هز سيف ساقه بعصبيه بينما جلس في سيارته ينظر في ساعته .....التفت تجاه ثراء التي طلبها 

مال سيف تجاه باب السيارة بجواره يفتحه لثراء التي قالت بدهشه : طلبتني وقولت عاوز تتكلم معايا في موضوع مهم ...خير يا سيف 

اوما سيف متجاهلا نطقها لاسمه مجردا ليسحب نفس عميق قبل أن يقول بعزم ينتوي أن يوقف أفعال أخيه التي صمت عليها طويلا : ثراء بصرف النظر عن اختلافي معاكي في اللي حصل في الشغل بس في موضوع مهم يخص عمر 

اومات ثراء بانتظار ما سيقوله ليتابع سيف بجديه : عمر مش بيحبك ولا هيحبك وهتظلمي نفسك في الجوازه دي 

رفعت ثراء حاجبها ولم تقل شيء ليتابع سيف متنهدا : عمر بيحب واحده تانيه 

نظرت له ثراء باستخفاف : ولما بيحب واحده تانيه عاوز يتجوزني انا ليه ؟!.

قال سيف باقتضاب : مواضيع كتيره متخصكيش ....كل اللي يخصك قولته ليكي ...عمر قلبه مش هيكون معاكي 

هزت ثراء كتفها بلا مبالاه : عادي 

رفع سيف حاجبه باستهجان : عادي تتجوزي واحد مش بيحبك 

اومات ثراء ببرود ليحتقن وجه سيف بالغضب متابعا : وعادي تتجوزي واحد متجوز غيرك 

بوغتت ثراء بما نطق به سيف ليهز رأسه متابعا : دي الحقيقه ولو مش مصدقاني الايام هتثبت ليكي ده ...ابعدي عن طريق عمر 

نظرت له ثراء مطولا لينتظر سيف اجابتها والتي خالفت كل توقعاته بينما تنظر له ثراء باستخفاف قائله : لو خلصت الموضوع المهم ...اسمحلي انزل عشان مش فاضيه 

اوما سيف وقد ابري ضميره وهو يقول اخيرا : خلصت وقولت اللي عندي ياريت تفتكريه كويس 

.........

....

بالطبع فكرت فيه مطولا ولكن ليس وهي تري سيف ناصح لها بل عدو يجب أن تنتصر عليه 

ليعمل عقلها بخبث ودهاء وهي تخبر عمر فقط بما يشعل نيران ذكورته ويجعله يتمسك بها أكثر ..... نظر عمر أمامه وهو يكور قبضته بينما تتابع ثراء بدموع مزيفه : مكنتش متخيله ابدا أنه كده ..... قالي كلام وحش جدا

نظرت له وتابعت بضعف مزيف : مش هو بس دي حتي والدتك كمان جت وتعمدت تتعالي علينا ....بكت وتابعت : كلهم شايفين اني مش مناسبه لعيلتكم

نظرت إلي عمر بدموع وتابعت : انا مكنتش عاوزة اقولك حاجه زي دي بس لما سيف بيه هددني خوفت ومعرفتش اتصرف فقولت لازم اقولك 

عقد عمر حاجبيه والتفت اليها باستفهام : هددك ؟!

اومات ثراء ببكاء مزيف : قالي أنه زي ما طردني من الشغل .... هيعمل كل حاجه يقدر عليها عشان منتجوزش .....تهدجت انفاسها وهي تتابع ذرف دموع الضعف : ده حتي هددني يرفد بابا كمان زي ما رفدني وقالي أن كل حاجه في ايده هو وبس 

صمت عمر يستمع إليها ليس لشكواها ولكن لزياده الضغينه في قلبه تجاه عائلته التي تتدخل بقراراته 

وصدق عاصم حينما فهم أن عمر يراهم أعداءه 

كففت ثراء دموعها بالمنديل الورقي وهي تنظر إلي عمر تخفي المكر بنظراتها بينما تتابع : اصلا بابا كده كده هيسيب الشغل ....تمهلت وهي تتابع : ماهو اكيد انت مش هترضي حماك يشتغل عندكم واكيد انت مش هترضي سيف يفضل يقول إنه طردني وهترجعني الشغل غصب عن الكل 

توقعت موافقه ووعود لامعه بحياه أخري لعائلتها لتجد عمر يقول باقتضاب : طيب روحي يا ثراء دلوقتي ونتكلم بعدين 

لم يكن هذا ما توقعته منه وهو يتركها بوسط الطريق وينطلق بسيارته مبتعدا ولكنها أملت نفسها أنه لم ينتبه لذلك التفصيل لذا عادت الي منزلها وهي تبتسم لنفسها بمكر سعيده أنها أزاحت سيف من طريقها .

...........

عاد عمر الي المنزل والشياطين تتراقص أمام عيناه يريد أن يفرغ غضبه المتفاقم بداخله ....يرفض أن يستمع لأحد أو حتي لصوت عقله الذي يعود به لتلك الليله ...يرفض اي صوت يتعالي الا صوته الزائف أنه بخير وان مامضي مضي ولن ينظر وراءه مطبق مبدأه متناسي أن ليس كل ما مضي يمضي هكذا لانه ليس انسان آلي

دخل الي المطبخ لتسرع شهد الي أحد أركان المطبخ تنكمش علي نفسها تتمني أن تكون مخفيه ولا يراها ومن قال إنه سيفعل ....استند بمرفقه الي الطاوله الرخاميه بانتظار قهوته أن تنتهي بينما يستطيع من خلال ظهره أن يشعر بأنفاس شهد المتوتره وبداخله يذكر نفسه ببعض من ذكرياته عن تلك الفتاه والتي ظهرت علي حقيقتها وكأنه بكنايه مخفيه يقارن بينها وبين وسيله ....الاثنان مخادعتان وهو المخدوع وحقه أن ينتقم منهم .....تهدجت انفاس شهد التي أخذت تنظر إلي باب المطبخ تحسب كم خطوه ستنقذها وتجعلها تهرب من أمامه لترفع عيناها للاعلي تتمني لو تعود والدتها أو تدخل زينه أو تينا ...انتفضت بهلع علي صوت تحطيم الكوب بينما بغضب كان عمر يزيحه من أمامه لتتناثر القهوة بكل مكان حوله وكذلك شظايا الزجاج .....أسرعت شهد بفطره تنحني لتحاول تنظيف تلك الفوضي لينظر لها عمر باحتقار وسرعان ما يميل ناحيتها ويمسك خصلات شعرها بعنف هاتفا من بين أسنانه بغل شديد : انا مش قولت مش عاوز اشوف وشك يا كلبه 

لم ترفع شهد عيناها التي ذرفت الدموع تجاهه بل بقيت مكانها منحنيه علي الأرض بانكسار لينظر عمر تجاهها بمزيد من الاحتقار وهو يهتف بها : كلبه كنت معتبرك أختي الصغيرة وبعملك كل حاجه حلوة وانتي متستاهليش .....فين الواطي اللي كان معاكي ....هرب يا زباله بعد ما عمل عملته وسابك  !!

كل كلمه تخرج تجاه شهد ولكنه كان يوجهها لوسيله يريد بشده ان يصدق أنها بتلك الصورة لعل تفكيره بها ينتهي 

اتسعت عيون زينه حينما دخلت الي المطبخ ورأت ما يفعله ابنها لتسرع ناحيته تخلص شهد من قبضته صارخه : عمر ايه اللي بتعمله ده ...مالك بيها 

نظرت له بغضب شديد بينما تراه يستقوي علي الفتاه لتزجره بحنق : اطلع برا 

نظر إلي والدته بغضب لتواجهه هي الأخري بنفس نظرات الغضب 

أمسكت بيد شهد توقفها وهي تربت علي كتفها : متزعليش ياشهد ...حقك عليا 

بكت شهد بانكسار قائله : انا عاوزة امشي من هنا 

طيبت زينه خاطرها برفق قائله : روحي اغسلي وشك ونتكلم بعدين 

تركت الفتاه واتجهت بخطوات غاضبه الي غرفه ابنها 

لتفتح بابها بحنق: ايه اللي بتعمله ده يا عمر ....ايه مالك بيها ...اه يا سيدي غلطت بس لا انت اخوها ولا جوزها عشان تحاسبها مالك بقي بيها 

فرك عمر وجهه بغضب يصبر نفسه بتحمل توبيخ والدته قليلا بدلا من مواجهتها لتنظر له زينه بتوبيخ وتتابع : انت مش شايف نفسك كل يوم بتبقي من سيء لاسوء 

حاول عمر التحلي بنفس بروده بينما يصدق علي اتهام والدته : طول عمري وحش ايه الجديد 

نظرت له زينه بغضب : انت اللي عاجبك تبقي كده 

اتجهت إليه بحنق وتابعت : وبعدين ايه موضوع البنت دي ....مين دي اللي فجاه قررت تتجوزها ...تعرفها منين ولا تعرف عنها ايه 

واجهها عمر بعيون بارده وهو يقول بثبات زائف : عجباني 

نظرت له زينه ساخره : لا ولا عجباك ولا حاجه ....زيها زي الف غيرها وانت بتعاند وخلاص 

نظر لها عمر لتلقي الحقيقه في وجهه : أيوة بتعاند ابوك وخلاص .... انت متعرفش حاجه عن البنت دي 

نظر لها عمر ساخرا قاصدا جرحها : قصدك عشان مش مناسبه لعيله السيوفي ....ليه مش قابله ليه أن الزمن بيعيد نفسه لما عاصم السيوفي اتجوزك 

اتسعت عيون زينه وصدق حدثها وهي تقف بموقف عاصم امام ابنها الذي يجرح اقرب ماله دون أن يهتم 

لتتنهد وتنظر الي ابنها بخزلان قائله : من سيء لاسوء ....فاكر انك بتعايرني يا عمر ....هزت راسها ساخره وهي تتابع : انا كنت اه بنت عاديه لما ابوك جه يتجوزني بس كان عندي كرامه وعزه نفس وكنت مهندسه ناجحه ....عمري ما قللت من عيشتي قبل ابوك ولا اصلا حسيت بلمعه الفلوس  ....نظرت له بخزلان وتابعت : لا يا عمر الزمن مش بيعيد نفسه  وياريت شوفت في البنت دي شبه مني كنت قولت دي اللي هتصلح حالك ....بس لا  لأني اعتراضي علي اختيارك مش لأنها بنت أقل ماديا ....عشان هي مش اختيار صح ....اللي تستعر وتبيع من أهلها عادي جدا تبيعك ....نظرت له وتابعت بجديه : اختيارك غلط ....انت واخدها عناد وهي وخداك بنك فلوس 

انت عاوز حد يفوقك من اللي انت فيه ...حد يحسسك أنه جنبك وفاهمك طالما انت طول عمرك حاسس ان محدش فاهمك وانك لوحدك 

ضغطت علي وريده حينما اجتاح قلبه الحنين لما تصفه تلك الكلمات ليكور قبضته بغضب يريد انتزاع قلبه الذي مازال يحن إليها ...اقتربت زينه منه ووضعت يدها علي كتفه قائله : انا امك ياعمر واكتر واحده خايفه عليك وعشان كده انا هرفض جوازتك دي 

وجد ما يفرغ به غضبه وهو يهب واقفا يقول بتحدي : مش مستني موافقتك 

تهدجت انفاس زينه بينما تنظر في أثره وهو يغادر بعاصفه وكأنه كتله نيران متحركه 

..........

اتجه عمر رأسا تجاه سيف الذي كان يدخل من باب المنزل ليندفع بغضب لم يستطيع افراغه بوالدته : انت ايه اللي عملته ده ....وصلت تهددها بأبوها 

عقد سيف حاجبيه باستفهام : هددت مين؟!

هتف به عمر بقله تهذيب : انت هتستعبط 

اتسعت عيون سيف بغضب ليزجر أخيه : عمر اظبط كلامك ومتنساش انك واقف قدام اخوك 

نظر له عمر باستخفاف : اخويا اللي عامل نفسه نسخه من عاصم السيوفي ورايح يتكلم بفلوسه ويقول للبنت هطرد ابوكي من شغلك لو مسبتيش عمر ....احتقن الغضب الاعمي بعيون عمر بينما يتابع بحقد : ايه مستكتر عليا ان يكون ليا حياه زيكم وواحده تشاركني فيها

لم يستطع سيف امساك نفسه ليندفع تجاه عمر ويمسك بتلابيبه صارخا من بين أسنانه : كان في واحده تشاركك حياتك ....واحده وعدتها بحياتك ورميتها وعديت عليها وكأنها مكانتش فيها ....زجره وتابع بغضب شديد من بين أسنانه : فاكرها ولا لا 

خلص عمر نفسه من قبضه أخيه وصاح به : مش فاكرها ومش عاوز افتكرها ....سامع ....مش عاوز افتكرهاااااا

ابتلع سيف صراخ أخيه الذي يخبره أن بداخله نيران تريد أن يكشف عنها ليتفاجيء عمر به يمسك ذراعه ويجذبه إلي الخارج 

: في ايه يا سيف ...اوعي سيبني؟!

قبض سيف أكثر علي ذراع أخيه وهو يدخله الي السياره هاتفا بغضب : مش هسيبك الا لما تفوق من اللي انت فيه ؟!

حاول عمر الاعتراض ولكن سيف لأول مره يكشر عن أنيابه وهو يهتف به : هتيجي معايا مشوار الاول وبعدها اعمل اللي انت عاوزه 

....!! 


.............

.....

بنفس العزم كانت زينه تشجع جوري قائله بنبره قويه : انتي صح ....اياك تتراجعي ولا تتنازلي...شغلك مهم زي بالضبط بيتك وولادك.... الشغل بتاع الست مش دلع ولا رفاهيه ده كيانها 

اومات جوري والتي خشيت أن تخبر والدتها بالفوضي التي تعيث برأسها فهي مقتنعه بهذا الحديث وايضا جزء منها مقتنع بجزء من حديثه أن تترك كل شيء للوقت

لتنقذها زينه من فوضي تفكيرها وهي تتابع : كلامي مش معناه ابدا خناق يا جوري اوصلي للي انتي عاوزاه بذكاء ...هو عنده حق كلامك سابق أوانه بس في نفس الوقت من جواه لازم يعرف أن أي قرار في حياتكم مشترك ....تأخرت وهي تخبر نفسها بنفس ما قالته لزينه بأن الحياه الزوجيه قرارات مشتركه 

........

وضعت جوري القهوه أمام مراد وجلست لينظر لها بتوجس بينما ظنها ستكون غاضبه ... ساد الصمت لتنظر له جوري قائله 

: ساكت ليه يا مراد 

نظر لها مراد باستفهام : اقول ايه ؟!

هزت كتفها قائله : عادي نتكلم 

باندفاع هتف مراد : لو هنرجع تاني لنفس الكلام يبقي نسكت احسن 

اغتاظت جوري منه لتهتف به بثبات : لو اخترت السكوت دلوقتي يا مراد يبقي هسكت علي طول 

تركته وقامت ليسرع مراد خلفها يمسك بذراعها : استني يا جوري ...نظرت له ليسألها : ايه معني كلامك ؟!

قالت بهدوء : معناه اني مش علي مزاجك اسكت في اللي مش عاوز تتكلم فيه واتكلم في اللي يعجبك ....قولتلي غلطتي لما سكتي من كام يوم وانا بقولك غلطت لما اخترت كلامك ليا وانت بتقول قراري ....مش قرارك لوحدك يا مراد ....

اوما مراد بينما هو الآخر لا يريد شجار وجفاء : مقصدش اللي فهمتيه بس كنت عاوز انهي جدل هيدخلنا في مشكله وخناقه 

اومات له قائله : كان في الف طريقه توصل بيها معني كلامك غير انك تقولي قراري 

برفق ربت مراد علي كتفها : اوك ...عندك حق 

اومات جوري : وانت كمان عندك حق أن كلامي كان سابق أوانه 

رفع حاجبه بابتسامه  : ياسلام 

اومات جوري قائله بدلال : اه بس برضه كان ممكن بسهوله تسمعني وتحتويني وتقفل الموضوع بكلمه أن شاء الله ...الستات بتحب الكلام الحلو مش الاوامر

افلتت ضحكته وهي تغششه الاجابه الصحيحه: عاوزاني اضحك عليكي 

اومات جوري ليميل مراد ناحيتها يداعب وجنتيها المنتفخه : بس انا بحبك ومش محتاج اضحك عليكي 

افلتت ابتسامتها الراضيه ونظرت له بدلال : بتضحك عليا 

هز رأسه وقبل وجنتيها : قولتلك بحبك وانتي عارفه 

اومات له قائله : عارفه بس دماغك عاوزة تتفجر 

ضحك مراد لتنظر له جوري بدلال قائله : يلا شيلني 

نظر مراد لها ووضع يده خلف ظهره : ضهري يا جوجو واجعني

نظرت له بحنق لينحني مراد ضاحكا وسرعان ما حملها لتطوق عنقه بذراعيها وتهمس بجوار أذنه : اياك تزعلني تاني يا موري 

...........

.....

دخل ايهم الي المطبخ بينما جذبته تلك الرائحه لينظر الي غرام بينما وقفت واولته ظهرها تقلب الطعام وترفع طرف الملعقه الي شفتيها تتذوقه لتمتم بإعجاب وسرعان ما تضع ملعقه تلو الأخري في فمها 

وقف ايهم يتأملها قليلا لتتحرك خطواته ناحيتها بينما عيناه تطوف فوق قدها الرشيق ....شهقت غرام حينما ضمها من الخلف لتستدير ناحيته سريعا فتجد نفسها أمام عضلات صدره القوي ...ايهم 

مال تجاه أذنها يهمس بعبث: لا خياله 

ضحكت بغنج ليميل ايهم عليها ويضع يداه فوق شفتيها هامسا وهو يتلفت للخلف : هشش البنات تسمع 

اومات له لينزل يداه ويسالها : بتعملي ايه ؟!

قالت غرام وهي تتأمله بهيام اختطف قلبها وهو يعاملها بتلك الطريقه : عدس !

اوما لها قائلا : اشمعني عدس الساعه تسعه بليل 

قالت وهي ترفع القليل تجاه شفتيها : مش عارفه حسيت نفسي فيه ....هو خلص تحب تاكل معايا 

هز راسه لها قائلا : بالهنا والشفا 

اتجه الي باب المطبخ لتتفاجيء غرام به يغمز لها : هستناكي ولا ناويه تنامي بدري 

هزت راسها وعضت علي شفتيها بخجل : توء مش هنام 

........

.....

بحنق ضغطت هدي علي زر تشغيل مساحات الزجاج بينما المطر ينهمر بغزاره لتضيء نور السيارة القوي وهي تلمح تلك التي تركض اسفل المطر بخطوات متعثره .....ضغطت البوق تحاول إيقافها ولكن وسيله تابعت ركضها وقد اختلطت دموعها بالمطر المنهمر علي راسها .....ضمت ساميه ابنتها الوليده الي صدرها باحدي ذراعيها بينما رفعت يدها الأخري فوق راسها تحميها بقطعه من الكارتون لعلها تحميها من زخات المطر وهي واقفه تتواري اسفل أحدي البنايات .... غص حلقها بقوة وهي تتطلع الي بكاء ابنتها الذي لا يتوقف وكأنها تبكي بدلا منها تلك الحياه التي كرهتها منذ أن فتحت عيناها بها ....حياه فقط بالاسم فهي تحيا ولا تعيش وفرق كبير بين العيش والحياه ....تتنفس وتتحرك ولكن داخلها ميت أسفل ركام الفقر مع رجل يأكل من تسولها ....ساقتها قدميها بلاهدي تسير وهي مازالت مأخوذه بتفكيرها في هذا العالم الواسع الذي لا يوجد به مكان لامثالها ....تركض بوليدتها ذات الايام لتلحق بأطفالها حتي لا ينامون ببطون فارغه .....صرخه قويه سبقت صوت المكابح القوي ثم صوت ارتطام بالأرض التي اغرقتها الأمطار ....توقفت وسيله مكانها واستدارت لتري سياره هدي واقفه مكانها وانوارها تضيء ظلام الليل وصمت تام اختلط فقط بصوت مساحات الزجاج وبكاء تلك الرضيعه التي جاهدت والدتها الا يصيبها الاصطدام المؤكد فكانت تضعها بين ذراعيها وقد تكومت علي الأرض أمام السيارة .....بأقدام مسرعه ركضت وسيله تجاه تلك المراه بينما هدي بالكاد استطاعت أن تحرك ساقيها وهي تنزل من السيارة ....ارتجفت ايدي وسيله وهي ترفعها من أسفل المراه فتراها ملطخه بالدماء .....حاولت استجماع يدها مجددا وهي تري المرأه تنزف بغزاره تحاول أن تفكر ماذا تفعل ولكن وكأنها أصيبت بالشلل وكأن الناس اختفوا من حولهم 

لتتسع عيونها بهلع وهي تلتفت الي هدي التي امسكت هاتفها بتوتر هاتفه : الحقني ياانور 

وجدت وسيله القوة بنفسها وهي تقوم من جوار المراه وتتجه ناحيه هدي بخطوات غاضبه لتدفعها بقوة وسخط صارخه : انتي لسه عاوزة حد ينضف عمايلك القذره ...!!

قالت هدي بصوت مرتجف وهي تنظر إلي المراه : اعمل ايه ؟!

بقوة لا تدري من اين جائت إليها كانت تنحني تجاه المراه تحاول فك ذراعيها من حول الطفله التي لا تتوقف عن البكاء وتضعها بسرعه في السيارة ثم تهتف بهدي : ساعديني ناخد الست المستشفي قبل ما تموت 

.........

....

ضغطت هدي بوق السيارة ليسرع المسعفين ياخذون المراه بينما انور كان يركض بهلع تجاه هدي : ايه اللي حصل يا دكتورة ؟!

حملت وسيله الرضيعه ونزلت من السيارة وهي ترمق انور وهدي بازدراء ثم تسرع تجاه المشفي .....

: طلعت قدامي فجاه يا انور .....معرفش انا عملت ايه ....معرفش 

قال انور برفق : اهدي يا دكتورة ....كل حاجه هتبقي تمام 

مد يداه يأخذ منها مفاتيح السيارة قائلا :  انا اللي كنت سايق وانا هتحمل المسؤوليه كلها 

نظرت له هدي بينما يضحي بنفسه من أجلها لينظر لها بتشجيع : متقلقيش ....لو في اي حاجه حصلت انا هتحملها 

........

...

نظرت وسيله بعيون حانقه تجاه هدي التي سار انور خلفها لتتجه إليها بغضب ومازالت تضم الصغيرة المرتجفه الي صدرها لتتسع عيون هدي حينما هتفت بها وسيله : اقلعي البالطو بتاعك 

نظرت لها هدي بعدم فهم لتصرخ وسيله بها من بين اسنانها : البيبي هيموت من البرد اقلعي 

اومات هدي وهي تشير لانور أن يتوقف مكانه ولا يتدخل لتخلع البالطو الثمين الذي ترتديه وتعطيه لوسيله قائله : 

: انتي متبهدله وهتبردي كده ....تعالي نروح غيري هدومك 

نظرت لها وسيله بحنق بينما تحيط الرضيعه بالبالطو : مالكيش دعوه بيا ...نظرت لها بغضب ممزوج بالاستحقار : خليكي في عملتك الجديده وشوفي هتداريها ازاي 

زفرت هدي وهي تحاول تحمل غضب وسيله ولا تزيده لتشير الي انور : انور ....خد وسيله روحها البيت ترتاح وخلي حد من الممرضات ياخد البيبي يغير له ويهتم بيه 

ضمت وسيله الرضيعه إليها هاتفه باصرار : مش هسيب البيبي الا في ايد أمه 

اومات هدي تسايرها : ماشي بس انتي شايفه أنه مش مبطل عياط ....اكيد عاوز ياكل ويغير 

اومات وسيله ونظرت الي بكاء الرضيعه لتتقدم من همي قائله: خلي حد يجيب له لبن وببرونه وانا هاخد بالي منه 

قالت هدي بجدال : سيبيه للممرضات هيهتموا بيه وانتي روحي مع انور غيري هدومك 

هزت وسيله راسها برفض : مش هتحرك من هنا 

.........

....

سحب هذا الرجل ذو الملامح العابثه نفس طويل من الارجيله الموضوعه أرضا بينما يقلب قطع الفحم المشتعله بالماسك الحديدي ....نظر بسخط الي أحد اطفاله الذي اقترب منه بخوف : في ايه يا واد عاوز ايه ؟!

ابتلع الصغير رمقه بخوف قائلا : جعان يا أبا 

وكزة الرجل بكتفه هاتفا بصوت اجش : وانا اعملك ايه يا روح امك ....غور من قدامي 

ركض الطفل وهو ينتفض خوفا لتلتقفه فتاه تكبره بعده سنوات بين ذراعيها تمسح دموعه وتقول له برفق شديد : متعيطش يا ابراهيم امي زمانها راجعه وهتجيب لينا اكل 

بكي الطفل قائلا بجزع : بس انا جعان اوي يا نوسه 

ربتت علي شعره قائله بحنان : طيب تعالي اديك رغيف تأكله لغايه ما امي ترجع 

.......

........

جلست هدي خلف مكتبها تلتقف أنفاسها بينما اخيرا طمأنها الأطباء ان المراه التي صدمتها بخير ....رفعت عيناها تجاه الطرقات علي الباب لتدخل إليها أحدي الممرضات وهي تحمل بضع أوراق بيدها : دكتورة هدي ....بعد اذنك اكتب ايه في بيانات الحاله اللي دخلت المستشفي في الحادثه 

بعصبيه نزعت هدي من بين يدها الاوراق صارخه : متكتبيش حاجه وامشي 

نظر انور الي الممرضه أن تغادر ليغلق الباب خلفها ثم يتجه الي هدي ويقول برفق : دكتورة اهدي شويه ....خلاص الموضوع مش مستاهل وكده كده الست دي اول ما تفوق انا هتصرف معاها بقرشين ومش هتشوفيها تاني 

نظرت له هدي بانفعال هاتفه : انا مش بفكر في الست انا بفكر في وسيله .....تنهدت وتابعت : وسيله يا انور بقت زي الشوكه في ضهري انت شوفتها النهارده بتكلمني ازاي 

اوما انور لتسأله : هي فين دلوقتي ؟!

..........

.....

لم تبارح وسيله جوار تلك المراه لتبقي معها في الغرفه تحمل الرضيعه التي لا تكف عن البكاء مهما فعلت ....بدأت ساميه تستعيد وعيها واول ما نطقت به وسط تأوهاتها من تلك الكسور التي ملئت جسدها هو اسم رضيعتها : دنيا ....دنيااا

اقتربت وسيله منها بسرعه قائله : بنتك بخير ....انتي حاسه بأيه ؟!

قالت ساميه وهي تحاول أن تستوعب اين هي : انا فين!

أخبرتها وسيله بالحادث الذي تعرضت له لتحاول ساميه بهلع النهوض وهي تتذكر أطفالها : عيالي ...عيالي ...لازم اروح لعيالي 

قالت وسيله برفق وهي تهدهد الطفله لعلها تهدأ : مينفعش تقومي من مكانك .....قوليلي عنوانك وانا اجيب جوزك وولادك يطمنوا عليكي ...زمانهم قلقانين عليكي 

مدت ساميه ذراعيها لوسيله تأخذ منها الرضيعه وتضمها الي صدرها ترضعها وهي تقول بأسي : جوزي .....جوزي تلاقيه ولا حاسس وعيالي هما اللي هيموتوا من الجوع 

شقت الغصه حلق وسيله وهي تستمع الي المرأه التي فجاه انصدمت ملامحها وهربت منها الدماء حينما بدأت الطفله الرضيعه تسعل بقوة وفي لحظه يتحول لونها الي الزرقه ......بأيدي مرتجفه وصوت أشد ارتجافا كانت وسيله تتناول الرضيعه من ايدي امها وتصرخ بالاطباء وهي تركض بالطفله خارج الغرفه ....... 

..........

.......

ارتجفت سيقان وسيله بينما تتراجع للخلف وهي تري تلك الرضيعه ممده علي الفراش والاطباء حولها ليغطي قناع الأكسجين وجهها الصغير بينما يتعالي طنين الأجهزة بكل الغرفه التي سحبتها منها أحد الممرضات تخرجها منها .....

...........

...

التفت عمر الي سيف بحده بينما بدأ الطريق يتضح أمامه ليتزامن ظهور تلك الملامح المنزعجه علي وجهه مع تزايد دقات قلبه التي تكالبت داخل صدره بضراوة بينما يزيد سيف من سرعه السياره التي كاد عمر يكسر قفل بابها وهو يحاول فتحه بينما ضغط سيف زر الإغلاق الالكتروني لتتسارع انفاس عمر وتكاد تنقطع بينما يهدر بأخيه : انت جايبني هنا ليه ؟!

لم يرد سيف وترك أخيه الذي وضع يده حول عنقه وهذا الشعور بالاختناق يزداد وكأن هناك من يخنقه ...لم يشفق سيف عليه بل تابع طريقه بصمت وهو يختطف النظرات الي ملامح عمر وردات فعله التي أكدت له أنه محق في جلبه الي هذا المكان ....صرخ عمر بعصبيه شديده ما أن بدأ ذلك المنزل يلوح بالأفق ومعه تتكالب الذكريات بعقل عمر والتي ظن أنه بتجاهلها ودفنها بعيدا أنها انتهت 

: انت جايبني هنا لييييه ..رد عليا ؟!

أوقف سيف السيارة أمام المنزل الذي لم تطأه قدم عمر منذ تلك الليله والتفت الي أخيه قائلا بهدوء : عشان هتقولي علي كل حاجه ؟! 

ازداد شعوره بالاختناق لتتهدج أنفاسه ولكن ظلت نبرته حاده ظنا منه أن الشجار والصوت العالي سينفع مع أخيه ويجعله يتراجع لينظر سيف إليه ويقول بحنق : 

هتفضل تهرب لغايه امتي ؟! دلوقتي هتنزل معايا وتحكيلي كل حاجه حصلت وهتقولي وسيله راحت فين ؟!

تفاجيء سيف بعمر يضع يداه علي أذنه ويصرخ كالمجنون : متجبش سيرتها ....مش عاوز اسمع اسمها 

استنكرت ملامح سيف تصرفه والذي كان طبيعيا وليس مصطنع بل رد فعل خرجت منه دون إرادته بمجرد سماع اسمها تزامن مع وجوده أمام المنزل الذي يحمل ابشع ذكرياته .....أشفق قلبه علي أخيه ولكنه لم يتراجع ليضع حجر فوق قلبه ويتجه الي باب عمر يفتحه قائلا بحزم : يلا انزل هندخل سوا وهتحكيلي علي كل حاجه 

هز عمر رأسه بقوة : مش عاوز ادخل البيت ده تاني 

ازدادت شكوك سيف وعصفت برأسه أنه فعل شيء بتلك الفتاه ليزمجر بغضب وهو يجذب عمر بعنف صارخا : 

هتدخل معايا غصب عنك يا عمر

ابعد عمر يد أخيه عنه هاتفا : اوعي ياسيف هتضربني 

اوما سيف بتحدي : لو حكمت هعملها ...نظر في عيون أخيه وهتف بغضب : هتفضل تهرب لغايه امتي ؟!

انت بتضحك علي نفسك باللي بتعمله بس انت بتهرب ..بتهرب من اللي حصل بينك وبينها ومش عاوز تقولي عليه ...انطق ياعمر عملت فيها ايه ...؟!

انطق واتكلم ايه اللي حصل لوسيله !!

تجمدت ملامح سيف حينما افلتت الكلمات من شفاه عمر المرتجفه : معرفش!!

ردد سيف باستجهان بينما يزداد قلبه انتفاضا علي حاله أخيه الذي كان كطفل صغير يواجهه ابشع كوابيسه : متعرفش !!

رفع عمر عيناه تجاه سيف ليري احتقان الدموع بداخلها بينما يهتف بصوت متهدج : خانتني وهربت !! 

ماتت الكلمات علي شفاه سيف للحظات يحاول استيعاب ما نطق به أخيه والذي لا يسمن ولا يغني من جوع فهو يريد معرفه كل شيء ...... ارتمي عمر علي الاريكه خلفه بينما انتهي بأنفاس مقطوعه من اخبار أخيه بكل شيء ليظل سيف واقف مكانه بلا حراك للحظات طويله يراجع كل ما أجبر أخيه علي البوح به لينطق لسانه اخيرا بثقل : وانت صدقت أنها تعمل كده ؟!

اهتاج عمر ليظل يهذي بتلك الكلمات التي اقنع نفسه بها بهتانا لتقع عيناه علي ذلك الوشاح وسرعان ما يجذبه بغضب شديد يمزقه صارخا بعنف لينظر إليه سيف بعدم فهم ويتجه إليه يسحبه من يده : انت بتعمل ايه ده الفرو بتاع تينا 

انصدمت ملامح عمر ووقف مكانه ينظر لأخيه لحظه قبل أن تزداد ملامحه صدمه وسيف يخبره بمجيئه الي هنا 

ليجد اتهام اخر ألقاها به بناء علي اوهام برأسه ليردد بأسي وهو ينظر لأخيه : الفرو ده بتاع تينا ....!!

تجمدت عيون عمر علي أخيه ليهز سيف رأسه بخزي : جيت أقنعها تقول لابوك وهي رفضت 

خافت عليك واكيد خافت تقولك اني كنت هنا عشان متوقعش بينا مش زي اللي جريت تقولك اني هددت ابوها بالكذب 

ابتلع عمر بثقل بينما ينظر إليه أخيه بخزي : بسهوله كده تتهم مراتك ...اتقي الله ! 

..........

.....

مررت وسيله يدها علي وجهها تزيل دموعها وتقوم من مكانها بينما مرت أكثر من ساعه والأطباء مع الحفله الصغيرة لتتجه الي أحدهم تحاول معرفه شيء مما يدور بالغرفه : حالتها صعبه عندها عيب خلقي في القلب 

اهتزت نظرات وسيله مرارا ....عقدت هدي حاجبيها وهي تنظر إلي وسيله التي قالت بلا مقدمات : كلمي د شافع 

نظرت لها هدي باستنكار لتقول وسيله بقوة : بقولك كلميه يجي ينقذ البنت 

ابتلعت هدي الكثير ولم تستطيع أن تصمت أكثر لتنظر الي وسيله بغيره واضحه : كل الدكاتره دي مش عجباكي وعاوزة شافع ...ايه يا وسيله هتعضي الايد اللي اتمدت ليكي ولا فكرك انا مش شايفه قربك منه 

نظرت لها وسيله باحتقار ولولا حاله الرضيعه لما صمتت لتنتفض هدي مكانها حينما صرخت بها وسيله بغل وحقد : بقولك كلميه والا هقوله علي كل حاجه 

قبضت هدي علي يدها وهي تضغط علي هاتفها تتصل بزوجها ثم تنهي المكالمه وتنظر الي وسيله قائله : كلمته ...ارتاحتي 

اومات وسيله ونظرت لها بتحدي : وهرتاح أكثر لما تدفعي تمن حياه الناس اللي دمرتيها .....رمقتها بنظره احتقار وتابعت : هدفعك التمن في يوم من الايام بس مش علي حساب د شافع لانه هو الوحيد اللي موقفني اني اخد حقي منك ....اعرفي ده كويس قبل ما ترمي قذارتك علي غيرك

..........

....

اخذ سيف يتحرك حول نفسه بعصبيه شديده بينما نكس عمر رأسه ووضعها بين يديه وكل ما نطق به جدد بداخله ذكريات ما حدث ليحاول أن يدافع عن نفسه : كدبت عليا ...خانتني ....كلكم شايفين اني وحش مع انكم اللي اذيتوني ....وهي اكتر حد آذاني 

نظر له سيف باستخفاف متسائلا كيف يصدق نفسه بأنه الضحيه بينما من قريب أو بعيد لا يستطيع ابتلاع أو تصديق حرف واحد وهو الذي يحبها صدق بها اتهام كهذا 

ليلتفت الي أخيه متسائلا : انت مصدق أنها تعمل كده 

غاص قلبه بداخل صدره بينما لا ينمحي من ذاكرته رؤيه ذلك الشاب يخرج هربا فور دخوله في جنح الليل ليقول بسخرية مريرة : اللي خلي شهد تعمل كده 

انفجر سيف بغضب : شهد مش وسيله ...!!

توقفت الكلمات بحلق سيف الذي وقعت عيناه علي الطاوله بجوار عمر ليتجه إليها ويمد يداه ناحيه تلك العلب الموضوعه عليها ....التفت عمر الي أخيه الذي سأله وهو يرفع علبتين من الدواء أمامه : الدوا ده بتاع مين ؟!

نظر له عمر بلا مبالاه للحظه قبل أن يصرخ به سيف بانفعال شديد وهو يفتح العلب ويري عدد حباته: بسألك الدوا ده بتاع وسيله 

أطاح عمر بالعلب من يد أخيه بغضب هاتفا : قولتلك متجبش اسمها قدااامي

كور سيف قبضته وبلا شفقه نظر إلي أخيه قائلا وهو ينظر إلي العلب التي طاحت أرضا : الدوا ده هيفكرك بيها كل لحظه 

نظر له عمر بعدم فهم ممزوج بالغضب كونه لا يفهم ما يريد قوله لينظر له سيف شامتا : الدوا ده كانت تينا بتاخده اول حملها ..... شوف بقي ده معناه ايه !!

.............

.....

ربتت وسيله علي كتف ساميه قائله : هتبقي كويسه ....صدقني ...د شافع ده اكبر دكتور قلب للاطفال هتخف وتبقي كويسه 

بكت ساميه قائله : كلمي ابوها ...كلميه يجي 

اومات وسيله وأخذت الرقم من ساميه وخرجت لتتصل به من هاتف المشفي 

التفتت المرأه الباكيه تجاه انور الذي دخل الي الغرفه 

بهيئته الحازمه ليتجه ناحيتها قائلا : من غير لف ودوران ....تاخدي كام ومتتكلميش في اللي حصل 

ابتلعت ساميه بخوف ليتابع انور : الضابط جاي ياخد اقولك هتقولي انك اللي رميتي نفسك قدام العربيه وهديكي اللي انتي عايزاه

قالت ساميه بدموع : مش عاوزة حاجه يا بيه ....عالجوا بنتي ...!

........

....

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

6 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. روعه تسلم ايدك يا رونا

    ردحذف
  2. القذارة اللي في الاتنين دول عدت الحدود هدي وأنور 🤬🤬

    ردحذف
    الردود
    1. حصل ربنا يخدهم هما الاتنين معندهمش ولا ذره احساس بى ناس الى حواليهم عايشين معاهم طيب ماشى هدى خايفه حياتها تتدمر لو وسيله اتكلمت وقالت الحقيقه بس ازاى بتعرف تحط راسها على مخده فى اخر الليل وتنام وكان مفيش حاجه حصلت ولا كانها ظلمت حد ولا حتى حاولت تحط نفسها مكان وسيله طيب بعيدا عن كل ده هى مش خايفه من عقاب ربنا ليها على ظلمها فى الارض ازاى مبتفكرش كده بجد مش هرتاح الا لما تاخد جزاتها على ظلم الى ظلمته ده وده هيبقا احسن لو دكتور شافع عرف الحقيقه وبعد عنها هو مالوش ذنب يرتبط بى بنى ادمه كدابه وعديمة الانسانيه زى ديه

      حذف
  3. هدي ديه حقيره اوي وسيف رجل جاعد وزينت معه حق في موضوع عمر

    ردحذف
  4. ايه العظمه والجمال دا ياروني

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !