اسيري ( السابع والثلاثون )

4


 الفصل السابق

استنكرت ملامح صبا ما نطق به فلم يكن هذا ابدا ما توقعت أن ينطقه بعد كل ما حدث بينهم لتردد   : قررت ؟!

اوما وعيناه تتهرب من عيونها : اه يا صبا قررت 

التفت لها وهو وتابع : عشان اياد مينفعش ننفصل

مجددا يستحق جائزة الأوسكار في غباء اختيار الكلمات التي رشقت كسهم غاشم بقلب صبا وجعلت الدماء الحاره تتدفق بعروقها لتتجه وتقف أمامه هاتفه بعنفوان: وهو ده قرارك لوحدك 

ضيق عيناه يتطلع إليها بينما ظن أنها ستوافق بدون تردد علي عودتهم ولم يكن هذا ابدا بيت القصيد فهي بالتأكيد تريد عودتهم سويا ولكن ليس بهذه الطريقه 

ليقول باستفهام : يعني ايه ؟ انتي مش عاوزانا نرجع لبعض 

تقابلت نظراتهم سويا للحظه قبل أن يتخلل الخزلان نظراتها فهو قضيه خاسره فما الفائده من الجدال 

ليتفاجيء بها تتجه بخطوات غاضبه تجاه الفراش حيث نام طفلهم تحمله وتتجه الي باب الغرفه 

استنكرت كل ملامحه وسرعان ما كان يتجه ليقف امامها يمنعها من المغادره : ممكن افهم معناه ايه اللي بتعمليه ؟!

رفعت صبا عيناها إليه وقالت بثبات : معناه اني اه يا رعد عاوزة ارجعلك بس مش بطريقتك دي 

قبل أن يفهم عقله معني كلماتها كانت كالعاصفه تغادر الغرفه ....وقف مكانه دقائق يراجع كلماتها التي حملت ما أراد سماعه وهو رغبتها بالعوده له ولكنها دست بداخلها كلمتين لم يفهم معناهم الخفي ( مش بطريقتك ) 

تحركت صبا في الغرفه ذهابا وإيابا بخطوات غاضبه حد الجنون من هذا الرجل الذي سيفقدها صوابها .... بتهزر راسها بأنها ابدا لن تعود له بتلك الطريقه وتخطيء مره اخري ....لقد عرفت اخطاءها و ستحاول الا تكررها ولكن ماذا عنه وعن كل أخطاءه بحقها والتي لا يتحدث حتي عنها وكأنها مرت مرور الكرام 

سأل نفسه كثيرا خلال تلك الدقائق هل يذهب إليها أم يظل مكانه ....وتدخل العناد بالأمر وبدأ يتحكم به 

ولكن قلبه دخل في معركه شرسه مع عناده ...لن يتراجع ويطلب حبها مجددا ...لقد خطي إليها بكل طريق وعليها هي أن تخطو تجاهه وغفل أنها بالفعل سارت الاف الخطوات ....

.......

في الصباح استيقظت صبا وهي تشعر بالغثيان ولكنها حاولت أن تقاوم هذا الشعور لتغادر الفراش وتبدأ في تجهيز طفلها ثم حملته ونزلت به لتجهز الافطار وبداخلها إصرار علي موقفها ....لن تعود بكلمه بل سيعودان سويا بعد كلام طويل هم بحاجه اليه 

حينما خطت اخر خطوة استمعت الي صوته بينما كان يرفع الهاتف بذراعه ويرتدي سترته وهو يتحدث 

في الهاتف قائلا :اوك ياندي... بلغي د نرمين اني ساعة وهكون عندها.. تمام 

القي الهاتف علي الطاولة الزجاجية ونظر نحوها ليجدها تتجه الي المطبخ وتتجاهله ....زفر وقد استيقظ بمزاج عكر بالأساس 

نظر في ساعته وهو يتجه خلفها قائلا : انا عندي شغل هخلصه وارجع 

احتقنت الدماء بعروقها وهو يتحدث بهذا البرود لتتابع ما تفعله دون أن تنظر إليه وتقول ببرود مماثل : براحتك 

نظر لها وقد تضايق من عوده الجفاء يسري بينهما ليقول بكلمات ظنها ستجعلها تهديء : لما ارجع هستني ردك علي اللي قولته امبارح 

تركت صبا الطبق من يدها ورفعت عيناها إليه وقالت بثبات : ردي انا قولته امبارح ....بطريقتك دي مش هرجعلك 

زم شفتيه بغضب بينما بدأت تطرق كلماتها علي عقدته المتمثلة في ابتعادها عنه ليقول بحاجب مرفوع : مش فاهم 

واجهته عيناها : لا انت فاهم .....كلمه قررت دي من الأساس غلط وده مش قرارك لوحدك ....انفلتت الكلمات من شفتيها دون أن تقصدها : انا مش هغلط تاني واسيب غيري يقرر عني ...انت قررت جوازنا لوحدك وشوف وصلنا لايه 

اشتعلت عيناه بالغضب وهو يقول :خلي بالك  انا صبري له حدود 

قالت ببرود : وريني آخره صبرك يارعد ... اية ناوي تعمل اية تاني.... هتجبرني اني ارجعلك غصب عني 

اتجه نحوها وامسك ذراعها بعنف ليقول :وبعدين بقي في لسانك الطويل ده... انا كل ده ساكت بس صبري خلاص هينفذ

حاولت نزع ذراعها منه وهي تقول بتحدي : وانا كمان مبقاش عندي صبر .... ايه هتعمل ايه 

رد بعناد: انا اعمل اللي انا عاوزه 

وقفت تتطلع إليه بجرأه : وانا مش هعمل حاجه انا مش عاوزاها تاني 

رفع حاجبه والقي اخر ورقه في جعبته : يعني مصممه تعانديني ...ماشي ياصبا ...احتدت نبرته المتوعده وهو يتابع : بس بعد كده متبقيش تندمي لما عنادك ده يبقي السبب في بعد ابنك عنك 

........

 

اتجه للشركة والغضب مشتعل بعيناه لينال مدحت المحامي الخاص به نصيب جيد من غضبه حينما ابلغه بتاخره في بعض الإجراءات الهامة ليدخل جاسر علي صوته الذي يصيح...:يعني اية..؟ 

;يا رعد باشا محصلش حاجة لده كله... الصبح الورق هيكون عند سيادتك 

تدخل جاسر حينما هم رعد بالصياح مرة اخري 

:روح  انت يااستاذ مدحت وانا هشوف الموضوع ده 

بعد انصراف مدحت جلس جاسر ناظر نحوه يدخن لشراهه ليقول:اية بس يارعد في أية؟.. الموضوع اكيد مش موضوع ورقة مخلصتش 

زفر بضيق :  سبيني ياجاسر عشان انا قرفان ومش طايق نفسي 

:لية بس كدة... هو انت وصبا اتخانقتوا

:وهو احنا بنبطل خناق... انا شكلي هحضر نفسي للطلاق تاني 

:ياشيخ حرام عليك وهو كان اية حصل لكل ده ؟

............... 

بعد ان قص عليه ماحدث قال جاسر; يااخي هو انت كنت رايح  تصالحها ولا تتخانق معاها 

:مش هي اللي استفزتني 

:برضه يااخي استحملها شوية 

:دلوقتي بقيت بتدافع عنها 

:ايوة طبعا بعد الكوارث الي عملتها معاها لازم ابقي في صفها.... وبعدين ماهي عدتلك كل اللي عملته وجت تصالحك اية لازمته تعاند بقي 

: عشان مش بمزاجها ياجاسر... 

; ولا بمزاجك انت كمان.. مانت مزودها برضه 

: بقولك اية انا مش ناقصك انا خلاص زهقت من تصرفاتها ومن هنا ورايح ياتتعدل يااما بالسلامة 

:يارعد متبقاش عصبي كدة.. خدها بالراحة شوية وبالشدة شوية... غلطت ياسيدي وعاقبتها بزيادة كمان وهي حتي مااعترضتش وحاولت تصالحك كتير وانت معاند واخرتها تقولها قررت وانتي هتقبلي يا هاخد منك ابنك ...ده انت جبار يااخي 

نظر نحو جاسر بحنق لايريد الاعتراف بخطأه ليفول بتصميم.. بني آدم واطي انا وزبالة وهي ملاك 

; ياسيدي انتو الاتنين عاوزين الضرب بالنار.. بتزفتوا تحبوا بعض بس غاووين تعذبوا بعض وخلاص 

انت تقوم دلوقتي وتجيبلها ورد وتاخدها في حضنك 

ارتسمت علي شفتيه ابتسامة سخرية وهو يقول : بلبساطة دي 

;اه... وهتعقدها لية ؟.هما الستات كدة بيكبروا كل حاجة بس اول مايشوفوا الورد بينسوا .. يلا قوم بقي وبلاش عند 

; خلاص ياجاسر لما اروح بليل اشوف هعمل اية 


استلقت علي سريرها تضع يدها تحت راسها وقد ارهقها البكاء بينما صدمتها ما تزال واضحه علي ملامحها 

... انه يهددها بأبعاد طفلها عنها ...إذن كيف تخبره أنها حامل وقد تأكدت حينما قامت بالاختبار المنزلي قبل قليل ...تنهدت وازداد بكاءها وهي تتذكر عدم رغبته في حملها منه مجددا..!! 

كانت تشعر بالحزن والانكسار بالرغم من سعادتها لحملها مرة اخري الا ان خوفها من تهديده طغت علي سعادتها بهذا الخبر 

..... شعرت بالدوار حينما قامت لتغسل وجهها 

  لتغمض عيناها وتستند الي الحائط متجهه الي غرفتها تبحث عن أحد الأدوية التي كان الطبيب يصفها لها للتقليل من شعورها بالغثيان أثناء حملها الأول ....

لم تجد شيء بالادراج لتتجه الي الاسفل وتفتح ادراج الخزانه بالمطبخ تبحث بها حيث رتبت سوسن الادويه باحدها .... انحنت تجثو علي ركبتيها تفتش بوهن بين علب الادويه ولكنها لم تجده لتغمض عيناها وصوتها يخرج ضعيف تحدث نفسها بيأس : 

حطيتي الدوا فين ياسوسن .. انا تعبانة أوي 

عقد رعد حاجبيه واتجه ناحيتها حيث وقف قبل لحظه امام باب المطبخ يتطلع بدهشه لما تفعله .... فتحت صبا عيناها الواهنه بسرعه ما أن شعرت بخطواته

لتتسارع دقات قلبها حينما رأته واقف امامها ينظر نحوها ... رعد.. انت 

قال وهو ينظر تجاهها وتجاه تلك الادويه  : دوا اية اللي بتدوري عليه  ؟ 

ضاعت منها الكلمات وبدت متوترة لاتعرف هل تخبرة ام تصمت... وماستكون ردة فعله ليتفاجأ هو من خوفها الذي لايعرف سببه ليقول بانفعال  : انتي مخبيه عليا اية.... ؟

انتفضت من مكانها لتقول بتردد :  اناااا حامل 

ظل يطالعها للحظات غير مستوعب ماقالته ليقول بعدم تصديق...يعني ماخدتيش الدوا؟ .. قاطعته وهي تضع يدها حول بطنها بخوف وقد طفرت الدموع من عيونها.... اااه.. انا عارفة انك مكنتش عاوزني ابقي حامل.. بس حصل وانا عاوزاة... اوعي تقولي نزليه

انا عاوزاه وعاوزه ابني ومش هسمحلك تاخده مني يا رعد  ...لو ليا خاطر عندك اوعي تبعد ابني عني او تفكر تخليني انزل ابني التاني 

.... جذبها لاحضانه فجأه ليوقفها عن نطق هذا الكلام السخيف ليقول بعتاب  : اية اللي انتي بتقوليه ده.. معقول انا اقتل ابني أو ابعد اياد عنك... انتي ازاي تفكري كده يا صبا 

تفاجات بما فعله وبتلك النبره التي يتحدث بها لترفع عيناها إليه باستفهام : انت قولت كده الصبح 

زم شفتيه بحنق من نفسه قائلا : مقصدتش ...انا ..انا بس مكنتش لاقي كلام أقوله وخوفت انك تبعدي عني وفكرت اني كده بضغط عليكي لما لقيتك مصره ننفصل

هزت صبا راسها قائله : انا مش عاوزة ننفصل كل اللي قولته اننا نقعد ونتكلم عن اللي حصل بينا ونشوف غلطنا في ايه عشان منكررش تاني غلطنا ... احنا رجعنا لبعض المره اللي فاتت من غير ما نتكلم وده لو حصل تاني كانت هتكر. المشاكل بينا ....انا بعترف اني كنت بتصرف غلط واني كان لازم اثق فيك اكتر من كده بس غصب عني يارعد انا لسه بتعلم ازاي اخد قرار في حياتي من غير ما يكون حد مقرر بدالي ....كل اللي طلبته انك تكون جنبي وتسمعني وتفهمني 

تنهد رعد ونظر الي عيونها : انا اسف علي كل اللي عملته ياصبا....غصب عني بقي عندي عقده من انك تبعدي عني وعشان كده بتصرف من غير تفكير ....انتي عندك حق في كل كلمه قولتيها انا كان لازم افهمك واسمعلك بس لما هربتي اتجننت 

اخيرا بدأ يتحدث لتصمت صبا تستمع إليه وهو يخبرها بكل مافي قلبه لينهي كلماته وهو يزيد من احتضانه لها قائلا  ; انتي كنتي خايفة تقوليلي انك حامل 

هزت راسها وقالت بعتاب : خوفت من رد فعلك 

ابتسم وهز رأسه قبل ان تتفاجيء به يغرق وجهها بالقبلات هامسا : هو ده رد فعلي 

رفعت عينها ونظرت  نحوه بذهول : يعني انت فرحان؟ 

ابتسم باتساع ليعود وياخذها في حضنه قائلا:طبعا فرحان جدا.. .. وانتي عندك شك 

نظرت نحوه بريبه ; امال كنت عاوزني اخد مانع للحمل لية..

نظر اليها ومرر يده علي شعرها بحنان; عشان كنت عاوز اشوف انتي عاوزة حاجة تربطك بيا ولا لا

:يعني مكنتش عاوزني اخد الدوا

; لا طبعا... بس كنت مضطر بعد مالقيتك كل فرصة تبعدي وتسبيني حبيبت اشوف انتي هتتمسكي بيا ولا لا 

انهمرت الدموع من عيونها لينظر اليها بدهشة :انتي بتعيطي لية ؟

دفنت وجهها في صدره تبكي وتلكمه بقبضتها :وافرض كنت اخدته.. كنت هتقول وقتها مبحبكش 

امسك معصميها برفق ليوقفها عن ضربه وهو يهمس في اذنها ليغاير الموضوع : شكلك هتطلعي هرمونات الحمل عليا 

ابتسمت من بين دموعها ليربت علي شعرها برفق قائلا: اية رايك نسكت ومنتكلمش في حاجة دلوقتي عشان فعلا احنا تعبانين جدا 

اومات له فهو محق تماما فهي قد استنزفت طاقتها تلك المشاعر المختلطة التي انتابتها منذ الصباح ليقول بحنان وهو يضع يده خلف ظهرها والاخري تحت ركبتها يحملها ; تعالي ننام دلوقتي والصبح نتكلم زي مانتي عاوزة 

سار بها تجاه غرفتهما ليضعها في الفراش ويذهب لاستبدال ملابسه بسرعه ويعود لاخذها بين ذراعيه هي وطفله الراقد بينهما ويربت علي شعرها برفق حتي غرقت بالنوم ليطبع قبله علي جبينها  ليظل ينظر إليها يتاملها وقد انسدلت خصلات شعرها بجوارها ليتحرك تجاهها بهدوء حتي اقترب منها ليضع ذراعه حول خصرها يضمها اليه ويدفن وجهه في عنقها مستنشقا رائحتها بعمق ليغلق عيناه براحة وتمتع افتقده منذ وقت طويل.... فور احتضانه لها دق النوم أبواب جفونه دون أي جهد منه ليستكين بين دفئ جسدها...... 

استيقظت صبا من نومها تشعر بحرارة جسدة المحيطة بجسدها وقد وضع راسها علي صدره واحاطها بذراعه بقوة كما اعتاد سابقا بينما علي ذراعه الاخر وضع طفلهم ...شعر باستيقاظها ليميل ناحيتها يدفن وجهه في دفء عنقها يقبله بنعومه ورقه وهو يهمس بأسمها بنبره ناعمه تزامنت مع حركه شفتاه نحو شفتيها يقبلها بشغف وحنان لم تستطع الا الاستجابة له ولقبلاته المحمومة... ليتبدل الحال فجأة حينما انتفضت تبعده عنها

ليرفع عيناه ناحيتها وقد نظرت له بغضب لا يعرف من أين اتي : انت بتعمل ايه .... هو انت فاكر الموضوع خلص كده 

نظر لها بعدم فهم تزامن مع كونه مايزال ناعس : يعني ايه ؟ ...احنا مش اتصالحنا 

أبعدته من فوقها : لا متصلحناش ...انت قولت هنتكلم فرك خصلات شعره : هنقول ايه تاني ياصبا ....خلاص انا فهمتك موقفي 

: بس انا لسه عندي كلام مقولتهوش ...ودلوقتي بقي  ابعد ومتقربش مني الا لما اقول كل اللي انا عاوزاه الاول   .

 

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

الفصل التالي


تابعة لقسم :

إرسال تعليق

4 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. ونبى يستاهل الجنان اللى بتعمله فيه 😂😂😂

    ردحذف
  2. تستاهل يارعد بجد مبسوطه فيك ابن حلال ويستاهل كل خير 🤣🤣🤣🤣
    تسلم ايدك يا رونى 😘😘😘

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !