مد هادي يداه الي ظهره واعادها أمام وجهه ليراها ملطخه بالدماء فيدرك خطورة إصابته ..التقت عيناه بعيون وصال التي تجمدت علي الأرض مكانها للحظه قبل أن تصرخ وهي تحاول أن تهب ناحيته وقد تراخت ساقيه واستسلم جسده لتلك السقطه بينما زحفت وصال ناحيته تصرخ باسمه ما أن رأت جسده يرتطم بالأرض : هادي ...!
تلاقت عيناها التي انفجرت منها الدموع بعيناه الواهنه ليهمس لها برجاء ممزوج بعتاب المحب : كفايه اشوف الكره في عينك يا وصال .... كلامك هو اللي قتلني مش المنجل !
افلتت كلمات العتاب من شفتيها دون أن تدرك قسوتها : انت السبب في كل ده ....انت السبب يا هادي !! انت اللي عملت فينا وفي نفسك كده
لم تلومه عن نفسه بل عن كلاهما
رددت كلماتها بلا وعي ولكن قلب هادي كان واعي لكل ما تقوله لتنحره كلماتها أكثر ولا يدرك أنها تقولها فقط من وجعها وصدمتها بينما ينتحب قلبها وتضمه إليها تصرخ بأسمه وتهذي وهي تمرر يدها علي وجهه الذي بدأت تبهت ألوانه : هااادي ....هادي ....رد عليا ....انا مش بكرهك انا بكره اللي عملته فيا !!
ركض دياب ناحيه ذلك الصراخ كما حال حميده التي نزلت الدرج حافيه القدمين تصرخ باسم ابنها دون أن تدري ما حدث له ولكن قلب الام انشق بسبب صرخه وصال !!
: ...هااادي !
اسرع دياب بخطوات مشتته لايدري الي اين ولكن قلبه يتبع صراخ وصال المستنجد
لتتسمر قدماه بالأرض ما أن خطي من المطبخ الي الحديقه الخلفيه ووقعت عيناه علي هادي الممدد علي الأرض بين ذراعي وصال التي تحاول عبثا ايقاف نزيف ظهره الضاري لتغرق يدها التي تحاول الضغط علي الجرح النازف بالدماء ....!
صرخت عيون دياب بالقلق الاهوج وصرخ كل انش به يتساءل ماذا حدث ولكن قلقه غلب كل اسئلته ليجثو سريعا بجوار هادي ودقات قلبه تتقافز بين ضلوعه بهوجائيه بينما هادي يصارع ذلك الالم الضاري الذي أخذ يفتك بجسده حينما بدء الخدر يسري بأطرافه ويتصاعد الي حواسه شيئا فشيئا لتتعلق عيناه بعيون وصال الباكيه ولأول مره يخطيء في تفسير نظراتها ولا لوم عليه بينما مازال صدي كلماتها يتردد في أذنه وينحر قلبه كما حال تلك الطعنه الغادره التي غزت ظهره ....!
كانت كل نظراتها عتاب موجع فهو من اوصلهم الي تلك النهايه التي ترفض وصال تصديقها ...هو من انحني لتصعد احسان علي ظهره بينما أن وقف كما اعتادته بشموخ ورفض أن يسير بالطريق السهل وواجهها لما كانوا وصلوا الي هنا .... تعاتب ليس لقسوتها ولكن لقله حيلتها التي لأول مره تشعر بها وهي تراه ممدد بين ذراعيها بتلك الحاله دون أن تقدر علي فعل شيء له بينما غاب عن عقلها كل ما تعلمته وتولي قلبها عزف سيمفونيه الالم
أخرجها صوت دياب من اليأس الذي تحكم بها بتلك اللحظه بينما يناجي هادي وهو يمرر ذراعه خلف ظهره : قوم معايا ياخوي ...قوم الله يرضي عنك
نظر إلي وصال التي تبكي بلا توقف وتجلس تحتضن جسده بين ذراعيها بلا حراك : وصااااال هتقعدي تبكي .....انتي دكتورة اتصرفي
رمشت وصال باهدابها وحاولت أن تستعيد ثبات عقلها بينما كان هادي مستسلم لتلك النهايه التي ظنها اخر سطر في حياته لذا لم يستجيب لكلمات دياب لأول وهله حتي شعر بذراع دياب القويه تحاول رفع جسده وهو يكرر نداءه برجاء : قوم معايا ياخوي خلينا نلحقك ....قوم يا هادي
شعر هادي بيد وصال تقبض علي يده بينما استعادت إدراكها واستجابت سريعا الي نداء أخيها بضرورة إسعافه وهي تسحب سريعا الوشاح الذي يضعه دياب حول عنقه وتحاول أن تحيط به جرح هادي الغائر وتضغط عليه وهي تقول بعزيمه : قوم يا هادي ...قوم معانا نروح المستشفي
تحامل هادي علي نفسه واستجاب لهم ليضغط علي قدميه بينما ذراعي دياب القويه تحيط به ليحاول أن يستقيم ولكن باغته ذلك السعال ليضع يده علي صدره متألما بينما يسعل بأنفاس متحشرجه لتحتبس انفاس وصال بصدرها وتتسع عيون دياب وترتجف أطرافه ما أن سالت تلك الدماء من فم هادي ......!!
انسابت الدموع بغزاره من عيون وصال بينما انفجرت من عيون حميده التي وصلت بأقدام حافيه وسرعان ما تعالي صراخها وهي تري ابنها بتلك الحاله بينما الدماء تقطر من جانب فمه ..!
تسمرت اقدام عوض الحارس والذي ركض علي صراخ حميده ليجد ذلك المنظر ويقف مكانه لايدرك ماذا يفعل بينما دياب تجاوز صدمه الجميع وحاول أن يركز فقط علي إسعاف ذلك الغارق بدماءه ليمد يداه سريعا تجاه فم هادي يمسح خط الدماء المنساب علي جانبه ويشجعه : هم بينا ياخوي ...هنلحقك !!
هز هادي رأسه بإستسلام وهو يهمس بصوت واهن بعد أن بدء الخدر يسري باطرافه : خلاص
رفض دياب اليأس المتشعشع بنبره هادي ليهتف بغلظه : مش خلاص ...هنلحقك ...هنلحقك بأذن الله بس هم معايا نوصل للعربيه
ارتدت وصال بقوة مكانها بينما كانت تحاول إسناد هادي من الجهه الأخري لأخيها ولكنها وجدت جسدها ينجذب بقوة من يد حميده التي انقضت عليها تصرخ باتهام : عملتي ايه في ابني ......عملتي ايه !!
لاينكر دياب أنه فكر للحظه نفس ما فكرت به حميده ولكنه لم يفكر بشيء ولم يتساءل بتلك اللحظه التي قد تفرق في إنقاذ هادي ولم يضيع اي لحظه في السؤال عكس حميده التي كانت أم ملكومه تري ابنها غارق بدماءه فتحكمت بها مشاعرها عن عقلها ...!
حاولت وصال ابعاد يد حميده عنها بينما هدر دياب بها : اوعي الله يرضي عنك يا ام هادي خلينا نلحقه
اخذت حميده تصرخ وتولول وترمي نفسها علي صدر ابنها تاره وتلطم وجهها تاره وآخري تنقض علي وصال لتعيق تحركهم فلم يكن من وصال إلا أنها ابعدتها عنها صارخه : معملتش حاجه ..... اوعيييي حرام عليكي خلينا نلحقه
انقضت حميده عليها دون أن تسمع شيء ليتمزق كتف بلوزه وصال : قتلتي ابني ...هشرب من دمك يا بت مهجه ...!
لوح هادي بذراعه التي رفعها بصعوبه من علي كتف دياب يحاول ابعاد والدته عنها ولكن قوته الخائره لم تساعده
ليسقط ذراعه علي كتف دياب الذي تابع طريقه
وهو يهدر بحميده التي لا تتوقف عن الصراخ والبكاء
: يا ام هادي خلينا نلحقه
جاهد دياب بتلك الخطوات بينما أخذ جسد هادي يتراخي بين ذراعيه ولم يتوقف دياب عن تشجيعه : شد حيلك يا اخوي ....هم بينا ..هنلحقك!
تعثرت خطوات حميده الهوجاء لتجثو أرضا تلطم وجهها وتصرخ فلم يلتفت لها دياب الذي ساعد هادي ووضعه بالسياره واخيرا ثم التف الي جانبه وهو يصيح بوصال التي دخلت الي جوار هادي : يلا يا وصال
زادت وصال من عقده ذلك الوشاح لتضغط به أكثر علي جرح هادي الذي كان في الرمق الاخير يقاوم انغلاق جفونه وهو يرفع يداه التي أدركها الخدر تجاه كتف وصال الذي تمزقت عنها بلوزتها يحاول أن يغطيه ...بكت وصال بقهر وأحاطت وجهه بيدها ونظرت الي عيناه تناجيه أن يصمد بينما زلزل قلبها كما يفعل كل لحظه تستشعر بها حبه الذي يتترجم إلي أفعال لا اراديه !
..........
.....
بأقدام هلاميه وانفاس لاهثه كانت قدورة تركض بلا توقف حتي وصلت إلي منزل ساميه لتتوقف لدي بابه لحظات تلتقف أنفاسها وتهندم من هيئتها قبل أن تطرق الباب ...فتحت أحدي بنات ساميه الباب لتبتلع قدورة وهي تحاول الا تبدي شيء من توترها يجعل الفتاه تشك بها وقد رسمت طريق خلاصها !
تلفتت قدورة حولها وهي تدخل الي المنزل : امك رجعت يا مني
هزت الفتاه راسها لتقول قدورة بابتسامه باهته : الله يسترك يا غاليه روحي لدكتورة الصيدليه وهاتي ليا علاج الضغط احسن عالي عليا
قالت الفتاه بتردد : بس ...بس امي قالت مطلعش من البيت وهي مش هنا
قالت قدورة وهي تتظاهر بالتعب بينما تمسك برأسها : بس انا عيانه اوي يا مني ولازمن أخذ دول الضغط
ترددت الفتاه مجددا : واخواتي
قالت قدورة برفق زائف : دي كلها دقايق يا بتي وانا هاخد بالي من اخواتك
سالتها الفتاه وهي تضع طرحتها حول راسها : حاضر يا خالتي ...اسمه ايه الدوا
قالت قدورة بتعلثم : قولي للدكتورة دوا الضغط وهي عارفه
اومات الفتاه بحسن نيه وخرجت من المنزل دون أن تنتبه لتحذيرات والدتها السابقه ألا تترك إخوتها أو تترك المنزل لحين عودتها من عملها !
تحركت قدورة علي أطراف أصابعها حيث كانت تلهو باقي بنات ساميه بالغرفه المجاوره لتتراجع سريعا وبعيون خبيثه تسدد نظراتها إلي هدفها المتمثل بغرفه ساميه والتي علي بابها ذلك القفل ..!
........
...
بدقات قلب متسارعه تقفز بين صدرها الذي يكاد ينفجر من أنفاسها الاهثه كانت احسان تركض بكل ما لديها من قوه ....صدي أنفاسها وأصوات خطواتها المرتطمه بالزروع التي تركض بينها كاد يصم أذنها ولكنها تابعت الركض مجددا حتي استنزفت طاقتها لتتوقف مكانها وتنحني تلتقط أنفاسها المتلاحقة بينما الم قوي ضرب كل انش بجسدها الذي مازال يرتجف بعد فعلتها ...!
تهدجت أنفاسها بينما اخذت تلطم وجهها وتولول : انا عملت ايه ....عملت ايه ...قتلته ...قتلته ....مش هيسبوني ....هيخلصوا عليا !!
ااااه صرخه قويت انبثقت من بين شفتيها بينما تلوت بطنها من هذا الالم لتحاول أن تقيم ظهرها المنحني وتضع يدها علي بطنها وبعقل بدء طريقه الي اللا عقل رددت لنفسها : ابني .....مش هسيبك ....انت اللي هتنجدني !!
عن اي نجده تتحدث بينما لا تدرك أنه من بحاجه للنجده وليست هي !!
........
..
اشرأبت قدورة برأسها من خلال النافذه المطله علي الأرض الواسعه أمام المنزل الذي خدعت الفتيات واغرتهم بالخروج واللعب أمامه لتسرع الي ذلك القفل وتهوي فوقه بتلك المطرقه التي اخذتها من المطبخ ....ضربه تلو الأخري وسرعان ما انكسر القفل واسرعت بخطواتها الي الغرفه تنبش بين محتوياتها لتلمع ابتسامه خبيثه بعيناها ما أن وجدت بغيتها اسفل كومه الملابس ....أسرعت تفرغ في منديل قماشي تلك العلبه البلاستيكيه التي وضعت بها ساميه كل ما ادخرته طوال تلك السنوات من نقود وقطع ذهبيه ...ربطت قدورة تلك القماشه واسرعت تخفيها بملابسها ثم تسرع خارج الغرفه وهي تتلفت حولها ومنها الي خارج المنزل الذي مازالت الفتيات تلهو أمامه !!
.......
....
عقد عليوة حاجبيه وهتف بصوت خشن ما أن فتح الباب ووجد احسان أمامه تلهث بأقدام مغبره ووجهه غارق بالعرق : في اين يابت ؟!
قالت احسان وهي تدفع بجسدها من خلال فتحه الباب : دسني يا ابوي ...دسني منهم هيخلصوا عليا !!
اتسعت عيون احسان حينما جذبها والدها بقوة من ذراعها مزمجرا : هما مين دول يا اللي تتقصف رقبتك ...عملتي ايه تاني ؟
ابتلعت احسان وقالت بأنفاس لاهثه بينما الالم الشديد يفتك ببطنها : دسني يا ابوي ....بطني بتتقطع ...الحقني يا ابوي
لم تتحرك اي عاطفه بقلب عليوة الذي فقط تحرك خوفا من مصيبه يقع بها بسبب ابنته : الهي تتقطعي كلك ...انطقي يا بت عملتي ايه ؟!
قالت احسان بدقات قلب متسارعه : قتلته يا ابوي ...قتلت هادي !!
........
....
نظر دياب الي وصال من خلال المرأه بتردد بينما تصيح مجددا : مش هينفع الوحده يا دياب .....اطلع علي المستشفي العام
ضغط دياب بقوة علي دواسه الوقود وهو يتبع ما قالته وصال التي أدركت أن حالته تحتاج إلي مشفي مجهز
.......
غص حلق عوض الذي بقي مع حميده التي مازالت تصرخ
وقد تجمع الناس علي صراخها دون أن يفهموا شيء إلا كلمه ابني التي لا تتوقف عن ترديدها
اتسعت عيون نعمان وهدرت دقات قلبه بقوة بينما همس له عوض بما حدث ما أن وصل يركض وهو يتساءل عن ما حدث
انت بتقول ايه يا عوض ؟!
قال الرجل بتأثر : معرفش اللي حصل يا معلم ....انا دخلت علي صوت الصويت ورا المعلم دياب وشوفت للمعلم هادي غرقان في دمه
هدر نعمان بقلق اهوج : وهو فين ؟!
قال الرجل : اخده المعلم دياب علي المستشفي
هرع نعمان لتلحق به حميده الباكيه: خدني معاك يا اخويا
اسرع نعمان ينطلق بسيارته وهو يخرج هاتفه يطلب دياب !!
..........
لطم عليوة وجه صديقه وهتف بها بصوت خشن : اخرسي يا وليه بدل ما ابلعك لسانك !
قالت صديقه بعويل بينما مازالت غير مصدقه أنه طرد ابنته التي جاءت تحتمي به : دي بتك يا راجل وجايه تستنجد بيك
هتف عليوة بغلظه : جايه وجايبه معاها مصيبه ....أطبق علي فك صديقه بعنف وتابع بقلب متحجر : بتقولك قتلته ....عاوزاني اسيبها هنا لما يجيوا اهله يخلصوا علينا
نظرت له صديقه بكمد وبجرأه لم تعتادها صرخت وهي تفك يده عن فكها : انا مش هسيب بتي !!
زجرها عليوة بسخط بينما تركض تجاه الباب الذي اغلقه أمام احسان : في ستين داهيه انتي وهي !!
شعرت احسان بجفاف حاد في حلقها بينما لم تعد قادره علي أن تخطو خطوة أخري .....نظرت حولها وهي تتساءل بعيون زائغه عما يحدث لها وقد أصبح الالم لا يحتمل .... بتي ؟!.
التفتت احسان الي والدتها التي ركضت خلفها : احسان
: امه ...قالتها احسان بصوت متحشرج بينما احتبست أنفاسها بصدرها من فرط الالم
نظرت لها صديقه بلهع بينما جثت علي ركبتها تحيط بطنها بيدها : بتي....مالك يا احساااان
حاولت احسان أن تخرج كلمه من حلقها الجاف : وجع ...وجع جامد يا امه
قالت صديقه وهي تحيط كتف ابنتها بذراعها : طيب همي اخدك الوحده الصحيه !
هزت احسان راسها بخوف : لا يا امه ...لازم اهرب
قالت صديقه بدموع وهي تري امتقاع وجه ابنتها : اللي عاوزه ربنا هيكون ولو هربتي فين هيجبوكي ...قومي للوحده نلحقك الاول
نظرت احسان الي والدتها بتردد اقصته عنها وهي تفكر
بأن هذا الطفل طوق نجاتها لذا فلتنقذه !
..........
....
مسحت صديقه حبات العرق عن جبينها باحدي يديها بينما يدها الأخري مازالت تسند احسان التي ما أن وصلت إلي الوحده الصحيه حتي التفتت الي والدتها قائله : العيل يا امه ....العيل لازم يعيش
قالت صديقه بكمد ومراره : لساتك ماسكه في الغصن الناشف يابتي ...يا خوفي لياخدك ويقع
نظرت لها احسان بغل : هياخدني لفوق يا امه ...لفوق اوي ....ولو في حاجه هتحوشهم عني هو العيل ده
نظرت لها صديقه بعدم استيعاب لتتابع احسان بخطه جديده تولدت من عقلها الشرير : هادي مات وابنه هيورثه !! حتي لو عيان برضه هيورثه
خطت أحسان وسط الناس التي تتحرك بارجاء المكان وعيناها تزيغ باالالم والوهن بينما بقيت صديقه واقفه مكانها لا تستوعب عقل ابنتها وتفكيرها
: ... ساميه !
اتسعت عيون ساميه ما أن وقعت عيناها علي احسان بتلك الهيئه فتركت ما تفعله وأشارت لاحسان أن تسبقها الي أحدي الغرف
هتفت بالمراه الواقفه امامها : اصبري وهدخلك في دورك
نظرت لها المراه بامتعاض : واشمعني انا استني الدور واللي لسه جايه دخلتيها
هتفت ساميه برفق زائف : دي مش جايه تكشف يا حجه ....أشارت إلي الغرفه بنهايه الممر : اوضه الكشف اخر الطرقه والدكتورة لسه بتكشف علي الحاله اللي جوه
انتهت من تسكين المرأه واسرعت خلف احسان لتدخل وتعلق الباب خلفها وهي تهتف : بت يااحسان ايه اللي جابك هنا
استندت احسان الي الحائط وهي تحيط بطنها التي تتمزق من الالم بيديها وتقول بصوت متحشرج : الحقيني يا ساميه ....الحقيني وجع ..وجع هيموتني
هتفت بها ساميه بامتعاض : كنتي تكلميني مش جايه وسط النهار ...هعمل ايه انا لو الدكتورة طلعت وشافتك
ابتلعت احسان وهتفت بوجع دون أن تستمع الي حديث ساميه : الحقيني يا ساميه
التفتت ساميه بهلع تجاه صديقه التي دخلت من الباب بأقدام ترتجف وهي تقول برجاء : الحقي بتي الله يرضي عنك ....!
ابتلعت ساميه رمقها ببطء بينما وقعت عيناها علي قطرات الدماء التي سالت علي الارضيه اسفل قدم احسان لتهتف بهلع : الحقك ايه ....انتي بتسقطي !!
لطمت صديقه وجهها بينما هزت احسان راسها بجنون رافضه سماع تلك الكلمات لتصك اسنانها وتهتف بساميه : الحقيني بحقنه ....
تهدجت أنفاسها وأخذ صدرها يعلو ويهبط بينما تتابع : الحقيني يا ساميه روحي بتروح مني !!
هتفت ساميه : بقولك بتسقطي يابت ....ضربت صدرها وهزت راسها : انتي لازم تمشي من هنا والا هتجيبي ليا مصيبه
أمسكت أحسان بتلابيب ساميه صارخه من بين أسنانها
: بقولك الحقيني
صرخت ساميه بها بنفاذ صبر نابع من خوفها أن تنكشف : وانا بقولك بتسقطي الحقك ازاي
هتفت احسان بأنفاس متحشرجه بينما يكاد الالم يزهق روحها: زي ما كنتي بتلحقيني قبل كده
أحاطت بطنها بيدها وتابعت بجنون : الواد لا يمكن ينزل ....انا مش هسيبه ....اعملي حاجه
هزت ساميه راسها وحاولت أن تتحدث بهدوء لتنقذ نفسها من ذلك البلاء المتمثل بوجود احسان : يابت خلاص معدش فيه حاجه تتعمل .... بصي لنفسك انتي بتسقطي والواد مات
صرخت بها احسان بجنون : مماتش .....تعالي صراخها وهي تتابع بينما تتمسك ببطنها : مش هيموت ...مش هيموت ...اتسعت عيون ساميه بينما تتابع احسان بهذيان : هادي مات وابني هيورثه !!
تهدجت أنفاسها بينما تقبض علي يد ساميه : اديني حقنه ....يلا يا ساميه وانا هديكي اللي انتي عايزاه
هزت ساميه راسها وحاولت أن تتحدث مجددا بينما لا تريد شيء إلا أن تخرج احسان من الوحده الصحيه وليحدث لها ما يحدث بدلا من أن تتسبب لها بمصيبه : طيب روحي وانا هاجي وراكي ...التفتت الي صديقه قائله : خديها علي البيت وانا جايه وراكم بالعلاج
هزت احسان راسها ونظرت الي ساميه بشر وسرعان ما أمسكت بتلابيبها صارخه : بقولك دلوقتي الحقي الوااااد.....ااااااه
المزيد والمزيد من الدماء نزفت بغزاره من احسان لتزداد نظرات الهلع بعيون ساميه وصديقه التي اخذت تلطم وجهها وتردد بقهر : انتي بتسقطي يا احسان ...!
صرخه قويه خرجت من شفاه احسان ولفتت الأنظار لتلك الغرفه التي اقتحمتها الطبيبه المناوبه لتجد احسان تمسك بساميه بتلك الطريقه التي ادهشتها ولكن دهشتها تحولت إلي صدمه وهي تري بقعه الدماء الكبيرة اسفل قدم احسان .....ايه اللي بيحصل هنا !
غاب عقل احسان وسرعان ما هتفت تترجي الطبيبه : الحقيني يا دكتورة ...الحقي الواد ...اديني الحقنه اللي ساميه كانت بتديهالي
نظرت الطبيبه الي ساميه باستفهام لتقول ساميه بتعلثم : معرفش يا دكتورة .....بتصرخ وتقول الحقوني
معرفش بتتكلم عن ايه ! ولا حقنه ايه انا معرفهاش
تحاملت احسان علي نفسها وامسكت بتلابيب ساميه صارخه ؛ اديني الحقنه يا ساميه ....اديني الحقنه وهديكي كل اللي انتي عايزاه ....!
تسمرت اقدام الطبيبه مكانها لا تفهم شيء من هذا الاتهام الذي تهتف به احسان ....تراجعت الطبيبه خطوه بينما جثت احسان علي ركبتها امامها تصرخ بوجع وتناجيها بتوسل : ابوس ايدك يا دكتورة اديني الحقنه والحقي الواد ......ساميه .....ساميه
هي اللي عاوزة تسقطني ...الحقيني انتي !
ممرضه تلو الأخري تجمعوا علي الصراخ الذي انبثق من صدر احسان التي أسرعت الطبيبه تنحني ناحيتها تحاول نجدتها وهي تنحي جانبا علامات الاستفهام الكثيره وتحاول إنقاذ المريضه
بينما أشارت إلي أحدي الممرضات التي كانت تستمع الي صراخ احسان بذهول : اسنديها معايا واطلبي دكتورة النسا بسرعه .....!!
هتفت صديقه بقهر : قولتلك يا بتي ده غصن ناشف
نظرت إلي ساميه بغل وتابعت : كله منك ...انتي اللي فضلتي تعشميها بالواد ....نظرت إلي ابنتها التي زاغت عيونها وهم يحملونها علي النقاله وقالت بقهر وكمد : من اول يوم الدكتورة قالتلك العيل لازم ينزل وانتي سمعتي كلام الشيطانه دي
أشارت تجاه ساميه التي أصبحت أصابع الاتهام بشيء مجهول تشير إليها بقوة لتشير الطبيبه لممرضه أخري وتتابع بنبره أمره : اطلبي النقطه وخلي عم حسين يمسك ساميه لغايه ما نشوف الموضوع ده وانتوا بسرعه معايا نلحق المريضه
ضربت ساميه وجهها وهي تهز راسها : انا معملتش حاجه
كلمات ساميه وصراخ احسان تتهمها لم يدع مجال لتصرف اخر لتحرك الممرضه النقاله التي عليها احسان بينما تتبع خطواتهم تلك الدماء النازفه منها !
......
.........
اصوات كثيره وحركه لا تتوقف ومصطلحات طبيه وكلمات اخذت تدور حول دياب ووصال ما أن تسلم الأطباء هادي منهم وهرعوا به لقسم الطواريء ..... كانت عيناها لا تبارح النظر إليه بينما حاول أن يبقي واعي ولكن ماهي الا لحظات وغلبه الوهن وانغلقت عيناه لتشعر وصال بألم ضاري يشق قلبها وسيل من الدموع الحارقه يغزو حلقها وينهمر من عيونها بصمت بينما يسرع الأطباء يشقون ملابسه من الخلف وتتعالي الاصوات ....محلول ملح ....اطلبوا دكتور التخدير ....بسرعه ...فييين دكتور الجراحه ....خدوه للاشعه بسرعه ..... فصيله دمه ايه !!
كلمات وكلمات لا تتوقف بينما قلبها هو ماكاد يتوقف وجعا عليه وهو ممدد فاقد الوعي بين أيدي الأطباء الذين لم يدخروا جهدا لاسعافه .....برفق شديد احاط دياب بكتفها يأخذها بينما كررت الممرضات حديثهم بضرورة خروجهم ...تعالي يا وصال
ارتجفت يدها كما ارتجفت خطواتها وبقيت عيناها معلقه به حتي أغلقوا باب الغرفه ....!
بحنان أخذ دياب يغسل وجه ويد أخته التي مازالت تحمل اثار دماءه وقد تجدد أمام عيونها كل ماحدث حينما سألها دياب برفق عنه وقد حان وقت التساؤل بعد أن أخذ الأطباء هادي لاسعافه !
بكاء صامت غابت به وصال وهي تتهاوي علي أحد المقاعد الموضوعه بممر المشفي لينتظر دياب علي جمر ملتهب ليعرف منها حقيقه ما حدث بينما يدرك أن حالتها لا تسمح له بتكرار السؤال ولكنه يريد أن يعرف ماذا حدث ويخشي كثيرا من هذا الهاجس الذي تلاعب برأسه بأن أخته من فعلت هذا ...!
بخطوات متعثره كانت حميده تتبع نعمان الذي يسأل بهوجائيه كل من يراه : هادي .... هادي ولد اخوي دخل من شويه وكان دمه سايح
سؤال يلو الاخر ولا احد يفهم شيء ونعمان يركض بخطوات مشتته حتي هتف به أحد الأطباء : حادثه الطعن اللي دخلت من شويه في قسم الطواريء !
امسك نعمان بالدرابزون يخطو بسرعه بينما حميده تصرخ وتولول وتنادي اسم ابنها تمزق نياط القلوب ليمسك نعمان بها وهو يردد الدعاء بين شفتيه أن يتلطف اللطيف بأبن أخيه !!
.....
.........
مسح دياب وجه أخته من دموعها الغزيره التي تتجدد كلما مسحها وهو يحاول أن يجذب منها كلمه واحده ولكنها غابت بنوبه بكاء حاره بعد أن تركت العنان لمكنونات صدرها ...!
اعتدل دياب واقفا ما أن لمح اقتراب نعمان ومعه حميده ولكن قبل أن ينطق نعمان أو دياب كلمه كانت عيون حميده تتقد شرا ما أن لمحت وصال لتصرخ وهي تحاول أن تتجاوز دياب وتنقض عليها : منك لله ..قدمك قدم الشوووم علي ابني ....انا مش هسيبك ولا هسيب حق ابني ....!
هتف نعمان بسخط : وبعدهالك يا ام هادي ....انتي بتتهمي البنيه بأيه
صاحت حميده بغل وقهر : من غيرها هيعملها
رفعت وصال وجهها الي حميده وقالت بغصه حلق : احسان !! احسان عملت كده في ابني ....لطمت وجهها وتابعت بعويل غير مصدقه : ازاي ...ازااااي تتجرأ وتعمل كده
نظرت لها وصال بغضب هاتفه : مين غيرها هيعملها ... بتسألي وكأنك مش عارفه واحده زي دي ممكن تعمل ايه !!!
هزت وصال راسها وتابعت : أيوة احسان اللي عملت كده ومش كده وبس ....حفيدك اللي مستنياه منها ...
التفتت جميع العيون تجاه وصال التي اخيرا تحدثت واخبرتهم بكل ما حدث لتتسع العيون وتتلجم الالسنه حتي انتهت وصال ووضعت وجهها بين يدها تبكي بقهر ..!
ثقل لسان حميده التي كانت تضرب صدرها بقبضتها دون أن تنطق بشيء والحقائق تتوالي من بين شفتي وصال والتي فتحت مجددا جراح دياب فهاهو مغدور اخر مثله !!
بعد أن انتهت وصال اخذت حميده لحظات حتي
استعادت قدرتها علي النطق بينما مليء الغل قسمات وجهها وتغلغل الغضب الضاري بعروقها
ليشق صراخها عنان السماء بينما تمسك بنعمان صارخه والدموع تغرق وجهها : هاتها ليا يا نعمان ....هاتها عشان ااكل قلبها بسناني ...جيبهالي يا نعماااان عشان اسيح دمها زي ما عملت في ابني .....لطمت وجهها مرارا ولم يفلح أحد في تهدئتها بينما النيران ترعي بقلبها المكلوم علي ابنها : جيبلي بت عليوة يا نعماااان !!
اااه ياابني ....اااه يا هااادي !
............
....
ساعه وآخري مرت بثقل والانتظار والترقب يقتل الجميع ...!
تجددت جراح وصال وهي تتذكر جلستها بالمشفي أثناء مرض ابيها لتتهدل أكتافها وهي تقول بغصه حلق : نفس القعده دي من شهور كنت بقعدها كل يوم قدام العنايه ....بقعد عشان اكون جنب بابا الله يرحمه لو نادي عليا .....تحشرج صوتها بالدموع بينما تتابع : كنت بقول لنفسي كده بس الحقيقه اني كنت بخاف ...نظر دياب الي عيون أخته التي امتلئت بالدموع كما حال حلقه : كنت بخاف من التليفون وقولت ابقي قاعده
تهدجت أنفاسها كما حال أنفاس دياب الذي لم يكن يدرك مقدار الالم الذي عانته وحدها وهو لم يكن بجوارها
لتتابع وهي تنظر إلي غرفه العنايه : كان الوقت مش بيعدي ومع كل مره باب العنايه بيتفتح قلبي بيدق جامد وانا بسأل هما خارجين يقولوا ليا ايه !!
الفرق اني كنت لوحدي .....دلوقتي انت ...صمتت ولم تتابع ولكن دياب ضمها إليه بقوة وهو يقول بعتاب :
مش عاوزة تكملي اني دلوقتي معاكي ....
انا اخوكي وجنبك !
ابتعدت وصال عن حضن أخيها الذي كانت بأمس الحاجه اليه ولكنها رفضت أن تعترف لتقول وهي تشيح بوجهها عنه وتمسح دموعها :
متفتحش في اللي فات يا دياب .... محدش كان جنبي قبل كده ولا دلوقتي
قال دياب بأسي :
غضب عني يا وصال ...حطي نفسك مكاني
هتفت وصال بسخط : حطوا انتوا نفسكم مكاني ...ليه محدش حاسس بيا !!
دمعت عيناها مجددا وهي تتابع : ليه مبسطين الغدر
والخيانه .....ازدادت غصه حلقها بينما تتابع وهي
لا تعرف لماذا أخبرت أخيها بتلك الكلمات التي قالتها لهادي ... أخبرت نفسها أنه يستحقها ولكن قلبها يشفق عليه ويؤنبها فلم تجد نفسها الا وهي تتحدث بما قالته
قال دياب بعتاب امتزج بالرفق : ليه قولتي له كده يا بنت ابويا ...قلبك بقي قاسي
قالت وصال بغصه حلق : ليه قاسيه ..عشان خدت حقي
قال دياب بنفس العتاب بينما لا ينكر أن قلبه اوجعه علي هادي أضعاف : خدني حقك من ضعيف بكلام يقسم الضهر .....وضع رأسه بين يداه وتابع بأسي :
ده وجع يهد جبال يا وصال ....ضهر الراجل مننا بيتقسم لما يعرف حاجه زي دي مكانش ليكي حق تبقي انتي والوجع ده عليه .... بهيه لو كانت قالت كده
قاطعته وصال وهي مازالت متمسكه بالتظاهر بالقسوة تخالف كل وجع قلبها : انا مش بهيه.... حقي اتوجع بطريقتي ....دمعت عيناها وهي تتابع :
هو صعبان عليك وانت صعبانه عليك نفسك عشان عيشت نفس إحساسه بالغدر ... ليه مفكرتش في احساس بهيه ليه مفكرش في احساسي انا
تنهيده حاره خرجت من صدر دياب الذي تركزت عيناه علي قبضته التي أخذ يكورها بينما زمت وصال شفتيها وتابعت باتهام : انتوا اللي عملتوا فيهم كده .... التفتت الي أخيها وتابعت باتهام أشد وهي تهز راسها بقليل من السخريه : ده انتوا حتي معلمين وتجار واول حاجه عارفينها أن المال السايب بيعلم السرقه !
هزت كتفها وتابعت : انتوا من البدايه اللي زرعتوا جواهم صورتكم بأنكم مجرد خزنه فلوس ....تجاهلتوا كل اللي بيعملوه وموقفتوش في وش طمعهم اللي كان بيزيد يوم بعد التاني ....عملت نفسك مش فاهم أو مش شايف تصرفات دنيا وكنت بتقول لنفسك اهي ديتها قرشين مش مهم !
ازدادت نظرات الغضب بعيناها بينما تتابع وهي تقصد هادي : وهو كان عارف كل تصرفاتها وسكت
قال دياب بدفاع : كان هيعمل ايه يا وصال ...بلاش تقسي عليه ...كان يعرف منين كل اللي بنت الابالسه دي عملته ...رفع يداه تجاه رأسه وتابع باحتدام : اللي عملته ميجيش في دماغ بشر
قالت وصال ساخره : لا يجي وعادي اوي يا دياب .... زمت شفتيها وتابعت بحنق : لو كان زيه زي اي راجل بيهتم بأبنه اللي جاي كان عرف الحقيقه من بدري
هز دياب رأسه وخفض عيناه للأرض بينما يتابع بدفاع : مترميش اللوم كله عليه
اهتاجت اعصاب وصال لتهتف بانفعال : امال ارميه علي مين غيره ...علي احسان ؟!
نظرت له باستنكار وتابعت : احسان ودنيا انتوا اللي عملتوا منهم وحوش وشجعتوهم بسكوتكم عن تصرفاتهم
...فكروا نفسهم اذكي منكم عشان انتوا كنتوا بتتجاهلوا تصرفاتهم وتعملوا نفسكم مش شايفنها .....واجهت أخيها وتابعت : اعترف بقي ياأخي بانكم شاركتوهم في الغلط ده ...يا دياب من اأمن العقاب اساء الادب وأوقات كتير لازم يكون في عواقب عشان الواحد ميكررش غلطه ولو انت شايف اني جايه علي هادي عشان بس اخدت موقف هقولك براحتك لأني معنديش استعداد اعدي اي حاجه غلط حد فيكم عملها في حقي مش هو وبس من غير عواقب !
تنهد دياب وتقبل منها كل ما تقوله حتي وان لم يكن بوقته أو مكانه ولكنه يدرك جيدا أنها تهرب من احساس الترقب والانتظار وتتلهي بهذا الحديث !
...
نظرت حميده بعيون ضاهت كاسات الدماء الي نعمان هاتفه بغل : انت لسه قاعد يا نعمان ...هات ليا بت عليوة عشان ناري تبرد
قال نعمان بصبر : الصبر يا حميده ...نطمن علي هادي وانا هقطع من لحمها بيدي دي !!
كور نعمان قبضته بحنق بينما كل انش بجسده يفور ويغلي بدماء الغضب ولكنه فقط يتمهل ليطمأن علي ابن أخيه !
رفع دياب رأسه من بين يديه كما فعل نعمان لينظروا تجاه تلك الجلبه التي احدثها مجيء دياب الكبير وعلوان وبعض الرجال بعدما سمعوا بما حدث !
ابتلعت وصال بثقل حينما استشعرت اقتراب خطوات دياب الكبير ليشعر دياب بها وسرعان ما يضع يده فوق يدها يطمأنها ويناجيها الا تفتعل شجار بهذا الوقت ..!
بقيت وصال علي جلستها كما حال حميده التي انهكها العويل والبكاء فارتمت علي مقعدها وبقيت دموعها تسيل بصمت وكل بضع دقائق بعد أن تستعيد القليل من قوتها تصرخ وتهدد وتندد تنادي بثأر ابنها
اتجه دياب ونعمان تجاه دياب الكبير الذي هتف بقلب لهيف : ايه اللي حصل ؟! ماله هادي ؟!
.......
...
لطمت ساميه وجهها بينما تناجي الممرضه التي بقيت معها برجاء : انا معملتش حاجه يا تهاني ...سيبيني يااختي امشي من هنا
قالت الممرضه برفض : مقدرش يا ساميه دي الدكتورة تقطع خبري
: والله ما عملت حاجه والبت دي بترمي بلاها عليا
قالت تهاني بنبره قاطعه : يبقي تقولي كده في النقطه
.........
...
جلست قدورة بجانب نافذه سياره الاجره التي بقيت في الموقف بانتظار تحميل الركاب لتتلفت حولها ثم تخرج من صدرها تلك اللفه التي وضعتها بحجرها وفتحتها تخرج منها بعض الاوراق الماليه ثم تعيد غلقها وتعيدها الي صدرها ....نظر ذلك الشاب بطرف عيناه تجاه قدروة وسرعان ما لمعت عيناه وهو يري محتويات تلك اللفه لينفث دخان سيجارته بينما كان واقف بالخارج ينادي علي الركاب ولفت نظره ما تفعله قدورة والان رأي ما تحمله .....!!
نظرت قدورة الي ذلك الرجل الذي ركب بجوارها ثم الي السائق الذي استقل مقعده وأدار المحرك لتسأله : ايه يااخويا انت طالع
اوما السائق لتقول باستفهام : بس العربيه فاضيه
قال الرجل الذي بجوارها بخبث : ماهو انا مستعجل يا ست وهاخد العربيه خصوصي
واهو انتي كده كده علي طريقنا
تدخل السائق والذي قال بنفس الخبث : حظك بقي يا ست بدل ما تتزحم العربيه !
اومات قدورة دون أن تلقي بالا لما خططه هذان الرجلان !
...
.......
هبت وصال من مكانها وكذلك الجميع ما أن خرج الطبيب وخلفه باقي الطاقم الطبي ليطمأنهم عن حاله هادي
قالت حميده بقلب لهيف : يعني ابني بقي كويس
اوما الطبيب ولكن نظراته كان بها شيء لم يقوله جعل قلب وصال يرتجف خاصه حينما رفض دخولهم للاطمئنان عليه : ممنوع تماما الزياره ....بكره وقت الزياره هسمح ليكم تدخلوا
هتفت حميده بلهفه : انت مش بتقول ولدي بقي كويس ليه مشفهوش
قال الطبيب بصبر : ممنوع الزيارة في العنايه يا حجه
تدخل دياب برجاء : هنشوفه دقيقه واحده ونطلع يا دكتور
هز الطبيب رأسه بإصرار ليدب القلق بعروق الجميع ويصرون علي معرفه سبب عدم الزياره التي لخصها للطبيب بأنها إجراءات العنايه المشدده لينهي حديثه : وجودكم مفيش منه داعي ...الصبح باذن الله هسمح ليكم تشوفوه
رفض أي منهم أن يغادر ليسند نعمان حميده ويجلسها مكانها كما حاول دياب مع أخته التي بقيت واقفه وهي تريد أن تلحق بالطبيب لتعرف ما يخفيه ولكنها اشفقت علي حميده من ان تعرف شيء لذا بقيت قليلا حتي انشغل نعمان ودياب بالحديث مع دياب الكبير وعلوان
هتف دياب الكبير بسخط : خليك انت يا نعمان في ولد اخوك وسيب عليا عليوة وانا هقطع نسلهم عن آخرهم
تدخل دياب بتمهل : الصبر يا حاج ...كله في أوانه خلينا بس نطمن علي هادي
التفت له دياب الكبير بجذع هاتفا : وقتها تكون بنت ال ** هربت ومعادتش نعرف لها طريق
قال نعمان بصبر : هتروح فين يا حاج ....ازدادت نظراته حنقا بينما يتابع بوعيد : هجيبها ولو ادست تحت الارض !
نظرت لهم حميده التي عادت نظراته تستشرس : تجيبهالي انا يا نعمان .....صكت اسنانها وهي تتابع : وقتها انا وبس اللي هاخد بتار ابني !!
.......
.....
تحركت مهجه ذهابا وإيابا أمام بهيه التي كانت تهدهد الصغار علي كتفها لتنظر إليها مهجه وتهتف بقلق : دياب اتأخر اوي يا بهيه ...هزت راسها بكمد وتابعت : وابويا كمان اتأخر
قالت بهيه برفق : مؤكد بيتكلموا يا امه وان شاء الله يقدروا يصلحوا ما بين وصال وهادي
هزت مهجه راسها وهتفت بقلق : بس انا قلبي واكلني اوي يا بهيه
ربتت بهيه علي كتف مهجه هاتفه برفق : متقلقيش يا امه. ....أن شاء الله خير !
..........
....
لوت تلك المراه شفتيها بينما تنظر بطرف عيناها تجاه عبدالله الذي قال باستدراك : انا بقول بس اعرف اخبارها يا سيده
هتفت المرأه بحنق من بين اسنانها : وتعرف اخبارها ليه ....داهيه تقطعها وتقطع اخبارها هي واختها في يوم واحد
نظر صادق الي زوجته التي تابعت بحزم : انا من اول يوم اتجوزتك وانا شرطت عليك مالكش صالح ببناتك
ابتلع صادق وقال موافقا : وانا قولت ايه ....انا بقول اعرف اخبارها واهو اعرف اجيب حجه قيراط الأرض
لمعت عيون سيده للحظه ولكنها تراجعت لتنظر الي زوجها بخبث قائله : هتضحك عليا اياك بقيراط الأرض وانت تلاقيك عاوز تروح لمقصوفه الرقبه اللي خلت سيرتنا علي كل لسان هي واختها
هز الرجل رأسه لتقوم سيده من مكانها وتتابع بوعيد : قسما بالله يا صادق لو عرفت انك روحت للبت دنيا ولا سمر اختها لهروح بيت ابويا ومعادش تعرف ليا طريق
زجرته وتابعت :ولو يا اخويا علي قيراط الأرض كده كده ده ورثك وانا بقي اللي هجيبه من حبه عين البت سمر ومش بس الأرض كمان البيت
مصمصت شفتيها وتابعت : معلوم ماهو كل ده ورث !
...........
.....
تعالت تلك الأصوات الاتيه من الطابق العلوي والتي كانت لزينات التي وقفت بكامل زينتها تلوح بيدها المليئه بالاساور : يلا برا يا راجل انت وامك
نظر لها عبد العزيز وحاول استمالتها: ليه بس كده يا ست الستات وهو انا كان بدر مني ايه ؟!
لوت زينات شفتيها وهتفت ساخره : لا يا راجل اطلع من دول ما انا عرفت كل حاجه .....ضحكت ساخره وتابعت : بقي انا زينات اللي كل الرجاله تتمني اشاور لها اقع في راجل مهزء زيك اتاخد متربط والمعلم ياسين علم عليك
يلا يا راجل يا مهزء خد امك وكراكيبك واطلع من البيت ...ازدادت نبره صوتها علوا بينما تصيح : يا نااااس .....الحقوني يا نااااس
صعد بعض الشباب والرجال يتساءلون : خير يا ست زينات فيه ايه ؟!
أشارت زينات الي عبد العزيز ووالدته التي حاولت أن تترجاها : نروح فين بس يا ست زينات
زجرتها زينات هاتفه : روحي في داهيه يا اختي
التفتت الي الشباب وتابعت : الراجل المهزء اللي رمي مراته وعياله جاي يرسم عليا وطعان في اللي حيلتي ...خدوه ارموه برا هو وكرايبكه !
..........
...
استغلت وصال انشغال دياب بالحديث مع نعمان وجدها لتنسل من بينهم وتتجه لغرفه الطبيب .....انقبض قلبها وارتجفت أطرافها بينما أخبرها الطبيب بإمكانية مضاعفات حاله هادي ليقول برفق : كل دي احتمالات ومفيش منها شيء مؤكد الا لما يفوق ..... احتمال يقوم منها والطعنه متكونش أثرت عليه
قالت وصال بلسان ثقيل : واحتمال يكون لها أثر
قال الطبيب برفق : والاحتمالات مفيش واحد منهم مؤكد رفع الاشعه أمام وصال وتابع : انا عم نفسي متفائل والكعنه بالرغم من عمقها إلا أن النصل كان ارفع من أنه يسبب ضرر كبير ....جرت وصال أقدامها وخرجت من غرفه الطبيب والدموع تغشي عيونها !
للتو كان القلق بدء يدب بقلب دياب الذي التفت ولم يري أخته ولم يكن الوحيد الذي لاحظ غيابها بل كان دياب الكبير الذي زمجر بسخط من بين أسنانه : مقصوفه الرقبه راحت فين !
رأها دياب تأتي من نهايه الممر كما فعل دياب الكبير الذي زأر بسخط : عينك عليها يا دياب انا حايش نفسي عنها بالعافيه والا كان هيكون ليا معاها تصرف تاني لو كانت خطت برا باب المستشفي
نظر له دياب بسخط وامتليء فمه بالكلمات ولكن الوقت لم يكن مناسب ليهتف بجده : هتروح فين يا جدي وجوزها في الحاله دي
نظر له دياب الكبير شزرا : زي ما عملتها قبل سابق وخلت راسنا في الطين ....قسما بالله اخدها من أيدها واحبسها في البيت
نظر له دياب بسخط هاتفا : مش وقته يا جدي
أجل حديثه لوقت لاحق بينما بدء نعمان يلحظ شده وتوتر الحديث بينه وبين جده الذي تجاوزه واتجه الي أخته التي ارتمت علي المقعد .....مالك يا وصال ؟
لم يصل إليها صوت أخيها بينما انجرف عقلها بسيل من الذكريات والتي كلها امتلئت بصورته بكامل قوته
Flash back
حاسب يا هادي !
ضحك هادي الذي قفز من فوق أحدي غصون تلك الشجره القويه ليغمز لها بشقاوة : خايفه عليا يا شهد العسل
اومات وصال بخجل ليمد يداه إليها بفاكهتها المحببه قائلا بغزل : القشطه يا قشطه
ضحكت وصال وشاكسته : هو كل ما هحب أاكل قشطه هتطلع تقطفها ليا من الشجره
اوما هادي وقال بهيام : امال اسيب يد غيري تمسكها ....مال عليها وقال بغزل : انا وبس اللي تأكلي القشطه من ايده
Back
امتلئت عيونها بالدموع التي انسابت علي وجنتيها ليعقد دياب حاجبيه بقلق هاتفا : مالك يا وصال ....انتي كويسه
اومات له دون أن تستطيع نطق شيء ليترجاها دياب بقلق : تعالي اروحك ريحي شويه واهو انتي سمعتي كلام الدكتور اللي قال القعده ملهاش عازة ...هروحك وهما ساعتين زمن وهرجعك تاني بس تكوني فردتي ضهرك
هزت وصال راسها بإصرار كما فعلت حميده التي انهكها العويل وبقيت دموعها تنساب بصمت وكل بضعه دقائق حالما تستعيد القليل من قوتها تصرخ وتولول وتنادي اسم ابنها تمزق نياط قلب وصال أكثر ما أن وصلت نشوي بأقدام لا تستطيع حملها تركض وتسبقها دموعها : هادي .....اخويا حصل له ايه ؟!
صرخت حميده تلطم وجهها وتولول مجددا : بت عليوة قتلته يا نشوي. .....بت عليوة الفاجره قالت ابني !!
........
تصبب العرق فوق جبين بهيه التي وقفت تستمع الي حديث عوض بينما اكل القلق قلبها مهما تظاهرت بالعكس أمام مهجه التي انتظرت حتي انهكها القلق ونامت لتسرع الي منزل ابيها المجاور تحضر إخوتها ليبقوا مع الصغار وتخرج هي خلسه الي منزل هادي لتتفاجيء بما يقوله عوض : والله يا ست بهيه ما انا عارف ايه اللي حصل ...انا دخلت ورا المعلم دياب علي صراخ الدكتورة ولقينا المعلم هادي غرقان في دمه والمعلم دياب اخده في عربيته هو. والدكتورة والست حميده أحدها المعلم نعمان وطلعوا وراهم وجتي المعلم دياب الكبير برضه راح وانا معرفش حاجه غير كده
مسحت بهيه حبات العرق التي تصببت فوق جبينها بينما هدر قلبها بقوة قلقا لتجر أقدامها عائده لا تدري ماذا تفعل ...!
لم تعود للمنزل بل ذهبت الي منزل ابيها ...اتسعت عيون سناء زوجه ابيها وقالت بحيره : يعني ايه يا بهيه...انا لما كلمت علوان قالي أنه في شغل مع الحاج و هيتأخر
قالت بهيه بكمد : موكد قالك كده وبس ....اعمل ايه واقول ايه لأمه مهجه ....يا تري حصل ايه
قالت سناء وهي تسحب طرحتها وعباءتها تضعها فوقها قائله : همي بينا علي الوحده الصحيه موكد كلهم هناك
........
بقي الرجال واقفون بينما نشوي تتحرك بين وصال وبين حميده تواسي كل منهم وتواسي نفسها بدموعها الست لا تتوقف عن الانهمار ....اتسعت عيون نشوي وهدر قلبها بقوة بينما أمسكت بيد والدتها التي تحولت إلي كتله من الثلج وقد ارتمس راسها للخلف واغمضت عيناها ليلتفت الجميع الي نداء نشوي اللهيف: امه ....امه ...امه ردي عليا !
......
غشت الدموع عيون صديقه التي وقفت بأطراف ترتجف أمام الطبيبه بينما وضعت امامها تلك الورقه قائله : امضي يا حجه علي الاقرار ده ...خفضت عيناها وتابعت بتأثر : بنتك بتنزف وحالتها خطر والدكتورة لو مقدرتش توقف النزيف لازم تشيل لها الرحم وعشان كده لازم جوزها أو حد من أهلها يمضي الإقرار ده عشان نقدر ننقذها
انتفض قلب صديقه بين ضلوعها بينما تحاول فهم حديث الطبيبه : بتي معادتش هتخلف تاني
قالت الطبيبه برفق : المهم ننقذ حياتها يا حجه ....ارجوكي مفيش وقت
قالت صديقه بدموع مقهورة : انا معرفش اكتب ...ولا فاهمه حاجه ... ابوها يفهم عني
مجددا تتأمل الخير بهذا الرجل الذي ظنت أنها تستطيع أن تلجأ إليه لتتابع بصوت متحشرج بالدموع : اخوها بيعرف يقرأ ويكتب هجيبه
هزت الطبيبه راسها قائله : مفيش وقت يا حجه ...بنتك حالتها خطر ...ابصمي
لطمت صديقه وجهها وهوت جاثيه علي الأرض تبكي بقهر : ضيعتي نفسك يا احسان ....ضيعتي نفسك يا بتي ....يا اما قولتلك الطمع يقل ما جمع واهو معادش باقي ليكي حاجه
........
هبت وصال من مكانها علي صراخ نشوي كما فعل الرجال لتجثو وصال علي ركبتها أمام حميده التي فقدت وعيها وسرعان ما تميز بمعصمها تحاول اسعافها وهي تهتف سريعا : بسرعه يا دياب هات دكتور من الدكاتره
ركض الجميع هنا وهناك وسرعان ما حضر الأطباء ليأخذوا حميده من يد وصال التي احتبست أنفاسها بصدرها بينما فاجعه تلو الأخري .....أحاطت كتف نشوي بذراعيها بينما اخذت نشوي تهذي برجاء: يارب الطف بينا يارب يارب امي واخويا ...!
قالت وصال برفق : هتبقي كويسه ..أن شاء الله هتبقي كويسه
مرر دياب يداه علي رأسه بقله حيله بينما بالكاد يتنفس اي منهم في ترقب لخروج الطبيب الذي طمأنهم : متقلقوش علقنا لها محلول وفاقت وان شاء الله علي الصبح هتكون كويسه بس خلوها ترتاح
ارتمت نشوي علي صدر والدتها تبكي لتمد حميده يدها إليها تربت علي رأسها وتقول بوهن : انا كويسه يا بتي
بكت نشوي لتغمض حميده عيناها لحظه تستجمع بها المزيد من قواها ثم تفتح عيناها مجددا وقد استخدمت شراستها لتشحذ المزيد من قوتها وهي تهتف بوعيد من صوتها الواهن : انا شديده ومش هرقد الا لما اخد حق ابني من بت عليوة بأيدي
ابتسمت وصال من بين دموعها بينما التقفت أنفاسها لترفع نشوي راسها من فوق صدر والدتها وتنظر لها بابتسامه من بين دموعها : أيوة يا امه انتي شديده ...قومي بالله عليكي
اومات وصال وهي تتطلع الي حميده ربما لأول مره بطريقه أخري بعد أن استشعرت للحظه مراره غيابها .. الفراق قاسي وهي لا تريد أن تتجرع مرارته مجددا : مش لوحدك اللي هتاخدي حقه
نظرت حميده لها بابتسامه واهنه لتقول بمشاكسه : هتضحكي عليا عاد يا دكتورة عشان أشد حيلي
هزت وصال راسها ومسحت دموعها لتمد حميده يدها إليها لتقترب : تعالي يا وصال
اقتربت وصال من فراش حميده التي أمسكت بيدها وقالت بصوت حاولت بث القوة به : هادي ولدي شديد وهيقوم منها بإذن المولي امسحي دموعك يا بتي ...!
ابتسمت نشوي لوالدتها وتنهد دياب بارتياح بينما كانت كلمات حميده ما كانوا بحاجه اليه ليبقوا واقفين أمام فاجعتهم صامدين
مدت يدها الي كتف وصال وقالت برفق: حقك عليا بس وقتها فكرتك اللي عملتي كده في ضنايا
هزت وصال راسها وغامت عيناها بالذكريات مجددا لتنخفض عيناها لا إراديا الي يدها التي مازالت تري بها دماءه
وصورته وهو يحاول الوقوف وسيل الدماء من فمه لا يفارقها لتشعر حميده بانتفاضه جسدها بينما غلبتها شهقات بكاءها لتقول لها برفق : هيقوم منها بإذن الله.....علبتها دموعها هي الأخري وكذلك فعلت نشوي ليزم الرجال شفتيهم وكل منهم ينظر إلي الاخر ...!
حمحم دياب الكبير وقال بصوته الخشن : قومي يا بتي انتي وهي دياب ياخدكم البيت ترتاحوا وانتي يا ام هادي ارتاحي زي ما الدكتور قال
هزت وصال راسها برفض كما فعلت نشوي التي قالت : انا مش هسيب امي ولا اخويا
وصل دياب الكبير لمبتغاه ليقول : يبقي بزياده بكي وكل واحده منكم تبطل نواح ....دياب تعالي معايا انت وخالك وانت يا نعمان خلينا نسيبهم وحدهم يريحوا واحنا نقعد تحت
.........
...
نظرت سناء الي رجل الأمن : يعني يا اخويا انت متاكد ....المعلم هادي
قال الرجل مجددا بتأكيد : يا ست والله ما حد منهم جه
حك شعره وهز رأسه مجددا لتنظر سناء الي بهيه التي قالت بفطنه : ماهو يا سناء كنا هنلاقي عربيه جدي ولا دياب ولا حتي الحاج نعمان ....يارب راحوا فين بس
التفتت بهيه الي سناء التي قالت سريعا : بت يا بهيه ...هي مش دي ام احسان !!
.........
....
مددت وصال ساقيها علي الاريكه بينما جلست نشوي علي أحد المقاعد وباصرار تركت لوصال الاريكه وقد غلبها النعاس وهي جالسه ولكن وصال بقيت تتقلب من جنب لأخر تاره تبكي وتاره تدعي حتي انتصف الليل !
عليها النعاس للحظات من فرط الانهاك ولكنها سريعا ما فتحت عيناها علي تلك اليد التي امتدت الي كتفها برفق
هبت جالسه بهلع ما أن رأت أحدي الممرضات والتي همست لها : دكتور عزمي عاوزك يا دكتورة
ابتلعت وصال وللحظه خانتها ساقها وهي تفكر بكل سوء وان هناك مكروه حدث لهادي لهذا ارسل لها الطبيب
بوهن قالت للممرضه : ممكن أسند عليكي
اومات الممرضه واعطتها ذراعها لتستند إليه ...دق قلبها بقوة ما أن خرجت من الغرفه بينما عم الهدوء الممر وتذكرت سريعا تلك الليالي التي كانت تقضيها وحدها وسط هدوء العنايه المركزة الكئيب أثناء مرض والدها
رمشت باهدابها ما أن قال الطبيب برفق شديد : مالك يا دكتورة ...اسف اني قلقتك ....
قالت وصال بلسان ثقيل : هادي ....هادي حصل له ...قاطعها الطبيب بنبره مطمأنه : لا خالص هو كويس والحاله مستقره انا هسمح ليكي تدخلي تشوفيه بس دقيقه واحده ومن غير اي كلمه
ابتسمت وصال وغلبتها دموعها وهي تهز راسها للطبيب لتسير خطوتين وتغلبها دموعها وهي تفكر بانها ستراه ....توقفت مكانها لينظر لها الطبيب باستفهام ما أن عادت الي غرفه حميده وهي تقول : والدته أحق مني بالدقيقه دي
دبت القوة بجسد حميده التي استيقظت علي يد وصال الحانيه تهمس لها : تعالي شوفي هادي واطمني عليه
ببطء تبعت حميده خطوات الطبيب التي تلك الغرفه التي تطن بالاجهزه بينما انغلقت الستائر المتجاورة كل منها علي حاله مختلفه لتضع يدها علي فمها تكتم شهقه بكاءها ما أن أزاح الطبيب أحدي الستائر لتري ابنها ممدد علي جانبه بينما أحيط ظهره الظاهر من فتحه زي المشفي بتلك الاربطه
ابني
امسك الطبيب بكتفها وهمس لها : ارجوكي يا حجه احنا اتفقنا من غير كلام ....اومات حميده وهزت راسها وهي تكتم شهقاتها أكثر بيدها التي وضعتها علي فمها
نظرت إليه وغشت الدموع عيونها والتي أغرقت يده التي مالت عليها تقبلها ....وص...ال
استمعت حميده الي هذيانه بأسمها لتهمس له : قوم يا ضنايا وصال هنا
انساقت الي يد الطبيب الذي أخذها الي الخارج مجددا لتفرج حميده عن مكنونات صدرها وتبكي بحرقه وهي ترتمي علي صدر وصال تهتف بوجع : بينادي عليكي يا بتي ...اسمك مش مفارق لسانه
بكت وصال بشده لتجد نفسها هي من بين ذراعي حميده التي ضمتها إليها بحنان لأول مره تشتعره منها !!
.........
نظرت سناء الي ذلك البناء الضخم الذي لمعت أنواره من علي بعد بضعه أمتار لتقول لسائق السياره الاجره التي اخذتها برفقه بهيه : هي دي المستشفي العام يا اخويا
اوما السائق ليقترب من البوابه وقبل أن ينطق شيء كانت بهيه تنزل مسرعه من السياره وتنادي بلهفه : دياب
التفت دياب بعيون متسعه ما أن رأي بهيه تسرع ناحيته لتنقد سناء السائق الاجره وتلحق ببهيه
: بهيه ايه اللي جابك هنا
قالت بهيه ببكاء : قلقت عليكم يا اخويا ايه اللي حصل ...عوض قالي هادي اتصاب
اسرع علوان تجاه زوجته التي قالت بتبرير: خوفت اسيبها وحدها يااخويا
هتف علوان بحنق : تقومي تطاوعيها وتتطلعوا في نصاص الليالي
قالت بهيه باعتذار : حقك عليا ياابويا بس القلق اكل قلبي
قال دياب برفق بينما خشي أن يقسو عليها ليأخذها الي سيارته : تعالي يا بهيه ادخلي اقعدي
امسك بيدها وقال بحنان : انتي كويسه
ابتسمت بهيه من بين دموعها وقد تذكرت حملها : كويسه ...طمنني علي وصال وهادي
عقد دياب الكبير حاجبيه بينما التفت نعمان بعيون تتقد شرا ما أن قالت سناء باستدراك : البت احسان في الوحده الصحيه !
اسرع دياب الكبير يقترب كما حال نعمان يمطرون سناء بالاسئله بينما كانت بهيه لا تصدق ما تسمعه من دياب ...احسان الوجه الاخر لدنيا لتقول بأسي : اخدت ايه ....اهو امها هتموت بحسرتها وهي بين ايادي ربنا !
.......
نظرت قدورة حولها بينما بدأت انوار الطريق تبعد شيئا فشيئا لتعقد حاجبيها وتهتف بالسائق : انت رايح فين يا اخويا وطلعت من الطريق ليه ؟!
ابتسم الرجل بخبث بينما يلقي بنظره ذات مغزي الي الرجل الأخري الذي مال تجاه قدورة يباغتها !
......
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم
روعه
ردحذف