جبل الجليد ( الفصل الخامس عشر)

1


 
جبل الجليد...› الخامس عشر


قضي سليم الليل يدخن بشراهه يلتهم سيكارة تلو الاخري ينفث بها غضبه شاردا بتلك التي قلبت كيانه راسا علي عقب منذ دخولها حياته.... والاصح منذ أن اجبرها علي دخولها حياته... انه لم يحسب حسابا لوقوعه بحبها بتلك الطريقة التي المت قلبه الذي عجز عن الوصول اليها بأي طريقة... . اغمض عيناه يشعر بحرب طاحنه مشتعله بداخله... حرب تفزع لكبريائة وكرامته ورجولته التي ترفضها وحرب بقلبه الذي كن لها هذه المشاعر التي اضعفته وجعلته يهين نفسه بكل مرة يقترب منها وتبعده... لقد كانت حياته بلامشاعر سابقا وكان مرتاح قوي مسيطر انا الان فهي بأقل تقطيبه من جبينها تدفعه لفعل المستحيل لارضاءها... نفث دخان سيكارته بغضب وهو يفكر بأن قربها منه يضعفه..يضعفه جدا أن تكون زوجته وعلي اسمه تنام بين احضانه ولايستطيع لمسها راضخا لرغبتها ليس لشئ الا لرضاءها فقط... لقد اخطيء حينما فكر بأنها بدأت تكن له بعض المشاعر... لقد خدعه قلبه وصور له هذا لأنه ارادها له.... ولكن عيناها وابتسامتها أخبرته بذلك.... هز راسه باسف... وهو يحدث نفسه... الا تري ماتحمله منها طوال الفترة الماضية. .. لقد تحمل منها الكثير وحاول معها كثيرا دون أن ينتظر مقابل سوي بداية جديدة حتي ظن انه وصل لتلك النقطة لتأتي وتشترط ان تتركة .... اطفيء سيكارته في المنفضة الكريستاليه بغضب واعتدل واقفا وهو يحدث نفسه بأنه ابدا لن يتركها تغادر حتي وان كان ذلك السبيل الوحيد لبدايتهما معا....!!

لم تكن الليلة سهله علي حور ايضا التي شعرت بوغزة بقلبها كلما تذكرت نظرته لها قبل ان يغادر....لتتساءل عن سبب وجع قلبها..؟ الم تكن تكرهه و لاتتمني شئ سوي جرحه والانتقام منه اذن لماذا تتألم لرؤيه عيناه تعاتبها بتلك الطريقة .. لماذا لم تتمسك بجفاءها معه ككل مرة... لم تكن لتشعر بهذا الذنب... وسألت نفسها فجأه هل بدأت تكن له المشاعر... ؟.

عضت شفتيها السفلي بندم فهو لم يرد الا فرصه لبداية جديدة.. وهي ايضا إرادت ان تنسي كل مامضي وتبدأ معه من جديد.. ولكن ماذا تفعل بعقلها الذي يأبي النسيان بتلك البساطة..... ؟... لماذا لم يفهم انها ماتزال خائفة وتريد فقط المزيد من الوقت لماذا اعتبر انها ترفضه وليس انها تريد ارضاء كبرياؤها بأنه لم يأخذها ليثأر لاخته فقط.... لماذا لايفهم انها تريده ان يستمر بما يفعله فهو بالتاكيد يجدي نفعا وهي تراه يفعل اس شئ من أجلها ... هل تحمل منها كل هذا والان لايتحمل فقط بضعه ايام ترضي بها كرامتها لتشعر بأنها غير مجبورة...!? لتشعر بأنه متمسك بها وأنها سيشتاق اليها... هل بعد ان صعد بها سيتركها لدي اخر درجه..!!

.....

نظرت سميحة من نافذة السيارة لتشير للسائق بأن يهديء السرعه قليلا حينما لاحظت هؤلاء العمال مع تلك معدات البناء.... لتمر السيارة ببطء من أمام طارق الذي وقف مع بعض الرجال يشير إليهم ويتحدث فيما ارتدي خوذته ليبدو وسيما للغاية تحت اشعه الشمس الحارقة... التفت نحو تلك السيارة التي مرت بجواره ببطء ليلمح سميحة وقد جلست بالخلف تتطلع نحوه ليبتسم لها وكنها اشاحت بوجهها سريعا بارتباك مشيرة للسائق ليسرع تتمني الايكون قد لاحظ تعمدها التباطيء......

تابعتها عيناه حتي ابتعدت السيارة ليهز راسه بابتسامة وهو يتذكر تلك الفتاة المشاكسه وهي تتشاجر معه كأنها صبي وليس فتاه جميلة مثلها.. .. عاد مجددا نحو رجاله يكمل عمله ولاينكر انها بقيت بتفكيره باقي اليوم...


........

: شفتي ياحور مش قلتلك كل اللي يهمه الموضوع ده...

هزت راسها بنفي : لا يامني مكنش اتضايق كدة... تفتكري يعني لو ده بس اللي همه ماكان عمل كدة ومكنتش همنعه زي ماقالي.. لا انا حاسة اني جرحته اوي واخد كلامي اني مش بحبه....

ابتلع باقي كلماتها بصدمه فور نطقها بتلك الكلمة لتجد مني تتطلع اليها رافعه احد حاجبيها قائلة : وانتي بتحبيه ياحور ؟

قالت بارتباك : لا.. انا بس متلخبطة وبقول اي كلام

نظرت اليها قائلة بخبث : انا قلت برضه.. ازاي تحبيه بعد اللي عمله فيكي.. ده واحد حيوان كل اللي يهمه تكوني معاه في السرير وبس...

احمر وجهها غضبا من حديث مني الملئ بالتهكم والتلميحات تشعر بالغضب من حديثها عن سليم بتلك الطريقة والتي لاتعرف سببها ولكنها فقط لاتريد ان يتحدث احد عنه هكذا .... لتندم بأنها فتحت لها قلبها وحدثتها بأمور حياتها خاصة وهي تشعر بوجود خطب ما في حديثها معها مؤخرا وكأن كل همها ان تشحنها ضد سليم وتشوه صورته امامها .... فكرت بأن تعنفها عن كلامها ولكنها أثرت الصمت.....

نظرت مني اليها لتجدها صامته غاضبه فتفهم انها تجاوزت لتقول باستدراك ; انا اسفة ياحور مش قصدي... بس انتي صعبانه عليا وانتي عاملة في نفسك كدة وهو ولا همه وتلاقيه قضي الليل سهران في اي حته يروق دماغه

قطبت جبينها : قصدك اية...... هو مكنش بايت في البيت امبارح

هزت راسها نافيه : لا.. انا سمعته بيكلم حد في التلفون وبيقول جاي ومن امبارح مرجعش ... تلاقيه عند الست امه ولاسهران مع حد من اصحابه

عرفت مني كيف تشحنها مجددا وتزرع بداخلها الشك تجاهه لتري وجهه حور الأحمر فتقول برفق مصطنع : معلش ياحور انتي بس عشان طيبة زعلانه بس هو ولايستاهل... واهو بان علي حقيقته وسابك... انا بقي لو منك اسيبه الأول وتاخدي حقك منه بأنه يرجع ميلاقيقيش في البيت انتي مش تحت أمره يسيبك ويرجع يلاقيكي...

.........

نظرت عاليه لابنتها التي تجرب ثوب زفافها بسعاده وهي تقول : الف مبروك يابنتي

قالت سما : الله يبارك فيكي ياماما

التفتت لتنظر لنفسها بالمرأه ثم قالت بغرور : اية رايك ياماما.... هبقي اجنن صح ياماما

: طبعا يابنتي انتي زي القمر

رفعت حاجبها : احلي من حور صح

ربتت عاليه علي كتف ابنتها : كل واحد وله جماله ياسما

التفتت لوالدتها بغضب : قصدك انها احلي مني

قالت عاليه بنفاذ صبر لتنهي هذا الحديث :مقصديش ياسما... انا هنزل اشوف ورايا اية

خرجت عاليه لتعود سما للنظر لنفسها بالمرأه مؤكدة لنفسها بأنها من تستحق ادم وليس حور .... ولما لا وهو شخصيه محببه سهل الانقياد سيحقق أحلامها وياخذها يسافر بها للخارج حيث يعمل كمعيد بأحد الجامعات فهل تحلم بحياة افضل...

نظر سلطان لأبنه قائلا : وأية لازمه انك تروح هناك

قال ادم بعدم اكتراث : مش عمي ولازم اطمن عليه

: لا يا آدم مينفعش تروح بعد اللي حصل

قال ببرود : احنا مش خلصنا من العداوة دي وسليم اخدها مني خلاص بقي خايف اني اروح ليه

قال سلطان بضيق : انا مش خايف انا مستغرب لية اصرارك انك تروح لعدنان بعد اللي حصل وانت عارف ان روحتك هتجيب مشاكل

قال وهو يعتدل واقفا : ولا مشاكل ولاحاجة...انا هسلم علي عمي قبل مااسافر وخصوصا انه تعبان

هز سلطان راسه بعدم رضا فهو يفهم جيدا بأن ابنه ذاهب لهدف براسه ويتمني الايكون له علاقة بحور... خاصة وهو يعرف بأن سليم لن يصمت ابدا ان نظر ابنه فقط لها...

نظرت حور لذلك المنظر الحزين الذي رسمته بلوحتها تشعر بوحدة وكأبه شديدة بالرغم من انه لم يمضي سوي ليلة واحدة بعيدا عنها لتتساءل لماذ لم تكن تشعر تجاهه هكذا وهو قريب منها.. هل لابد أن يبتعد لتشعر بأنها تحمل له تلك المشاعر... نظرت للغرفة الخاوية لتهز راسها بأنها بالفعل تفتقده.... لقد تعودت علي وجوده بجانبها... طرقت سامية الباب ودخلت وهي تحمل بضعه اشياء تخص سليم بيدها لتنظر اليها حور متساءله :اية الحاجات دي ياسامية؟

وضعت بعض علب السجائر وولاعته الذهبيه وساعته قائلة : دي حاجات سليم بيه كان سايبها في الاوضة

قطبت جبينها متسائلة: أوضة اية ؟

قالت سامية بحرج : ماهو ياهانم البيه كان نايم في الاوضة اللي في الدور الفوقاني وانا طلعت انضفها بعد مامشي النهاردة الصبح ولقيت الحاجات دي قلت اجيبها...

اتسعت عيناها بصدمة... انه لم يقضي الليل بالخارج كما اخبرتها مني... لقد كان هنا ولم يتركها... نظرت لعلب السجائر لتقول لسامية : كل دي علب سجاير

هزت سامية كتفها : انا رميت زيهم.. باين البيه دخن كتير اوي امبارح

اومات لها حور ومازالت بصدمتها من كذب مني عليها تتساءل هل كانت متعمده ام انها لم تلاحظ وجوده بالاعلي وان كانت لم تلاحظ لما كذبت واخبرتها انها سمعته يتحدث وقد غادر... انها لاتفهم..! مالذي يجعل مني تتدعي شئ كهذا ماذا ستستفيد... ؟

.......

التفتت نحو مني التي طرقت الباب ودخلت قائلة : انا جهزت مش هنمشي

نظرت لها حور تتطلع نحوها تحاول فهم ماتفعله لتقرر الصمت ايضا... هزت راسها قائلة :عندي صداع فقلت هنام شوية

: يعني هتفضلي في البيت

هزت كتفها : لسة بفكر هعمل اية

قضمت مني شفتيها السفلية قائلة : ماشي.. سلامتك.. تحبي اجيبلك دوا

: لا شكرا هنام وهبقي كويسة..

هزت راسها واستدارت لتغادر لتسالها حور : هو سليم برضه مجاش

هزت كتفها قائلة : ماقلتلك ياحور تلاقيه مقضيها ولا في دماغه وانتي بس اللي مضايقة نفسك

اومات لها قائلة : عندك حق..

: انا هروح وبكرة هبقي اجيلك الصبح

............

كانت تفرك يدها بتوتر وهي واقفة لدي باب غرفتها بانتظاره حينما استمعت لهدير سيارته بالفناء لتستمع لصوت خطواته وهو يصعد الدرج... لاينكر انه تفاجيء بوقوفها امامه ولكنه سيطر سريعا علي نفسه وتابع طريقة بضع خطوات قبل ان يتسمى مكانه حينما قالت : سليم..

مضت لحظة وهو مكانه ظنت حور انه سيتجاهلها ولكنه استدار ناحيتها دون قول شئ لتستجمع شجاعتها قائلة : انت رايح فين؟

قال بجمود : هنام عندك مانع

قضمت شفتها السفلي قائلة بارتباك: لا.. بس يعني قصدي.. انت سبت الأوضة... و.. يعني لو زعلان مني مفيش داعي تسيب اوضتك

ضيق عيناه ممرها علي وجهها الذي استحال قرمزيا من الخجل ووجد نفسه

يسب ويلعن بداخله فهي تقتله الان باهتمامها.. هل حقا تريده ان يكون معها بنفس المكان...؟!

قال بتهكم مقصود : ومش خايفة استفرد بيكي..

قطبت جبينها واحتقن وجهها بالغضب فهي غبيه تسرعت لتندفع بهجوم :انا غلطانه اني اهتميت بيك...

استدارت لتعود لتقف مكانها حينما سمعت صوته الغاضب : ومن امتي انا بهمك؟... فكرك اني مش فاهم ان كل اللي يهمك انك تعذبيني وبس...

قالت بأسي : انا اللي بعذبك.. امال اللي انت عملته يبقي اية؟

هتف بغضب وهو يلتفت نحوها : قوليلي اعمل اية عشان اعوضك..اعمل اية عشان انسيكي... . اطلبي اللي انتي عاوزاه... تعالت نبرته وامسك بذراعيها وهو يكمل : هعملك اي حاجة ياحور... الا انك تبعدي...مش هقدر...

كانت عروق عنقه بارزة وعيناه ثائرة بغضب وهو يقبض بيده علي ذراعيها : مش هقدر اسيبك تبعدي عني حتي لو كان الشرط ده اللي هيقربك مني..

ارتبكت دقات قلبها وهي تراه بتلك الحالة... لتنهار جميع حصونه امامها حينما.. رفعت اليه عيناها التي لمح بها الخوف ليجذبها نحوه قائلا بصوت اجش من فرط انفعاله : انا مقدرش ابعد عنك ياحور.. انا بحبك... والله بحبك ومستعد اعمل اي حاجة عشانك بس إلا الشرط ده... لو مش عاوزني أقرب منك انا موافق بس خليكي معايا..كفاية اني اشوفك كل يوم... كفاية انك في حضني انا راضي..

انهي كلماته وهو يدفنها بين احضانه لتقول بخفوت : انا كمان راضيه...

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

1 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !