حكايه عمر الفصل الثلاثون

18


 الفصل السابق
( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )


نظر نديم الي صديقه وعقد حاجبيه باستفهام ليكرر الشاب جملته بعدم اكتراث : انت مكبر موضوع عمر ده اوي ....

ارتسمت علي شفتيه ابتسامه مستخفه وهو يتابع مش محتاج تحط حد يجيب اخباره ولا تشوف قضيه بيشتغل عليها عشان توقعه ... تقدر توقعه بسهوله ..

موضوع اهبل ويخلص في ساعه واحده مش محتاج كل التخطيط ده 

ارتشف نديم قليلا من قهوته قائلا باستخفاف : ساعه !

اوما شادي قائلا باستخفاف مماثل : وبمكالمه تليفون واحده 

اجتذب شادي اهتمام نديم الذي قال وده ازاي بقي 

ضحك الشاب بثقه سيجارتين حشيش في عربيته وتخلص 

لمعت عيون نديم بينما تابع شادي حديثه ليضيق نديم عيناه ويبدأ من الآن في تخيل أخذ ثأره من عمر 

ليقول اخيرا بابتسامه خبيثه تشبعت بالانتصار : وليه سيجارتين .... لفه حشيش بحالها مش خساره فيه !

ضحك شادي مقهقها : والله ده علي حسب انت عاوز تقرص ودنه ولا تقضي عليه خالص 

قال نديم بغل شديد : اقضي عليه خالص ! 

.......

...

.....قبل أن يستوعب عمر ارتباكه أمام غضبها كانت تدفعه خارج الباب وتصفقه بوجهه صارخه بانفعال شديد : اطلع برا حياتي ! 

رمش عمر بعيناه بضع مرات قبل أن يعقد حاجباه بقوة من تلك المشاعر التي تملكت منه فجاه لرؤيه ذلك الحزن متوطن بعيونها ... ليسأل نفسه لماذا يري انعكاس نظراتها الحزينه بداخل قلبه  ...لماذا يشعر بهذا الشعور المقيت تجاه نفسه لأنه السبب في حزنها ...لماذا لا يحتمل مجرد رؤيه تلك الدموع تترقرق بعيونها ...؟! 

لماذا فجاه شعر بأن الخنجر الذي اتي باستعداد تام أن يغرسه بقلبها انغرس بقلبه هو ...؟!

اين ذهب قراره الذي اتخذه عن اقتناع وظن أن وصوله الي راحته المنشوده ينتهي بتنفيذ هذا القرار ...؟!

ليخبر نفسه بأنها هاهي تسهل مهمته ...هاهي طردته ليس خارج منزلها بل خارج حياتها ...إذن لماذا يقف علي بابها ؟!

كالعاده لا يترك نفسه بحيرة طويلا وسرعان ما ينفذ اول ما يشعر به وهو قراره بأنه لا يريد الابتعاد ....لا يريد أن يغادر ....لايريد أن يخرج من حياتها كما لا يريدها أن تخرج من حياته ...!

نظراتها المعاتبه له احقت لها بنفس اللحظه كل هذا العتاب ....أنها ليست مجرد مشكله في حياته سيتجاوزها بل هي الوحيده التي رأي حياته مختلفه معها ...هي التي دخلت حياته واقتحمتها لايعرف لماذا ...هي من أراد أن يكمل معها باقي حياته ...هي كانت أول من شعر معها أنه مختلف ....أنها تستحق عتابها وتستحق أن يتوجع قلبه بتلك الطريقه من أجلها ... تستحق أن يحتار ويتعب ويفكر من أجلها ...تستحق كل شيء ولا تستحق ابدا ما كان ينتويه والذي تبخر بلحظه وهو يطرق بابها ...

وبعد أن كان يريد محوها من حياته اصبح الان يريد السماح وهو مجددا يري ضئأله نفسه امام نفسه ....!

طرق الباب عده مرات وهو يهتف اسمها بلوعه : وسيله !

...وسيله !

لم يتلقي جواب بينما استمعت وسيله لنداءه اللهيف وهي تستند الي الباب وتبكي بصمت وتسأل نفسها لماذا يوجعها قلبها الان !

فعلت ماكان يجب أن تفعله فلماذا تتوجع ...لماذا ينفذ صوته ونداءه لاسمها الي اعماق قلبها ؟! 


........


نظرت جوري لمراد بغضب شديد وهتفت به بحزم : اطلع برا بيتي !

لم يغضب مراد أو يثور في اللحظه التي استمع بها لتلك الكلمات من بين شفتيها التي اكتنزت بها الدماء كما فعلت بوجهها الذي تحول الي جمره ملتهبه وهي تنظر له بعيون غاضبه حد النفور ....تراه علي حقيقته ....مجرد انسان مندفع عصبي لا يثق بها ويثق بشكوكه !

كان الغضب الشديد منه هو ما يسيطر عليها فلم تكن بحاله تسمح لها بالتفكير بسبب أو البحث عن مبرر له كما اعتادت لذا ازداد غضبها من وقوفه امامها بصمت وكأنها مجنونه تهذي وستهدا وتصمت كما اعتاد منها ولكن لا لن تصمت مجددا .....اندفعت خطوه تجاهه وهي تجذب المزيد من ملابسه وتلقيها أمامه وتصرخ بعنف مجددا : واقف ليه ...بقولك برا .. امشي  !

غص حلقها بقوة ولكنها تحاملت علي غصه حلقها كما تحاملت علي أنفاسها التي بدأت تتهدج من فرط حركاتها الهائجه بينما تتابع بصوت متحشرج : انت اللي هتمشي مش انا ....انت اللي هتمشي من بيتي اللي مش هسيبه واسيب حياتي اللي نظمتها عشانك زي ما عملت كل حاجه عشانك سنين 

اندفعت ناحيته وواجهته بعيون ترقرقت بها الدموع ولكنها حبستها خلف اهدابها تتظاهر بالقوة وهي تتابع : قولتلك الف مره ان سكوتي قدامك مش معناه اني جبانه ولا ضعيفه.....! هزت راسها وتابعت بأسي : قرار اننا نأجل الخلفه كنت موافق عليه ومع ذلك اتهمتني اني اللي مش عاوزة مع انك ببساطه كنت تقدر تغير قراري ....كنت عيله وفكرت دي خطوة صح بس انت كنت ممكن تتكلم معايا وتفهمني أن حياتنا مش هتتأثر بس انت وافقت وانا موافقتك خلتني احس أن قراري صح وانفذه ....ولما رجعت في قرارك وافقت ومعترضتش ومع ذلك شكيت ....وقفنا قدام بعض نفس الموقف وبرضه دلوقتي جاي تشك فيا ...اول حاجه فكرت فيها اني أجبن من اني اواجهك واني بعمل حاجه من وراك ...سكوتي خلاك تحطني في موقف الضعيفه الجبانه بس انا ولا ضعيفه ولا جبانه ...!

ولو كنت مش عاوزة اخلف منك مكنتش هخبي وكنت هواجهك 

نظرت له بعتاب شديد وخانتها دموعها لتنفلت من خلف اهدابها بينما تقول : كل السنين دي ولسه معرفتنيش !

.....

.........


عقدت حلا حاجبيها بعدم فهم : امال دي مين ؟!

حمحم ايهم بينما يقول بهدوء : دي بنت واحد معرفه ....عقد حاجبيه وهز رأسه وهو يبعد نظراته عن عيون ابنته بينما يتابع : يعني...يعني هي كانت اختلفت مع والدتها وسابت بيتها ومن غير ما تفكر في غلطتها عاندت وقالت إنها هتشتغل عندنا !

تمهل ايهم قبل أن يرفع عيناه يتطلع الي وقع كذبته علي ملامح ابنته التي نظرت له بفضول : يعني حضرتك تعرفها ؟!

اوما ايهم : كنت اعرف والدها ..؟!

أومات حلا وهزت كتفها تسأل ابيها بفضول: طيب هي اختلفت مع والدتها ليه  ؟

قال ايهم وهو يعتدل واقفا : عادي يا حلا ...تفاصيل متخصناش ...وضع يده حول كتف ابنته وتابع بحنان : المهم انها هتفضل عندنا كام يوم علي ما اصالحها علي مامتها ..هتتضايقي انتي او اختك 

هزت راسها قائله : لا خالص ...شكلها اصلا بنت لطيفه 

اوما ايهم وأشار لها : طيب روحي قولي لأختك علي ما اقابل ام حسن 

بعد قليل صعدت المرأه برفقه سعيد ليتحدث معها ايهم بعده تفاصيل ...اتفقنا يا بيه ..كل يوم هكون هنا من الصبح بدري وعلي العصر أن شاء امشي وكل حاجه هكون مخلصاها قبل ما امشي 

اوما ايهم لتقول المراه وهي تتجه الي الباب : بالاذن يا بيه والصبح هكون عندك  

اعتدلت غرام واقفه ما أن استمعت لتلك الطرقات ليدخل ايهم خطوه ويشير لها : تعالي 

نظرت له غرام بعدم فهم ولكنها لم تسأل وهو لم يجيب بكلمه بل اشار لها أن تتبعه 

سار بضع خطوات الي نهايه الرواق بالجهه اليسري ليفتح باب أحد الغرف وينظر لها أن تتبعه 

دخلت غرام أمامه ليدخل ويغلق الباب 

اتجه ليجلس خلف مكتبه وأشار لها بيده أن تجلس 

جلست غرام تتطلع إليه بتوجس بينما صمت ايهم قليلا قبل أن يرفع وجهه تجاهها ويتحدث بهدوء : انا هاخدك لأهلك !

عقدت حاجبيها باستفهام ليتابع ايهم : ده الصح ... مالكيش مكان هنا ومكانك في بيت أهلك ....انتي غلطتي وهما مهما يكون زعلهم منك الا انك في الاخر بنتهم ووالدتك اكيد هتسامحك لأنها ام في الاول والاخر 

انسابت دمعه من عيون غرام وهي تهز راسها مردده بقهر : مش هتسامحني !

قال ايهم بثبات حتي لا يتأثر بدموعها بينما رأي أنها في النهايه كانت مجرد فتاه صغيرة دمرت حياتها بيدها وهي تركض خلف اوهام ....واستغلت شيطانه كعزه عدم خبرتها في الحياه فاوقعتها في شرك كبير لا خروج منه إلا بنزف المزيد من الدماء !

: هتسامحك ....!

نظرت له برجاء قبل أن تخفض عيناها وهي تستجديه بتوسل : لو اتجوزتني رسمي جايز ...قاطعها ايهم بحزم وهو يرفض أن يتأثر بتوسلها فيشفق عليها ويتخذ قرار يدرك جيدا أنه لن يؤدي إلا الي المزيد من دمار حياتها 

: قولتلك مستحيل 

قام من مقعده واتجه ليقف امامها ويجبر عيناها أن تنظر إليه : انا اه عرفت الحقيقه بس قولتلك مفيش حاجه اتغيرت ....خدعوكي اه بس انتي اللي خدعتي نفسك الاول ....انتي غلطتي ولازم تتحملي نتيجه غلطك ...عزه غلطت وانا هحاسبها ...سحب نفس عميق وزفره بحنق قبل أن يتابع بإقرار : وانا كمان غلطت 

كل واحد غلط هيحاسب علي غلطته ويتحملها بطريقه  .... !

غص حلق غرام بقوة ليزداد جريان دموعها الحاره علي وجنتيها بينما تقول بصوت متحشرج : كلكم هتتحملوا نتيجه غلطكم وتكملوا حياتكم كأن مفيش حاجه حصلت و انا الوحيده اللي حياتي اتدمرت 

استندت الي المقعد لتساعد جسدها الواهن علي الوقوف أمامه لتنظر الي عيناه القاسيه وتتابع بصوت باكي : انت هتكمل حياتك وانا هبقي مجرد يوم عدي في حياتك ....هتفضل الضابط والاب المحترم في عيون الكل 

...و عزه هتكمل حياتها وتخدع بنات تانيه وتدمر حياتهم وتبيع وتكسب من وراهم طول ما في ناس زيك بتشتري منها ....اختنق صوتها بالبكاء أكثر وهي تنكس راسها وتتابع : انا عارفه اني غلطت وماليش عذر ولا مبرر عشان كده استاهل كل اللي يجرالي ...استاهل بصتك المحتقره وكلامك المهين ...استاهل اعيش في الشارع عشان اتبطرت علي بيتي وعيشتي مع أمي اللي فهمت دلوقتي خوفها الزايد عليا من أمثال عزه وفيفي ....انا عارفه اني مش فارقه معاك وانك شايفني مجرد بنت زباله اشتريتها ...تحشرج صوتها وازدادت شهقاتها بينما تتابع وهي تضع كلتا يداها علي وجهها الذي غرق بدموعها : انا استاهل بس امي متستاهلش ابدا اللي عملته فيها 

حرك ايهم يداه علي وجهه يحاول أن يمحي تأثر ملامحه بندمها الذي في محله تحركت شفقته ناحيتها وحاولت أن تثنيه ولكن كل عقله يخبره أن هذا هو الصواب !

مسحت غرام وجهها بيدها تحاول ايقاف دموعها بينما ترفع رأسها ناحيته ببطء وهي تهز راسها تقر بكلامه : انت عندك حق ....كل واحد يتحمل نتيجه غلطته ! 

........

ابتلعت زينب غصه حلقها وجاهدت لتمحي الحزن من فوق ملامح وجهها حينما سألتها صديقتها بعفويه : امال فين غرام يا زينب ...مرتين اجي ومشوفهاش هي زعلانه مني ولا ايه ؟!

: لا يا ماجده وهي هتزعل منك ليه ...كورت قبضتها في حجرها وهي تتابع : هي بس راحت عند أهل ابوها !

عقدت ماجده حاجبيها باستفهام : أهل ابوها ؟! ...هو ابوها رجع 

هزت زينب راسها بكمد : لا يا اختي ولا رجع ولا حاجه ...اهو علي ما بيقولوا في ليبيا 

اومات ماجده بنفس الاستفهام لتتابع زينب وهي تحاول أن تنقي حلقها من الدموع التي تجمعت به : هما أهل ابوها قالوا عاوزينها تقعد معاهم شويه وانا مقولتش لا 

رفعت ماجده حاجبيها باستنكار : وانتي ليه متقوليش لا ...هما بعد السنين دي جايين يفتكروها ..لا مالكيش حق 

تنهدت زينب بثقل قائله : اهو اللي حصل ياماجده ...!

.....

........


مسحت وسيله وجهها الذي احمر بقوة من فرط بكاءها وزمت شفتيها بقوة للحظات حتي توقفت عن البكاء بعدها دفعت بخصلات شعرها الطويل للخلف ثم استدارت الي الباب الذي لم يتوقف عمر عن طرقه ولا عن نداءه لاسمها برجاء استغربه بنفسه ...أن كان قبل لحظات كان ينتوي الفراق فلماذا يستميت الان للقرب ...لماذا حينما أغلقت بابها في وجهه يريد الان أن تفتحه مجددا أولم يكن هذا الباب الذي يريد غلقه دون الالتفات وكأن شيئا لم يكن بينهما ....الان فقط غزت تلك المشاعر قلبه وكأنها كانت اسفل أنقاض لا نهائيه دفنها بداخله وبلحظه طفت علي السطح واوقظت كل ماشعر به تجاهها ...!

غريب تناقضه ولكنه مألوف بالنسبه له !

رفع عيناه تجاه وسيله التي فتحت الباب لتصطدم عيناه بملامحها التي مهما رسمت فوقها القسوة إلا أن قلبه شعر بمقدار هشاشتها واكبر دليل هو وجهها الجميل الذي زاده البكاء جمالا أرهق قلبه بلحظه وجعل شعوره تجاه نفسه بالمقت يزداد بينما كانت له اليد العليا بمحو ابتسامتها من فوق ملامحها ورسم ذلك الحزن بدلا منها !

استجمعت وسيله ثباتها وهي تنظر له بسخط هاتفه : عاوز ايه ....كفايه اللي عملته واتفضل ابعد عني زي ما انت عاوز 

تفاجيء بلسانه ينفي كل قراراته بينما ينطق باعتراف قلبه : انا مش عاوز ابعد عنك !

اتسعت عيون وسيله بعدم استيعاب فأن كان لايريد الابتعاد عنها إذن ماذا كان يفعل طوال الأيام السابقه : امال عاوز ايه ....عاوز اييييه مني تاني ياعمر !

لم تحتمل أن تستمع لشيء بينما ثباتها اهتز بالفعل أمام نظراته لتكره قلبها الخائن الذي تمرد عليها وبدء بالخفقان لذا قبل أن تفقد ثباتها كانت تتراجع خطوة للداخل وتمد يدها تجاه الباب تهم بغلقه ولكن عمر سرعان ما وضع يده علي الباب يوقفها : وسيله ..استني وخلينا نتكلم 

هزت رأسها بحنق من نفسها قبل أن يكون منه بينما ازداد تمرد قلبها الذي يهفو لسماع اي عذر منه ليعفو ويصفح : مش عاوزة اتكلم ....امشي ياعمر 

أغلقت الباب ليطرقه عمر بقوة مزمجرا من بين أسنانه : مش همشي يا وسيله ..افتحي الباب 

هزت راسها وهتفت بعصبيه : مش هفتح 

زم عمر شفتيه بحنق وطرق الباب بقوة أكبر هاتفا بغضب : هتفتحي الباب والا هكسره ..!

إصراره خدع قلبها الغر ومجددا بدأت علي استحياء تداعب تلك المشاعر قلبها تحت عنوان تمسكه بها ويالها من خيبه امل لعقلها الذي لآخر رمق تمسك بالفوز في حربه أمام قلبها ليدفع تلك الملامح العابسه الي وجهها وهي تفتح الباب وتواجهه بغضب : امشي وكفايه فضايح .... الجيران هتسمع ! 

رفع عمر حاجبه بتبرم : ما يسمعوا ....انتي مراتي ولا نسيتي !

للحظه سجل عقلها خطأ بينما كلماته بالفعل كان بها شيء خاطيء لتنظر له باستهجان شديد ترجمته كل ملامح وجهها وهي تهتف به بجديه : لا انت اللي نسيت ده مش انا ...!

تواجهت عيناها بعيناه لتكيل له وسيله عتاب حاد : انت دلوقتي جاي تفتكر الكلمه دي ...بعد ما سبتني ولا فكرت حتي تسأل عني جاي تقولي الكلمه دي !

نفذت حده عتابها الي قلبه الذي لم يستطيع أخذ ساتر وتلقي العتاب من نظراتها وكلماتها الواحد يلو الآخر بلا هواده لينطق لسانه بعذر واهي كان كل ما بدر الي ذهنه لعله يصيغ مبرر لابتعاده الذي لا يستطيع اخبارها باسبابه الحقيقيه : غصب عني يا سيلا !

لمعت الدموع بعيونها ليس بسببه بل بسبب تلك الدقات المتسارعة التي تخفق داخل ضلوعها ترهق عقلها وتجعله يخسر حربه لتهز راسها كما اهتزت شفتيها بينما تلك المره يخرج عتابها اقسي من سابقه ليس بحده الكلمات ولكن بحده نبره الحزن التي تغلغلت به : لا مش غصب عنك يا عمر .... مفيش حاجه ولا سبب يخليك تبعد عني الا انك كنت عاوز تبعد 

هز رأسه سريعا واقترب منها خطوه : مش عاوز ابعد عنك ....

نظرت له بعتاب قاسي : انت بعدت فعلا 

نظر لعيونها برجاء أن تسمح وتعفو وتتقبل عذره الذي لا يستطيع أن يصيغه :  غصب عني 

هتفت به وسيله بانفعال بينما لا ينطق بأي شيء تستطيع فهمه  : متقولش تاني الكلمه دي ....رفعت عيناها إليه وواجهته : ايه اللي غصب عنك ...انت سبتني طول الفتره دي من غير ما اعرف عنك حاجه ....مكانش في وقتك ليا دقيقه واحده تكلمي علي الاقل تطمني عليك....

رجعت من السفر زي ما سافرت من غير ما اعرف عنك حاجه كل ده وتقولي غصب عنك 

اشاحت بعيناها بعيدا عنه هاتفه : لها لا ياعمر متضحكش عليا  ....انت بعدت عشان عاوز تبعد 

هز رأسه بتأثر وهو  يكذب ليس بأنه بالفعل لم يرد الابتعاد عنها بل في أنه لا يستطيع اخبارها بتلك الحرب التي يخوضها بداخله : لا مش عاوز ابعد عنك 

أغمضت عيناها بقوة تحاول كبح دموعها ولكن خانتها دمعتان لتفتح عيناها سريعا ما أن شعرت بيداه تكلل وجهها وتمسح دموعها وسرعان ما كانت عاصفه تهب في آفاقها حينما لامست أنفاسه الساخنه وجهها بينما يميل عليها يطبع قبله فوق جبينها ويهمس بحنان واعتراف دون المزيد من الأعذار :  اسف 

غزو ضاري لمشاعرها اقوي من أن تقاومه بينما جند قلبها ضدها وجعله يخفق بقوة موافقا علي تلك الترضيه التي لم يرضي عقلها ابدا بها 

لتهزر راسها وسرعان ما تتراجع خطوه للخلف بتعثر سري في عروقها من قربه الذي احسن عمر استغلاله ليقترب الخطوه التي ابتعدتها ويسدد نظرات عيناه الي عيونها التي امتلك مفاتيحها ليكرر بنبره هادئه وعيناه لا تترك النظر إلي عيونها : اسف يا حبيبتي ....مكنتش اقصد 

.....تنهد وتابع اخبارها بجزء من الحقيقه : لما شوفت بابا في الحاله دي كل حاجه جوايا اتلخبطت ....وسيله انتي مش متخيله احساسي وقتها كان ايه وانا شايف ابويا مش قادر يقف علي رجله ....اد ايه كرهت نفسي اني طول الوقت كنت ظالمه وفاكره قاصد يبعد عني واكتشف أنه كان تعبان وبعد غصب عنه 

سدد نظراته الي عيونها وتابع : زي ما انا غصب عني بعدت عنك وانتي فكرتي اني قاصد ابعد عنك 

توقف امامها مباشره وامسك بذقنها ليرفع وجهها إليه بينما يتابع باعتراف  : وسيله انا بعترف اني غلطت بس وقتها معرفتش افصل ولا احس بأي حاجه الا احساسي بالذنب ناحيته ..... حرمت علي نفسي احس بأي حاجه الا احساس الذنب ده !

لم يكذب في ما قاله بينما هو بالفعل كان ذلك شعوره وقتها ولكنه اخفي أن ذلك الشعور قاده لشعور اخر وهو كراهيته لما فعله ورغبته في محوها من حياته ليمحي خطأه في حق أبيه وبنفس الوقت يسجل خطأ في حقها هي ...! 

نظر إلي صمتها وعيونها وهو يسأل نفسه ....هل نجح في إقناعها ....أنه لم يتعمد النجاح ولكنه بداخله أراد السماح ويبدو أنه قد حصل عليه ! 

..........

...

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

رفعت الصغيرة عيناها بعدم تصديق حينما فتحت الباب ووجدت اختها غرام امامها لتلقي بجسدها الصغير علي اختها تحتضنها من خصرها لقصر قامتها ....انحنت غرام علي ركبتيها أمام اختها وضمتها إليها بقوة وسرعان ما انسابت دموعها وهي تهتف بلوعه : وحشتيني اوي يا شيماء 

بادلتها اختها الصغيرة حراره مشاعرها وهي تتمسك باحضانها اكثر : وانتي كمان يا غرام 

خفق قلب غرام بقوة وهي تستمع لصوت والدتها يأتي من الداخل : مين يا شيماء 

قالت الصغيرة بصوت متهلل : دي غرام يا ماما 

انتفضت غرام مكانها واعتدلت واقفه حينما ظهرت والدتها بلحظه لتنظر لها غرام بعيون ملئتها الدموع الراجيه بأسف ولكن قابلتها زينب بنظرات جافيه بالرغم من خفقان قلبها بداخل ضلوعها لرؤيتها .....

مدت زينب كلتا يداها تنزع اختها من احضانها تهتف بها بحزم : ادخلي جوه ياشيماء 

تمسكت الصغيرة بيد غرام برفض لتمسكها زينب بغضب وتدفعها للداخل بغضب : اسمعي الكلام 

هزت شيماء راسها ببكاء : مش عاوزة اسيب اختي 

هتفت زينب بقسوة وهي ترفض أن تجتاح قلبها اي مشاعر تجاه تلك الفتاه بعد ما فعلته بنفسها قبل أن تفعله بها : مالكيش اخوات ..اختك ماتت ! 

استمعت غرام بقلب متمزق الي بكاء اختها لتخترق تلك الكلمات أذنها وسرعان ما يرتسم الانكسار علي ملامحها وهي تنظر الي والدتها برجاء ولكن قبل أن تنطقه كانت زينب تهتف بها : راجعه ليه ؟!

لم تجد غرام كلمه تنطق بها لتنظر الي والدتها بدموع الندم الحارقه التي أصابت زينب بمقتل ولكنها أبت أن تمتثل لقلبها الذي كسرته بفعلتها وسرعان ما كانت تغلق الباب بوجهها  ..... هزت غرام راسها بقهر ولم تيأس وطرقت الباب برجاء وهي تهتف بصوت باكي : ماما ...ماما سامحيني 

هتفت زينب من خلف الباب الذي خشيت أن فتحته أن تفتح معه ابواب قلبها لابنتها :  امشي مكان ما انتي أنا اعتبرتك موتتي واخدت عزاكي .....امشي روحي لعزه انتي اختارتيها واختارتي طريقها ...! 

بكت غرام بقهر وسحبت نفسها بخطوات متعثرة الي الخارج لتسير هائمه علي وجهها وكلمات والدتها تمتزج بكلمات ايهم لينسج عقلها شريط من تلك الذكريات التي تري بها كيف اخطأت بحق نفسها وهي الوحيده التي ألقت نفسها بهذا الجحيم بعد أن كرهت حياتها التي تتمني الان لو تعود إليها 

تنهد ايهم بثقل حينما كان علي وشك أن يستدير بسيارته ويغادر بعد أن توقف قليلا علي جانب الطريق بعد أن اوصلها حتي يطمأن أنها عادت الي منزل عائلتها ولكنه  لمحها تخرج من المنزل بعد قليل وتسير بتلك الطريقه

هائمه علي وجهها وكأنها لا تري شيء ....تسير وتسير وهو 

خلفها بنفس الوتيره البطيئه يتحرك بسيارته ....و مثلما غرقت بدموعها غرق هو بأفكاره .....!

لقد حان الوقت ليدفع ثمن اخطائه ولو كان هذا الثمن متمثل في ذنب تلك الفتاه 

....نعم يشفق عليها لا ينكر ولكن هل معني شفقته أن يصلح وضع خاطيء بخطأ اكبر ....نعم فكر أن يتزوجها ويطلقها ولكن ابدا لم يطاوعه عقله علي شيء كهذا.....!

أخبرها وأخبر نفسه بأنه يستحيل أن يفعلها ...!

جاهد وتحمل تلك الذنوب حتي يضمن استقرار نفسيه بناته والان يأتي بفتاه تقارب عمرهم ويتزوجها ...!

دمرت نفسها بيدها وهذا هو الثمن الذي عليها تدفعه 

وهو أيضا مخطيء مثلها وما يعيشه من هذا التمزق ثمن لخطأه .... لتأخذه دوامه أفكاره يحاول ايجاد حل ...فلا هو يستطيع تركها ولا هو يستطيع أيضا إدخالها حياته 

تطلع إليها بشفقه كبيرة وهو يهز راسه بأسف ..ليتها لم تسير بهذا الطريق ! 

توقفت امام السور الحديدي اعلي كورنيش النيل تتطلع الي جريان المياه اسفلها .....أنها مياه بلا نهايه تبتلع كل شيء في براح مساحتها لتفكر بارتياح وهي تتمني أن  تضيع وتبتلعها تلك المياه الواسعه ولا تترك لها اثرا ... تملك منها اليأس وسيطرت عليها تلك الفكره لتسلط انظارها الي جريان المياه اسفل الكوبري المرتفع ويمر شريط الذكريات سريعا أمام عيونها ....تضرب تلك المشاهد قلبها كل مشهد اقوي من سابقه وتتردد تلك الكلمات في أذنها حتي كادت تصيبها بالصمم 

( انتي موتتي واخدت عزاكي ....مستحيل اتجوز واحده زيك ....روحي لعزه ....انتي اللي فرطتي في نفسك ) 

كلمات بلا توقف ومشاهد قاسيه لا تفارق عقلها الذي غاب عن ما حوله  ....عقد ايهم حاجبيه بقوة حينما وجدها  تنحني وتضرب راسها بضع مرات في السور الحديدي بقوة لينزل مسرعا من سيارته ويتجه إليها ومع كل خطوة يكاد يستمع الي صوت بكاءها الذي تحول الي هستيريا بينما تهتف نفسها : انتي اللي عملتي كده في نفسك ...تستاهلي يا غرام 

ضربه تلو الأخري تضرب راسها بالسور الذي تمسكت به بكلتا يديها وعقلها يضج بالمشاهد التي لا تري لها نهايه إلا أن تختفي بلا اثر من تلك الحياه ...!

اصوات السيارات المسرعه من خلفها لا تكاد تصل إليها بالرغم من علو تلك الأبواق التي ارتفعت بحنق تجاه ايهم الذي عبر الطريق بسرعه دون النظر إلي تلك السيارات بينما عيناه تتطلع إليها ويخفق قلبه بقوة وبفزع تترجم في صرخه قويه رجت داخله حينما وجدها ترفع أحدي ساقيها فوق السور الذي لا يحتاج لاي ذكاء ليعرف أنها قررت أن تقفز من فوق واضعه نهايه لكل ما حدث .....بسرعه اندفع ناحيتها كالسهم بينما سبقته صرخته ولكنها لم تصل إلي أذنها التي لا تسمع بها إلا تلك الكلمات .....بسرعه وخفه كان ايهم  يجذبها بقوة قبل أن ترفع ساقها الاخري و تفلت قبضتها .... توقفت بعض السيارات التي جذبت اهتمامها المشهد لينزل بعضهم ويتجهوا ناحيتها

جذبها ايهم بقوه لتصطدم بصدره وهو بالفعل ضمها إليه ليترك العنان لانفاسه العاليه التي تكاد تخترق أذنه من فرط علوها ....لم يكن ليسامح نفسه ابدا ان كان حدث لتلك الفتاه مكروه ....أفاقت غرام علي ما كادت تفعله قبل لحظات حينما هتف بها أحد الماره :  

ليه يا بنتي تعملي في نفسك كده حرام عليكي ....! 

تعالت شهقاتها مجددا واندفعت بالبكاء ليجذبها ايهم من يدها ويعبر بها الطريق الي سيارته المتوقفه علي الجانب الآخر .....ما أن دخلت الي السياره حتي دفنت وجهها بيدها تبكي بقهر وحرقه ...اغمض ايهم عيناه وسحب نفس عميق قبل أن يسألها : ليييه ؟!

قالت غرام بيأس وبكاء حار : عشان يأست ....كل الابواب اتقفلت في وشي ....ماما مستحيل تفتح ليا بابها تاني وانت مستحيل تفتح ليا بابك ....ازدادت القهر في نبرتها وهي تتابع : انا حياتي خلصت والنفس بقي تقيل عليا اوي .... انا ولا حاجه وماما اعتبرتني موتت  ... موتي هو الحل .....غرق حرفيا بقله حيله فلا يعرف ماذا يفعل ...؟!

لقد علقت حياتها بحياته وأصبح الآن هو أملها الوحيد 

........

....

: عمر انت اول ما دخلت حياتي كنت زي حلم جميل ...عيشت معاك مشاعر حلوة اوي محدش غيرك قدر يخليني اعيشها ....وبرضه معاك عيشت وجع وحزن عمريما عيشته قبلك ... انا تعبت ياعمر من انك ترفعني فوق السحاب وبنفس اللحظه تنزلني سابع ارض ....انا حبيتك اوي لدرجه ان حياتي وقفت من غيرك 

حبيتك وانا مش عارفه لغايه دلوقتي إذا كنت انت كمان حبيتي ولا انا مجرد حلم برضه ظهر في حياتك عيشته وخلاص عاوز تصحي منه ... خد قرار يا عمر 

ولغايه ما تاخد قرارك ابعد عن حياتي جايز اعرف ارجع تاني زي ماكنت ! 

شرد عمر طوال الطريق يفكر في كلماتها التي رفضت أن تسمع منه أي رد عليها.....رفضت لأنها لا تريد منه قرار بلا تفكير كما أخذ كل قراراته معها ...تريد أن تقف علي ارض صلبه معه  فلم يسرع بسيارته كما اعتاد بل ظل يقود بوتيره هادئه منذ تحركه من اسفل منزل وسيله وحتي قارب علي أول بوابه للطريق الفاصل بين الاسكندريه والقاهره التي عاد إليها متخذ قراره أو بمعني اصح سيأخذ خطوة لتنفيذ قراره الذي أخذه بأنه بالفعل يريدها بحياته ....سيتحدث مع أبيه ويخبره بكل ماحدث ... داعبت الابتسامه شفتيه غير مكترث بأي عواقب ما دامت النهايه ستكون اجتماعه بها ....أن كل كلمه نطقت بها مثلت شعوره ناحيتها ...هي حلم دخلت حياته وعاشه برفقتها ...يريدها أن تشاركه حياتها التي لم 

ليتمهل أكثر وهو يقترب من أحدي كمائن الطريق حتي توقف تماما مع اشاره أحدي أفراد الكمين له بالوقوف  

مال أحد أفراد الأمن يتطلع تجاه عمر ثم أشار له بتهذيب : افتح لينا شنطه العربيه 

ضغط عمر علي زر فتح حقيبه السيارة دون جدال أو حتي تعريف عن نفسه بينما عقله كان شاردا في خطوته التاليه 

استمع الي صوت اغلاق حقيبه السيارة ليتأهب للتحرك ولكنه وجد فرد الأمن يعود إليه قائلا وهو يشير إلي شيء بالخلف وهو يطرق تجاه زجاج السيارة الخلفي 

: ايه ده ؟!

عقد عمر حاجبيه واستدار برأسه حيث أشار العسكري 

الذي سرعان ما فتح باب السيارة الخلفي والتقط شيء ما من فوق الأريكة الخلفيه 

ازدادت عقده جبين عمر مع محاوله فرد الأمن استكشاف محتوي تلك اللفه الغريبه التي لايعرف محتواها ولا يتذكر أنه ترك شيء في السيارة مماثل لها لينزل من السيارة بنفس لحظه اقتراب الضابط المسؤول عن الكمين وبرفقته بضع أفراد من الأمن ...: في ايه يا عسكري ؟!

اشار العسكري الي الضابط بتلك اللفه التي تناولها الضابط وسرعان ما عبست ملامحه وسدد نظرات قاتمه تجاه عمر 

قائلا : الحشيش ده بتاعك !

انصدمت ملامح عمر بقوة ونقل نظره بين تلك اللفه وبين الضابط الذي سرعان ما أشار لأفراد الأمن : فتش باقي العربيه ...امتثل الرجال لأمر الضابط الذي أشار لعمر : وانت تعالي معايا !

........

..........

ظن مراد أن بصمته تلك المره سيمتص غضبها بينما حان الدور عليه ليكون هو الصامت ليتركها تنهي حديثها 

الذي ختمته بعتاب شديد وهي تشيح بوجهها عنه : انت معرفتنيش !

هز مراد رأسه وامسك بوجهها لتنظر اليه قائلا برفض : انا اعرفك اكتر من نفسك يا جوري ...انتي حبيبتي !

أبعدت جوري يده عن وجهها واشاحت بعيناها عنه ليتابع مراد بتبرير : غصب عني ياجوري.... حسيت انك اتغيرتي وتغييرك ده خوفني من انك تبعدي عني ...!

كل حاجه جوايا اتلخبطت ومبقتش عارف افكر 

وكل اللي فكرت فيه وقتها انك مبقتيش بتحبيني زي الاول

نظرت له جوري باستخفاف : كل كلامك عنك انت وبس ...انا بقي فين من تفكيرك 

انا فين وبفكر في ايه او احساسي ايه مفكرتش فيه .....فكرت بس اني اتغيرت ومفكرتش للحظه أن التغيير ده كان بسببك وعشانك ...انت اللي حسستني أن كل اللي كنت بعمله غلط واني مقصره في حقك مع اني كنت مقصره في حق نفسي والتغيير ده مش اي حاجه غير اني بقيت اعمل حاجه تريحني وجوايا يقين أن راحتي هتريحك .....كل السنين دي كنت بضغط علي نفسي واجنبها وافكر فيك انت وبس ...بنيت نظام لحياتنا وكان ليك فيه الاولوية بس انت مكنتش شايف الا عيوب ....كنت بسكت في اي خلاف بينا واقرب منك والغي كرامتي واحساسي واقول مفيش بينا كرامه في بينا حب وحياه مشتركه .... لغيت نفسي بس انت اتهمتني بالانانيه ....هزت راسها بعتاب شديد : انت حبيت سكوتي عشان كان مطمنك وكرهت دلوقتي كلامي عشان خوفك مع انك لو بتحبني زي ما بتقول مكنتش هتخاف من اي حاجه غير اني ابطل احبك وعشان كده كانت الحاجه الوحيده اللي المفروض تعملها مش انك تشك فيا وتراقب تصرفاتي لا انك تحبني وتقرب مني وتحتويني ....كل اللي كنت عاوزاه حياه هادئه وفكرت اني باللي بعمله هتكون حياتنا سعيده بس خلاص 

اولته ظهرها وهتفت بحزم : كفايه يا مراد 

عقد حاجبيه وادراها ناحيته باستفهام : كفايه ؟!

هزت راسها وواجهته بعيونها التي تدافعت بها الدموع دون أن تذرفها : اه كفايه ...كفايه سكوت وكفايه كلام ...كفايه عصبيه وشك ...كفايه ...حياتنا مع بعض انتهت وانا الغلطانه الوحيده 

نظر لها بعدم استيعاب : انت مغلطتش انت اتعودت علي حاجه انا عودتك عليها ....! 

هز رأسه قائلا بصبر  : احنا الاتنين غلطنا وكل واحد فينا مش هيكرر غلطته ...خلينا نهدي ونتكلم مع بعض ونحاول نصلح اللي حصل بيننا 

هزت راسها برفض : مبتقش عاوزة اتكلم ولا اصلح حاجه !

ازدادت عقده جبينه باستنكار : يعني ايه ؟!

نظرت له بثبات : يعني انا عاوزة اتطلق !

انصدمت ملامحه بقوة ليهتف باستهجان : نعم !!

بادلته قوه النظرات بصمت يخبره باصرارها لينفلت لسان مراد بعنفوان : انتي اكيد اتجننتي ! انتي واعيه للي بتقوليه !

أومات جوري بثبات : جدا ...ده قراري !

هتف مراد بسخط : مش هسمحلك تقرري حاجه زي دي 

رفعت حاجبها باستنكار لينفلت لسان مراد بعنفوان : دي اخر مره هسمع منك كلمه طلاق دي ....عادي خلاف بينا وهيتحل ...يتحل بقي زي ما يتحل ...نتخاصم ..نتخانق ...تسكتي...اسكت ...اراضيكي أو اسيبك تهدي ونتكلم بعدها ....اي أن يكون هيتحل إنما تقوليلي نتطلق ده اسمه جنان 

رفع إصبعه أمام وجهها وتابع بنفس العنفوان الذي أصاب عروقه بقوة ما أن ضغطت علي وريده بتلك الكلمه : جنان وهعديه عشان مقدر اني زعلتك !

عصفت كلماته بما بقي من تعقلها لتنظر له بغضب شديد تحول الي استخفاف : لا والله كتر خيرك وجاي علي نفسك ليه !

اغاظته سخريتها المبطنه ليهتف بها بتحذير : جووووري !

خدي بالك من كلامك معايا ....انا كل ده صابر عشان اكيد كل ده لخبطه هرمونات من الحمل !

إن كان علي أحدهما أن يحذر من كلماته فهو بالتأكيد بينما سخطيء بغباء اختيار كلماته التي تزيد من غضبها أكثر ليتفاجيء بها بسخط تثور وبعصبيه شديد تهتف به : لا متصبرش ....مش عاوزة صبرك وهات اخرك .....!

نظر لها بحده وحاول التمسك باعصابه ليهتف بها من بين أسنانه : وبعدين معاكي ....اعقلي واهدي اللي بتعمليه ده غلط ....انتي حامل !

زمت شفتيها بحنق ونظرت له شزرا : وانت متاكد اوي كده ليه ؟

تواجهت نظراتهما ليقول ببساطه استفزتها أكثر : اعملي التحليل ونتأكد مع اني واثق انك حامل ...عشان جنانك ده مالوش معني تاني 

تفاجيء بها تفقد كل تعقلها وتندفع ناحيته بحنق تدفعه بصدره: امشي ....امشيييي ..مش عاوزة اشوفك !

امسك بيدها يوقفها ولكنه سرعان ما خفف قبضته علي رسغها حينما شعر بقوة قبضته ليهتف بها من بين أسنانه : جورري اعقلي بقي ! 

هزت راسها بحنق وهتفت به بتحذير : مش هعقل وحالا لو ممشتش همشي انا ..!

زفر بضيق عده مرات ليجدها تندفع الي الفراش تسحب معطفها الطويل وتبدأ بارتداءه فما كان منه إلا أن هتف بغيظ ؛ خلاص ...نظرت له وتوقفت مكانها ليزفر مراد بحنق ويندفع خارج الغرفه صافقا الباب خلفه بعنف ....زمت جوري شفتيها وارتمت علي طرف الفراش تتنفس بسرعه بينما خرج مراد ليتحرك بعصبيه مكانه قبل أن يتجه الي باب الشقه ....رفعت جوري وجهها تجاه باب الغرفه المغلق حينما استمعت الي صوت انغلاق باب الشقه ...غادر !

لم يغادر بل اغلق الباب مجددا ليجعلها تظن أنه قد غادر وتهديء ...نعم اخطيء ولكنها من دفعته لهذا !

تحرك ذهابا وإيابا في بهو المنزل بينما بقيت جوري بغرفتها وقت طويل .....بعد فتره استمع الي صوت باب الغرفه تفتحه ليسير سريعا بخطوات هادئه الي أحد أركان البهو يختفي به حتي لا تعرف بوجوده وبالفعل لم تلحظه جوري التي اتجهت لتأخذ حقيبه يدها التي القتها علي الاريكه لتجذبها وتخرج منها هذا الاختبار الذي أخذت تتطلع إليه بصمت لدقائق قبل أن تتركه علي الطاوله امامها وتتجه الي غرفتها ....اخذت حمام ساخن لتهديء أعصابها ثم خرجت الي المطبخ تلبي نداء معدتها الجائعه بينما استغربت رغبتها في الاكل مع عدم وجود شهيه حقيقيه لديها ....بقي مراد جالسا في أركان البهو بالظلام وهي تتحرك بالمنزل ظنا منها أنه غادر ....جذبت ساقيها بارهاق بعد أن اتخمت معدتها بالطعام لتتجه الي الغرفه ....تواري مراد في الممر المؤدي للغرف ليملح من خلال باب الغرفه الموارب جلوسها علي الأرض تنظم ملابسه التي القتها قبل أن تعتدل واقفه وتعيد كل شيء لمكانه ....داعبت الابتسامه الهادئه وجهه وهو يراقبها خلسه ...كيف لم يفهم أنها لن تفعل شيء كهذا ...كيف لم يفهم أن كل ما إرادته منه هو قليل من التقدير لما تفعله والذي كما قالت اعتاده منها ...اعتاد الأخذ ولم يفكر بالعطاء وخدعه صمتها ....تنهد وهو يتمدد علي الأريكة حينما وجدها هي الأخري تدخل الي فراشها لتقع عيناه علي هذا الاختبار الذي تركته علي الطاوله ...سحبه واخذ يتطلع إليه بانبهار وابتسامه حالمه تتسلل الي شفتيه وهو يري صورة الطفل الصغير المطبوعه علي العلبه ليغمض عيناه يحلم بطفله ...!

.......

..

تكدرت ملامح الضابط الجالس خلف مكتبه حيث اصطحبوا عمر لأقرب قسم شرطه للتحقيق معه واول ما اكتشفه الضابط هو رتبه عمر وثانيا هو عمن يكون أبيه ليزم شفتيه قائلا : انت ضابط وعارف الإجراءات ياعمر بيه ...

صمت لحظه قبل أن يقول له برفق : ليه معرفتش عن نفسك في الكمين 

قال عمر بتلقائية: عشان مفيش حاجه اخاف منها ولا اخبيها...يا فندم الكيس ده مش بتاعي 

نظر له الضابط بجديه : امال كان في عربيتك ازاي 

قبل أن يفتح عمر فمه كان يتابع الضابط : للاسف يا عمر انت اكتر واحد عارف الموقف اللي انت فيه ! 

اوما عمر بينما لاول مره يشعر بمثل هذا الضيق في التنفس المصحوب بعرق بارد يسيل علي طول ظهره ... أنه بالضبط كمن تلقي ضربه علي جين غره ففقد كل توازنه ليهز رأسه بصمت بينما شعر بالشلل يصيب كل تفكيره وحتي لسانه ...فماذا يحدث ؟! 

باشر الرجل التحقيق مع عمر دون أن يبدأ بفتح محضر ليقول له بالبدايه: لو حابب تستني المحامي بتاعك يكون افضل 

اوما عمر ودون تفكير كان يتصل بأخيه فهو كالغارق لا يعرف ماذا يفعل !

........

..........

: في ايه ياعمر ؟!

اول مره يسمع صوت أخيه بتلك النبره المستنجده ليهب من مكانه ويدور حول نفسه وهو يستمع لمقتطفات من حديث أخيه الذي لا يعلم ماذا حدث الا تلك التهمه التي توجهه له 

خالف شتات عقله وحاول أن يبث الطمأنينه في قلب أخيه بينما يقول بثبات : أهدي ياعمر وانا جاي لك علي طول 

.....

.......

للحظات تحرك سيف حول نفسه لايعرف ماذا يفعل هو الآخر فالأمر كبير وهو وحده لا يستطيع حله فلم يكن أمامه بد من اخبار أبيه .....حاول أن يمهد أو يرتب كيف سيخبره شيء كهذا لينظر له عاصم باستفهام لملامح وجهه المرتبكه: في ايه يا سيف ؟! 

هل عاصم من مكانه بفزع لتتزعزع أقدامه وتكاد لا تحمله للحظه قبل أن يستجمع قوته ويسأل سيف : اخوك فين دلوقتي ؟!

قال سيف وهو يزم شفتيه : في قسم **

اوما عاصم وهو يبتلع خوفه : كلم المحامي ويلا بينا نروح له 

......

.......

هز عمر رأسه حينما طلب له الضابط القهوة قائلا : متشكر 

اوما الضابط واعتدل واقفا : هسيبك شويه علي ما المحامي يوصل 

خرج الضابط وتوجه الي الرتبه الاعلي منه يخبره بالأمر ليبقي عمر في مكتب الضابط الذي ما أن خرج حتي تخلي عمر عن ثبات ملامحه وترك العنان لمشاعره المختلطه ...شعور بالخوف لاول مره يطرق قلبه وعقله وشعور بالارتباك والعجز عن التفكير ليجد يداه تمتد الي جيبه يخرج هاتفه منساق الي تلك الرغبه التي هبت بعروقه بسماع صوتها ....انتظر بضع لحظات قبل أن يأتيه صوتها ومعه بدأت الدماء تتدفق مجددا بعروقه : وسيله !

نطق اسمها بنبره جعلت قشعريره بسيطه تسري بعروقها ولم تعرف سببها وكأن نبرته نفذت الي قلبها الذي شعر بوجود خطب ما !

: عمر انت كويس 

ابتلع عمر غصه حلقه وشريط طويل من الذكريات يتدفق أمام عيناه ....ملامحها ...ضحكتها ...عيونها ...ابتسامتها الحلوة ...كلماتها المعتابه ...نظراتها المودعه ....خفق قلبه بقوة ليجد قلبه ينطق قبل لسانه باعتراف وكأنه اعترافه الاخير : سيلا انا بحبك ....بحبك اوي ومقدرش ابعد عنك ...المره دي بجد صدقي أني لو بعدت هيكون غصب عني وسامحيني لو مقدرتش انفذ وعدي !

انا مكنتش محتاج اي وقت عشان اخد قرار ....قراري قلبي اخده من 

اول ما دخلتي حياتي اللي مبقتش عاوز حد غيرك فيها ....وسيله انا عمري ما حبيت ولا هحب غيرك 

تهدجت أنفاسه ليخفق قلب وسيله بقوة وقلق : عمر انت فين ؟!

...في حاجه حصلت ؟!

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد

ايه رايكم و توقعاتكم

الفصل التالي



تابعة لقسم :

إرسال تعليق

18 تعليقات
كن حذرا لتعليقكك علي موضوعنا 'لان هناك مشرفين قائمين علي التعليقات....

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

  1. غرام رغم غلطها صعبانة عليا اوي
    وعمر اناني جدا اتمنى ان وسيلة تربي جدا

    ردحذف
    الردود
    1. كمية وجع رهيبة لغرام 🥺🥺🥺

      حذف
  2. رائع جدا عمر لازم يقول لسيلا وين هوي وتجي لعندو

    ردحذف
  3. تسلم ايدك بجد باارت روعه جداا ♥️🥺

    ردحذف
  4. كالعادة ابدعتي الفصل رائع جدا تسلم ايديك

    ردحذف
  5. بدات خيوط الحكاية تتشابك و يتضح ثوبها عن جد شي روعة

    ردحذف
  6. جميل جدا ❤️

    ردحذف
  7. حقيقي غرام صعبانه عليا جدا اتمني حالها يتصلح

    ردحذف
  8. مراد دا المفروض يتربي ع الهادي كدا عشان يتظبط

    ردحذف
  9. كالعاده طبعا ابدعتي ف البارت و نتمني متتأخريش علينا ف البارت الجديد

    ردحذف
  10. روووووعه

    ردحذف
  11. بجد مقاطع غرام فوق الوصف 💛💛💛 كتري منها بلييييييز كمية الوجع في البارت ده رهيبة 💚💚💚💚💚🦋🦋🦋

    ردحذف
  12. اه ياغرام لو كنتي تعرفي أن دا هيجرالك كنتي بوستي ايد امك كل يوم على نعمه الستر الي انتي فيها غلتطي ومش اي غلطه وسيله احزري من عمر اوعى يضحك عليكي تاني مراد يستاهل الي جوري هتعمله فيه

    ردحذف
  13. المشاهد بتاعة غرام مؤثرة جدا وأكثر من رائعة ....دمتى مبدعة رونا

    ردحذف
  14. 😍😍😍😍

    ردحذف

أترك تعليقا لطيفا يذكرني بك

إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم روايات رونا فؤاد ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !