المتملك والشرسه ( السادس و الثلاثون)

5


 تقلب عاصم في نومه يشعر ببرودة الفراش بدونها ليتنهد مطولا فهو لا يستطيع البقاء بدونها ولو يوم واحد فقد اعتاد النوم وهي بين احضانه لذا يبدو كل شئ بارد وبلا طعم دون وجودها... تناول هاتفه من جواره واتصل بها لعل صوتها يروي القليل من اشتياقه لها... جاءه صوتها علي الفور.. صباح الخير ياعاصم 

:وحشتيني ياقلب عاصم

: وانت كمان وحشتني اوي... معرفتش انام من غيرك

ضحك بخفه وهو يقول :وانا كمان... طيب يلا بقي تعالي كفاية كدة..

: كفاية اية يامفتري ده هو يوم وانا لحقت

; مش وحشتيني يبقي كفاية.. ولااهون عليكي

قالت بدلال : لا طبعا متهونش عليا... بس عشان خاطري سيبني كام يوم كمان.. اصل اتش عنده شغل مهم اوي ونفسي اساعده فيه

قطب جبينه متساءلا : شغل اية..؟!

: شغل.. شغل ياحبيبي.. اصل انا نزلت معاه المكتب النهاردة ولقيت ... قاطعها بضيق :وانتي ازاي تنزلي معاه الشغل من غير ماتقوليلي يازينه؟

قالت بتبرير : ياعاصم وأية المشكله... قولتلك اني زهقانه فقلت انزل معاه اغير شوية حاله الملل دي

قال بحدة : من غير ماتاخدي رأي.. ؟!

قالت بتعلثم :مانا بقولك اهو 

:وابنك سايباه... 

قطبت جبينها وتضايقت من نبرته التي تغيرت لتجيب : ابني مع طنط ياعاصم وانت عارف ان مكتب هشام جنب البيت يعني.... قاطعها بحدة :يعني انا مفيش لكلامي اي اعتبار... براحتك يازينه سلام

اغلقت الهاتف وزفرت باحباط فقد كانت سعيدة هذا الصباح لنزولها للعمل مع هشام فقد شعرت بحماس للعمل علي هذا التصميم ولو فقط لعدة ايام لتغير من روتين حياتها الذي خنقها الشهور الماضية وازدادت سعادتها بلهفته عليها واشتياقه لها ليتغير كل هذا فجأه ومن وجهه نظرها انه بلاسبب سوي ان عاصم لا يتخلي ابدا عن شخصيته المتملكه مهما حاول ان يريها العكس وانه تغير لتجده في أول اختبار يظهر شخصيته القوية والتي لاتقبل النقاش ولا يستمع لأي صوت سوي صوت قراراته هو..!!

زفر بعنف والقي الهاتف جانبه فهي عنيدة لاقصي الحدود لاسبيل لترويضها فهو يحبها حد الجنون وهي لاتقدر هذا... ابتعدت عنه وصممت علي رأيها بأن تعمل ولو لبضعه ايام فهي بكل الاحوال خالفت قراراه ... انه لا يتفهم ذلك الملل الذي تتحدث عنه فهو يوفر لها كل سبل الراحة والرفاهية ومع ذلك هي ترفض كل هذا وتركض لاستفزازه ومخالفه قراراته.. لماذا لاتكون مشغوله بشئ سواه.. فهو لايريد سواها ويريد منها ان تبادله شعوره... يريد حياتها ووقتها وقلبها وجسدها وعقلها له هو فقط فلماذا لاتفهم هذا... انه لايريد لأي شئ ولا اي شخص مشاركته فيها حتي صغيره كان يغار عليها منه لانه أخذها منه... ضايقته فكره انها تختلق اي شئ للابتعاد عنه...!!

اخرجها صوت هشام من شرودها.. اية يازوزو سرحتي في أية... لازم الواد عاصم وحشك

اومات له.. اه طبعا..

قطب جبينه متظاهرا بالحزن:وطبعا هتسيبيني وتسافري

قالت بحماس: لا طبعا انا قلتلك هنشتغل البروجيكت مع بعض

ابتسم لها قائلا بتعقل : بس انا ميرضنيش تبعدي عنه بسببي.. المشاريع الجاية كتير.. 

قالت باصرار : انا هكمل معاك شغل يااتش كلها اسبوع بالكتير 

: وعاصم مش هيزعل ؟

بالتاكيد هو غاضب منها بشدة ولكنها ابتسمت بزيف قائلة : لا معتقدش.. 

........ 


طرق بأصابعة علي المكتب بعصبيه فهي صممت علي رأيها وظلت تعمل مع هشام بالرغم من ابداءه لرفضه وهاهي الساعة الخامسة ولم تعد للمنزل كما سأل والدته.. لا ياحبيبي هي وهشام في المكتب بس طمنوني وقالولي كلها ساعة وراجعين... في حاجة ياعاصم انت متضايق.. 

: لا ابدا ياماما خالص.. انا بس بطمن عليكوا

: اطمن ياعاصم احنا بخير... بصراحة الجو هنا تحفه وانت عارف اني بحب اقعد الفترة دي في اسكندرية بس كلها اسبوع عشر ايام وارجع

: براحتك ياماما 


نظر لهاتفه الذي يرن بلاانقطاع بسخريه فهي تذكرته الان لتحدثه.. ليرفعه يرد باقتضاب: ايوة 

قالت بدلال: انت زعلان مني؟ 

قال بعصبيه : ومن امتي زعلي بيفرق معاكي في حاجة

حاولت تهدئته: طبعا بيفرق ياحبيبي...

قاطعها بتهكم حاد: طبعا بدليل انك معملتيش اي حساب لكلامي وكملتي شغل وراجعه البيت متأخر ولسة فاكرة تتصلي بالبأف اللي متجوزاه اللي ملوش كلمه عليكي

ضايقتها نبرته الحادة ولكنه محق في عنادها لتحاول تهدئة الوضع وتقول بهدوء. : انت لية واخد الموضوع كدة

هتف بحدة: وهو اية غير كدة

; هو أن انت المفروض عارفني.. وعارف اني مقدرش اقعد كدة من غير مايكون ليا هدف ولاكيان.. وانت مصمم تلغيهم وتخليني قاعده في البيت ال٢٤ ساعة في حين انك مشغول طول الوقت 

:والله ياهانم انا جوزك واظن حقي انك تبقي متفرغة ليا ولابنك..وأعتقد اني مش مقصر في حاجة وموفرلك اللي اي ست بتحلم بيه

: هي كل حاجة فلوس ياعاصم 

زفر بنفاذ صبر : وانتي ناقصك اية تاني.. قصرت معاكي في أية 

: مقصرتش في حاجة.. انت بس مصمم متفهمنيش وتعترف ان مش هتفرق معاك اني اشتغل كام ساعه الاقي فيهم نفسي ومصمم تلغي شخصيتي وتتحكم فيا وخلاص

:انتي شايفة كدة يازينه 

: اه 

: طيب عموما براحتك... اعملي اللي انتي عاوزاه

: يعني اية؟ 

قال بعدم اكتراث مخالف للنيران المشتعله بعيناه : يعني انا مش عاجبني اللي بتعمليه بس انا وعدتك اني مضايقيش عشان كدة هسيبك تعملي اللي انتي عاوزاة بس اعرفي كويس اني مش قابل ولا هقبل انك تتحديني وتكسري كلامي وتستغلي حبي ليكي انك تمشي كلامك عليا واتاكدي اني ساكت بس عشان الوعد اللي وعدتهولك لما رجعنا لبعض 

:ياعاصم... حاولت التحدث ليقاطعها: خلاص يازينه مش عاوز اتكلم في حاجة تاني.. سلام 

اغمضت عيناها باحباط وتنهدت بضيق من تفكيره بأنها تستغل حبه لها.... فيما أشعل عاصم سيجارته ونفخ دخانها بغضب فكم يكره رضوخه لها ولايقبله ولكنه مضطر فإن اطلق العنان لغضبه فهو بالتاكيد سيخسرها ولكنها لاتدري ان بعنادها بتلك الطريقة فهي من ستخسره.....!!!! 

في الصباح كان مازال الوقت باكرا حينما وصلت زينه للمنزل فقد قررت العودة بعد انتهاء مكالمتها له ولكنها قررت ايضا عدم الرضوخ لكلامه فهي عادت لعدم افتعال مشكله معه ولكنها لم تعد وهي مقتنعه... 

..... 

فتحت الباب بهدوء لتجده مايزال نائما فتقترب منه وتجلس بجواره وتضع سيف فوقه ليفتح عيناه بتثاقل.... فتح عيناه بسرعه حينما رأي طفله ينظر اليه ليعتدل جالسا سريعا وينظر تجاه زينه التي نظرت له بعتاب فهي لم تنسي حدته معها بالأمس لتقول:عشان متقولش اني بستغل حبك والكلام اللي قلته امبارح

حمل طفله بين ذراعيه وففتح ذراعه الاخري لها فيضمها اليه باشتياق ويقبل جبينها قائلا بحنان : وحشتيني 

:واضح بدليل الكلام اللي قلته امبارح.... لعلمك بقي ياعاصم انا رجعت اه عشان متزعلش بس مش معني رجوعي اني أتراجعت عن موقفي 

قطب جبينه ونظر اليها قائلا : يعني اية؟ 

: يعني مش هقعد في البيت وهشتغل 

حاول السيطرة علي اعصابه التي استطاعت استفزازها بجداره ليقول ببرود : ولما انتي واخده قراراك بتقوليلي لية 

زفرت بضيق فهي لاتريد اغضابه ولكن لامفر قالت برجاء : ياعاصم انت اية مصمم تخليها مشكله 

ابتعد عنها و اعتدل واقفا وهو مازال يتحدث ببرود: ولا مشكله ولاحاجة.. قلتلك اعملي اللي انتي عاوزاة 

: بس انت مش موافق 

لم يستطع السيطرة علي اعصابه اكثر ليهتف بعصبيه: وهي موافقتي اورفضي هتفرق معاكي في حاجة... سيادتك واخده قرارك... وطالما انتي شايفة وجودك معايا انا وابنك تحكم وإلغاء لشخصيتك فاعملي اللي يعجبك 

تركها ودخل للحمام صافقا الباب خلفه بعنف لتغمض عيناها تتنهد مطولا تحاول التفكير بمنطقه افتقدتها بسبب تلك النيران المشتعلة براسها فقلبها يخبرها بأن عاصم محق ويبرر بأن تلك هي شخصيته المتملكه وهي تحبه بكل مميزاته وعيوبه ولاتستطيع إنكار هذا لأنه حينما يخبرها بأنها ملكه هو فإن قلبها يسعد بشعورها بأنه لايري سواها ويحبها حد الجنون... ولكن عقلها يأبي الانصياع ويخبرها بأنه يريد التحكم بحياتها... معركتها خاسرة بالتاكيد امام برود عاصم الذي لايساعدها فربما كانت بحاجة لاهتمامه اكثر لينسيها ويقصي ذلك الملل جانبا ولكنه فضل الإبتعاد مما تركها فريسة لافكارها وجعلها تصمم اكثر علي رأيها.....!! 

تجاهلها علي نحو ازعجها كثيرا في اليومين التالين ولكنها لم تحاول التحدث معه ..

في الصباح التالي دخلت اليها زينب تخبرها بأن مربية سيف الجديدة التي ارسلها عاصم بالأسفل 

فهي لدي عودتها لم تجد هانا وعرفت انها تركت العمل ولم تهتم كثيرا فهي لم تحبها واليوم تفاجأت بمربية جديدة ارسلها ولم يكلف نفسه عناء أخبارها... 

تطلعت لتلك المرأه الاربعينيه والتي يبدو عليها الطبيه والسماحه.. انا عفاف ياهانم 

: اهلا بيكي قوليلي مدام زينه 

: اتشرفت بحضرتك 

تحدثت معها قليلا تتعرف عليها واحست براحة نفسيه لها كما أن خبرتها وحنانها افضل كثيرا من تلك الفتاه والتي ربما لديها المؤهلات الازمه ولكنها أحبت تلك المرأه اكثر... 

اطمئنت لعودة شهيرة وبقاء سيف برفقه مربيته الجديدة مع وجود شهيرة لتقرر ذهابها للعمل في الصباح التالي لذا عليها التحدث مع عاصم لعله هدئ تلك الأيام الماضيه.. 

استلقي بجوارها دون التحدث اليها لتقترب منه قائلة بهدوء.. عاصم 

قال دون الالتفات اليها : نعم 

: انت هتفضل مخاصمني كتير... هو كان اية حصل لكل ده يعني 

قال باقتضاب : محصلش حاجة.. 

عقدت ذراعيها امام صدرها بغضب من اصراره علي معاملتها علي هذا النحو لتقول : ماشي ياعاصم.. طالما مفيش حاجة يبقي انا بكرة نازلة الشركة ..

قال بعدم اكتراث : اعملي اللي انتي عاوزاة 

بالرغم من انه لم يمنعها الا انه استطاع اغضابها بشدة من برودة وعدم اكتراثه فلو منعها من النزول لربما شعرت بشعور افضل من ذلك الضيق الذي يشعرها به بعدم مبالاته بها لتقرر ان تستمر في عنادها وتحديها له..! 


استيقظت صباحا وارتدت ملابسها تحت انظاره الباردة ولكنها لم تكن تدري بتلك النيران المشتعله بداخله من اصرارها علي عنادها والتي ليس لها التفسير واحد عنده وهو انها تتمادى كثيرا بسبب تاكدها من حبه لها لذا عليه أن يظل علي بروده وابتعاده عنها ... نزلت قبله لتجلس بجوار شهيرة علي مائدة الافطار لتسالها شهيرة : هو عاصم لسة نايم

: لا هو نازل ورايا 

نزل خلفها ليتناول قهوته سريعا ويقف للمغادرة دون قول شئ لتنظر لها شهيرة ; انتي مش رايحة الشركة معاه 

: لا هروح مع السواق ياطنط 

........ 

..... 

ذهبت للشركة لتدخل لمكتبها بحماس وتبدأ باستعراض العديد من المشاريع لتختار واحد من اضخم المشاريع وتقرر العمل عليه ولذا اجتمعت ببعض من مصممين الشركة وأولهم شريف كبير مصممي الشركة..... 

...... في نفس الوقت.. 

انتهي عاصم من امضاء بضعه أوراق ليسلمها لسلمي قائلا : ابعتيلي شريف ومعاه ورق مشروع الشيخ زايد 

: حاضر ياعاصم بيه 

انصرفت سلمي لبضع ثواني بعدها عادت لتطرق مكتب عاصم من جديد... عاصم بيه الباشمهندس شريف في اجتماع مع زينه هانم 

قال بعصبيه : اول مايخلص يجيلي فورا... 

خرجت سلمي مسرعه ليهب عاصم غاضبا فهي تستفزه لاقصي الحدود وبالتاكيد هو مستعد لقتلها الان.....!! 

مرت ساعة سمع بعدها طرقات علي الباب ليدخل بعدها شريف : افندم ياعاصم بيه 

قال بغضب : كنت فين ياشريف 

: الباشمهندسة زينه كانت عاملة اجتماع واول ماخلصت جيت لسيادتك علي طول 

حاول التحكم في اعصابه وهو يقول : بعد كدة تبلغني قبل ماتجتمع مع حد..... فين ورق المشروع

قال بارتباك : اصل.. اصل 

قال عاصم بعصبيه.. اصل اية ماتنطق 

قال بتعلثم : اصل زينه هانم اخدت ورق المشروع ده وبتشتغل عليه عشان كدة كانت مجتمعه بينا 

زفر بغضب : روح انت... 

خرج شريف مرتبكا ليستشيط عاصم غاضبا متجها لمكتبها... 

كانت منهمكة في الأوراق امامها لتنتفض فور فتحه لباب مكتبها بتلك القوة... نظر لها للحظات بعدها تحدث بغضب : انتي ازاى تجتمعي بالموظفين وتاخدي المشروع ده من غير ماتاخدي رأي 

: وفيها اية ياعاصم.. 

تحدث ببرود ممزوج بغضبه المتزايد:فيها ان المشروع ده مش لعبه عشان سيادتك تتسلي بيه 

ضايقتها نبرته المقلله من شأنها لتقول بتحدي : ومن امتي انا بتسلي بالشغل...و اعتقد انك عارف اني اد الشغل ده 

قال بسخريه : هنشوف 

تركها وخرج صافقا الباب خلفه بعنف.... 

انها بالتاكيد تلعب بالنار لعنادها معه بتلك الطريقة ولكنه من يدفعها لتتحداه... وهو بالتاكيد يحترق بنيران غضبه لرؤيتها مصممه علي تحديه بتلك الطريقة ولم تهتم لبروده وابتعاده عنها ليتسرب الألم لقلبه لعدم اهتمامها بقربه منها..... ولكنه مقرر الا يضايقها لذا عليه التحكم بغضبه والتظاهر بهذا البرود الذي لايعلم كم يضايقها ويحرقها اكثر من غضبه عليها فهي تكاد تموت بسبب تجاههله لها مهما استفزته.... 

مرت بضعه ايام وزينه تحاول الانهماك في العمل لتثبت لعاصم جدارتها وقدرتها علي النجاح وهو مازال يتظاهر بالبروود امامها... 

جلست علي جانب المغطس تحاول التماسك بعد هذا الدوار الشديد الذي أصابها لتقطب جبينها بألم فهي تشعر بهذا الدوار منذ عدة ايام ولكنه اليوم أشد... غسلت وجهها مرارا بالماء البارد فلابد انها أرهقت نفسها كثيرا الفترة الماضيه فهي تخرج باكرا وتعمل كثيرا بلا توقف ولدي عودتها تاخذ طفلها وتقضي معه باقي يومها حتي تعوضه عن غيابها مما ارهقها كثيرا... ولكنها لاتستطيع الاعتراف بهذا حتي لا يصدق عاصم انه محق في قراره بعدم عودتها للعمل تلك الفترة... 

خرجت من الحمام وهي تلف المنشفة الكبيرة حولها لتجد عاصم واقف يهندم من ملابسه فتلتقي عيناها بعيناه من خلال المرأه فيري شوقها الكبير له في حين تري برود لم تعهده به تجاهها وسرعان ماابعد عيناه عنها يتجاهل المها و غادر الغرفة سريعا لتتهاوي جالسة تشعر بالحزن لابتعاده عنها غير مصدقه انه يربط حبه لها بفرض رأيه وقراره عليها... أما ان ترضخ له وأما ان بتجاهلها علي هذا النحو 

....... 

أمسكت براسها بألم حينما هاجمها ذلك الدوار مجددا في منتصف اليوم أثناء عملها.. وفجأه شعرت بالغثيان لتسرع للحمام الصغير الملحق بمكتبها....... غلست وجهها واستندت بيدها علي الحائط حتي خرجت لتتهاوي علي أقرب مقعد امامها... انها تشعر بالتعب وقد شحب وجهها كثيرا ولكن عنادها جعلها تأبي الاعتراف بذلك لتطلب من هبه إحضار احد المسكنات لها وكوب من القهوة 

لتأتي هبه بعد قليل تضعها امامها وتنظر اليها بقلق... زينه هانم انتي تعبانه؟ 

: انا كويسة ياهبه عندي بس شوية صداع 

: تحبي اطلب لحضرتك الدكتور

: لا.. بس اجلي الاجتماع لبكرة 

: حاضر 

خرجت هبه لتضع زينه راسها علي المكتب للحظات بعدها تاخذ ذلك المسكن وترتشف القهوة ولكنها مالبثت ان ارتشفت من القهوة لتشعر بالغثيان مجددا وتسرع للحمام.... 

أمسكت ببطنها وخرجت مترنحة لمكتبها تحاول تنظيم أنفاسها الواهنه... وتفكر بأنها ربما ليست مرهقة... لا هزت راسها وابعدت ذلك الاحتمال المنطقي لما تشعر به والذي سيؤدي بالتاكيد لصدام مع عاصم بفرض قراره بمكوثها بالمنزل ان تأكد انها حامل لذا تجاهلت ذلك الصوت بداخلها واقنعت نفسها انها مرهقه من العمل وليس اكثر... ستعود للمنزل لترتاح وغدا ستكون افضل.... 

ولكنها لم تشعر باي تحسن في الصباح التالي ليلاحظ عاصم شحوب وجهها حينما خرجت من الحمام بعد ان ركضت اليه فور شعورها بالغثيان اول مااستيقظت... لم يستطع تجاهلها فنظر اليها وسالها باقتضاب: انتي كويسة

هزت راسها : كويسة اوي 

انصرفت من امامه حتي لايري مقدار شحوبها ولكنه شعر ان هناك خطب ما...!!. 

نزلت الدرج وهي تحمل سيف لتجلس لمائدة الافطار بجوار شهيرة وماان وضعت زينب الطعام حتي راودها شعور الغثيان مرة اخري لتضغط علي نفسها وتعطي الطفل لنعمات بيد مرتعشه وهي تستأذن من شهيرة : بعد اذنك ياطنط هروح الشركة

قالت باستنكار : مش هتفطري يازينه. 

: مليش نفس ياطنط 

: انتي امبارح برضه مرضتيش تتعشي 

ازدادت رغبتها في التقئ لتسرع بالابتعاد : معلش ياطنط عندي شغل كتير الايام دي 

كان عاصم يتطلع اليها بطرف عيناه دون قول شئ فهي ليست على مايرام ووجهها شاحب ولكنها مازالت تكابر فلتتحمل نتيجه عنادها معه... 

نظرت له شهيرة نظرة ذات مغزي تسأله ان كانوا سيظلوا علي تلك الحالة من الخصام طويلا لينظر لها عاصم بعدم رغبته في التحدث ويغادر لعمله...!! 

تناولت احد حبات المسكن فور وصولها للعمل فلديها اليوم اجتماع هام وتريد إقصاء التعب الذي تشعر به جانبا واقصاء ذلك الصوت الذي تعالي بداخلها يخبرها بضرورة ذهابها للطبيب للتأكد من ظنونها التي تزداد يوما بعد يوم... تحسنت قليلا ودخلت لغرفة الاجتماعات وبدات بمباشرة عملها لتمر عليها ساعتان وهي واقفة بلا استراحة تتناقش وتتحدث مما جعلها تتهاوي مكانها فور خروج الموظفين وانتهاء الاجتماع شعرت بالالم شديد يغزو ظهرها واسفل بطنها لتؤنب نفسها علي تحاملها علي نفسها بتلك الطريقة بسبب عناد لم يسبب لها سوي ابتعاد عاصم عنها... ليتعالي صوت عقلها الزائف بأنها قاربت علي النجاح وإثبات انها قادرة علي تولي هذا المشروع واليوم سيبدأ العاملون بالتنفيذ.... 

اخذت نفس عميق في محاولة جاهده منها لتحمل هذا الألم المتزايد بظهرها والذي اسنتدته لوقفتها الطويلة في الاجتماع هذا الصباح.... 

دخلت اليها هبه تحمل بعض الأوراق التي طلبتها منها لتسالها : الباشمهندس شريف فين انا طلبته من ساعة 

: انا ملقتهوش في مكتبه وسلمي بلغتني ان هو مع عاصم بيه في شغل من الصبح 

قطبت جبينها وهي تقول بغضب : يعني اية... مين اللي بيشرف علي المهندسين اللي نزلوا الموقع النهاردة 

هزت كتفها بتعلثم : مش عارفة 

اشتعلت وجنتها بالغضب فهو سحب منها شريف ليعرقل عملها ولكنها لن تستسلم لذا قالت بلهجة امرة : طيب خلي السواق يجهز انا نازلة 

اخذت نفس عميق وامسكت بطنها تدلكها برفق تحاول التخفيف من هذا الألم الذي مايلبث ان يزداد... وخاصة حينما سارت السيارة بهذا الطريق الغير ممهد لتشعر بالالم ظهرها يزداد وودت لو تعود في تلك اللحظة للمنزل فلاتريد شئ سوي الاستلقاء والنوم ليذهب هذا الألم بعيدا... 

شحذت قواها وغادرت السيارة فور وصولها لتجد بالفعل الأمور ليست جيدة فالعمل بلارقيب فأخذت تتحدث بغضب وعصبيه تملي التعليمات علي الجميع لتتناسي الألم في خضم انفعالها مرت ساعتين أنجزت خلالهم الكثير واسندت المهمات للجميع بعدها جلست بوهن داخل السيارة ليحدثها السائق... تحبي ياهانم نرجع الشركة ولا البيت 

قالت بوهن : البيت لو سمحت

لم تشعر بالطريق الا لدي توقف السيارة بالفناء الخارجي للمنزل فقد غفت من كثرة الارهاق والتعب.... غادرت السيارة بخطي بطيئه تحاول التماسك فقد وصل الألم ذروته... دخلت غرفة طفلها لتجد شهيرة وعفاف جالسين برفقته طبعت قبله علي جبينه واعطته لعفاف بسرعه فهي لاتستطيع الوقوف وتشعر بأنها ستقع في اي لحظة... قطبت شهيرة جبينها بقلق لرؤيتها لزينه بذلك الشحوب : زينه انتي كويسة؟ شكلك مش مظبوط 

اغتصبت ابتسامة وهي تقول:.. لا انا كويسة ياطنط بس مرهقة شوية ومحتاجة انام 

: طيب ياحبيتي ارتاحي شوية لغاية العشا مايجهز

هزت راسها : لا معلش ياطنط انا مش عاوزة اكل محتاجة انام بس 

: زي ماتحبي يازينه 

تنفست الصعداء بمجرد دخولها غرفتها لتترك لدموعها العنان تبكي بشدة لشعورها بهذا الألم الذي لايحتمل .. أمسكت ظهرها وسارت بخطي بطيئة للحمام لتأخذ حمام دافئ لعل الألم يقل... اندثرت بالاغطيه وهي تحيط بطنها بذراعيها فالالم يزداد ولايتوقف... لامت نفسها كثيرا وندمت علي عنادها وقررت انها ستذهب في الصباح للطبيب و ان كان ظنها في محله وهي حامل بالفعل كما تشعر فهي لن تغامر بجنينها كما فعلت تلك الأيام... ندمت كثيرا علي تجاهلها لماتشعر به طوال تلك الفترة وشعرت بمقدار غباءها لمغامرتها بحملها وتمنت فقط لو هذا الألم يتوقف ولكن بلاجدوي فقد ظلت تتألم وهي تتقلب من جنب لآخر بوهن شديد..... 

فتح عاصم الباب وصفقه خلفه بعنف لتعتدل جالسة وتتعالي دقات قلبها لرؤيه وجهه لايفسر من شدة الغضب 

اقترب منها وامسك ذراعها بعنف ; انا كام مرة حذرتك من نزولك الموقع...

حاولت التحدث بوهن ; انا 

هتف بغضب :انتي اية.... الظاهر انتي نسيتي انا مين وعماله تتحديني وسايقة فيها 

حاولت التحدث ولكن المها أصبح لايحتمل ففكرت بيأس اخباره بما تشعر به ولكنه تابع بغضب شديد... اظاهر اني دلعتك زيادة وفكرتي انك تقدري تلعبي بيا وتمشي كلامك عليا... لا يازينه فوقي انا لو روحي فيكي مش هسمحلك تكسري كلامي تاني.. انا استحملتك كتير عشان مزعلكيش بس

خلاص من هنا ورايح كلامي انا اللي هيمشي و مكانك هنا في البيت ومتتحركيش خطوة من غير اذني فاهمة 

انهمرت دموعها من شدة المها فظنها عاصم تبكي من كلامه فاولاها ظهره يسير بضعه خطوات لمغادرة الغرفة ولكنها صرخت بإسمه تستوقفه بصوت باكي مستجده به حينما رفعت الغطاء من عليها ورأت تلك الدماء الغزيرة تغطي الفراش... عاصم الحقني

التفت اليها لتتسع عيناه بهلع حينما رأي وجهها الشاحب لينظر الي تلك الدماء ويرتسم الرعب علي ملامحه....زينه 

اسرع نحوها يحملها بذعر شديد وعقله متوقف عن العمل لايفهم شئ وربما لايريد ان يفهم شئ سوي انها ستكون بخير.... نزل بها الدرج بسرعه باتجاه سيارته لتتمسك به وقد انسابت الدموع ساخنه تحرق وجنتها حينما فهمت مايحدث لها فهي قد فقدت جنينها بسبب عنادها..!! 

كرهت نفسها وودت لو تموت هي بدل من ذلك الجنين ولكن ندمها جاء متأخرا بعد فوات الأوان وماهي الالحظات وقد 

تشوشت الرؤية لديها وذهب في ظلام سحيق


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم 

الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

5 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !