حكايه عمر الفصل الخامس والستون

8


 ( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

دوت صفارات سيارات الشرطه بينما تغادر الفناء وكأنها ناقوس يضرب بقوة اذان الجميع ليفيقوا من الصاعقه التي وقعت عليهم ولكن الصدمه كانت اقوي من استيعابهم وكانت زينه هي الأولي التي هدرت الدماء بعروقها تناديها أن تتجاوز الصدمه وتناديها بأن تتحرك بينما اخر نظره ألقتها وسيله تجاههم مزقت نياط قلبها 

لتتجه إليهم تهتف بهم : انتوا هتفضلوا واقفين !

لم ينطق أحد منهم شيء بينما كل ما حصلت عليه هو استنكار لسؤالها ....فماذا يمكنهم أن يفعلوا ؟!

هزت زينه راسها وزمت شفتيها بحنق واسرعت بخطوات متعثره ولكنها حاولت أن تتماسك وهي تصعد الي غرفتها تخبر نفسها انها من ستتصرف .....!!

صمت تام كان يخيم علي البهو حيث بقي كل منهم مكانه من واقف ظل واقف ومن جالس لم تطاوعه ساقه علي الوقوف ...كل ماحدث مر بلحظات وكأنه حلم ولكنه لم يكن حلو بل كابوس ....كابوس بشع لم يتخيل أحدهم أن يعيش تفاصيله والابشع هو تلك المشاعر التي داهمت قلوب الجميع ...منذ لحظات كانوا جالسين عائله سعيده والان جالسون بصدمتهم .... الصدمه كانت اقوي من استيعابه كان ذلك التعبير يعيشه عمر بكل ما تحمله الجمله من معاني ليترنح وكأنه مضروب علي رأسه بقوة ما أن تحركت ساقه لتسرع جوري تجاهه وهي تبتلع غصه حلقها وتحاول السيطره علي الدموع التي امتلئت بها عيونها شفقه عليه وهي تراه بتلك الحاله بينما لا يستطيع رفع رأسه التي نكسها علي كتفه المتهدل بانكسار رهيب .....شعر بذراع جوري تحاول إسناده حتي لا يقع لتتقابل عيناها بعيناه فيلتاع قلبها لرؤيه نظرات القهر والانكسار بعيناه التي عاد ليوجهها أرضا وهو يحاول التماسك بينما يتجه الي الدرج ...! 

وضعت زينه هاتفها فوق أذنها وهي تميل تجاه الخزانه الحديديه بجانب الغرفه تفتحها و تخرج منها بضع رزم ماليه تلقيها بحقيبتها وتسرع خارج الغرفه وهي تتحدث بلهفه : استاذ عبد الحميد لو سمحت قابلني في قسم *** 

أغلقت وهي تلقي نظره الي الجميع الذين كانوا كما تركتهم قبل دقائق لتنظر الي عمر بسخط شديد صارخه 

دون شفقه علي حالته بينما كل ما انحفر بداخلها هو نظرات وسيله : البنت ضيعت نفسها بسببك .... ربنا يسامحك ياابني !

تقبل عمر ماقالته بصمت وهو يجر ساقيه الي غرفته بينما القي عاصم نظره الي زينه التي سألته بنظراتها أن يأتي معها فلم تري الا جدار من الصمت لم يكن لديها وقت لاختراقه 

أسرعت الي سيارتها تطلق البوق ليفتح لها الحارس البوابه لتضغط دواسه الوقود وتسرع بقلب لهيف تجاه تلك الوحيده في موقف كهذا ....!

نقل مراد نظراته بينهم وهو لا يدري ماذا يفعل أو يقول بموقف كهذا ويتمني لو يقول أحدهم شيء فيستطيع هو أن يتبين ما عليه فعله .....حملت جوري طفلها واتجهت لغرفتها بالاعلي بينما شعرت أنها لن تستطيع امساك دموعها أكثر بينما نظرت تينا الي سيف بعيناها تناجيه أن يذهب خلف والدته فلم تري في عيناه الا ملامح الصدمه التي جعلته يظل جالس مكانه كالمشلول .

أسرعت جوري تكفف دموعها الغزيرة بسرعه ما أن انفتح باب الغرفه بينما تتنفس بضع مرات تستعد لتحقيق مراد معها أو علي الاقل تهييء نفسها لحديث لاذع منه تعقيب علي ما حدث خاصه وأنه صامت منذ أن عرف بأمر زواج أخيها سرا لترفع عيناها الباكيه ببطء تجاهه فتندهش لتلك النظرات التي كان بها شتات بينما يقول بتعلثم : جوري انا ....انا مش عارف اعمل ايه ...كنت عاوز اروح ورا طنط زينه بس خوفت عمي أو عمر يتضايقوا بس في نفس الوقت مينفعش نسيب طنط لوحدها مش هتعرف تتصرف ....سحب نفس ثقيل بينما يتابع بصدق : انا عارف انك هتزعلي من اللي هقوله بس البنت ....!! تهدجت أنفاسه بينما يتابع : البنت صعبت عليا .....كلامها وصوتها واستسلامها كان صعب اوي ....هز رأسه وتابع بأسي : ايه اللي ممكن يكون وصلهم لكده ....ازاي تفكر في كل ده وليه تفكر تأذي عمر وتأذي نفسها كده !

مع كل كلماته كان المشهد يتجسد أمام عيون جوري من جديد فتنساب دموعها بحرقه وهي تهز راسها موافقه علي كل ما قاله بينما يخفق قلبها تجاهه وهو ينظر لها متابعا : قوليلي اعمل ايه عشان اقف جنبكم !

غص حلقها واعتصرت عيناها بينما ازدادت دقات قلبها وهي تقوم تجاهه وتقول بضعف شديد : خدني في حضنك يا مراد ...انا زعلانه اوي 

ضمها مراد إليه بحنان شديد كانت بحاجه اليه بينما خالف مرا. كل توقعاتها ووقف بجوارها وهي بأمس الحاجه اليه فلم تكن لتحتمل اي عتاب أو سؤال فقط إرادته أن يكون بجوارها وظنت أنه شيء مستحيل 

ربت مراد علي ظهرها بحنان ومسح دموعها بكفيه وهي تتابع بقهر : قلبي واجعني علي عمر اوي ووسيله كمان مقطعه قلبي ....ليه ....ليه بس يحصل بينهم كده 

رفعت عيناها الباكيه تجاهه وتابعت بقهر شديد : منظر عمر وهو قاعد وواخد بنته .....تهدج صوتها بينما تهز راسها وتتابع : قصدي البنت اللي كان فاكرها بنته وقاعد يحلم ويتكلم عنها وازاي بقي واحد تاني مش عاوز يروح من عيني وبيوجع قلبي عليه لما بفتكر كسرته وصدمته وهو بيعرف الحقيقه ...!!

ربت مراد علي كتفها بحنان وكوب وجهها بين يديه قائلا : موقف صعب ....تنهد وتابع : بس لازم نعمل حاجه ...نظر لها باستفهام وتابع : اروح ورا طنط زينه ولا عمي هيتضايق ؟!

.............

.....

هز سيف رأسه بصمت لتنظر له تينا برجاء هامس حتي لا يصل صوتها الي عاصم الذي اتجه الي مكتبه وجلس به وحيدا : عشان خاطري ياسيف روح ورا طنط 

........

....

وجع شديد شعر به عمر بقلبه الذي بالكاد كان ينبض 

ليضع يداه علي علي عنقه بينما يشعر بالاختناق ليلجيء الي ما اعتاده بتفريغ غضبه في التحطيم والركل ولكن عبثا فلم يزداد الا اختناقا ليتوقف مكانه بأنفاس لاهثه وسط حطام الغرفه يتطلع إليها ويتساءل عن ماهيه شعوره ...غضب ..ثوره ... حقد ...صدمه ..غدر 

ليهز رأسه حتي كادت تنخلع من مكانها وتتهدج أنفاسه التي بالكاد يلتقطها فهو لا يشعر بالغضب بل يشعر بالألم ....فقط الم شديد ينخر قلبه ويمزقه بلا هواده ..! 

...........

...

كان المحامي بالرغم من اسراعه إلا أن وصوله كان متأخرا فهاهو يخرج بملامح ممتعضه ينظر إلي زينه قائلا باعتذار : للاسف هتنزل الحجز لغايه ما تتعرض علي النيابه !

نظرت زينه الي المحامي بهلع : يعني ايه يااستاذ عبد الحميد ...شوف حل !

طأطأ الرجل رأسه بأسف قائلا : للاسف اعترفت علي نفسها بأنها خطفت البنت وكمان زورت شهاده ميلادها 

...تنهد بأسي وتابع : مفيش حاليا في أيدينا الا أننا نجهز لعرضها علي النيابه ونحاول نشوف حل بعد اعترافها 

حمحم عبد الحميد بتردد يفكر هل يخبر زينه ام يكتفي بما سمعته الان !

استندت زينه الي الحائط خلفها تتماسك حتي لا تقع لتدمع عيناها ما أن انفتح الباب وخرجت وسيله التي كانت بانصياع ورضا تام تسير برفقه العسكري الذي وضع الاساور الحديديه بكلتا يديها .....دفعت زينه الدموع من عيناها وركضت تجاه وسيله التي تفاجئت برؤيتها بل وبهذا الحضن الذي غمرتها به وهي تقول بعتاب رأيف : ليه يا بنتي ...ليه تعملي في نفسك كده 

تهدجت انفاس وسيله التي كانت تسأل نفسها نفس السؤال لتردد الاجابه التي أقنعت نفسها بها : كنت عاوزاه يحس باللي حسيت بيه وانا بخسر كل حاجه 

زمت زينه شفتيها بأسي وربتت علي ظهر وسيله: تقومي تضيعي نفسك !

لم تقل وسيله شيء لتزيد زينه من احتضانها لها وتتوقف عن قول المزيد من العتاب الذي لم يعد له محل وكل ما تحتاجه وسيله الان هو أن تشعر بأنها ليست وحيده 

لتربت علي ظهرها و تهمس لها بحنان جارف : متخافيش يا وسيله انا جنبك ومش هسيبك ابدا !

غص حلق وسيله بقوة وجذبت نفسها من حضن زينه التي لا تستحقه لتقول بمراره تجلد ذاتها : انا مستاهلش 

هزت زينه راسها وهتفت بصوت مختنق بحمم دموعها : عمر السبب في كل اللي حصل ....

عمر ميستاهلش ابدا واحده زيك ....

اندفعت الدموع من عيون وسيله التي كانت مثل عمر بالكاد تتنفس حتي أنها تمنت أن تزهق روحها حتي يتوقف هذا الالم الشديد الذي تشعر به بينما لم يقارب من قريب أو بعيد شعورها بنشوه الانتصار ....

نقت وسيله صوتها المختنق بالدموع بينما تنظر إلي المحامي باستفهام : دنيا ....دنيا هيحصل ليها ايه ؟!

قال المحامي : حاليا هتكون في دار رعايه لغايه ما النيابه تأمر بتسليمها لوالدتها 

توجع قلب وسيله أكثر مما هو موجوع لتقول برجاء وهي تنظر إلي زينه : انا عارفه انها مش حفيدتك بس دي طفله مسكينه ارجوكي خدي بالك منها لغايه ما توصل لوالدتها 

اغروقت عيناها بالدموع بينما تتابع : دي مريضه ...ارجوكي 

نظرت إلي زينه التي اخذتها بين ذراعيها وبكت متابعه : حاضر ....حاضر مش هسيبها

حاول العسكري ابعاد زينه عن وسيله : بعد اذنك يا مدام 

ربتت زينه علي يد وسيله وهي تسمح دموعها وتشد اذرها : انا جنبك وهطلعك من هنا !

كررت وسيله رجاءها : خدي بالك من دنيا !

...

رفعت عزه يدها من فوق خدها ونظرت الي الفتاه الصغيرة التي احضرتها لتساعدها في أعمال المنزل وتبقي معها : في ايه يا مني ؟!

قالت الفتاه بتأثر : اعملك حاجه تاكليها يا مدام 

هزت عزه راسها وعادت لتضع يدها علي خدها لتقترب منها الفتاه وتتابع : انتي قاعده كده ليه ....مالك طيب ؟!

من وقت ما الراجل ده جه هنا وانتي حالتك صعبه 

قالت عزه بشجن ممزوج بالخوف الذي لم يبارح قلبها منذ مجيء ايهم إليها مهددا بالشر : مفيش يا مني 

خرجت الفتاه لتعود عزه بذاكرتها تتذكر نظرات ايهم المهدده بينما تتوسله : 

والله ياباشا ما عملت حاجه ....ده انا سلمت عليها وبس دي برضه عشره عمر 

هتف ايهم بغضب : تنسيها ولو شوفتيها في شارع تمشي من شارع غيره 

انا مش بكرر كلامي مرتين ياعزه واظنك مجربه 

اومات عزه بخوف ليتابع ايهم بوعيد : قسما بالله لو بس قربتي منها تاني لهرجعك مكان ما كنتي والمره دي مش هتشوفي الاسفلت تاني 

أسرعت عزه تنحني علي يده تحاول تقبيلها بتوسل بينما لا تحتمل مجرد التفكير بالعوده للسجن : 

لا يا باشا ابوس ايدك ...انا مش هتحمل السجن تاني .... والله انا شوفتها بالصدفه ونيتي كانت بريئه....نظرت له بخوف وتابعت : طيب هي اشتكت ليك مني 

نظر لها ايهم بنظراته المخيفه بينما يشدد علي كلماته : مش هستني لما تشتكي ....غرام مراتي ياعزه 

نظر لها بامتعاض وتابع بينما حاولت عزه استيعاب الصدمه : أظنك مش محتاجه اقولك اكتر من كده 

ضغط علي أسنانه وتابع : افتكري الكلمتين دول كويس والا مش هتلحقي تاخدي العلاج اللي جبتيه !! 

ابتلعت عزه لعابها ببطء بينما تعود من تذكر كلماته وتهديده وتحاول طمأنه نفسها انها ستأمن شره أن ابتعدت عن غرام التي بالأساس لم تكن تنتوي الاقتراب منها فهي بعد خروجها من تلك المحنه لم تعد تفكر الا في الاستقامه وقضاء ما بقي من أيامها !

........

رفع عاصم عيناه التي كان يركزها علي الأرض أمامه بصمت وحزن جثي علي قلبه الذي يكاد يتمزق بداخله وجعا علي ابنه الذي مهما فعل يظن ابنه الذي يوجعه وجعه وماحدث لم يكن مجرد وجع ....نظر تجاه سيف الذي تقدم منه بخطوات بطيئه يسأله بصوت حزين : بابا حضرتك كويس ؟

هز عاصم رأسه بصمت ليتنهد سيف بقله حيله بينما مازال هو الآخر كحال الجميع مازال تحت تأثير الصدمه

: طيب هنعمل ايه دلوقتي يا بابا ؟!

هز عاصم كتفه بشتات : في أيدينا ايه نعمله .... زم شفتيه وتابع بيقين : اخوك غلط بس ميستاهلش يعيش صدمه زي دي 

نظر سيف الي ابيه الذي مثله مثل أي اب أكثر ما يؤلمه هو الم أولاده ليقول سيف بحياديه : عمر 

كان لازم يعرف أن في تمن لكل اللي عمله في البنت دي 

قال عاصم بغصه حلق : بس مش بالطريقه دي يا سيف .....تجسد منظر عمر الكسير أمام عيون ابيه ليتابع بتأثر : وسيله قضت عليه باللي عملته  

التفت كلاهما تجاه تينا التي دخلت مسرعه تهتف بقلب لهيف : عمر .....عمر خارج !

اهتزت نظرات عاصم واسرع يشير إلي سيف : الحق اخوك يا سيف قبل ما يعمل في نفسه حاجه 

بلا تفكير اسرع سيف خلف عمر الذي لم يكن يدري ابن يذهب ولا ماذا يفعل ليطفيء النيران التي تأكل بقلبه 

: عمر 

لم يدير رأسه تجاه أخيه الذي قفز بضع خطوات وأمسك بذراعه يوقفه : انت رايح فين ؟!

انفجرت الكلمات من جوف عمر المحترق وقد ظن أن ثورته وغضبه ستريحه كما اعتاد ولكن عبثا فخرجت كلماته كسيرة بينما يهتف : هو انا وحش اوي كده يا سيف .....انا استاهل يحصل ليا كل ده .....ابتلع سيف رمقه ببطء بينما تمزق ما بين توجيه نفس السؤال لأخيه أن كانت وسيله تستحق ما حدث لها ليتابع عمر بضياع وانكسار شديد : هروح اسالها عملت فيا كده ليه ....لييييه يا سيف .....هو انا استاهل تنتقم مني كده !

قال سيف بأسي وهو ينظر لعيون أخيه التي لمعت بالدموع : طالما هي عملت كده يبقي انت وجعتها اوي كده .....نظر إلي أخيه بجديه ممزوجه بالرفق وتابع : عمر محدش بيجني الا اللي زرعه وانت زرعت وجع ومر في حياتها وهي الوحيده اللي تقدر تقول اذا كنت تستاهل تنتقم منك كده ولا لا لأنها الوحيده اللي حست بالظلم !

قولا فصل ....المظلوم هو وحده من يشعر بحجم مظلوميته وليس الجاني أو المشاهدين ليحكموا !

...............

.....

توقف مراد أمام زينه ينظر لها بتأثر بينما تتابع بصوت مختنق بالدموع : اخدوها علي الحجز ومعرفتش اعمل ليها حاجه 

قال مراد برفق وهو يمد يداه الي زينه : طيب قومي معايا ارجعك البيت وانا هحاول اتصرف 

هزت زينه راسها بكمد : مش هسيبها يا مراد 

ربت مراد علي كتفها قائلا : وجودك مش هيغير حاجه ...تعالي يا طنط معايا مينفعش تفضلي هنا 

نظرت لها بحيره وتابع : انا ممكن اكلم حد بس الفكره هقول ايه ....!!

خايف أتتدخل اتسبب في مشكله ...لو قولنا أنها مزورتش شهاده الميلاد كده هضر عمر أو عمي ....هز رأسه بشتات وتابع : مش عارف بصراحه واي تصرف دلوقتي مش هيقدم ولا يأخر لغايه عرضها علي النيابه 

....نظر لها وتابع بعقلانية : خلينا نتكلم مع المحامي بتاعي ونشوف نقول ايه قبل ما نعمل اي تصرف !

هزت زينه راسها قائله : تعالي نروح الاول نطمن علي البنت الصغيرة وبعدين ارجع انت البيت وانا هفضل هنا 

...............

....


زفر عاصم وتقدم بخطواته تجاه زينه التي كانت جالسه علي أحد المقاعد الخشبيه بالممر الموجود بقسم الشرطه تحيط كتفها بذراعيها وتنكمش علي نفسها من البرد الذي يحيط بها ...رفعت عيناها لتتهلل ملامحها التي ذبلت كما حال عيونها من فرط دموعها لتسرع تجاهه وتقول بلهفه : عاصم انا كنت متاكدة انك هتيجي !

اخذها عاصم اسفل كتفه وأمسك بيدها التي تكاد تتجمد بردا ليقول بحنان بالرغم من حزم كلماته : انا جيت عشانك انتي ...زينه مينفعش تفضلي في القسم مراد قالي أنك مرضتيش ترجعي معاه 

ابعدت زينه نفسها عنه ونظرت له بعتاب وقطرت المرارة من نبرتها المعاتبه : ووسيله ينفع تكون في الحجز 

ابتلت شفتيها بدموعها بينما تتابع بقهر علي الفتاه : طيب انا هنا بأرادتي بس هي تحت مع المساجين .....عاصم ارجوك أتدخل واعمل حاجه ..لو ليا خاطر عندك اقف جنبها دي ملهاش حد 

حاول عاصم تجاوز تأنيب ضميره وهو يشيح بعيناه عن عتاب نظراتها : هي اللي عملت كده في نفسها 

تحشرج صوت زينه بدموعها بينما تقول بقهر : من وجعها بسبب اللي ابننا عمله فيها 

رفع عاصم رأسه وهتف بلاجدال : لو كانت لجأت ليا كنت جبت حقها 

ارتجفت شفاه زينه بدموعها : عمرك ما كنت قاسي كده 

أمسكت ذراعه وتابعت برجاء : عمر كان لازم صدمه زي دي تفوقه والبنت اه غلطت بس من وجعها ....ارجوك ياعاصم اعمل حاجه !

هز عاصم رأسه وأمسك بيدها يأخذها للخارج : لا يا زينه !

ثبتت زينه قدمها بالأرض ورفضت أن تسير لينظر عاصم لها باستنكار ويحثها علي السير : زينه !

هزت زينه راسها قائله : مش هسيبها يا عاصم ....اصلا انا مش مصدقه أن عمر مجاش وراها وسابها 

اندفعت الدموع مجددا من عيناها وهي تتابع : زي ما سابها قبل كده وكأنها مكانتش في حياته .... لو كان سمعها وحاول يدور إذا كانت بريئه ولا لا جايز كان كل ده ميحصلش ...لو كان وقف قدامنا وقال الحقيقه مكانتش البنت هتتاذي كده ....عمر السبب يا عاصم وهو ابني وانا موجوعه عشانه بس وسيله بكل اللي عملته قلبي واجعني عليها اكتر ....انا حاسه بيها وازاي خسرت كل حاجه 

أمسكت كتفه وتابعت بوجع انثي : يا عاصم مهما الست تغلط هي ضعيفه ومحتاجه جوزها وحبيبها يقف جنبها في لحظات ضعفها ...عاشت معاه كأنها عشيقته ... وفي الاخر اتهمها أنها خانته ضربها وقتل ابنها ومبصش وراه ولا اهتم حصل ليها ايه والله اعلم عاشت ايه الشهور دي عشان توصل لقمه اليأس ده 

عمر اه اللي حصل صدمه بس متنكرش أنه اللي اتسبب في كل ده !

نظر عاصم لها لتري في عيناه قناع الثبات الزائف الذي حاول ارتداؤه امامها بينما يحيط كتفها بذراعه : عندك حق وعشان كده انا مش هاخد دوره ....نظرت له زينه باستفهام ليتابع عاصم : انتي قولتي أن الست محتاجه للراجل بتاعها ووسيله محتاجه لعمر مش لابو عمر اللي لو كان عرف عمر أن كل غلطه ليها تمن ومكانش بيحاسبه عليها مكانش بقي كده ....تنهد وتابع باعتراف : كان لازم اسيبه يتعلم مع غلطه عشان ميكررهوش إنما أنا كنت بصلح اغلاطه وهو اتعود أن في دايما اللي يصلح وراه ودلوقتي دي غلطته وهو لوحده اللي لازم يصلحها 

وافقته زينه بنظراتها ولكن قلبها الملتاع علي وسيله رفض ليهدئ عاصم خوفها قائلا : متقلقيش لو عمر متصرفش هتدخل انا ...إنما دلوقتي خلينا نشوف هو هيعمل ايه !

وليته كان يعرف ما عليه فعله بينما يتحرك بلا هدي ....داخله دوامات متصارعه لا تجعله يرسو علي بر لتمر ساعات وهو هائم بلا وجهه حتي اخيرا وجد أقدامه تسوقه إليها !

تراجع عمر للخلف بأقدام لا تقوي علي حمله بينما شعر وكأن سهم مسنون انغسر بقلبه وهو يري حالتها من تلك الطاقه الحديديه الصغيرة ليتبادل العساكر النظرات بينما استغربوا من حالته .... حمحم عمر والتفت الي فرد الأمن الذي تقدم منه قائلا : الباشا المأمور في انتظارك ياعمر بيه 

بتركيز حاول المأمور استشفاف شيء من حديث عمر الذي كان مايزال تحت تأثير الصدمه ولا يدري ماذا يقول 

ليتنهد الرجل قائلا : انا قريت المحضر ياعمر بيه واللي مش محتاج اي تفسير. .... ده اعتراف !

تهرب عمر من قول شيء : انا مطلبتش المستحيل ...دي مراتي يا فندم ...ازاي تفضل مع المجرمين 

نكس الرجل رأسه بحرج بينما يقول بصوت خافت نسبيا : لأنها للاسف ارتكبت جريمه 

زم عمر شفتيه وهو يهز رأسه بينما الف سؤال وعتاب يدور برأسه من الحاله التي وصلوا إليها 

لينظر له الرجل باعتذار ويتابع : انا اسف ياعمر بيه بس انت عارف ان اللي بقوله صح .....حمحم وتابع : انا مقدرش ارفض طلبك انك تشوفها وتطمن عليها وهشوف ممكن اعمل ايه اساعدك بيه بس انت كمان لازم تساعدني وتفهمني ايه الموضوع الغريب ده ....احنا بدأنا نعمل التحريات وهنشوف هنوصل لأيه !

انساقت وسيله مجددا الي يد العسكري الذي جاء ليصطحبها من الزنزانه التي بقيت بها لساعه ومرت عليها كالدهر وهي متكومه علي نفسها علي المقعد الخشبي الطويل الذي تشاركها به بعض السجينات ....ادخلها الي مكتب مأمور القسم وادي التحيه العسكريه ثم خرج لترفع وسيله عيناها ببطء وتهتز نظراتها حينما رأت عمر واقف امامها ....استأذن المأمور قائلا : هسيبك شويه ياعمر بيه 

خرج الرجل ليسود الصمت لبضع دقائق دار لها حوار طويل بالعيون بينما امتلئت نظرات عمر بعتاب مرير يناجي به عيناها التي كانت خاويه....لا تنظر إليه بحقد أو ضغينه أو حتي عتاب ...فقط خواء مثل خواء روحها 

بينما بلغ بها اليأس مبلغه وهي تنهي كل شيء بتلك الطريقه لتعاقب نفسها كما عاقبته 

: ليه ؟!

فقط ثلاث حروف ولكنها كوت قلبها بنيران لاذعه كما حال النيران المتوهجه بقلبه ....زمت شفتيها وهي تكبح دموعها وتهتف قاطعه اي طريق لعتاب لن يسمن من جوع بعد ما حدث : متسألش ياعمر سؤال انت عارف إجابته !

اهتزت نظراته بينما حاول أن يهتف بسخريه خرجت مغمسه بالمراره : انا مبقتش عارف حاجه ....اندفع تجاهها ليمسك ذراعيها وينفجر بغضب : انا مبقتش عارف حاجه ولا عارف انتي مين .....انتي وسيله اللي حبتني وخلتني انسان تاني وهي بتوهمني بسعاده وحياه كلها عباره عن كذبه تنتقمي بيها مني ؟!

هزت راسها بأسي وهتفت به بوجع : مش انت وهمتني بنفس السعاده ...زعلان ليه انك عيشت اللي عيشته  .....نظرت إلي ملامحه مطولا وتابعت : اسال نفسك عشان انت اللي دمرت حياتي وحياتك

تهدج صوتها بينما غلفته حمم المراره : حب ايه اللي متوقع يفضل جوايا ليك بعد كل اللي عيشته معاك 

حب ايه اللي كان كله وهم وهمتني بيه وزعلان اوي انك عيشته ايام ....انت ضيعتني وضيعت جدتي وحياتي وحتي ابني ضيعته باللي عملته !

نظر لها بغل شديد من قهره وهو يطبق علي ذراعيها بقوة : عملت اييييه !!

عملت ايه .....كل ده عشان ايييه ...اعتذرت ليكي بدل المره الف وانتي جواكي قلب اسود فضل مصمم علي الانتقام 

واجهته وسيله بعيونها الباكيه وهتفت بغضب : اياك تتفهه من وجعي ولا من اللي عيشته معاك وعيشته بسببك ..... نظرت له بخزي وتابعت : لو تعرف انا عيشت ايه بسببك مش هيكون ليك جرأه تقف قدامي .....

تغضن صوتها بالمراره بينما تتابع بقهر أخباره بكل تفصيله عما عاشته ليكاد عقله يذهب من موضعه بينما تلكمه بقبضتها وهي تتابع وتكرر بصوت مقهور : بعد كل اللي عملته فيا اول ما انور ظهر قدامي وخطفني لساني نطق اسمك عشان كنت فاكراك اماني وسندي.....كنت فاكره انك هتدور عليا وتوصل ليا وحتي وقتها لو كنت عملت فيا أضعاف كنت مش هحس باللي حسيت بيه وانا تحت ايد هدي تلعب بيا ومع ذلك كنت نفسي تعرف الحقيقه عشان مكونش في نظرك خاينه ولا كنت هحس اد ايه اني ولا حاجه وان كل اللي بينا كان ولا حاجه وانت ببساطه حتي مفكرتش تدور عليا ...يأست من كتر ما اتوجعت بس كان عندي امل ان ابني موجود وانك في يوم من الايام هتعرف الحقيقه .....ازداد قهر نبرتها كما ازدادت دموعها بالانهمار: بس ابني ضاع ومع ذلك حاولت اقف علي رجلي بس كل ما كنت احاول كنت بتكسرني اكتر وكأنك قاصد تخلص عليا .....كنت عايش حياتك مع واحده تانيه وانا اتوجعت بس قولت انك متستاهلش وحاولت تاني وتالت ورابع اقف علي رجلي وظهرت دنيا وقولت هي زيي احنا الاتنين ملناش حد بس انت ظهرت في حياتي زي ما ظهر كل اللي خبيته عني وكان اخر امل فاضل ليا وكان نفسي اصدقك انك اتغيرت ...كنت هقولك علي كل حاجه وارجع البنت لامها بس عرفت باللي خبيته عني ...كل ما احاول ابعد عن طريقك حياتي تتربط بيك اكتر 

...وضعت وجهها الغارق بدموعها بين يديها وتابعت بانهيار : حياتي اللي كأنها اتربطت بيك للابد ... خلاص ياعمر كفااايه بقي ...أخرج من حياتي ...كفااايه كل اللي حصل ليا بسببك !

بادلها عمر العتاب القاسي ليهتف بها بوجع شديد : بتقولي دلوقتي كفايه.....كفايه بعد ايه يا وسيله .....

امسك كتفها بقوة وجذبها ناحيته ليهدر بها بصوت متوجع : مقولتيش لنفسك ليه كفايه علينا اللي عيشنا فيه احنا الاتنين ...ليييه مقولتيش كفايه علينا بعد ووجع ...ليييه مقولتيش كفايه 

غص حلقه بدموعه التي تراكمت داخل حلقه بينما ينظر إليها وهي مستسلمه الي قبضته وهو يتابع عتابه : ليه مقولتيش ليا علي كل حاجه من الاول ...!

ارتجفت شفتيها بينما شق عتابه قلبها : عشان كانت هتخلص بمعلش ياعمر ...رفعت إليه عيناها التي تحولت لكاسات من الدماء بينما تتابع : ومعلش مكانتش هترجع ليا اللي خسرته ! 

كلاهما مجروحان وكلاهما موجوعان وكلاهما لم يعد يعرف من الجاني من الضحيه بينما اراقت دماء الانتقام جميع الكاسات واختلط الحابل بالنابل 

لينظر عمر إليها بأسي : ولا اللي عملتيه فيا هيرجعلك اللي خسرتيه 

بلحظه تحولت قبضته القويه علي ذراعيها الي رفق بينما يقربها الي صدره ويتابع بقلب لهيف : انا اللي جرحتك وعملت فيكي كل ده وانا اللي كنت اقدر اداوي جرحك لو كنت عرفت اد ايه انتي مجروحه ....بس انتي مقولتيش واختارتي تنتقمي مني ومن نفسك 

اغمضت وسيله عيناها بينما للحظه استعذب قلبها طبطبه كلماته علي جراحها الغائره واستعذب قلبها 

الحنان بعد طول جفاء لتفيق باللحظة التاليه التي استمعت بها لدقات قلبه الذي ضمها إليه ووضع راسها عليه بينما تخرج كلماته متألمه معاتبه : لو كنت اعرف انك مجروحه كده ...

ماتت الكلمات علي شفتيه حينما ابتعدت وسيله عن حضنه واولته ظهرها بينما تهتف بثبات ناقض ضعفها : مكانتش في حاجه هتتغير ياعمر ....خلاص اللي حصل حصل وانا عملت كده عشان أنا كان نفسي اشوفك متدمر زي ما دمرتني 

نظر إليها وابتلع عمر رمقه بثقل بينما جعلته يعيش موقف كان دوما به الطرف الآخر : يعني انتي مبسوطه باللي حصل لينا 

التفتت له وسيله ورفعت عيناها إليه تنظر له بقوة خالفت ما تشعر به : مفيش حاجه اسمها احنا ....واه ياعمر مبسوطه انك حسيت باللي حسيت بيه لما ابني مات 

احتقن وجه عمر بينما انتهي كل شيء وليس عليها التظاهر بما لا تشعر به وهذا الوجه الكريه للانتقام لا يليق بها ليمسك عمر بذراعيها بقوة مزمجرا : مش ابنك لوحدك ....ابننا ...بمزاجك أو غضب عنك اللي راح ده ابننا وبرضه مهما تكذبي وتقولي مرتاحه أو مبسوطه انك انتقمتي مني عشان توجعيني اكتر مش هصدقك وهصدق احساسي ...نظر إلي عيونها وتابع بصدر يعلو ويهبط : احساسي اللي لو كنت صدقته وكذبت كلامك وتصرفاتك كنت شكيت أن في حاجه غلط وانك مش مسمحاني 

رمشت باهدابها وابعدت عيناها عن نظراته ليسحب عمر نفس عميق ويترك ذراعها متابعا بحزم : انا عيشت كتير موقفك قدام ابويا ....اه كان ساعات بيكون غلطان بس انا كنت بتمادي وانا بقول اني بجيب حقي زيك دلوقتي 

...عيشت كتير دور الضحيه مع اني بسهوله كان ممكن أواجه بكل اللي كنت حاسه وانتي لو كنتي واجهتيني كنتي برضه هتاخدي حقك مني ...هز رأسه وتابع باعتراف : انا غلطت في حقك كتير ومش هنكر 

اقترب منها خطوه وأمسك بوجهها بين يديه وتابع بمشاعر وعيناه تطوف بملامحها : انتي مش كده يا وسيله ....انتي انضف كتير اوي مني ....انتقمتي من ابويا وامي وهما ملهمش ذنب ...انتقمتي من نفسك وهتدخلي السجن وتسيبي جدتك بعد ما رجعتي ليها ....دنيا مكنتش هسيبها لو عرفت الحقيقه ....اذيتي كل دول بس عشان تنتقمي مني انا ....التوت شفتيه بالمراره وتابع : وجايه تقوليلي مبسوطه ....وسيله اللي اعرفها مش كده 

خرجت نبرتها مهتزه بينما ترفض أن تصدق علي كلامه : وسيله اللي تعرفها ماتت 

هز عمر راسه ووضع أنامله اسفل ذقنها ليرفع وجهها الباكي إليه بينما يتطلع لعيونها بحنان شديد : وسيله اللي اعرفها مجروحه بس هتخف واللي جرحها هيداوي جرحها .....نظر إلي عيونها وقال بوعد صادق نبع من أعماقه : انا هخرجك من هنا 

هزت راسها برفض وشقت الدموع حلقها بينما لا تريد سماع هذا الحديث منه ...تريد أن يبقي بعيدا عنها فهو طريق لا تأمن السير به ولا الركض خلف أوهامه مجددا 

لتبعد يداه عن وجهها هاتفه وهي تزيح الدموع من عيناها : مش عاوزة أخرج من هنا ....انا استاهل ادفع تمن غلطتي 

رفض عمر بشده جلد ذاتها : لا متستاهليش تتسجني 

نظر إليها وتابع بتسويف : ولو في تمن لغلطتك يبقي لما تخرجي من هنا نصفي حسابنا مع بعض ...انتي تاخدي حقك مني وانا اخد حقي منك 


............

...


تقلب ايهم في الفراش ليمد ذراعه الي جواره يتحسس الفراش بجواره قبل أن يفتح عيناه الناعسه ويرفع جسده قليلا ويدير عيناه بارجاء الغرفه ليهز رأسه بضيق من عنادها بينما بقيت علي المقعد طوال ساعات الليل وهاهي قد غلبها النعاس مكانها ....ابعد الغطاء من فوقه وقام متجها ناحيتها ليمد يداه برفق الي كتفها بينما يهتف بتأنيب : قومي نامي في السرير ياغرام وبطلي عناد هتتعبي كده 

فتحت غرام عيناها التي غلبها النعاس بشده ونظرت إليه ليعيد كلماته : يلا قومي نامي في السرير وبلاش عناد 

هزت غرام راسها وعادت لتغمض عيناها لتستمع الي زفرته الضائقه بينما يقول بملل : وبعدين في الدلع ده !

فتحت غرام عيناها علي وسعها ونظرت له باستنكار : تاني هتقولي دلع ....فين الدلع ده 

هتف ايهم بحنق من بين أسنانه : وطي صوتك البنات هتسمع 

أفلت السخط من نبره غرام بينما تتبرطم بحنق : ياااه علي البنات 

اتسعت عيون ايهم ونظر لها باحتدام : انتي بتقولي ايه ؟!

واجهته غرام بعيونها بينما تتوقف أمامه : بقول اللي هتوصلني له باللي بتعمله ... كل نفس تقولي البنات ... ايه ياأخي هما مش حته كريستال خايف عليها تتكسر ...انا اصلا بحبهم وعمري ما هفكر اضايقهم بس بتصرفاتك دي هتخليني اكرههم واغير منهم وانا شايفه انك مش عامل حساب لأي حاجه ولا لأي حد غيرهم 

وضعت يدها علي بطنها وتابعت باحتقان : حتي اخوهم ولا اختهم مش في حساباتك وكل اللي فارق معاك هما وبس 

ظل صدرها يعلو ويهبط من فرط انفعالها بينما وقف ايهم امامها واستمع بصمت لكل ما قالته والذي كان لها حق به لم ينكره وهو ما جعله يتقبل عصبيتها أمامه لتعقد غرام حاجبيها وتلوح ملامح الالم علي وجهها بينما باغتها الم طفيف في بطنها بسبب انفعالها الشديد ....نظر ايهم باستفهام تحول الي قلق حينما رأها تضع يدها علي بطنها بألم : غرام مالك ...امسك بيدها ووضع يده بدلا منها يتحسس بطنها : مالك حاسه بأيه ؟

نظرت إلي قلقه ودق قلبها الذي يحتاج الي الحنان و الاحتواء لتخرج نبرتها الواهنه تشكو إليه وجعها : وجع بسيط 

بلحظه كانت بين ذراعيه يحملها ويتجه بها الي الفراش ليميل ويضعها بمنتصفه ويقول برفق : طيب اهدي وانا هشوف دكتور 

توقف مكانه بينما أمسكت بيده توقفه ليلتفت إليها فكانت سرعان ما تخفض عيناها بقليل من الخجل وهي تقول : انا اسفه علي اللي قولته بس انا قولت اللي حاسه بيه 

كم هي بسيطه بقلب نقي يغلبها دوما لينظر لها ايهم ويهز راسه قائلا برفق : عارف وعندك حق. ....

نظرت له بذهول بينما لم توقع اعتراف منه بتلك البساطه 

لتجده يرفع الغطاء عليها ويقول برفق : نامي شويه وبلاش تفكري في حاجه 

قام من جوارها وسحب المنشفه ليضعها حول رقبته ويتجه للحمام بينما تركها تعاتب نفسها : انتي مالكيش موقف....تاني هتسمعي كلام قلبك وتاني هيضحك عليكي بشويه الحنيه 

خرج ايهم بعد ان انهي استحمامه ليقف بجانب الغرفه يصلي وبعد أن انهي صلاه الفجر جلس قليلا علي سجاده الصلاه يراجع نفسه التي اتفق علي أن يطوعها ليقوم ويتجه إليها فيجدها ما تزال مستيقظه .....منمتيش ليه ؟!

قالت وهي ما تزال واضعه راسها علي الوساده وراقده علي ظهرها تتطلع لسقف الغرفه : مش جاي ليا نوم 

اوما واتجه الي الخزانه ليخرج ملابسه ليتوقف بمنتصف الطريق حينما لمح المقعد الطويل والذي أعدت عليه ملابسه كما اعتادت لترتسم ابتسامه علي جانب شفتيه ويتطلع ناحيتها فتهرب بنظراتها وتعود تنظر إلي السقف كطفله صغيره ...شاكسها وهو يخلع التيشرت الذي يرتديه : ده في ناس لسه مهمته بيا اهي 

هزت كتفها دون أن تنظر إليه متبرطمه بغيظ : يارب يتطمر 

انتفضت بمفاجاه حينما لفحتها أنفاسه الساخنه بينما بخطوة واحده كان يميل فوقها : بتقولي ايه ؟!

تقابلت نظراتهم كما تقابلت أنفاسه التي ازدادت حرارتها لقربه منها بانفاسها التي تلاحقت داخل صدرها بسبب تلك الذبذبات الصادره من قلبها الخائن الذي وقع بعشق الأربعيني ....عضت علي شفتيها وهي تتهرب من عيونها ولكن اين الهروب وقد اكتنفها بعضلات صدره القوي والتي وضعت يدها فوقها بعفويه تبعده عنها لتلامس جسده العاري من الاعلي فتتراجع مجددا كطفله هاربه يبدو أنها اوقعته بغرامها ولكنه ليس ممن يعترفون 

همسات بصوت مرتجف : مقولتش حاجه !

رفع حاجبه وهو مايزال جاثي فوقها : بس انا سمعتك 

عضت علي شفتيها تمنع ضحكتها التي تمنت أن تملئ وجهها وتكتفي من الوجع : مقولتش 

ضربها بخفه علي جبينها بجبينه : قولتي يارب يطمر !

افلتت ضحكتها التي خطفت دقات قلبه ليميل يلا تفكير تجاهها ويطبع قبله حانيه علي وجنتها ويمرر انفه بالقرب من أذنها يستعذب رائحتها العطره بينما يهمس بحراره : ده بدل ما تقولي وحشتني 

اذابها بهمسه الحار وسرعان ما استجابت له ولغزو المشاعر الضاري الذي لامس قلبها الغر ..لتنفلت همستها المشتاقه وهي تغمض عيناها : وحشتني 

ابتسم ايهم برضي ليميل تجاه شفتيها بينما يلقي نظره خاطفه تجاه الساعه الموضوعه علي الكمود قبل أن تتابع شفتيه طريقها الي شفتيها التي اذابها بقبله حاره سرعان ما اعتصرت شفتيها التي تركتها له يتذوقها ويروي لهيب اشتياقه لها ...!

رفعت غرام الغطاء حول جسدها بينما قام ايهم من جوارها ليقول وهو يتجه للاستحمام : انا هستني لما البنات تخلص امتحانات بعد كده هتكلم معاهم واقولهم انك حامل 

التفتت له برأسها ولكن قبل أن تقول اعتراضها الذي لاح في عيونها كان يرفع إصبعه أمام وجهها قائلا : اياك تقوليلي اي اعتراض ....اه انا قولت عندك حق في كلامك

نظر إلي بطنها وتابع : عندك حق أن البيبي اللي جاي له حقوق عندي زيه زي هنا وحلا 

بس برضه انا ادري واحد بمصلحتهم كلهم 

وانا اللي أقرر ايه اعمله عشانهم ....نظر لها وتابع : اظن كده فهمتي 

ليتها تفهم هذا الرجل ...سحبت نفس عميق وهزت راسها بحيره بقيت بها منذ ذهابه الي عمله .... لقد أخبرها أنه سيخبر البنات فلماذا تشعر بالضيق ...هل تشعر أنها تسرعت باستسلامها لمشاعرها تجاهه لانه مازال نفس الرجل المسيطر وكأن ما فعلته وتحدته به لم يعد له وجود ومازال يسير الأمور كما يريد ....بقيت في دوامه تفكيرها طوال اليوم ليبدو الشتات عليها في عملها 

..........

.....

بابتسامه واسعه استقبلت هدي شافع بها : حمد الله على السلامه يا حبيبي 

ابتسم لها واحتضنها وقبل راسها بينما وضع السائق حقائبه واستأذن ليغادر : عامله ايه ؟!

قالت هدي باشتياق زائف : مش كويسه من غيرك يا حبيبي 

ربت علي كتفها بينما يتبادل معها الحديث الذي لم تركز هدي في كلمه منه بينما كانت تريد لسفر زوجها أن يطول أكثر حتي تتخلص من انور نهائيا كما رسمت 

وكأنها حضرت المارد بتفكيرها فهاهو زوجها يسألها عنه لتتفاجيء وتهتز نظراتها بينما تقول بارتباك واضح : ايه ؟!

أعاد شافع سؤاله : بسألك فين انور ؟!

مهدي قالي أنه بقاله فتره مش موجود معاكي 

ارتبكت هدي بينما تهز كتفها وتقول بتعلثم وهي تبحث عن كذبه : ابدا ياشافع ....ساب الشغل 

عقد شافع حاجبيه باستفهام : ساب الشغل ....ليه ؟!.

هزت راسها وقالت متصنعه الجهل : مش عارفه ...طلب يمشى وانا وافقت 

شعر شافع بأن هناك شيء خاطيء وسرعان ما عبر عنه : مستحيل انور يمشي من غير سبب ....وسبب قوي

نظر لها وتابع بجديه : وانتي برضه مش هتسبيه يمشي ببساطه كده ....هاديه انتي بتتكلمي جد انك مش عارفه السبب ولا متضايقه 

هز راسه وأخرج هاتفه من جيبه : انا هكلمه افهم في ايه ....انور ده حته من البيت ووجوده جنبك مطمني انك في امان مستحيل يمشي من غير سبب 

نظر انور الي هاتفه الذي يرن بلا توقف برقم شافع لترتسم علي شفتيه ابتسامه شامته وهو يهتف : لسه دورك مجاش يا دكتور !!

بأيدي مرتجفه كانت هدي تسرع تطلب رقم انور الذي حمدت الله انه لم يجيب علي زوجها...خير يا دكتورة 

قالت بصوت حاولت أن يكون ثابت : شافع كلمك 

اوما قائلا : ده سؤال ولا ايه ....احتقن وجه هدي وافلتت تنهيده من صدرها : انور كفايه اللي بتعمله واللي مش هيوصلك لحاجه ....شافع كلمك يعرف سبب انك سبت الشغل 

ضحك انور بشماته : وانتي بتتصلي عاوزة تعرفي هرد أقوله ايه 

تنهدت هدي وهزت راسها : لا بتصل اقولك اياك ترد عليه 

ضيق عيناه وسألها بمكر : واسمع كلامك ليه ؟

قالت هدي وهي تزم شفتيها : قابلني بكره في المستشفي نتكلم ونتفق يا انور 

اغلق وعيناه تلمع بالانتصار بينما يحدث نفسه : هنتفق اكيد 

وعلي الجانب الآخر كانت هدي تتوعده : انت اللي جبته لنفسك !

.....

...........

فرك عمر وجهه وسخنت الدماء في عروقه بينما ينظر إلي عبد الحميد الذي قال باعتذار : مقدرتش اعمل اي حاجه ياعمر بيه ...المحضر زي ما سيادتك شوفته 

زم عمر شفتيه بسخط شديد وهتف بوعيد : جت له الفرصه عشان ينتقم مني ...نديم الكلب عامل محضر مفيش فيه ثغره 

وافقه عبد الحميد قائلا : اسف ياعمر بيه بس تقدر تقول وسيله هانم حطت نفسها قدامه في طبق وقالت اتفضل قطع 

حك عمر ذقنه وهو يحاول بجهد أن يتحكم في ثورته ليخرج صوته عاليا وهو يحدث نفسه : لازم اهدي خالص وافكر ازاي اطلعها من هنا وبعدين اتصرف معاهم كلهم ...نديم وهدي وأنور 

وافقه عبد الحميد متنهدا براحه بينما خشي أن يتهور كعادته : عين العقل يا عمر بيه .....سيبك من نديم دلوقتي خالص وخلينا نرتب أوراقنا ....مفيش وقت لغايه ما تتعرض علي النيابه ولو محضر زي ده اتعرض ووسيله هانم أكدت اعترافها خلاص خلصت ومفيش حاجه هتخرجها من التهمه دي 

هز عمر ساقه بعصبية وهو يفكر بينما يحاول الخروج من كونه طرف في القضيه ليكون حيادي ويري حل 

ليتذكر كل كلمه وتفصيله قالتها وهو يتحدث مع عبد الحميد الذي يدون كل ما يقوله : مفيش محضر اتعمل في المستشفي بخطف البنت اصلا 

: بس الهانم اعترفت 

قال عمر بانفعال : لتقول الحقيقيه والحقيقه هي اللي هتخرجها لو ام البنت أكدت كلامها وأنها سابتها ليها بإرادتها عشان تعالجها 

قال عبد الحميد وهو ينظر في الأوراق أمامه : انا كنت هروح اقابل ام البنت واشوف هتقول ايه 

اوما عمر قائلا : ماشي ياعبد الحميد وبلغني باللي حصل وانا هروح مشوار ونتقابل هنا 

نظر عبد الحميد إليه بتردد قبل أن يسأله : ووسيله هانم 

نظر له عمر : مالها 

قال عبد الحميد بصوت خافت : هتفضل في الحجز ....انا بقول لو عاصم بيه يتدخل ...قاطعه عمر وهو يزفر قائلا : لا يا عبد الحميد ....لو بابا أتدخل هدي لنديم فرصه ياخد الموضوع لسكه تانيه ...

ضغط علي وريده بينما يقول بأسف لها قبل أن يكون للرجل : معلش ...هانت كلها كام ساعه تتحملهم وانا هخرجها الصبح 

..........


عمر ...عمر !!

كان هذا نداء نداء زينه التي لمحت عمر بينما كان يخرج  من قسم الشرطه ليركض محاولا اللحاق به ولكن عمر كان يندفع برؤيه منعدمه واذان لا يسمع بها إلا كلماتها وعقل ينسج مشاهد من كل ما عاشته وكان لايدري عنه شيء ....!

أمسك عاصم بزينه يوقفها عن اللحاق بابنها الذي تحمله كل اللوم علي ماحدث : سيبيه يا زينه وخلينا نروح دار الرعايه نشوف البنت وانا هكلم عبد الحميد اشوف وصل لأيه 

................

....

بدهشه سألت هدي الطبيب الذي اتصل بها بهذا الوقت المتأخر يخبرها أن هناك حاله طارئه في المشفي تستلزم حضورها : في ايه يا دكتور ؟!

قال الطبيب بأسف بينما يشير بطرف عيناه خلفها : متاسف يا دكتورة بس ....كانت هدي تستدير الي حيث نظر الطبيب لتتفاجيء بعمر واقف خلفها ...تابع الطبيب: حضره الضابط قالي اتصل اقولك كده متأسف ....اومات هدي بينما حاولت أن تبدو ثابته وهي تشير للطبيب : طيب اتفضل انت 

تقابلت نظرات هدي بعمر الذي وقف امامها باعتداد ونظرات لم تفسرها

: خير 

قال عمر ببرود : كل خير ....نظر حوله بينما وقفوا بوسط بهو المشفي : هنتكلم هنا ؟!

أشارت هدي له أن يتبعها الي مكتبها : اتفضل 

جلست خلف مكتبها وهي تحاول تهدئه ضربات قلبها الذي لا يدري ماذا جاء به الي هنا ليجلس عمر باريحيه قاصدا التلاعب باعصابها قبل أن يقول بهدوء : كنت عاوز منك خدمه 

ارتاحت ملامح هدي قليلا بينما تسأله : طبعا ... خدمه ايه !!

مرر عمر أنامله علي أحد اطارات الصور الموضوعه علي مكتبها بينما يجاهد أن يتحلي بكل هذا البرود الذي يبديه : عاوز تقرير بحاله وسيله 

عقدت حاجبيها باستفهام : حاله ايه ؟!

قال عمر وهو ينظر لعيون هدي مباشره : حاله الإجهاض اللي اتعرضت ليها من شهور 

انصعقت ملامح هدي بينما لم تتوقع أن يكون قد عرف تلك الحقيقة وجالس امامها بهذا البرود لينظر عمر بوسط عيناها ويتابع : اظن دي حاجه سهله 

اهتزت نظرات هدي وتلجم لسانها بينما برود وهدوء عمر لا يساعدها علي فهم شيء أو تحضير دفاع لرد فعله الذي تجهله 

هز عمر رأسه وقال بهدوء شديد وهو مازال يقبض علي يده بقوة ليظل مسيطر علي غضبه الذي يريد الفتك بتلك المرأه ولكنه الآن فقط يريد أن يخرجها من تلك المحنه بعدها سيكون وقت الحساب : وسيله قالت ليا علي اللي حصل 

ابتلعت هدي وخفضت عيناها بينما تقول بارتباك : انا ماليش اي علاقه ....هي اللي طلبت مني اشاركها كذبتها وانا كنت مضطره ....قاطعها عمر بإشارة من يده : مش مشكلتي انتي شاركتيها ليه ...دلوقتي انا عاوز تقرير بحاله وسيله الجسديه والنفسيه ....نظر لها وتابع : ومش بس كده ...عاوز تقرير بحاله البنت ودخولها المستشفي 

نظر لها بثبات وتابع طلباته التي لم يكن لديه اي شك أنها ستنفذها شاءت ام ابت : ويتعمل وقت دخول وخروج دنيا من المستشفي ويكون التقرير بموافقه امها أنها تخرج البنت 

لم تجادل هدي أو تسأل عن سبب ما طلبه عمر بينما بالكاد تحتمل الوقوف لتنفذ كل ما طلبه عمر 

الذي أخذ منها الاوراق ورمقها بنظره لم تفسرها

ولكنها تحايلت علي خوفها بأخذ وعد زائف منه : انا نفذت كل اللي طلبته من غير ما اسأل ليه ....وانت هتنفذ وعدك أن شافع ميعرفش حاجه 

كل ما حصلت عليه هو ضحكه ماكره ارتسمت علي طرف شفتيه وهو يغادر بينما يضع الاوراق بجيبه ويتصل بالمحامي 

: وصلت لأيه يا عبد الحميد 

قال الرجل باعتذار : الست مش موجوده في العنوان اللي معايا 

اوما عمر قائلا بتفكير : ماشي ياعبد الحميد قابلني عشان معايا ورق مهم وانا هشوف موضوع الست 

...........

....

رفعت وسيله راسها التي كانت تسندها الي الحائط خلفها ما أن نادي العسكري اسمها : وسيله فخر 

قامت من مكانها ليعطيها الرجل تلك اللفه الكبيرة 

نظرت له باستفهام : ايه ده ؟!

قبل أن يجيب العسكري كانت تلمح عمر يقف خلف الطاقه الحديديه وقد امتلئت نظراته اعتذار أنها وحدها بهذا المكان ....أسرعت السجينات تأخذ من يد وسيله الاكياس المحمله بالطعام الذي لم تكن لها أي شهيه لتناوله بينما كل ما احتاجت له هو هذا الغطاء الذي أحاطت به كتفها لعل صقيع قلبها يدفيء بدفيء جسدها .

ابتعد عمر بخطوات ثقيله عن الزنزانه ليجلس بأول مقعد خشبي في الممر يقابله وينكس رأسه للاسفل 

اسرع أحد العساكر إليه : عمر باشا ميصحش ...قوم معايا اقعد في مكتب البيه المأمور 

هز عمر رأسه : أنا مرتاح هنا ...عينك بس عليها عشان محدش يضايقها 

نظر له العسكري بخزي : في عنيا ياباشا 

تنهد عمر وأسند رأسه علي الحائط خلفه وعيناه شارده في الفراغ ليبقي هكذا لوقت طويل قبل أن تأتيه تلك المكالمه : عبد الحميد  ...عملت ايه ؟!

قال الرحل بنبره مطمئنه : لقيت الست يا عمر واهو رايح لها...

قال عمر بلهفه :  لا خليك وابعت ليا العنوان 

............

....

لم تكد ساميه تدخل الي المنزل وهي تجر ساقيها من الارهاق بينما تتسول طوال الليل بحكم حماتها 

لتعقد حاجبيها حينما أشارت لها جارتها : في ايه يا ام هدير

همست لها المراه ان تقترب : خدي هقولك يا ساميه 

اتجهت إليها حيث وقفت المراه في الشباك الخشبي المطل علي الشارع طوال الليل بانتظارها 

: في عسكري جه سأل عليكي من يجي كام ساعه واشكري ربنا اني كنت واقفه وقولت له إنك معدتيش ساكنه هنا ...خوفت يااختي يكون جاي بسبب المخفي جوزك 

ارتجفت دقات قلب ساميه بهلع لتتابع الجاره همسها : وبعدها راجل تاني كبره كده جه برضه سأل عليكي وعاوزك ضروري وساب ليكي رقم تليفونه 

لم تفهم ساميه شيء لتعطيها الجاره ذلك الكارت الذي عجزت عن قراءه ما هو مكتوب به لتقول الجاره : استني اصحي هدير تقراه ليكي 

دوي رنين هاتفه عبد الحميد الذي اجاب بلهفه : الست ام دنيا 

اهتزت دقات قلب ساميه : خير يا بيه 

قال عبد الحميد متنهدا : كل خير ....انتي فين ياست ساميه عاوز اقابلك

قالت ساميه بخوف : طيب في ايه .. بنتي حصل لها حاجه 

قال عبد الحميد يطمئنها : متخافيش  ...البنت بخير وعاوزينك في القسم عشان تستلميها 

قالت ساميه بصوت مرتجف وهي تتلفت حولها بخوف أن تستمع حماتها : طيب يا بيه انت قولي فين وانا اجي ...مش هينفع تيجي !

.........

ارتجفت يد ساميه من فرط سعادتها بينما تحكم بها وشاح راسها حول وجهها وبيدها الأخري تضع هاتفها القديم علي أذنها لتقول بلهفه ما أن أجاب عليها انور : أيوة يا بيه ....القسم بعت ليا أني اروح استلم بنتي من هناك ...تسلم يا بيه !

عقد انور حاجبيه بمفاجأة: قسم ايه وبنت ايه ؟!

أخبرته ساميه بجهل وسذاجه ما حدث قبل قليل وهي تهم بخطواتها للخارج ليهتف بها انور باحتدام : استني عندك انا جاي ليكي وهقولك تعملي ايه ...!

قالت ساميه بهلع : تيجي فين يا بيه 

هتف انور بانزعاج : بعد نص ساعه قابليني علي اول الشارع 

حك انور ذقنه ونظر الي ساميه التي أخبرته بما حدث : هو قالي كده 

ضيق عيناه باستفهام بينما لا يفهم شيء : طيب فين رقم الراجل ده 

أعطته ساميه الكارت الذي أخرجته من صدرها لتهتز نظرات انور وهو يقرء اسم عبد الحميد المحامي ليعرف أن هناك شيء في الأمر ....

نظرت له ساميه بعدم فهم ليتابع انور بخبث : انتي مقدمتيش بلاغ ان بنتك اتخطفت وده في حد ذاته كافي يسجنك لانك ام مهمله 

نظرت له بعدم فهم : يعني اعمل ايه ؟!

قال انور وهو يحك ذقنه : يعني قدام الراجل ده او غيره متجبيش اي سيره عن اتفاقك مع الست أنها تاخد بنتك تعالجها وكل اللي تقوليه انك متعرفيهاش واول مره تشوفيها وكل اللي تعرفيه أن البنت اختفت والمستشفي عملت محضر بكده ...فاهمه ! 

........

نظر عمر في ساعته بصبر نافذ بينما وقف ينتظر ساميه في المكان الذي أخبره به عبد الحميد ولكن مرت ساعه ولم تظهر ....ايه يا عبد الحميد ...انت متاكد من العنوان 

قال الرجل : طبعا يا عمر بيه ..!

طيب اديني عنوانها 

نظر انور الي ساميه مشددا : فهمتي هتعملي ايه 

قالت ساميه دون فهم : اللي تشوفه يابيه ...المهم بنتي ترجع حضني 

قال انور بوعد : هترجع ووعد مني اول ما تخلصي النيابه هاخدك انتي وعيالك مكان محدش يعرفك فيه وهتاخدي فلوس كتير كمان ...المهم تقولي اللي اتفقنا عليه !

تراجع عمر سريعا بينما لم تكد قدمه تطأ خارج سيارته حتي لمح في مرأتها انور ولم يكن بحاجه لذكاء ليدرك ما يخطط له هذا الرجل ! 

........

....

فتحت هدي عيناها تقرء تلك الرساله التي وصلت إليها في الصباح الباكر : في موضوع مهم ...لازم اقابلك 

أغلقت الهاتف وهي تلتفت حولها لتري أن شافع ما يزال نائم....انور ارسل لها رساله كتلك وهي لا تأمنه لذا لن تجيب 

نظرت في ساعتها وهي تفكر كم بقي لتتخلص منه نهائيا 

لتصل إليها رساله أخري : انتي فين ؟!

أغلقت هاتفها نهائيا لتتخلص منه بينما جلست تتناول الافطار برفقه شافع وهي تجاهد الا تبدو متوترة أمامه .....

نظر انور في مرأه سيارته مره تلو الأخري بانتظار خروجها من المنزل ويداه لا تتوقف عن الاتصال بها 

ولكن هاتفها مغلق وكذلك الطريق إليها مغلق بينما خرجت من المنزل برفقه شافع ....!! 

يجب أن ينبهها أن أمر الفتاه انكشف وعليها أن تأمن نفسها وتذكر أن الفتاه اختفت من المشفي...!!

قاد انور خلفها لتلمحه هدي بينما ترسم ابتسامه هادئه علي شفتيها تجاه شافع الذي لا يدري شيء عما تخطط له وهي ترسل تلك الرساله : نفذ ! 

.........   

.....

قام عمر مسرعا من مكانه ما أن خرجت وسيله بينما تنساق ليد العسكري الذي اخذها لغرفه التحقيق ليسرع إليها وياخذها بضع خطوات بعيدا : وسيله ...الكلام اللي قولتيه هيسجنك ...قولي الحقيقه .. الحقيقه بس اللي هتخرجك من هنا 

رأي في عيونها الرفض والاستسلام ليزم شفتيه ويمسك ذراعها بحزم : بصيلي يا وسيله واسمعي كلامي   .... عشان جدتك لازم تخرجي من هنا ....انا عاوزك تقولي اللي حصل ...قولي انك اخدتي البنت بمواقفه امها تعالجيها ...قولي انك حسيتي بالبنت لانك فقدتي ....تغضنت نبرته بالاسي ولكنه تابع : لانك فقدتي ابنك قبل شويه ....قولي الحقيقه يا وسيله 

التفت نظراتها بنظراته التي تناجيها أن تتوقف عن الانتقام من نفسها ومعاقبتها ليمسك بكتفها ويهزها هاتفا : انتي كنتي عاوزة تنتقمي مني ومفيش انتقام أشد من الليله اللي عيشتها امبارح وانا أيدي متربطه ومش عارف اخرجك من هنا ...كسرتيني يا وسيله ووصلتي للي انتي عاوزاه ...كفااايه 

( هو فعلا كفايه ) ...كانت تلك الكلمات تخرج من شفاه نديم الذي وقف باعتداد امام عمر وامتلئت نظراته شماته بينما يقول : كفايه يا عمر بيه احنا مش في الهيلتون احنا في القسم 

احتدت نظرات عمر والتفت تجاه نديم الذي نظر له بعيون شامته ثم وجه كلماته الساخره تجاه وسيله : ايه يا مدام ....عجبتك الاقامه عندنا 

ضحك ببرود وتابع : ده احنا خمس نجوم وبمزاجي سايب عمر باشا يدخل اكل وبطاطين ويفضل قاعد طول الليل قدام الزنزانه ...اهو احنا برضه زمايل في الاخر 

نظر إلي عمر وتابع بتشفي تاق له لسنوات واتي إليه دون مجهود : ايه ياعمر اللي حصل ده ....ده انا مصدقتش نفسي والمدام بتتكلم وقعدت اسأل نفسي عمر ولا مش تشابه اسماء لغايه ما لقيت زينه هانم ....حك ذقنه وهو مستمتع برؤيه عمر يقبض علي يداه بجهاد أن يتمسك بأعصابه ولا ينجح نديم بجعله يخطيء : ايه يا راجل اللي حصل ده ....معقول المدام تخطف بنت 

مال علي إذن عمر وهمس بوقاحه : طلعت هوا يا عمر باشا وملكش في الخلفه بعد ما كنت نافش ريشك .... طيب كنت قولي اساعدك انا مع المدام 

كان آخر رمق استطاع عمر التمسك به بينما تطاول نديم علي زوجته لتتحرك يداه بغشامه معهوده به تجاه فك نديم بلكمه قويه وسرعان ما تبادل الاثنان اللكمات   

ليسود الهرج المكان ويسرع المأمور : في ايه ؟!

بصعوبه تجمع أفراد الأمن لإبعاد نديم وعمر عن بعضهم 

ليدير عمر رأسه تجاه وسيله التي استمع لصرختها بأسمه وكانت اعذب سيمفونيه يستمع إليها لتتفاجيء به يبتسم لها بينما يكبله رجال الأمن ويهمس لها : متخافيش !

لوح عاصم بيده بحنق تجاه سيف وزينه بينما يخبرهم عبد الحميد بما حدث : اهو ....اهو من مصيبه للتانيه .....رفع عيناه للاعلي : يارب اعمل فيه ايه ...جنني خلاص 

أمسكت زينه به تحاول تهدئته : اهدي يا عاصم 

هتف عاصم بجنون : اهدي ايه.....ده احنا لسه ....لسه مطلعناش من مشكله يقوم يضرب ضابط في القسم 

هتف سيف بحنق : ماهو يا بابا انت عارف عداوته هو ونديم

هتف عبد الحميد بعدم رضي : والله امبارح كان هادي وقالي هيمسك أعصابه لغايه ما وسيله هانم تخرج 

...........

....

: مش بتردي عليا ليه ؟!

قالت هدي ببرود وهي تتخطي انور الذي توقف امامها وهي تدخل الي المشفي : مش فاضيه يا انور 

رفع انور حاجبه : بقي كده 

اومات له قائله : شافع طالع ورايا ....امشي دلوقتي ونتكلم بعدين 

ضحك انور ببرود وهو يهز رأسه : ماشي بس انتي الخسرانه ...انا جيت أحذرك تأمني نفسك لأن موضوع البنت اتعرف 

ما أن استوعبت هدي ما قاله كان انور قد اختفي من امامها لتحاول الإسراع خلفه ولكنه انطلق بسيارته ولا يدري ما بداخلها ....أسرعت هدي تتصل باخد الرجال

: وقف كل حاجه ؟!

قال الرجل باعتذار : نوقف ايه ....خلاص رجالتي حطت الحاجه 

في العربيه زي ما طلبتي 

نعم طلبت لتتخلص منه ولكنها لم تتوقع أنه مازال يحمل سرا كهذا ...تريد الوقت لتفهم منه ولكن سبق السيف العزل ...! 

لكل جواد كبوة ومهما يكون ذكاءك وحرصك إلا أنه لن يصل حد الكمال هكذا فكر انور بينما اهتزت نظراته وهذا الضابط يخرج ذلك الصندوق من سيارته والذي امتليء بعلب الادويه ...!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

8 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. اول مره اقول ان عمر عندو حق في عمله مع نديم وايهم بيحول يصلح حياته مع غرام

    ردحذف
  2. روعه تسلم ايدك

    ردحذف
  3. تجنن بجد تسلم ايدك

    ردحذف
  4. هدى دى شيطان

    ردحذف
  5. روعه خلصيها قبل رمضان

    ردحذف
  6. روعة وابداع تسلم ايدك

    ردحذف
  7. البارت روعه غرام ايه الطيبه الي هيا فيها دي من كلمه خلاص محت الي حصل من ايهم مراد موقفه روعه دا الزوج المتفهم الي بيحب مراته وواقف جنبها عمر ابتدي يعمل حاجه عدله في حياته ولاحظت أن كلامه زي كلام عاصم وتفكرهم واحد وسيله لسا صعبانه عليا

    ردحذف
  8. هو ممكن حد يلم الأجزاء بتاعه أسهم وغرام ويجعلها ويعمل منها روايه لوحده
    انا مبحبش غيرهم ع فكره وباقى الروايه فشنك

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !