اسيري ( الرابع عشر )

11




 تهدجت انفاس صبا باضطراب بينما أخذ صدرها يعلو ويهبط بانفعال ترجمته الي خطوات متعثره تجاه الدرج الرخامي الذي قطعته بخطوات امتزجت بدموعها لتتجه الي الباب الزجاجي وتضع يدها علي مقبضه بلا تفكير ....ماذا يوجد لتفكر به من الأساس بعد ما نطق به أو فعله ...كم كانت غبيه بلا كرامه لتبقي معه 

: صباااا

ارتجفت يدها الممسكه بقبضه الباب وهي تستمع الي صوته الجهوري ينادي باسمها .... نظرات حارقه واجهتها صبا ما أن استدارت لينزل رعد باقي درجات السلم  وعيناه تصوب نظرات ناريه تجاهها بينما يسألها بصوت أجش : انتي رايحه فين ؟

كانت تشعر بالخوف بالتأكيد من نبرته ومن عصبيته التي سيفرغها بها ولكنها لم تبالي بخوفها لترفع عيناها تجاهه وتهتف بثبات : ماشيه ؟

ضيق عيناه ونظر متساءلا بهدوء ينذر بعاصفة تراها داخل عيناه  : ماشيه رايحه فين ؟

تمسكت بثباتها وهي تجيب عليه بانفعال : في داهيه .... المهم اني ابعد عنك 

توهجت عيونه بالغضب ولكنها لم تمهله الفرصه ليتحدث لتنفجر به بغضب :  انا اتحملت منك حاجات كتير... بس كفاية كدة انا مش هسمحلك تهيني تاني ولا تمد ايدك عليا ولا تكلمني بالطريقة دي... انا مش واحدة جايبها من الشارع تعمل فيها كدة وتسكت 

رفع رعد حاجبه  : امال انتي ايه ؟!

لم يقصد المعني الذي فهمته والذي شق حلقها بمرارة إهانته بينما هو شعر بغباء كلماته والتي فقط كانت سؤال عما تكون في حياته ولكن فات أوان التراجع حينما طفرت الدموع بعيون صبا بينما طفح الكيل بكل تلك الإهانات من جانبه لترتفع يدها بفطريه وتدفعه من امامها بقوة صارخه به بقهر  : انا مين .....انا هقولك انا مين يارعد ....انا البنت اللي بقالك سنين بتقول انك بتحبها. .....ولا انا اللي اتحديت الدنيا والظروف عشانها ....ولا انا بنت تاجر السلاح اللي بنتقم منها ....انااااا مين قولي انت انا ابقي مين 

اهتزت نظراته أمام ثورتها فلم تسعفه الكلمات لتبارده صبا بلهيب نيران جرحها الذي لا يمهله أي فرصه ليشفي قبل أن يضع عليه المزيد من الملح لتتوجع أكثر : 

بكرهك ....بكرهك ومش عاوزة اشوفك تاني ....بكرهك وبكره اليوم اللي ظهرت فيه قدامي .....ابعددددد عني بقي 

كان صدي صوتها مازال يتردد في أذنه بينما تلك المره يدرك أنه بيداه من أجبرها علي الجهر بكراهيته بذلك الوجع ...بايدي مرتجفه فتحت الباب الزجاجي الضخم وبخطي متعثره اندفعت خارجه تركض بضع خطوات بلاهدي قبل أن تشعر بتلك الجذبه القويه والتي انتهت بها تصطدم بصدره الذي دفنها بداخله لتشعر بتلك الدقات الهادره بصخب بين ضلوعه كما حال دقات قلبها .... للحظه حاولت المقاومه ولكن ضراوة ضمته كانت اقوي من اي مقاومه منه أو منها لينتزع قلبه من لسانه هذا الاعتراف بينما نطق واخيرا بصوت متهدج ممزوج بمشاعره التي جاهد طويلا لدفنها بداخله وأعلن موتها الزائف من قلبه : انتي حلمي ياصبا 

شعر بسخونه دموعها فوق صدره بينما التاع قلبها من تلك الكلمات التي ناقضت كل شيء ليزيد قلبه ضغطا علي لسانه بمزيد من الاعترافات وهو مازال يحتويها بين ذراعيه : حلمي الوحيد ...الحلم اللي فضلت احلم احققه سنين ومش شايف غيره  .... الحلم اللي مستعد اعمل عشانه اي حاجه الا اني اخسره .... 

اعتصرت عيونها الباكيه وهي تستمع لكلماته التي من فرط صدق نبرتها أشعلت لهيب الحرب بين عقلها وقلبها بينما صرخ عقلها بأي منطق تصدقه بعد ما ما فعله بها ليصرخ قلبها بدفاع عن أي منطق يتحدث فلا يوجد منطق بالحب فالحب هو بحر نغرق به بكامل إرادتنا ...نيران تحرق ونكون من خطي بداخلها .... بالحب نجهل ذاتنا ويقف العقل مكبل أمام جنون تلك المشاعر التي لا نراها ولكننا نصفها بالالاف الكلمات وهاهو الأسير يحاول التعبير بكلمات علها تصف مقدار وجعه وقهره بينما لم يكن أكثر من اسير متمرد علي قيود اسره فاشعل نيران لتضيء إليه طريق الحريه بعيدا عن اسره ليجد نفسه قد اشعل حرب وكان هو أول ضحاياها 

: صبا .... انا وجعتك اووي ....بس ده من وجعي 

ببطء بدء يخفف ضراوة ذراعيه من حولها لترفع صبا عيناها إليه فينظر لها بعيون فاض منها الالم وهو يهز رأسه ويكرر كلماته : وجعني رفضك ليا كل مره ..... وجعني عجزي اني اوصلك مع اني عملت المستحيل ....وجعني عجزي اني اقول لقلبي لا .... وجعني عجزي وانا مش عارف ابطل احبك ..... امسك وجهها الباكي بين يديه ونظر في عيونها وهو يتابع بنفس الأنفاس المتهدجه : ومفيش حاجه وجعتني الا الامل اللي كنت بشوفه في عنيكي ...... الامل اللي كل مره تقولي لا كان بيقولي انك مش قصداها ....  

مد أنامله ليمسح تلك الدموع من فوق وجنتيها الناعمه وعيناه مازالت تنظر إلي عيونها ليلقي بآخر كلماته والتي كانت لنفسه قبل أن تكون لها عله يقتنع تلك المره أنها النهايه : انا مش هفرض نفسي عليكي تاني ولا هجبرك تكوني ليا بعد كده  ..... اعتبري اني راجعت نفسي المره دي وعرفت ان مش كل الاحلام بتتحقق

....ابتسامه باهته ارتسمت علي شفتيه بينما يتابع : انتي كنتي حلمي وانا كنت كابوسك ...بس خلاص ياصبا ...انا فوقت من الحلم و هخلصك من كابوس وجودي في حياتك  ومش هتبقي مضطرة توريني نظره الكره والرفض اللي في عينك دي تاني 

قبل أن يتساءل عقل اوقلب عن معني كلماته كان يختطف لحظه حالمه يحتفظ بها من حلمه لتشعر صبا بانفاسه الساخنه فوق جبينها بينما مال ليختطف قبله طويله أودعها فوق جبينها ومعها يودع باقي اسفه عن كل إساءته وجرحه لها ....اغمض عيناه وسحب نفس عميق وكأنه يمليء صدره برائحتها قبل أن يفتح عيناه ويتطلع إليها وهو يقول بوداع : انا اللي همشي ولغايه ما الطلاق يتم مش هتشوفيني تاني 

تحرك نحو الباب مغادرا تاركها مكانها مصدومة من كلامه الذي مر امامها كالحلم لتتطلع في أثره وكل ذره في كيانها تتشعشع  بالندم وتمحي اي تفكير بداخلها.... وكل ما استطاع عقلها وقلبها الاتفاق عليه هو سؤال واحد صرخ به كلاهما ...هل سيتركها .. ؟!

حاولت ان تكذب وتقول لعقلها أن هذا ما يريده و انها ستتخلص منه اخيرا ولكن قلبها احلي بضراوة فهي كاذبة وكل ذره بمشاعرها تنتحب وحزينه نادمة.... لاول مرة تري رعد هذا الجبروت بداخله حزن مريع سببته له طوال اعوام 

لاول مرة تدرك انها ليست الضحية...! 

وان كل مايفعله معها مجرد انتقام لكرامته الجريحه

.....كان محق أنه اوجعها من فرط وجعه .... 

...... ثقل شديد أصاب صدرها وسحابة من الحزن غلفت قلبها  وجهها وهي تراجع كلماته مجددا .... هل هو مجروح لهذه الدرجة.؟ 

مجروح حد الالم ....عاشق متألم جريح فأصبح قاسي يجرح بعيون عمياء ... لقد اعترف بكل اثامه ووعدها أنه سيتخلي عن الامساك بحلمه المتمثل بها ..... انها اول مرة تسمعها منه وتشعر بجديته فيها

طوال السنوات الماضيه وهو يري رفضها ولكنه يتمسك بها اكثر.. وكلما أخبرها بانه يريد الإبتعاد اخبرتها عيناه بانه لايستطيع ولكن الان اخبرتها عيناه انه سيبتعد .....

لماذا تشعر بتلك الوخزة في قلبها حينما تخيلت حياتها بدونه...!

طوال سنوات دون ان تدري وحياتها تتمحور حوله حتي اصبحت لاشئ بدونه... لقد احبها وفعل من أجلها الكثير  ولكنه اخطأ بشئ واحد... انه عودها علي ان يحبها فقط يحبها مهما تفعل.. يقدم كل شئ ولاينتظر منها شئ الا رضاها....كان مؤلم شعورها حينما طلبت منه ان يتغير لتظل معه ورفض هو... اقل تنازل فكرت بتقديمه رفضه وتالمت هي بهذا القدر.. فكيف كان المه حينما قدم لها كل شئ ورفضته... نظرت في الفراغ امامها بشرود وهي تري نزيف كرامته الجريحة... هل سيترك اسرها واخيرا..؟!

ولكنه لايعلم انه ايضا كانت اسيرته دون ان تعلم فقد احبته دون ارادتها منذ سنوات ولكنها كانت ترفض الاعتراف بهذا وتنكره ..!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

11 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. تحفه جدا

    ردحذف
  2. جميله جدا تسلم ابديكي
    رعد تعببره عن جرحه كان جميل جدا

    ردحذف
  3. روعه بس انا مش شايفه أن رعد غلط في تعبيره عن حبه دا كان سبب لل عمالته ورفضها ليه

    ردحذف
  4. ❤️❤️❤️❤️🥺

    ردحذف
  5. تحفة ... اكثر من رائع ... بس بارت قصير قوى ... اسيرى رواية حلوة جدا ياريت تكثرى من الكتابة فيها... تحياتى

    ردحذف
  6. البارت اكتر من رووعه رعد حقيقي اتوجع جامد والي بيعمله في صبا من قله حيلته معاها فاكر انه كده بيرد كرامته لكن للاسف هو اتوجع اكتر واتجرح اكتر تسلم ايديك يارونا

    ردحذف
  7. حقيقى و الله الاتنين صعبانين عليا و كل واحده شايف أن التانى غلطان مع الاتنين لو كل واحد اعترف باللى جواه الدنيا هتتصلح ❤️❤️❤️❤️ بس حقيقى روعه تسلم ايدك يا رونا

    ردحذف
  8. 😘😘😘😘😘😘😘😘♥️♥️♥️♥️♥️♥️❤️❤️❤️❤️❤️😍😍😍😍😍💕💕💕💕

    ردحذف
  9. تحفه تسلم ايديك 🤎🤎🤎💚💚💚💜💜💜

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !