قيد من دهب الفصل السادس والاربعون

0

الفصل السابق

 السادس والاربعون

روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

التفت ساقها ببعض بينما كل ما استطاعت أن تسيره خارج الغرفه هو بضع خطوات قبل أن تخونها ساقها ولا تستطيع حملها فتجثو مكانها والألم الشديد يكاد يزهق روحها لتنادي اسمه مره اخري بينما قلبها العاصي مازال يراه امانها ... جاسر 

خرج صوتها ضعيفا فلم يصل إليه بينما وصل المها الي الحلقوم لتحيط بطنها التي تتمزق الما بيدها وتحاول أخراج صوتها الواهن بينما بدأ العالم يدور من حولها ولكن كل ما استطاعت نطقه هو بضع حروف متقطعه ...ج...ا...

لم تكد تكمل كلمتها وكانت تهوي مكانها ....

انتفض جاسر من مكانه بينما استمع لصوت ارتطام جسدها بالأرض ليركض ناحيتها وتتجمد ساقاه بالأرض وهو يراها بتلك الحاله ..... لا يعرف كيف وصل إليها بينما هربت الدماء من أطرافه ليجثو علي الأرض بجوارها بهلع شديد ويحيط جسدها بذراعه يرفعها عن الأرض وهو يضمها إليه وهو يهتف بقلب لهيف : ماااس ....ماس ...ماس ردي عليا 

لا توجد كلمات بتلك اللحظه قادره علي وصف حالته بينما رقدت بين ذراعيه بوجهه شاحب حاكي شحوب الموتي ليصرخ بهلع وقلبه ينتفض بين ضلوعه وهو يكاد يموت بل بالفعل شعر بتلك اللحظه أن روحه تفارق جسده وهو يراها بتلك الحاله ....ليمد أنامله المرتجفه تجاه وجهها يحيطه بكلتا يداه وهو يهتف باسمها يحاول افاقتها : ماسه ...ماسه افتحي عينك ....ردي عليا 

مااااس متعمليش فيا كده .....ردي عليا 

بصعوبه بالغه حركت ماس شفتيها تريد أن تنطق بينما كل ما تراه هو سحابات سوداء غلفت نظرات عيونها المتورمه ..جا....جا..س..ر 

بحروف متقطعه نطقت باسمه وهي تحاول الاستجابه لنداءه اللهيف لتشعر بذراعيه تحيط بجسدها الواهن بقوة لايعرف من اين أتته وهو بالكاد يتنفس ليحملها ويسرع بخطواته الي الخارج ويضعها في السيارة ليميل عليها وهو يعدل من وضعها وعيناه لا تفارق النظر إلي ملامحها الباهته وصوته لا يتوقف عن التردد بأذنها يترجاها : ماسه متعمليش فيا كده .... فتحي عينيكي 

ماس ردي عليا 

غالبت ضعفها وحاولت فتح عيونها والتمسك ببقايا وعيها بينما الالم الشديد يفتك بكامل جسدها لتري عيناه تنظر لها وتحمل الكثير والكثير من المشاعر ...خوف ..حب .. اعتذار ...رجاء بل توسل الا يحدث لها شيء سيء 

خانته عيناه لتلمع بها الدموع ما أن رأي عيونها بالكاد تحاول فتحها ليمسك بوجهها بين يداه وهو ينطق باسمها بصوت متحشرج بدموعه التي ملئت حلقه : ماسه ...متخافيش انا جنبك ..!

كم كانت بحاجه لسماع تلك الكلمه ....أنه بجوارها ..!

ربت علي وجهها بحنان واسرع ليغلق الباب ويتجه الي الجهه الأخري ويقود بها مسرعا تجاه اقرب مشفي 

امسك بيدها البارده بيديه ولم يتوقف عن اخبارها تلك الكلمات : متخافيش انا جنبك .....فتحي عينيكي 

ماس ....ماس حبيتي استحملي 

تصبب العرق البارد علي جبين ماس التي عادت لتستسلم الي تلك السحابات السوداء من شده الالم ليهتف جاسر بها ما أن لمح انغلاق جفونها : ماس فتحي عينيكي ....فتحي عينيكي يا حبيتي هتبقي كويسه 

بأيدي واهنه حاولت التمسك بيده لتشعر بيداه تتمسك بها أكثر وهو يردد : هتبقي كويسه يا حبيتي .....خليكي معايا ....فتحي عينيكي ياماسه .....انا جنبك 

غص حلقه بقوة بينما يحاول استيعاب ما عانته وحدها بتلك الدقائق قبل أن يصل إليها ولا يريد التساؤل عما كان قد يحدث لها أن لم تخرج من الغرفه وبقيت بها وحدها حتي الصباح لينحر الالم والندم قلبه الملتاع وينظر إليها بأسف شديد عن قسوته عليها ولكن ليس وقت نطقه الان ....!

جاهدت ماس كثيرا ان تتحمل هذا الالم الشديد الذي اجتاح كامل جسدها ولكن الالم كان اقوي من احتمالها 

نظر جاسر إليها بنظرات مشتته ملتاعه بينما انسابت الدموع كالانهار فوق وجنتيها ليقول برجاء : متعيطيش يا حبيتي .....هتبقي كويسه 

اختنقت بدموعها بينما خرج صوتها واهنا ضعيفا بالكاد سمعه وهي تقول بفجيعه وحسره : حاسه البيبي حصله حاجه 

ربط جاسر علي قلبه بينما يشعر بنفس الاحساس ليهز رأسه ويقول لها مشجعا : هتبقي كويسه متخافيش

فهمت ما يحاول قوله بينما لم يطمئنها أن طفلهم سيكون بخير لتغمض عيونها وتعتصرها من شده الالم بينما تضع يدها فوق بطنها وتنتحب بدموع غزيرة وهي تشعر أن قلب طفلها لم ينبض !

زم جاسر شفتيه بقوة يمنع دموعه حينما رأي قهره دموعها ليمسك بيدها هاتفا برجاء حينما وجدها تغمض عيونها باستسلام : فتحي عنيكي يا ماسه ....هتبقي كويسه 

اوما لنفسه ولها وهو يقول : المهم تبقي كويسه 

اوقف سيارته أمام المشفي العام الموجود بأطراف البلده ونزل منها مسرعا ليحمل ماس ويدخل الي المشفي بقلق بالغ هاتفا : ...دكتور بسرعه 

أومات أحدي الممرضات التي قامت سريعا من مكانها وهي تراه يحمل ماس بتشير الي أحدي الممرات هاتفه : ادخل بيها الطواريء بسرعه وهنستدعي الدكتور 

امتثل جاسر الي اشارة الممرضه واسرع وهو يحمل ماس ليضعها برفق فوق فراش المشفي الابيض .....

مد يداه تجاه جبينها يمسح حبات عرقها البارده ويبعد خصلات شعرها الي الخلف بينما ينظر إلي عيونها الباكيه بحنان قائلا : هتبقي كويسه ....معلش اتحملي شويه وهتبقي كويسه 

امتقع وجهه ماس من شده الالم الذي عصف بها وشعرت بالوهن الشديد يسري باطرافها التي ارتخت كما ارتخت جفونها ليهتف جاسر بها بهلع وهو يضع وجهها بين كفيه : ماااس ...فتحي عينيكي وبصيلي 

حاولت فتح عيونها بينما بدأ صوته يتباعد وتلك السحابات السوداء تقترب منها أكثر وتغرقها بها كما غرق وجهها بدموعها التي انسابت من عيونها بغزارة وهذا الالم الشديد التي تشعر به يزداد قوه كلما أغمضت عيونها وتخيلت ما سيخبرهم به الطبيب بعد قليل .....اختنقت بدموعها الساخنه وهي تتخيل سماع كلمه فقدان طفلها ليزداد بكاءها بشده حتي ارتجف كامل جسدها 

فلم يحتمل جاسر ليميل فوقها ويضمها اليه بقلب موجوع وهو يتمني لو يأخذ هذا الالم مكانها ....تألمت ماس بقوة فاقت احتمالها لتغيب أنفاسها وتشعر بصعوبه في التنفس بينما لم تعد تقوي علي البقاء بوعيها أكثر فتغمض عيونها وتستسلم الي تلك السحب التي جذبتها الي دوامتها السحيقه

ليهتف جاسر بها بقلب لهيف وهو يراها تفقد الوعي : ماس حبيتي .....انتي هتبقي كويسه .....انتي قويه متستسلميش .....عشاني يا ماس.... انا مقدرش اعيش من غيرك 

اختنق صوته وهو يقول بوجع شديد : هتبقي كويسه ....عشاني انا متسبنيش 

دخل الطبيب سريعا ليشير جاسر إليه صارخا : بسرعه يادكتور ...الحقها بسرعه 

قال الطبيب وهو يتجه الي ماس بخطوات مسرعه ويبدأ في فحصها : ايه اللي حصل ؟! 

قال جاسر بضياع : تعبت فجاه ووقعت ....هي حامل في الشهر التالت و...و 

تعلثم صوته وهو لايستطيع ترتيب جمله بينما عيناه لا تفارق النظر إليها وهي راقده بتلك الحاله  

التفت جاسر الي الطبيب الذي تغيرت ملامح وجهه ليشير الي الممرضه قائلا : بسرعه استدعي دكتورة سماح وهاتيلي حقنه (**) بسرعه 

أومات الممرضه واسرعت الي الخارج بينما التفت الطبيب الي جاسر قائلا : انتظر برا لو سمحت 

هز جاسر رأسه بإصرار : مش هسيبها 

قال الطبيب برجاء مهذب حينما دخلت الطبيبه التي قام باستدعاءها : لو سمحت خلي الدكتورة تشوف شغلها 

وقف علي جمر ملتهب بالخارج بينما بلحظه ارتبك الأمر و لتخرج ممرضه وتدخل طبيبه ويسرع اخر ليشعر بأن هناك شيء خاطيء فاتجه سريعا تجاه الغرفه ليفتح الباب ويقف مكانه بينما كانت الطبيبه تقول : للاسف الجنين مات ولازم تدخل عمليات 

اختنق جاسر بحمم دموعه التي كبحها بداخله بينما نظرت إليه الطبيبه بأسف لم يدعها تنطق به وهو يسأل بقلق بالغ : المهم هي ...هي كويسه ؟! 

قالت الطبيبه : أن شاء الله هتبقي كويسه ....حاليا هتدخل العمليات بس حضرتك تروح تكمل الإجراءات علي ما نجهزها للعمليه 

بانكسار شديد لأول مرة يشعر به كان يوقع علي تلك الأوراق التي لم يري بها حرف والدموع السجينه تغشي عيناه ليضع القلم ويتجه بانهزام الي غرفه العمليات حيث أخذوها ...!

ماذا حدث لهم ...؟! الا يكفي كل هذا العذاب والان يفقدوا طفلهم ....ااه من هذا الوجه الذي يشعر به ليس فقط لفقدان طفلهم ولكن للوجع والقهر الذي سيجتاح قلبها حينما تعلم ....! 

جلس جاسر امام غرفه العمليات وقد احني ظهره ووضع رأسه بين يداه بانكسار بينما لأول مرة يشعر كم هو وحيد وبحاجه لمن يشد أزره بتلك اللحظات الصعبه ولكنه لم يستطيع محادثه أحد لينظر الي باب غرفه العمليات بحسره علي رفيقه دربه التي لم يشعر يوم واحد بوحده وهي بجواره ....!

انها حياته وعالمه الذي يضيع به بدونها ....أنه بحاجه اليها أكثر مما هي تحتاجه الان 

اناني ويعترف ولكن الا تكون الانانيه في الحب مشروعه ...أنه كطفل اعتاد من والدته العطاء بكل شيء حتي أصبح لا يستطيع العيش بدونها 

....كم كان قاسي عليها وهو يجافيها تلك الأيام ....

ليت كل هذا يحدث له هو وهي لا .....فهو يستحق أن يتالم كما تجرأ علي ايلامها .....

اه من نيران الندم التي تأكل بقلبه بعد فوات الاوان !

واه من وجع قلبه الذي احرقه فاحرق كل شيء في طريقه !

قسي عليها لانه مجروح ....!

خاف أن يفقدها بعد حديثها مع أخيها ....خاف أن تري البعد بينهم طريق ....خاف أن يواجه يوم حقيقه أنها لم تعد تحبه لذا لم يواجهها أو يتحدث معها وظل صامت تلك الأيام .....خاف أن تخونه شفتيه وينطق بعتاب من قلبه المجروح فيفسد ما بينهم أكثر .....

ليست المواجهه سهله ابدا بينما عقله يأخذه في غياهب اثار تلك المواجهه فماذا كان سيفعل ان كانت مواجهته لها اول الطريق لتقول له إنها لم تعد تحبه ولم تعد تستطيع العيش معه .....صمت نعم ولكن صمته كان خوفا من فقدانها ...خوفا من مواجهه مارد عصبيته في تلك الصورة التي رسمتها له ....أنه يعرف ويعترف بأنه 

اناني للغايه في حبها ولكنه يحبها بكل جوارحه ولا يحتمل أن يستمع منها لشيء كهذا !

قسي عليها بشده ولكن هذا الطريق الذي يعرفه ولايعرف سواه ....تعلم المناقشه علي يدها وبيدها كانت من تقوده لذا ضاع وحده وظل صامت .....كان يريد أن تأتي ككل مره وتبدأ معه بالحديث الذي يجهل ابجدياته وهو كذكر احمق مغرور لايعترف أنه لايعرف كيف يتحدث ....فقط يخفي تخبطه بصوته العالي ....تحدثت وطلبت منه أن يسمعها ولكنه وقتها كان لا يستطيع التحكم في غضبه لذا لم يسمع ...كانت تلك المحادثه بينها وبين أخيها ماتزال تتردد في أذنه فلم يكن بحاله تسمح له بالحديث ولكنه بدأ يهدأ وأراد أن تبادر كما اعتاد منها ولكن يبدو أن هذا الحق المكتسب الذي سمحت له به بكل سماحه فات أوانه وهاهو يأخذ تلك الصفعه الموجعه عقابا له علي كل أفعاله ....لينتحب قلبه بقوة وهو يقر بأنه يستحق العقاب ولكنها لا ....لا تستحق ابدا ان توضع باختبار مؤلم كفقدان طفلها الذي كانت ترسم قبل أيام لحظاتهم سويا .....غامت عيناه بالدموع وهو يتذكر ضحكتها الجميله ( حلو اوي الفستان ده ....هلبسه لبنتنا اول يوم نخرج فيه سوا )

ااااهه حارة انبثقت من صدره وفرك وجهه بقوة بينما الغصه شقت حلقه وهو يتذكر تلك الليله المشؤمه .....ااه من تلك المحادثه التي يتمني لو لم يستمع إليها من الأساس ...تلك الكلمات هي ما جرحته بينما وجد الجميع يهاجمونه بعيوبه التي تحدثت عنها والتي يعرفها فهو عصبي للغايه خاصه في أي أمر يخصها ولا ينكر هذا ولكن ماذا تنتظر منه وهو يغار حد الجنون ....الم تعرفه ولو قليلا لتعرغطف أن هذا شيء ليس بيده !

طن رأسه بالمزيد والمزيد حتي عجز قلبه عن الاحتمال 

.....! بماذا يفيد الندم الان ؟! لا يهم اي شيء إلا أن يراها أمامه سليمه معافاه وتلك الازمه التي يمرون بها ستمضي ...

طال انتظاره امام غرفه العمليات وقلبه يتوقف عن الخفقان كل لحظه بينما يعد تلك الدقائق التي بدت له لا نهائيه وهو واقف وحده مجرد هيئه ثابته ولكن بداخله منهار .....فصورتها ...ضحكتها ... حديثها....حنانها ...حزنها ...وجعها ودموعها .... كل شيء يؤلم قلبه وعقله لا يرحمه وهو يتوقع الاسوء 

قلبه الملكوم ينعي ضياع طفلهم وقلبه العاشق لا يتحمل وجع حبيبته 

يقف بمفرده وحيدا بينما بدأت انوار الفجر تزحف فوق عتمه الليل الطويل الذي لم يمر في حياته باسوء منه .... فكم أدرك أنه وحيد بدونها

واقر أنه لا يريد أن يتنفس نفس لا تشاركه به 

لا يستطيع أن يعيش بدونها ....مرت تلك الساعات ثقيله للغايه عليه بينما كان واقف جسدا وروحه معها بالداخل 

خرجت الطبيبه ليسرع جاسر إليها بقلب لهيف : ماس كويسه ؟!

أومات الطبيبه متنهده : الحمد لله. ..حاليا في الافاقه وهتخرج خلال ربع ساعه ... 

أومات وتابعت بأسف لجاسر : ربنا يعوضكم خير 

هز رأسه بنظره خاويه بينما تلقي التعزيه ثقيل للغايه 

تابعت الطبيبه : هتفضل معانا يومين نضبط فيهم مؤشراتها الحيويه ...الضغط كان عالي جدا وده طبعا اثر بالسلب علي الطفل 

يريد أن يعرف ما حدث ولكنه لا يحتمل سماع المزيد لذا كان واقف أمام الطبيبه التي تخبره بتوقف نبض الجنين قبل يوم علي الاقل بسبب سوء حاله ماس التي يدرك سببها جيدا ... لايريد الاستماع للمزيد ...لايريد تخيل ما كانت تعانيه وهو لا يشعر 

اخيرا تابعت الطبيبه : الضغط مينفعش نستهتر بيه ولازم يتظبط قبل ما تخرج من المستشفي 

: انا ممكن انقلها مكان تاني افضل 

هزت الطبيبه راسها قائله : مفيش داعي .... دكتور عبد العزيز هيتابع معايا حالتها وهو دكتور ممتاز 

اهم حاجه الفترة اللي جايه حالتها النفسيه لأنها لما تعرف مش هيكون سهل عليها نفسيا وخصوصا أنه أول طفل ليكم 

استند جاسر الي الحائط واغمض عيناه يحاول بقوة ابتلاع غصه حلقه بينما كلام الطبيبه لايتوقف عن التردد بأذنه ....أخبرته أنها متعبه وهو ظنها لاتعني ما قالته 

كم كان اعمي القلب حتي لا يشعر بها 

ظلت مقهورة منه تلك الايام فلم تحتمل ...! 

اسرع برفقه الممرضات حيث دفعوا بالفراش الذي نامت ماس فوقه تجاه تلك الغرفه ليمددوها برفق بينما مازالت تحت تأثير المخدر 

تقدم ناحيه فراشها لينظر إليها بقلب لهيف وسرعان ما 

مال عليها ومرر يداه بحنان شديد علي خصلات شعرها ينطق باسمها : ماس 

بقي بجوارها ممسك بيدها التي انغرست بداخلها تلك الحقنه حتي بدات تستعيد وعيها 

فتحت ماس عيونها بصعوبه وهي ترمش بضع مرات بينما تحاول تذكر ما حدث واين هي لتلتقي عيونها بعيون جاسر فتري لمعانها بدموعه التي تحجرت خلف جفونه فتفهم كل شيء ليلتاع قلبه حينما رأي تزاحم الدموع بعيونها  

وكم شعر بالعجز بتلك اللحظه عن تسكين وجعها بينما سألته بصوت مرتجف وهي تضع يدها فوق بطنها : البيبي مات صح ؟!

غص حلق جاسر بقوة ونظر لها بعتاب أن ترحمه من رؤيه تلك الدموع تنهمر من عيونها بهذا القهر  

مرر يداه بحنان شديد علي وجهها قائلا : انتي كويسه وده المهم 

هزت ماس راسها ومالت بها الي الجانب وهي تنتحب بقهر صامت فلم تنطق بشيء ....فقط ظلت دموعها تنهمر بغزارة ...

مال عليها وبرفق مسح دموعها قائلا : ماس حبيتي انتي تعبانه نامي شويه وانا جنبك 

مسح دموعها بحنان مجددا ولكنها لم تتوقف عن البكاء بصمت 

فلم يستطيع ان يمنع نفسه من أن يميل فوقها ويحتضن جسدها بجسده ويهمس لها بيقين : ربنا هيكرمنا تاني المهم انك كويسه ...ده أمر ربنا ...الحمد لله انك كويسه 

ماس انا مقدرش اعيش من غيرك ولا اقدر اشوف وجعك 

متعيطيش ...

بصعوبه بالغه توقفت عن بكاءها الذي مزق نياط قلبه ليرفع جاسر جسده برفق من فوقها وينظر إليها وهو يمسح باقي دموعها برفق ويربت علي شعرها بحركات هادئه حتي استغرقت بالنوم ليبقي معها جالس علي أحد المقاعد حتي الصباح ..

......

........

بكمد جلست مها مكانها بينما طوال تلك الايام وهي تتغير ما بين اه و لا ....ما بين أن تذهب إليه وتجعل تلك الفتاه تعرف بكل شيء حتي لا تكون الوحيده من انكسر قلبها وتاره أخري تصمت فهي من وافقت من البدايه .....

زمت شفتيها بضيق متنهده وهي تنظر إلي جدران غرفتها التي ضاقت علي صدرها وهي تفكر أنها بالفعل لاشيء لديه وان كان مايزال لديها القليل من العقل ستعمل بنصيحه ليليان وتأقلم نفسها علي عدم وجود صالح في حياتها وتعتبره مرحله وانتهت بينما بالفعل كانت بحاجه لتلك الزيجه حتي لا يقع ابيها بالمشاكل .....ولكن ما تلبث تلك الفكره تلاقي هوي في عقلها حتي تأتي كلمات رافت ويأخذها قلبها الذي يحبه لتخيلات اكتشافه لسوء تلك الفتاه فيتركها ويعود اليها وكم كانت تلك الأحلام جميله لتتمني بالدقيقه الف مره أن يكتشف صالح سوء تلك الفتاه ولكن هاهو كل يوم يمضي بعد الآخر وهو حتي لا يفكر بمجرد اتصال بها .....!

هبت مها من مكانها بهلع حينما استمعت لهذا الصراخ لتركض بأقدام مرتجفه الي الأسفل حيث تعالي صراخ تلك الخادمه لتقول بهلع : في ايه ؟!

: الحقي رياض بيه ....؟!

ركضت مها تجاه غرفه ابيها لتجد وجهه ممتقع ونفسه بالكاد يستطيع التقافه ...بابا مالك ....بابا رد عليا ؟!

قال رياض بصعوبه من خلال أنفاسه الواهنه : البنك......البنك هيحجز علي مزرعه الفاكهه يا مها .......البن...ك 

لم تفهم ولم تستوعب ولم تظن أن هناك شيء هام أكثر من ابيها لتقول بقلق شديد وهي تشير الي الخادمه : هاتي جهاز النفس بسرعه 

ركضت الخادمه وبدأت مها بمحاوله إسعاف ابيها بينما أمسكت هاتفها سريعا وهي تقول بصوت مرتجف : الحقني ياعمي ....بابا تعبان اوي...انا لوحدي ومش عارفه اتصرف  

قال رافت وهو يعتدل واقفا : انا جايلك علي طول يا بنتي 

نظرت ليليان الي رافت الذي دخل الي الغرفه مسرعا : في ايه يا رافت ؟!

: رياض تعبان اوي ...هلبس واروح لمها مش عارفه اتصرف لوحدها 

أومات وقامت لتجهز له ملابسه بينما تقول : تحب اجي معاك 

نظر لها رأفت بسخط : لا خليكي ....نظر لها بتوبيخ مبطن بينما يتابع بمغزي : عشان تاخدي راحتك وانتي بتكلمي ابنك 

اهتزت نظرات ليليان للحظه قبل أن تستجمع نفسها قائله : هو ممنوع اكلم ابني ؟!.

التفت لها رأفت بحده : ليليان ...! 

انتي فاهمه انا بتكلم عن ايه ....

صمتت بينما بالفعل لا تفوت يوم دون الحديث مع صالح وياسمين ولم تبالي بمعرفه رافت للأمر حينما وجدها تنظر في صورهم التي ارسلتها لها ياسمين لتجتاح السعاده محياها حينما وجدت سعاده ابنها وسعاده ياسمين التي عانت كثيرا 

اغلق رافت ازرار قميصه وتابع بحزم : عموما مش وقته الكلام ده ....لينا كلام تاني 

صمتت ليليان ليتجه رافت الي باب الغرفه ولكن قبل أن يخرج التفت لها قائلا : بما أن البيه مش بيرد عليا وبيرد عليكي ابقي قوليله اللي حصل لحماه ....ميصحش ميكونش موجود في ظرف زي ده 


........روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

.....

اسرع مهران بخطاه تجاه جاسر الذي ارتمي علي كتفه ماان رآه امامه ليربت مهران علي كتفه يشد من عزيمته : اجمد يا بوي بكرة ربنا يكرمك بعشر عيال المهم سلامتها 

هز جاسر رأسه : الحمد لله 

نظر له مهران بمواساه ويقول بعتاب : ليه مكلمتنيش ياجاسر وواقف لوحدك 

سأله جاسر : انت عرفت منين ؟!

: الواد ابن عوض الغفير شغال هنا لقيته جايب ليا الخبر الشوم ده علي الصبح ...ازاي ياجاسر متكلمنيش 

هز جاسر كتفه : مفيش فيا دماغ ...كان كل اللي شاغلني هي ...حتي تقريبا مش معايا تليفون أو تحت في العربيه 

اوما مهران قائلا : متشغلش بالك بأي حاجه 

المهم طمني هي كويسه 

: الحمد لله 

: الحمد لله .... انا معاك لو في اي حاجه قولي 

هنزل اخلص إجراءات المستشفي 

هز جاسر رأسه : تسلم يامهران ...انا خلصت كل حاجه ...انت بس عدي علي البيت عندي هات تليفوني عشان اكلمهم ....اكيد هتكون محتاجه والدتها 

اوما مهران وأخذ المفاتيح من يد جاسر قائلا : عاوز حاجه تانيه 

هز جاسر رأسه : شكرا يامهران 

....

: لاحول ولا قوة الا بالله

نظرت ياسمين بقلق الي صالح الذي اتصل به مهران وأخبره بما حدث لتساله بلهفه : 

في ايه ياصالح ؟! 

أخبرها لما حدث ليقول وهو يتجه لاستبدال ملابسه : انا مسافر معلش ياحبيتي 

قالت ياسمين بثقه : انا جايه معاك 

تجمد صالح مكانه وقال بتعلثم : تيجي فين بس يا حبيتي ؟! 

قالت ياسمين بجديه : جايه معاك لماس ....مش ممكن اسيبها في ظرف زي ده 

هز صالح رأسه متهربا فكيف تأتي معه الي البلده فحتما ستعرف كل شيء عن زواجه بمها : لا يا ياسمين ....انا هطمنك عليها ولما تشد حيلها ابقي اخدك لها 

هزت ياسمين راسها بإصرار : هاجي معاك ياصالح 

توقعت أن رفضه بسبب أبيه لتكمل : صالح انا عارفه انك مش عاوز تاخدني عشان المشاكل مع والدك بس انا 

مش هروح ناحيته خالص .....والله حتي هفضل في المستشفي مع ماس او حتي اروح لفيروز اقعد معاها 

شعر صالح بالحرج من رفضه الذي اضطر له 

بينما الحت عليه ياسمين : عشان خاطري ياصالح والله ما هروح ناحيته وممكن ارجع بليل بس اطمن علي ماس  

هز صالح رأسه وضمها إليه بحنان قائلا : ايه اللي بتقوليه ده يا حبيتي طبعا هاخدك انا بس عشان هكون مع جاسر 

فقولت هتشغل عنك 

هزت راسها قائله : خليك مع صاحبك يا حبيبي زي ما انت عاوز ...انا لازم اكون جنب ماس 

اتجه صالح فورا الي المستشفي ليسرع بخطاه تجاه مهران الذي ظل جالس خارج الغرفه بينما دخل جاسر للاطمئنان علي ماس التي فتحت عيونها لتدور بأرجاء تلك الغرفه الغريبه عنها وعلي الفور تتدفق إليها ذكريات تلك الليله التي تمنت أن تكون مجرد كابوس ولكن هذا الوجع الحقيقي بقلبها الذي شعرت به أخبرها أنه واقع ....! 

واقع أنها فقدت طفلها فقط ولا يهم السبب ....! 

فهي ام ملكومه لا تبحث عن أسباب !

...........

.....


نظر شريف الي هويدا بتفكير لتشجعه قائله : فيها ايه يا شريف لما نروح نطمن عليها 

هز شريف رأسه قائلا : مفيهاش يا هويدا بس اولا انتي تعبانه ومش هتتحملي الطريق 

هزت هويدا راسها بإصرار : مش هتعب ....انا عاوزة اطمن علي بنتي ...صوتها امبارح مكانش عاجبني 

تنهد شريف بتفكير قائلا : بس دلوقتي هتتفهم غلط ....جاسر ممكن يحس بحساسيه وكأننا جايين تفتيش عليه .....

اصبري كام يوم تكون هي وجوزها صفيوا لبعض وبعدين نروح نطمن عليها 

قالت هويدا بقلق امومي فطري : معرفش قلبي واجعني عليها ليه يا شريف 

قال شريف : ربنا يهون علي جوزها ويرجعوا 

أومات هويدا قائله : أن شاء الله 

: وابنك أخباره ايه ؟! 

هزت هويدا راسها قائله : مش بيقول حاجه 

وحتي مي كلمتها قالت ليا أنهم كويسين 

اوما شريف قائلا : ربنا يهدي الحال 

...........

....

رفعت ماس عيناها تجاه جاسر الذي نظر لها بحنان وهو يقترب من فراشها قائلا بابتسامه رسمها فوق شفتيه : 

صحيتي يا حبيتي  

فقط هزت راسها دون قول شيء ليجلس علي المقعد المجاور لفراشها ويسألها بحنان : حاسه انك احسن 

فقط هزت راسها أيضا بينما تلك المره لم تستسلم الي تلك الدموع التي تدفقت الي عيونها وحبستها بداخل جفونها كما حبست وجعها بقلبها 

طال صمتها ولكنه رأي مقدار الوجع والحزن بعيونها التي تحجرت دموعها بداخلها ليميل ناحيتها ويمسك بيدها بين يداه ويقول بحنان جارف وهو يربت بيده الأخري علي خصلات شعرها : ماس ... انا عارف أن اللي حصل مش سهل عليكي بس دي أراده ربنا 

سحب غصه حلقه وتابع بثبات عكس انهيار قلبه : لعله خير ....المهم صحتك... الدكتور قالي ان ضغطك عالي جدا وده غلط عليكي ......ازدادت نبرته اختناقا بالدموع التي تجمعت في حلقه بينما يتابع : احتسبي عند ربنا واشكريه انك قومتي بالسلامه يا حبيتي ....

كان كلامه عقلاني ولكنها ليست بحاجه اليه فهي موجوعه علي طفلها ولا تستطيع أي كلمات تسكين وجعها بالفعل كما حاله جاسر الذي يقول هذا الكلام لعل قلبه هو الآخر يهدأ ولكن بلا فائده فمجرد نطق تلك الكلمات تؤلمه بشده ولكنه مضطر أن يتماسك من أجلها 

الجميع يتحدث ويواسيها وهي لا تريد سماع مواساه احد ....تريد أن تبكي بلا توقف 

شعر جاسر بالقلق من صمتها ومن دموعها التي ملئت عيونها ولكنها لم تبكي وتوقفت عن البكاء منذ أن استيقظت 

لينظر إليها بحنان قائلا : ماس ساكته ليه ?!

هزت كتفها دون قول شيء 

ليربت علي يدها بحنان قائلا : عشان خاطري اتكلمي ....صرخي عيطي ....اعملي اي حاجه تريحك

نظرت له وازدادت غصه حلقها بينما لا يوجد شيء يريح قلبها الملكوم فهي في حاله صدمه افقدتها الشعور بأي شيء سوي كمد وحزن 

تنهد جاسر وتابع : ياسمين وفيروز برا عاوزين يطمنوا عليكي ....هخليهم يدخلوا ليكي و انا هخرج اكلم مامتك ....انا معرفتش اكلم حد لغايه دلوقتي عشان 

كنت عاوز اطمن عليكي الاول 

تفاجيء بماس تهز راسها قائله بصوت متحشرج : 

متقولش لحد ! 

نظر لها بعدم فهم لتغمض ماس عيونها بتعب وتكرر : متقولش لحد ومتخليش حد يدخل ليا انا تعبانه وعاوزة ارتاح 

اوما لها قائلا بحنان بينما لا يفهم سبب رغبتها تلك : ماشي يا حبيتي حاضر ارتاحي ....بس اهلك لازم يعرفوا

قالت بصوت مختنق بحمم دموعها الحبيسه وهي تشيح بوجهها للجهه الأخري : مش عاوزة حد يعرف ...مش عاوزة اسمع كلام ولا اشوف شفقه من حد....ازداد اختناق صوتها بالدموع بينما تكمل برجاء : لو سمحت ريحني 

اوما جاسر دون مناقشه : حاضر ....

ظل بجوارها إلي أن نامت أو أجبرت نفسها علي النوم بينما بقيت ماس تحبس دموعها بداخلها و لم تفرج عن بكاءها بسبب وجوده .....

انكسرت بشده وتريد رثاء طفلها ونفسها ولكن ليس أمام أحد.... لا تريد أن تري شفقه أو مواساه في عيون احد....لا تريد أن تتساءل أو توسئل عن سبب ما حدث .....لا تريد شيء إلا البقاء بصمت  

امتثل جاسر لطلبها ولكن القلق بداخله يزداد من تلك الحاله التي دخلت إليها بينما توقع انهيارها كما توقع أن تلقي باللوم عليه ولكن لم يتوقع ابدا صمتها وترك هذا الحزن ينهش داخلها بضراوة دون أن تشاركه معه علي الاقل .....! 

..........

....

اسرع صالح وياسمين الي المشفي ليلتقي بمهران ويسأله بقلق : ايه اخبار جاسر وماس ؟

هز مهران كتفه قائلا : ربنا يتولاهم 

احتضنت فيروز ياسمين التي قالت بأسي : صعبانه عليا ماس اوي ....اكيد حالتها وحشه 

أومات فيروز قائله : ربنا يكون في عونها 

همس صالح لمهران : نبه علي مراتك اوعي تجيب سيرة  

هز مهران كتفه بينما بالفعل شدد علي فيروز الا تقول شيء لياسمين : متقلقش ....بس انت هتعمل ايه ؟!

تنهد صالح قائلا : مش عارف .....هو بس النهارده يعدي وبكرة ارجعها اسكندريه وابقي ارجع انا عشان جاسر 

اوما مهران قائلا : طيب خليها مع فيروز النهارده 

هز صالح رأسه قائلا : مش هينفع ؟!

عقد مهران حاجبيه : ليه ....عندي احسن بدل ما مها تطب عليك وهي معاك في بيت أهلك 

تنهد صالح بحيره قائلا : ماهو عندك حد من اخواتك ولا مرات ابوك هيقولها 

اوما مهران قائلا : طيب هتعمل ايه ؟! 

هز كتفه قائلا : انا كلمت امي ونبهت عليها وكده كده ابويا عارف اتفاقنا لو ياسمين عرفت هطلق مها 

رفع مهران حاجبه : الخوف من مها نفسها ....! دون إرادته قال بمزاح ثقيل : يابوي عليك ....

حد يعمل عملتك ويجيب الاتنين مكان واحد 

رفع صالح حاجبه والتفت له قائلا : مش انت اللي كنت بتقولي وماله اتجوزها !

اوما مهران قائلا : اه قولت بس مقولتش حط الاتنين مع بعض في بلد اد كف ايدك 

وكزه صالح حينما وجد فيروز وياسمين يتجهون ناحيتهم : طيب اسكت بقي عشان جايين علينا 

بنفس الوقت خرج جاسر ليعتذر لهم بأن ماس ماتزال نائمه لتوميء ياسمين : المهم انها كويسه 

اوما جاسر قائلا : الحمد لله ...

التفت إليهم قائلا : مهران انت واقف معايا من الصبح يلا روح عشان مراتك ترتاح وانت برضه ياصالح خد مراتك وروح اكيد تعبت من السفر 

هز صالح رأسه قائلا : لا انا هفضل معاك شويه 

: لا يا صالح ....روح ...اصلا انا هتكلم مع الدكتور وهدخل لها تاني  

قال مهران : طيب هوصل فيروز وارجعلك يمكن تحتاج حاجه 

شكرهم جاسر قائلا : شكرا ....روحوا 

اوما مهران وصالح : لو في اي حاجه كلمنا 

استبقت ياسمين وفيروز خطوات مهران وصالح الذي 

اتسعت عيناه حينما لمح مها بآخر رواق المشفي ......

توقفت مها مكانها تتبادل النظرات مع صالح وسرعان ما اتجهت عيناها تجاه ياسمين 

التي رأتها واخيرا ! 

التفتت ياسمين ونظرت الي مكان نظرات صالح الذي توقف مكانه لتقول : مالك ياحبيبى.

هز كتفه قائلا : ابدا 

أومات وعادت تتحدث مع فيروز ليقول صالح بهمس لمهران : خدهم انت علي العربيه وانا ثواني وراجع 

أومأ مهران ليتجه صالح الي حيث وقفت مها ليقول بدون مقدمات بصوت حاد : انتي بتعملي ايه هنا ؟! 

نظرت له مها بانفعال بينما تنظر بحقد الي ظهر ياسمين التي سارت برفقه فيروز للخارج : انا ولا انت والبنت دي ؟! 

قال صالح بتهكم : علي اساس انك مش عارفه ان البنت دي تبقي مراتي 

احتقن وجهه مها بالغضب لتقول بسخط : عاوز ايه ياصالح ؟!

قال صالح بحزم : عاوز افكرك باتفاقنا.... لو ياسمين عرفت هطلقك واللي يحصل يحصل

ابتلعت مها إهانته لتقول ببرود ظاهري : اطمن انا هنا عشان ابويا تعبان وطبعا دي حاجه متعرفهاش ...يعني ولا انت ولا مراتك اللي واضح اوي اد ايه انت خائف تعرف انك متجوز غيرها في دماغي 

عقد صالح حاجبيه بينما لم يعلم شيء عن وجود رياض بالمشفي ولكنه لم يسألها عن شيء 

لتنظر مها له بأسي وتتجه سريعا الي غرفه ابيها والحقد بداخلها يزداد لكل هذا الحرص علي ياسمين بينما كرامتها هي لا يقيم لها أي وزن ولا اعتبار 

خرج صالح مسرعا ليجد مهران متوقف بجوار سيارته بينما ظلت ياسمين وفيروز يتبادلون الحديث 

ليهز رأسه الي مهران ويأخذ ياسمين الي سيارته وينصرف ....

ترددت ياسمين ولكنها سألته بكل الاحوال : مين دي ياصالح ؟!

تسارعت دقات قلب صالح الذي تظاهر بعدم الفهم : 

مين ؟!

قالت ياسمين دون مراوغه : اللي كنت بتكلمها 

تعلثم صالح : اه دي ...قاطعته ياسمين بهدوء : 

خطيبتك الاولانيه 

اوما لها ليقول بتعلثم وهو يشرح لها : اصل والدها الحاج رياض تعبان هنا 

قالت ياسمين : طيب لو عاوز تطمن عليه مفيش مشكله 

قال صالح وهو يبعد عيناه عن عيونها حتي لاتريد كذبه بهما بينما يركز علي الطريق : هبقي أزوره بس مش وقته 

خلينا نروح الاول

قالت ياسمين بتردد : صالح ؟!

التفت لها قائلا : نعم 

فركت يدها قبل أن تقول : انا مقدره اوي كل اللي عملته معايا وانك اتحملت اللي رجاله كتير لو مكانك مش هيتحملوه وعشان كده انا مش متضايقه انك تتطمن علي والدها .....خفضت عيناها وتابعت : انت قبلت تتجوزني مع انك عارف اللي عيشته مع .....قاطعها صالح وهو يوقف السيارة جانبا : ياسمين ...متجبيش سيرته تاني. ....خلاص 

هزت راسها ولمعت الدموع بعيونها : انا مش قصدي ....انا بس قصدي أن انا اه بحبك اوي وبغير عليك بس مقدره أن في يوم من الايام كانت البنت دي خطيبتك فمش هتضايق انك تعمل الواجب 

زفر صالح قائلا : ماشي يا حبيتي ....بس متتكلميش في الموضوع ده تاني 

أومات له ليلمح تلك الدموع بعيونها فيمسك بوجهها بين يديه ويقول بحنان : ياسمين حبيتي انا مش عاوزك تحسي بأي نقص أو تقدمي أي تنازل عشان اللي فات .....انا اتجوزتك وكنت اول راجل في حياتك ومنكرش أن دي حاجه كنت بتمناها بس حتي لو مكنتش كده برضه ده ميقللش ابدا من حبي ليكي 

رفعت ياسمين عيونها إليه بابتسامه حزينه : بجد ياصالح 

اوما صالح لها قائلا وهو يكور قبضته : حبيتي انا عارف أن الحيوان ده حاول معاكي كتير بس انتي مستسلمتيش وده عندي كفايه اوي 

احتضنت ياسمين ذراعه وقالت بحب من بين تلك الدموع التي خانتها وهي تتذكر تلك اللحظات المريرة التي عاشتها مع زياد : انا عمري ما فكرت غيرك يقرب مني ...كنت هموت نفسي لو كان قرب مني ياصالح 

ربت علي شعرها بحنان : بعد الشر عليكي 

ساد الصمت لحظه ليغاير صالح جو الكأبه الذي سيطر عليهم قائلا : ايه بقي احنا قلبناها نكد ليه ....كفايه الزعل اللي الواحد فيه بسبب اللي حصل لجاسر 

أومات ياسمين قائله : عندك حق ....حالتهم صعب اوي ....

هز صالح رأسه بتأثر : الله يكون في عونهم ...يلا خلينا نروح اكيد تعبتي 

عاد ليدير سيارته فتشعر ياسمين بدقات قلبها تزداد بينما تقول بتردد : صالح انا هروح معاك ازاي ...يعني خايفه اعمل مشكله بينك وبين والدك 

هز صالح كتفه : عادي يا حبيتي ..... وبعدين انا قولتلك قبل كده أنك مراتي يعني شيء طبيعي اوي تكوني معايا ولو علي بابا متشغليش بالك 


.......... 


بدهشه نظرت مي الي مالك : ايه ؟!

قال مالك ببرود : اللي سمعتيه ... جهزي نفسك خلال يومين عشان مسافرين 

ابتلعت مي لعابها ببطء بينما تقول بعدم استيعاب لهذا القرار المفاجيء : سمعت يا مالك . ...بس يعني ...يعني هنسافر فجاه كده ؟!

هز كتفه ببرود : والله شغلي وحكم ايه المشكله 

نظرت له بوجل بينما تقول بتعلثم : ماهو انت طول عمرك بتسافر ماموريات تبع شغلك وانا ببقي هنا 

التفت لها مالك ونظر لها قائلا بجمود : الوضع اختلف ...انا اتنقلت واظن طبيعي انك تسافري معايا  

افلتت الكلمات بهلع من شفاه مي : يعني هنعيش هناك علي طول ؟!

هز كتفه ببرود : حسب شغلي بس حاليا ...اه مطولين 

ارتجفت نظرات مي بينما وقفت مكانها تواجهه نظرات مالك المتشفيه والذي نقل عمله بطلب منه بينما لم يجد عقاب أشد عليها من أبعاد سمومها عن الجميع وإبعاد تلك النعم التي كانت بيدها ولا تشعر بها والمتمثلة بأقل شيء وجودها بين عائلتها وعلي القرب منهم عكس أخته التي ابتعدت وأصبحت وحيده 

فتحت فمها لتتحدث : بس يا مالك ....ازاي اسيب بيتي وازاي ابعد عن ماما وحتي ازاي ادم يبعد عن عيلتنا كلها 

هز كتفه ببرود : وفيها ايه ...ماهو ماس بعدت ....مش وقتها قولتي مكانها جنب جوزها ....اهو انتي كمان مكانك جنب جوزك 

بكمد نظرت مي له بينما تدرك أن أي شيء تقوله لن يغير من قراره الذي لا تعرف أن كان عقاب أو صدفه تقودها لأول جرعه تتجرعها من كأس غيرتها بينما دار الزمان وهاهي واقفه بنفس موقف ماس ولكن هاهو احساسها مختلف تماما عن كلماتها البارده بظهر ماس بأن عليها أن تكون بجوار زوجها ...!

تركها مالك ودخل لاستبدال ملابسه بينما وقفت مي مكانها بضع دقائق تستوعب قراره ....ايعاقبها حقا ؟!

اتجهت خلفه لتقول بمحاوله منها أن تثنيه عن قراره : مالك 

تمتم دون أن يلتفت إليها : خير 

تنهدت قائله : انا مينفعش اسيب بيتي وعيلتي وابعد عنهم .....

تفاجئت بمالك يلتفت لها ببرود قائلا : مفيش مشكله ...خليكي 

قبل أن تفهم معني كلامه كان يكمل جملته : هسافر انا وادم !

اتسعت عيناها بصدمه : هتاخد ابني 

قال بهدوء : لا هسيبك براحتك بس ابني مش هيبعد عني 

دون إرادتها انسابت الدموع من عيونها بينما تقول بعتاب : انت بتعمل فيا كده ليه ....؟! 

رفع مالك حاجبه بينما استنفرت الدماء بعروقه : انتي بتسألي ؟!

قالت مي بدفاع عن نفسها بيقين تام منها : اه عشان أنا ماليش أي ذنب في اللي حصل وانت اتأكدت بنفسك من كده .....

نظر لها مالك بانفعال : واللي قولتيه كمان مالكيش ذنب فيه ؟!

اهتزت نظرات مي : قولت الحقيقه 

التوت شفاه مالك بسخريه حاده : الحقيقه دي تعرفيها بقالك اد ايه ؟!

ازداد تعلثم مي ليزجرها مالك بعصبيه : تعرفي موضوع جاسر مع ماس من أمتي ؟!

قالت بنبره خافته : من فتره 

زجرها مالك مجددا بينما يحاصرها بأسئلته : ولما تعرفي من فتره اتكلمتي ليه دلوقتي ؟!.

ابتلعت مي بتوتر بينما وقعت بفخه لتصمت بينما لم تجد كلمات ولكن مالك اندفع إليها بحده هاتفا : اتكلمتي دلوقتي عشان ازعل من ماس ......ماشي انا زعلت منها 

انتي استفدتي ايه ؟! 

خفضت مي عيونها ليتابع مالك تأنيبه الحاد : استفدتي ايه لما غيرتي اللي بيني وبين صاحبي .....استفدتي ايه لما زعلتيني من اختي .....اختي اللي انا مش محتاج ذكاء عشان اعرف اد ايه انتي بتغيري منها 

حاولت الدفاع عن نفسها : مالك انا ....قاطعها بصوت جهوري صارخا : اخرسي ...أخرسي ومتنطقيش اي كلمه ......انا مش عاوز اسمع صوتك ولا حتي اشوفك 

نظر لها باشمئزاز وتابع بتوبيخ شديد : 

انتي بقيتي انسانه مؤذيه ...قلبك اسود وحقوده 

بتأذي من غير سبب ......حاولت معاكي كتير بس زي ما انتي وعشان كده ياريت تيجي منك انتي وتطلبي الطلاق ..!

انصدمت ملامحها لينظر لها مالك بنفور : انا مش عاوز واحده زيك في حياتي بس مضطر اكمل معاكي عشان خاطر محرمش ابني من أمه ولا ابني التاني يطلع للدنيا وميعرفش احساس العيله ....غير كده قسما بالله ما كنت هسيبك علي ذمتي لحظه واحده 

انسابت الدموع علي وجهه مي بغزارة بينما اخترقت كلمات مالك قلبها فلم يشفق عليها مالك ولو للحظه بينما تابع انفجاره الذي تأخر كثيرا : لو جبتي الف دليل انا واثق انك اللي اتصنتي عليا وقولتي لجاسر ....كميه حقدك علي ماس تخليكي تعملي كده 

انا خرست وسكتت عشان ماس مش عشانك .....خرست عشان عارف أن جاسر مهما عمل قلبه انضف منك وأنه داري علي عملتك عشان راجل 

خرست عشان انتي لجأتي لاخوكي وهو دافع عنك بس لما ماس لجأت ليا فضحتيها 

خرست عشان ولادي اللي ملهمش ذنب اني اتخدعت فيكي السنين دي كلها .....

تعالت شهقاتها بينما تابع مالك اخر كلماته : قدامك يومين ....أما تيجي معايا وكل اللي قولته ده متنسيش كلمه منه عشان وجودك في حياتي هو ام ولادي وبس واما تختاري تفضلي هنا وكل حقوقك هتاخديها ...!

.........

لم يغمض جفن لجاسر طوال الليل بينما بقي بجوارها وكلما شعر بها تفتح عيونها يقترب منها ويربت علي شعرها بحنان لتغمض عيناها مجددا تريد لظلام تلك الليله الطويله أن ينتهي ......

نظر لها وهي تفتح عيونها ما أن بدأ الصباح بنشر أنواره ليتحرك من جلسته التي بقي عليها طوال الليل ولم يبرح جوارها مسرعا اليها : صباح الخير ..انتي كويسه النهارده ؟؛ 

أومات له بصوت خفيض : الحمد لله 

ابتسم لها قائلا : طيب انا هخرج اقول للدكتور انك صحيتي عشان يجي يشوفك وبعد ما اطمن عليكي 

هروح البيت اجيب لك هدوم واجيب شويه حاجات وارجع تاني ليكي بسرعه 

أوقفته قائله : انا عاوزة أخرج 

هز رأسه قائلا بدهشة : تخرجي ازاي ؟!

قالت ماس بينما مازالت تحبس دموعها : عاوزة أخرج من المستشفي 

قال جاسر برفض : لا طبعا ...الدكتور قال انك محتاجه تفضلي هنا ...انتي لسه تعبانه 

أغمضت عيناها التي كادت تفلت دموعها بينما قالت برجاء متعب : لو سمحت ياجاسر ...مش عاوزة افضل هنا 

طلب يلو الاخر بتلك النبره التي تحمل رجاء الا يضغط عليها وهو يمتثل لها دون نقاش رفقا بحالتها فتحدث مع الطبيب وأخذ منه الإرشادات ليخرجها ويعيدها الي المنزل الذي ما أن وطات به قدمها حتي ارتجف قلبها بداخل ضلوعها وهي تتذكر تفاصيل تلك الليله حتي أن نفس الوجع داهمها وهي تخطو بالرواق الذي وقعت به شعر جاسر بارتجافه خطواتها ليسرع يحملها ويدخل بها الي الغرفه بينما قلبه يؤلمه لرؤيتها هكذا ولكنها لا تتحدث وهو عاجز عن مساعدتها فيما تمر به ...يفهم تماما ويقدر مشاعرها بأنها ام فقدت جنينها للتو ولكن صمتها وعدم بكاءها يجعله عاجز امامها 

أجلسها علي الفراش واسرع الي الخزانه يفتحها ويحاول أخرج لها ملابس نظيفه تستبدل بها ملابس المشفي 

ليتجه إليها قائلا بحنان وهو يمسك بيدها : تعالي حبيتي خدي دوش عشان تفوقي 

سحبت ماس يدها من يده وقالت وهي تركز نظراتها فوق الارضيه : هرتاح شويه وهبقي اقوم لوحدي 

نظر لها بعتاب بينما لا تدعه يساعدها بحزنها : ماس حبيتي انتي لسه تعبانه هساعدك

رفضت فلم يضغط عليها لتختلي بنفسها وهي تستحم دقائق تبكي فيهم بقهر وتنساب دموعها الغزيرة كما تنساب المياه فوقها ....ازداد بكاءها لتضع يدها علي فمها تكتم شهقاتها وتزداد سخونه انهمار دموعها 

طرق جاسر الباب حينما انتابه القلق عليها ليدخل قائلا : ماسه.... انتي كويسه ؟! 

مسحت دموعها سريعا وأغلقت المياه وسحبت منشفه أحاطت بها جسدها وهي تقول بصوت متحشرج : اه 

خرجت من المغطس لتجده واقف بانتظارها ......

امسك بيدها يساعدها علي الخروج من حوض الاستحمام 

وسرعان ما حملها الي الخارج ليجلسها علي الفراش ويمسك بمنشفه اخري يجفف بها خصلات شعرها 

ارتدت ملابسها بمساعدته ومددها علي الفراش قائلا بحنان وهو يجمع خصلات شعرها المبلله : 

خليني اسرح شعرك 

هزت راسها ودفنت وجهها بالوساده قائله : عاوزة انام 

تركها لراحتها وخرج من الغرفه بهدوء 

ليقف علي بابها وبقلب محطم يستمع إلي بكاءها الخافت الذي تخفيه عنه ......كم انشطر قلبه لشعوره أنها لا تريده أن يشاركها بحزنها .....لا تريد أن تنهار أمامه وتضغط علي نفسها لتبدو قويه .... ماذا فعل بها لتصل إلي تلك الحاله ......أنه عاجز تماما عن ازاله أو مشاركتها وجعها وكم كان هذا عقاب قاسي لا يحتمله بينما توقع أن تثور وتنهار وتتهمه بأنه سبب فقدانها لطفلها وكان سيقبل .....كان سيقبل بأي شيء يخفف وجعها بدلا من أن تعاقب نفسها بتلك الطريقه قبل أن تعاقبه ...! 

..........

....


استمع علي جرس الباب ليجد مهران أمامه قائلا : 

معلش أنا جيت من غير ما اكلمك 

اشار الي الخادمه قائلا : ادخلي ياذكيه حطي الحاجه في المطبخ 

نظر جاسر الي ذكيه التي دخلت تحمل الكثير من الاواني 

ليقول مهران : مرات عمي وفيروز عملوا شويه اكل مسلوق لماس عشان تتقوي

قال جاسر بامتنان : مالوش داعي يامهران كنت هتصرف

ربت مهران علي كتفه قائلا : خليك انت جنبها ومتشغلش بالك بحاجه .....هبعتلك ذكيه كل يوم تشوف طلبات ماس 

شكره جاسر : متتعبش نفسك 

اوما مهران قائلا : فيروز كانت هتتجنن وتيجي معايا تأتي بس انا قولت بلاش نتعب ماس وخليها ترتاح احسن وبكره الصبح تيجي تبص عليها 

قال جاسر بترحيب : ياريت يامهران .... جايز تتكلم معاها ...تنهد جاسر بوجع قائلا : مش مخليناني اكلمها وحتي مش عاوزة تعيط 

زم مهران شفتيه بتأثر قائلا : معلش ياجاسر حقها تزعل 

اوما جاسر قائلا باعتراف : حقها تعمل حاجات كتير وانا قابل بس هي ساكته ...انا خايف عليها اوي يامهران 

فكرت اكلم مامتها بس مش عاوز اضايقها 

اوما مهران قائلا : عين العقل ....ريحها وشوف اللي يرضيها واعمله ....يا جاسر دي قلبها محروق علي ضناها 

..........

عاد إليها بعد انصراف مهران ليتعمد أن يطرق الباب ليدع لها مساحتها دون أن يضغط عليها وبالفعل سرعان ما مسحت ماس دموعها وتظاهرات بالنوم ولكنه رأي احمرار وجهها وتظاهر أنه يصدق نومها 

ليجلس بجوارها ويربت علي وجهها بحنان وينحني يقبل جبينها هامسا باسمها : ماسه

فتحت عيونها ونظرت إليه وهي تتساءل هل تتهمه أنه الجلاد أم أنه ضحيه عيب لا يملك به شيء 

لم يتعمد اذيتها لذا قلبها يشفع له عندها ولكن الم قلبها موجع للغايه ولا تحتمل التفكير في أسباب أو مبررات لفقدان طفلها  

قال بحنان : 

ماس حبيتي قومي عشان تأكلي  

ساعدها لتجلس ليضع الوساده خلف ظهرها بينما يقول وهو يحمل تلك الصينيه الكبيرة التي جهزت : بصي بقي مهران بعت اكل كتير جدا فيروز عملته ليكي وانا قولت اجيبلك من كل الأصناف ......نظر لها بحنان بينما انكسر قلبه لرؤيتها علي تلك الحاله وكأنها ليست ماس التي عرفها بحيويتها وقوتها بل انسانه ضعيفه مهزومه ملكومه ....ليقول وهو يحاول أخذ يدها لتخرج من تلك الحاله : انا عارف انك مش بتحبي المسلوق بس معلش كام يوم كده لغايه ما تتحسني 

ابتسم لها وتابع : لو مش عاوزة تأكلي الاكل ده انا عملتلك مكرونه 

نظرت له ليري احتباس دموعها بعيونها بينما يقول بحنان وهو ينقي صوته من اختناق دموعه بحلقه : فاكرة المكرونه بالشوربه الغريبه اللي عملتيها

ليا قبل كده...؟!

قعدت ساعه افتكر طريقتها من كلامك وعملتها 

مد لها يده بالملعقة قائلا : شوفي كده حلوة ولا لا 

أبعدت وجهها قائله بصوت واهن : ماليش نفس 

قال برجاء : عشان خاطري 

أغمضت عيونها تحبس دموعها خلف اهدابها وهي تهز راسها : مش عاوزة 

ترجاها ولكنها رفضت ليعيد جاسر الطعام الي جوارها وهو يتنهد قائلا : زي ما تحبي 

التفت لها ومرر يداه بحنان علي وجهها قائلا : ماسه ....انتي ساكته ليه ....اتكلمي وقولي اي حاجه جواكي .....عيطي لو عاوزة .....قوليلي اي حاجه بس متسكتيش كده ! 

نظرت له وهي تحدث نفسها فيا ليت الكلمه قادره علي شفاء جروحها 

لتباغت جاسر قائله بصوتها الواهن : انا مش عاوزة افضل هنا 

نظر لها بعدم فهم لتقول : انا عاوزة ارجع البيت 

قال دون جدال : حاضر يومين تتحسني ونرجع 

هزت راسها بوجع حقيقي : دلوقتي 

حاول فهم سبب طلبها : ماس ...قاطعته وهي تلقي له بالاسباب : انا مش عاوزة اقعد في الاوضه دي ....مش عاوزة افتكر اللي حصل ..! 

نفذ دون جدال مرتفقا بحالتها وسافر بها الي منزلهم الذي وصلوا إليه قبل الفجر بقليل 

وهاهي بنفس الحاله لتدخل الي الفراش بصمت مستنده الي يده وتغمض عيونها وتنام .....

استغل فرصه نومها ليفتح الخزانه بهدوء شديد ويخرج منها تلك الأكياس التي احضرها لها من أجل مولودهم وياخذها للخارج 

متجها الي خزانه الغرفه الصغيرة ويضعهم بها يخفيهم عن عيناها .....!


قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد 

ايه رايكم و توقعاتكم


الفصل التالي

تابعة لقسم :

إرسال تعليق

0 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !