بساط السعاده الفصل الخامس والثلاثون

0


 ( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

ثقل شديد شعرت وصال به يجذب جفونها التي بجهد تحاول رفعها من فوق عيونها لتستجيب لهذا النداء اللهيف بأسمها : وصال 

لحظات وكانت تحرك جفونها وتنهيده ممزوجه بأنفاس متلاحقة كانت تتعالي من صدر هادي التي شعرت بيده تمسك بيدها ....أدارت رأسها وهي تفتح عيناها لتري هذا السقف الغريب فوقها وتلك الاصوات القلقه حولها والتي لم تميز منهم إلا صوته الذي يتحدث بقلق 

تحشرج صوتها بينما تهمس بأسمه : هادي 

مال هادي الذي مازالت يداه تمسك بيدها نحوها وعيناه القلقه تمسح وجهها بينما يقول بقلب لهيف : وصال 

خرج صوتها بوهن وهي تتساءل أين هي بينما بنفس اللحظه شعرت بيدها الأخري توخزها من أثر تلك الحقنه المعلق بها المحلول المغذي : انا فين ؟! 

قال هادي وهو يمسح علي خصلات شعرها : في المستشفي .....نظر إليها بقلق شديد وتابع : انتي كويسه ؟!

اومات له وهي تستجمع اخر ما تتذكره قبل أن تشعر بدوران العالم من حولها لتتذكر يومها الطويل برفقته بينما سافروا لإنهاء كل إجراءات إعادتها الي عملها وبعدها توجهوا الي المستشفي العام لتتسلم عملها وتسلم اوراق نقلها ...!

طرقات هادئه علي الباب تبعها دخول رجل مهيب يرتدي معطف ابيض توقف لدي الباب وتطلع الي الطبيبه التي وقفت تعاين وصال : ايه الاخبار يا دكتورة حنان 

قالت الطبيبه الأربعينية بهدوء وهي تبتسم لوصال : الحمد لله يا دكتور مؤشراتها الحيويه كويسه ونتيجه التحاليل كمان كويسه 

تنهد هادي وابتسم لوصال لحظه قبل أن يدير رأسه ناحيه الطبيب الذي قال بابتسامه هادئه وهو يلقي نظره ناحيه وصال :ايه يا دكتورة .... اول يوم ليكي في المستشفي تكوني مريضه مش دكتورة يا دكتورة وصال ؟!

هزت وصال كتفها بينما تتذكر شعورها بالغثيان والدوار الذي لاحقها منذ الصباح وتجاهلته كثيرا 

لتقول الطبيبه اجابه علي تساؤلات هادي القلقه والتي لم يتوقف عن طرحها : اللي حصل طبيعي في اول الحمل وكمان مع المجهود الزايد...عادت لتنظر الي وصال بينما تتابع : طبعا انتي عارفه كل ده يا دكتورة واكيد هتاخدي بالك ....كويس ان زوجك كان جنبك ولحقك قبل ما تقعي علي الأرض 

نظرت وصال بهلع الي بطنها 

لتربت علي يدها وتقول سريعا  : اطمني البيبي بخير وانتي كمان بخير ....هكتب ليكي شويه فيتامينات ضرورية ونهتم بالتغذية وطبعا يشرفني انك تتابعي معايا كل اسبوعين او تلاته  علي الاقل عشان الحمل يعدي بخير 

اومات وصال لتتابع الطبيبه : هكتبلك كل التعليمات وهكتبلك كمان رقم تليفوني عشان لو في اي حاجه تكلميني علي طول ...كلها ساعه وتقدري تروحي 

ابتسمت لها وتابعت : اتشرفت بيكي ...قسم الاطفال هينور طبعا بوجودك 

نظر الطبيب الي هادي الذي لاح الرفض علي ملامحه وفهمه الطبيب بفطنه : طبعا يا د حنان بس ده بعد إجازة اسبوعين تكون ارتاحت فيهم الدكتورة وصال 

قالت وصال وهي تهز راسها : لا انا كويسه وهبدأ شغل في اقرب وقت يا دكتور طارق 

هز الطبيب رأسه بإصرار : انا مصمم وخلاص مضيت الإجازة ...ابتسم وتابع : احنا عاوزين نشوفك دكتورة مش مريضه 

مد يداه الي هادي وتابع بلياقه : اتشرفت بيك يا فندم واهلا بالدكتورة 

اوما هادي واجاب بلياقه هو الآخر : الشرف ليا 

خرج الاطباء من الغرفه ليتنهد هادي بعمق وهو يسرع ليجلس بجوارها : سلامتك يا شهد العسل 

ابتسمت وصال له ليساعدها علي الجلوس ويريح ظهرها علي الوساده التي عدلها خلفها : تعبتك يا حبيبي 

هز رأسه وقال بحنان وعيناه تلتهم ملامحها : تعبك راحه يا شهد العسل ...المهم انك كويسه 

ابتسمت له قائله : كويسه الحمد لله...هزت كتفها وتابعت : عادي بيحصل كده مع الحمل 

غمزت له وتابعت بشقاوة : اتعود عشان متقلقش اوي كده 

هز رأسه وقال بحنان : لو مش هقلق عليكي هقلق علي مين ؟!

ابتسمت له ووضعت يدها فوق يده بينما تقول بحب : ربنا يخليك ليا يا حبيبي .

............

...

جرت فاطمه قدميها بثقل شديد بينما تغشي سحابه سوداء عيناها التي بالكاد تري الطريق امامها ....أستندت الي حائط المنزل وتمسكت سريعا به بينما خانتها قدميها وكادت تقع لتجثو علي تلك العتبه المرتفعه أمام باب المنزل وتجلس فوقها بينما شعرت بانفاسها تضيق عليها وتخرج بصعوبه من صدرها ...!!

: ستي ...ستي ...مالك يا ستي 

اسرع الصبي الصغير الي جدته وترك الكره التي كان يلعب بها ما أن رأي جدته بتلك الحاله 

امتلئت عيون فاطمه بالحزن وهي تنظر إلي عبد الله وتحاول ان تخفي دموعها بينما تقول بصوت متحشرج : انا كويسه يا قلب ستك 

أمسكت بيدي الصغير وتابعت بوهن: تعالي اسندني لغايه جوه يا عبد الله 

أسند الطفل جدته بجسده الصغير لتخونها دمعه حارقه تسقط علي وجنتيها التي ارادت أن تلطمها من القهر 

تمددت فاطمه علي فراشها واسرع الصغير يضع الغطاء فوقها وهو يسألها مجددا : مالك يا ستي ؟!

قالت فاطمه بحزن : ماليش يا ضنايا ...روح شوف اخواتك 

خرج الصغير الذي لم يكد يفهم ما أصاب جدته ليري وجه والدته الغارق بالدموع وبقلب لهيف يسرع ناحيتها ما أن دخلت من الباب : امه ...مالك يا امه 

مسحت سمر دموعها بظهر يدها وهي تهز راسها : ماليش يا ضنايا ....ربتت علي وجهه بحنان وابتسمت له من بين دموعها : اخواتك فين ؟!

قال وهو يشير الي الغرفه : بيلعبوا جوه .....رفع رأسه إليها وتابع بعيون حزينه : مالك يا امه بتعيطي ليه ؟!

قالت سمر بحنان بينما غلبتها دموعها مجددا : ماليش يا ضنايا 

قال الطفل بحزن وهو يمسك بيد والدته : هو عم ياسين زعلك زي ابويا 

هزت راسها سريعا : لا يا حبيبي ...انا بس عيني دخل فيها تراب ...روح العب مع اخواتك 

اسرع الصغير خطوتين ولكنه سرعان ما عاد إلي والدته قائلا : امه ...ستي كمان كانت بتعيط 

اومات سمر واتجهت الي غرفه والدتها التي ظهر علي وجهها الكمد والقهر ولكن عن أي قهر تتحدث أن أخبرتها بما عرفته لتتجه إليها وتقول بشفاه مرتجفه من فرط دموعها التي انسابت علي وجهها : شوفتي يا امه اختي عملت فيا ايه ؟!

شكوتها وكلماتها ودموعها كانت تمزق نياط القلوب ليعتصر الالم قلب فاطمه وعيناها لا تفارق النظر إلي وجه ابنتها الذي للحظه تساءلت أن كان هناك وجه سواه تخفيه

: يرضيكي يا امه .....يرضي ربنا اختي اللي من دمي تعمل فيا كده ...ليه ...انا عملت ليها ايه .....بقي تشوه سمعتي ....طيب انا مصعبتش عليها ليه تخلي عيالي يعيشوا بعار امهم ...ليه ...ليه يا امه انا عملت فيها ايه عشان تعمل فيا كده 

: اختك لا يمكن تعمل كده فيكي 

اهتزت نظرات سمر ورفعت عيناها ببطء تجاه وجه والدتها وهذت بصوت متقطع : بقولك هي اللي ...قاطعتها فاطمه بانفعال دون إرادتها : وانا بقولك اختك ملهاش ذنب 

نظرت سمر الي والدتها بعدم استيعاب لهذا الدفاع لتزم فاطمه شفتيها بقهر وتكور قبضتها بينما تقول بسخط : انا روحت للست وداد وعرفت منها كل حاجه 

نظرت سمر الي والدتها بعدم فهم لتقول بصوت متقطع : كل حاجه ...؟!

اومات فاطمه ونظرت الي ابنتها بعتاب متساءله : مين شعبان ؟!

دق قلب سمر بقوة داخل صدرها وسرعان ما تباطأت أنفاسها حينما غزت تلك الذكري عقلها بقوة لتغمض عيناها بألم بينما تتذكر ذلك الرجل الذي كانت تعمل لديه بمصنع صغير للملابس ... بقوة داهمت نظراته الوقحه مخيلتها وتلك اللمسه القذره التي لمسها بها والتي لم تسكت عليها بل صرخت واستنجدت بالجميع واولهم زوجها لتدرك وقتها حقيقه أنها لاشيء أمام تلك الورقات الماليه التي أعطاها شعبان لزوجها ليخرسه وليته انخرس فقط عن حقها بل وقتها صب عليها قله رجولته وضربها واهانها واتهمها أنها من شجعت الرجل ...!!

فتحت سمر عيناها لتصطدم بنظرات الاتهام التي لم تصدق أن تراها يوما بعيون والدتها لتقول بشفاه مرتعشه بدفاع عن نفسها بينما ظنت أن أول من سيصدقها هي والدتها : انا مش كده يا امه ...انتي مربياني وعرفاني 

هو اللي راجل قليل الربايه وعبد العزيز مكنش راجل ولا دافع عني ...انا اتظلمت زي ما اتظلمت كتير بس سكتت عشان اربي عيالي ...والله يا امه ما عملت حاجه ....!!

نظرت إلي والدتها وانهمرت الدموع من عيناها بينما لاح عدم التصديق في عيونها التي اشاحتها بعيدا عنها : امه انتي بتبعدي عينك عني ليه ....بقولك دنيا اللي سلطت عبد العزيز عليا انتي مش مصدقاني 

قالت فاطمه بكمد : مش مهم اصدق ولا لا المهم أن وداد وغيرها صدقوا 

قالت سمر بقهر : صدقوا الظالم ومسمعوش دفاع المظلوم 

قالت فاطمه بكمد : محدش بقي عارف مين الظالم ومين المظلوم 

انشطر قلب سمر من كلمات والدتها التي وجب أن تكون اول من يصدقها مهما افتروا عليها لتطفر الدموع الحارة من عيونها وتقول بشفاه مرتجفه وصوت متحشرج بالدموع التي غزت حلقها : انا مظلومه يا امه ....وحياه عيالي مظلومه .....انهمرت دموعها وتابعت بقهر : اتظلمت من راجل بالاسم عشان ماليش حد يقف له ودلوقتي بتظلم من اختي 

مالت علي يد والدتها تقبلها وهي تتابع بتوسل : اقفي معايا يا امه وقولي ليهم ان انا مظلومه وان دنيا هي اللي اتفقت مع عبد العزيز وافترت عليا 

هزت فاطمه راسها بقله حيله ممزوجه بالقهر : ومين هيصدق يا بنتي 

نظرت فاطمه الي والدتها وهتفت بها : هيصدقوا يا امه ...جوزها لو عرف باللي هي مخبياه هيصدق أنها تعمل كده 

هزت فاطمه راسها سريعا برفض وقالت باستنكار : عاوزاني أفتش سر اختك واخرب بيتها  ....هزت راسها مجددا وهتفت برفض : 

لا ...ده دياب مش بعيد يطلقها وياخد منها عيالها 


ارتجفت شفاه سمر وطافت عيناها بملامح والدتها وكأنها تتأكد من أنها والدتها من تنصف الظلم وتبخس حق المظلوم لتخرج كلماتها من ثنايا قلبها المنشطر بعتاب : صعبان عليكي بيتها وعيالها طيب وعيالي انا مش صعبانين عليكي يعيشوا بعار امهم

أمسكت فاطمه بيد ابنتها واجلستها بجوارها وهي تتابع بتخازل : سلمي امرك لله يا بنتي ولو ليكي حق هيرجع وبلاش تسلمي ودانك للشيطان وتردي بالشر 

نظرت سمر الي والدتها بخزلان : عاوزاني اسكت علي الظلم يا امه 

قالت فاطمه وهي تبعد عيناها عن عتاب عيون ابنتها : عاوزاكي ترضي بنصيبك ..... انتي كده كده مكنتيش متلهفه علي الجوازه دي واهو خلاص كل واحد راح لحاله ...بلاش نفتح في الكلام عشان من لسان للسان الكلام هيكتر عليكي 

زمت سمر شفتيها المرتجفه بقهر وسحبت يدها من يد والدتها وقامت من جوارها تجر قدميها التي بالكاد تحملها لتصل الي باب الغرفه الذي قبل أن تخرج منه التفتت الي والدتها والقت لها نظره عتاب قاسيه نحرت قلب فاطمه التي سرعان ما خفضت عيناها بعيد عن مرمي نظرات ابنتها وهي تبرر لنفسها بأنها ام تحافظ علي بيت ابنتها التي حتي وان صدق قلبها في إحساسه أنها فعلت هذا باختها إلا أنها رفضت أن تعترف بهذا كما رفضت طوال تلك السنوات أن تعترف بسوء خصال ابنتها ولم تسأل من اين تأتي بكل تلك الأموال !

..........

....

تمهل هادي بالسياره ليدخل بها من بوابه المنزل المفتوحه ويوقفها جانبا ويلتفت الي وصال التي غلبها النعاس بجواره ....قبل أن يتحرك كانت عيناه تقع علي الدرج الحجري أمام المنزل وسرعان ما يعقد حاجبيه وينزل مسرعا وتسبقه نبرته القلقه حينما وجد والدته جالسه بتلك الطريقه فوق الدرج الحجري : ايه يا امه في ايه ...مالك ؟!

قالت حميده وهي تلوي شفتيها : هيكون مالي قاعده مستنياك ....لهو انت فين انت ومراتك من الصبح ومش بترد علي تليفونك ليه 

ابتلع هادي وتنهد بارتياح بينما يمد يداه الي والدته لتقف : معلش يا امه وصال كانت بعافيه ومكنتش فايق ارد ....تعالي قومي معايا 

اتسعت عيون حميده وهتفت بقلق وهي تنظر تجاه السياره : مالها ....الواد جراله حاجه 

هز هادي رأسه وهو يمد يداه الي جيبه يخرج منه مفتاح المنزل : لا يا امه الحمد لله الواد وأمه بخير ...خدي المفتاح وافتحي علي ما اجيب وصال من العربيه 

قبل أن يتحرك هادي كانت وصال قد نزلت من السياره وهي تنفض عنها ذلك النعاس العميق الذي غرقت به ليسرع هادي ناحيتها والقلق يسبقه : تعالي ...تعالي وبلاش تمشي .

هزت وصال راسها بينما مال هادي ليحملها : لا يا هادي أنا كويسه 

رفض وسرعان ما حملها بين ذراعيه وهو يهتف بوالدته : افتحي الباب يا امه 

فتحت حميده الباب وهي تزم شفتيها بسخط واضح بينما تري ابنها يحمل زوجته ويخشي عليها من مجرد نسمه هواء 

مال هادي ليضع وصال علي الفراش بينما همست له برجاء أن ينزلها خجلا من والدته التي جلست في المقعد المقابل لها ورفعت حاجبها متساءله : وهو ايه اللي قومك من فرشتك لما انتي بعافيه يا مرات ابني 

قالت وصال بهدوء : الحمد لله انا كويسه يا طنط ...احنا بس كنا بنخلص ورق رجوعي لشغلي 

اندفعت الدماء الساخطه الي وجه حميده التي أدارت رأسها تجاه ابنها باستنكار أدركه هادي جيدا وتجاوزا للموقف كان يقول لوصال بينما بعفويه يجثو امامها علي الأرض لينزع حذاءها حتي لا تنحني : تعالي ريحي انتي شويه يا وصال 

لو كانت النظرات تقتل لكان هادي صريع نظرات والدته التي كادت عيناها تخرج من موضعها وهي تري ابنها يخلع حذاء زوجته لتضع وصال يدها سريعا فوق كتف هادي وتقول بامتنان وهي تنحني لتخلع الحذاء الاخر : تسلم ايدك ...متتعبش نفسك انا كويسه 

كورت حميده قبضتها وزمت شفتيها ومليء السخط نظراتها وهي تتبرطم بينما تسحب نفسها خارج الغرفه : انا قاعده برا يا هادي خلص وتعالي عاوزاك  ....! 

تحركت حميده ذهابا وإيابا بحنق كبير في أرجاء البهو بانتظار خروج هادي الذي همست له وصال بعتاب : حبيبي مكانش فيه داعي تعمل كده ...اكيد مامتك اتضايقت

هز هادي رأسه وقال برفق : متشغليش بالك وخليكي مرتاحه ...انا هشوف امي واجيب ليكي حاجه تاكليها 

هزت وصال راسها برجاء : لا متتعبش نفسك عشان خاطري ....انا كويسه وهنام بس شويه وبعدين نبقي نقوم نجهز العشا سوا 

ابتسم هادي لها ومال يقبل جبينها قائلا بحب واهتمام : تعبك راحه يا شهد العسل 

رفع الغطاء فوقها وهو يقول بحنان : يلا نامي شويه !

........

....

اومأ دياب الكبير وقال وهو يغلق الدفتر الكبير المفتوح أمامه : يبقي حصه السماد الدور ده من نصيب هادي 

نظر دياب الي جده باستفهام : بس دي حصتنا يا جدي  

نظر دياب الكبير قائلا ببساطه استغربها دياب : وماله يا بوي واحد وهي يعني الحصه هتروح لحد غريب ...اهو عنده وعندنا واحد وبعدين احنا واخدين اربع حصص وعندنا وزياده بلاش يشتري هادي بالغالي وخليه ياخد الحصه الدور ده ...نظر إلي حفيده وتابع : ولا انت ممانع 

هز دياب رأسه وقال بصراحه : مش ممانع يا حاج بس مستغرب 

نظر له دياب الكبير باستفهام : مستغرب من ايه ؟

قال دياب دون مراوغه : منك يا حاج ...ايه اللي غيرك ما كنت من كام يوم واقف لهادي في كل حاجه دلوقتي بتقول واحد 

قال دياب الكبير بمكر : ماهو احنا واحد وبعدين النهارده غير امبارح علي رأي السوق ....النهارده اختك حامل والواد اللي جاي ابننا يملك الكتير من أبوه يبقي اخد منه ولا ازوده 

اندفعت الدماء الي وجه دياب وهتف باستنكار : تاني يا جدي هتدخل البيوت في الشغل ...قولتلك طلع وصال برا حسابات الشغل 

هز دياب رأسه قائلا : وهو انا دخلتها ...انا بزود مال ابنها 

انتفخ صدر دياب بالحنق ليمسك دياب الكبير يده قبل أن يقوم : اقعد يا بوي و متبقاش حمقي...انا بفهمك يا واد اللي جدك يفهمه عنك ....دلوقتي انا كل اللي عملته عملته ليه ..عشان اأمن مستقبل اختك وعداوتي مع هادي كانت بس كرباج في الهوا عشان يفهم أن لها كبير يعرف يجيب حقها إنما طول ماهو ماشي معاها بما يرضي الله يبقي زيه زيك في غلاوتك فهمتني !

............

.....

التفتت حميده الي ابنها وسرعان ما هتفت به بتوبيخ : الله يرحم ابوك ده كان لسه عايش وشافك قاعد تحت رجل مراتك كان طب ساكت 

ابتلع هادي توبيخ والدته وقال ببساطه : ادي انتي قولتي يا امه مراتي وتعبانه وحامل في ابني يبقي فيها ايه لما اقعد تحت رجلها ....نظر إلي والدته وتابع : وهو لو انا تعبان مكانتش هتقعد تحت رجلي 

هتفت حميده بسخط : تقعد غصب عنها خدامه تحت رجلك 

هزت هادي رأسه وتنهد بضيق هاتفا : تقعد محبه يا امه مش غصب عنها ولا انا متجوزها عشان تبقي خدامه 

نظرت له حميده بحنق ليقول هادي وهو يغاير الموضوع : ها يا امه طمنيني جايه ليه ...حد ضايقك اوعي تكون البت احسان ...قاطعته حميده ساخره : بقي احسان تضايقني امال اللي شوفته من بنت مهجه اسمه ايه 

انتفخ صدر هادي الذي لا يجد برأسه مكان لجدال مع والدته التي تابعت متبرطمه : الحق عليا جيت اشوفها ....اتاري انا جايه يتحرق دمي وانا شايفه ابني قاعد تحت رجلها 

نظرت له بسخط وتابعت : وبعدين ما بزياده تنطيط ...شغل ايه اللي داير وراها فيه يا اخويا سوف شغلك وحالك ومالك 

أن يدخل في جدل أو يجيب لذا قال وهو يشمر ساعديه : اقعدي يا امه انتي مش غريبه علي ما ادخل اعمل ليها لقمه تاكلها 

اتسعت عيون حميده وهتفت باستنكار : ومن امتي بتقف في مطبخ ولا بتمد ايدك في ماعون. .. لالا ده كتير ...ايه لهي اول واحده تحمل ما غيرها بتحمل وتولد وتقوم تخدم بيت بحاله ولا علي راسها ريشه بنت مهجه 

زفر هادي بضيق : وبعدهالك يا امه انا مش متحمل كلام وحديث ...يا ستي انا راضي ومحدش جابرني ...رفع يداه بسخط وهتف بضيق شديد ...ايييه يا بوي حرام اعمل لمراتي لقمه وهي بعافيه !

انتفخ وجه حميده بالحنق : بتعلي صوتك عليا يا هادي 

زفر هادي ونظر الي والدته التي لا تكل ولا تمل من افتعال جدال ليهتف بها : حقك عليا يا امه ....قوليلي اعمل ايه يريحك 

نظرت له حميده بسخط واشاحت بوجهها هاتفه : ولا تعمل اي حاجه .....عادت لتلتفت إليه وتنظر له بتهكم مبطن بينما تتابع : اقعد يا سيد الرجاله وانا هدخل اعمل لبنت مهجه لقمه 

هز هادي رأسه ولكن حميده صممت لتسبقه الي المطبخ الذي وقفت بمنتصفه للحظات قبل أن تهتف متبرطمه : انا ولا اعرف أقف في مطبخ غير مطبخي ....انا هعاود اعمل ليها الاكل وابقي شيع ليا حد من صبيانك ياخده 

هز هادي راسه وحاول الرفض : يا امه مفيش داعي انا هتصرف 

هتفت به حميده وهي ترفع حاجبها : وتتصرف ليه ...كنت عدمت امك ....ربتت علي كتفه وتابعت : امك علي وش الدنيا وهي بس اللي تريحك ....خفتت نبرتها بينما تتابع بتبرطم : مش زي اللي بتقل قيمتك !

............

....

شهقت احسان وضربت صدرها بيدها بينما تشفت بها عيون قدورة التي ألقت المزيد من البخور في القدر امامها وهي تتابع : عرفتي بقي يا حبيبه ايه اللي حماتك مخبياه عنك 

هزت احسان راسها وقالت بغل وحقد : حامل ....مراته حامل 

اومات قدورة بتشفي : أيوة يا اختي .....نظرت إلي بطن احسان التي بالكاد انتفخت : امال فاكره هتبقي لوحدك ام الواد ....ده التانيه هتبقي ام واد واتنين وتلاته وبكره حميده تاخد العيل منك وتقولك بالسلامه 

نظرت أحيان الي قدروة بعيون زائغه تترجاها : طيب اعمل ايه يا قدورة ...شوري عليا ..!

.........

.....

دخلت حميده وهي تنزع طرحتها من فوق راسها وتنادي بصوت عالي : احسان .....بت يا احسان 

استغربت حينما لم تتلقي رد وازدادت دهشتها حينما لم تجدها في المنزل بأكمله لتتوعدها وهي تدخل الي المطبخ بغيظ : هتفلتي من ايدي انتي كمان يا بنت عليوة ولا ايه .....مش كفايه بنت مهجه 

ضيقت عيناها وتابعت : لولا عارفه انك الوحيده اللي هتقدري تطفشي بنت مهجه انا كنت رميتك برا بس ملحوقه ....تولدي بس وبعدها هطلع علي جتتك عمايلك دي !

....

.........


استغرب دياب عدم رؤيته لبهيه لدي عودته متأخرا بينما اعتاد أن تقف بانتظاره في الشرفه ليضع عباءته علي كتفه ويدخل الي المنزل الذي عمه السكون بهذا الوقت من الليل .....لم تكن بهيه بانتظاره بل كانت دنيا التي وقفت بتحفز أمام باب غرفتها وهي تضم روبها الحريري حول جسدها ....نظر لها دياب رافعا حاجبه : مالك يا بت واقفه كده ليه ؟!

قالت دنيا ببرود وهي تتجه إليه : مستنياك ....ايه بلاش استني جوزي وأبو عيالي 

سحب دياب نفس عميق وهتف بها : عاوزة ايه ؟!

قالت دنيا وق

هي تتوقف أمامه وتقول باغواء جريء : عاوزه حقي فيك يا دياب 

حك دياب عنقه وبعفويه كانت عيناه تتجه ناحيه باب غرفه بهيه المغلق لتنظر له دنيا بحقد وتهتف بغيره : انت كنت امبارح عندها يبقي الليله ليا انا ...ده حق ربنا 

حقها وطلبته حتي وإن لم يرغب به فهو مجبر ليهتف بها  

بضيق : طيب ادخلي وانا هبقي اجي وراكي 

نظرت له بغيره : هتروح عندها الاول !

اوما دياب دون مراوغه : اه عندك مانع 

هزت دنيا راسها وقالت ببرود بينما اعتادت أن تفرض نفسها وتقتنص حقها لتثأر من بهيه وتحرق قلبها 

: لا اعمل اللي يعجبك يا دياب ...انا هستناك جوه 

نظر دياب في أثرها بسخط والف فكره وفكره تراوده ولكن امام عيناه طفلان لا ذنب لهم ليفرقهم عن والدتهم 

فتح الباب ليستغرب الظلام الدامس الذي غرقت به الغرفه ...مد يداه الي الضوء الخافت بجوار بهيه التي ظنها نائمه لولا سماعه لتلك الشهقات الخافته تخرج من صدرها ....التاع قلبه ومال عليها سريعا بينما دفنت وجهها بالوساده : بهيه ...مالك يا حبه قلبي انتي بتبكي 

هزت بهيه راسها وازدادت شهقات بكاءها لتزداد لوعه قلبه ويميل عليها يحتضنها وهو يتناول رفع وجهها عن الوساده : مالك يا بهيه بتبكي ليه ...حد زعلك يا بنت الناس ردي عليا قلبي اتخلع ! 

............

....

فتحت وصال عيناها علي صوت هادئ الذي ناداها برفق وهو يضع بجوارها صينيه عليها الطعام : قومي يا شهد العسل كلي لقمه 

ابتسمت وصال له وهي تعتدل جالسه واول ما فعلته هو احتضان ذراعه بينما كل يوم يزيد من جرعه حبه ودلاله واهتمامه بها : حبيبي ربنا يخليك ليا 

قال بحب وهو يقبل راسها : ويخليكي ليا يا شهد العسل  ..يلا تعالي كلي انتي ماكلتيش حاجه من الصبح 

وضع يده برفق علي بطنها وتابع : لازم المعلم الصغير جعان 

اومات له بحماس : اوي 

وضع الصينيه امامها لتقول بدهشه وهي تري كل هذا الطعام : انت عملت الاكل ده ....انا نفسي معرفش اعمل اكل كده 

هز هادي رأسه ضاحكا : ولا انا ....دي امي عملته ليكي بايدها وبعتته 

نظرت له وصال للحظه بعدم تصديق ليضحك هادي ويهز رأسه : مالك ...مش مصدقه 

قالت وصال وهي تهز راسها : بصراحه اه ...نظرت إلي هادي برفق وتابعت : انا توقعت انها اتضايقت لما قلعتني الشوز 

هز رأسه وقال ببساطه : وهي هتتضايق ليه ...يلا بكفايه كلام وافتحي بوقك 

ضحكت وصال وقالت بدلال : كمان هتأكلني بايدك 

.........

... 

تمزق نياط قلب دياب بينما جلس بجوار بهيه التي لم تبارح فراشها منذ الصباح ليقول بحنان شديد : بهيه 

لم يتلقي منها رد بل دفنت وجهها بالوساده أكثر تبكي بقهر لم يحتمله دياب الذي سرعان ما ضمها إليه يطبطب علي وجعها الذي هو نفس وجعه ولكنه أضعاف لانه لا يحتمل وجعها الذي هز اركان قلبه حينما قالت بصوت متحشرج بالدموع : انا ارض بور يا دياب ... 

تهدج صوتها بالبكاء ليوقفها دياب وهو يضمها إليه أكثر هاتفا 

: بزياده بكي يا بهيه ...ربك كريم 

خرج صوت بهيه المنكسر يردد : ونعم بالله 

رفعت إليه عيناها الباكيه وتابعت : حقك عليا أن كل اللي دفعته راح علي الأرض ...انا مفيش مني رجا 

هز دياب رأسه واحتضنها أكثر لتغرق دموعها صدره الذي جاش بالحزن من اجلها !

.......

نظرت حميده الي احسان التي دخلت من الباب لتقف امامها بتأهب وسرعان ما تجذبها من ذراعها بحنق : كنتي فين يا بت ؟!

نزعت أحسان ذراعها من يد حميده بجرأه وهتفت ببرود : كنت بطل علي امي ...اوعي أيدي يا امه 

نظرت لها حميده بغضب بينما بدأت تتجرأ عليها لتهتف بها بسخط : ازاي تطلعي من غير ما تقولي ليا 

قالت احسان ببرود وهي تشيح بوجهها : انا حره اعمل اللي يعجبني 

نظرت لها حميده بصدمه لتنقض علي ذراعها بغضب شديد : عمل لما يسخطك من أمتي يابت بتقفي قدامي وتردي عليا ....وربي لهقول لهادي وهو يشوف له صرفه معاكي 

قالت احسان بجرأه : مالوش كلمه عليا ....نظرت إلي حميده وتابعت بسخط : يردني وقتها بس يبقي له كلمه عليا ...غير كده انا حره 

تركت حميده تغلي بالغضب واتجهت الي غرفتها بينما نفذت تعليمات قدورة وضغطت علي حميده بينما لا سبيل اخر امامها .....يردها إليه وتخبر وصال بكل شيء ووقتها ستثبت أقدامها بالمنزل الذي وجودها به أصبح كورقه في مهب الريح ستطيرها بأي لحظه ما أن يحدث شيء لهذا الحمل الذي تخفي ماهيته عن الجميع وتتشبث به لأنه طوق نجاتها !

..............

......

غلت المراجل برأس دنيا التي طرقت علي الباب بعنف بينما استشعرت غياب دياب الذي لم يبارح جوار بهيه 

نظر لها دياب بحنق وهتف من بين أسنانه : في ايه يابت ؟!

قالت دنيا بصوت عالي قاصده أن تسمع بهيه : انت مش قولت هتبات عندي 

زجرها دياب بحنق من بين أسنانه : روحي نامي انا هبات هنا 

نظرت له دنيا بغيره حارقه وكادت أن تتحدث ولكن دياب اخرسها بوعيده : مش عاوز اسمع كلمه وانجري علي اوضتك بدل ما اختم الليله بيكي !

..........

....

نظرت بهيه بعيون دامعه الي دياب الذي عاد الي جوارها لتقول برفق : روح لها يا اخويا ...غص حلقها بينما تتابع : هي وعيالك اللي باقيين لك ..انا مفيش مني رجا 

نظر لها دياب بعتاب : كده برضه يا بهيه ....ضمها إليه بحنان وتابع : انا ماليش غيرك في الدنيا 

قبل رأسها وقال بحنان وهو يتوسد الفراش بجوارها : تعالي في حضني وكفايه بكي ...!

.............

....

تقلب هادي في الفراش الي الجهه الأخري ليفتح أحدي عيناه بينما استشعر بروده الفراش بجواره ليعتدل جالسا سريعا وينظر في ارجاء الغرفه وهو ينادي بلهفه اسمها خشيه عليها : وصال 

قام من الفراش واتجه خارج الغرفه وهو ينادي اسمها بقلق لتقابله بوجهها الصبوح وهي تبتسم له بينما تخرج من المطبخ وهي تحمل صينيه اعدت له عليها الأفطار الذي اسرع يأخذه من يدها وهو يقول بعتاب : قومتي من فرشتك ليه يا شهد العسل ؟!

قالت وصال بسماحه وهي تبتسم له : انا كويسه اوي الحمد لله...نظرت له بحب وتابعت : قولت اجيبلك الفطار في السرير وادلعك زي ما بتعمل معايا 

ابتسم لها وأخذ يدها باحدي يداه بينما بيده الأخري حمل الصينيه التي وضعها علي الطاوله وجلس واجلسها بحضنه : وانا مش عاوزك تعملي اي حاجه الا انك ترتاحي انتي والمعلم الصغير 

ضحكت وصال قائله : المعلم الصغير كويس وبيقولك متقلقش كده 

نظرت له بحب وتابعت متنهده وهي تنظر إلي عيناه : تعرف يا هادي لولا أن قلبي في إضعاف حبك ليا كنت فكرت أن كل اللي فارق معاك البيبي 

هز رأسه قائلا بتأكيد : قولتلك قبل سابق غلاوتك في قلبي زايده بالعيل أو من غيره 

ضمها إليه وتابع بحراره : انتي غاليه اوي عندي يا شهد العسل 

تركت نفسها في حضنه وتشبثت به أكثر وهي تتنهد بحب قائله : وانت كمان يا هادي 

استغرب وعقد حاجبيه بينما تعالي رنين هاتفها في هذا الوقت المبكر ....

نظر إليها بقلق وهي تجيب علي دياب الذي همس لها بحاله بهيه النفسيه السيئه لتتغير ملامحها وتقول برفق : متقلقش يا دياب  ...انا جايه 

نظر لها هادي بقلق لتقول : بهيه تعبانه شويه ودياب قلقان عليها ...انا هروح اشوفها 

لاح الرفض في عيون هادي : وانتي تعبانه ولازم ترتاحي 

قالت وصال برجاء : انا كويسه يا هادي ومينفعش اسيب بهيه ولا دياب ....عشان خاطري 

أمام رجاءها لم يرفض وغالب قلقه ليأخذها الي منزل عائلتها ويشدد عليها : ساعه زمن يا وصال وبلاش تقفي علي رجلك ...انا اهو مرضتش ازعلك بس انتي كمان متزعلنيش 

قالت وصال بابتسامه : مقدرش ازعلك ....هطمن بس علي بهيه وارجع 

هز رأسه قائلا : كلميني ارجعك البيت 

اومات له ودخلت الي المنزل لتستقبلها مهجه بوجه حزين وتهمس لها : يا عيني علي قهرتها 

قالت وصال بأمل : ولا قهره ولا حاجه يا ماما ليه بتقولي كده 

قالت مهجه بكمد وهي تهمس : اتعشمت علي الفاضي يا بتي 

التفتت تجاه دياب الذي نزل إليها لتحضنه وتشعر بضيق صدره وسرعان ما تصحح فكرته هو ووالدتها : 

وارد جدا ميحصلش حمل من اول شهر  ....مين قال إن العمليه ملهاش فايده أو عشم علي الفاضي 

نظرت إلي دياب وتابعت بشرح :  الفكره كلها أن الحمل محصلش المره دي يحصل المره اللي جايه أو اللي بعدها ولو برضه لسه قدامنا حقن مجهري وأطفال انابيب وحاجات كتير ...احنا بناخد بالاسباب والعلاج بياخد وقت  ....اهم حاجه نفسيتها تبقي كويسه عشان العلاج يجيب مفعول 

نظرت إلي أخيها وتابعت : 

يا دياب المشوار طويل ومحتاج صبر واخر الصبر جبر زي ما ماما بتقول 

نظرت إلي والدتها وتابعت : مش كده يا ماما 

اومات مهجه بأمل إعادته إليهم كلماتها لتقول وصال بابتسامه هادئه : انا هطلع اتكلم مع بهيه 

اومات مهجه قائله : وانا هجيب لها الفطار واحصلك 

.............

....

لولا أطفالها لما كانت سمر بارحت فراشها الذي بكت فوقه طوال الليل ولكن هاهو الصباح اتي وحتي لو كان ثقيل بهمومها فاطفالها لا ذنب لهم لتقوم وتقف تجهز لهم الطعام .....نظرت إلي باب غرفه والدتها المغلق ولم يطاوعها قلبها علي الدخول وبنفس الوقت لم يطاوعها علي ترك والدتها لتقول لأحد أبناءها : قوم يا عبد الله قول لستك تطلع تفطر 

استمعت الي صوت والدتها التي قالت للطفل برفق : ماليش نفس يا ضنايا روح انت افطر مع اخواتك !

جلس الطفل يتناول الطعام مع إخوته وعيون سمر المقهورة تتابعهم بينما هم اخر امل تحيا من أجله ...أنهم سندها في الحياه بعد أن خزلها الجميع واولهم والدتها التي ارتضت لها بالظلم ...!

..........

.....

عادت وصال الي المنزل بخطوات بطيئه بينما لا تنكر أن دموع بهيه المقهورة مزقت نياط قلبها لتسير في الهواء لعل ضيق صدرها يقل ...نعم حاولت أن تبث بها الامل ولكن رؤيتها بهذا القهر والانكسار ضاق به صدرها .....

دخلت الي فناء المنزل لتستغرب من هذا النداء ...يا ست 

التفتت وصال الي تلك المرأه التي وجدتها واقفه بانتظارها لدي باب المنزل لتسألها بدهشه : حضرتك بتكلمينى 

اومات المراه قائله : مش انتي الست مرات المعلم هادي

اومات وصال لتقول المراه وهي تمد يدها الخشنه والتي امتلئت بالشقوق من شقاء سنوات من العمل 

: انا ام حمدي ....بياعه في السوق وكنت واقعه في عرضك

قالت وصال دون تردد : نعم يا حاجه اتفضلي 

قالت المراه وهي تمسح حبات العرق من فوق جبينها : يسمع من بوقك ربنا وازور الكعبه وادعيلك ربنا يجبر بخاطرك زي ما ما انتي بأمر الله هتجبري بخاطري في الطلب اللي جيالك عشانه

قالت وصال دون تردد : طبعا أأمري يا ست ام حمدي 

ترددت المراه قليلا قبل أن تقول بينما شجعتها نبره وصال : انا عندي اربع عيال شقيت عليهم وتعبت لغايه ما جوزت البنتين وباقي ليا حمدي وأخوه اسم الله عليه الصغير محمد وحمدي وده يخطب وشاف بنت جارنا واتكلم عليها وقولنا نشبكها بس العين بصيره والايد قصيره وانا محلتيش الا حته حلق بعته وجبت له الدهب يشبك بيه بس البت زي بنات اليومين دول لازمها فستان وزفه وانا معادش معايا مليم وصعب عليا كسره نفس الواد فقولت اجيلك تكلمي المعلم يزق معايا بقرشين 

لم تتردد وصال لتقول سريعا : طبعا يا ست ام حمدي ...بس كده من عنيا 

ابتسمت لها المراه وأخذت تدعو لها لتقول وصال : انا هاخدك واروح له واكلمه 

نظرت إلي المرأه بسماحه وتابعت : بس الاول تعالي اشربي حاجه 

قالت المراه بقلب منشرح : اشرب نهار فرحتك بعيالك يا رب ....انتي بس كلمي المعلم وانا هستني منك البشاره 

سارت وصال مع المراه تتحدث لعل ضيق صدرها يخفت لتجد نفسها واقفه لدي اول الوكاله 

قالت المراه وهي تشير إلي تلك الاقفاص التي افترشت فوقها بعد الخضروات : دي فرشتي هقعد واستني منك البشاره 

اومات وصال وربتت علي يد المراه واتجهت الي داخل السوق  ..... 

تعالي صوت هادي الذي جلس خلف مكتبه يتابع العمال : براحه يا واد وانت بتشيل .....عشري شوف صبي غيره بدل ما وقع نص القفص وهو بيشيل 

قال الصبي باعتذار وهو ينحني يجمع ما سقط منه : حقك عليا يا معلم  

قال هادي بحزم : اللي وقع سيبه وخد قفص تاني ويلا روح علي العربيه حمل مع باقي الصبيان 

قال عشري وهو ياخذ الصبي : تعالي يا حمو ورايا 

تراجع عشري سريعا بينما كاد يصطدم بوصال التي وقفت تتابع ما يحدث ....انتبه هادي إليها وسرعان ما هب من مكانه وهتف بقلق : وصال ...مالك ؟!

قالت وصال بهدوء تطمأنه : مفيش يا هادي ...جيت اشوفك 

نظر لها كالابله بينما كل ما اختطف عقلها هو حزمه مع الصبي الصغير الذي استصعبت أن طفل مثله يعمل ويحمل تلك الاقفاص لتقول بعتاب : حرام يا هادي ليه زهخقت له ...ده صغير 

نظر هادي لها بدهشه وقلق : سيبك منه قوليلي جايه الوكاله ليه 

قالت وصال بتأثر : اسيبني منه ازاي واصلا حرام اطفال زيه تشتغل ....هادي حرام اديله فلوس وخليه يروح 

قال هادي وهو يأخذ بيدها ويدخلها الي الداخل مشيرا للصبيه بترك ما بيدهم والوقوف خارجا : بياخد فلوس تمن شغله يا وصال وده حال الدنيا ...لولا محتاج هو وأهله مكنش هيشتغل 

رفض أن يدخل معها في هذا الحديث الذي لن يغير شيء من ميزان الدنيا فهذا هو الحال لتبقي ملامح الحزن والتأثر علي وجهها بينما يبقي هادي بقلقه من سبب مجيئها وعتابه لها : انا مش قولتلك كلميني اروحك من بيت أهلك تقومي تيجي لغايه هنا 

قالت وصال وهي تهز كتفها : نسيت تليفوني في البيت ولما رجعت حصل حاجه جيت أقولك عليها 

نظر لها بلهفه ممزوجه بالقلق : حاجه ايه ؟!

أخبرته بما حدث فلم يتأثر مثلها بينما يعيش وسط هؤلاء الكادحين يوميا وما سمعت به من تلك المرأه لا شيء مقارنه بما يراه ويسمع عنه كل يوم بينما برقه قلبها ظنت أن بيده اعاده توازن الميزان ليقول برفق : طيب تعالي ارجعك البيت وانا هبقي اشوف الموضوع ده 

قالت وصال برجاء : لا شوف دلوقتي ...هادي انت عندك فلوس كتير فيها ايه لما تساعدهم

قال هادي بهدوء وهو يأخذها الي الخارج : مفيهاش يا بوي ...تعالي اروحك ونبقي نتكلم بعدين 

: وصال 

استغرب دياب الكبير رؤيتها بينما كان للتو يصل الي السوق : في ايه ؟!

قال هادي بهدوء : مفيش يا حاج ....ابدء المزاد وانا هروح وصال وارجع ...!

قالت وصال برفض : مزاد ايه دلوقتي ...وموضوع ام حمدي 

عقد دياب حاجبيه باستفهام: ام حمدي مين 

قال هادي بتجاوز : هبقي افهمك ...يلا ياوصال ورايا اشغال خليني اروحك 

نظرت له وصال بحنق وهتفت به : والموضوع 

تدخل جدها قائلا : وبعدهالك يا بتي ..اسمعي كلام جوزك ...يلا خدها يا هادي 

..............

....


زفره تلو الأخري تبارح صدر هادي الذي وجده دياب الكبير يلتفت إليه فجاه ويهتف بغيظ : بالك انت يا حاج قسما بالله ما حد غيري يتحمل حفيدتك دي 

رفع دياب حاجبه ونظر الي هادي بتأهب : اوعي تكون زعلتها يا هادي 

زفر هادي مجددا بنفس الغيظ وهو يهز رأسه : وانا اقدر ....! 

نظر دياب الكبير الي حفيده المتأهب يزجره بنظراته

وهو يسأل هادي : خير يابوي عملت ايه وصال !! وايه حكايه ام حمدي دي 

نظر هادي إلي دياب الكبير قائلا من بين أسنانه  :  مجنناني ياحاج ..امبارح كانت بعافيه وانا مشدد عليها ترتاح اقوم الاقيها جايه لغايه هنا ...تنهد وتابع بصدق : انت عارف معزتها وغلاتها عندي ياحاج ولولا كده ...زم شفتيه بغيظ بينما يتذكر أفعالها به وهو يتابع : لولا كده كان زمانك كل يوم قاعد في مجلس علي اللي بتعمله فيا وانا متحمله بس عشان قلبها الطيب 

تنهد وتابع : افهمها ايه بس يا حاج ....ما انت عارف حال الدنيا ... صعبان عليها الصبي وكأن قلبي حجر متعرفش أن كلنا خدامين لقمه العيش ... يلا اهو مسيرها تفهم 

افلتت ابتسامه ماكره من شفاه دياب الذي نظر إلي هادي بشماته وهو يقول بمغزي : اهو خلص شويه من ذنوبك واعمل الف حساب للي هتعمله لما تكشف المستور 

التقت نظرات هادي بدياب الذي نظر له بشماته مجددا وتركه يتقلي بغيظه ...!!

: قلبها من دهب وعقلها يوزن بلد اوعي تنسي كده يا هادي  !

.........

...

عقدت وصال حاجبيها ونظرت الي هادي باستنكار : ليه ؟!

قال هادي برفق : عشان ده الصح .....يا وصال الواد لما هو مش قد فتح بيت بيطلب بنات الناس ليه 

نظرت له وصال بانفعال : وانا كنت بكلمك ليه ..مش عشان تساعده 

اوما لها وقال بصبر وعقلانيه : ولو ساعدته النهارده بعد كده هيعمل ايه ....يا وصال فتح بيت مش بالساهل بصي حواليكي وشوفي الدنيا ماشيه ازاي ...ده ارزقي يعني شغال يوم بيومه يقوم يحمل نفسه مسؤوليه بيت ولا يشوف لنفسه شغل ثابت ..... الراجل لو مش قادر من اولها يفتح بيت وياخد مسؤوليه واحده يبقي بلاها ويستني لما يقف علي رجله ....ايه يابوي امال يملي عينها ازاي ....لاح الرفض في نظراتها ليتابع بشرح : لو جبت له كل الي يلزمه واتجوز كمان تبقي اصرف عليه وعليها ...اللي بتعمله امه غلط ...لازمن هو يعرف يجيب القرش ويصرف علي بيته عشان هو راجل ...فهمتي 

هزت كتفها بصمت ولكن نظراتها كانت محمله بعدم الرضي ليقول بعتاب : بلاش تبصي ليا كده وكأني بخيل ...انا بتكلم بالعقل 

نظر لها وتابع : ربك كريم وانا شغلته عندي بيوميه كبيرة ...كده لحين ولا اديله قرشين وخلاص 

تهللت ملامح وصال لتوكزه بكتفه: ومقولتش كده ليه 

قال وهو يهز كتفه : عشان عاوزك تفهمي 

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم 




تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !