حكايه عمر الفصل الثامن والستون

10


 ( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


كطفله بأول يوم دراسي لها جلست وسيله الي مكتبها ضائعه مشتته في راسها الالاف الأفكار وحولها مئات النظرات منها الفضوليه ومنها المتعاطفه ومنها المتسائله ...اين كانت وكيف ولماذا عادت ؟! تبدو مختلفه عما كانت عليه بصمتها وملامحها الشاحبه لذا الفضول مليء نظرات الجميع ...حاولت أن تشغل نفسها بأي شيء لتجد عقلها فارغ وكأن حياتها قبل ذلك العام الماضي قد انمحت من ذاكرتها لتعافر طوال تلك الساعات بجهد أن تستعيد ما كانت تفعله بدونه وقبل أن يكون داخل راسها فقط تلك الذكريات التي استسلمت لها بعد أن اضنتها محاولتها للتجاهل وكانت الغلبه للذكريات التي تدفقت الي راسها وجعلت المراره تمليء قلبها مجددا .... هربت باللجوء الي جدتها التي لم تكن بحاجه لأن تتصل بها بل ما أن نزلت من مقر عملها حتي وجدتها جالسه بانتظارها بالاسفل لتتسع عيناها وتركض إليها حيث جلست بالمقاعد المخصصه للانتظار ببهو الشركه : تيته قاعده كده ليه ؟!

قالت امتثال بابتسامه هادئه وهي تحتضنها : قولت استناكي لما تخلصي 

هزت وسيله راسها وازداد شعور المراره بداخلها لكونها أضحت حرفيا عبء علي جدتها التي لم تكن بحاجه لحمل المزيد من الأعباء لتقول بعتاب : بس يا تيته كده تتعبي 

ربتت امتثال علي كتفها وقالت بحنان وهي تضع يدها في ذراعها : مفيش تعب يانور عيني 

ابتسمت لها بينما يخطون خارج الشركه قائله وهي تشير بيدها : ايه رايك في المفاجاه ؟!

ابتسمت وسيله إلي جدتها التي أوصت الميكانيكي أن يحضر سيارتها بعد أن أنهت تصليحها : شكرا يا تيته 

مررت امتثال يدها علي ظهر وسيله بحنان هاتفه : العفو يا حبيتي ....يلا خديني المكان اللي يعجبك نتغدي سوا 

.......

....

لا ينكر ايهم أنه انتظر رد فعل منها يشير إلي سعادتها بأقل مبادره منه كما اعتاد ولكنه لم يجد إلا نظرات خاويه ملئت عيناها وحتي كلمه واحده لم تخرج من شفتيها لتنظر لها هنا بإحباط وهي تسألها : انتي لسه زعلانه مني ياروما 

هزت غرام راسها وقالت باقتضاب : محصلش حاجه .

نظرت هنا الي اشياء الطفل الصغيرة وسألتها بحماس : طيب مقولتيش رايك ايه في الحاجات اللي انا وحلا وبابي اخترناها 

ابتسمت حلا وتدخلت قائله بحماس  : انا نفسي تكون بنت يا روما عشان تاخد حاجتي انا وهنا ....عندنا لعب وهدوم حلوة اوي بابي لسه محتفظ بيها 

اشاحت غرام بعيناها متنهده بمراره رافضه أن تعطي نفسها امل مجددا : شكرا ...خلي حاجتكم ليكم .... وضعت يدها علي بطنها وتابعت بصوت تخلله حساسيتها الزائده  : انا هجيب لابني كل اللي محتاجه 

لم تفهم الفتيات المغزي وراء كلماتها ولكن والدتها فهمت القاءها بالكلمات تجاه ايهم الذي قال باحتدام : أبوه موجود وان شاء الله لا انتي ولا هو هتحتاجوا حاجه ...!

نظرت غرام له واحتدمت نظراتها بينما تهتف باندفاع : انت بالذات مش محتاجين حاجه منك ....انت اصلا مكنتش عاوزه 

عقد ايهم حاجبيه ونظر لها بحنق من كلماتها المتهورة والتي لا يوجد لها مناسبه الان وكذلك زينب التي زمت شفتيها وهي تشير الي غرام أنه لا يصح أن تتحدث هكذا في وجود الفتيات ولكن غرام لم تكن تري الا غضبها منه والذي الهبته هرموناتها المتقلبه لتهب من مكانها واقفه وتنظر له هاتفه باندفاع اكبر : هتطلقني امتي ؟!

القي ايهم إليها نظره غاضبه ولكنه كالعاده رزين ويعرف ماذا يقول ومتي يقوله لذا اكتفي بإشارته لابنتاه : يلا يا بنات 

نظرت له الفتيات برجاء أن يتمهل ولكن حزم نظراته جعلتهم ينصاعون لأمره ويقومون من مكانهم 

هزت زينب راسها بعدم رضي واسرعت خلفهم : نورتوا يا بنات وتسلم ايديكم 

نظرت إلي ايهم برجاء أن يتفهم غضب ابنتها لتعود إليها بعتاب : مكانش ده وقته يا غرام 

اشاحت غرام بوجهها لتقول بمراره وهي تبعد الندم عنها : عمر ما كان ليا وقت عنده 

قالت زينب بعقلانيه : يابنتي أنتي متشتته ومش عارفه بتعملي ايه 

رفضت غرام أن تحمل نفسها ذنب اي شيء بعد ما تحملته : لا  عارفه 

نظرت لها زينب باستفهام : عارفه ايه ؟

قالت غرام باصرار أخفت به غصه حلقها : اني عاوزة اتطلق منه وأقطع اي علاقه بيني وبينه .....دمعت عيناها لتسألها والدتها : يعني هترتاحي كده 

اومات غرام لتقول زينب بجديه : يبقي بالمعروف ياغرام ....ومتنسيش أن في علاقه بينكم مش هتتقطع ابدا وهي الطفل اللي جاي !

..........

....


نظرت امتثال الي وسيله التي لم تأكل الا بضع لقيمات بعدها قامت من مكانها لتسألها : رايحه فين يا حبيتي 

قالت وسيله بهدوء : رايحه التواليت يا تيته 

اومات امتثال لتدخل وسيله إلي الحمام النسائي وتتوقف امام المرأه تتطلع الي نفسها بينما تعيد بعض خصل شعرها للخلف ... انتفضت من مكانها ما أن ظهر في انعكاس المراه خلفها عمر الذي قال بهيام وعيناه تتطلع لانعكاس صورتها : زي القمر 

التفتت له بصدمه : عمر ! 

اوما لها بينما يقول بعشق : عمر اللي خلاص اتجنن علي ايدك 

اقترب منها خطوه لتتراجعها وسيله للخلف ليقترب الأخري حتي يتوقف امامها ويقول باستعطاف : ايه يا سيلا كل ده وقلبك مرقش ليا ....انا عملت وهعمل اي حاجه عشان تسامحيني وترجعيلي 

اشاحت وسيله بعيناها عنه وهتفت برفض : لا ياعمر ....مش هيحصل 

تجرأت يداه لتمسك بذقنها يدير وجهها إليه ويقول بهيام : هيحصل يا قلب عمر ....انتي بس اديني فرصه ...افتحي قلبك ولو حته صغيرة قد كده وانا هخليكي تسامحيني 

ابعدت وسيله يده عنها بغضب وهتفت به برفض لدقات قلبها التي أن تتحرك تجاهه : مبقاش عندي قلب خلاص ....اوعي من قدامي وابعد عني 

هز عمر رأسه وبقي واقف امامها ليقول باستعطاف : مقدرش ابعد عنك ....سيلا انا اسف قوليلي اعمل ايه عشان تسامحيني

نظرت له وسيله بحنق : مش هسامحك خالص ...اوعي بقي 

هز رأسه مجددا لتنظر له بغضب : بقولك اوعي ياعمر 

نظر إلي عيونها برجاء : سيلا انا اتغيرت ...عمر القديم مات ...اشار لها وتابع : بصي انا عملت ايه عشانك .....كتم ضحكته بينما يتابع : انا داخل وراكي حمام الستات عشان بس اكلمك 

خلينا نرجع لبعض وقولي لجدتك متدخلش بينا ...قاطعته وسيله بغضب عبر بلا تفكير عن خطها الأحمر الذي خطته لنفسها بلا وعي : متوقع تاني اسمعك ...انسي ...انا بسمع بس كلام تيته

رفع عمر عيناه وزفر بضيق مستنكرا حديثها : يعني ايه بس تسمعي كلام جدتك يا وسيله ....بأي منطق 

هتفت به وسيله بيقين : بمنطق اللي حصل ليا لما سمعت كلامك 

ابتلع عمر بثقل من تأنيبها وقال بمنطقيه : و ليه تسمعي كلامي أو كلامها ...اسمعي كلام نفسك يا وسيله 

انتي وبس اللي لازم تسمعي عقلك وقلبك بيقولوا ليكي ايه !

اهتزت نظراتها بينما ما قاله لا تنكر أنه ما تأخذه إليه نفسها ولكن أيضا بداخل نفسها هناك عقده كبيره لا تنفك تطاردها بذنب ما حدث لجدتها وعاشته بسببها لذا اخذت هذا العهد الثقيل علي نفسها أن تستمع الي جدتها دون جدال في كل ما تقوله لتبعد عيناها المشتته عن نظراته وتهز راسها برفض لمجرد التفكير في حديثه : لا مش هسمع كلام اي حد الا تيته لأنها الوحيده اللي عارفه مصلحتي 

نظر لها عمر باحتقان ليهتف متبرطما : هي هتفضل واقفه ليا زي اللقمه في الزور كتير .....امسك عمر بكتفها ونظر لها برجاء : وسيله حبيتي لو سمحتي بلاش تفكري كده ....اه جدتك عاوزة مصلحتك وانا وكل اللي حواليكي بس انتي اكتر واحده اكيد عارفه مصلحه نفسك واكيد انتي حاسه اني اتغيرت .....نظر إلي عيونها وتابع برجاء : وسيله حبيتي احنا بينا كلام كتير لازم نقوله .....اجفلت وسيله من لمسته لتنكمش علي نفسها وهي تبعد كتفها عن لمسته ويبدو الم ممزوج بالانزعاج الشديد علي ملامحها وهي تتراجع الي الخلف وتهز راسها 

: لا ..لا ...مش عاوزة اتكلم معاك 

انتبه عمر الي تلك الحاله الغريبه التي انتابتها بالاضافه لحديثها الخانع ليركز نظراته عليها ويقول برفق بينما يقترب منها الخطوات التي تتراجعها : طيب يا حبيتي بلاش تتكلمي اسمعيني علي الاقل ... انا عندي كلام كتير عاوز أقوله ليكي 

تراجعت وسيله وهي مازالت تهز راسها : مش عاوزة اسمعك ...مش عاوزة 

اغمض عمر عيناه بغيظ شديد حينما تعالت تلك الطرقات علي الباب وتبعها صوت امتثال : وسيله ...اتاخرتي ليه يا حبيتي !

اهتزت نظرات وسيله وشهقت بهلع مبالغ فيه حينما استمعت لصوت جدتها وكأنها مذنبه لوجودها معه أمام جدتها لتقول بأنفاس متلاحقه وصوت خافت راجي : تيته ....بلاش تخليها تشوفك ....ابعد ياعمر وبلاش تخليها تشوفني بتكلم معاك 

عقد عمر حاجبيه لتلك الحاله ليه رأسه ويقول بتلقائيه : وفيها ايه لما نتكلم يا وسيله 

هزت وسيله راسها وقالت بهذيان : هتزعل مني 

انزعجت عمر من تلك الحاله كما أنزعج من طرقات امتثال المتلاحقة ليسحب نفس عميق ويفتح عيناه التي توهجت بغضب جعل وسيله تتوجس بينما يتجه عمر الي الباب يفتحه ويتوقف أمام امتثال التي عقدت حاجبيها بحنق ممزوج بالمفاجاه حينما فتح عمر الباب ووقف امامها بجرأه :

انت بتعمل ايه هنا ؟!

أسرعت تنظر إلي وسيله : انتي كويسه ....ضايقك في حاجه ؟! 

قال عمر بامتعاض من دفاع امتثال الاهوج عن زوجته  بتأكيد أنه الذئب الذي سيفترسها :  هضايقها في ايه وانا بتمني ليها الرضي وحتي لو ضايقتها هي تعرف تاخد حقها مني 

نظر إلي امتثال وتابع برجاء مهذب : يا حاجه ادينا مساحه لو سمحتي 

نظرت له امتثال بغضب هاتفه : الحاجه الوحيده اللي هديهالك هي قلم علي وشك لو قربت منها تاني ... ابعد عنها واياك تقرب منها ...فاهم 

وقعت عيون وسيله التي نكستها للأرض وهي تتوقف بضعف خلف جدتها علي قبضه عمر التي كورها بقوة بينما يحاول التحكم في غضبه امام اهانه امتثال له والتي تابعت باحتدام وهي تمسك يد وسيله : في كل خطوه هتلاقيني واقفه قدامك ... يلا يا وسيله 

زفر عمر بضيق شديد لينظر الي وسيله وهي منقاده الي يد جدتها التي دون أن تدرك أصبحت مثل عمر تحيك حولها جدار حتي لو كان بهدف حمايتها إلا أنه يظل سياج يقيدها دون أن تدرك وهي بعد ما حدث أصبحت تتواري خلف هذا السياج وكأنها الارنب الصغير الذي نصحته والدته بعدم الخروج حتي لا يأكله الثعلب وخالف حديثها وكاد الثعلب يأكله فأصبح يستمع إلي والدته بلا تفكير التي وجب عليها أن تعلمه كيف يحمي نفسه من الخطر لا أن تبقيه دوما خلف السياج المتمثل بها دون إدراك أنها بتلك الطريقه ستفقدها غريزتها الطبيعيه بحمايه نفسها مادامت الحمايه تمثلت لها فيمن امامها 

وهاهي تريد أن تضعها خلف سياج آخر 

وهي تشدد علي كلماتها : كان بيقولك ايه ؟!

تعلثمت وسيله بعدم إدراك منها بينما كل ما تولد بداخلها وأصبح يسيطر عليها هو شعورها بالذنب تجاه جدتها بسبب كل ماحدث والان لا تريد أن تضايقها حتي وان كان بمجرد كلمه لتتابع امتثال بتشديد : 

وسيله اياك تكوني لسه بتفكري في الولد ده 

هزت وسيله راسها لتتابع جدتها بتحذير نبع من خوفها علي حفيدتها : افتكري اللي حصلك لما مسمعتيش كلامي ومشيتي وراه وورا قلبك اللي معرفش يختار 

لم تكن بحاجه لتذكيرها لتشتد بداخل وسيله عقده الذنب بسبب كلمات جدتها التي تابعت حديثها الذي شكل قيد اخر عليها 

نظرت لها امتثال تسألها : ها يا سيلا ايه رايك 

رمشت وسيله باهدابها باستفهام : في ايه يا تيته ؟! 

قالت امتثال بعتاب لطيف : انتي سرحتي في ايه يا سيلا كنت بحكيلك عن ابن اخت خالك مجدي ضياء

تابعت تخبرها عن هذا الشاب : اول ما مجدي كلمني عنه قلبي اتفتح له واد محترم وأهله ناس طيبين 

مهندس بحري بيسافر تلات شهور ويرجع شهر هنا في اسكندريه .....ايه رايك تشوفيه وتحكمي بنفسك 

هزت وسيله راسها بدهشه لتفكير جدتها في مثل هذا الأمر الآن : انا مش بفكر في الموضوع ده 

وكمان مينفعش 

عقدت امتثال حاجبيها ياستفهام : ليه مينفعش ؟

قالت وسيله بتلقائيه : انتي ناسيه أن عمر لسه مطلقنيش 

تغيرت ملامح امتثال وهتفت بحده : متنطقيش اسمه قدامي بيعصبني .....زفرت بضيق وتابعت : كويس انك فكرتيني بالموضوع ده ....انا هرفع عليه قضيه طلاق ونخلص منه وبرضه انتي لازم تفكري في موضوع العريس ده عشان نقفل اي باب ممكن اللي اسمه عمر يدخل ليكي منه 

شعور بالصقيع تسرب الي أورده وسيله بينما دون أن تدرك جدتها تضعها علي الهامش وتاخذ هي قرارات حياتها عنها .....باغتتها امتثال بسؤالها حينما وجدتها صامته : ولا لسه عاوزاه يا وسيله 

هزت وسيله راسها تدفع عن نفسها تلك التهمه أمام نظرات جدتها : لا طبعا ....انحشرت باقي الكلمات في حلقها بينما كل ما تريده هو وقت ....وقت تستجمع به نفسها ...وقت تجد به كل ما فقدته ....وقت لا يكون عمر وجدتها كل منهم يحاول جذبها تجاهه ويضغط عليها لتخفض عيناها بانصياع زاد من شعورها الداخلي بالنزاع لحريه رفضت أن تطلبها أو تلمح لها أمام جدتها بعد ما حدث حينما قالت جدتها : يبقي هكلم ابن هدي اهو محامي يرفع لينا قضيه 

قالت وسيله باستسلام وهي تقوم من أمام جدتها : اللي تشوفيه يا تيته 

ابتسمت لها امتثال وكذلك رسمت وسيله ابتسامه زائفه علي شفتيها لم تشعر حتي بطيفها بداخلها لتمحوها ما أن انفردت بنفسها التي لم تعد تجدها فهي من يد عمر الي يد جدتها لتوقف سريعا هذا التفكير وتخبر نفسها أن جدتها تريد صالحها وهي جربت من قبل أن لا تستمع الي حديثها وتدرك ما حدث لذا ليس عليها إلا أن تسير خلف الخطوط التي تضعها جدتها لحياتها ....مفهوم جديد عليها ولكنها اقنعت نفسها به !

.............

.....

سحب شافع ذراعه من يد هدي التي انحنت عليها تحاول تقبيلها برجاء : شافع ابوس ايدك اسمعني

لم ينظر شافع إليها بل تزاحمت نظرات الاشمئزاز في عيناه وهو يبعدها ويخطو بعيدا عنها خطوتين هاتفا باشمئزاز : انا خرجتك من السجن عشان ولادي مش عشانك ....مش عاوز اشوفك تاني 

بكت هدي بحرقه بينما ضاع منها كل شيء : شافع انا خوفت والله خوفت اقولك 

رمقها شافع بنظرات ساخطه بينما يصيح بانفعال : 

وهتفضلي خايفه .....خايفه اني اقول للبنات ويشوفوا وشك الحقيقي 

خايفه اني اقول لصابر ابو المجد الحقيقه ويحرمك من ابنك التاني طول العمر ....خايفه من انتقامي منك اللي احسن ليكي تبعدي عنه 

هزت هدي راسها بقهر بينما تناجيه متوسله : شافع سامحني واديني فرصه 

هز راسه اعتدل واقفا يسحبها من ذراعها بقوة ويلقيها خارج المنزل ....براااا

نظرت له هدي بضياع : اروح فين ياشافع ....انا ماليش غيرك 

انجرحت ركبتيها وهي تقع أرضا بينما حاولت اللحاق به ولكنه ألقاها خارج الباب دون الاستماع الي توسلاتها  واندفع للداخل دون النظر إليها 

.....تمهل أحد الحراس قليلا لعلها تبتعد من نفسها ولكن حينما لم تفعل اتجه إليها وهو يطأطأ رأسه : متاسف يا دكتورة بس اتفضلي 

لملمت هدي نفسها اعتدلت واقفه لتلقي نظره مليئه بالحسره تجاه الباب الذي مع انغلاقه انغلقت كل السبل في وجهها لتلتفحها الرياح البارده وهي تغادر ولا تدري الي اين تذهب !

..........

...

لم يتزحزح ولو خطوة عن إصراره في محاوله إرجاعها له بينما يتحين كل مناسبه لرؤيتها ومحاوله الحديث معها بالرغم من إحباط امتثال كل محاولاته 

تلفت عمر حوله قبل أن يخطو بضع خطوات ثم يتواري مجددا وسط الناس بينما عيناه لا تفارق النظر إلي وسيله التي كانت تسير برفقه جدتها التي وضعت احدي يداها في ذراع حفيدتها بينما بيدها الأخري كانت تستند الي عكازها الذي يساعدها علي الحركه ....توقفوا أمام أحد المحلات ثم دخلوا إليه وتابعوا سيرهم وعمر خلفهم ...اخذت امتثال تشير هنا وهناك بينما تتطلع كل حين وآخر الي عيون وسيله التي شفيت الكثير من جراحها ولكن مازالت هناك نظره حزينه مدفونه عميقا بعيونها ....ابتسامه خبيثه ارتسمت علي شفاه امتثال وهي تلمح ذلك الذي لا يبارح السير خلفهم بكل لحظه لتجذب ذراع حفيدتها توقفها أمام أحدي المعروضات وتقول بابتسامه : ايه رايك يا سيلا في طقم الصيني ده ؟!

قالت وسيله نبره خاليه دون أن تدقق النظر بينما لم يعد هناك ما يجذبها : حلو يا تيته 

مالت امتثال تلتقط أحدي الاطباق ذات النقوش الانيقه تتفحصه بعيناها وهي تقول بحماس : ايه رايك لما اقبض المعاش أن شاء الله اشتريه لجهازك ....حلو اوي وكان نفسي اجيبلك طقم زيه من زمان 

هزت وسيله راسها بلا حماس قائله بسخريه من نفسها : جهاز ايه يا تيته...لا ..لا مالوش داعي اصلا انا مش هتجوز تاني 

هزت امتثال راسها برفض قائله : ليه بتقولي كده يا حبيبي ...بكره ربنا يبعتلك ابن الحلال اللي يعوضك 

مجرد التفكير في تجربه أخري كان كافي برسم مشاعر النفور والامتعاض علي ملامح وسيله التي قالت بتلقائيه

: لا يا تيته ...خلاص انا معنديش استعداد اجرب تاني 

تنهدت وتابعت : اصلا عمر كرهني في الرجاله والجواز 

ضيق عمر عيناه بغيظ من امتثال التي هزت راسها برفض مجددا قائله : هو البعيد يكرهك في الدنيا مش الرجاله والجواز بس ....يلا اهو راح لحاله ...خلينا احنا في حالنا 

نظرت إلي حفيدتها وتابعت بينما تهندم لها الوشاح الوردي الذي تحيط به عنقها : انتي بس افتحي الباب وجربي تقابلي ابن اخت خالك مجدي ...ده واد ابن حلال وكفايه أن مجدي بيشكر فيه وبيقولي أنه مربيه علي أيده 

امتعضت كل ملامح عمر وتغضن وجهه بالحمره ليندفع بلا تفكير هاتفا بامتثال : اظن يا حاجه ميصحش تقوليلها تقابل عريس وهي لسه مراتي !!

شهقت وسيله بفزع ما أن ظهر امامها فجاه بينما 

رفعت امتثال حاجبها باستمتاع بما تفعله به هاتفه : انت طلعت منين وبتتصنت علينا بتاع ايه 

قال عمر بغيظ : بتاع اني لسه جوزها ....والمفروض لا يخطب أحدكم علي خطبه أخيه ما بالك بقي بمراتي 

ضحكت امتثال ساخره وهي تقذف جبهته : الله اكبر انت بقيت بتعرف في الدين اهو ....طيب وسرحوهن بالمعروف معدتش عليك !

نظر عمر الي امتثال بغيظ شديد ليكور قبضته هاتفا من بين أسنانه : مش هطلقها يا حاجه 

اومات امتثال بثقه بينما تأخذ يد وسيله تضعها بذراعها وهي تهم بالرحيل : وماله امال انا موكله المحامي ليه ودافعه له كل فلوس المعاش ماهو عشان يطلقها منك !

تبرطم عمر بحنق وهو ينظر إليها بينما تخطو بعيدا عنه وهي تصطحب وسيله بذراعها : هي فلوس المعاش هتجيب طقم الصيني ولا تدفع تمن المحامي ....اعوذ بالله منك وليه عجوزه حربايه ! 

...........

....

لم يظنها عمر جاده بأمر دعوي الطلاق حتي وصل إليه اعلان المحكمه لتثور ثائرته ويعيد كل ما استمع له وهنا ينفجر البركان الثائر بعقله وهو يتذكر حديثها عن عريس ...لا والله ما هسكت ابدا لو في حاجه زي دي !! 

وكما كانت امتثال جاده أقنعت غرام نفسها هي الأخري بأنها جاده في أمر الطلاق لتنظر لها زينب بحيره لم تخفيها 

: حيرتيني معاكي يا غرام 

نظرت لها غرام باستفهام : ليه يا ماما ؟!

قالت زينب دون مراوغه : عشان لسانك بيقول كلام وعينيكي بتقول كلام وانا مش هطاوعك المره دي 

هزت غرام راسها وابعدت عيناها عن مرمي نظرات والدتها هاتفه بثبات : انا اخدت قراري يا ماما ...انا مش هرجعله تاني وخلاص عاوزة اتطلق 

نظرت لها زينب بضيق : ولو جه يصالحك بعد يومين ماهو هترجعي وتنسي كل ده 

هزت غرام راسها بعناد : ابدا ....نظرت إلي والدتها وتابعت :انتي كان عندك حق في كل اللي قولتيه ليا ... انا استاهل كل الذل اللي شوفته عشان رضيت اكون ولا حاجه عنده أو عند بناته 

تابعت زينب حديثها بصبر : مختلفناش يا غرام أن وضعك غلط وبرضه انتي عليكي عامل في الغلط ده بس موضوعنا دلوقتي اختلف عشان في عيل جاي ولازم تاخدي ابنك اللي جاي في حساباتك وتشوفي وضعه هيبقي ايه في الحكايه دي ....هتربي عيل لوحدك بعد اللي شوفتيني بعاني منه سنين 

قالت غرام بعناد طفولي : هشتغل واصرف عليه 

قالت زينب بعقلانيه : التربيه مش فلوس وبس ياغرام جوزك مش زي ابوكي وانا واثقه انك مش هتحتاجي فلوس انتي هتحتاجي ابو ابنك زي ما ابنك هيحتاح أبوه والراجل مش هنكر أنه زي ما شوفت حنيته مع بناته هيكون كده مع ابنه ...

قالت غرام بأسي بينما لم تتذكر ولو لحظه أنه أخذ طفلها بعين الاعتبار وكأنه ليس طفله : عرفتي منين.... بناته اهم حاجه عنده 

قالت زينب برفض : وابنك ولا بنتك ماهما هيكونوا ولاده برضه زيهم 

قالت غرام بمراره : زيهم ازاي وهو اصلا مكانش عاوزه 

تنهدت زينب بينما يدورون في نفس الدائره التي حلها في يده وفي يد ابنتها حينما تنضح وتتحدث في عمق الأمر وتحاول أن تسير حياتها في الطريق الصحيح 

لتتنهد قائله : عموما ياغرام انا مهما اقول مش هتتعلمي والدنيا بس اللي هتعلمك .... اعملي اللي تشوفيه بس لو ناويه تتطلقي أو ترجعي الشغل يبقي ترجعي علي نور 

نظرت لها غرام باستفهام : يعني ايه ؟!

: يعني تتكلمي معاه وتتقفي معاه علي كل حاجه 

تشوفي خلاص هتفترقوا بالمعروف وتفهميه انك هترجعي شغلك ....مهما كان دي الأصول !

........

نظر عمر الي ابيه بانتظار إجابته التي طالت ليسأله عمر مجددا : ايه يابابا معقول طول حياتكم مزعلتهاش زعله جامده 

هز عاصم كتفه بينما يتراجع بظهره الي الخلف ليجلس باريحيه قائلا : طبعا زعلتها 

اوما عمر بلهفه : صالحتها ازاي بقي ؟

مجددا هز عاصم كتفه : عادي ...بنتخانق ونتصالح

زفر عمر هاتفا : يابوب مش قصدي الخناقات العاديه انا بتكلم عن كارثه زي اللي انا عاملها وخلتها تربع عليا قضيه طلاق ....! 

حك عاصم ذقنه وتهرب بمشاكسه : اكيد معملتش كوارث زيك 

ضيق عمر عيناه بمكر : ياعاصم .... امال انا جايب الجينات دي منين 

ضحك عاصم بينما غامت عيناه بالذكريات التي كانت وقتها ذكريات شجار وجفاء ولكن مابقي منها هو حلاوة اللقاء مجددا ليوكزه عمر بكتفه بمرح : آيوة قولي بقي المشكله اللي سرحت فيها دي صالحتها وقتها ازاي 

تنهد عاصم قائلا بحنين بينما لاحت ابتسامه علي طرف شفتيه وهو يقول : سميت مدينه علي اسمها وكتبت ليها نص ثروتي !

اتسعت عيون عمر وسرعان ما لمعت بالأمل ليقول بثقه : سهله اهي ....مال علي أبيه وأخذ يضبط له ربطه عنقه بينما يتملقه قائلا : ايه رايك بقي في اسم وسيله عشان مدينه الساحل الجديده ....نظر إلي أبيه وحك ذقنه بينما يتابع بثقه : وبلاش نص خلينا نقول الربع 

ضيق عاصم عيناه والتفت الي عمر : نص ايه وربع ايه 

جذب ربطه عنقه من يد ابنه وتابع : لا ياحبيبي راجع انا قولت ايه ....نص ثروتي يعني لما تحب تصالح مراتك تصالحها بثروتك انت 

تملقه عمر بينما يحتضنه : وانا ايه وانت ايه ياسيوفي ...واحد 

أبعده عاصم عنه وهو يخفي ضحكته : لا ياابن السويفي احنا اتنين ...اجري يلا متعطلنيش

ضيق عمر عيناه ونظر الي ابيه : ماشي ياسيوفي 

ابتسم عاصم وهو ينظر في أثر ابنه الذي لا يتوقف عن محاوله اصلاح ما بينه وبين زوجته دون كلل وهذا يدل علي أنه يحبها حقا ....تنهد وبدأت ابتسامته تقل وهو يدير رأسه تجاه زينه يسألها : تفتكري ممكن تسامحه ؟!

اومات زينه بشجن : ياريت ياعاصم 

ابتسم عاصم لها ممازحا : طبعا ابنك صعبان عليكي 

هزت زينه راسها قائله : بالعكس ...وسيله اللي صعبانه عليا .... بالرغم من أنه سبب جرحها بس خلينا نعترف أنه الوحيد اللي هيقدر يداوي الجرح ده ودي الحاجه اللي مش هتخليها تسامحه بسهوله ....!

احساس أنها مش قادره علي قلبها هيخليها تكره نفسها وتتحداها أنها تبعد عنه اكتر 

...........

....

حاولت امتثال ان تنفض يدها من الطحين الذي غلف كلتا يديها حينما استمعت لرنين جرس الباب لتقول وسيله برفق : خليكي يا تيته انا هفتح 

ابتسمت امتثال لها وعادت لعجن المعجنات التي تصنعها خصيصا لحفيدتها بينما لا تدخر جهد لمحاوله اسعادها ولو بشيء بسيط كرائحه معجنات دافئه من يدها 

اتجهت وسيله لتفتح الباب لتتغير نظراتها حينما وجدت عمر امامها والذي نظر لها كطفل صغير راجي رضاها 

لتنظر إليه بينما  يمد يده إليها ببعض الرزم الماليه باستفهام : ايه ده ؟!

قال عمر وهو يبتسم ببلاهه : نص ثروتي... عشرين ألف جنيه بحالهم ....خديها ونتصالح ! 

وقف مكانه بينما دوي بأذنه صدي انغلاق الباب بوجهه ليحك ذقنه ويدق مجددا هاتفا من خلف الباب : طيب خدي الاربعين كلهم ياسيلا 

طرق الباب مجددا لتفتح وسيله وتنظر له بغضب : انت بتعمل ايه 

قال بيأس  : بحاول !!

تنهد وتابع يسخر من نفسه : بنفذ أي محاوله توصلني ليكي تاني ....ابتسم لها كطفل صغير وهو يخبرها : بابا قالي أنه صالح ماما كده وانا يأست ومش عارف اعمل ايه عشان اصلح اللي بينا  ...؟! 

رفعت وسيله عيناها للاعلي بينما هو مازال ذلك الرجل المتنكر في هيئه طفل يتسرب الي القلب بعفويته وباللحظه التاليه يحطم القلب شظايا برعونته وتهوره 

: عمر مش كل حاجه ممكن تتصلح ....!

تقابلت نظراتهم لحظه قبل أن تنتفض وسيله بخوف غير مبرر حينما تعالي صوت جدتها  : مين يا سيلا ؟!

دفعته وسيله خارجا وهي تهمس برجاء : ارجوك ياعمر ابعد بقي وبلاش تضايق تيته ...امشيييي

أغلقت الباب ليقف عمر متسمرا مكانه بغيظ شديد وغضب ووجع قلب من أجلها وقد أضحت تضع الف خط أحمر بينهم من اجل جدتها بسبب عقده الذنب التي تراودها 

.....

عقدت لميا حاجبيها باستهجان لطريقه نديم البربريه وهو يهتف بنبره أمره : قومي معايا بقولك ؟!

هزت ريم راسها ونظرت له بسخط بينما اتي الي منزل عائلتها دون قول شيء أو حتي التفكير بكلمه اعتذار بل جاء يملي شروطه لينظر نديم باحتدام إليها ويعيد أمره : بقولك قومي معايا 

رفضت للمره الثانيه دون أن تقول شيء ليندفع نديم بغضب ويتجه ناحيتها يمسك ذراعها بغضب يجذبها هاتفا بسخط : بقولك قومي !

تدخلت لميا لتبعد يده عن ذراع ريم وتهتف به بانفعال : ايه اللي بتعمله ده يا نديم 

قال نديم بقله لياقه : باخد مراتي 

نظرت أن لميا بغضب وشراسه : هو ايه اللي تاخدها بعد اللي قولته ليها ....لا ...الزم حدودك واعرف ان ريم ليها أهل ...ولا يمكن ترجع معاك الا لما تعتذر وهي تقبل اعتذارك كمان بعد كلامك السخيف اللي قولته ليها !

رفع نديم حاجبت باستنكار وسخر من لميا : اعتذر !!

وده علي اساس ايه ....اني غلطت في اللي قولته !

تولت لميا مهمه الدفاع عن ابنه زوجها : اه غلطت ولسه بتغلط ورشدي مش هيسكت ابدا علي تصرفاتك لو عرفها واشكر ربنا أن ريم عاقله وبس اتكلمت معايا 

زادته كلمات لميا اندفاع اهوج بثقه ان لا احد سيقف أمامه ليبعد لميا من أمامه بقله تهذيب ومجددا يمسك ذراع ريم : بقولك تعالي ولا عاوزة تفضلي هنا عشان تدوري علي حل شعرك 

صمتت مطولا ولكن بعد اخر ما نطق به لم يعد هناك صمت لتجيب عليه بصفعه هوت بها علي وجهه تدافع بها عن شرفها الذي طالته كلماته واتهامه المشين : اخرس !

احتقن وجه ندبم بالغضب وأخذ لحظه واحده يستوعب فيها تطاولها عليه قبل أن تندفع يداه يرد صفعتها بأخري قويه جعلت صرخه باهته تنفلت من بين شفتيها كما اندفعت الدموع من عيناها لتشهق لميا بغضب وتندفع ناحيته تعنفه : انت اتجننت بتمد ايدك عليها ياحيوان .....أطلع برا ....برااا 

صاحت بغضب تنادي أحد العاملين بالمنزل  : اطلب ليا رشدي بسرعه 

تبادل نديم النظرات مع ريم متجاهل لميا التي تحاول أبعاده بينما يهتف بوعيد : هرجعك وغصب عنك ....انتي بتاعتي ومحدش هياخدك مني

نظرت له ريم بسخط وهي تضع يدها علي وجهها مكان صفعته : انت طلعت حقيررر.....عمري ما هرجعلك ...عمري !

...............

....

نظر عمر الي ايهم الذي القي قرص اخر من الدواء المسكن بفمه وابتلع خلفه فنجان قهوته دفعه واحده ليعقد حاجبه بقلق : ايهم انت بتبلبع مسكنات كتير اوي ...لو تعبان قدم معايا اخدك للدكتور 

هز ايهم رأسه قائلا بعدم اكتراث : شويه صداع هيروحوا دلوقتي 

رفض عمر تبرير ايهم ليقول بإصرار : وايه سبب الصداع اللي كل يوم بقي عندك 

قال ايهم وهو يتهرب من اسئله عمر بالنظر في الأوراق أمامه : عادي مش بنام كويس ....المهم ها قررت ايه هترجع تشتغل معايا ولا لا 

ابعد عمر الاوراق من يد ايهم وقال بإصرار: سيبك من الشغل دلوقتي وقولي مش بتنام ليه 

زفر ايهم بضيق هاتفا : وبعدين ياعمر هو انا في تحقيق ...اخلص وقول اه ولا لا 

ضحك عمر ساخرا : كان علي عيني ...انت ناسي اني في مجلس التأديب اخدت وقف 

اوما ايهم قائلا : وخلاص الشهر خلص ...انت مش ناوي ترجع الشغل 

تنهد عمر بثقل قائلا : حاليا مفيش حاجه شاغله بالي الا وسيله 

هز رأسه وتابع بضيق أشد : مش عارف اعمل ايه اكتر من اللي عملته 

قال ايهم بهدوء وهو يفرك جبينه : اديها وقت 

قال عمر بصراحه : مش قادر اعمل كده ....كل لحظه بفكر اني عاوزها ترجع ليا ومش قادر اصبر 

قال ايهم بجديه : ساعات مش بيكون في علاج الا الوقت قال عمر بمغزي : مش دايما الوقت بيكون في صالحك ....ساعات الوقت اللي بتبعد فيه بيحسس اللي قدامك أنه مش فارق معاك ...غمز له وتابع : أظنك فاهم معني كلامي 

يفهم بالطبع ولكن ماذا يفعل في طبعه ورأسه اليابس الذي لايريد تقديم خطوه أخري بعد رفضها خطوته وليتها فعلت دون ما قالته أمام ابنتاه ليري ويحكم علي اي خطوه أخري يتقدمها ناحيتها بأنها ستقلل منه !!

رفع رأسه بمفاجاه حينما تلي الطرقات الهادئه علي باب مكتبه دخولها ليقول بمفاجأه وهو يعتدل واقفا : غرام !

ابتلعت غرام وهي تتمسك بكل الكلمات والنصائح التي أعطتها لنفسها طوال الطريق لتقول بثبات يخالف العاصفه التي ضربت كيانها من الاشتياق له 

: انا جايه عاوزة اتكلم معاك 

بالتأكيد رحب بل شعر بأن دقات قلبه تزداد فهاهي تمهد لخطوته التي كان لايستطيع سيرها ليقول وهو يقوم من خلف مكتبه ويتجه إليها : تعالي ياغرام 

رفضت أن تخدعها نبرته التي لم يخفي بها لهفته لرؤيتها وهو يتابع : انتي عامله ايه ؟!

قالت باقتضاب : الحمد لله 

قبل أن يتساءل كانت تتابع : انا عندي كلام عاوزة أقوله ليك بس من الاول اياك تقولي حاجه تحرق دمي 

انا لسه واخده حقنه وتعبانه 

عقد حاجبيه بقلق ونظر لها بلهفه : حقنه ايه ؟!

استجابت دون إرادتها وخانتها دقات قلبها للمسه يده فوق يدها لتقول وهي تسحب يدها من أسفل يداه :  حقنه حديد عشان الهيموجلوبين بتاعي واطي 

قال بقلق لم يخفيه : سلامتك مقولتيش ليا ليه انك تعبانه ؟!

ماذا يفعل وماذا يقول ....مجددا يسحبها الي بحر هواه الهاديء وتخدعها أمواجه الهادئه التي تدغدغ مشاعرها لتجد نفسها فجاه بوسط امواج عاتية لا تستطيع السباحه بها وحدها لتتمسك بكل ثباتها وهي تقول ببرود :  

واقولك ليه ؟! 

تنهدت وتابعت لتغلق علي قلبها اي امل يمنحه لها وينخدع به مجددا :  انا مش جايه عشان اشتكي ليك تعبي ولا  أنا عاوزة اجي أو اشوفك ..... ماما قالت ليا لازم اجي واتكلم معاك 

لاحت علامات الانزعاج علي طرف شفاه ايهم من كلماتها المؤنبه وثورتها التي لم تهدء لتخفض غرام عيناها وتتابع : انا جايه اتفق معاك علي الطلاق واقولك اني هرجع شغلي تاني.... ماما قالت ليا هي دي الأصول 

صك ايهم أسنانه ببعضهما وكور قبضته من حديثها ليتراجع عن قول اي شيء علي الاقل يضايقها به ويتركها لعلها تفرغ مافي جعبتها فهو هاديء رزين كعادته ليقول بهدوء : وهو انا بحترم الست زينب وبقدرها من شويه كلامها عين العقل ....كملي ياغرام سامعك ...قولي كل اللي انتي عاوزة تقوليه 

هزت كتفها وقالت بارتباك من هدوءه وعدم تعقيبه علي ما قالته لتخفي خزلان قلبها منه وهي تقول بصوت متحشرج : خلاص قولت اللي عندي

نظر لها لحظه يرتب بها كلماته قبل أن يقول بهدوء شديد كان مستفز بالنسبه إليها : اولا كلامك عن الطلاق مالوش محل دلوقتي ...طلاقك مني اللي كل شويه تهدديني بيه مالوش معني وانتي حامل ...لما تولدي تبقي نتكلم فيه 

استفزها برده الهاديء لتقول بانفعال : هو ايه اللي بهددك وبعدين نبقي نتكلم ...طيب انا عاوزة اتطلق وحالا 

وكأنه لم يسمع شيء ليس تقليل مما قالته ولكن حتي لا يخطيء بقول شيء في لحظه غضب ليتجاوز تلك النقطه ويتابع بنفس الهدوء المصطنع : تاني نقطه انك عاوزة ترجعي الشغل ....عاوزة ترجعي الشغل ليه ؟!

بوغتت غرام بسؤاله لتعقد حاجبيها وهي تردد :  

يعني ايه ؟! 

قال ايهم ببساطه : بسألك ليه عاوزة ترجعي الشغل ....عشان تصرفي علي ابني اللي قولتي قدام البنات اني مكنتش عاوزه 

قلب الطاوله عليها ولكن بأي حق لتهب غرام واقفه وتقول باتهام : وهي مش دي الحقيقه 

اوما ايهم بهدوء زاد من استفزازها : اه بس مينفعش تتقال قدام البنات عن اخوهم أو اختهم 

هزت كتفها وهتفت بحنق : اهو اللي حصل 

زم ايهم شفتاه وقال باتهام : اللي حصل اني صابر وبسمع بس ده مش معناه أن كلامك عاجبني 

قالت بسخط : ليه 

قال ايهم بعصبيه : عشان كلام عيال صغيرين 

انفلت لسانها دون قصد منها : ومش دي الحقيقه اني صغيره 

لأول مره تنطق بها وتتحدث عن فارق العمر بينهما ليبلتع ايهم غصه حلقه ويقول وهو يتطلع إليها بشجن : 

قولتلك من الاول الحقيقه دي ...قولتلك انك صغيره اوي بالنسبه ليا 

افلتت نبرتها المتخازله : كان عندي استعداد بس انت قفلت في وشي كل الابواب 

هتف ايهم بانفعال : بسبب تصرفاتك يا غرام 

قالت بدفاع عن نفسها : مكنش قصدي اقول لهنا 

اوما ايهم قائلا : وانا كنت فاهم بس كنت عاوز وقت اهدي ....ليه كل حاجه ربطاها بنفسك وناسيه اني مربوط بالبنات 

اوجعها عتابه لتتهرب من وجع قلبها من أجله بالرغم من كل ما يفعله بها : خلاص مش عاوزة تأنيب فيا هو ده طبعي .... انا ربنا خلقني كده 

اعمل ايه في نفسي ....مش هتغير

وانت زهقت مني وانا بخلصك مني طلقني بالمعروف 

توجع هو الآخر من اجلها واراد أن يضمها إليه كما يفعل مع بناته فبالرغم من عنادها وتحديها له إلا أنها صغيره تحتاج لاحتواء ليقول بأسي لعلها تتراجع عن الضغط عليه بينما هو لا يستطيع أن يضغط عليها ويبقيها معه : والبيبي ؟!

ابتلعت غصه حلقها هاتفه : عادي هربيه لوحدي 

قال بعتاب : عاوزاه يعيش زي ما انتي واخواتك عاشوا 

لاح الحزن في عيونها وظنته يعايرها ليقول باستدراك : 

مش قصدي بس كل واحد بيكون عاوز الاحسن لأولاده 

هتفت غرام بانفعال : وايه الاحسن اني اكون ولا حاجه ...مجرد هامش مالوش لازمه عندك 

هز ايهم رأسه : لا يا ستي .... ارجعي البيت ياغرام عشان خاطر البيبي اللي مالوش ذنب ولو علي البنات انا هجيب شغاله طالما اهتمامك بيهم مضايقك 

رفضت ترضيته التي لم تشعرها برد كرامتها والتي لخصها بأنها تضايقت من بناته : انا مشتكتش من البنات ....انا كنت تعبانه

: وانا بقولك هريحك 

زمت شفتيها وقالت بخزلان : مش عاوزة منك حاجه ...

انت زي ما انت مش هتتغير ولا حاجه هتتغير

بتحاول تريح دماغك وخلاص وفاكر أن شغاله هتغير حاجه 

نظر لها ايهم بضيق هاتفا : انتي عاوزة ايه دلوقتي 

اشاحت غرام بعيناها حتي لا يري لمعان الدموع بها تزجر نفسها التي لن تتسول منه أخذ مشاعرها بعين الاعتبار : قولتلك علي اللي انا عاوزاه ومعنديش كلام تاني 

زفر ايهم وهتف بها : طيب طالما خلصتي كلامك يبقي اسمعي كلامي 

نظرت اليه ليتابع بحزم : عشان خاطر البيبي اللي جاي مفيش طلاق هيحصل دلوقتي لانه مالوش لازمه ولو مريحك وجودك عند والدتك مش ممانع 

وموضوع الشغل حاليا مرفوض 

نظرت غرام لغروره بسخط شديد بينما يملي عليها الأوامر التي يخبرها بها أنه لن يتركها وايضا لن يتقرب منها لتنظر له بعصبيه هاتفه : طبعا هفضل عند ماما عشان اريح من وجودي معاك وشغلي مرفوض ليه 

زفر ايهم هاتفا :  عشان مش مناسب لا ليكي ولا ليا 

: امال ايه المناسب ؟! نظرت له ساخرة : افضل تحت رحمتك ده المناسب 

هز ايهم رأسه ليبعد عنها اتهامه متابعا : المناسب انك أما ترتاحي وبلاش حساسيه زايده لانك مسؤوله مني أو أنك

تكملي تعليمك مثلا وبعدها تبقي تشوفي شغل افضل 

رفعت حاجبيها باستفهام : نعم 

هتف ايهم بحزم : إللي سمعتيه ده التغيير اللي المفروض تدوري عليه 

كملي تعليمك وخدي شهاده عاليه وبعدين فكري في الشغل وده حقك عليا اني اوجهك للصح 

لمح ايهم ترددها بينما اخر ما نطق به قلب موازينها فهو محق بعيدا عن كل ما قاله فهي تحتاج لأن تتغير وهذا انسب تغيير لها ولكن كون هذا التغير هو رأيه لمح بدايه رفضها لذا قبل أن ترفض أو تقبل قال ::فكري في اللي قولته وهتلاقي أنه احسن يا ستي مش ليا ولا ليكي احسن لابنك .... تعالي ارجعك البيت وفكري براحتك وخدي رأي الست زينب  

............

......

محاوله تلو الأخري وهاهو كعادته يظل خلف ما يريده ليطاوعه عاصم للمره الخامسه ويأتي الي باب جدتها 

التفت عاصم تجاه عمر الذي تراجع ليقف خلفه وهو يهتف بهمس : خليني اقف وراك احسن

نظر له عاصم رافع حاجبه : انا زهقت !!

تدخلت زينه قائله برجاء : معلش يا حبيبي ...أن شاء الله المره دي ترضي 

ضغط عاصم الجرس مجددا لينفتح الباب .... زفرت امتثال ما أن فتحت الباب ليحمحم عاصم قائلا : السلام عليكم

هتفت امتثال بتبرم : وعليكم السلام....تراجعت خطوة للخلف قائله : ادخل ياعاصم وانتي ادخلي يازينه 

تقدم عمر في أثر خطوات أبيه وهو يرفع باقه الورد أمام وجهه يخفيه من نظرات امتثال التي سرعان ما وضعت يدها أمامه تمنعه من الدخول لينظر لها عمر بتبرم طفولي : ياحاجه دي خامس مره اجيب اهلي وتدخليهم وتطرديني وترمي الورد 

نظرت له امتثال بغيظ وهي تجذب باقه الورد من يداه وتلقيها أرضا : ولو خمسين مره برضه هطردك ومش هتشوفها ابدا 

زم عمر شفتيه بغيظ هاتفا ليغيظ امتثال : بشوفها كل يوم علي فكره 

زجرته زينه بنظراتها بينما رسمت امتثال ابتسامه ساخره علي طرف شفتيها وهي تقذف جبهته : اه بتشوفها من بعيد وده اخرك تقف تبص عليها وتتحسر عشان مش قادر تقرب منها خطوه 

احتقن وجه عمر بالغيظ لينفلت لسانه : علي فكره دي مراتي ....قبل أن يكمل جملته كانت امتثال تغلق الباب في وجهه

نظر عاصم الي امتثال بعتاب : واخرتها ياحاجه ....احنا كل شويه نيجي ونفس موقفك مش بيتغير..قاطعته امتثال بحزم هاتفه : تيجي وتشرف وتاخد ضيافتك كل يوم ياعاصم إنما حاجه تتغير مش هيحصل .. حفيدتي مش هترجع لابنك لو جاب ليها نجمه من السما

تدخلت زينه برجاء بعد أن استدارت وفتحت الباب لابنها : ليه بس يا حاجه امتثال ....عمر اتغير واللي حصل خلاه يتربي من اول وجديد 

اشاحت امتثال بوجهها بحزم هاتفه : برضه لا 

تنهد عاصم وتمهل بينما يشير لابنه بعيناه أن يصمت ويدعه هو يتحدث فالان حان وقت الحديث الجاد 

: ليه بس يا حاجه الموقف ده ...الموضوع مش عناد وخلاص 

رفعت امتثال حاجبيها باستنكار ولكن عاصم لم يدع لها الفرصه ليتابع بعقلانية وجديه: يا حاجه امتثال انا عارف انك متضايقه من اللي حصل بين الولاد وانا زيك واكتر بس خلينا نتكلم بالعقل لأن اللي حصل خلاص حصل واللي علينا نعمله دلوقتي اننا نحاول بقدر الإمكان نصلحه ومفيش حاجه هتتصلح بأنك ترفضي لمجرد الرفض أنهم علي الاقل يتكلموا مع بعض ويتعاتبوا ويشوفوا إذا كان في طريق يرجعوا منه عن غلطهم !

رفضت امتثال الاعتراف بأن عاصم محق بينما غريزتها بحمايه حفيدتها الممزوجه بشعورها بالتقصير لأنها لم تأخذ موقف أشد حزم في السابق جعلها تهتف بانزعاج : غلطتهم !

اوما عاصم دون مراوغه : أيوة يا حاجه غلطتهم واحنا لازم نعترف قبلهم انهم هما الاتنين غلطانين مش عمر لوحده .....عمر غلطان لانه الراجل واللي كان لازم يكون صادق ومسؤول من الاول ووسيله غلطانه لأنها سمعت له 

ووافقت علي وضعهم الغلط ....تراجعت وسيله للخلف بضع خطوات بعد أن استمعت لحديث عاصم لتتوقف مكانها حينما قام عاصم من مكانه ووجه لها الحديث : وسيله تعالي يا بنتي !

هزت وسيله راسها وتراجعت كطفله مذنبه وهي تنظر إلي جدتها بأسف فعاصم محق وهي مخطئه ليقترب عاصم منها بخطوات ممزوجه بنبره حانيه وهو يمد يداه لها : تعالي يا بنتي الكلام اللي انا بقوله ده يخصك انتي اكتر واحده ولازم تسمعيه 

خفضت وسيله عيناها للأرض بخزي ليتابع عاصم برفق شديد : انا زي ابوكي الله يرحمه ولازم انبهك واقولك الكلام ده ومش عاوزك تزعلي مني 

التفت إلي امتثال وتابع : ولا انتي يا حاجه لازم تزعلي ....يا جماعه احنا الأهل ولو الولاد غلطوا فده اولا عشان هما لسه صغيرين وفيهم اندفاع الشباب وثانيا لأننا اكيد قصرنا في توجيههم 

تمزق قلب امتثال حرفيا من نظرات وسيله التي لم تبارح الأرض بخزي رهيب جعل ملامحها تزداد شحوبا لم تدعمه كلمات عمر الذي تدخل من أجلها يتحمل كامل اللوم : وسيله ملهاش دعوه يا بابا. ....انا اللي غلطت ...انا كذبت عليها وفهمتها انكم عارفين ....كل ما كانت ترفض وضعنا كنت بضغط عليها واخليها تكمل معايا 

التفت إلي امتثال وتابع دفاعه عن تلك المسكينه التي تكالب عليها شعورها المضني بالذنب وجعل أنفاسها تضيق : انا يا حاجه اللي كذبت وانا اللي غلطت وحتي انا اللي بعدتها عنك وخبيت الجواب اللي بعتيه لها ...انا كنت عاوز أبعدها عن أي حد يحاول يبعدها عني لاني كنت اجبن من اني أواجه اهلي بغلطتي واني اتجوزت من وراهم عشان اعاند فيهم ومحسبتش ابدا ان في عواقب للي بعمله 

تنهد عمر وتابع باعتذار خالص : اتعودت أني اغلط واعاند واتحدي ومحسبتش ابدا ان الجواز مسؤوليه مش عناد ....انا السبب ووسيله ملهاش اي ذنب الا اني خدعتها !

قال كل ما عليه قوله ولكن هل اعفاها من عقده الذنب التي انحفرت بداخلها ...ليت الكلمات تفيد وتشفي جرح نفسي ليس بالهين ولا يستطيع الجميع تجاوزه 

ساد الصمت المكان لوقت طويل قبل أن تلتفت زينه تجاه امتثال برجاء وتسألها : الاعتراف بالحق فضيله وعمر اعترف بغلطه وحقه ياخد فرصه ...

ايه ردك يا حاجه علي اللي سمعتيه 

ألقت امتثال نظره الي وسيله التي بقيت مكانها تعقد يدها بين ساقيها بصمت وعيناها مازالت تنظر إلي الأرض لتأخذ ضوء أخضر بفعل ما تريده وتراه حق حفيدتها لتقول نبره قاطعه وقد تولت عن وسيله الرد : ردي زي ماهو متغيرش ومش هيتغير 

نظرت إلي عاصم وتابعت بعناد : ابعد ابنك عن حفيدتي يا عاصم وده اخر قولي !

زم عاصم شفتيه بحنق وهتف من بين أسنانه : يعني ده اخر كلام عندك يا حاجه 

اومات امتثال باصرار فولاذي : معنديش كلام غيره !

عادل عاصم واقفا وهو يغلق زر سترته ليشير الي زينه والي عمر : حيث كده يبقي متشكرين يا حاجه ...بعد اذنك 

قالت امتثال ببرود : اتفضلوا 

رفض عمر اشاره أبيه بينما كل ما اجتذب تفكيره وعيناه وانفاسه هو حاله وسيله التي لم يراها بها من قبل ....مشتته خائفه متردده ....تقريبا ما يصح أن يصفها به هو بقايا انسان ليلتاع قلبه لهذا الوصف فكيف وصلت الي تلك الحاله ولما لا وهي من شعور لآخر غير مشاعرها بل مشاعر تجاه الآخرين أولهم شعورها بالمسؤولية تجاه عمر الذي استنزف طاقتها ومشاعرها والان شعور بالذنب تجاه جدتها والتي أيضا دون قصد منها استنزفت متبقي من مشاعرها ناهيك عما عاشته بين هذا وذاك من مشاعر حقد وانتقام وفقد واسي وخزلان اتي عليها ودمرها بالكامل !

مجددا أشار عاصم لابنه أن يقوم ولا يلح أمام عناد امتثال الذي سيتزحزح ولكن ليس الان بل حينما تهديء مشاعرها النافره تجاه ابنه 

: قوم ياعمر ....خلاص مفيش حاجه تتقال قدام قرار الحاجه 

هز عمر رأسه وركز نظراته علي وسيله وهو يهتف بعناد وإصرار: مش قرارها دي حياتنا احنا ....نظر إلي وسيله وتابع : وسيله قولي ليها أن القرار ده قرارك مش قرارها تاخده عنك ....قولي قرارك انتي وانا هنفذه مهما يكون !

مجددا يضعوها بينهم ليتمزق قلب زينه وهي تري حاله نظراتها المشتته بين جدتها وعمر ليلتاع قلبها من اجلها بينما كل منهم يحاول جذبها تجاهه ولاتدري ان هذا الموقف ألهب مجددا ذكريات اليمه حينما وقفت نفس الموقف واختارت جانب عمر ليخرج صوتها متحشرج وهي تقول بكلمات باهته : القرار قرار تيته !

خزلان شديد غلف نظرات عمر بينما لم يستوعب أنها أضحت مسلوبه الاراده بعد أن سلب استنزاف طاقتها ومشاعرها منها كل ما كانت عليه ...!

جرت أقدامها تجاه غرفتها لتتبعها نظرات عمر التي امتلئت بالخزلان ونظرات زينه التي امتلئت بالشفقه !

:سمعت اللي قالته !

هتف عمر بحقد : سمعته زي ما انتي سمعتيه ومن جواكي مش مصدقاه.... مش دي وسيله اللي اعرفها 

وسيله قالت الكلام ده عشان انتي محسساها بالذنب ....وسيله مش طبيعيه وانا قولتلك أنها مش في حالتها الطبيعيه حرام عليكي 

زجرته زينه : عمر وبعدين 

مفيش بعدين يا ماما انتي مش شايفه حالتها ....احنا كلنا بنضغط عليها ....وسيله مش طبيعيه 

بصي ليها يا حاجه واحكمي واسألي نفسك هي دي وسيله اللي تعرفيها؟!

......

جلس ايهم يهز ساقه وينظر في ساعته كل بضع لحظات ليجد أنه قد مرت نصف ساعه منذ أن استأذنته زينب لتدخل الي ابنتها وتخبرها أن تستعد لتذهب معه 

نظرت زينب الي ابنتها بعدم مقدره علي تفسير ذلك الحزن في عيونها ونبرتها: ياغرام انتي زعلانه ليه دلوقتي ....الراجل اهو جاي يمد ليكي ايده ويساعدك تبدأي صح 

غص حلق غرام وهتفت بعناد : مش عاوزة حاجه منه ؟!

جلست زينب بجوار ابنتها ونظرت لها باستفهام : ليه بس ...؟

نظرت إلي والدتها بشتات بينما لا تستطيع أن تصوغ ما تشعر به من خزلان غلف قلبها تجاهه ...اتي لياخذها لتقديم أوراقها بالكليه التي تريدها كما عرض عليها ولكنها لا تشعر بالسعادة لأنها تشعر فقط بقله قيمتها لديه وأنه يفعل هذا من أجل مظهره الاجتماعي وليس من أجلها هذا هو ما فكرت به وعدم تفسير ايهم رسخ تلك الفكره برأسها لتحاول زينب إقناعها بالعكس : طيب حتي لو زي ما بتقولي بيستقل بيكي ...تبقي غبيه لو ماخدتيش الفرصه اللي جت ليكي عشان تعلي وتبقي احسن ...ربتت علي ساقها وتابعت : يلا ياغرام قومي البسي واختاري الكليه اللي انتي عاوزاها وابدأي حياتك ومتفكريش هو شايفك ازاي وبس شوفي نفسك 

اقتنعت بحديث والدتها واخبرت نفسها انها ستفعل من أجلها وأجل طفلها ...مجددا انتظر رد فعل منها علي تلك الخطوة ولكنه وجدها صامته عكس ما اعتاد فلم تبدي سعادتها بالرغم من الحماس الذي مليء قلبها وهو تنظر يمينا ويسارا الي الفتيات بالحرم الجامعي وتتخيل نفسها مثلهم بعزم أن تعوض ما فاتها 

أوقف ايهم سيارته اسفل منزل والدتها بينما مر طريقهم ذهابا وإيابا بصمت فلم تنطق بكلمه واحده .....مال ليحمل لها الكتب الكثيرة التي اشتراها لها لتأخذهم من يده وتنطق فقط بصوت خافت وهي توليه ظهرها وتدخل للمنزل : شكرا

تقابلت عيونهم للحظه ليري بها عتاب ويبحث بداخله عن سببه فهو قدم لها ترضيه مناسبه من وجه نظره بينما عتاب غرام كان خالصا من قلبها الخائن الذي مازال يحبه وفقط يبحث عن مشاعره تجاهها التي لا يستطيع ايهم للبوح بها بغرور متأصل به .

.....


زفرت امتثال بضيق وهي تفتح الباب في اليوم التالي لتجد عمر امامها بعد أن ظنت ما حدث بالأمس اغلق كل شيء 

: خير ....لا خير ايه مش بيجي من وراك خير ...عاوز ايه يا اابن عاصم 

تحامل عمر علي نفسه وهو يتحمل ما تفعله امتثال معه ليقول بهدوء مصطنع : بعد اذنك يا حاجه مفيش داعي لكلامك ده ....انا عاوز اشوف وسيله ....في حاجه مهمه لازم اكلمها فيها 

أشارت له امتثال برفض : مفيش اي كلام تاني هيجمعكم 

قال عمر باصرار : لا في .....وسيله عندها ميعاد مع الدكتورة النفسيه وانا لازم اخدها ...نظر لها وتابع بجديه بينما اهتزاز نظرات وسيله وتشتت ملامحها وردات فعلها نزعت قلبه وثباته وبنفسه ذهب للطبيبه التي أخبرته أنها مازالت بحاجه للمتابعه حتي تخرج من تلك الحاله : يا حاجه احنا مش بنعاند بعض وسيله محتاجه تكمل علاجها 

نظرت له امتثال بسخط هاتفه : وسيله مش محتاجه حاجه الا انك تبعد عنها ولا ناسي انك انت السبب في كل اللي جري ليها 

اوما عمر دون جدال بينما مفاهيم جديده أصبح يتحدث بها بعيدا عن الأنا التي كانت دوما تعلو بكل خطواته : وعشان انا السبب يبقي لازم اصلح غلطتي ...خليني اخدها لو سمحتي يا حاجه لدكتور تتكلم معاه هي مش في حالتها الطبيعيه وانا سالت والدكتور قال إنها ممكن يكون عندها حاله اكتئاب بس لازم يشوفها....احنا بنتكلم في مصلحتها ...هكرر تاني كلامي 

بصي ليها يا حاجه واحكمي واسألي نفسك هي دي وسيله اللي تعرفيها؟!

نظرت له امتثال برفض لاح في نظراتها قبل كلماتها التي قالتها بنبره قاطعه : قولت لا ...مصلحه وسيله انا بس اللي عارفاها !

احتقن وجه عمر بالغضب حينما أغلقت امتثال الباب في وجه ولم تسمح له بقول كلمه أخري ...ليرفع قبضته الي فمه بغيظ يعضها....! 


..........

....

هزت امتثال راسها وهي ترفض سماع أو تصديق كلمه مما قالها عمر ولا تنكر أن العناد ربما ما دفعها لهذا فقد استشرست بداخلها غريزة حمايه عمياء تجاه صغيرتها لتأخذ قرارها بأن وسيله ليست بحاجه لا لعلاج نفسي او سواه هي فقد بحاجه لان تبتعد عن كل ما عاشته في الماضي واول ما عليها الابتعاد عنه هو عمر الذي ستبذل قصاري جهدها باقصاءه وهاهي المره تلو الأخري تغلق الباب في وجهه أو وجه كل من يحاول التدخل ليزم عاصم شفتيه بحنق بينما يعود هو وزينه خائبي الرجاء بعد ذهابهم الي امتثال التي كان راسها يابس كالحجر ولم تعطي أحدهم فرصه للتطرق لأي حديث يخص عمر أو وسيله ...! 


.........

هل هي كما قال ليست بحالتها الطبيعيه سؤال ظل يراود وسيله التي لم تستطع أن تستمر طويلا بحاله النكران التي تعيشها لذا وجدت ساقيها تقودها الي عياده أحد الأطباء النفسيين في البدايه كفضول منها لمعرفه لماذا تشعر بأنها ليست سعيده وبأن السعاده أو الراحه أصبحت حلم بعيد بالرغم من أنها تجاوزت كل ما حدث و كان هذا هو السؤال الذي لم تسأله الطبيبه النفسيه التي وجدت وسيله نفسها امامها بعد أن ضاقت بها السبل وكل ما إرادته هو أن تتحدث ....تتحدث بكل ما تشعر به دون قيد أو احكام لتنطلق بصوت مهزوز : انا مبقتش عارفه نفسي .....انا مين ولا بعمل ايه ....حاجات كتير جوايا اتغيرت ...احساس الذنب خانقني 

بقيت خايفه اتكلم أو اعبر عن احساسي 

قالت الطبيبه بنبره هادئه بعد أن دونت بضع كلمات في الأوراق التي امامها : طيب هنا مفيش جدتك ولا عمر يعني تقدري تتكلمي ...اتكلمي بكل اللي انتي حاسه بيه من غير ما تخافي من أحكام أو قيود 

نظرت وسيله إلي الأرض الرخاميه البيضاء والي الاثاث ذو اللون الكريمي الذي يبعث علي النفس الراحه للحظات قبل أن تتنهد بثقل ثم تترك لدموعها العنان لتمتزج من كلماتها المتقطعه : انا كنت السبب في تعب تيته ومقدرش تاني اعمل حاجه تضايقها 

استمعت لها الطبيبه بصبر لتتحدث اخيرا : طيب يا وسيله لو بعدنا جدتك عن الموضوع خالص وفسرنا موقفها العدائي تجاه عمر أنه خوف عليكي ....خوف غصب عنها عمل عليكي قيود هي مش حاسه بيها هل انتي من جواكي ممكن تسامحي عمر  وترجعي له ؟! 

هزت وسيله راسها وقالت بأسي : من جوايا عاوزة ارجع لنفسي مش ارجع لعمر 

ابتسمت الطبيبه برقه قائله : طيب وايه اللي مانعك 

نظرت وسيله إليها باستفهام لتشد الطبيبه من عزمها قائله بصوت يبعث بها الاصرار علي الوقوف : اعملي اللي من جواكي عاوزة تعمليه وحاسه أنه يريحك ....كوني نفسك كأنك بتبنيها من اول وجديد !

.........

......

توحشت نظرات هدي ما أن التفتت لتلك الخطوات خلفها 

: انت ! 

دفعت هدي يداه التي مدها لها بسخط شديد بينما يقول : هاديه انا جنبك ومش هسيبك 

صاحت به بحنق: انت بأي حق تظهر قدامي تاني 

قال انور بمشاعر عمياء : بحق الحب اللي حبيته ليكي سنين مينفعش اسيبك ....

هتروحي فين ؟!

صاحت هدي بغضب : مالكش دعوه 

انت السبب في كل اللي حصل ليا 

نظر لها بعتاب قائلا : انا ولا انتي اللي كنتي هتضيعي مستقبلي بعد ما انا عشت سنين وفي ليكي 

نظرت له هدي بسخط : سنين بتعمل كل حاجه غلط عشان نيتك الخبيثه مش عشان وفي ليا ...ابعد عني وشوف مستقبلك انا منفعكش .....غص حلقها بقوة وتابعت : هعمل المستحيل عشان شافع يسامحني انا ماليش غيره وهو اللي عمل مني بني ادمه ومستحيل ابدا اخونه !

أنهت كلماتها التي ظلت تتردد في أذنها طوال طريقها الي تلك البلده بالصعيد ....بلده أهل شافع والتي لم تجد لنفسها مكان سواها تذهب إليه ....اتسعت عيون عمته بسعاده حينما رأتها امامها لتقول بترحاب : دكتورة هاديه ... يا اهلا ...يا اهلا ...خطوه عزيزة 

تلتفت حولها بلهفه : شافع معاكي 

قالت هدي بانكسار : لا ....بعد اذنك يا حاجه ممكن حد يحاسب العربيه اللي جابتني 

عقدت المراه حاجبيها والآن فقط انتبهت الي هيئه هدي التي لم تعهدها بها لتقول هدي بتفسير : هقولك علي كل حاجه !

..........

....

دار عمر حول نفسه من هنا لهناك في أرجاء الحديقه الاماميه للمنزل ليشعر بالتعب واخيرا يلقي نفسه علي أحد المقاعد بجوار أخيه الذي كان يراقبه دون أن يشعره بذلك متظاهر بالنظر في هاتفه .....كالعاده لا يحب الصمت الذي يتركه مع أفكاره ليقول لسيف وهو يبعد الهاتف من يده : ما تسيب التليفون من ايدك يا سيف وتتكلم معايا 

قال سيف بلا مبالاه تعمدها : اتكلم معاك في ايه ؟

قال عمر بضيق: هيكون في ايه يا سيف ....يعني انت مش عارف موضوع وسيله اتعقد ازاي 

قال سيف بمغزي خبيث بينما لا ينكر أن بداخله اعجب برفضها عودتها إليه : انا شايف أن الموضوع ماشي في طريقه الصح ...انت متوقع ترجعلك يعني ببساطه كده 

احتقن وجه عمر بغيظ : بساطه ...كل اللي بعمله وبساطه ...هض قبضته بغيظ وتابع : 

لولا جدتها انا واثق انها كانت هترجع ليا 

ضحك سيف ساخرا : مغرور اوي زي ما انت ..... ياابني فوق وسيله مش صغيره ولو كانت عاوزة ترجعلك كانت رجعت من زمان 

حك عمر ذقنه والقي رأسه الي الخلف بملل : هترجعلي أن شاء الله...انا غلطان اني بتكلم معاك وانت محبط كده ده بدل ما تشوف ليا حل عمال تحبطني 

اشاح سيف برأسه عنه ونظر تجاه هاتفه ليجيب عليه قبل أن يقوم : رايح فين وسايبني ياسيف 

ضحك سيف علي تراجعه الطفولي : انت مش قولت غلطان انك بتتكلم معايا ...عاوز مني ايه 

قال عمر برجاء طفولي : عاوزك تساعدني ياأخي هو انا مش اخوك 

اوما سيف ضاحكا : للاسف ....طيب استني استلم اوردر تينا من علي البوابه وارجعلك 

نظر عمر الي ذلك الصندوق الذي وصل به أخيه ليسخر بمرح : أيوة يااخويا دلعها انت وافضل استلم في اوردارات 

هز كتفه وتابع : ستات مش بتشبع طلبات اونلاين ولا اوفلاين حتي .... هي مش لسه طالبه اوردر من يومين 

زم سيف شفتاه ونظر الي عمر بمغزي ليعتدل عمر وينظر الي أخيه بتوجس هامسا وهو يشعر بهذا الطيف خلفه : تينا ورايا 

اوما سيف ليتلفت عمر الي زوجه اخيه التي نظرت له شزرا ليبتسم بمرح قائلا : بنت حلال لسه بقوله يا سيف فك ايدك واطلب اونلاين لأم ابنك دي حتي بقالها يومين مطلبتش حاجه 

ضيقت تينا حاجبيها : بقي كنت بتقوله كده ! 

اوما عمر قائلا : طبعا وحتي اسأليه انا حالا كنت بقوله تينا هي اللي هتحلها 

نظرت له تينا باستفهام : احل ايه ؟!. 

قال عمر بيأس : موضوع وسيله ....انتوا ستات زي بعض واكيد تعرفي طريقه اصالحها بيها 

اتجهت تينا لجوار سيف وقالت بخبث مماثل لخبث زوجها : مفتكرش في طريقه يا عمر 

زم عمر شفتيه بغيظ : انتوا متفقين عليا بقي !

نظر إليهم بغيظ متابعا : انا مش محتاج حاجه منكم  ....هلاقي حل 

تركزت نظراته علي الصندوق الذي بيد أخيه وردد مجددا بأمل : هلاقي حل !

ابتسم سيف لتينا وهو يحيط كتفها بذراعه : برافو يا قلبي ....لازم يعرف أنه مش بالساهل وياريت وسيله تفضل علي موقفها 

قالت تينا برفق : بس عمر صعبان عليا ...اول مره اشوفه كده 

قال سيف بشماته : احسن خليه يتربي ويعقل...ده اخويا وانا عارفه مجرد ما ترجعله بسهوله هيرجع زي ما كان مستهتر ...خليه يتعب عشان يوصل لها ...!

..........

اهتزت نظرات وسيله أمام نظرات عتاب جدتها التي وصلت حد الخزلان وهي تسألها : انتي مخبيه عني حاجه تاني يا وسيله 

هزت وسيله راسها سريعا : لا يا تيته

هتفت امتثال بخزي : لا مخبيه يا وسيله ....واجهتها بنظراتها : كنتي فين ....انا شوفتك بتخرجي من الشغل بعد ما سبتك وروحتي مشوار معرفهوش ودلوقتي بتقولي انك كنتي في الشغل 

تجددت الذكريات بداخل عقل امتثال التي توجع قلبها وهي تتابع بعتاب : تاني بتخبي عني حاجه وتاني بتكذبي عليا 

لمعت الدموع في عيون وسيله سريعا وهزت راسها بقوة : لا لا يا تيته....لا مش بخبي ولا بكذب ...تحشرج صوتها بينما تخبر جدتها بأمر ذهابها للطبيبه النفسيه ليلتاع قلب امتثال وتضمها إليها بحنان بينما تتابع وسيله ببكاء : غصب عني يا تيته كنت محتاجه اتكلم وافهم نفسي من تاني 

: وانا روحت فين يا سيلا ... ليه متكلمتيش معايا 

قالت وسيله بصوت متحشرج : معرفتش يا تيته....خوفت اقولك حاجه تفتكري اني لسه بفكر فيه ...ازدادت دموعها انهمارا بينما تتابع : انا مش بفكر فيه والله مش بفكر فيه ...انا بس ...بس لسه مش قادره انسي كل اللي عيشته ....وهو كان في كل اللي عيشته عشان كده خوفت اتكلم تتضايقي 

ازدادت ذراعي امتثال حول وسيله وهي تضمها الي صدرها وتقول برفق معتذره : حقك عليا ...انا  من خوفي عليكي خنقتك بس ده غصب عني ...متزعليش مني يا حبيتي ووعد مني مش هتدخل في حياتك وهسمعك وهسيبك تعملي اللي تشوفيه طالما انتي عارفه مصلحتك 

انكمشت وسيله أكثر بحضن جدتها وهي تقول برفق : مش زعلانه وعارفه انك خايفه عليا ....انا بحبك اوي ياتيته 

..........


صباح مشرق يدفع الي النفس شعور بالراحه بدأ يتسرب الي وسيله التي بقيت جالسه في الشرفه منذ الشروق حتي توسطت الشمس الساطعة السماء وهي تخبر نفسها بأنها ستفعل ما تريده اليوم .....لاتريد الذهاب الي العمل فلن تفعل ...تريد ترك شعرها مبعثر فلن تصففه ولا تريد أن تغادر الشرفه بل تريد أن تجلس شارده في الفراغ ...تريد أن تصفو وتفكر بل وتتذكر الذكريات التي مرت عليها سواء حلوة أو مره ولا تريد أن تبقيها مدفونه بداخلها 

طالت جلستها كما طال شعورها بالراحه وهي تستجيب لصوتها الذي بدأ علي استحياء يعلو بداخلها ويخبرها بما تريده ويشعرها أنها ستكون أفضل  .....!

بدأت الشمس الساطعة تتوسط السماء وتنعكس علي تلك الألوان البرتقالية التي انتشرت بكل مكان حيث بدأت  ترفرف تلك الاعلام ذات اللون البرتقالي تطير من خلف الدراجات الناريه التي عبرت طريق الكورنيش الممتد علي طول ساحل البحر لتجتذب أنظار الكثيرين ويبدأ السؤال 

.......؟!

ولم يكن مجرد سؤال بل علامه استفهام كبيره لتلك الدراجات الناريه لأحد تطبيقات توصيل الطلبات ولكنها لا توصل طلب بل توصل رساله معلقه بعلم يرفرف فوق كل دراجه لتعقد وسيله حاجبيها وهي تحرك اصبعها علي شاشه هاتفها وكما حال الكثيرين اجتذب نظرها ذلك الترند لتلك الإعلام التي حملت رساله ( انا اسف يا وسيله ) ودارت ذهابا وإيابا علي طول طريق الكورنيش 

وقفت الفتيات والشباب يلتقطون الصور والفيديوهات لتلك الدراجات وبنهايه اليوم أصبح سؤال مطروح علي السوشيال ميديا التي تلتقط كل ما هو غريب والجميع يتساءل  : ما قصه هذه الرساله ؟!

ليجيب مالك التطبيق بغموض : احنا تطبيق توصيل طلبات واتطلب مننا المره دي طلب غريب نوصله وهو أننا نوصل رساله بالكلمتين دول !

ابتسم عمر بينما ينظر بطرف عيناه تجاه تينا التي تنظر في هاتفها ثم تنظر إلي عمر : انت اللي عملت كده ؟!

اوما عمر وهو يغمز لها بشقاوة : ايه رايك ؟!

تنهدت تينا بهيام : حركه رومانسيه اوي ياعمر ...!

في اليوم التالي تكرر المشهد والجميع يتابع ولكن الرساله ذلك اليوم كانت ( بحبك يا وسيله ) 

ليضحي الجميع يتساءل من هي وسيله ؟!

بل وأصبح الجميع يترقب في اليوم التالي أن كانت ستكون هناك رساله جديده وهاهي وسيله تراقب من خلف شاشه هاتفها وترفض الاجابه علي سؤال الطبيبه أن كانت شعرت بشيء تجاه ما يفعله من أجل ارضاءها 

وفي اليوم الثالث كانت الرساله  ( سامحيني يا وسيله )  

وأصبح الهاشتاج يهتف ...سامحيه يا وسيله !🤣🤣 

رساله مجهوله ولكنها ملئت قلوب الفتيات بالأحلام الورديه عمن قد يفعل شيء كهذا من أجلهم !

نظرت الطبيبه الي وسيله وكررت سؤالها : هتسامحيه 

هزت وسيله كتفها وقالت بما تشعر به : جايز أو مش فارقه .....انا مبقتش حاسه ناحيته بكره زي زمان وفي نفس الوقت مبقتش حاسه بأي حاجه ....مجرد ذكري عدت في حياتي اللي عاوزة اكملها وقف علي رجلي 

لتبتسم براحه نفسيه في طريق عودتها وهي تقرء أحد المقولات المكتوبه ...( أما الخطأ فقد عفونا ولكن الود لايعود ! ) 

...........

....

لم تكن يوما تحب عملها وفقط عملت به لتجد نفسها تطالبها بأن تفعل ما تحبه وهاهي تخبر جدتها بما تريده 

لتعقد امتثال حاجبيها : كهربا ايه يا وسيله 

قالت وسيله برجاء : انا بحب اشتغل في الكهربا زي بابا الله يرحمه واهو حسونه بيبيع المحل بتاعه وانا عاوزة اشتريه 

هزت امتثال راسها باستنكار : هتشتغلي كهربائي زي حسونه 

هزت راسها ضاحكه : لا يا تيته مش كده ....انا هاخد المحل واغير فيه واخليه للديكورات وشغل الكهرباء

مالت عليها تحتضنها وتناجيها برجاء : عشان خاطري يا تيته....قبلتها بدلال فلم تستطيع امتثال أن ترفض طلبها : ماشي بس بشرط 

نظرت وسيله لها لتقول امتثال : تاخدي إجازة من شغلك مش تستقيلي 

اومات وسيله وهي تطير من السعاده ....!

نعم السعاده واخيرا أصبحت تعرف طريق لقلبها الذي كان قد تحول لصحراء جرداء ولكن هاهو بدأت الخضره تدب فيه ويرتوي .....

وهاهي كل يوم بورشه الكهرباء التي حولتها الي ما تريد والتي تقبلتها امتثال علي مضض ولكن من أجلها !

..........

.....

رفع عاصم  عيناه بملل ناظرا الي ابنه الذي يصول ويجول  ويثرثر بعصبية وكأنه جالس فوق صفيح ساخن وهو لا يجد صدي لأي شيء يفعله : هتجنن يا بابا وتعبت خلاص ....بقالي شهور زي الشحاتين وراها في كل حته أنها بس تكلمني ولا ترد عليا ومفيش فايده وكل اللي باخده حرق دم من جدتها ....تعبت قولي اعمل ايه انا مفيش حاجه تتعمل ومعملتهاش !

تراجع عاصم بظهره ليستند الي مقعده الجلدي الوثير قائلا بهدوء : واضحه يا عمر 

ضيق عمر عيناه باستفهام : هي ايه اللي واضحه ؟!

قال عاصم بجديه : أن مفيش امل .... افتكر أن لو كان عندها نيه ولو واحد في الميه كان كل اللي بتعمله جاب معاها نتيجه إنما طالما الوضع زي ما هو من شهور يبقي افتمر الاحسن تقبل بالأمر الواقع 

ردد عمر بلسان ثقيل : أمر واقع 

اوما عاصم ونظر الي عيون ابنه بثقه بينما يداه اسفل مكتبه تتحرك فوق شاشه هاتفه : أيوة ياعمر ....اقبل أنها خلاص مبقتش ليك وان مالكش اي فرصه تانيه معاها الاحسن تنساها وتكمل حياتك 

هز عمر رأسه بعنفوان : مستحيل ....مستحيل يا بابا 

هعمل المستحيل عشان ترجع ليا 

هز عاصم كتفه قائلا : مفتكرش في امل 

هتف عمر بحنق شديد نابع من عجزه : هخلق الامل وعمري ما هبعد عنها ...لو حكمت هفضل احاول سنين مش بس شهور 

خرج عمر لترتسم ابتسامه علي طرف شفاه عاصم ويرفع هاتفه الي أذنه قائلا : سمعتي يا بنتي 

تنهدت وسيله وقالت بهدوء شديد : عندك حق في كل كلمه قولتها يا اونكل ...الاحسن ينسي ويكمل حياته عشان أنا كمان بدأت حياتي من غيره 

عقد عاصم حاجبيه بامتعاض وقال بأسي : مش ده اللي كنت عاوزك تسمعيه ....انا كنت عاوزك تسمعي إصراره وقصدت احبطه عشان تعرفي هو متمسك بيكي اد ايه 

سمعته وتجاهلته عن عمد بينما لن تتراجع عن قرارها بعدم فتح اي باب بينهم مجددا !! 

قالت وسيله بيقين : عمر صفحه واتقفلت في حياتي 

نكس عاصم رأسه للاسفل وكلمات وسيله نحرت قلبه علي انكسار قلب ابنه الذي يريد في عيناه كم يحب تلك الفتاه وحياته أصبحت معلقه بها ...!

........


...ابتلعت شهد بخوف وهي تتراجع حينما توقف عمر مكانه وأشار لها قائلا : تعالي !

هزت راسها بخوف لم يطمئن حتي مع رؤيه نظراته التي كانت نفس النظرات التي اعتادتها منه سنوات طويله ...نظرات اخ سيوبخ أخته ليهتف عمر بها : خدي يا بت بقولك تعالي 

رفعت شهد يدها امام وجهها بخوف وهي تقترب منه لتشهق بهلع حينما مد عمر يداه وجذب أذنها بيده وهو يهتف بعتاب من بين أسنانه : ينفع اللي عملتيه ده ؟!

هزت راسها وانسابت دموع الندم من عيونها ليترك عمر أذنها وينظر لها بغيظ شديد بينما تبخرت الكراهيه من داخله وأصبح كل ما يشعر به هو الحنق منها خوفا عليها ليتنهد ويعاتبها بجديه : عمري ما تخيلت انك تعملي كده .....ازاي تفرطي في نفسك بسهوله .....تراجعت شهد بخوف شديد ورفعت يدها امام وجهها بحمايه حينما رفع عمر يداه لتتفاجيء به يمسك وجهها بكلتا يداه ويقول بحنان امتزج بعتابه : يا بت انتي غاليه اوي اياك ترخصي نفسك لواحد .....فاهمه 

اومات شهد وسرعان ما شقت الابتسامه طريقها الي وجهها البريء من خلال دموعها وهي تسأله : يعني انت مش زعلان مني 

قال عمر وهو يهز كتفه ويضربها بخفه علي مؤخره راسها كما اعتاد : زعلان عليكي مش منك 

خرجت جوري من غرفتها تحمل طفلها وهي تسأل : مين يا شهد !

تفاجأت بعمر لتبتسم له : موري ...وحشتني عامل ايه 

ابتسم لها واحتضنها وقبل الصغير قائلا : الحمد لله

جلسوا ليدخل عمر الي ماجاء من أجله : جوجو انا محتاجك 

قالت جوري بتأكيد : طبعا يا قلب جوجو 

نظر لها بيأس قائلا : اعمل ايه ....انا عملت كل حاجه وهي حتي مش عاوزة تسمعني !!

نظرت جوري إليه بتفكير لتقضم شهد أظافرها قبل أن تندفع بعفويه : جربت تسمعها انت ؟

التفت عمر وجوري تجاه شهد بنفس اللحظه لتقول شهد بتعلثم بينما حاولت جوري تهذيب طبعها بأن تحاول الا تنقل اي حديث تسمعه أو تتدخل فيما لا يعنيها : مش قصدي اتحشر بس انا قاعده وسمعت الكلام ....تنهدت وتابعت : انا اسفه 

هز عمر رأسه سريعا وأشار لها ممازحا : وده من أمتي الادب ده يا رويترز ...تعالي 

اقتربت شهد وهي ترفع يدها امام وجهها بخوف ليضحك عمر قائلا : مش هعملك حاجه ....تعالي قولي بقي قولتي ايه ؟!

نظرت له جوري بتردد ليهز رأسه بتشجيع أن تتحدث : قولي 

ابتلعت شهد قائله : انت اكيد زعلتها كتير والواحد لما يبقي زعلان بيبقي محتاج يفضفض خليها تفضفض واسمعها ....افلتت نبرتها المرحه المعتاده : ماهي سمعتك كتير مره بقي انت اسمعها 

نظر عمر الي جوري التي قالت باقتناع : تصدق أن عندها حق ياعمر ....انت فعلا اتكلمت واعتذرت كتير خليها بقي هي تتكلم عن اللي مزعلها يمكن قلبها يصفي ليك !


.........


كتم عمر شهقته حينما انتشر شرز تلك الأسلاك التي خرجت من احدي الاباجورات قبل أن تمد وسيله يدها سريعا وتغلق القابس وتبتسم مطمئنه الرجل الذي وقف امامها بانتظار اصلاح المصباح : متقلقش حالا هظبطه ....اتفضل حضرتك وارجع كمان ساعه استلم 

خرج الرجل لينظر الي عمر الذي ظهر من خلفه وقال بتشديد :  ساعه وترجع تاخده وتقول ليها شكرا وتجيب ليها شغل تاني اتفقنا يا حسن

اوما الرجل : حاضر ياعمر بيه 

ابتسم عمر وانتفخ صدره بينما كل ما قد يدخل علي قلبها البهجه لم يتردد به فحينما لم يجد تحد يطء المكان الذي فتحته بعث لها بزبائن ....

ربما لم تنجح كثيرا بهذا المصباح ولكن هاهي ابتسامه واسعه تكلل وجهها بينما كطفله صغيره عابثه كان صوتها الطفولي يتعالي من الشرفه التي وقفت بها وبيدها أحد الأسلاك المعلقه من الجانب الآخر للشارع 

: شد يا مصطفي ....

اوما الطفل الذي يجذب من الجهه الأخري : تمام يا ابله وسيله 

جذب الاطفال من الجهه الأخري  لتشير وسيله لاكبرهم سنا :  اربط بقي كويس من عندك يا عم منير 

اوما الرجل قائلا وهو يربط السلك : حاضر تمام كده يا وسيله 

اومات وسيله ومرت بضع دقائق وقد توقف الكثير بالشارع وبالشرفات يتابعون ما يحدث ببهجه دخول رمضان الكريم 

قالت وسيله بحماس بعد أن امتدت كل اسلاك لمبات الزينه : هحط الفيشه جاهزين 

اجتذبت انفاس عمر وهو متأهب مثل الجميع ليدخل الفرح والسرور الي قلبه كما حال جميع من في الشارع وهو رافعوان رأسهم لرؤيه تلك الانوار الملونه التي أضاءت الشارع واعلنت عن استقبال رمضان   

غمزة شقيه لذلك الصغير الذي أطلق صفاره قائلا :  شاطره يا ابله وسيله 

دخلت وسيله من الشرفه سعيده بحماس بينما تقول لجدتها : تعالي شوفي يا تيته الزينه بتاعه رمضان  

ضحكت امتثال وقبلتها قائله : كل سنه وانتي طيبه يا حبيتي 

.........


نظر ايهم الي ابنتاه الجالسون بصمت لتفتح هنا الحديث قائله : بابي رمضان بكره كل سنه وحضرتك طيب 

قال ايهم بحب لابنتاه : وانتوا طيبين 

اومات هنا وكررت حديثها بمغزي لم يفهمه ايهم : أيوة بكره رمضان يابابي 

ضحك ايهم قائلا بعدم فهم لتلميح ابنتاه: اكيد مش عاوزين فوانيس 

هزت حلا كتفها بينما تقول : هو بصراحه احنا عاوزين حاجه تغير جو البيت ....

زينه... انوار...فوانيس ...حلوي ... اشياء كثيرة احضرها ايهم الذي أخذ ابنتاه ونزل بهم يتسوقون ولكن لدي عودتهم كانت الفتيات بنفس الحاله 

ليجلس ايهم يتأملهم وهم يتحركون هنا وهناك في محاوله منهم لإضفاء جو جديد علي المنزل الذي أصبح كئيب منذ ترك غرام له 

نظرت إلي إحداهما الأخري بإحباط وعادوا ليجلسوا بجواره : ايه يا حبيتي معلقتوش الزينه ليه 

قالت هنا بعدم حماس : نبقي تعلقها بليل 

تحدث ايهم بحماس مفتعل لعله يهرب من ذلك الفراغ : وانا هجهز ليكم سحور تحفه 

اخذ يتحدث ولكنه لأول مره يدرك أن حديثه بلا معني وأنه يتهرب مما يريده ويجب عليه فعله 

نظرت هنا لأبيها : بابي رايح فين 

قال ايهم بابتسامه غامضه : في حاجه ناقصه هجيبها وارجع علي طول 

ماهو هذا الشيء الناقص .....؟! 

ربما ما بحث عنه طوال عمره ووجده ولكنه لم يعرف قيمته الا الان !!

اندهشت غرام لرؤيته أمام باب المنزل : انت 

تعلثم ولم يعرف كيف يقول الجمله الوحيده التي أخذ عقله وقلبه يرددها طوال الطريق ليجد نفسه يمد يداه إليها قائلا :  تعالي معايا 

قالت بدهشه : في ايه ؟! 

قال بتهرب : البنات محتاجينك ضروري 

دب القلق في عيون غرام فأسرعت الي الداخل هاتفه : استني البس واقول لأخواتي اني نازله 

في لحظه كانت تضع فوقها إسدال الصلاه وتخبر اختها شيماء أنها ذاهبه وتأخذ مفاتيحها ومحفظتها وتنزل مسرعه حتي أنها سبقت خطواته لتسري الكهرباء علي طول ظهرها حينما وجدته يمسك بيدها ويوقفها باهتمام واضح عن نزول الدرج بتلك السرعه : براحه احسن تقعي 

رمشت غرام باهدابها وسرعان ما جذبت يدها من يده وضمت طرف الاسدال الطويل وتابعت نزول الدرج 

......

فتح ايهم الباب والتفت لغرام أن تدخل لتنظر الفتيات الي غرام ويقفزون بسعاده غامره لدي رؤيتها : غرام 

نظرت إليه باستفهام:  في ايه... البنات كويسين اهم امال في ايه 

اوما لها وهو يتهرب من نظراتها بينما كان كمراهق يأتي بها بخدعه لتتولي الفتيات الأمر ويجذبون يد غرام : كل سنه وانتي طيبه يا روما ...احنا مبسوطين انك رجعتي

عقدت غرام حاجبيها والتفت تجاه ايهم الذي تهرب بنظراته منها لتتابع حلا وهي تلقي بنفسها في حضنها : كنا حاسيين باكتئاب من غيرك 

فعلت هنا المثل وهي تتابع : اه والله يا روما ...البيت فعلا كئيب من غيرك 

ابتسمت لها وجذبت يدها هي واختها قائلين بحماس :  تعالي نعلق زينه رمضان 

التفتت غرام إليه ونظرت له بغيظ لتهتف به من بين اسنانها : انت جايبني اعلق زينه رمضان !

هز ايهم رأسه وفتح فمه ليقول أنها هي زينه حياتهم ولكن قلبه نطق شيء ولسانه انعقد وهو ينظر إلي ابنتاه ولا يدري كيف يتحدث في وجودهم !


....

.....

همس عمر للطفل الصغير ...جاهز

اوما الطفل وسرعان ما تعالي صوته : 

ابله وسيله..... ابله وسيله 

هتفت امتثال بغيظ وهي تستمع لنداء الطفل خارج الشرفه : الواد فارس اللمض ده انا هعلقه عشان بينادي عليكي كده 

ضحكت وسيله قائله : 

استني يا تيته انا هشوفه 

خرجت للشرفه : نعم يافار....توقفت الكلمات في حلقها بينما اول ما رأته وهي تنظر للاسفل كان عمر الذي غمز لها بشقاوة محببه وهو يشير إلي ذلك الفانوس الضخم  الذي أنار الشارع بأكمله ليخطف قلبها للحظه قبل أن تزم امتثال شفتيها بحنق وتمسك ذراع وسيله تدخلها برفق بينما تقول : 

تعالي ادخلي يا وسيله عشان اقفل البلكونه احسن الناموس هيدخل 

جذبت امتثال الستاره متبرطمه بينما رأت لمعه عيون حفيدتها بما فعله عمر : اه الفانوس حلو بس يعني شبه اللي جابه .... منفوش زي الطاووس كده 

ضحكت وسيله لتربت امتثال علي كتفها وتتابع : انا عارفه حبيتي وسيله مش بتتاثر بالحاجات دي 

اومات وسيله لتتابع جدتها وهي تحاول الا تبدو أنها تفرض عليها قرارها :  ده رأيي إنما انتي حره ....يعني لو بتحبي شغل الافلام 

ضحكت وسيله علي ما قالته جدتها 

لتبادلها امتثال الضحك وتقول بحنان :  هروح اعمل ليكي صينيه كنافه بالقشطه ياقشطه .

..........

....

بعد أن كان الصمت والكأبه تعم أرجاء المنزل الكبير أصبحت اصوات الحماس والضحكات تملئه كما ملئت قلب غرام الاخضر الذي تناسي همومه وانسجم مع حلا وهنا وهم يعلقون الزينه بكل أرجاء المنزل ....شمر ايهم ساعديه وتحرك معهم بحماس وهو الاخر يتناسي تفكيره ويسعد قلبه بتلك اللحظات ....أشارت له هنا : لا ارفع شويه فوق يابابي

رفع ايهم ذراعه أكثر بفرع الانوار الملونه بينما الفتيات ينظرون بالاسفل ويشيرون له كيف يضبطه 

رفعت غرام طرف الاسدال الطويل وهي تقف فوق أحد المقاعد لتعلق طرف آخر من الانوار ولكن سرعان ما انبثقت شهقه رافضه من ايهم الذي ترك ما بيده وأسرع تجاهها : لا بلاش احسن تقعي 

ارتبكت غرام بالأساس وسرعان ما تعثرت بثوبها الطويل وكانت ذراعي ايهم هي ما تلتقفها لتتسارع دقات قلبها بقوة كما فعلت دقات قلبه وهي بين ذراعيه بينما هنا وحلا يبتسمون بهمس وخجل ....ارتبكت غرام وسرعان ما وضعت يدها فوق صدره لينزلها ليتمهل ايهم وهو يضعها برفق أرضا !

.. ..


فتحت وسيله الباب لتري عمر امامها يستند الي إطار الباب وينظر لها بهيام وهو يرفع امامها فانوس ذهبي جميل 

: مقدرتش مقولش كل سنه وانتي طيبه

نظرت وسيله إلي لمعه الفانوس الذي حركه عمر أمام عيناها التي يعشقها ليتمهل وهو ينظر إلي ملامحها بنهم قبل أن يقول بمشاعر جياشه : انا بحبك ومش عاوز الا اني اشوف ضحكتك منورة وشك .....تنهد وتابع بحراره : وسيله انا بقالي شهور حاسس احساس تاني وانا كل يوم بفكر ايه يسعدك واعمله ولو في أيدي اعمل حاجه اكتر هعملها من غير تفكير بس عشان اشوفك مبسوطه ومش عاوز اكتر من كده 

ازدادت لمعه عيناه بأمل وهو يتابع : كان نفسي نكون مع بعض ونحضر السحور سوا بس انا راضي انك تقولي من قلبك كل سنه وانت طيب ياعمر 

تحشرج صوته من فرط مشاعره المعلقه بأماله ليتابع بحنين راجي : ومين عارف جايز رمضان اللي جاي ....ماتت باقي جملته علي شفتاه حينما شعر بتلك اليد فوق كتفه بينما تهتف امتثال ساخره : رمضان اللي جاي تكون قاعد مع ابوك وامك بتتسحر ..!

التفتت وسيله تجاه جدتها التي قالت بتبرير : انا مش بتدخل يا حبيتي ...انا بس بقوله الاحسن يتسحر مع أهله 

قالت كلمتها وانسحبت علي مضض حتي تترك لحفيدتها حريه اتخاذ القرار : هدخل اكمل صينيه الكنافه 

قال عمر بمرح : مش هتعزمي عليا طيب يا تيته اتسحر معاكم 

نظرت له امتثال شزرا ليغمز لها بمرح : تسلمي ياتيته عارف انك هتعزميني ....تيته

التفتت امتثال له ليقول عمر بشقاوة وهو يرفع هاتفه  : تيته ينفع اصورك عشان اعمل لحضرتك فانوس عليه صورتك نبقي نحطه انا وسيلا في الصالون 

زمجرت امتثال بغيظ من بين اسنانها وهي تدخل الي المطبخ  :  حط تليفونك في جيبك ياابن عاصم  

ضحكت وسيله من بين الحزن الذي عاد يغلف قلبها قبل أن تلتفت الي عمر وتتطلع إليه بينما اختفي المرح وحل محله الجديه وهو يقول : وسيله انا اتكلمت واعتذرت وعملت كل حاجه عقلي قالي أنها ممكن تخليكي تسامحيني بس واضح انها مش كفايه ....اقترب منها خطوة وتابع بعيون تناجي عيونها : النهارده انا مش جاي اتكلم ...انا جاي اسمعك ....قولي كل اللي انتي حساه ياسيلا ...اتكلمي وانا هسمعك 

تقابلت عيونهم للحظات قبل أن تتنهد وسيله وتبدأ حديثها بصوت متحشرج : عمر .....نظر إليها بلهفه لتتابع وهي تبعد عيناها عن عيناه :  اللي بتعمله كله فرحني وخلاني احس بحاجات حلوة بس لو سمحت متعملش كده تاني 

بوغتت ملامحه باخر ما نطقت به ليقول باستفهام : ليه يا وسيله 

قالت وهي تكور قبضه يدها : عشان أنا مش عاوزة أتأثر بأي حاجه بتعملها .....

مش عاوزة ارجع تاني واخلف كل وعودي مع نفسي وأضعف .....عاوزة افضل قويه قدام نفسي اللي بحاول ابنيها من اول وجديد 

بهتت ملامحه ليتحشرح صوتها بينما تقول قرارها النهائي : لو سمحت ياعمر خلينا نرجع صحاب زي زمان 

اهتزت شفتاه بينما ملئت الدموع حلقه من خيبه امل لا يتحمل جديتها التي رأها في عيونها : يعني ايه .....

مفيش امل تسامحيني ونرجع لبعض !

لم تستطيع منع دموعها كما فعل لتتركها تلمع اسفل اهدابها بينما تقول : مسمحاك يا عمر بس صعب نرجع تاني ! 

........

.....

يري ايهم إصرارها علي الذهاب عناد بينما غرام تراه اخر رنق تتمسك به من كرامتها ...لن تعود كما عادت من قبل بل إن عادت ستعود وهي تقف علي أرض صلبه واضحه المعالم يخبرها فيها بمكانها ومكانتها لذا كان ذهابها هو قدرتها علي قلبها والحفاظ علي ماء وجهها أمامه 

قاد ايهم سيارته الي منزل والدتها ليعيدها كما اخذها بصمت بينما لا يستطيع التغلب علي لسانه والنطق بما يرضيها ...استني 

أوقف ايهم السياره جانبا باستفهام لتجمع طرف اسدالها قائله : هجيب السحور 

أوقفها ايهم قائلا : خليكي انا هجيب اللي انتي عاوزاه

رفضت بعزه نفس : مش عاوزة حاجه منك 

زم ايهم شفتاه بغيظ وحك ذقنه : وبعدين ياغرام في كلامك ده 

قالت غرام بحنق : قولت ايه...بقولك مش عاوزة حاجه منك 

زفر ايهم بضيق ونزل ليعود بعد قليل ممسك بالعديد من الأكياس التي حملها وصعد بها خلفها ومع كل خطوة يخبر نفسه أن يتحدث ويراضيها فهي انثي لا تريد الا كلمه طيبه .....ركضت شيماء تفتح الباب لتدخل غرام وتتركه دون أن تلتفت إليه ...جثي ايهم علي ركبتيه أمام شيماء واعطاها أحد الاكياس التي يحملها قائلا بحنان : كل سنه وانتي طيبه ياقمر 

فتحت الطفله العلبه بحماس جعلها تطلق صرخه سعاده وهي تري فانوس رائع يغني ويضيء بأنوار كثيرة ....نظرت غرام إليه بينما يقدم لاخوتها الواحد يلو الاخر فانوس جعلهم يتطايرون من السعاده ويرتموا بحضنه الذي ضمهم بحنان .....نظرت إليه بطرف عيناها بحسره بينما عجز أن يعطيها مثل هذا الحنان الذي يهفو قلبها له دون إرادتها !

اعتدل ايهم واقفا وداعب شعر شيماء قائلا : الست زينب فين عشان اقولها كل سنه وهي طيبه 

قالت الفتاه بعفويه : ماما في الشغل هتيجي الصبح 

نظر ايهم الي غرام : هي كويسه 

اومات غرام وهي تبعد عيناها عن عيناه : عندها نوباتجيه سهر 

ابتلع ايهم للحظه قبل يأخذ قراره بأنه لن يدعها تحزن اكثر ليميل تجاه الاطفال قائلا : انا وهنا وحلا زيكم هنتسحر لوحدنا ...ايه رايكم تيجوا معايا ونتسحر كلنا سوا !

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم

اخر فصل هو القادم ....كل سنه وانتوا طيبين 



تابعة لقسم :

إرسال تعليق

10 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. روووووووووووعه روووووووووووعه تسلم ايدك

    ردحذف
  2. الفصل تحفة يا رونا الحاجة امتثال زودتها شوية خليها تفك عن البت شوية وايهم دة هايتحرك امتى

    ردحذف
  3. تحفه تسلم ايدك يا قمر

    ردحذف
  4. يعنى لو جبتلها فانوس وقلت لها كل سنة وانتى معايا هتتشل وتحبر بخاطرها جبت لعيالك واخواتها وجيت لحد عندهت والخرص صابك

    ردحذف
  5. بارت جميل دسم ملئ بالمعاني القيمه

    ردحذف
  6. ايه ده طيب انا بعيط ليه مش عارفه البارت تحفه تسلم ايدك ياريت متأخريش الفصل الباقي علينا

    ردحذف
  7. ياريت الحجه امتثال تريحنا شويه علشان اڨورت وميبقاش اخر بارت

    ردحذف
  8. رونا ونبى متنهيش روايه دلوقتي كملى فيها الاحداث بقت حلوه وجميله ومضحكه بلاش تنهيها دلوقتي ممكن على الاقل تنهيها فى العيد او اه اخر يوم رمضان

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !