اسيري ( الفصل الثالث عشر)

14



 اخذت صبا تذرع البهو ذهابا وايابا بعصبية وغضب حتي تعبت فعادت لتجلس علي الاريكه وعيناها مثبته علي باب غرفته منتظرة خروجه في اي لحظة لتصب عليه جام غضبها فهي لن تقبل ان يتعامل معها بتلك الطريقة ....تقدمت بضع خطوات تجاه غرفته ولكنها تراجعت بحنق من نفسها المتردده التي دوما ما تتراجع عن أخذ اي قرار وتخونها إرادتها لتنفيذه 

اما هو فكان جالس في غرفة المكتب يحاول اشغال نفسه بالاعمال حتي لايفكر بها... بعد مرور اربع ساعات نهض عن كرسيه وتوجه للخارج ليقابل نظراتها الحارقه التي وجهتها إليه ولكن قبل أن تنطق بأي كلمه كان يقول باقتضاب : انا مش عاوز اتخانق ولا اسمع اي كلام 

اتسعت عيون صبا وصعد صدرها وهبط بحده بينما تجاهلها واتجه الي الاعلي ....

حزمت صبا أمرها وتوجهت خلفه بخطوات غاضبه لتفتح باب الغرفه بعنفوان ولكن تتسمر قدماها مكانها حينما وجدته بتلك الهيئه وقد بدأ بخلع ملابسه ....استدار رعد ناحيتها بهدوء : في حاجه ؟!

حاولت صبا استدراك تلك الرعشه الخجوله التي سرت في أوصالها من رؤيته هكذا لتدير وجهها وتحاول اخراج نبره صوتها عاديه بينما تقول : اه في !

نظر لها بترقب : في ايه ؟!

رفعت وجهها إليه : في اني مش هفضل محبوسه هنا ولا هقبل الوضع ده 

قال بجديه وهو يستدير إليها: عاوزة ايه يا صبا ؟ 

هز كتفه وتابع : قولتلك أن انا كمان مش عاجبني الوضع ده بس مضطر اقبله....أما موضوع انك محبوسه فهو لاني باختصار مش مستعد اصحي تاني يوم الاقيكي هربانه زي ما عملتي قبل كده 

قضمت شفتيها بينما غلف نبرته بالسخرية لترفع وجهها إليه وتنفلت شفتيها بانفعال : انت عارف كويس انا عملت كده ليه ....

نظر لها بنفس الجديه متساءلا : ليه ؟

نظرت له صبا وعقدت حاجبيها ...هل يتساءل عن السبب لتبتلع صبا قائله : مش عارف 

هز كتفه وزفر قائلا : مبقتش عارف حاجه .... كل اللي عملته واضح أنه غلط من وجهه نظرك وانا للاسف معرفش اعمل غيره ....انا حبيتك وكنت عاوزك ليا تشاركيني حياتي ...حاولت كتير اوصل ليكي كل ما كنت بشوف في عنيكي نظره تديني امل انك هتكوني ليا وبعد ما اقرب اوصل الاقي اني كنت موهوم وان مفيش امل ومع ذلك ميأستش وزي المغفل كل مرة احاول تاني وانا بجري ورا نفس الامل وكل مره اتخبط في الحيط.....واخر حيطه هي ابوكي اللي خالفت ضميري وسكتت علي تجارته واجرامه عشانك ومع ذلك برضه عرفت أن مفيش امل 

كل كلمه كان ينطق بها كانت تلامس قلبها الذي أدرك الان أنه مجرد عاشق مجروح لذا يجرح بلا تفكير حتي وصلت كلماته الي ذكر ابيها فتتغير كل ملامحها وتهز راسها بدون تفكير وهي تقول : بابا مش مجرم 

لم ينفعل أو يغضب بل هز كتفه ببرود قائلا : طالما انتي مقتنعه براحتك 

نظرت إليه وتعلقت عيناها بنظراته التي سرعان ما ابعدها عن عيونها بينما يقول متنهدا : عموما يا صبا انا عارف كويس اوي رفضك ومش محتاج كل شويه تفكريني بيه فعشان كده اقلمي نفسك واتحملي الشويه دول ومش لازم كل شويه اشوف نظرات الرفض اللي في عنيكي دي لانها خلاص وصلت ليا ....قال كلماته واولاها ظهره لتتسمر اقدام صبا بالأرض قليلا قبل أن تجرها وتخرج وكلماته التي لامست قلبها تسببت بتلك الغصه بحلقها ....أنه كما عبر بقليل الكلمات مجرد عاشق مجروح من رفضها الدائم لحبه ...

بحنق شديد ركل رعد الطاوله بينما للمره الثانيه يقف ضعيف امامها وكأنه يتسول حبها لتثور ثائرته ويظل يحترق بهذا الحريق المشتعل بداخله ثوره علي كرامته وكبرياءه وكان الرد الأمثل لأخذ حق كرامته هو تعابير وجهه الغاضبه في الصباح التالي فقد استيقظ بمزاج معكر بينما جلس الي الطاوله يتناول قهوته السوداء بصمت لتتجه صبا ناحيته قائله : رعد 

قال دون أن ينظر إليها بينما ادرك أنها ستتحدث مجددا وهو حقا لا يريد اي حديث  :تعالي عشان تفطري... 

قالت دون ان تنظر الية : لا مش عاوزة 

اغمض عيناه وتنهد بقوة وهو يقول : مش عايز أكرر كلامي تاني... يلا تعالي افطري 

نظرت اليه وقالت بانفعال :قولت مش عاوزة... خرجني من هنا 

مسح وجهه بعصبيه وهو يقول : انا ميتلويش دراعي... مش عاوزة تاكلي براحتك... بس خروج من هنا مش هيحصل زي ما قولتلك امبارح ... انا دلوقتي رايح الشغل لو عرفت ان رجلك عتبت برا البيت مش هيحصل كويس 

نهضت من مكانها واتجهت نحوه قائلة بانزعاج: وانا هفضل محبوسه هنا علي طول ....لانت نبرتها الاي تقول بيأس بينما هي في امس الحاجه للحديث مع اختها :  قولتلك مش ههرب بس سيبني اخرج ....انا اتخنقت 

قال ببرود : وانتي فاكراني خايف تهربي... بصي حواليكي.. مفيش نملة بتدخل او تخرج الا باذني... كان محق في كلماته  فالمنزل عليه حراسة شديدة وكاميرات بكل مكان.. 

تنهدت بيأس قائله :طيب لية مش عاوزني اخرج 

قال ببرود :مزاجي كدة... 

تنهدت بضيق وهتفت : حرام عليك ....بقولك اتخنقت وعاوزة اشوف اختي 

اجتذبت قلبه مجددا حينما ضاق بتصرفاته واراد التراجع ولكن كرامته رفضت أن تتأثر بكلماتها ليتجه الي الباب الزجاجي يغادر وسرعان ما كانت تستمع الي صوت مفاتيحه تدور به وتوصده عليها ...

.....

ارتسمت ابتسامة جانبية علي فمه وهو يلمح سلطان يراقبه من خلال المرأه فقال :خير ياسلطان 

ضحك سلطان ووهو يقول :مفيش ياباشا بطمن علي سيادتك.. شكلك مكشر اوي 

لم يجيب عليه فيما قال سلطان :هو الجواز كدة ياباشا.... شوية دلع والباقي عينك ماتشوف الاالنور نكد في نكد... بس سيادتك ملحقتش انت لسة يادوب متجوز 

ربت علي ذراعه الضخم وهو يقول :طيب خليك في حالك بدل مااوريك النكد اللي علي اصوله ياسلطان 

قهقهة سلطان عاليا وغمز وهو يقول :سايسها.. ياباشا... هما الستات كدة بكلمة تضحك عليهم 

اخفي ابتسامته وهو يقول :وفر نصايحك لنفسك 

تدخل علام قائلا:كنت نصحت نفسك ياخفيف بدل مانت مطلق مرتين متسمعش منه يارعد باشا 

تابعوا ثرثرتهم فيما ضحك رعد فالبرغم من كثرة رجاله الا ان سلطان وعلام لديهم مكانه خاصة في قلبه ولذلك يسمح لهم بتلك التجاوزات 

دخل الي مكتبه فقامت ندي السكرتيرة قائلة :صباح الخير يارعد بيه 

:صباح النور... ابعتيلي جاسر علي المكتب 

;تحت امرك يابيه 

.......


قال جاسر بدهشه : هو رجع علي الشغل 

قالت ندي ; ايوة وعايز حضرتك 

ذهب اليه ودخل الي مكتبه قائلا ;اية ياعريس زهقت بسرعة من شهر العسل 

:جاسر... انا مش ناقصك مش هتبقي انت وسلطان 

ضحك عاليا فهو يعرف سلطان 

نظر اليه رعد باندهاش فهو اليوم يضحك عكس الايام الماضية منذ خناقته مع زوجته 

:اية بتبصلي لية 

:ابدا ياجاسر بيه شكلك مبسوط النهاردة... غمز له فقال جاسر :اه ياسيدي مبسوط...وصالحتها.... انت بقي احكيلي مالك 

قص عليه ماحدث فقال جاسر :لية بس يارعد تعمل فيها كل دة... انت عاوزها تحبك ولاتكرهك

:قلتلك مش فارقة ياجاسر 

اشعل سيكارته وهو يقول :لا فارقة...يعني انت زمان معايرتهاش بابوها جاي تعملها دلوقتي وبعدين اية دماغك الناشفة دي يارعد يعني بعد ماخلاص بقت مراتك تعمل فيها كدة 

:جاسر خلاص بقي اللي حصل حصل

:انت هتشلني... ده انا قلت انك هتلين وتنسي لما تلاقيها قدامك.. تقوم تعمل كدة تكرهها فيك 

:مش قادر انسي انها ضحكت عليا وبعدها هربت

:ماهي معذورة برضه يااخي يعني تصدقك وتكدب ابوها . 

هز رأسه وهو يقول : اقفل الموضوع بقي وخلينا في الشغل 

.......

حل المساء وعاد رعد الي المنزل بعد يوم طويل ومرهق فركن سيارته في موقف السيارات ونزل منها ودخل فاستقبلته سميه التي عادت كما طلب منها قائلة; نورت ياباشا

ليهز رأسه قائلا : شكرا ياسميه ....سوسن فين ؟

قالت وهي تشير الي البوابه : زمانها جايه 

اوما لها وفتح الباب لتدخل ودخل هو خلفها ينظر في أرجاء المنزل بحثا عنها ليقول لسميه: جهزي العشا لو سمحتي 

اتجه للاعلي ليستبدل ملابسه وهو يغالب رغبته في رؤيتها والاطمئنان عليها 

اتجه الي غرفتها وفتح الباب ليجدها جالسة مكانها علي السرير تنظر نحو النافذة الزجاجية الضخمه... اشاحت بوجهها بعيدا عنه فقال ;عاملة اية؟

قالت بغضب : ملكش دعوة 

اتجه الي الاريكة وجلس ينظر اليها بصمت... يحاول ان يجد كلمات حتي لا يبدو أنه تراجع  

بعد قليل طرقت سوسن : العشا جاهز ياباشا

: نازلين

نظر اليها قائلا : يالا عشان نتعشي

قالت بعناد ; مش هأكل 

وجد رعد المدخل ليقول : انتي مش عايزة تخرجي وتشوفي هنا  

نظرت اليه وقالت بلهفة :ايوا 

نهض وهو يقول : طيب يلا تعالي ننزل نتعشي وهسيبك تخرجي زي ماانتي عاوزة وبكره هاخدك تشوفي هنا  

نزلت ولحقها هو حيث بدأت سوسن بترتيب الاطباق علي الطاولة... كان يراقبها وهي تتناول طعامها ببطء وهي شاردة ليسألها ... الاكل مش عاجبك 

قالها بنبرة مهتمة فالتفتت له قائلة :لا بالعكس 

رفع حاجبة قائلا ; طيب متاكليش لية.. انتي من امبارح ماكلتيش 

... ظلت صامته فقرب يده من يدها بحنان بعفوية وهو يقول :مش عملتلك اللي انتي عاوزاه .... كلي بقي 

التفتت اليه وقد دق قلبها لحنانه واهتمامه بالرغم من كل قسوته السابقه ليزداد ارتباك مشاعرها فلم تشعر كم من الوقت تركت يدها اسفل ملمس يده التي استعذب لمستها ومجددا وجد قدمه تنزلق لهويه حبها الذي وقع اسير له منذ سنوات ....

.......


بعد انتهاء العشاء دخل رعد لمكتبه يراجع بعض الاعمال أو ليدفن نفسه بأي شيء يلهي عقله عن التفكير بها  بينما خرجت صبا الي الحديقة بعدما سمح لها بالخروج... تاملت الازهار والورود العطرية بابتسامة وقد عاد اليها هدوءها النفسي... جلست علي المقعد الخشبي واستغرقت باستنشاق الهواء النقي

دخلت سوسن تحمل القهوة لرعد الذي كان منهمكا في الاوراق المفتوحة امامه... قالت :قهوتك يارعد باشا 

قال دون ان ينظر اليها :متشكر 

رفع راسة ونظر اليها ثم سألها ; فين صبا؟ 

:في الجنينه 

أشار لها لتخرج ثم نهض من مكانه واقترب من النافذة ونظر الي الخارج فرأها جالسة علي المقعد الخشبي ليشبع عيناه من النظر إليها قليلا قبل ان يصعد لينام .... بعد قليل شعرت بالبرد يتسلل اليها فاتجهت الي الداخل... توقفت امام سوسن قائلة :هو رعد لسة بيشتغل ؟

:لا ياهانم طلع فوق من شوية 

:ماشي... تصبحي علي خير 

صعدت إلى غرفتها وفتحت الباب ودخلت لتنام هي الأخري وكل عقلها مشتت بكلماته التي أيقنت بداخلها صدقها ولكن كيف تصدق شيء كهذا علي ابيها ...

........

استيقظت هنا وهي تشعر بهذا الدوار مجددا فاسندت راسها للخلف واغمضت عيناها تحاول استجماع قوتها حينما خرج جاسر من غرفة الملابس بعد ان ارتدي ملابسه.. نظر نحوها قائلا بابتسامة:صباح الخير ياحبيبي 

توجهت ناحيته ولفت ذراعيها حول عنقه وهي تقول :صباح النور ياحبيبي... هجهزلك الفزار علي طول 

بقلم رونا فؤاد 

ربت علي يدها وهو يقول :لا ياحبيتي مفيش داعي هخلي مني تعملي قهوة

عاودها الدوار مجددا ليشعر جاسر بها تكاد تقع... اسندها بسرعة وهو يقول بقلق :هنا مالك ياحبيتي

وضعت يدها علي رأسها لتجده يحملها ويضعها علي الفراش برفق... :هجيبلك الدكتور بسرعة

امسكت يده وهمست :مفيش داعي

قال بانفعال :مفيش داعي اييييه انتي مش شايفة حالتك

صمتت لحظة ثم قالت :جاسر... انا حامل

ارتسمت ابتسامة مغتبطة مسرورة علي وجهه وهو يردد:حامل 

اومأت له قائلة :كنت خايفة اقولك.. تفتكر اني بضغط عليك عشان تسامحني 

مسح علي شعرها برفق وضمها لحضنه وهو يقول :حبيتي ده احلي خبر انا سمعته... واردف بحزن مزيف... كدة تخبي عني 

رفعت اليه عيناها بتردد :انت زعلان مني

نفي ذلك محركا رأسه للجانبين :لاطبعا... هنا انا بحبك ومقدرش ازعل منك... انا اه مبتعجبنيش تصرفاتك الطايشة بس ده ميمنعش اني بحبك... وضع يده برفق علي بطنها قائلا :وبعدين انتي ام جاسر الصغير يعني مش هزعل منك ابدا 

قالت باستفهام :جاسر... تاني 

قهقه وهو يقول :اه ياحبيتي عندك اعتراض 

:لا طبعا وانا اقدر 

ضمها لحضنه وهو يقول :خليكي مكانك.. هنزل اخلي مني تطلعك الفطار فوق... واقول لبابا ده هيفرح اوي... ااه وكمان مش رايح الشغل اعملي حسابك احنا هنروح للدكتور نطمن علي البيبي 

اومأت له... :جاسر.. مممكن نروح لصبا اصلها وحشاني جدا 

صمت لحظة ثم قال : طيب ياهنا... هشوف رعد وهخليه يجيبها وييجوا.. 

عاد ليطبع قبله علي جبينها وهو يقول :مش عاوزك تتحركي كتير 

اغمضت عيناها بسعادة لرؤيته سعيدا لهذه الدرجة 


بعد عدة دقائق سمعت طرق علي الباب ليدلف بعدها فريد ووجهه متهلالا وهويقول :الف مبروك ياحبيتي 

ابتسمت له هنا قائلة :الله يبارك فيك يااونكل 

عاد جاسر للغرفة وهو يقول بسعاده :هجيلك حاسر صغير يابابا 

قهقهة فريد وهويقول :هات عشرة ياحبيبي مش واحد بس 

..............

......


حل صباح جديد واستيقظ رعد علي اهتزاز هاتفهه... قال بصوت اجش وهو يجيب علي جاسر : عاوز اية علي الصبح 

اجابه صوت جاسر : لا بقولك اية انت من دلوقتي لازم تحترمني 

:واشمعني النهاردة 

:عشان ياحبيبي هبقي اب 

ابتسم رعد بسعادة فهو يحب جاسر كأخيه وقال :الف مبروك... اذا كان كدة هحترمك طبعا ياجاسر بيه 

;الله يبارك فيك... .... تردد لحظة ثم اكمل :عقبالك يارعد

تنهد جاسر قائلا باقتضاب  :ماشي ياجاسر.. يلا سلام  

توقف اسفل المياة لعلها تهدئ من ذلك اللهيب المشتعل بقلبه... لقد انقلب السحر علي الساحر فهو اراد تعذيبها فاذا به يعذب نفسه بقربها.. انها بجواره ولايستطيع الاقتراب منها.. بجانبه ولايستطيع ضمها لحضنه.. اي غبي هو ليظن انها من ستتعذب......! 

خرج بعد قليل وهو يلف المنشفة حول خصره والمياه تقطر علي صدره المعضل ليتفاجيء بها واقفه بمنتصف غرفته .. اخفضت عيناها واحمر وجهها لرؤيته شبه عاري وقالت بغضب :انت ازاي كل شوية تخرج كدة.. مش في حد معاك في الاوضة 

تلفت حوله وهو يجفف شعره بالمنشفة قائلا : وانا اعرف منين انك هتشرفيني 

دون إرادته لمع العبث بعيناه لحمره وجهها ليقول 

:وبعدين مراتي... يعني عادي اكيد تشوفيني كدة.... واكتر من كدة كمان 

تجاوزها نحو غرفة الملابس بينما ضربت الارض بقدمها وهي تقول : مستفز  

اتاها صوته :انا سامعك علي فكرة 

خرج بعد قليل وهو يضع ساعته الانيقة حول معصمه ليجدها ماتزال واقفة تقطب جبينها...: خير ياصبا علي الصبح ....قولي 

قالت وهي تهز كتفها : انت قولت هتخليني اروح لهنا 

اوما لها 

وهو  يعدل من ربطة عنقه أمام المراه وهو يقول :اه 

قالت بحماس : ثواني وهبقي جاهزة 

أوقفها قبل أن تغادر : جاهزة ايه ....في حد يروح لحد الصبح بدري كده ....لا لما ارجع من الشغل 

هزت راسها بإصرار : لا مش هستني هروح دلوقتي 

تنهد قائلا دون جدال : ماشي براحتك ...انا تحت هستناكي 

أسرعت صبا تستبدل ملابسها وتنزل خلفه 

التفت اليها وقد بدت رائعة بذلك المعطف الوردي الانيق الذي وضعته علي كتفها فوق فستانها الاسود الذي يبرز منحنيات جسدها وقد اسدلت شعرها المموج حول وجهها.. ازدرد ريقه واشاح بوجهه عنها فقالت :انا جاهزة... يلا نمشي

نظر الي تلك الابتسامة المرتسمة علي وجهها والتي لم يرها منذ وقت طويل.. وضع يده علي صدره متعجبا من امره... ان كان يعشق ابتسامتها لهذا الحد فلماذا يسبب لها الحزن؟! 

قطع تفكيره ليقول لها :افطري الاول ... انا هشرب قهوتي في الجنينه لغاية ماتخلصي فطار 

هزت كتفيها وتوجهت نحو طاولة الافطار 

لتتناول الافطار بسرعة ثم توجهت نحوه الباب الخارجي.. وضع نظارته الشمسيه وتقدمها ببضع خطوات بينما هي لمحت هذان الرجلان فور خروجها من الباب 

توقف مكانها وامسكت بسترتة بتلقائية .. التفت نحوها بدهشة فقالت بتوتر :هو انا هروح مع دول.

نظر نحو علام وسلطان الواقفين بجوار السيارة ثم نظر نحوها قائلا ; اه سلطان وعلام هيوصلوكي ويبقوا معاكي 

هزت رأسها ولااراديا وجدها تمسك بذراعه قائلة :لا مش هروح معاهم 

رفع حاجبة بدهشة :وانتي فكراني هسيبك تخرجي لوحدك 

اذن هو لايزال لا يثق بها. هكذا فكرت فقالت

: انت فاكر اني ههرب

لم يكدب ظنها حينما قال..ده اللي عندي.. يا... سلطان وعلام معاكي ياتدخلي جوه ومفيش خروج 

ظلت واقفة مكانها وقالت بغضب:رعد.. انا مش ههرب تاني فلو سمحت بطل كل شوية تحسسني اني مسجونه

بدا كلامها جاد ولكنه لم ينسي انها وعدته من قبل وهربت فقال بغضب.. :انا قلت اللي عندي ومش هفضل واقف جنبك اليوم كله..يلا خلصي 

طفرت الدموع من عيناها وهي تقول:خلاص انا مش عاوزة اروح في حته 

ضم فمه بعصبيه وبدا علي وشك الانفجار فقالت مبررة : انا خايفة منهم.... انت ناسي ان الحيوان اللي واقف هناك ده ضربني 

مسح علي شعره بعصبيه فظنته سيثور عليها لذلك رجعت خطوة للوراء حينما رأته يمسك يدها..ولكنه قال بهدوء. :متخافيش 

رفعت اليه عيناها الدامعه ليرق قلبه علي الفور قائلا :مرات رعد المنشاوي متخفش من حد...

لم يكد يهدئ حتي اكمل بتحذير وهو يمسك بيدها : واخر مرة تجيبي سيرة اللي حصل... وسلطان اتعاقب علي انه مد ايده عليكي... 

توجهه نحو السيارة وقال لعمر السائق :خلاص ياعمر هسوق انا خليك انت 

واشار لسلطان وعلام ان يتبعوه بالسيارة الاخري 

جلست بجواره فيما التف هو حول السيارة وجلس في مقعد السائق...

لم تنكر انها سعدت جدا بتغيره معها منذ امس فقد سمح لها بالخروج وسياخذها الي اختها وتفهم موقفها الان وجدت نفسها تبتسم بسعاده وهي تنظر نحوه وهو مركز امامه علي الطريق 

توقف امام منزل جاسر فارادت ان ان تنزل ولكنه امسك يدها قائلا :استني.. 

نظرت له باستفهام :في ايه.؟ 

نظر اليها وهو يقول: انا بحذرك لو فكرتي ياصبا تعمليها تاني وتهربي هتكرهي حياتك من اللي هعملوا فيكي... ساعتين وهتلاقي السواق مستنيكي تروحي 

غبيه وهي من ظنت انه تغيير قالت بغضب :اوامر تانية 

لم يجب عليها فنزلت من السيارة واسرعت نحو الباب الداخلي.. 

احتضنتها هنا : صبا حبيتي وحشتيني اوي

:وانتي ياحبيتي وحشتيني اكتر 

جلسوا سويا وعرفت صبا بامر حمل اختها وسعدت جدا لها واخبرتها بما حدث مع جاسر وانتهاء المشكلة بينهم لتجد هنا تسالها:قوليلي بقي انتي ازاي اتجوزتي رعد بعد كل ده 

;هحكيلك 

اخبرت اختها بكل ماحدث منذ خناقة والدها مع رعد.. حتي زواجها منه وهروبها ولكنها اخفت موضوع حقيقة والدها فجاسر ورعد فقط هم من يعلموا هذا الامر ولن تجرح اختها وتشوه صورة والدها.... كل ده عملتيه فيه ياصبا.... وانا اللي ظلمته وقلت بينتقم 

قالت باستنكار:امال هو بيعمل اية؟ 

:بيحبك طبعا 

قالت بتهكم :بيحبني... ده كل شوية يهني 

زمت اختها شفتيها وهي تقول:انتي جرحتيه كتير اوي ياصبا... سنين وسنين بيحاول يرضيكي باي شكل ومستكترة انه يعمل كدة امال عاوزة اية بعد ماهربتي منه.. عاوزاه يركع ادامك تاني 

ظلت صامته فاكملت اختها : صبا كنتي ممككن تقوليله يطلقك بسهولة انما تهربي... انتي مشفتيش كان عامل ازاي 

Flash back 

هرعت تنزل الدرج هي وجاسر علي صوت رعد ;هي فين؟ 

قال جاسر بدهشة :مين.. في اية يارعد 

:صبا... صبا فين 

استدار نحو هنا ليقول :هنا اطلعي فوق 

:اطلع فين.. انا عاوزة افهم اختي فين واية اللي بيقوله ده 

صاح رعد ; هي مش هنا 

كانت مكانها لاتفهم شئ، بينما هرع جاسر خلف رعد الذي غادر وكانه بركان مشتعل 

Back

طبعا مكنتش فاهمة هو اية االلي مجننه كدة وادهم كلمني وفهني اني اطمن عليكي وانك هتختفي فترة عشان يبطل يطاردك....

;اللي حصل بقي مكنتش بفكر وقتها في حاجة غير بابا 

اغمضت اختها عيناها للحظة ثم قالت بحنان;بابا الله يرحمه.. اكيد كان له وجهه نظر في رفضه لرعد بس انتي كمان المفروض ليكي راي دي حياتك انتي... انتي وبس 

لو بتحبيه متفكريش في حاجة غير الحب ده وبس

:خلاص هو بيكرهني دلوقتي 

ضحكت اختها وهي تقول: يكرهك... مستحيل.. كان كرهك زمان ونساكي 

:امال بيعمل معايا كدة ليه 

;مجروح من اللي انتي عملتيه... 

انفلتت تنهيده من صدر صبا التي قالت بشتات : وهو انا عملت كده ليه ...كان متوقع مني ايه بعد اللي عمله في بابا 

نظرت هنا بشفقه الي اختها التي مازالت تنكر تلك الحقائق الواضحه امامها لتقول برفق : انتي لسه مصدقه أن بابا مش كده 

عقدت صبا حاجبيها لتنظر لها هنا وتقول بتمهل: صبا .. هو بابا جاب الفلوس دي كلها منين ؟!

لا تنكر صبا انزعاجها الواضح من تلك الاسئله التي بدأت هنا تضعها امامها : بابا كان عنده شركه استيراد العاب ياصبا ....العاب ايه اللي تجيب الملايين دي .....رعد كان شغال في الحراسات ازاي هيضرب صفقات بابا ويخسره زي ما كان بيقول .....رعد كان بيضرب لبابا شغل السلاح ويبلغ عن الشحنات مش كان بيضرب له شغله الشرعي .....فوقي ياصبا وافتكري أننا كنا ناس عاديين وفجاه بابا بقي رجل اعمال. .... انا كان عندي عشر سنين ولسه فاكره شقتنا القديمه اللي فجاه بقت فيلا ....ايه ياصبا كل ده ولسه شايفه رعد غلطان ...!


.......

لم تشعر بمرور الوقت طوال جلوسها مع هنا الاحينما الح السائق عمر فقد ارسل لها الخاادمة اكثر من مرة يستعجل خروجها وكل مرة ترسل مني الشغالة لتخبره :الهانم بتقولك استني 

ولكن تلك المرة تحدث اليها قائلا : الباشا مأكد عليا ارجع حضرتك البيت دلوقت

قلصت المسافة بين حاجبيها وهي تقول بغضب ; وانا قلتلك تستني

انه لاياخذ اوامره الا من رعد ولكن ماذا يمكنه ان يفعل هل ياخذها بالقوة...قال برجاء ; ياهانم.. الباشا هيطين عيشتي لو مرجعتش سيادتك فورا

;طيب

قالتها باقتضاب بينما بداخلها عرفت انها تريد ان تتحداه قليلا.لن تنفذ كلامه وتخضع له انها حره ويجب ان يعاملها علي هذا الاساس فهي ليست سجينه لتذهب وتعود بميعاد يجب ان يثق بها ... 

ولكنها لم تكن تعرف ما ينتظرها علي الجهه الاخري..

حيث كان رعد كالاسد الثائر يزرع مكتبه ذهابا وايابا ويحطم مايقع في طريقه حينما عاد ولم يجدها واخبره عمر بما حدث.... هاهي ككل مرة يخضع لها تستغل هذا الخضوع وتتحداه....! 

:ماشي هنشوف ياصبا اما علمتك ازاي تتحديني مبقاش انا

حدث نفسه.. وتوعدها :ويعني مفكراني هسكتلك زي كل مرة.... ماشي الصبر حلو

سمع صوت السيارة تتوقف بالخارج فيما نزلت صبا وهي تحاول الاتفكر برد فعله والذي توقعته حينما رأت عمر الذي كاد يطير بالسيارة ليصل بسرعة مما جعلها تدرك مقدار خوفه من غضب رعد....غضب رعد تسارعت دقات قلبها وهي تردد تلك الكلمة... والان فقط أدركت انها اخطأت 

فتحت باب الغرفة ودخلت لتلتقط أنفاسها حينما لم تجده بالاسفل ولكنها لم تلبث لحظة لتلتفت فجأه حينما فتح الباب بعنف مصطدما بالحائط خلفه لتشهق بفزع وهي تراه يستند بكفيه على إطار الباب وعيناه مشتعلة بالنيران عروق عنقه بارزة جسده كله ينطق بالغضب ... ينظر إليها دون قول شئ فقط تستمع لصوت أنفاسه الحادة وهو يتقدم ناحيتها ببطء شديد تراجعت للخلف بضع خطوات ولكنه امسك ذراعها بقوة وشدها اليه قائلا بفحيح:حمد الله علي السلامه يا هانم الساعة كام دلوقتي؟ 

حاولت تصنع القوة وهي تقول:ماهي الساعة قدامك بتسأل لية؟ 

شدد قبضته علي ذراعها وهدر بغضب :لما اسالك تردي عليا

:الساعة ٧

:وانا قايلك ساعتين وترجعي مش كدة...

ظلت صامته فاكمل... بتتحديني يابنت الحريري 


قالت بألم ممزوج بالغضب فهو عاد ليهينها بذكري والدها الذي مازالت مصدومه بمواجهه تلك الحقائق التي وضعتها اختها أمامها لتقول بصوت متهدج : لا مش بتحداك بس بفهمك اني مش مسجونه عندك... وقولتلك متجبش سيره بابا تاني 

ادارها نحوه وهو مايزال ممسك بيدها بغضب وهو يقول ; وانتي مين عشان تقوليلي اعمل اية ومعملش اية ... قلتلك قبل كدة انتي ولا حاجه ... فاهمة 

حاولت نزع ذراعها منه وهي تقول بالم :سيب دراعي يارعد... انا مراتك لازم تعاملني احسن من كدة لو عاوزني افضل معاك ومسيبكش تاني .. 

فك يده من حول ذراعها ببطء و قال ببطء يستوعب كلماتها ...هل مجددا تعده بالأمل بينما صبا لاتعرف كيف نطقت بتلك الكلمات ولكن كلام هنا جعل عقلها ينقلب :يعني اية؟ 

قالت بجديه وهي تتطلع إليه : يعني تبطل طريقتك دي وتعرف ان ليا شخصية وكرامة  مش هسمحلك تمحيها وتسيطر عليا.. انت بقيت قاسي واناني اوي و مش شايف حد غير نفسك وانك بس اللي مجروح مع أن انا مجروحه زيك واكتر .....انا مش هسمحلك تدوس على كرامتي تاني ولا تتحكم فيا وتستغل ضعفي وتستقوي عليا عشان موضوع بابا

يا تتعامل معايا زي مانا عاوزة ياتطلقني 

كانت أثناء حديثها تشعر براحه وهي تخبره بما يدور بداخلها فالامر لايدور حوله فقط يجب أن يفكر بها وبما تشعر به .. .. تنهدت وهي ترى الغضب مرتسم على وجهه وتبعه ألم مؤكد جعله يدرك خطأه ولكنه لم يستمر طويلا حيث فجأه حل مكانه جمود كما لو انها لم تقل شي. نظر اليها بهدوء ارعبها قائلا ببرود : خلصتي 

لفت يدها حول صدرها الذي يعلو ويهبط وهي تقول ; اه 

ارتفعت زاوية فمه بابتسامة ساخرة وهو يتمسك بشده برفض الركض وراء امل زائف ليقول

 : بجد برافو عليكي... واضح انك فهمتيني ... بس نسيتي اهم حاجة فيا 

ارتجف جسدها حينما وقف أمام وجهها عينه تقابل عيناها الخائفة بنظرات قاسية وهو يقول : اني استحالة حد يمشي كلامه عليا ولايتحكم فيا...انا بس اللي بتحكم في كل حاجة... ومحدش يلوي دراعي 

عاد ليمسك بذراعها بقوة ويشدها نحوه قائلا :ولو فاكرة انك بتهدديني كل شوية بالطلاق تبقي غلطانة... قلتلك قبل كده اني هطلقك بس وقت مانا ابقي عاوز مش بمزاجك.. ولغاية بقي مايجي مزاجي فاحب اقولك انك اخر واحدة تفكر اني ممكن اعمل عشانها اي حاجة... ولامن حقك اصلا تطلبي مني اني اتغير... انتي هتقبليني زي مانا...عشان مفيش ادامك غير كدة...... كل دورك انك تنفذي اومري وبس.. انما بقي تقوليلي مراتك وتتغير عشاني .... ده تنسيه خالص عشان انتي مش كدة...انتي مش مراتي..... انتي واحدة غلطتي اوي وانا بنتقم منك مش اكتر .... فهمتي ولااعيد تاني يابنت الحريري 

طفرت الدموع من عيونها بألم شديد من قسوته التي بلا حدود وكلامه واهانته لها 

لتنظر اليه بغضب ممزوج بحزن قاتل فيما اكمل هو  بحده ووحشية :من هنا ورايح اللي اقوله يتنفذ من غير اعتراض عشان لو فكرتي تعارضيني هتشوفي مني اللي عمرك ماشفتيه يا...( مراتي) قالها بسخرية ثم 

نظر إليها واكمل بوعيد: رجلك متعتبش برا الاوضة دي تاني والا هكسرهالك 

قال كلماته وخرج وصفق الباب خلفه بينما تعالي بكاؤها..فهو لن يتغير وسيظل يجرحها... انه اصبح بلا قلب قاسي اهانها بشكل لايغتفر.... 

مسحت دموعها بعد فترة واستجمعت شتات نفسها وقررت الاتخضع لهذا الماضي الذي ستواجهه بشجاعه وتعرف هل كان ابيها كاذب ام لا ...! 


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 


الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

14 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. تسلم ايدك يا رونا ❤️

    ردحذف
  2. بارت فوق الروعه والجمال تسلم ايديك يارونا♥♥

    ردحذف
  3. تسلم أناملك

    ردحذف
  4. تحفة تحفة ... مالكيش حل

    ردحذف
  5. رائع 💗💗♥️♥️♥️🤎🤎🤎💚💚💚💚💜💜💜

    ردحذف
  6. أمينة ام ياسين25 نوفمبر 2022 في 9:09 م

    جميلة جدا تسلمي بالنجاح والتوفيق دايما يارب العالمين

    ردحذف
  7. جميلة يارونى

    ردحذف
  8. البارت روعه تسلم ايديكي

    ردحذف
  9. حلو جدا

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !